الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ: أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لِغَيْرِ الْمَذْكُورَاتِ، كَالْحِجَامَةِ وَدُخُولِ طَيْبَةَ وَكُلِّ مُجْتَمَعٍ
(وَيَتَيَمَّمُ) اسْتِحْبَابًا (لِلْكُلِّ) أَيْ كُلِّ مَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْغُسْلُ (لِحَاجَةٍ) تُبِيحُ التَّيَمُّمَ، كَتَعَذُّرِ الْمَاءِ، لِعَدَمٍ أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ (وَ) يَتَيَمَّمُ أَيْضًا اسْتِحْبَابًا (لِمَا يُسَنُّ لَهُ الْوُضُوءُ) مِنْ قِرَاءَةٍ وَأَذَانٍ وَشَكٍّ وَغَضَبٍ، وَنَحْوِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ (لِعُذْرٍ) يُبِيحُهُ، إلْحَاقًا لِلْمَسْنُونِ بِالْوَاجِبِ بِجَامِعِ الْأَمْرِ.
[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْغُسْلِ]
ِ وَهُوَ كَامِلٌ وَمُجْزِئٌ (وَصِفَةُ الْغُسْلِ الْكَامِلِ) وَاجِبًا كَانَ أَوْ مُسْتَحَبًّا (أَنْ يَنْوِيَ) رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ، أَوْ الْغُسْلَ لِلصَّلَاةِ، أَوْ الْجُمُعَةِ مَثَلًا (وَيُسَمِّيَ) أَيْ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ، بَعْدَ النِّيَّةِ (وَيَغْسِلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا) خَارِجَ الْمَاءِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ وَيَصُبُّ الْمَاءَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ (وَ) يَغْسِلُ (مَا لَوَّثَهُ) طَاهِرًا، كَالْمَنِيِّ، أَوْ نَجِسًا كَالْمَذْيِ.
(ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا كَامِلًا وَيُرَوِّي) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ (رَأْسَهُ) أَيْ أُصُولَ شَعْرِهِ (ثَلَاثًا) يَحْثِي الْمَاءَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ (ثُمَّ) يَغْسِلُ (بَقِيَّةَ جَسَدِهِ) بِإِفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَيْهِ (ثَلَاثًا) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُخَلِّلُ شَعْرَهُ بِيَدَيْهِ، حَتَّى إذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ رَوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَّلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَيَتَيَامَنُ) أَيْ يَبْدَأُ بِمَيَامِنِهِ اسْتِحْبَابًا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ «: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الْحِلَابِ، فَأَخَذَ بِكَفَّيْهِ فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ أَخَذَ بِكَفَّيْهِ فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَيُدَلِّكَهُ) أَيْ جَسَدَهُ اسْتِحْبَابًا، لِيَصِلَ الْمَاءُ إلَيْهِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، «لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأُمِّ سَلَمَةَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ إنَّمَا يَكْفِيَكِ أَنْ تَحْثِيَ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَيُعِيدُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ بِمَكَانٍ آخَرَ) لِأَنَّ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ مَيْمُونَةَ " ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ " وَتُكْرَهُ إعَادَةُ وُضُوءٍ بَعْدَ غُسْلِ (وَيَكْفِي الظَّنُّ) أَيْ ظَنُّ الْمُغْتَسِلِ (فِي الْإِسْبَاغِ) أَيْ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ، دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: يُحَرِّكُ خَاتَمَهُ، لِيَتَيَقَّنَ وُصُولَ الْمَاءِ.
