الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الزَّكَاةِ]
الزَّكَاةُ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَمَبَانِيهِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» مِنْ زَكَا يَزْكُو إذَا نَمَا لِأَنَّهَا تُطَهِّرُ مُؤَدِّيهَا مِنْ الْإِثْمِ، أَيْ تُنَزِّهُهُ عَنْهُ، وَتُنَمِّي أَجْرَهُ أَوْ تُنَمِّي الْمَالَ أَوْ الْفُقَرَاءَ وَأَجْمَعُوا عَلَى فَرِيضَتِهَا وَاخْتَلَفُوا هَلْ فُرِضَتْ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ؟ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ طَلَبُهَا وَبَعْثُ السَّعَادَةِ لِقَبْضِهَا بِالْمَدِينَةِ وَقَالَ الْحَافِظُ شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ: فُرِضَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ بَعْدَ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَفِي تَارِيخِ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ: أَنَّهَا فُرِضَتْ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَهِيَ (حَقٌّ وَاجِبٌ) مِنْ عُشْرٍ أَوْ نِصْفِهِ، أَوْ رُبْعِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَأْتِي مُفَصَّلًا (فِي مَالٍ خَاصٍّ) يَأْتِي (لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ) هُمْ الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {: إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] الْآيَةَ فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: وَاجِبٌ: الْحُقُوقُ الْمَسْنُونَةُ، كَالسَّلَامِ وَالصَّدَقَةِ، وَالْعِتْقِ، وَبِقَوْلِهِ: فِي مَالٍ خَاصٍّ: رَدُّ السَّلَامِ وَالنَّفَقَةُ وَنَحْوِهَا، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ، لِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي زَكَاةِ الْأَمْوَالِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَبِقَوْلِهِ: لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ: الدِّيَةُ.
وَبِقَوْلِهِ: (بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ) وَهُوَ تَمَامُ الْحَوْلِ وَبُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَنَحْوُهُ النَّذْرُ بِمَالٍ خَاصٍّ لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ (وَالْمَالُ الْخَاصُّ) الْمَذْكُورُ (سَائِمَةُ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ (وَ) سَائِمَةُ (بَقَرِ الْوَحْشِ وَغَنَمِهِ) لِشُمُولِ اسْمِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لَهُمَا (وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ الْأَهْلِيِّ وَالْوَحْشِيِّ وَالسَّائِمِ (وَغَيْرِهِ) كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الظِّبَاءِ وَالْغَنَمِ، وَبَيْنَ السَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ تَغْلِيبًا لِلْوُجُوبِ (وَالْخَارِجُ مِنْ الْأَرْضِ) مِنْ حُبُوبٍ وَثِمَارٍ وَمَعْدِنٍ وَرِكَازٍ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ.
(وَ) مِنْ
النَّحْلِ وَالْأَثْمَانِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ فَلَا تَجِبُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ خَيْلٍ وَرَقِيقٍ وَغَيْرِهِمَا لِحَدِيثِ «عَفَوْت لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ» وَحَدِيثِ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ " أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ الرَّأْسِ عَشَرَةً وَمِنْ الْفَرَسِ عَشَرَةً وَمِنْ الْبِرْذَوْنِ خَمْسَةً " فَشَيْءٌ تَبَرَّعُوا بِهِ وَعَوَّضَهُمْ مِنْهُ رِزْقُ عَبِيدِهِمْ كَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ.
(وَشُرُوطُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ خَمْسَةٌ (وَلَيْسَ مِنْهَا) أَيْ الشُّرُوطِ (بُلُوغٌ، وَ) لَا عَقْلٌ فَتَجِبُ فِي مَالِ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ. لِعُمُومِ حَدِيثِ «أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» " رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ مَرْفُوعًا «انْتَمُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تُذْهِبُهَا - أَوْ لَا تَسْتَهْلِكُهَا - الصَّدَقَةُ» وَكَوْنُهُ مُرْسَلًا غَيْرُ ضَارٍّ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ عِنْدَنَا وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ عُمَرُ، وَابْنُهُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُهُ الْحَسَنُ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةُ
وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ وَهُمَا مِنْ أَهْلِهَا كَالْمَرْأَةِ، بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ، وَالْعَقْلِ وَلَا تَجِبُ فِي الْمَالِ الْمَنْسُوبِ لِلْجَنِينِ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ (الْإِسْلَامُ وَ) الثَّانِي (الْحُرِّيَّةُ) .
وَ (لَا) يُشْتَرَطُ (كَمَالُهَا) أَيْ الْحُرِّيَّةِ (فَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (عَلَى مُبَعَّضٍ بِقَدْرِ مِلْكِهِ) مِنْ الْمَالِ بِجُزْئِهِ، لِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَلَا تَجِبُ زَكَاةٌ (عَلَى كَافِرٍ) لِحَدِيثِ «مُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى الْيَمَنِ إنَّك تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَادْعُهُمْ إلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوك بِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهَا أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَلَمْ تَجِبْ عَلَى كَافِرٍ كَالصِّيَامِ (وَلَوْ كَانَ) الْكَافِرُ (مُرْتَدًّا) لِأَنَّهُ كَافِرٌ فَأَشْبَهَ الْأَصْلِيَّ فَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ لِزَمَنِ رِدَّتِهِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] الْآيَةَ وَقَوْلِهِ «صلى الله عليه وسلم: الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» وَلَا تَجِبُ زَكَاةٌ عَلَى (رَقِيقٍ) وَلَوْ قِيلَ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ (وَلَوْ) كَانَ (مُكَاتَبًا) لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا «لَيْسَ فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ زَكَاةٌ حَتَّى يَعْتِقَ» .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلِأَنَّ مِلْكَهُ ضَعِيفٌ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ وَمَتَى عَتَقَ اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ بِمَا بَقِيَ لَهُ إنْ بَقِيَ نِصَابًا (وَلَا يَمْلِكُ رَقِيقٌ غَيْرَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (وَلَوْ
مَلَكَ) مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَالٌ فَلَا يَمْلِكُ الْمَالَ كَالْبَهَائِمِ فَمَا جَرَى فِيهِ صُورَةُ تَمْلِيكٍ مِنْ سَيِّدٍ لِعَبْدِهِ فَزَكَاتُهُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ.
(وَ) الثَّالِثُ (مِلْكُ نِصَابٍ) وَهُوَ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ أَيْضًا فَلَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَبْلُغَ نِصَابًا، لِمَا يَأْتِي فِي أَبْوَابِهِ وَيَكُونُ النِّصَابُ (تَقْرِيبًا فِي أَثْمَانٍ، وَ) قِيَمِ (عُرُوضِ) تِجَارَةٍ، فَتَجِبُ مَعَ نَقْصٍ يَسِيرٍ، كَحَبَّةٍ وَحَبَّتَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ غَالِبًا، أَشْبَهَ نَقْصَ الْحَوْلِ سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ (وَتَحْدِيدًا فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الْأَثْمَانِ وَالْعُرُوضِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَالْمَوَاشِي
فَإِنْ نَقَصَ نِصَابُهَا، وَلَوْ بِجُزْءٍ يَسِيرٍ لَمْ تَجِبْ لَكِنْ لَا اعْتِبَارَ بِنَقْصٍ يَدْخُلُ فِي الْكَيْلِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ مِلْكِ نِصَابٍ (لِغَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ) فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ قُلْنَا: الدَّيْنُ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ حُكْمًا وَلَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ.
