الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعَهُ) صَفًّا لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ (وَيَتْبَعُهُ) أَيْ: يَلْزَمُ الْمُنَبِّهَ أَنْ يَتَأَخَّرَ لِيَقِفَ مَعَهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ (وَكُرِهَ) تَنْبِيهُهُ ب (جَذْبِهِ) نَصًّا، لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَعَبْدُهُ وَابْنُهُ كَأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَحْرُمْ، بَلْ صَحَّحَ فِي الْمُغْنِي جَوَازَهُ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، كَسُجُودٍ عَلَى ظَهْرِ إنْسَان، أَوْ قَدَمِهِ لِزِحَامٍ.
(وَمَنْ صَلَّى يَسَارَ إمَامٍ مَعَ خُلُوِّ يَمِينِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ، رَكْعَةً: لَمْ تَصِحَّ.
(أَوْ) صَلَّى (فَذًّا وَلَوْ امْرَأَةً خَلْفَ امْرَأَةٍ رَكْعَةً لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ، عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا، أَوْ عَامِدًا لِحَدِيثِ «وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَثْبَتَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ هَذَا الْحَدِيثَ.
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانُ مَرْفُوعًا «لَا صَلَاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّهُ خَالَفَ مَوْقِفَهُ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ زُحِمَ فِي ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ، فَخَرَجَ مِنْ الصَّفِّ، وَبَقِيَ مُنْفَرِدًا، فَيَنْوِي الْمُفَارَقَةَ وَيُتِمُّ لِنَفْسِهِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ.
(وَإِنْ رَكَعَ فَذًّا لِعُذْرٍ) كَخَوْفِ فَوْتِ الرَّكْعَةِ (ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ) قَبْلَ سُجُودِ الْإِمَامِ صَحَّتْ (أَوْ) رَكَعَ فَذًّا لِعُذْرٍ ثُمَّ (وَقَفَ مَعَهُ آخَرُ قَبْلَ سُجُودِ الْإِمَامِ صَحَّتْ) صَلَاتُهُ، «لِأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَاسْمُهُ نُفَيْعٌ رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ، ثُمَّ مَشَى حَتَّى دَخَلَ الصَّفَّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: زَادَك اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَفَعَلَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَكَمَا لَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ الرُّكُوعَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ فِي الْمَعْذُورِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ، وَقَدَّمَ فِي الْكَافِي ": تَصِحُّ ; لِأَنَّ الْمَوْقِفَ لَا يَخْتَلِفُ بِخِيفَةِ الْفَوَاتِ وَعَدَمِهِ.
[فَصْلٌ فِي الِاقْتِدَاءِ]
ِ (يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ يُمْكِنُهُ) الِاقْتِدَاءُ بِإِمَامِهِ، أَيْ: مُتَابَعَتُهُ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ) مُقْتَدٍ (بِالْمَسْجِدِ) بِأَنْ كَانَ خَارِجَهُ وَالْإِمَامُ بِالْمَسْجِدِ،، أَوْ خَارِجَهُ أَيْضًا (إذَا رَأَى) الْمُقْتَدِي (الْإِمَامَ، أَوْ رَأَى مَنْ وَرَاءَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (وَلَوْ) كَانَتْ رُؤْيَتُهُ (فِي بَعْضِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (، أَوْ) كَانَتْ (مَنْ شُبَّاكٍ) لِتَمَكُّنِهِ إذَنْ مِنْ مُتَابَعَتِهِ،
وَلَا يَكْتَفِي إذَنْ بِسَمَاعِ التَّكْبِيرِ، (أَوْ كَانَا) أَيْ: الْإِمَامُ
وَالْمَأْمُومُ (بِهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (وَلَوْ لَمْ يَرَهُ) أَيْ: الْمَأْمُومُ (وَلَا) رَأَى (مَنْ وَرَاءَهُ) ، أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ (إذَا سَمِعَ) مَأْمُومٌ (التَّكْبِيرَ) لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ مُتَابَعَتِهِ، وَالْمَسْجِدُ مَعَهُ لِلِاجْتِمَاعِ.
