الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَمِمَّا وَرَدَ أَيْضًا " اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ " وَمِنْهُ أَيْضًا بَعْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَشْرًا " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ "(وَيَدْعُو الْإِمَامُ) اسْتِحْبَابًا (بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ) : لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: 7] خُصُوصًا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ لِحُضُورِ الْمَلَائِكَةِ فِيهِمَا فَيُؤَمِّنُونَ.
وَمِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ: بَسْطُ يَدَيْهِ وَرَفْعُهُمَا إلَى صَدْرِهِ، وَكَشْفُهُمَا أَوْلَى هُنَا، وَعِنْدَ إحْرَامٍ، وَالْبُدَاءَة بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَخَتْمُهُ بِهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ قَالَ الْآجُرِّيُّ: وَوَسَطُهُ: لِخَبَرِ جَابِرٍ. وَسُؤَالِهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ بِدُعَاءٍ جَامِعٍ مَأْثُورٍ، بِتَأَدُّبٍ، وَخُشُوعٍ، وَخُضُوعٍ وَعَزْمٍ وَرَغْبَةٍ وَخُضُوعِ قَلْبٍ وَرَجَاءٍ. وَيَكُونُ مُتَطَهِّرًا مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ، وَيُلِحُّ بِهِ وَيُكَرِّرُهُ ثَلَاثًا وَيَبْدَأُ بِنَفْسِهِ،
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُعِمُّ، وَيُؤَمِّنُ مُسْتَمِعٌ فَيَصِيرُ كَدَاعٍ، وَيُؤَمِّنُ دَاعٍ فِي أَثْنَاءِ دُعَائِهِ وَيَخْتِمُهُ بِهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا يُكْرَهُ رَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ فِيهِ. وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَادِ مَرْفُوعًا «رَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي وَاسْقِ مَنْ سَقَانِي» (وَلَا يُكْرَهُ) لِلْإِمَامِ (أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ) بِالدُّعَاءِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَالْمُرَادُ الَّذِي لَا يُؤَمِّنُ عَلَيْهِ كَالْمُنْفَرِدِ وَبَعْدَ التَّشَهُّدِ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ مَعَ الْمَأْمُومِينَ فَيَعُمُّ، وَإِلَّا فَقَدْ خَانَهُمْ.
وَفِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ «ثَلَاثَةٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُنَّ، لَا يَؤُمُّ الرَّجُلُ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَشُرِطَ) لِلدُّعَاءِ (الْإِخْلَاصُ) لِأَنَّ الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] .
قَالَ الْآجُرِّيُّ (وَاجْتِنَابُ الْحَرَامِ) وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ مِنْ الْأَدَبِ، وَقَالَ شَيْخُنَا: تَبْعُدُ إجَابَتُهُ إلَّا مُضْطَرًّا، أَوْ مَظْلُومًا قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
[فَصْلٌ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ]
فَصْلٌ يُكْرَهُ فِيهَا أَيْ: الصَّلَاةِ (الْتِفَاتٌ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (بِلَا
حَاجَةٍ كَخَوْفٍ وَنَحْوِهِ) كَمَرَضٍ لِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ قَالَ: «ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَهُوَ يَلْتَفِتُ إلَى الشِّعْبِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد قَالَ: " وَكَانَ أَرْسَلَ فَارِسًا إلَى الشِّعْبِ يَحْرُسُ " وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ «: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. فَإِنْ كَانَ بِوَجْهِهِ فَقَطْ. أَوْ بِهِ صَدْرُهُ لَمْ تَبْطُلْ (وَإِنْ اسْتَدَارَ بِجِلْسَتِهِ، أَوْ اسْتَدْبَرَهَا لَا فِي الْكَعْبَةِ) أَيْ: الْقِبْلَةِ مُصَلٍّ (أَوْ فِي شِدَّةِ خَوْفٍ، أَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ) حَيْثُ كَانَ فَرْضُهُ الِاجْتِهَادَ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ، لِتَرْكِهِ الِاسْتِقْبَالَ، وَأَمَّا فِي الصُّوَرِ الْمُسْتَثْنَاةِ فَلَا ; لِأَنَّهُ فِي الْكَعْبَةِ إذَا اسْتَدْبَرَ مِنْهَا شَيْئًا كَانَ مُسْتَقْبِلًا مَا قَابَلَهُ، وَفِي شِدَّةِ الْخَوْفِ يَسْقُطُ الِاسْتِقْبَالُ. وَفِي صُورَةِ الِاجْتِهَادِ صَارَتْ قِبْلَتُهُ الَّتِي تَغَيَّرَ إلَيْهَا اجْتِهَادُهُ.
وَلِذَا وَجْهٌ فِي الْإِنْصَافِ: عَدَمُ اسْتِثْنَائِهَا ; لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَدَارَ إلَى قِبْلَتِهِ (وَ) يُكْرَهُ فِي صَلَاةٍ (رَفْعُ بَصَرِهِ) إلَى السَّمَاءِ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
و (لَا) يُكْرَهُ رَفْعُ بَصَرِهِ (حَالَ التَّجَشِّي) فِي الصَّلَاةِ جَمَاعَةً، فَيَرْفَعُ وَجْهَهُ، لِئَلَّا يُؤْذِيَ مَنْ حَوْلَهُ بِالرَّائِحَةِ.