(وَلَوْ) كَانَ النِّصَابُ (مَغْصُوبًا) بِيَدِ غَاصِبٍ أَوْ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْهُ أَوْ تَالِفًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْإِبْرَاءِ وَالْحَوَالَةِ أَشْبَهَ الدَّيْنَ، فَيُزَكِّيهِ رَبُّهُ إذَا قَبَضَهُ لِمَا مَضَى (وَيَرْجِعُ) رَبُّهُ (بِزَكَاتِهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ (عَلَى غَاصِبِهِ) لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَصَلَ بِيَدِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ (أَوْ) كَانَ (ضَالًّا) فَيُزَكِّيهِ مَالِكُهُ إذَا وَجَدَهُ لِحَوْلٍ مِنْ التَّعْرِيفِ، لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ (لَا) يُزَكِّيهِ رَبُّهُ (زَمَنَ مِلْكِ مُلْتَقِطٍ) بَعْدَ حَوْلِ التَّعْرِيفِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمُلْتَقِطِ
فَزَكَاتُهُ عَلَيْهِ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ (وَيَرْجِعُ) رَبُّ مَالٍ ضَالٍّ وَجَدَهُ (بِهَا) أَيْ بِزَكَاتِهِ (عَلَى مُلْتَقِطٍ أَخْرَجَهَا) أَيْ زَكَاةً (مِنْهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ وَلَوْ لِحَوْلِ التَّعْرِيفِ لِتَعَدِّيهِ بِالْإِخْرَاجِ وَلَا تَجْزِيءُ عَنْ رَبِّهَا، وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى رَبِّهَا بِشَيْءٍ (أَوْ) كَانَ (غَائِبًا) فَتَجِبُ زَكَاتُهُ كَالْحَاضِرِ وَ (لَا) تَجِبُ (إنْ شَكَّ فِي بَقَائِهِ) لِعَدَمِ تَيَقُّنِ السَّبَبِ لَكِنْ مَتَى وَصَلَ إلَى يَدِهِ زَكَّاهُ لِمَا مَضَى مُطْلَقًا (أَوْ) كَانَ (مَسْرُوقًا أَوْ مَدْفُونًا مَنْسِيًّا) بِدَارِهِ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ مَوْرُوثًا جَهِلَهُ) أَيْ أَنَّهُ لَهُ، لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَوْتِ مُورَثِهِ (أَوْ) مَوْرُوثًا جُهِلَ (عِنْدَ مَنْ هُوَ) بِأَنْ عَلِمَ مَوْتَ مُوَرِّثِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيْنَ مَوْرُوثُهُ
(وَنَحْوَهُ) كَالْمَوْهُوبِ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَيُزَكِّيهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (إذَا قَدَرَ) رَبُّهُ (عَلَيْهِ) بِأَخْذِهِ مِنْ غَاصِبِهِ، أَوْ مُلْتَقِطِهِ أَوْ سَارِقِهِ وَنَحْوِهِ، أَوْ حُضُورِ غَائِبٍ، أَوْ عِلْمِهِ بِمَدْفُونٍ، أَوْ مَوْرُوثٍ وَقَبْضِ مَوْهُوبٍ لِأَنَّ الزَّكَاةَ
مُوَاسَاةٌ فَلَا تَجِبُ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لَهَا (أَوْ) كَانَ النِّصَابُ (مَرْهُونًا) فَتَجِبُ فِيهِ كَغَيْرِهِ (وَيُخْرِجُهَا) أَيْ زَكَاةَ الْمَرْهُونِ (رَاهِنٌ مِنْهُ) أَيْ الْمَرْهُونِ (بِلَا إذْنِ) مُرْتَهِنٍ
(إنْ تَعَذَّرَ غَيْرُهُ) أَيْ الْمَرْهُونِ، بِأَنْ كَانَ غَيْرُهُ غَائِبًا، أَوْ مَغْصُوبًا وَنَحْوَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي جِنَايَةِ رَاهِنٍ عَلَى دَيْنِهِ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهِ وَتَقَدَّمَ عَلَى حَقِّ مَالِكِهِ فَكَذَا عَلَى حَقِّ مُرْتَهِنٍ (وَيَأْخُذُ مُرْتَهِنٌ) مِنْ رَاهِنٍ أَخْرَجَ زَكَاةَ رَهْنٍ مِنْهُ (عِوَضَ زَكَاةٍ إنْ أَيْسَرَ) رَاهِنٌ بِأَنْ حَضَرَ مَالُهُ الْغَائِبُ، أَوْ انْتَزَعَ الْمَغْصُوبَ وَنَحْوَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ أَتْلَفَ الرَّهْنَ أَوْ بَعْضَهُ (أَوْ) كَانَ النِّصَابُ (دَيْنًا) عَلَى مُوسِرٍ أَوْ مُعْسِرٍ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْإِبْرَاءِ وَالْحَوَالَةِ أَشْبَهَ الدَّيْنَ عَلَى الْمَلِيءِ.
وَعَنْ عَلِيٍّ فِي الدَّيْنِ الْمَظْنُونِ " إنْ كَانَ صَادِقًا فَلْيُزَكِّهِ إذَا قَبَضَهُ لِمَا مَضَى " وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ، فِي مَادَّةِ " ظَنَّ " بِالْمُعْجَمَةِ: وَكَصَبُورٍ مِنْ الدُّيُونِ مَا لَا يَدْرِي أَيَقْبِضُهُ آخِذُهُ أَمْ لَا؟ (غَيْرَ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إذَا كَانَتْ دَيْنًا لِاشْتِرَاطِ السَّوْمِ فِيهَا
فَإِنْ عُيِّنَتْ زُكِّيَتْ كَغَيْرِهَا (أَوْ) غَيْرِ (دِيَةٍ وَاجِبَةٍ) عَلَى قَاتِلٍ، أَوْ عَاقِلَتِهِ فَلَا تُزَكَّى، لِأَنَّهَا لَمْ تَتَعَيَّنْ مَالًا زَكَوِيًّا لِأَنَّ الْإِبِلَ أَصْلٌ، أَوْ أَحَدُ الْأُصُولِ (أَوْ) غَيْرِ (دَيْنِ سَلَمٍ) فَلَا زَكَاةَ فِيهِ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ.
