الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(يُقَدَّمُ) فَيُوفِي مُرْتَهِنٌ دَيْنَهُ مِنْ الرَّهْنِ فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَهُ شَيْءٌ صُرِفَ فِي الزَّكَاةِ وَكَذَا جَازَ (بَعْدَ نَذْرٍ) لِصَدَقَةٍ (بِمُعَيَّنٍ) وَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِ يَتَحَاصَّانِ، فَإِنْ كَانَ نَذْرٌ بِمُعَيَّنٍ قُدِّمَ لِوُجُوبِ عَيْنِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ (أُضْحِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ) فَإِنْ كَانَتْ قُدِّمَتْ مُطْلَقًا لِتَعْيِينِهَا فَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا وَتَقُومُ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ فِي ذَبْحٍ وَتَفْرِقَةٍ وَأَكْلٍ (وَكَذَا لَوْ أَفْلَسَ حَيٌّ) وَلَهُ أُضْحِيَّةٌ مُعَيَّنَةٌ أَوْ نَذْرٌ مُعَيَّنٌ فَيَخْرُجُ ثُمَّ دَيْنٌ بِرَهْنٍ ثُمَّ يُتَحَاصُّ بَقِيَّةُ دُيُونِهِ مِنْ زَكَاتِهِ وَغَيْرِهَا.
[بَابُ زَكَاةِ السَّائِمَةِ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]
زَكَاةِ السَّائِمَةِ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ سُمِّيَتْ بَهِيمَةً لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّمُ. وَبَدَأَ بِهَا اقْتِدَاءً بِالصِّدِّيقِ فِي كَتْبِهِ لِأَنَسٍ رضي الله عنهما أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِطُولِهِ، وَيَأْتِي بَعْضُهُ مُفَرَّقًا. وَخَرَجَ بِالسَّائِمَةِ الْمَعْلُوفَةُ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا لِمَفْهُومِ حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «فِي كُلِّ إبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ،
وَحَدِيثِ الصِّدِّيقِ مَرْفُوعًا «وَفِي الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا شَاةٌ» الْحَدِيثُ وَفِي آخِرِهِ أَيْضًا «إذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا» فَقَيَّدَ بِالسَّوْمِ وَأَبْدَلَ الْبَعْضَ مِنْ الْكُلِّ وَأَعَادَ الْمُقَيَّدَ مَرَّةً أُخْرَى وَذَلِكَ دَلِيلُ اشْتِرَاطِهِ خُصُوصًا مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَى مُنَاسَبَةٍ.
(وَلَا تَجِبُ إلَّا فِيمَا) أَيْ سَائِمَةٍ (لِدَرٍّ وَنَسْلٍ وَتَسْمِينٍ) فَلَا تَجِبُ فِي سَائِمَةٍ لِلِانْتِفَاعِ بِظَهْرِهَا كَإِبِلٍ تُكْرَى وَتُؤَجَّرُ وَبَقَرِ حَرْثٍ وَنَحْوِهِ أَكْثَرَ الْحَوْلِ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ (وَالسَّوْمُ) الْمُشْتَقُّ مِنْهُ السَّائِمَةُ (أَنْ تَرْعَى) فَالسَّائِمَةُ الرَّاعِيَةُ، يُقَالُ سَامَتْ تَسُومُ سَوْمًا إذَا رَعَتْ وَأَسَمْتهَا إذَا رَعَيْتهَا، وَمِنْهُ {فِيهِ تُسِيمُونَ} [النحل: 10] " (الْمُبَاحَ) غَيْرَ الْمَمْلُوكِ (أَكْثَرَ الْحَوْلِ) نَصًّا لِأَنَّ عَلَفَ السَّوَائِمِ يَقَعُ عَادَةً فِي السَّنَةِ كَثِيرًا
وَيَنْدُرُ وُقُوعُهُ فِي جَمِيعِهَا لِعُرُوضِ مَوَانِعِهِ مِنْ نَحْوِ مَطَرٍ وَثَلْجٍ فَاعْتِبَارُهُ فِي كُلِّ الْعَامِ إجْحَافٌ بِالْفُقَرَاءِ وَالِاكْتِفَاءُ بِهِ فِي بَعْضِ الْعَامِ إجْحَافٌ بِالْمُلَّاكِ وَاعْتِبَارُ الْأَكْثَرِ تَعْدِيلٌ بَيْنَهُمَا وَدَفْعٌ لِأَعْلَى الضَّرَرَيْنِ بِأَدْنَاهُمَا وَالْأَكْثَرُ أَلْحَقُ بِالْكُلِّ فِي
أَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ (وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّتُهُ) أَيْ السَّوْمِ (فَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي سَائِمَةٍ بِنَفْسِهَا) كَمَا يَجِبُ الْعُشْرُ فِي زَرْعٍ حَمَلَ السَّيْلَ بَذْرَهُ إلَى أَرْضٍ فَنَبَتَ فِيهَا (أَوْ) سَائِمَةً (بِفِعْلِ غَاصِبِهَا) بِأَنْ أَسَامَهَا الْغَاصِبُ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ كَزَرْعٍ غُصِبَ حَبُّهُ فَزَرَعَهُ فَنَبَتَ فَفِيهِ الْعُشْرُ عَلَى مَالِكِهِ.
وَ (لَا) تَجِبُ (فِي مَعْتَلَفَةٍ بِنَفْسِهَا أَوْ بِفِعْلِ غَاصِبٍ لَهَا) أَيْ الْبَهَائِمِ (أَوْ) بِفِعْلِ غَاصِبٍ (لِعَلَفِهَا) مَالِكًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى لَهَا أَوْ زَرَعَ لَهَا مَا تَأْكُلُهُ أَوْ جَمَعَهُ مِنْ مُبَاحٍ فَلَا زَكَاةَ لِعَدَمِ السَّوْمِ (وَعَدَمُهُ) أَيْ السَّوْمِ (مَانِعٌ) مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ وُجُودَهُ شَرْطٌ لِوُجُوبِهَا.
كَمَا أَنَّ السَّقْيَ بِكُلْفَةٍ أَكْثَرَ الْحَوْلِ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الْعُشْرِ كُلِّهِ (فَيَصِحُّ أَنْ تُعَجَّلَ) الزَّكَاةُ (قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ) أَيْ السَّوْمِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ إذَنْ وَهُوَ الْعَلَفُ فِي نِصْفِ الْحَوْلِ فَأَكْثَرَ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَصِحُّ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ فِي بَابِ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ (وَيَنْقَطِعُ السَّوْمُ شَرْعًا) أَيْ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ (بِقَطْعِهَا) أَيْ الْمَاشِيَةِ (عَنْهُ) أَيْ السَّوْمِ (بِقَصْدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ بِهَا) أَيْ الْمَاشِيَةِ (وَنَحْوِهِ) كَقَصْدِ جَلْبِ خَمْرٍ أَوْ امْرَأَةٍ يُزْنَى بِهَا عَلَيْهَا (ك) انْقِطَاعِ (حَوْلِ التِّجَارَةِ بِنِيَّةِ قِنْيَةِ عَبِيدِهَا) أَيْ التِّجَارَةِ (لِذَلِكَ) أَيْ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ (أَوْ) نِيَّةِ قِنْيَةٍ (ثِيَابِهَا) أَيْ التِّجَارَةِ (الْحَرِيرِ لِلُبْسِ مُحَرَّمٍ لَا) يَنْقَطِعُ حَوْلُ السَّوْمِ (بِنِيَّتِهَا) أَيْ السَّائِمَةِ (لِعَمَلٍ) مِنْ حَمْلٍ أَوْ كِرَاءٍ وَنَحْوِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْعَمَلِ الَّذِي نَوَيْت لَهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ خِلَافُهُ وَلَمْ يُوجَدْ (وَلَا شَيْءَ فِي إبِلٍ) سَائِمَةٍ (حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا) لِحَدِيثِ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ» وَبَدَأَ بِالْإِبِلِ تَأَسِّيًا بِكِتَابِ الشَّارِعِ، حِينَ فَرَضَ زَكَاةَ الْأَنْعَامِ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ النِّعَمِ قِيمَةً وَأَجْسَامًا، وَأَكْثَرُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا (فَفِيهَا شَاةٌ) إجْمَاعًا لِحَدِيثِ «وَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَتَكُونُ الشَّاةُ (بِصِفَةِ) إبِلٍ جَوْدَةً وَرَدَاءَةً (غَيْرَ مَعِيبَةٍ) فَفِي إبِلٍ كِرَامٍ سِمَانٍ شَاةٌ كَرِيمَةٌ سَمِينَةٌ.