(وَ) صِفَةُ الْغُسْلِ (الْمُجْزِئِ: أَنْ يَنْوِيَ وَيُسَمِّيَ) كَمَا مَرَّ (وَيَعُمَّ بِالْمَاءِ بَدَنَهُ) جَمِيعَهُ، سِوَى دَاخِلِ عَيْنٍ، فَلَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ (حَتَّى مَا يَظْهَرُ مِنْ
فَرْجِ امْرَأَةٍ عِنْدَ قُعُودِهَا ل) قَضَاءِ (حَاجَةِ) بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ (وَ) حَتَّى (بَاطِنِ شَعْرٍ) خَفِيفٍ وَكَثِيفٍ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ; لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْبَدَنِ لَا مَشَقَّةَ فِي غَسْلِهِ. فَوَجَبَ كَبَاقِيهِ،
وَيَتَفَقَّدُ أُصُولَ شَعْرِهِ. وَغَضَارِيفَ أُذُنَيْهِ، وَتَحْتَ حَلْقِهِ وَإِبِطَيْهِ، وَعُمْقَ سُرَّتِهِ وَبَيْنَ أَلْيَتَيْهِ، وَطَيْ رُكْبَتَيْهِ، وَتَقَدَّمَ: لَا يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلِ فَرْجٍ وَحَشَفَةٍ غَيْرِ مَفْتُوقٍ مِنْ جَنَابَةٍ (وَيَجِبُ نَقْضُ) شَعْرِ امْرَأَةٍ (ل) غُسْلِ (حَيْضٍ) وُجُوبًا، لِحَدِيثِ «عَائِشَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا إذَا كُنْتِ حَائِضًا خُذِي مَاءَكِ وَسِدْرَكِ، وَامْتَشِطِي» وَلَا يَكُونُ الْمَشْطُ إلَّا فِي شَعْرٍ غَيْرِ مَضْفُورٍ. وَلِلْبُخَارِيِّ " اُنْقُضِي شَعْرَكِ وَتَمَشَّطِي " وَلِابْنِ مَاجَهْ " اُنْقُضِي شَعْرَكِ وَاغْتَسِلِي " وَلِتَحَقُّقِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى مَا يَجِبُ غَسْلُهُ،
وَعُفِيَ عَنْهُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ، لِأَنَّهُ يَكْثُرُ فَيَشُقُّ ذَلِكَ فِيهِ، بِخِلَافِ الْحَيْضِ، وَنِفَاسٌ مِثْلُهُ (وَيَرْتَفِعُ حَدَثٌ) أَصْغَرُ أَوْ أَكْبَرُ مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (قَبْلَ زَوَالِ حُكْمِ خَبَثٍ) لَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ، كَطَاهِرٍ عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُ، بِخِلَافِ مَا يَمْنَعُهُ
(وَتُسَنُّ مُوَالَاةٌ) فِي غُسْلٍ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَجِبُ كَالتَّرْتِيبِ، لِأَنَّ الْبَدَنَ شَيْءٌ وَاحِدٌ (فَإِنْ فَاتَتْ) الْمُوَالَاةُ بِأَنْ أَخَّرَ غُسْلَ بَقِيَّةِ بَدَنِهِ زَمَنًا يَجِفُّ فِيهِ مَا غَسَلَهُ قَبْلَهُ " جَدَّدَ لِإِتْمَامِهِ " أَيْ الْغُسْلِ " نِيَّةً " لِانْقِطَاعِ النِّيَّةِ بِفَوَاتِ الْمُوَالَاةِ فَيَقَعُ غَسْلُ مَا بَقِيَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ.
(وَ) يُسَنُّ (سِدْرٌ فِي غُسْلِ كَافِرٍ أَسْلَمَ) لِحَدِيثِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ. وَتَقَدَّمَ
(كَ) مَا يُسَنُّ لِكَافِرٍ أَسْلَمَ (إزَالَةُ شَعْرِهِ)«لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ أَسْلَمَ أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ وَاخْتَتِنْ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
(وَ) يُسَنُّ أَيْضًا سِدْرٌ فِي غُسْلِ (حَائِضٍ طَهُرَتْ) مِنْ حَيْضٍ وَمِثْلُهَا نُفَسَاءُ. لِحَدِيثِ عَائِشَةَ
(وَ) يُسَنُّ أَيْضًا (أَخْذُهَا) أَيْ الْحَائِضِ (مِسْكًا فَإِنْ لَمْ تَجِدْ) مِسْكًا (فَطِيبًا) أَيَّ طِيبٍ كَانَ، إنْ لَمْ تَكُنْ مُحْرِمَةً، أَوْ كَانَتْ حَادَّةً أَيْضًا (فَإِنْ لَمْ تَجِدْ) طِيبًا (فَطِينًا تَجْعَلُهُ) أَيْ مَا تَأْخُذُهُ مِنْ مِسْكٍ أَوْ طِيبٍ أَوْ طِينٍ (فِي فَرْجِهَا) لِيَقْطَعَ رَائِحَةَ الْحَيْضِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ (فِي قُطْنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) مِمَّا يُمْسِكُهُ.
وَيَكُونَ هَذَا الْفِعْلُ (بَعْدَ غُسْلِهَا) لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ لَمَّا سَأَلَتْهُ أَسْمَاءُ عَنْ غُسْلِ الْحَيْضِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا " وَالْفِرْصَةُ: الْقِطْعَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَنِفَاسٌ مِثْلُهُ، كَمَا يَأْتِي، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ الطِّينَ فَبِمَاءٍ طَهُورٍ
(وَسُنَّ تَوَضُّؤٌ بِمُدٍّ) مِنْ مَاءٍ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَزِنَتُهُ) أَيْ (الْمُدِّ)(مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ) دِرْهَمًا (وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ) إسْلَامِيٍّ
(وَهِيَ) بِالْمَثَاقِيلِ (مِائَةٌ وَعِشْرُونَ مِثْقَالًا وَ) بِالْأَرْطَالِ (رِطْلٌ وَثُلُثٌ عِرَاقِيٌّ وَمَا وَافَقَهُ) فِي زِنَتِهِ مِنْ الْبُلْدَانِ (وَرِطْلٌ وَسُبُعُ) رِطْلٍ (وَثُلُثُ سُبُعِ) رِطْلٍ (مِصْرِيٍّ وَمَا وَافَقَهُ) كَالْمَكِّيِّ.