وَالْحَوَالَةُ بِهِ وَعَلَيْهِ (مَا لَمْ يَكُنْ) دَيْنُ السَّلَمِ (أَثْمَانًا) فَتَجِبُ فِيهَا لِوُجُوبِهَا فِي عَيْنِهَا (أَوْ) يَكُنْ دَيْنُ السَّلَمِ (لِتِجَارَةٍ) فَتَجِبُ فِي قِيمَتِهَا، كَسَائِرِ عُرُوضِهَا (وَلَوْ) كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي قُلْنَا تَجِبُ زَكَاتُهُ (مَجْحُودًا بِلَا بَيِّنَةٍ) لِأَنَّ جَحْدَهُ لَا يُزِيلُ مِلْكَ رَبِّهِ عَنْهُ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَقْضِيَهُ (وَتَسْقُطُ زَكَاتُهُ) أَيْ الدَّيْنِ (إنْ سَقَطَ قَبْلَ قَبْضِهِ بِلَا عِوَضٍ وَلَا إسْقَاطٍ) كَصَدَاقٍ قَبْلَ الدُّخُولِ يَسْقُطُ بِفَسْخٍ مِنْ جِهَتِهَا، أَوْ تَنَصَّفَ لِطَلَاقِهِ.
وَكَدَيْنٍ بِذِمَّةِ رَقِيقٍ يَمْلِكُهُ رَبُّ الدَّيْنِ، وَكَثَمَنِ نَحْوِ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِتَلَفٍ قَبْلَ قَبْضِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَتَسْقُطُ زَكَاتُهُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ، وَلَا تَلْزَمُ فِي شَيْءٍ تَعَذَّرَ حُصُولُهُ قُلْت: وَمِثْلُهُ مَوْهُوبٌ لَمْ يُقْبَضْ رَجَعَ فِيهِ وَاهِبٌ بَعْدَ الْحَوْلِ فَتَسْقُطُ عَنْ مَوْهُوبٍ لَهُ (وَإِلَّا) يَسْقُطُ قَبْلَ قَبْضِهِ بِلَا عِوَضٍ وَلَا إسْقَاطٍ (فَلَا) تَسْقُطْ زَكَاتُهُ (فَيُزَكِّي) الدَّيْنَ (إذَا قَبَضَ) أَوْ عُوِّضَ عَنْهُ أَوْ أَحَالَ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ (أَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ لِمَا
مَضَى) مِنْ السِّنِينَ، وَلَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ ذَلِكَ، لِأَنَّهَا وَجَبَتْ مُوَاسَاةً وَلَيْسَ مِنْهَا إخْرَاجُ زَكَاةِ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ (وَيَجْرِي إخْرَاجُهَا) أَيْ زَكَاةِ الدَّيْنِ (قَبْلَ) قَبْضِهِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ لِقِيَامِ الْوُجُوبِ عَلَى رَبِّهِ، وَعَدَمُ إلْزَامِهِ بِالْإِخْرَاجِ إذَنْ رُخْصَةٌ وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ (وَلَوْ قَبَضَ) رَبُّ دَيْنٍ مِنْهُ (دُونَ نِصَابٍ) زَكَّاهُ.
وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ (أَوْ كَانَ بِيَدِهِ) دُونَ نِصَابٍ (وَبَاقِيهِ) أَيْ النِّصَابِ (دَيْنٌ، أَوْ غَصْبٌ، أَوْ ضَالٌّ زَكَّاهُ) أَيْ مَا بِيَدِهِ لِأَنَّهُ مَالِكُ نِصَابٍ مِلْكًا تَامًّا أَشْبَهَ مَا لَوْ قَبَضَهُ كُلَّهُ، أَوْ كَانَ بِيَدِهِ كُلِّهِ قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا ظَنَّ رُجُوعَهُ، أَيْ الضَّالِّ وَنَحْوِهِ (وَإِنْ زَكَّتْ) امْرَأَةٌ (صَدَاقَهَا كُلَّهُ) بَعْدَ الْحَوْلِ، وَهُوَ فِي مِلْكِهَا. (ثُمَّ تَنَصَّفَ) الصَّدَاقُ (بِطَلَاقِهِ) أَيْ الزَّوْجِ أَوْ خُلْعِهِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ (رَجَعَ فِيمَا بَقِيَ) مِنْ الصَّدَاقِ (بِكُلِّ حَقِّهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {: فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] الْآيَةَ فَلَوْ أَصْدَقَهَا ثَمَانِينَ فَحَالَ الْحَوْلُ وَزَكَّتْهَا أَوْ لَا رَجَعَ بِأَرْبَعِينَ وَتَسْتَقِرُّ الزَّكَاةُ عَلَيْهَا (وَلَا تُجْزِئُهَا زَكَاتُهَا مِنْهُ) أَيْ الصَّدَاقِ (بَعْدَ) طَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَوْ حَالَ الْحَوْلُ لِأَنَّهُ مَالٌ مُشْتَرَكٌ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ (وَيُزَكِّي مُشْتَرٍ مَبِيعًا مُعَيَّنًا) كَنِصَابِ سَائِمَةٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مَوْصُوفٍ مِنْ قَطِيعٍ مُعَيَّنٍ (أَوْ) مَبِيعًا (مُتَمَيِّزًا) كَهَذِهِ الْأَرْبَعِينَ شَاةً، هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ قُنْدُسٍ قَالَ: فَكُلُّ مُتَمَيِّزَةٍ مُتَعَيِّنَةٍ، وَلَيْسَ كُلُّ مُتَعَيِّنَةٍ مُتَمَيِّزَةً (وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ) - أَيْ الْمَبِيعَ الْمُتَعَيِّنَ وَالْمُتَمَيِّزَ - مُشْتَرٍ (حَتَّى انْفَسَخَ) الْبَيْعُ (بَعْدَ الْحَوْلِ) لِأَنَّ الْفَسْخَ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ لَا مِنْ أَصْلِهِ (وَمَا عَدَاهُمَا) أَيْ الْمُتَعَيِّنِ وَالْمُتَمَيِّزِ، كَأَرْبَعِينَ شَاةً مَوْصُوفَةٍ فِي الذِّمَّةِ وَحَلَّ الْحَوْلُ قَبْلَ قَبْضِهَا يُزَكِّيهَا (بَائِعٌ) لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مُشْتَرٍ إلَّا بِقَبْضِهَا لِعَدَمِ تَعْيِينِهَا، قُلْت: قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ إنْ كَانَ لِتِجَارَةٍ أَوْ أَثَمَانًا زَكَّاهُ مُشْتَرٍ، وَفِي تَمْثِيلِهِ فِي شَرْحِهِ بِنِصْفِ زُبْرَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَزْنُهَا أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ: نَظَرٌ، فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَيِّزًا لَكِنَّهُ مُتَعَيِّنٌ بِتَعْيِينِ مَحَلِّهِ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَوَاشِي ابْنِ قُنْدُسٍ وَكَيْفَ تَجِبُ زَكَاةُ مَالٍ مُعَيَّنٍ عَلَى غَيْرِ مَالِكِهِ؟ .