(لَا) يَكْفِي سَمَاعُ التَّكْبِيرِ بِلَا رُؤْيَةٍ لَهُ، أَوْ لِمَنْ وَرَاءَهُ (إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ خَارِجَهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ الَّذِي بِهِ إمَامُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مُعَدًّا لِلِاقْتِدَاءِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ: مَا إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ بِمَسْجِدٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي بِهِ الْإِمَامُ، فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ الْإِمَامَ، أَوْ مَنْ وَرَاءَهُ.
وَلَا يَكْفِي سَمَاعُ التَّكْبِيرِ (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (نَهْرٌ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ) لَمْ تَصِحَّ، فَإِنْ لَمْ تَجْرِ فِيهِ صَحَّتْ (أَوْ) كَانَ بَيْنَهُمَا (طَرِيقٌ وَلَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ، حَيْثُ صَحَّتْ) تِلْكَ الصَّلَاةُ (فِيهِ) أَيْ: الطَّرِيقِ، كَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَجِنَازَةٍ وَنَحْوِهَا لِضَرُورَةٍ لَمْ تَصِحَّ لِلْآثَارِ،
فَإِنْ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ حَيْثُ صَحَّتْ فِيهِ صَحَّتْ (أَوْ كَانَ) الْمَأْمُومُ (فِي غَيْرِ شِدَّةِ خَوْفٍ بِسَفِينَةٍ وَإِمَامُهُ فِي أُخْرَى) غَيْرِ مَقْرُونَةٍ بِهَا (لَمْ يَصِحَّ) الِاقْتِدَاءُ ; لِأَنَّ الْمَاءَ طَرِيقٌ وَلَيْسَتْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً فَإِنْ كَانَ فِي شِدَّة خَوْفٍ وَأَمْكَنَ الِاقْتِدَاءُ، صَحَّ لِلْعُذْرِ.
(وَكُرِهَ عُلُوُّ إمَامٍ عَنْ مَأْمُومٍ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا «إذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُومَنَّ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِهِمْ» " وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مَعْنَاهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (مَا لَمْ يَكُنْ) الْعُلُوُّ يَسِيرًا (كَدَرَجَةِ مِنْبَرٍ) فَلَا يُكْرَهُ، لِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ وُضِعَ، فَكَبَّرَ وَهُوَ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّمَا فَعَلْت ذَلِكَ لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلِتَتَعَلَّمُوا صَلَاتِي» .
" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ (وَلَوْ كَانَ) الْعُلُوُّ (كَثِيرًا وَهُوَ) أَيْ: الْكَثِيرُ (ذِرَاعٌ فَأَكْثَرُ) مِنْ ذِرَاعٍ، لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَعُودُ إلَى دَاخِلٍ فِي الصَّلَاةِ (وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ: الْعُلُوِّ، وَلَوْ كَثِيرًا (لِمَأْمُومٍ) كَمَا لَوْ صَلَّى خَلْفَ الْإِمَامِ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ» " وَرَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ أَنَسٍ.
(وَلَا) بَأْسَ (بِقَطْعِ الصَّفِّ) خَلْفَ الْإِمَامِ وَعَنْ يَمِينِهِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ قَطْعُهُ (عَنْ يَسَارِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ (إذَا بَعُدَ) الْمُنْقَطِعُ (بِقَدْرِ مَقَامِ ثَلَاثَةِ) رِجَالٍ، فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ.
قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى (وَتُكْرَهُ صَلَاتُهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (فِي طَاقِ الْقِبْلَةِ) أَيْ: الْمِحْرَابِ (إنْ
مَنَعَ ذَلِكَ مُشَاهَدَتَهُ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَتِرٌ عَنْ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حِجَابٌ فَيَقِفُ عَنْ يَمِينِ الْمِحْرَابِ نَصًّا، إنْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ مُشَاهَدَتَهُ لَمْ يُكْرَهْ.