(وَفِي) الْإِبِلِ (الْمَعِيبَةِ) شَاةٌ (صَحِيحَةٌ تَنْقُصُ قِيمَتُهَا بِقَدْرِ نَقْصِ الْإِبِلِ) كَشَاةِ الْغَنَمِ، فَمَثَلًا لَوْ كَانَتْ الْإِبِلُ مِرَاضًا وَقُوِّمَتْ لَوْ كَانَتْ صِحَاحًا بِمِائَةٍ، وَكَانَتْ الشَّاةُ فِيهَا قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ، ثُمَّ قُوِّمَتْ مِرَاضًا بِثَمَانِينَ، كَانَ نَقْصُهَا بِسَبَبِ الْمَرَضِ عِشْرِينَ، وَذَلِكَ خُمُسِ قِيمَتِهَا صِحَاحًا لَوْ كَانَتْ، فَتَجِبُ فِيهَا شَاةٌ قِيمَتُهَا أَرْبَعَةٌ بِقَدْرِ نَقْصِ الْإِبِلِ، وَهُوَ الْخُمُسُ مِنْ قِيمَةِ الشَّاةِ (وَلَا يُجْزِي) عَنْ خَمْسٍ مِنْ إبِلٍ (بَعِيرٌ)
نَصًّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى (وَلَا بَقَرَةٌ) وَلَوْ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ الشَّاةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ
أَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَ بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً (وَلَا) يُجْزِئُ (نِصْفَا شَاتَيْنِ) لِأَنَّهُ تَشْقِيصٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ يَلْزَمُ مِنْهُ سُوءُ الشَّرِكَةِ (ثُمَّ) إنْ زَادَتْ إبِلٌ عَلَى خَمْسٍ فَ (فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَتَجِبُ) فِي عَشْرٍ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ ; وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَجَبَتْ (بِنْتُ مَخَاضٍ) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ» (وَهِيَ) أَيْ بِنْتُ الْمَخَاضِ (مَا تَمَّ لَهَا سَنَةٌ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّهَا قَدْ حَمَلَتْ. وَالْمَخَاضُ الْحَامِلُ وَهُوَ تَعْرِيفٌ لَهَا بِغَالِبِ أَحْوَالِهَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ،
(فَإِنْ كَانَتْ) بِنْتُ الْمَخَاضِ (عِنْدَهُ) أَيْ: الْمُزَكِّي (وَهِيَ) أَيْ: بِنْتُ الْمَخَاضِ الَّتِي عِنْدَهُ (أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ) عَلَيْهِ (خُيِّرَ) مَالِكُهَا (بَيْنَ إخْرَاجِهَا) عَنْهُ (وَ) بَيْنَ (شِرَاءِ مَا) أَيْ بِنْتِ مَخَاضٍ (بِصِفَتِهِ) أَيْ: الْوَاجِبِ وَيُخْرِجُهَا وَلَا يُجْزِئُهُ ابْنُ لَبُونٍ إذَنْ لِوُجُودِ بِنْتِ الْمَخَاضِ صَحِيحَةً فِي مَالِهِ (وَإِنْ كَانَتْ) بِنْتُ الْمَخَاضِ (مَعِيبَةً أَوْ لَيْسَتْ فِي مَالِهِ فَذَكَرَ) ابْنَ لَبُونٍ (أَوْ خُنْثَى وَلَدِ لَبُونٍ وَهُوَ مَا تَمَّ لَهُ سَنَتَانِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّهُ قَدْ وَضَعَتْ غَالِبًا فَهِيَ ذَاتُ لَبَنٍ.
(وَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ وَلَدِ اللَّبُونِ (عَنْهَا) أَيْ: عَنْ قِيمَةِ بِنْتِ الْمَخَاضِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ فَفِيهَا ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (أَوْ حَقُّ مَا تَمَّ لَهُ ثَلَاثُ سِنِينَ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَيُرْكَبَ وَيُقَالُ لِلْأُنْثَى: حِقَّةٌ لِذَلِكَ وَلِاسْتِحْقَاقِهَا طَرْقَ الْفَحْلِ لَهَا (أَوْ جَذَعٍ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ: (مَا تَمَّ لَهُ أَرْبَعُ سِنِينَ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجْذَعُ إذَا سَقَطَتْ سِنَّةُ ذَكَرِهِ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ اسْمٌ لَهُ فِي زَمَنٍ لَيْسَ بِسِنٍّ تَنْبُتُ وَلَا تَسْقُطُ (أَوْ ثَنِيٌّ مَا تَمَّ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَلْقَى ثَنِيَّتَهُ (وَ) الْحِقُّ وَالْجَذَعُ وَالثَّنِيُّ (أَوْلَى) بِالْإِجْزَاءِ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ مِنْ ابْنِ اللَّبُونِ لِزِيَادَةِ سِنِّهِ (بِلَا جُبْرَانٍ) فِي الْكُلِّ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَلَا يُجْبَرُ نَقْصُ الذُّكُورِيَّةِ بِزِيَادَةِ السِّنِّ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَلَا يُجْزِئُ حِقٌّ عَنْ بِنْتِ لَبُونٍ وَلَا جَذَعٌ عَنْ حِقَّةٍ وَلَا ثَنِيٌّ عَنْ جَذَعَةٍ مُطْلَقًا، لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ.
وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى ابْنِ اللَّبُونِ مَكَانَ بِنْتِ الْمَخَاضِ لِأَنَّ زِيَادَةَ سِنَّةٍ عَلَيْهَا يَمْتَنِعُ بِهَا مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ وَيَرْعَى الشَّجَرَ
بِنَفْسِهِ وَلَا يُوجَدُ هَذَا فِي الْحِقِّ مَعَ بِنْتِ اللَّبُونِ لِأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ (أَوْ) يُخْرِجُ مَنْ عَدِمَ بِنْتَ مَخَاضٍ صَحِيحَةً (بِنْتَ لَبُونٍ) عَنْهَا (وَيَأْخُذُهُ) أَيْ: الْجُبْرَانَ وَيَأْتِي (وَلَوْ وُجِدَ ابْنُ لَبُونٍ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَيَأْتِي (وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ، وَفِي إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ) وَهِيَ أَعْلَى سِنٍّ يَجِبُ فِي الزَّكَاةِ (وَتُجْزِئُ ثَنِيَّةٌ و) مَا (فَوْقَهَا) عَنْ بِنْتِ لَبُونٍ أَوْ حِقَّةٍ أَوْ جَذَعَةٍ (بِلَا جُبْرَانٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الثَّنِيَّةِ (وَفِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَفِي إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ) إجْمَاعًا (وَفِي إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ فِيمَا كَتَبَ لَهُ الصِّدِّيقُ لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْيَمَنِ.
(وَيَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ) بِالنِّصَابِ كُلِّهِ (حَتَّى بِالْوَاحِدَةِ الَّتِي يَتَغَيَّرُ بِهَا الْفَرْضُ) لِأَنَّهَا مِنْ النِّصَابِ (وَلَا شَيْءَ فِيمَا بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ) وَيُسَمَّى: الْعَفْوَ وَالْوَقَصَ وَالشَّنَقَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ النُّونِ، فَلَا تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ بِهِ فَلَوْ كَانَ لَهُ تِسْعُ إبِلٍ مَغْصُوبَةٌ وَأَخَذَ مِنْهَا بَعِيرًا بَعْدَ الْحَوْلِ أَدَّى عَنْهُ خُمُسَ شَاةٍ لِحَدِيثِ أَبِي عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ مَرْفُوعًا «إنَّ الْأَوْقَاصَ لَا صَدَقَةَ فِيهَا» وَلِأَنَّهُ مَالٌ نَاقِصٌ عَنْ نِصَابٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَرْضٌ مُبْتَدَأٌ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ الْوُجُوبُ كَمَا لَوْ نَقَصَ عَنْ النِّصَابِ الْأَوَّلِ. وَعَكْسُهُ زِيَادَةُ مَالِ السَّرِقَةِ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَثُرَتْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فَرْضٌ مُبْتَدَأٌ.
وَفِي مَسْأَلَتِنَا حَالَةٌ مُنْتَظَرَةٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوُجُوبُ فَوَقَفَ عَلَى بُلُوغِهَا (ثُمَّ تَسْتَقِرُّ) الْفَرِيضَةُ إذَا زَادَتْ الْإِبِلُ عَلَى إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ (فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ) لِلْأَخْبَارِ فَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ، وَفِي مِائَةٍ وَسِتِّينَ أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَسَبْعِينَ حِقَّةٌ وَثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَثَمَانِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتَا لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَتِسْعِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ (فَإِذَا بَلَغَتْ) الْإِبِلُ (مَا) أَيْ: عَدَدًا (يَتَّفِقُ فِيهِ الْفَرْضَانِ كَمِائَتَيْنِ) فِيهَا أَرْبَعُ خَمْسِينَاتٍ وَخَمْسُ أَرْبِعِينَاتٍ (أَوْ أَرْبَعِمِائَةٍ) فِيهَا ثَمَانُ خَمْسِينَاتٍ وَعَشْرُ أَرْبَعِينَاتِ (خَيْرُ) مَخْرَجٍ (بَيْنَ الْحِقَاقِ وَبَيْنَ بَنَاتِ اللَّبُونِ) لِوُجُودِ مُقْتَضَى كُلٍّ مِنْ الْفَرْضَيْنِ، الْأَوْلَى يَتِمُّ يَأْتِي (وَيَصِحُّ) فِي إخْرَاجٍ عَنْ نَحْوِ أَرْبَعِمِائَةٍ (كَوْنُ الشَّطْرِ) أَيْ: النِّصْفِ (مِنْ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ وَالشَّطْرِ مِنْ) النَّوْعِ (الْآخَرِ) بِأَنْ يُخْرِجَ عَنْهَا أَرْبَعَ حِقَاقٍ وَخَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ.
وَلَا يُجْزِئُ عَنْ مِائَتَيْنِ حِقَّتَانِ وَبِنْتَا لَبُونٍ
وَنِصْفٌ لِلتَّشْقِيصِ (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا) أَيْ النَّوْعَيْنِ (نَاقِصًا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ جُبْرَانٍ) وَالْآخَرُ كَامِلًا بِأَنْ كَانَ الْمَالُ مِائَتَيْنِ وَفِيهِ أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَأَرْبَعُ حِقَاقٍ (تَعَيَّنَ الْكَامِلُ) وَهُوَ الْحِقَاقُ ; لِأَنَّ الْجُبْرَانَ بَدَلٌ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ الْأَصْلِ كَالتَّيَمُّمِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ (وَمَعَ عَدَمِهِمَا) أَيْ: النَّوْعَيْنِ (أَوْ عَيْبِهِمَا أَوْ عَدَمِ) كُلِّ سِنٍّ وَجَبَ (أَوْ عَيْبِ كُلِّ سِنٍّ) أَيْ: ذَاتِ سِنٍّ مُقَدَّرٍ (وَجَبَ) فِي إبِلٍ، وَلَهُ أَسْفَلُ كَبِنْتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٍ وَجَذَعَةٍ (فَلَهُ أَنْ يَعْدِلَ إلَى مَا) أَيْ: سِنٍّ (يَلِيهِ مِنْ أَسْفَلَ وَيَخْرُجُ مَعَهُ جُبْرَانًا أَوْ) كَانَ لَهُ أَعْلَى، كَبِنْتِ مَخَاضٍ، وَبِنْتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٍ أَنْ يَعْدِلَ (إلَى مَا يَلِيهِ مِنْ فَوْقُ وَيَأْخُذُ جُبْرَانًا) لِحَدِيثِ الصِّدِّيقِ فِي الصَّدَقَاتِ قَالَ " وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنْ الْإِبِلِ صَدَقَةَ الْجَذَعَةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ وَيُجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إنْ اسْتَيْسَرَتَا أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ الْجَذَعَةُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجَذَعَةُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ - أَيْ: آخِذُ الصَّدَقَةِ - عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَشَاتَيْنِ " إلَى آخِرِهِ.