(وَ) الرَّابِعُ (تَمَامُ الْمِلْكِ) فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ فِي مُقَابَلَةِ تَمَامِ النِّعْمَةِ، وَالْمِلْكُ النَّاقِصُ لَيْسَ بِنِعْمَةٍ تَامَّةٍ (وَلَوْ) كَانَ تَمَامُ الْمِلْكِ (فِي مَوْقُوفٍ عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْ سَائِمَةٍ) نَصًّا إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ لِعُمُومِ النُّصُوصِ وَلِأَنَّ
الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ أَشْبَهَ سَائِرَ أَمْلَاكِهِ وَمِنْ غَلَّةِ أَرْضٍ وَغَلَّةٍ شَجَرٍ مَوْقُوفَيْنِ عَلَى مُعَيَّنٍ نَصًّا إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا لِأَنَّ الزَّرْعَ وَالثَّمَرَ لَيْسَا وَقْفًا بِدَلِيلِ بَيْعِهِمَا وَيُخْرِجُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهَا أَيْ السَّائِمَةِ فَيُخْرِجُ عَنْ غَلَّةِ أَرْضٍ وَشَجَرٍ مِنْهَا لِمَا مَرَّ، وَأَمَّا السَّائِمَةُ فَيُخْرِجُ عَنْهَا لَا مِنْهَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِي الْمَوْقُوفِ.
وَمَعْنَى تَمَامِ الْمِلْكِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ غَيْرِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ عَلَى حَسَبِ اخْتِيَارِهِ، وَفَوَائِدُهُ عَائِدَةٌ عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي بِمَعْنَاهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَى سَيِّدِ مُكَاتَبٍ فِي دَيْنِ كِتَابَةٍ لِنَقْصِ مِلْكِهِ فِيهِ بِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ بِحَالٍ وَعَدَمِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ وَضَمَانُهُ وَمَا قَبَضَهُ مِنْهُ سَيِّدُهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ الْحَوْلَ إنْ بَلَغَ نِصَابًا وَإِلَّا فَكَمُسْتَفَادٍ.
وَكَذَا إنْ عَجَزَ وَبِيَدِهِ شَيْءٌ وَلَا زَكَاةَ فِي حِصَّةِ مُضَارِبٍ مِنْ رِبْحٍ قَبْلَ قِسْمَةٍ وَلَوْ مُلِّكَتْ حِصَّتُهُ لَهُ بِالظُّهُورِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ فَمِلْكُهُ نَاقِصٌ وَيُزَكِّي رَبُّ الْمَالِ حِصَّتَهُ مِنْ رِبْحٍ نَصًّا كَالْأَصْلِ تَبَعًا لَهُ كَأَنْ دَفَعَ أَلْفًا مُضَارَبَةً عَلَى النِّصْفِ فَحَالَ الْحَوْلُ وَرَبِحَ أَلْفَيْنِ فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ أَلْفَيْنِ وَإِذَا أَدَّاهَا - أَيْ زَكَاةَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ - رَبُّهُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ مَا يُنْقِصُهُ وَإِنْ أَدَّى زَكَاتَهُ مِنْهُ تُحْسَبُ زَكَاتُهُ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ وَمِنْ قَدْرِ حِصَّتِهِ أَيْ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ فَيُنْقِصُ رُبْعَ عَشْرِ رَأْسِ الْمَالِ مَعَ رُبْعِ عُشْرِ حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ وَلَا تُحْسَبُ كُلُّهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَحْدَهُ وَلَا مِنْ الرِّبْحِ وَحْدَهُ.
وَلَيْسَ لِعَامِلٍ إخْرَاجُ زَكَاةٍ تَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ بِلَا إذْنِهِ نَصًّا فَيَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ وَلِيًّا لَهُ وَلَا وَكِيلًا عَنْهُ وَيَصِحُّ شَرْطُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ زَكَاةِ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِهِ لِنَفْسِهِ نِصْفَ الرِّبْحِ وَثُمُنَ عُشْرِهِ مَثَلًا، وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ زَكَاةِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ زَكَاةِ بَعْضِهِ مِنْ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ قَدْ يُحَطُّ بِالرِّبْحِ كَشَرْطِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ، وَتَجِبُ الزَّكَاةُ إذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِنِصَابٍ إذَا حَالَ الْحَوْلُ أَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِهَذَا النِّصَابِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ لِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَيْهِ تَامٌّ فِي الْحَوْلِ، وَيُجْزِئُهُ إخْرَاجُهَا مِنْهُ وَيَبْرَأُ نَاذِرٌ مِنْ زَكَاةٍ وَنَذْرٍ بِقَدْرِ مَا يُخْرِجُ مِنْهُ أَيْ النِّصَابِ الْمَنْذُورِ الصَّدَقَةَ بِهِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ بِنِيَّتِهِ أَيْ: الْمُخْرِجِ (عَنْهُمَا) أَيْ:
الزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَدَقَةٌ كَمَا لَوْ نَوَى بِرَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ وَالسُّنَّةَ. وَ (لَا) تَجِبُ زَكَاةٌ (فِي) نِصَابٍ (مُعَيَّنٍ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ) أَوْ بِبَعْضِهِ، وَلَمْ يَقُلْ إذَا حَالَ الْحَوْلُ لِزَوَالِ مِلْكِهِ أَوْ نَقْصِهِ.
وَمَفْهُومُهُ: لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِنِصَابٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَحَالَ الْحَوْلُ تَجِبُ زَكَاتُهُ لَكِنْ يَأْتِي: لَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِهِ (وَ) لَا زَكَاةَ فِي (مَوْقُوفٍ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ) كَعَلَى الْفُقَرَاءِ (أَوْ) مَوْقُوفٍ عَلَى (مَسْجِدٍ) أَوْ مَدْرَسَةٍ أَوْ رِبَاطٍ وَنَحْوِهِ، لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَالِكِ (وَ) لَا زَكَاةَ فِي (غَنِيمَةٍ مَمْلُوكَةٍ) مِنْ أَجْنَاسٍ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ قَسْمَهَا بِرَأْيِهِ فَيُعْطِي كُلًّا مِنْ أَيِّ صِنْفٍ شَاءَ بِخِلَافِ مِيرَاثٍ (إلَّا) إنْ كَانَتْ الْغَنِيمَةُ (مِنْ جِنْسٍ) وَاحِدٍ، فَبِعَقْدِ الْحَوْلِ عَلَيْهَا (إنْ بَلَغَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ) فِي الْغَانِمِينَ (نِصَابًا) لِتَعَيُّنِ مِلْكِهِ فِيهِ.