(وَ) يُكْرَهُ فِي صَلَاةٍ (تَغْمِيضُهُ) نَصَّ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ فِعْلُ الْيَهُودِ، وَمَظِنَّةُ النَّوْمِ، وَنَقَلَ: أَبُو دَاوُد إنْ نَظَرَ امْرَأَتَهُ عُرْيَانَةً غَمَّضَ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى: إذَا رَأَى مَنْ يُحَرَّمُ نَظَرُهُ إلَيْهِ (و) يُكْرَهُ أَيْضًا فِيهَا (حَمْلُ مُشْغِلٍ عَنْهَا) ، لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ.
(وَ) يُكْرَهُ فِيهَا (افْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ سَاجِدًا) لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «إذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَعْتَدِلْ، وَلَا يَفْتَرِشْ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ الْكَلْبِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَ) يُكْرَهُ (إقْعَاؤُهُ) فِي جُلُوسِهِ (بِأَنْ يَفْتَرِشَ قَدَمَيْهِ وَيَجْلِسَ عَلَى عَقِبَيْهِ) كَذَا فَسَّرَهُ بِهِ أَحْمَدُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهَا (، أَوْ) أَنْ يَجْلِسَ (بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ عَقِبَيْهِ عَلَى أَلْيَتَيْهِ (نَاصِبًا قَدَمَيْهِ) وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا الْإِقْعَاءُ عِنْدَ الْعَرَبِ: فَهُوَ جُلُوسُ الرَّجُلِ عَلَى أَلْيَتَيْهِ، نَاصِبًا فَخِذَيْهِ، مِثْلُ إقْعَاءِ الْكَلْبِ،
قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَكُلٌّ مِنْ الْجِلْسَتَيْنِ مَكْرُوهٌ، لِمَا رَوَى الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ عَنْ عَلِيٍّ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُقْعِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ» وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «إذَا رَفَعْت رَأْسَكَ مِنْ السُّجُودِ فَلَا تُقْعِ كَمَا يُقْعِي الْكَلْبُ» رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ.
(وَ) يُكْرَهُ فِيهَا
(عَبَثٌ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «رَأَى رَجُلًا يَعْبَثُ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ» (وَ) يُكْرَهُ فِيهَا (تَخَصُّرٌ) أَيْ: وَضْعُ يَدِهِ عَلَى خَاصِرَتِهِ. لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ «نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُتَخَصِّرًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَ) يُكْرَهُ فِيهَا (تَمَطٍّ) لِأَنَّهُ يُخْرِجُهُ عَنْ هَيْئَةِ الْخُشُوعِ (وَ) يُكْرَهُ فِيهَا (فَتْحُ فَمِهِ وَوَضْعِهِ فِيهِ شَيْئًا) لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ، وَيَمْنَعُ كَمَالَ الْحُرُوفِ.
و (لَا) يُكْرَهُ وَضْعُهُ شَيْئًا (فِي يَدِهِ) نَصًّا وَلَا فِي كُمِّهِ.
(وَ) يُكْرَهُ فِيهَا (اسْتِقْبَالُ صُورَةٍ) مَنْصُوبَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَالْأَصْنَامِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ صَغِيرَةً، لَا تَبْدُو لِنَاظِرٍ إلَيْهَا، وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إلَى غَيْرِ مَنْصُوبَةٍ، وَلَا سُجُودُهُ عَلَى صُورَةٍ، وَلَا صُورَةٌ خَلْفَهُ فِي الْبَيْتِ، وَلَا فَوْقَ رَأْسِهِ فِي سَقْفٍ، وَلَا عَنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ، ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ.
(وَ) يُكْرَهُ فِيهَا اسْتِقْبَالُ (وَجْهِ آدَمِيٍّ) نَصًّا.
وَإِلَى امْرَأَةٍ تُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْهِ، لَا حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يَعْرِضُ رَاحِلَتَهُ وَيُصَلِّي إلَيْهَا» .
(وَ) يُكْرَهُ أَيْضًا اسْتِقْبَالُ (مَا يَلِيهِ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ، فَنَظَرَ إلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إلَى أَبِي جَهْمٍ، وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ، فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْخَمِيصَةُ: كِسَاءٌ مُرَبَّعٌ،
وَالْأَنْبِجَانِيَّة: كِسَاءٌ غَلِيظٌ (وَ) يُكْرَهُ فِيهَا اسْتِقْبَالُ (نَارٍ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ نَارَ حَطَبٍ، أَوْ سِرَاجٍ، أَوْ فِي قَنَادِيلَ، أَوْ شَمْعَةٍ. نَصًّا، لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالْمَجُوسِ.
(وَ) يُكْرَهُ فِيهَا اسْتِقْبَالُ (مُتَحَدِّثٍ)«لِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الصَّلَاةِ إلَى النَّائِمِ وَالْمُتَحَدِّثِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ عَنْ حُضُورِ قَلْبِهِ فِيهَا.