(وَ) يُكْرَهُ (تَطَوُّعُهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (بَعْدَ) صَلَاةٍ (مَكْتُوبَةٍ مَوْضِعُهَا) نَصًّا لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ مَرْفُوعًا «لَا يُصَلِّيَنَّ الْإِمَامُ فِي مَقَامِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ، حَتَّى يَتَنَحَّى عَنْهُ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِأَنَّ فِي تَحَوُّلِهِ إعْلَامًا بِأَنَّهُ صَلَّى فَلَا يُنْتَظَرُ.
(وَ) يُكْرَهُ (مُكْثُهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (كَثِيرًا) بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ (مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَلَيْسَ ثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ، أَيْ: هُنَاكَ (نِسَاءٌ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكَتْ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ قَبْلَهُ لِلْخَبَرِ، إنَّ لَمْ يَطُلْ لُبْثُهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ نِسَاءٌ مَكَثَ هُوَ وَالرِّجَالُ حَتَّى يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ لِلْخَبَرِ وَلِئَلَّا يَخْتَلِطَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ.
(وَ) يُكْرَهُ (وُقُوفُ مَأْمُومِينَ بَيْنَ سَوَارٍ تَقْطَعُ الصُّفُوفَ عُرْفًا) لِقَوْلِ «أَنَسٍ كُنَّا نَتَّقِي هَذَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهُ يَقْطَعُ، فَإِنْ كَانَ الصَّفُّ صَغِيرًا قَدْرَ مَا بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ لَمْ يُكْرَهْ (بِلَا حَاجَةٍ فِي الْكُلِّ) أَيْ: كُلِّ مَا تَقَدَّمَ، كَضِيقِ مَسْجِدٍ، أَوْ مَطَرٍ.
(وَيَنْحَرِفُ إمَامٌ) اسْتِحْبَابًا بَعْدَ صَلَاتِهِ (إلَى مَأْمُومٍ) لِحَدِيثِ سَمُرَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (جِهَةَ قَصْدِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ لِأَنَّهُ الْأَسْهَلُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ جِهَةً (فَ) يَنْحَرِفُ (عَنْ يَمِينِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ، فَتَلِي يَسَارَهُ الْقِبْلَةُ، تَمْيِيزًا لِجَانِبِ الْيُمْنَى (وَاِتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ مُبَاحٌ) وَإِنْ أَحْدَثَهُ النَّاسُ لِيَسْتَدِلَّ بِهِ الْجَاهِلُ عَلَى الْقِبْلَةِ وَلِهَذَا اسْتَحَبَّهُ بَعْضُهُمْ.
(وَحَرُمَ بِنَاءُ مَسْجِدٍ، يُرَادُ بِهِ الضَّرَرُ لِمَسْجِدٍ بِقُرْبِهِ، فَيُهْدَمُ) مَا بُنِيَ ضِرَارًا وُجُوبًا لِحَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» " فَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الضَّرَرُ جَازَ وَإِنْ قَرُبَ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا وَيُهْدَمُ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إذَا بَعُدَ يَجُوزُ، وَلَوْ قُصِدَ بِهِ الضَّرَرُ وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ غَيْرِ إمَامٍ مَكَانًا بِمَسْجِدٍ لَا يُصَلِّي فَرْضَهُ إلَّا فِيهِ، وَيُبَاحُ فِي النَّفْلِ.
وَقَالَ الْمَرْوَزِيِّ: كَانَ أَحْمَدُ لَا يُوطِنُ الْأَمَاكِنَ وَيُكْرَهُ إيطَانُهَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَتْ فَاضِلَةً،
ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالًا، وَأَيَّدَهُ بِأَنَّ «سَلَمَةَ كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَهَا الْمُصْحَفُ. وَقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ: وَظَاهِرُهُ أَيْضًا: وَلَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ، كَإِسْمَاعِ حَدِيثٍ وَتَدْرِيسٍ وَإِفْتَاءٍ وَنَحْوِهِ وَيُتَوَجَّهُ: لَا وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ اتِّفَاقًا، لِأَنَّهُ يَقْصِدُ.