(وَلَا) تَبْلُغُ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ نِصَابًا (إنْ بُنِيَ عَلَى الْخُلْطَةِ) وَيَأْتِي: أَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ وَلَا تُخْرَجُ قَبْلَ الْقَبْضِ، كَالدَّيْنِ (وَلَا) تَجِبُ زَكَاةٌ (فِي) مَالِ (فَيْءٍ وَ) لَا فِي (خُمُسِ) غَنِيمَةٍ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الصَّرْفِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ (وَ) لَا فِي (نَقْدٍ مُوصًى بِهِ فِي وُجُوهِ بِرٍّ، أَوْ) مُوصَى (أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ وَقْفًا، وَلَوْ رَبِحَ) لِعَدَمِ تَعَيُّنِ مَالِكِهِ (وَالرِّبْحُ كَأَصْلٍ) لِأَنَّهُ نَمَاؤُهُ فَيُصْرَفُ فِي الْوَصِيَّةِ وَيَضْمَنُ إنْ خَسِرَ نَصًّا. وَالْمَالُ الْمُوصَى بِهِ يُزَكِّيهِ مَنْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مِلْكِهِ وَإِنْ وَصَّى بِنَفْعِ نِصَابِ سَائِمَةٍ زَكَّاهَا مَالِكُ الْأَصْلِ وَيُحْتَمَلُ: لَا زَكَاةَ إنْ وَصَّى بِهَا أَبَدًا ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ.
(وَلَا) زَكَاةَ (فِي مَالِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ) حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ (بِنَقْصِ النِّصَابِ) بَاطِنًا كَانَ الْمَالُ، كَأَثْمَانٍ وَعُرُوضِ تِجَارَةٍ، أَوْ ظَاهِرًا، كَمَاشِيَةٍ وَحُبُوبٍ وَثِمَارٍ. لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:" سَمِعْت عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّهِ حَتَّى تُخْرِجُوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ ".
وَفِي لَفْظٍ " مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَقْضِ دَيْنَهُ ; وَلْيَتْرُكْ بَقِيَّةَ مَالِهِ " وَقَدْ قَالَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَدَلَّ عَلَى اتِّفَاقِهِمْ عَلَيْهِ، حَيْثُ لَمْ يُنْكِرُوهُ،.
وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ مُوَاسَاةً لِلْفُقَرَاءِ وَشُكْرًا لِنِعْمَةِ الْغَنِيِّ وَحَاجَةُ الْمَدِينِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ كَحَاجَةِ الْفَقِيرِ أَوْ أَشَدَّ.
وَلَيْسَ مِنْ الْحِكْمَةِ تَعْطِيلُ حَاجَةِ الْمَالِكِ لِدَفْعِ حَاجَةِ غَيْرِهِ. (وَلَوْ) كَانَ الدَّيْنُ (كَفَّارَةً وَنَحْوَهَا) كَنَذْرٍ (أَوْ) كَانَ (زَكَاةَ غَنَمٍ عَنْ إبِلٍ) لِأَنَّهُ دَيْنٌ يَجِبُ قَضَاؤُهُ، فَمُنِعَ كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ. وَفِي الْحَدِيثِ «دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» وَالزَّكَاةُ مِنْ جِنْسِ مَا وَجَبَتْ فِيهِ تَمْتَنِعُ بِالْأَوْلَى (إلَّا مَا) أَيْ دَيْنًا
(بِسَبَبِ ضَمَانٍ) فَلَا يُمْنَعُ لِأَنَّهُ فَرْعُ أَصْلٍ فِي لُزُومِ الدَّيْنِ فَاخْتَصَّ الْمَنْعُ بِأَصْلِهِ: لِتَرَجُّحِهِ.
وَفِي مَنْعِ الدَّيْنِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِهِ إجْحَافٌ بِالْفُقَرَاءِ وَلَا قَائِلَ بِتَوْزِيعِهِ عَلَى الْجِهَتَيْنِ فَلَوْ غَصَبَ أَلْفًا، ثُمَّ غَصَبَهُ مِنْهُ آخَرُ اسْتَهْلَكَهُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الثَّانِي وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ أَدَّى الْأَلْفَ لَرَجَعَ بِهِ عَلَى الثَّانِي (أَوْ) إلَّا دَيْنًا بِسَبَبِ (حَصَادٍ، أَوْ جِذَاذٍ، أَوْ دِيَاسٍ وَنَحْوِهِ) كَتَصْفِيَةٍ، لِسَبْقِ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْخَرَاجِ، فَإِنْ لَمْ يُنْقِصْ الدَّيْنُ النِّصَابَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيمَا يُقَابِلُ الدَّيْنَ لِمَا سَبَقَ وَيُزَكِّي مَا فِيهِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ (وَمَتَى بَرِئَ) مَدِينٌ مِنْ دَيْنٍ بِنَحْوِ قَضَاءٍ مِنْ مَالٍ مُسْتَحْدَثٍ أَوْ أُبْرِئَ (ابْتَدَأَ حَوْلًا) مُنْذُ بَرِئَ لِأَنَّ مَا مَنَعَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ مَنَعَ انْعِقَادَ الْحَوْلِ وَقَطَعَهُ.
(وَيَمْنَعُ أَرْشُ جِنَايَةِ عَبْدِ التِّجَارَةِ زَكَاةَ قِيمَتِهِ) لِأَنَّهُ وَجَبَ جَبْرًا لَا مُوَاسَاةً بِخِلَافِ الزَّكَاةِ.
(وَمَنْ لَهُ عَرْضُ قِنْيَةٍ يُبَاعُ لَوْ أَفْلَسَ) أَيْ لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ، بِأَنْ كَانَ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ (يَفِي) الْعَرْضُ (بِدَيْنِهِ) الَّذِي عَلَيْهِ وَمَعَهُ مَالٌ زَكَوِيٍّ (جَعَلَ) الدَّيْنَ (فِي مُقَابَلَةِ مَا مَعَهُ) مِنْ مَالٍ زَكَوِيٍّ (وَلَا يُزَكِّيهِ) لِئَلَّا تَخْتَلَّ الْمُوَاسَاةُ وَلِأَنَّ عَرْضَ الْقِنْيَةِ كَمَلْبُوسِهِ فِي أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ،
فَإِنْ كَانَ الْعَرْضُ لِتِجَارَةٍ زُكِّيَ مَا مَعَهُ نَصًّا (وَكَذَا مَنْ بِيَدِهِ أَلْفٌ) لَهُ (وَلَهُ عَلَى مَلِيءٍ دَيْنُ أَلْفٍ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ) دَيْنٌ فَيَجْعَلُ الدَّيْنَ فِي مُقَابَلَةِ مَا بِيَدِهِ فَلَا يُزَكِّيهِ يُزَكِّي الدَّيْنَ إذَا قَبَضَهُ (وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ) وُجُوبَ (خُمُسِ زَكَاةٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَكَاةٍ حَقِيقَةً كَمَا يَأْتِي فِي بَيَانِ مَصْرِفِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ نِصَابٌ.
(وَ) الشَّرْطُ الْخَامِسُ (لِ) وُجُوبِ زَكَاةٍ فِي (أَثْمَانٍ وَمَاشِيَةٍ) وَعُرُوضِ تِجَارَةٍ: مُضِيُّ حَوْلٍ عَلَى نِصَابٍ تَامٍّ لِحَدِيثِ «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» رِفْقًا بِالْمَالِكِ وَلْيَتَكَامَلْ النَّمَاءُ فَيُوَاسِي مِنْهُ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ تَتَكَرَّرُ فِي هَذِهِ الْأَمْوَالِ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ ضَابِطٍ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَعَاقُبِ الْوُجُوبِ فِي الزَّمَنِ الْمُتَقَارِبِ فَيَفْنَى الْمَالُ.