(وَ) يُكْرَهُ فِيهَا اسْتِقْبَالُ (نَائِمٍ) لِلْخَبَرِ.
(وَ) يُكْرَهُ فِيهَا اسْتِقْبَالُ (كَافِرٍ) لِأَنَّهُ نَجَسٌ.
(وَ) يُكْرَهُ أَيْضًا (تَعْلِيقُ شَيْءٍ فِي قِبْلَتِهِ) لَا وَضْعِهِ بِالْأَرْضِ. قَالَ أَحْمَدُ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَجْعَلُوا فِي الْقِبْلَةِ شَيْئًا حَتَّى الْمُصْحَفَ، وَتُكْرَهُ أَيْضًا الْكِتَابَةُ فِي قِبْلَتِهِ، وَأَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْن يَدَيْهِ نَجَاسَةٌ، أَوْ بَابٌ مَفْتُوحٌ.
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: (وَ) يُكْرَهُ أَيْضًا لِمُصَلٍّ (حَمْلُ ثَوْبٍ، أَوْ فَصٍّ وَنَحْوِهِ فِيهِ صُورَةٌ) وَتَقَدَّمَ: يُكْرَهُ صَلِيبٌ فِي ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ (وَ) يُكْرَهُ أَيْضًا (مَسُّ الْحَصَا وَتَقْلِيبُهُ) لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَمْسَحُ الْحَصَا فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَتَسْوِيَةُ التُّرَابِ بِلَا عُذْرٍ) لِأَنَّهُ مِنْ الْعَبَثِ، فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ لَمْ يُكْرَهْ.
(وَ) يُكْرَهُ أَيْضًا (تَرَوُّحٌ بِمِرْوَحَةٍ وَنَحْوِهَا بِلَا حَاجَةٍ)
إلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَبَثِ.
(وَ) يُكْرَهُ أَيْضًا (فَرْقَعَةُ أَصَابِعِهِ وَتَشْبِيكِهَا) لِقَوْلِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا «: لَا تُقَعْقِعْ أَصَابِعَك وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ،
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «رَأَى رَجُلًا قَدْ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ، فَفَرَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَصَابِعِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - فِي الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مُشَبِّكٌ " تِلْكَ صَلَاةُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
(وَ) يُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا (مَسُّ لِحْيَتِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ الْعَبَثِ (وَ) يُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا (عَقْصُ شَعْرِهِ وَكَفُّ ثَوْبِهِ) وَتَشْمِيرُ كُمِّهِ، وَلَوْ لِعَمَلٍ قَبْلَ الصَّلَاةِ. لِحَدِيثِ «وَلَا أَكُفُّ ثَوْبًا وَلَا شَعَرًا.»
و" رَأَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُصَلِّي وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ فَقَامَ، فَجَعَلَ يَحِلُّهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: مَالَكَ وَلِرَأْسِي؟ قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «: إنَّمَا مَثَلُ هَذَا مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ» وَنَهَى أَحْمَدُ رَجُلًا كَانَ إذَا سَجَدَ جَمَعَ ثَوْبَهُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى.
وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُشَمِّرَ ثِيَابَهُ، لِقَوْلِهِ:: " تَرِبَ تَرِبَ ".
(وَ) يُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا (أَنْ يَخُصَّ جَبْهَتَهُ بِمَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ مِنْ شِعَارِ الرَّافِضَةِ (وَ) يُكْرَهُ لَهُ فِيهَا (مَسْحُ أَثَرِ سُجُودِهِ) .
وَفِي الْمُغْنِي: إكْثَارُهُ مِنْهُ، وَلَوْ بَعْدَ التَّشَهُّدِ.
(وَ) يُكْرَهُ لَهُ (تَكْرَارُ الْفَاتِحَةِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ، وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَهَا بِهِ، لِأَنَّهَا رُكْنٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ وَالْفِعْلِيِّ: أَنَّ تَكْرَارَ الْقَوْلِيِّ لَا يُخِلُّ بِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ.
(وَ) يُكْرَهُ (اسْتِنَادُهُ) إلَى نَحْوِ جِدَارٍ ; لِأَنَّهُ يُزِيلُ مَشَقَّةَ الْقِيَامِ (بِلَا حَاجَةٍ) إلَيْهِ ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا أَسَنَّ وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ اتَّخَذَ عَمُودًا فِي مُصَلَّاهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (فَإِنْ سَقَطَ) مُسْتَنِدٌ (لَوْ أُزِيلَ) مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ (لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ قَائِمٍ.