(فَإِنْ عُدِمَ مَا) أَيْ: سِنٌّ (يَلِيهِ) أَيْ: الْوَاجِبَ مِنْ مَالٍ مُزَكًّى بِأَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ جَذَعَةٌ فَعَدِمَهَا وَالْحِقَّةَ (انْتَقَلَ إلَى مَا بَعْدَهُ) وَهُوَ بِنْتُ اللَّبُونِ فِي الْمِثَالِ (فَإِنْ عَدِمَهُ) أَيْ مَا يَلِيهِ وَهُوَ بِنْتُ اللَّبُونِ فِيهِ (أَيْضًا انْتَقَلَ إلَى ثَالِثٍ) وَهُوَ بِنْتُ الْمَخَاضِ فَيُخْرِجُهَا عَنْ جَذَعَةٍ مَعَ الْعَدَمِ، وَيُخْرِجُ مَعَهَا ثَلَاثَ جُبْرَانَاتٍ (بِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ) الْمُخْرَجِ مَعَ جُبْرَانٍ فَأَكْثَرَ فِي مِلْكِهِ لِلْخَبَرِ (وَإِلَّا) يَكُنْ فِي مِلْكِهِ (تَعَيَّنَ الْأَصْلُ) الْوَاجِبُ فَيُحَصِّلُهُ وَيُخْرِجُهُ (وَالْجُبْرَانُ شَاتَانُ أَوْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا) لِلْخَبَرِ (وَيُجْزِئُ فِي جُبْرَانٍ) وَاحِدٍ (وَ) فِي (ثَانٍ وَثَالِثٍ النِّصْفُ دَرَاهِمَ وَالنِّصْفُ شِيَاهٍ) لِقِيَامِ الشَّاةِ مَقَامَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ،
فَإِذَا اخْتَارَ إخْرَاجَهَا وَعَشْرَةٍ جَازَ، وَكَإِخْرَاجِ كَفَّارَةٍ مِنْ جِنْسَيْنِ (وَيَتَعَيَّنُ عَلَى وَلِيِّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ) وَسَفِيهٍ (إخْرَاجٌ أَوْ دُونَ مُجْزِئٍ) مُرَاعَاةً لِحَظِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (وَلِغَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ وَلِيِّ مَنْ ذُكِرَ (دَفْعُ سِنٍّ أَعْلَى إنْ كَانَ النِّصَابُ مَعِيبًا) بِلَا أَخْذِ جُبْرَانٍ ; لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَهُ وَفْقَ مَا بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ، وَمَا بَيْنَ الْمَعِيبَيْنِ أَقَلُّ مِنْهُ، فَإِذَا دَفَعَ السَّاعِي فِي مُقَابَلَتِهِ جُبْرَانًا كَانَ حَيْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَلِلْمَالِكِ دَفْعُ سِنٍّ أَسْفَلَ مَعَ الْجُبْرَانِ ; لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْحَيْفِ عَلَيْهِ كَإِخْرَاجِ أَجْوَدَ بِخِلَافِ وَلِيِّ نَحْوِ يَتِيمٍ (وَلَا مَدْخَلَ لِجُبْرَانٍ فِي غَيْرِ إبِلٍ) لِأَنَّ النَّصَّ إنَّمَا وَرَدَ فِيهَا،