أَمَّا الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ وَالْمَعْدِنُ وَنَحْوُهُ فَهِيَ نَمَاءٌ فِي نَفْسِهَا، تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْهَا عِنْدَ وُجُودِهَا ثُمَّ لَا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ ثَانِيَةٌ لِعَدَمِ إرْصَادِهَا لِلنَّمَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعْدِنُ أَثْمَانًا وقَوْله تَعَالَى {: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] يَنْفِي اعْتِبَارَ الْحَوْلِ فِي الْحُبُوبِ وَنَحْوِهَا " (وَيُعْفَى فِيهِ) أَيْ الْحَوْلِ (عَنْ نِصْفِ يَوْمٍ) صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ.
وَكَمَا يُعْفَى فِي
نِصَابِ أَثْمَانٍ عَنْ حِبَّةٍ وَحَبَّتَيْنِ (لَكِنْ يَسْتَقْبِلُ) أَيْ يَبْتَدِئُ الْحَوْلَ (بِصَدَاقٍ وَأُجْرَةٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ مُعَيَّنَيْنِ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهَا مِنْ عَقْدٍ) لِثُبُوتِ الْمِلْكِ فِي عَيْنِ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ فَيَنْفُذُ فِيهِ تَصَرُّفُ مَنْ وَجَبَ لَهُ (وَ) يَسْتَقْبِلُ (بِمِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ الصَّدَاقِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ (مِنْ) حِينِ (تَعْيِينٍ) لَا عَقْدٍ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفٌ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الضَّمَانِ إلَّا بِهِ، فَلَوْ أَصْدَقَهَا أَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ النِّصَابَيْنِ، أَوْ عَلَى نِصَابٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فِي رَجَبٍ مَثَلًا، وَلَمْ يُعَيِّنْ إلَّا فِي الْمُحَرَّمِ، فَهُوَ ابْتِدَاءُ حَوْلِهِ وَلَوْ أَجَرَ وَنَحْوَهُ بِمَوْصُوفٍ فِي ذِمَّةٍ وَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ فَدَيْنٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقِيَاسُهُ نَحْوَ ثَمَنٍ وَعِوَضِ صُلْحٍ (وَيَتْبَعُ نِتَاجُ) بِكَسْرِ النُّونِ (السَّائِمَةِ) الْأَصْلَ فِي حَوْلِهِ، إنْ كَانَ نِصَابًا لِقَوْلِ عُمَرَ " اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ وَلَا تَأْخُذُهَا مِنْهُمْ " رَوَاهُ مَالِكٌ. وَلِقَوْلِ عَلِيٍّ " عُدَّ عَلَيْهِمْ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ " وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ، وَلِأَنَّ السَّائِمَةَ يَخْتَلِفُ وَقْتُ وِلَادَتِهَا فَإِفْرَادُ كُلٍّ بِحَوْلٍ يَشُقُّ فَجُعِلَتْ تَبَعًا لِأُمَّاتِهَا، كَمَا تَبِعَتْهَا فِي الْمِلْكِ (وَ) يَتْبَعُ (رِبْحُ التِّجَارَةِ) وَهِيَ التَّصَرُّفُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِلرِّبْحِ وَهُوَ الْفَضْلُ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ (الْأَصْلَ) أَيْ رَأْسَ الْمَالِ (فِي حَوْلِهِ إنْ كَانَ) الْأَصْلُ (نِصَابًا) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ: وَمَا عَدَا النِّتَاجَ وَالرِّبْحَ مِنْ الْمُسْتَفَادِ وَلَوْ مِنْ جِنْسِ مَا يَمْلِكُهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَيُضَمُّ إلَى نِصَابٍ بِيَدِهِ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْأَصْلُ نِصَابًا (فَحَوْلُ الْجَمِيعِ) أَيْ الْأُمَّاتِ وَالنِّتَاجِ، أَوْ رَأْسِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ (مِنْ حِينِ كَمُلَ) النِّصَابُ فَلَوْ مَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ بَقَرَةً فَوَلَدَتْ شَيْئًا فَشَيْئًا فَحَوْلُهَا مُنْذُ بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ أَوْ مَلَكَ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا فِضَّةً وَرَبِحَتْ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَنِصَابُهَا مُنْذُ كَمُلَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَلَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً فَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا فَنُتِجَتْ سَخْلَةٌ انْقَطَعَ الْحَوْلُ وَكَذَا لَوْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَنْفَصِلَ جَنِينُهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نُتِجَتْ ثُمَّ مَاتَتْ (وَحَوْلُ صِغَارٍ) مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ (مِنْ حِينِ مَلَكَ ك) حَوْلِ (كِبَارٍ) لِعُمُومِ نَحْوِ حَدِيثِ «فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ» وَلِأَنَّهَا تُعَدُّ مَعَ غَيْرِهَا فَتُعَدُّ مُنْفَرِدَةً كَالْأُمَّاتِ.
وَقَيَّدَهُ فِي الْإِقْنَاعِ - كَالْإِنْصَافِ وَغَيْرِهِ بِمَا إذَا كَانَتْ تَتَغَذَّى بِغَيْرِ اللَّبَنِ لِاعْتِبَارِ السَّوْمِ وَلَا يَبْنِي وَارِثٌ عَلَى حَوْلِ مُورَثِهِ (وَمَتَى نَقَصَ) النِّصَابُ مُطْلَقًا
انْقَطَعَ حَوْلُهُ (أَوْ بِيعَ) النِّصَابُ بَيْعًا صَحِيحًا وَلَوْ بِخِيَارٍ انْقَطَعَ حَوْلٌ فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ بِفَسْخٍ أَوْ غَيْرِهِ اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ (أَوْ أُبْدِلَ مَا) أَيْ نِصَابٌ (تَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي عَيْنِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ) كَإِبْدَالِ بَقَرٍ بِغَيْرِهَا أَوْ إبِلٍ بِغَيْرِهَا.