(وَ) يُكْرَهُ (ابْتِدَاؤُهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (فِيمَا) أَيْ: حَالَ (يَمْنَعُ كَمَالَهَا كَحَرٍّ) مُفْرِطٍ (وَبَرْدٍ وَجُوعٍ) مُفْرِطٍ (وَعَطَشٍ مُفْرِطٍ) لِأَنَّهُ يُقْلِقُهُ وَيَشْغَلُهُ عَنْ حُضُورِ قَلْبِهِ فِيهَا (أَوْ) أَنْ يَبْتَدِئَهَا (حَاقِنًا) بِالنُّونِ، أَيْ: مُحْتَبِسَ بَوْلٍ (، أَوْ حَاقِبًا) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ: مُحْتَبِسَ غَائِطٍ (أَوْ) يَبْتَدِئَهَا (مَعَ رِيحٍ مُحْتَبَسَةٍ) وَنَحْوِهِ مِمَّا يُزْعِجُهُ، كَتَعَبٍ شَدِيدٍ (أَوْ) يَبْتَدِئَهَا (تَائِقًا) أَيْ: مُشْتَاقًا (لِطَعَامٍ وَنَحْوِهِ) كَجِمَاعٍ وَشَرَابٍ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ. لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ " كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُوضَعُ لَهُ الطَّعَامُ وَتُقَامُ الصَّلَاةُ، فَلَا يَأْتِيهَا حَتَّى يَفْرُغَ، وَأَنَّهُ لَيَسْمَعُ
قِرَاءَةَ الْإِمَامِ " (مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ) عَنْ الْمَكْتُوبَةِ، أَيْ: عَنْ فِعْلِ جَمِيعِهَا فِيهِ (فَتَجِبُ) الْمَكْتُوبَةُ (وَيَحْرُمُ اشْتِغَالُهُ بِغَيْرِهَا) إذَنْ، لِتَعَيُّنِ الْوَقْتِ لَهَا، وَيُكْرَهُ نَفْخُهُ فِيهَا، وَاعْتِمَادُهُ عَلَى يَدَيْهِ فِي جُلُوسِهِ بِلَا حَاجَةٍ، وَصَلَاتُهُ مَكْتُوفًا (وَسُنَّ) لِمُصَلٍّ (تَفْرِقَتُهُ) بَيْنَ قَدَمَيْهِ (وَمُرَاوَحَتُهُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ) بِأَنْ يَقَرَّ عَلَى أَحَدِهِمَا مَرَّةً، ثُمَّ عَلَى الْأُخْرَى أُخْرَى، إذَا طَالَ قِيَامُهُ.
قَالَ الْأَثْرَمُ: رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُفَرِّجُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ وَرَأَيْته يُرَاوِحُ بَيْنَهُمَا، وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي صَافًّا بَيْنَ قَدَمَيْهِ فَقَالَ: لَوْ رَاوَحَ هَذَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ كَانَ أَفْضَلَ " وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَفِيهِ،
قَالَ: " أَخْطَأَ السُّنَّةَ، لَوْ رَاوَحَ بَيْنَهُمَا كَانَ أَعْجَبَ إلَيَّ "(وَتُكْرَهُ كَثْرَتُهُ) أَيْ: كَثْرَةُ أَنْ يُرَاوِحَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ ; لِأَنَّهُ يُشْبِهُ تَمَايُلَ الْيَهُودِ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ بِإِسْنَادِهِ مَرْفُوعًا «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَكِّنْ أَطْرَافَهُ، وَلَا يَمِلْ مَيْلَ الْيَهُودِ» (و) يُكْرَهُ أَيْضًا (حَمْدُهُ) أَيْ: الْمُصَلِّي (إذَا عَطَسَ، أَوْ) إذَا (وَجَدَ مَا يَسُرُّهُ
و) يُكْرَهُ أَيْضًا (اسْتِرْجَاعُهُ) أَيْ: قَوْلُهُ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ (إذَا وَجَدَ مَا يَغُمُّهُ) وَكَذَا قَوْلُ: بِسْمِ اللَّهِ إذَا لُسِعَ، أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ، إذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ وَنَحْوَهُ، خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ الصَّلَاةَ بِهِ. وَكَذَا لَوْ خَاطَبَ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، كَقَوْلِهِ لِمَنْ دَقَّ عَلَيْهِ {: اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمَنِينَ} [الحجر: 46] وَلِمَنْ اسْمُهُ يَحْيَى {يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: 12] وَمَنْ أَتَى بِصَلَاةٍ عَلَى وَجْهٍ مَكْرُوهٍ اُسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَتُهَا فِي الْوَقْتِ، عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ.
وَ (سُنَّ) لِمُصَلٍّ (رَدُّ مَارٍّ بَيْنَ يَدَيْهِ) كَبِيرٍ، أَوْ صَغِيرٍ، أَوْ بَهِيمَةٍ بِلَا عُنْفٍ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي حُجْرَةِ أُمِّ سَلَمَةَ فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ، أَوْ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا فَرَجَعَ، فَمَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْهِ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا فَمَضَتْ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: هُنَّ أَغْلَبُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَعَنْ عَمْرُو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى إلَى جِدَارٍ اتَّخَذَهُ قِبْلَةً، وَنَحْنُ خَلْفَهُ فَجَاءَتْ بَهِيمَةٌ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَا زَالَ يُدَارِيهَا، حَتَّى لَصِقَ بَطْنُهُ بِالْجِدَارِ، فَمَرَّتْ مِنْ وَرَائِهِ» (مَا لَمْ يَغْلِبْهُ) الْمَارُّ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ (أَوْ يَكُنْ) الْمَارُّ (مُحْتَاجًا) إلَى مُرُورٍ، لِضِيقِ الطَّرِيقِ، وَتُكْرَهُ صَلَاتُهُ بِمَوْضِعٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْمُرُورِ (أَوْ) يَكُنْ (بِمَكَّةَ) نَصًّا ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى بِمَكَّةَ وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.