(وَكُرِهَ حُضُورُ مَسْجِدٍ، وَ) حُضُورُ (جَمَاعَةٍ لِآكِلِ بَصَلٍ،، أَوْ فُجْلٍ وَنَحْوِهِ) كَثُومٍ وَكُرَّاثٍ (حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ) لِلْخَبَرِ وَلِإِيذَائِهِ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَسْجِدِ أَحَدٌ، لِتَأَذِّي الْمَلَائِكَةِ وَيُسْتَحَبُّ إخْرَاجُهُ، وَفِي مَعْنَاهُ: نَحْوُ مَنْ بِهِ صُنَانٌ، أَوْ جُذَامٌ وَمِنْ الْأَدَبِ: وَضْعُ إمَامٍ نَعْلَهُ عَنْ يَسَارِهِ، وَمَأْمُومٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، لِئَلَّا يُؤْذِيَ غَيْرَهُ. فَصْلٌ يُعْذَرُ بِتَرْكِ جُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ مَرِيضٌ.
لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا مَرِضَ تَخَلَّفَ عَنْ الْمَسْجِدِ. وَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَ) كَذَا (خَائِفٌ حُدُوثَ مَرَضٍ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرِيضِ (لَيْسَا) أَيْ: الْمَرِيضُ وَالْخَائِفُ حُدُوثَ مَرَضٍ (بِالْمَسْجِدِ) فَإِنْ كَانَا بِهِ لَزِمَتْهُمَا الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ، وَكَذَا مَنْ مُنِعَهُمَا لِنَحْوِ حَبْسٍ (وَتَلْزَمُ الْجُمُعَةُ مَنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِإِتْيَانِهَا رَاكِبًا، أَوْ مَحْمُولًا وَتَبَرَّعَ) لَهُ (أَحَدٌ بِهِ) أَيْ: بِأَنْ يُرْكِبَهُ، أَوْ يَحْمِلَهُ (أَوْ) تَبَرَّعَ أَحَدٌ (بِقَوْدِ أَعْمَى) لِلْجُمُعَةِ.
فَتَلْزَمُهُ، دُونَ الْجَمَاعَةِ، لِتَكَرُّرِهَا، فَتَعْظُمُ الْمِنَّةُ وَالْمَشَقَّةُ (وَ) يُعْذَرُ بِتَرْكِ جَمَاعَةٍ وَجُمُعَةٍ (مَنْ يُدَافِعُ أَحَدَ الْأَخْبَثَيْنِ) الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ، لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ إِكْمَال الصَّلَاةِ وَخُشُوعِهَا (أَوْ) مَنْ (بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَهُوَ) أَيْ: مَنْ حَضَرَهُ الطَّعَامُ (مُحْتَاجٌ إلَيْهِ) أَيْ: الطَّعَامِ (وَلَهُ الشِّبَعُ) نَصًّا.
لِخَبَرِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ «وَلَا تَعْجَلَنَّ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْهُ» " وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «دُعِيَ إلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، وَقَامَ يُصَلِّي» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ إلَيْهِ (أَوْ) كَانَ (لَهُ ضَائِعٌ يَرْجُوهُ) أَنْ دَلَّ عَلَيْهِ بِمَكَانٍ وَخَافَ إنْ لَمْ يَمْضِ
إلَيْهِ سَرِيعًا انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِ، أَوْ قَدِمَ بَضَائِعُ لَهُ مِنْ سَفَرٍ، وَخَافَ إنْ لَمْ يَتَلَقَّهُ أَخْفَاهُ.
قَالَ الْمَجْدُ: وَالْأَفْضَلُ: تَرْكُ مَا يَرْجُو وُجُودَهُ، وَيُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ (أَوْ يَخَافُ ضَيَاعَ مَالِهِ) كَغَلَّةٍ بِبَيَادِرِهَا (أَوْ) يَخَافُ (فَوَاتَهُ) كَشُرُودِ دَابَّتِهِ، أَوْ إبَاقِ عَبْدِهِ، أَوْ سَفَرِ نَحْوِ غَرِيمٍ لَهُ (أَوْ) يَخَافُ (ضَرَرًا فِيهِ) أَيْ: مَالِهِ، كَاحْتِرَاقِ خُبْزٍ، أَوْ طَبِيخٍ، وَإِطْلَاقِ مَاءٍ عَلَى نَحْوِ زَرْعِهِ بِغَيْبَتِهِ (أَوْ) يَخَافُ ضَرَرًا (فِي مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا) بِأَنْ عَاقَهُ حُضُورُ جُمُعَةٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ عَنْ فِعْلِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ لِأُجْرَتِهِ، أَوْ ثَمَنِهِ (أَوْ) يَخَافُ ضَرَرًا فِي (مَالٍ اُسْتُؤْجِرَ لِحِفْظِهِ، وَلَوْ) كَانَ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ (نِظَارَةُ) بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ: حِفْظُهُ (بُسْتَانٍ) وَالنَّاظِرُ.