وَخَرَجَ بِقَوْلِ: مَا تَجِبُ فِي عَيْنِهِ: مَا تَجِبُ فِي قِيمَتِهِ، كَعُرُوضِ تِجَارَةٍ فَلَا يَنْقَطِعُ حَوْلُهَا بِبَيْعِهَا أَوْ إبْدَالِهَا (لَا فِرَارًا مِنْهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (انْقَطَعَ حَوْلُهُ) أَيْ النِّصَابِ لِأَنَّ وُجُودَهُ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَلَمْ يُوجَدْ وَكَذَا كُلُّ مَا خَرَجَ بِهِ عَنْ مِلْكِهِ مِنْ إقَالَةٍ أَوْ فَسْخٍ بِنَحْوِ عَيْبٍ وَرُجُوعِ وَاهِبٍ فِي هِبَةٍ، وَوَقْفٍ وَهِبَةٍ، وَجَعَلَهُ ثَمَنًا وَمُثَمَّنًا، أَوْ صَدَاقًا أَوْ أُجْرَةً وَنَحْوَهُ (إلَّا فِي ذَهَبٍ) بِيعَ أَوْ أُبْدِلَ (بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ) كَفِضَّةٍ بِذَهَبٍ،
فَلَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُضَمُّ إلَى الْآخَرِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ وَيُخْرَجُ عَنْهُ فَهُمَا كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ (وَيُخْرِجُ) مَنْ أَبْدَلَ ذَهَبًا بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ (مِمَّا مَعَهُ) عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ الْآخَرِ كَمَا يَأْتِي (وَ) إلَّا (فِي أَمْوَالِ الصَّيَارِفِ) فَلَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ بِإِبْدَالِهَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى سُقُوطِ الزَّكَاةِ فِي مَالٍ يَنْمُو وَوُجُوبُهَا فِي مَالٍ لَا يَنْمُو،
وَأُصُولُ الشَّرْعِ تَقْتَضِي عَكْسَهُ وَ (لَا) يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ إذَا بِيعَ أَوْ أُبْدِلَ مَا تَجِبُ فِي عَيْنِهِ (بِجِنْسِهِ) نَصًّا وَإِنْ اخْتَلَفَ نَوْعُهُ لِأَنَّهُ نِصَابٌ يُضَمُّ إلَيْهِ نَمَاؤُهُ فِي الْحَوْلِ فَبَنَى حَوْلَهُ بَدَلَهُ مِنْ جِنْسِهِ عَلَى حَوْلِهِ كَالْعُرُوضِ (فَلَوْ أَبْدَلَهُ) أَيْ النِّصَابَ (بِأَكْثَرَ) مِنْ جِنْسِهِ (زَكَّاهُ) أَيْ الْأَكْثَرَ (إذَا تَمَّ حَوْلُ) النِّصَابِ (الْأَوَّلِ كَنِتَاجٍ) نَصًّا فَمِنْ عِنْدَهُ مِائَةٌ مِنْ الْغَنَمِ سَائِمَةً فَأَبْدَلَهَا بِمِائَتَيْنِ زَكَّاهُمَا وَبِالْعَكْسِ يُزَكِّي مِائَةً وَبِأَنْقَصَ مِنْ نِصَابٍ انْقَطَعَ الْحَوْلُ.
(وَإِنْ فَرَّ) مِنْهَا أَيْ الزَّكَاةِ فَتَحَيَّلَ عَلَى إسْقَاطِهَا فَنَقَصَ النِّصَابُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ أَبْدَلَهُ (لَمْ تَسْقُطْ بِإِخْرَاجِ) النِّصَابِ أَوْ بَعْضِهِ (عَنْ مِلْكِهِ) وَلَا بِإِتْلَافِهِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ عُقُوبَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَوَارِثٍ قَتَلَ مُورَثَهُ وَمَرِيضٍ طَلَّقَ فِرَارًا وَقَدْ عَاقَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْفَارِّينَ مِنْ الصَّدَقَةِ كَمَا حَكَاهُ بِقَوْلِهِ {: إنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} [القلم: 17]- الْآيَاتِ " وَلِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى إسْقَاطِهَا جُمْلَةً لِمَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ النُّفُوسُ مِنْ الشُّحِّ.
(وَيُزَكِّي) مَنْ نَقَصَ النِّصَابَ أَوْ بَاعَهُ أَوْ أَبْدَلَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ فِرَارًا (مِنْ جِنْسِ) النِّصَابِ (الْمَبِيعِ) وَنَحْوِهِ (لِذَلِكَ الْحَوْلِ) الَّذِي فَرَّ فِيهِ مِنْهَا لِأَنَّهُ الَّذِي انْعَقَدَ فِيهِ سَبَبُ الْوُجُوبِ دُونَ مَا بَعْدَهُ (وَإِنْ اُدْعِي) مَالِكُ نِصَابٍ نَقَصَ مِنْهُ
أَوْ بَاعَ وَنَحْوَهُ (عَدَمَهُ) أَيْ الْفِرَارِ (وَثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ (قَرِينَةُ) فِرَارٍ (عُمِلَ بِهَا) أَيْ الْقَرِينَةِ وَرُدَّ قَوْلُهُ لِدَلَالَتِهَا عَلَى كَذِبِهِ.
(وَإِلَّا) يَكُنْ ثَمَّ قَرِينَةٌ (قُبِلَ قَوْلُهُ) فِي عَدَمِ الْفِرَارِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَإِذَا مَضَى) الْحَوْلُ أَوْ بَدَا صَلَاحُ حَبٍّ وَثَمَرٍ وَنَحْوِهِ (وَجَبَتْ) الزَّكَاةُ (فِي عَيْنِ الْمَالِ) الَّذِي تُجْزِئُ زَكَاتُهُ مِنْهُ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ وَخَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ إبِلٍ فَأَكْثَرَ سَائِمَةٍ وَحُبُوبٍ وَثِمَارٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: 24]«وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» وَقَوْلِهِ «: فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» وَنَظَائِرِهَا " وَفِي " لِلظَّرْفِيَّةِ أَصَالَةً
، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِ الْمَالِ وَصِفَاتِهِ حَتَّى وَجَبَ فِي الْجَيِّدِ وَالْوَسَطِ وَالرَّدِيءِ بِحَسَبِهِ فَكَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِعَيْنِهِ لَا بِالذِّمَّةِ وَعَكْسُ ذَلِكَ زَكَاةُ الْفِطْرِ، وَجَوَازُ إخْرَاجِهَا مِنْ غَيْرِ عَيْنِ مَا وَجَبَتْ فِيهِ رُخْصَةٌ (فَفِي نِصَابٍ) فَقَطْ كَعِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِضَّةً أَوْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً (لَمْ يُزَكِّ) ذَلِكَ النِّصَابَ (حَوْلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ حَوْلَيْنِ (زَكَاةً وَاحِدَةً) لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ.
وَلَوْ مَلَكَ مَالًا كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِنَقْصِهِ عَنْ النِّصَابِ بِمَا وَجَبَ فِيهِ مِنْ الزَّكَاةِ (إلَّا مَا زَكَاتُهُ الْغَنَمُ مِنْ الْإِبِلِ) كَمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْهَا إذَا مَضَى عَلَيْهِ أَحْوَالٌ وَلَمْ يُزَكِّهِ (فَعَلَيْهِ لِكُلِّ حَوْلٍ زَكَاةٌ) لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِذِمَّتِهِ لَا بِالْمَالِ لِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُ مِنْهُ، فَلَا يُمْكِنُ تَعَلُّقُهُ بِهِ، وَلَوْ مَلَكَ خَمْسًا مِنْ إبِلٍ وَمَضَى أَحْوَالٌ لَمْ يَجِبْ غَيْرُ شَاةٍ لِلْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا، لِأَنَّهَا دَيْنٌ عَلَيْهِ فَيَنْقُصُ بِهَا النِّصَابُ فِيمَا بَعْدَ الْأَوَّلِ فَيَنْقَطِعُ.