وَذَلِكَ رِطْلٌ وَأُوقِيَّتَانِ وَسُبُعَا أُوقِيَّةٍ (وَهِيَ ثَلَاثُ أَوَاقٍ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ أُوقِيَّةٍ بِوَزْنِ دِمِشْقَ وَمَا وَافَقَهُ. وَهِيَ أُوقِيَّتَانِ وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ) أُوقِيَّةٍ (ب) الْوَزْنِ (الْحَلَبِيِّ وَمَا وَافَقَهُ. وَ) هِيَ (أُوقِيَّتَانِ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعٍ بِالْقُدْسِيِّ وَمَا وَافَقَهُ) وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْمِيَاهِ بَيَانُ الْمُوَافِقِ لِمَا ذُكِرَ
(وَ) سُنَّ (اغْتِسَالٌ (بِصَاعٍ)) لِحَدِيثِ أَنَسٍ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، فَتَكُونُ (زِنَتُهُ) بِالدِّرْهَمِ (سِتُّمِائَةِ) دِرْهَمٍ (وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ) دِرْهَمًا (وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ) إسْلَامِيٍّ (وَهِيَ بِالْمَثَاقِيلِ أَرْبَعُمِائَةِ) مِثْقَالٍ (وَثَمَانُونَ مِثْقَالًا. وَ) بِالْأَرْطَالِ (خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثِ) رِطْلٍ (عِرَاقِيَّةٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِكَعْبٍ " أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ فَرَقًا مِنْ طَعَامٍ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ النَّاسِ أَعْلَمُهُ أَنَّ الْفَرَقَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ،.
وَالْفَرَقُ بِفَتْحِ الرَّاءِ: سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا بِالْعِرَاقِيِّ. وَيُعْتَبَرُ (بِالْبُرِّ الرَّزِينِ) أَيْ الْجَيِّدِ. وَيَأْتِي أَنَّهُ مَا يُسَاوِي الْعَدَسَ فِي زِنَتِهِ (وَ) ذَلِكَ (أَرْبَعَةُ) أَرْطَالٍ (وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ) رِطْلٍ (وَثُلُثُ سُبْعِ رِطْلٍ مِصْرِيٍّ) وَمَا وَافَقَهُ، أَيْ أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ وَتِسْعُ أَوَاقٍ وَسُبْعُ أُوقِيَّةٍ مِصْرِيَّةٍ (وَ) ذَلِكَ (رِطْلٌ وَسُبْعُ رِطْلٍ دِمَشْقِيٍّ) وَمَا وَافَقَهُ (وَ) ذَلِكَ (إحْدَى عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ) أُوقِيَّةٍ (حَلَبِيَّةٍ) وَمَا وَافَقَهَا (وَ) ذَلِكَ (عَشْرُ أَوَاقٍ وَسُبْعَانِ) مِنْ أُوقِيَّةٍ (قُدْسِيَّةٍ) وَمَا وَافَقَهَا.
قَالَ (الْمُنَقِّحُ وَهَذَا) أَيْ بَيَانُ قَدْرِ الْمُدِّ وَالصَّاعِ بِهَذِهِ الْأَوْزَانِ (يَنْفَعُكَ هُنَا وَفِي الْفِطْرَةِ) أَيْ زَكَاةِ الْفِطْرِ (وَ) فِي (الْفِدْيَةِ) فِي الْحَجِّ وَفِي الْعُمْرَةِ (وَ) فِي (الْكَفَّارَةِ) أَيْ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ وَيَمِينٍ وَنَحْوِهِمَا (وَ) فِي (غَيْرِهَا) كَنَذْرِ الصَّدَقَةِ بِمُدٍّ أَوْ صَاعٍ (وَكُرِهَ) اغْتِسَالٌ (عُرْيَانًا) إنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ وَإِلَّا حُرِّمَ. قَالَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَقَدْ دَخَلَا الْمَاءَ وَعَلَيْهِمَا بُرْدَانِ " إنَّ لِلْمَاءِ سُكَّانًا " وَفِي الْإِقْنَاعِ: لَا بَأْسَ خَالِيًا وَالسَّتْرُ أَفْضُلُ
(وَ) كُرِهَ أَيْضًا (إسْرَافٌ) فِي وُضُوءٍ وَغُسْلٍ، وَلَوْ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ، لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ «إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ: مَا هَذَا السَّرَفُ؟ فَقَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ إسْرَافٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ»
وَ (لَا) يُكْرَهُ (إسْبَاغٌ) فِي وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ (بِدُونِ مَا ذُكِرَ) مِنْ الْوُضُوءِ بِالْمُدِّ وَالْغُسْلِ بِالصَّاعِ. لِحَدِيثِ «عَائِشَةَ كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْإِسْبَاغُ: تَعْمِيمُ الْعُضْوِ بِالْمَاءِ، بِحَيْثُ يَجْرِي عَلَيْهِ ; فَلَا يَكْفِي