وَفِي الْمُغْنِي: وَالْحَرَمُ
كَهِيَ (فَإِنْ أَبَى) الْمَارُّ إلَّا الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَدَفَعَهُ الْمُصَلِّي (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى إرَادَةِ الْمُرُورِ وَلَمْ يَنْدَفِعْ بِالدَّفْعِ (فَلَهُ) أَيْ: الْمُصَلِّي (قِتَالُهُ) لَا بِنَحْوِ سَيْفٍ، وَلَوْ مَشَى لَهُ قَلِيلًا، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَبِي دَاوُد «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلْيَدْرَأْ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» أَيْ: فِعْلُهُ فِعْلُ شَيْطَانٍ، أَوْ هُوَ يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: مَعَهُ شَيْطَانٌ (وَلَا يُكَرِّرُهُ) أَيْ: الدَّفْعَ (إنْ خَافَ فَسَادَهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَسَادِ صَلَاتِهِ (وَيَضْمَنُهُ) أَيْ: يَضْمَنُ مُصَلٍّ مَارًّا بَيْنَ يَدَيْهِ (مَعَهُ) أَيْ: مَعَ تَكْرَارِ الدَّفْعِ مِنْ خَوْفِ الْفَسَادِ، لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ إذَنْ وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ بِدُونِهِ.
وَتَنْقُصُ صَلَاةُ مَنْ لَمْ يَرُدَّ مَارًّا بَيْنَ يَدَيْهِ بِلَا عُذْرٍ (وَيَحْرُمُ مُرُورٌ بَيْنَهُ) أَيْ: الْمُصَلِّي (وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ. وَلَوْ) كَانَتْ (بَعِيدَةً) لِحَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ مَرْفُوعًا «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ سَنَةً خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» وَلِمُسْلِمٍ «لَأَنْ يَقِفَ أَحَدُكُمْ مِائَةَ عَامٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ أَخِيهِ وَهُوَ يُصَلِّي» .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: إنْ احْتَاجَ إلَى الْمُرُورِ أَلْقَى شَيْئًا ثُمَّ مَرَّ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُصَلِّي سُتْرَةٌ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ الْمُرُورُ (فَفِي ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ) مِنْ قَدَمِ الْمُصَلِّي (وَلَهُ) أَيْ: يُبَاحُ لِلْمُصَلِّي (عَدُّ آيِ) جَمْعِ آيَةٍ بِأَصَابِعِهِ.
(وَ) لَهُ عَدُّ (تَسْبِيحٍ بِأَصَابِعِهِ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى عَدِّ الْآيِ.
(وَ) لِمُصَلٍّ (قَوْلُ: سُبْحَانَكَ، فَبَلَى إذَا قَرَأَ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40] نَصًّا، فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا لِلْخَبَرِ.
وَأَمَّا {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ؟} [التين: 8] فَفِي الْخَبَرِ فِيهَا نَظَرٌ، ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَ) لِمُصَلٍّ " قِرَاءَةٌ فِي الْمُصْحَفِ، وَنَظَرٌ فِيهِ " أَيْ: الْمُصْحَفِ.
قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ الْقِيَامَ وَهُوَ يَنْظُرُ فِي الْمُصْحَفِ، قِيلَ لَهُ: الْفَرِيضَةُ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ فِيهَا شَيْئًا.
وَسُئِلَ الزُّهْرِيُّ عَنْ رَجُلٍ يَقْرَأُ فِي رَمَضَانَ فِي الْمُصْحَفِ، فَقَالَ: كَانَ خِيَارُنَا يَقْرَءُونَ فِي الْمَصَاحِفِ (وَ) لِمُصَلٍّ أَيْضًا (سُؤَالُ) اللَّهِ الرَّحْمَةَ (عِنْدَ) قِرَاءَتِهِ، أَوْ سَمَاعِهِ (آيَةَ رَحْمَةٍ وَتَعَوُّذٍ بِهِ) أَيْ: أَنْ يَسْتَعِيذَ بِاَللَّهِ (عِنْدَ) مُرُورِهِ عَلَى (آيَةِ عَذَابٍ
و) لَهُ (نَحْوُهُمَا) أَيْ: الْمَذْكُورَاتُ، كَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ آيَةٍ هُوَ فِيهَا، لِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ قَالَ:
رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ بِخَيْرٍ، فَاسْتَوَى فِيهِ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ (وَ) لِمُصَلٍّ، أَيْضًا (رَدُّ السَّلَامِ إشَارَةً) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُشِيرُ فِي الصَّلَاةِ» حَدِيثُ أَنَسٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَبُو دَاوُد، وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. فَإِنْ رَدَّهُ الْمُصَلِّي لَفْظًا بَطَلَتْ، وَلَا يَرُدُّهُ فِي نَفْسِهِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ بَعْدَهَا، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ: لَوْ صَافَحَ إنْسَانًا يُرِيدُ السَّلَامَ لَمْ تَبْطُلْ. وَلَا بَأْسَ بِالْإِشَارَةِ فِي الصَّلَاةِ بِالْيَدِ وَالْعَيْنِ، لِمَا تَقَدَّمَ، وَلَا بِالسَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي.