وَالنَّاظُورُ: حَافِظُ الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ (، أَوْ) يَخَافُ بِحُضُورِهِ جُمُعَةً، أَوْ جَمَاعَةً: فَوْتَ (قَرِيبِهِ) نَصًّا (أَوْ) مَوْتَ (رَفِيقِهِ) فِي غَيْبَتِهِ عَنْهُ (أَوْ كَانَ يَتَوَلَّى تَمْرِيضَهُمَا، وَلَيْسَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ) فِي الْمَوْتِ، أَوْ التَّمْرِيضِ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ اسْتَصْرَخَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ يَتَجَمَّرُ لِلْجُمُعَةِ، فَأَتَاهُ بِالْعَقِيقِ. وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ.
وَكَذَا إنْ خَافَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَهْلِهِ (أَوْ) يَخَافُ (عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ضَرَرِ) نَحْوِ (لِصٍّ، أَوْ) يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ (سُلْطَانٍ) يَأْخُذُهُ (أَوْ) مِنْ (مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ) لَهُ (وَلَا شَيْءَ مَعَهُ) لِأَنَّ حَبْسَ الْمُعْسِرِ ظُلْمٌ.
وَكَذَا إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَخَشِيَ أَنْ يُطَالَبَ بِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ، فَإِنْ كَانَ حَالًّا، وَقَدَرَ عَلَى وَفَائِهِ لَمْ يُعْذَرْ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ (أَوْ) يَخَافُ (فَوْتَ رُفْقَةٍ بِسَفَرٍ مُبَاحٍ) أَيْ: غَيْرِ مَكْرُوهٍ وَلَا حَرَامٍ (أَنْشَأَهُ) أَيْ: السَّفَرَ (، أَوْ اسْتَدَامَهُ) لِمَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ (أَوْ غَلَبَهُ نُعَاسٌ يَخَافُ بِهِ) أَيْ: النُّعَاسِ (فَوْتَهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (فِي الْوَقْتِ) إذَا انْتَظَرَ الْجَمَاعَةَ (أَوْ) يَخَافُ بِهِ فَوْتَهَا (مَعَ إمَامٍ) فَيُعْذَرُ فِيهِمَا.
وَقَطَعَ فِي الْمَذْهَبِ وَالْوَجِيزِ: أَنَّهُ يُعْذَرُ فِيهِمَا بِخَوْفِهِ بُطْلَانَ وُضُوئِهِ بِانْتِظَارِهِمَا (أَوْ) يَخَافُ (أَذًى بِمَطَرٍ وَوَحَلٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَتَسْكِينُهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ (وَثَلْجٍ وَجَلِيدٍ وَرِيحٍ بَارِدَةٍ بِلَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُنَادِي مُنَادِيَهُ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ، أَوْ الْمَطِيرَةِ: صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَرُوِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي يَوْمِ مَطَرٍ وَفِي رِوَايَةِ لِمُسْلِمٍ «وَكَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ» " (أَوْ) يَخَافُ أَذًى (بِتَطْوِيلِ إمَامٍ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ رَجُلًا صَلَّى مَعَ مُعَاذٍ ثُمَّ انْفَرَدَ فَصَلَّى وَحْدَهُ عِنْدَ تَطْوِيلِ مُعَاذٍ، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَخْبَرَهُ " (أَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَوَدٌ يَرْجُو الْعَفْوَ