مَسْحُهُ وَلَا إمْرَارُ الثَّلْجِ عَلَيْهِ وَلَوْ ابْتَلَّ بِهِ الْعُضْوُ إنْ لَمْ يَذُبْ. وَيَجْرِي عَلَيْهِ
(وَمَنْ نَوَى بِغُسْلٍ رَفْعَ الْحَدَثَيْنِ) الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ وَاغْتَسَلَ أَجْزَأَ عَنْهُمَا
(أَوْ) نَوَى بِغُسْلِهِ رَفْعَ (الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ) فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْأَكْبَرِ وَلَا بِالْأَصْغَرِ أَجْزَأَ عَنْهُمَا
(أَوْ نَوَى بِغُسْلِهِ أَمْرًا) أَيْ فِعْلَ أَمْرٍ (لَا يُبَاحُ إلَّا بِوُضُوءٍ وَغُسْلٍ) كَصَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَاغْتَسَلَ (أَجْزَأَ) الْغُسْلُ (عَنْهُمَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] جَعَلَ الْغُسْلَ غَايَةً لِلْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ.
فَإِذَا اغْتَسَلَ وَجَبَ أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْهَا وَلِأَنَّهُمَا عِبَادَتَانِ مِنْ جِنْسٍ فَدَخَلَتْ الصُّغْرَى فِي الْكُبْرَى، كَالْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ إذَا كَانَ قَارِنًا. وَإِنْ نَوَى الْغُسْلَ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ لِقِرَاءَةٍ ; لَمْ يَرْتَفِعْ الْأَصْغَرُ. وَإِنْ نَوَتْ مَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا حِلَّ الْوَطْءُ بِغُسْلِهَا صَحَّ. وَإِنْ أَحْدَثَ مَنْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثَيْنِ وَنَحْوَهُ فِي أَثْنَاءِ غُسْلِهِ ; أَتَمَّ غُسْلَهُ، ثُمَّ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ تَوَضَّأَ. وَفُهِمَ مِنْهُ: سُقُوطُ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ. وَصَرَّحَ بِهِ قَبْلُ، فَلَوْ اغْتَسَلَ إلَّا أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ، ثُمَّ أَرَادَ غُسْلَهَا مِنْ الْحَدَثَيْنِ لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ فِيهَا وَلَا الْمُوَالَاةُ ; لِأَنَّ حُكْمَ الْجَنَابَةِ بَاقٍ
(وَسُنَّ لِكُلِّ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ غُسْلٌ (مِنْ جُنُبٍ وَلَوْ) كَانَ (أُنْثَى، وَ) مِنْ (حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ انْقَطَعَ دَمُهُمَا: غَسْلُ فَرْجِهِ وَوُضُوءُهُ لِنَوْمٍ) لِمَا فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ» .
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " «ذَكَرَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَضِيَّةَ الْجَنَابَةِ مِنْ اللَّيْلِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ نَمْ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ (وَكُرِهَ تَرْكُهُ) أَيْ تَرْكُ الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ الْوُضُوءَ (لَهُ) أَيْ لِلنَّوْمِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأَكْلِ وَنَحْوِهِ.
(وَ) سُنَّ لِجُنُبٍ أَيْضًا الْوُضُوءُ (لِمُعَاوَدَةِ وَطْءٍ) لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ» .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْحَاكِمُ، وَزَادَ " فَإِنَّهُ أَنْشَطُ "(وَالْغُسْلُ) لِمُعَاوَدَةِ وَطْءٍ (أَفْضَلُ) لِأَنَّهُ أَزْكَى وَأَطْيَبُ وَأَطْهَرُ، كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ
(وَ) سُنَّ أَيْضًا لِجُنُبٍ وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ انْقَطَعَ دَمُهُمَا الْوُضُوءُ (لِأَكْلٍ وَشُرْبٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْجُنُبِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهِمَا فِي مَعْنَاهُ (وَلَا يَضُرُّ نَقْضُهُ) أَيْ الْوُضُوءُ (بَعْدُ) فَلَا تُسَنُّ إعَادَتُهُ. وَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ مَا تَوَضَّأَ لَهُ ; لِأَنَّهُ لِتَخْفِيفِ الْحَدَثِ أَوْ النَّشَاطِ، وَقَدْ حَصَلَ