(وَ) لَهُ أَيْضًا (قَتْلُ حَيَّةً وَعَقْرَبٍ وَقَمْلَةٍ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ: الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ
وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَابْنُ عُمَرَ. وَأَنَسٌ: كَانَا يَقْتُلَانِ الْقَمْلَةَ فِيهَا. قَالَ الْقَاضِي: وَالتَّغَافُلُ عَنْهُ أَوْلَى، وَإِذَا قَتَلَهَا فِي الْمَسْجِدِ دَفَنَهَا، أَوْ أَخْرَجَهَا.
(وَ) لَهُ أَيْضًا (لُبْسُ عِمَامَةٍ وَثَوْبٍ) لِحَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «الْتَحَفَ بِإِزَارِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ» (مَا لَمْ يُطِلْ) وَلَا يَتَقَيَّدُ الْجَائِزُ مِنْهُ بِثَلَاثٍ وَلَا بِغَيْرِهَا مِنْ الْعَدَدِ ; لِأَنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي «فَتْحِهِ الْبَابَ لِعَائِشَةَ» وَغَيْرِهِ، ظَاهِرُهُ زِيَادَتُهُ عَلَى الثَّلَاثِ. كَتَأَخُّرِهِ حَتَّى تَأَخَّرَ الرِّجَالُ فَانْتَهَوْا إلَى صَفِّ النِّسَاءِ.
وَكَذَلِكَ مَشَى أَبِي بَرْزَةَ مَعَ دَابَّتِهِ، وَلِأَنَّ التَّقْدِيرَ: بَابُهُ التَّوْقِيفُ، وَهَذَا لَا تَوْقِيفَ فِيهِ. فَإِنْ طَالَ عُرْفًا وَتَوَالَى أَبْطَلَ الصَّلَاةَ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ وَجَهْلُهُ، إلَّا لِضَرُورَةٍ. وَيَأْتِي، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ وَاحْتَاجَ إلَيْهِ قَطَعَ الصَّلَاةَ، وَفَعَلَهُ،
ثُمَّ اسْتَأْنَفَهَا (وَ) لِمَأْمُومٍ (فَتْحٌ عَلَى إمَامِهِ إذَا أُرْتِجَ) بِتَخْفِيفِ الْجِيمِ، أَيْ: الْتَبَسَ عَلَيْهِ (، أَوْ غَلِطَ) فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى صَلَاةً فَلَبِسَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لِأَبِي: أَصَلَّيْت مَعَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَمَا مَنَعَك أَنْ تُنَبِّهَ عَلَيْنَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
قَالَ الْخَطَّابِيِّ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَكَالتَّنْبِيهِ بِالتَّسْبِيحِ (وَيَجِبُ) فَتْحُهُ عَلَى إمَامِهِ إذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ، أَوْ غَلِطَ (فِي الْفَاتِحَةِ، كَنِسْيَانِ إمَامِهِ سَجْدَةً) فَيَلْزَمُهُ تَنْبِيهُهُ عَلَيْهَا لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ،
صَحَّحَهُ الْمُوَفَّقُ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى الصَّلَاةِ بِهَا كَالْأُمِّيِّ يَقْدِرُ
عَلَى تَعَلُّمِهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، فَإِنْ كَانَ إمَامًا فَلَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ، وَكَذَا لَوْ عَجَزَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ عَنْ رُكْنٍ يَمْنَعُ الِائْتِمَام بِهِ كَالرُّكُوعِ، فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ، وَيُكْرَهُ فَتْحُ مُصَلٍّ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ
(وَإِذَا نَابَهُ) أَيْ: عَرَضَ لِمُصَلٍّ (شَيْءٌ) أَيْ: أَمْرٌ (كَاسْتِئْذَانٍ عَلَيْهِ، وَسَهْوِ إمَامِهِ) عَنْ وَاجِبٍ، أَوْ بِفِعْلِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (سَبَّحَ) بِإِمَامٍ وُجُوبًا، وَبِمُسْتَأْذِنٍ اسْتِحْبَابًا (رَجُلٌ، وَلَا تَبْطُلُ) صَلَاتُهُ (إنْ كَثُرَ) تَسْبِيحُهُ ; لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ (وَصَفَّقَتْ امْرَأَةٌ بِبَطْنِ كَفِّهَا عَلَى ظَهْرِ الْأُخْرَى) لِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مَرْفُوعًا «إذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلَاتِكُمْ، فَلْتُسَبِّحْ الرِّجَالُ، وَلْتُصَفِّقْ النِّسَاءُ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَتَبْطُلُ صَلَاتُهَا إنْ كَثُرَ) تَصْفِيقُهَا ; لِأَنَّهُ عَمَلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا (وَكُرِهَ) تَنْبِيهٌ مِنْهُمَا (بِنَحْنَحَةٍ) لِلِاخْتِلَافِ فِي الْإِبْطَالِ بِهَا (وَ) كُرِهَ (بِصَفِيرٍ) : لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35] ".