(وَمَا زَادَ عَلَى نِصَابٍ) مِمَّا زَكَاتُهُ فِي عَيْنِهِ (يُنْقَصُ مِنْ زَكَاتِهِ كُلَّ حَوْلٍ) مَضَى (بِقَدْرِ نَقْصِهِ بِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ فَيَنْقُصُ بِقَدْرِهَا فَلَوْ مَلَكَ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ غَنَمٍ، وَمَضَى حَوْلَانِ فَأَكْثَرُ فَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ شَاتَانِ وَلِمَا بَعْدَهُ شَاةٌ، حَتَّى تَنْقُصَ عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً فَلَوْ مَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ إبِلٍ وَمَضَى أَحْوَالٌ فَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَلِمَا بَعْدَهُ أَرْبَعُ شِيَاهٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(وَتَعَلُّقُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ بِمَا تَجِبُ فِيهِ (ك) تَعَلُّقِ (أَرْشِ جِنَايَةٍ) بِرَقَبَةِ جَانٍ (لَا كَ) تَعَلُّقِ (دَيْنٍ بِرَهْنٍ أَوْ) تَعَلُّقِ دَيْنٍ (بِمَالٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ وَلَا) كَ (تَعَلُّقِ شَرِكَةٍ) بِمَالٍ مُشْتَرَكٍ (فَلَهُ) أَيْ الْمَالِكِ (إخْرَاجُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ النِّصَابِ كَمَا لِسَيِّدِ الْجَانِي فِدَاؤُهُ بِغَيْرِ ثَمَنِهِ (وَالنَّمَاءُ بَعْدَ وُجُوبِهَا) أَيْ
الزَّكَاةِ (لَهُ) أَيْ الْمَالِكِ، كَوَلَدِ الْجَانِيَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ فَكَذَا نَمَاءُ النِّصَابِ وَنِتَاجُهُ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الزَّكَاةُ فَلَا تَكُونُ الْفُقَرَاءُ فِيهِ شُرَكَاءَ.
(وَإِنْ أَتْلَفَهُ) أَيْ النِّصَابَ مَالِكُهُ (لَزِمَهُ مَا وَجَبَ فِيهِ) مِنْ الزَّكَاةِ (لَا قِيمَتُهُ) أَيْ النِّصَابِ كَمَا لَوْ قَتَلَ الْجَانِي مَالِكَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى مَا وَجَبَ بِالْجِنَايَةِ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ (وَلَهُ) أَيْ الْمَالِكِ (التَّصَرُّفُ) فِيمَا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ (بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ) كَهِبَةٍ أَوْ صَدَاقٍ كَمَا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ فِي الْجَانِي بِخِلَافِ رَاهِنٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَشَرِيكٍ.
(وَلَا يَرْجِعُ بَائِعٌ) لِمَا تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِعَيْنِهِ (بَعْدَ لُزُومِ بَيْعِهِ فِي قَدْرِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ كَبَائِعِ الْجَانِي (إلَّا إنْ تَعَذَّرَ غَيْرُهُ) أَيْ إنَّ تَعَذَّرَ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ إذَنْ لِسَبْقِ الْوُجُوبِ كَمَا لَوْ بَاعَ جَانِيًا وَأَعْسَرَ بِأَرْشِ جِنَايَةٍ (وَلِمُشْتَرٍ الْخِيَارُ) بِرُجُوعِ بَائِعٍ بِقَدْرِهَا لِتَعَذُّرِ غَيْرِهِ لِتَبَعُّضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ مُشْتَرٍ جَانٍ. وَلِبَائِعٍ إخْرَاجُ زَكَاةِ مَبِيعٍ فِيهِ خِيَارٌ مِنْهُ فَيَبْطُلُ فِي قَدْرِهِ.
(وَلَا يُعْتَبَرُ) لِوُجُوبِ زَكَاةٍ (إمْكَانُ أَدَائِهَا) مِنْ الْمَالِ فَتَجِبُ فِي الدَّيْنِ وَالْغَائِبِ وَالضَّالِّ وَالْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ لِلْعُمُومَاتِ وَكَدَيْنِ الْآدَمِيِّ لَكِنْ يُعْتَبَرُ لِلُزُومِ الْإِخْرَاجِ فَلَا يَلْزَمُ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ حُصُولٍ بِيَدِهِ وَتَقَدَّمَ (وَلَا) يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِهَا أَيْضًا (بَقَاءُ مَالٍ) وَجَبَتْ فِيهِ فَلَا تَسْقُطُ بِتَلَفِهِ فَرَّطَ أَوْ لَا لِأَنَّهَا حَقٌّ آدَمِيٌّ أَوْ مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَتْ دَيْنَ الْآدَمِيِّ، وَلِأَنَّ عَلَيْهِ مُؤْنَةَ تَسْلِيمِهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا فَضَمِنَهَا بِتَلَفِهَا بِيَدِهِ كَعَارِيَّةٍ وَغَصْبٍ وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْجَانِيَ (إلَّا إذَا تَلِفَ ثَمَرٌ أَوْ زَرْعٌ بِجَائِحَةٍ قَبْلَ حَصَادٍ وَجِذَاذٍ) فَتَسْقُطُ زَكَاتُهُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا كَمَا سَقَطَ الثَّمَنُ إذَا تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ بِجَائِحَةٍ وَأَوْلَى وَعِبَارَةُ الْمُوَفَّقِ وَمَنْ تَابَعَهُ: قَبْلَ الْإِحْرَازِ، وَهِيَ أَنْسَبُ بِمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ وَعِبَارَةُ الْمَجْدِ وَمُتَابِعِيهِ: قَبْلَ أَخْذِهِ وَتَقَدَّمَ تَسْقُطُ زَكَاةُ الدَّيْنِ إذَا سَقَطَ بِغَيْرِ قَبْضٍ وَلَا إبْرَاءٍ وَلَا يَضْمَنُ زَكَاةَ دَيْنٍ فَاتَ بِمَوْتِ مَدِينٍ مُفْلِسٍ وَنَحْوِهِ.
(وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ) نَصًّا وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِهَا كَالْعُشْرِ وَلِحَدِيثِ " فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ " وَلِأَنَّهَا حَقٌّ وَاجِبٌ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ أَشْبَهَ دَيْنَ الْآدَمِيِّ.
(وَ) زَكَاةً (مَعَ دَيْنٍ بِلَا رَهْنٍ وَضِيقِ مَالٍ) تَرَكَهُ مَيِّتٌ عَنْ زَكَاةٍ وَدَيْنٍ (يَتَحَاصَّانِ) أَيْ الزَّكَاةُ وَدَيْنُ الْآدَمِيِّ نَصًّا لِلتَّزَاحُمِ كَدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ، قُلْت: مُقْتَضَى تَعَلُّقِهَا بِعَيْنِ الْمَالِ تَقْدِيمُهَا عَلَى دَيْنٍ بِلَا رَهْنٍ (وَ) دَيْنٍ (بِهِ) أَيْ بِرَهْنٍ