(وَ) كُرِهَ (تَصْفِيقُهُ) لِتَنْبِيهٍ، أَوْ غَيْرِهِ، لِلْآيَةِ (وَ) كُرِهَ (تَسْبِيحُهَا) لِلتَّنْبِيهِ ; لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا أُمِرَتْ بِهِ.
وَ (لَا) يُكْرَهُ تَنْبِيهٌ مِنْهُمَا (بِقِرَاءَةٍ وَتَهْلِيلٍ وَتَكْبِيرٍ وَنَحْوِهِ) كَتَحْمِيدٍ وَاسْتِغْفَارٍ. كَمَا لَوْ أَتَى بِهِ لِغَيْرِ تَنْبِيهٍ. وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ: لَا تَبْطُلُ بِتَصْفِيقِهَا عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَتَبْطُلُ بِهِ، لِمُنَافَاةِ الصَّلَاةِ. ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَمَنْ غَلَبَهُ تَثَاؤُبٌ كَظَمَ نَدْبًا، وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكْظِمْ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ (وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ) لِحَدِيثِ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ فَاهُ» .
" رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِلتِّرْمِذِيِّ «فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ» " قَالَ بَعْضُهُمْ: الْيُسْرَى بِظَهْرِهَا لِيُشْبِهَ الدَّافِعَ لَهُ (وَإِنْ بَدَرَهُ) أَيْ: الْمُصَلِّيَ (بُصَاقٌ، أَوْ مُخَاطٌ، أَوْ نُخَامَةٌ، أَزَالَهُ فِي ثَوْبِهِ) وَعَطَفَ أَحْمَدُ بِوَجْهِهِ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ - فَبَصَقَ خَارِجَهُ (وَيُبَاحُ) أَنْ يَبْصُقَ وَنَحْوَهُ (بِغَيْرِ مَسْجِدٍ عَنْ يَسَارِهِ وَتَحْتَ قَدَمِهِ) زَادَ بَعْضُهُمْ: الْيُسْرَى، لِحَدِيثِ «فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ» .
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هَكَذَا، وَوَصَفَ الْقَاسِمُ، «فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ» " وَلِحَدِيثِ «الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْخَطِيئَةِ الْحُرْمَةُ، أَوْ الْكَرَاهَةُ؟ قَوْلَانِ، قَالَهُ السُّيُوطِيّ.
(وَ) بَصْقُهُ وَنَحْوُهُ (فِي ثَوْبٍ أَوْلَى) مِنْ كَوْنِهِ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، لِئَلَّا يُؤْذِيَ بِهِ (وَيُكْرَهُ) بَصْقُهُ وَنَحْوُهُ (يَمْنَةً وَأَمَامًا) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَاحْتِرَامًا لِحَفَظَةِ الْيَمِينِ
(وَلَزِمَ) مَنْ رَأَى نَحْوَ بُصَاقٍ فِي مَسْجِدٍ (حَتَّى غَيْرَ بَاصِقٍ: إزَالَتُهُ مِنْ مَسْجِدٍ) لِخَبَرِ أَبِي ذَرٍّ «وَجَدْت فِي مَسَاوِئِ أَعْمَالِنَا النُّخَامَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا تُدْفَنُ» . " رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَسُنَّ تَخْلِيقُ مَحَلِّهِ) أَيْ: الْبُصَاقِ وَنَحْوِهِ. أَيْ: طَلْيُ مَحَلِّ الْبُصَاقِ وَنَحْوِهِ بِالْخَلُوقِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ، لِفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
(وَ) سُنَّ أَيْضًا (فِي نَفْلٍ: صَلَاةٌ عَلَيْهِ) أَيْ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ قِرَاءَتِهِ) أَيْ: الْمُصَلِّي (ذَكَرَهُ) نَصًّا، وَأَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ.
(وَ) سُنَّ أَنْ تَكُونَ (الصَّلَاةُ إلَى سُتْرَةٍ) فَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ، أَوْ بَيْتٍ: صَلَّى إلَى حَائِطٍ، أَوْ سَارِيَةٍ، وَإِنْ كَانَ فِي فَضَاءٍ، صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ بَيْنَ يَدَيْهِ (مُرْتَفِعَةٍ) قَدْرَ ذِرَاعٍ فَأَقَلَّ، لِحَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا «إذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ، فَلْيُصَلِّ وَلَا يُبَالِي مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذَلِكَ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَمُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ: عُودٌ فِي مُؤَخِّرَتِهِ، ضِدُّ قَادِمَتِهِ، وَتَخْتَلِفُ، فَتَارَةً تَكُونُ ذِرَاعًا وَتَارَةً تَكُونُ دُونَهُ
وَالْمُرَادُ: رَحْلُ الْبَعِيرِ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْ الْقَتَبِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحَضَرُ وَالسَّفَرُ، خَشِيَ مَارًّا بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ لَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " تُرْكَزُ لَهُ الْحَرْبَةُ فِي السَّفَرِ فَيُصَلِّي إلَيْهَا، وَيَعْرِضُ لَهُ الْبَعِيرُ فَيُصَلِّي إلَيْهِ "(وَعَرْضُهَا) أَيْ: السُّتْرَةِ (أَعْجَبُ إلَى) الْإِمَامِ (أَحْمَدَ) قَالَ: مَا كَانَ أَعْرَضَ فَهُوَ أَعْجَبُ إلَيَّ اهـ. لِحَدِيثِ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا «اسْتَتِرُوا فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ بِسَهْمٍ» " رَوَاهُ الْأَثْرَمُ،
فَقَوْلُهُ " وَلَوْ بِسَهْمٍ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ أَوْلَى مِنْهُ (وَ) سُنَّ (قُرْبُهُ) أَيْ: الْمُصَلِّي (مِنْهَا) أَيْ: السُّتْرَةِ (نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مِنْ قَدَمَيْهِ) لِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ مَرْفُوعًا «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا لَا يَقْطَعْ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ السُّتْرَةِ مَمَرُّ الشَّاةِ» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
«وَصَلَّى فِي الْكَعْبَةِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.
(وَ) سُنَّ (انْحِرَافُهُ عَنْهَا) أَيْ: السُّتْرَةِ (يَسِيرًا) لِفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَادِ بِإِسْنَادٍ لَيِّنٍ، لَكِنْ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ (وَإِنْ تَعَذَّرَ) عَلَى مُصَلٍّ (غَرْزُ عَصًا، وَضَعَهَا) بَيْنَ يَدَيْهِ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ (وَيَصِحُّ) تَسَتُّرٌ (وَلَوْ بِخَيْطٍ، أَوْ مَا اعْتَقَدَهُ سُتْرَةً) وَسُتْرَةٌ مَغْصُوبَةٌ كَغَيْرِهَا،
قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَفِيهِ وَجْهٌ، قَالَ النَّاظِمُ: وَعَلَى قِيَاسِهِ: سُتْرَةُ الذَّهَبِ.
وَفِي الْإِنْصَافِ: الصَّوَابُ أَنَّ النَّجِسَةَ لَيْسَتْ كَالْمَغْصُوبَةِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) شَيْئًا (خَطَّ) خَطًّا
(كَالْهِلَالِ) وَصَلَّى إلَيْهِ. قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَكَيْفَمَا خَطَّ أَجْزَأَهُ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ أَمَامَهُ» .
" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (فَإِذَا مَرَّ مِنْ وَرَائِهَا) أَيْ: السُّتْرَةِ (شَيْءٌ، لَمْ يُكْرَهْ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) سُتْرَةٌ (فَمَرَّ) لَا إنْ وَقَفَ (بَيْنَ يَدَيْهِ كَلْبٌ أَسْوَدُ بَهِيمٌ) أَيْ: لَا يُخَالِطُهُ لَوْنٌ آخَرُ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) وَكَذَا لَوْ مَرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ، لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ مِثْلَ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ: الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ» .
" «قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ: مَا بَالُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْكَلْبِ الْأَحْمَرِ مِنْ الْكَلْبِ الْأَصْفَرِ؟ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ: الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ. وَ (لَا) تَبْطُلُ، إنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ (امْرَأَةٌ وَحِمَارٌ وَشَيْطَانٌ) وَكَلْبٌ غَيْرُ مَا سَبَقَ. لِأَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ " مَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ تَقْطَعْ صَلَاتَهُ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
وَعَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ فِي بَادِيَةٍ فَصَلَّى فِي الصَّحْرَاءِ، لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ، وَحِمَارٌ لَنَا وَكُلَيْبَةٌ يَعْبَثَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَا بَالَى بِذَلِكَ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد. لَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَيَرْوِيهِ مُجَاهِدٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
(وَسُتْرَةُ الْإِمَامِ: سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ) رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " كَانَ يُصَلِّي إلَى سُتْرَةٍ " وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِسُتْرَةٍ أُخْرَى فَلَا يَضُرُّهُمْ مُرُورُ شَيْءٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَلَوْ مِمَّا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ مَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ قَطَعَ صَلَاتَهُمْ أَيْضًا.
وَهَلْ يَرُدُّ الْمَأْمُومُونَ مَنْ مَرَّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ؟ وَهَلْ يَأْثَمُ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ مَيْلُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ: إلَى أَنَّ لَهُمْ رَدَّهُ، وَأَنَّهُ يَأْثَمُ. وَصَوَّبَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ، وَالْمُرَادُ بِمَنْ خَلْفَهُ: مَنْ اقْتَدَى بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ وَرَاءَهُ أَوْ بِجَانِبِهِ أَوْ قُدَّامَهُ حَيْثُ صَحَّتْ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ.