الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، وَلَا تَمْرٌ إلَى زَبِيبٍ وَنَحْوِهِ، لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا بِخِلَافِ الْأَنْوَاعِ، فَانْقَطَعَ الْقِيَاسُ، فَلَمْ يَجُزْ إيجَابُ زَكَاةٍ بِالتَّحَكُّمِ، وَكَذَا لَا يُضَمُّ زَرْعُ عَامٍ إلَى عَامٍ آخَرَ، وَلَا ثَمَرَةُ عَامٍ لِآخَرَ، وَلَوْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ لِانْفِصَالِ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي) مِلْكُهُ أَيْ: النِّصَابِ (وَقْتَ وُجُوبِهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ، وَيَأْتِي (فَلَا تَجِبُ) زَكَاةٌ (فِي مُكْتَسَبِ لِقَاطٍ، و) لَا فِي (أُجْرَةِ حِصَارٍ) وَنَحْوِهِ وَلَا فِيمَا مُلِكَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ وَنَحْوِهِمَا (وَلَا فِيمَا لَا يُمْلَكُ إلَّا بِأَخْذِهِ) مِنْ الْمُبَاحَاتِ (كَبُطْمٍ وَزَعْبَلٍ) بِوَزْنِ جَعْفَرٍ شَعِيرُ الْجَبَلِ (وَبَزْرِ قُطُوّنَا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ الطَّاءِ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ (وَنَحْوُهُ) كَحَبِّ نَمَّامٍ وَعَفْصٍ وَأُشْنَانٍ وَسِمَاقٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَقْتَ الْوُجُوبِ. وَلَوْ نَبَتَ بِأَرْضِهِ. لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِحَوْزِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ) لِوُجُوبِ زَكَاةٍ (فِعْلُ الزَّرْعِ فَيُزَكِّي نِصَابًا حَصَلَ مِنْ حَبٍّ لَهُ سَقَطَ) لِنَحْوِ سَيْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (ب) أَرْضٍ (مِلْكِهِ أَوْ) بِأَرْضٍ (مُبَاحَةٍ) لِأَنَّهُ مَلَكَهُ وَقْتَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، قُلْت: وَكَذَا لَوْ سَقَطَ بِمَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِهِ إلَّا غَاصِبًا تَمَلَّكَ رَبُّ الْأَرْضِ زَرْعَهُ عَلَى مَا يَأْتِي.
[فَصْلٌ الزَّكَاةُ فِيمَا يُشْرِبُ بِلَا كُلْفَةٍ]
فَصْلٌ وَيَجِبُ فِيمَا يُشْرَبُ بِلَا كُلْفَةٍ مِمَّا تَقَدَّمَ: إنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيهِ (ك) الَّذِي يَشْرَبُ (بِعُرُوقِهِ) وَيُسَمَّى بَعْلًا (وَ) كَاَلَّذِي يَشْرَبُ ب (غَيْثٍ) وَهُوَ الَّذِي يُزْرَعُ عَلَى الْمَطَرِ (وَ) الَّذِي يُشْرَبُ (بِسَيْحٍ) أَيْ: مَاءٍ جَارٍ عَلَى وَجْهِ أَرْضٍ كَنَهْرٍ وَعَيْنٍ (وَلَوْ) كَانَ السَّقْيُ (بِإِجْرَاءِ مَاءِ حَفِيرَةٍ) حَصَلَ فِيهَا مِنْ نَحْوِ مَطَرٍ أَوْ نَهْرٍ (شَرَاهُ) أَيْ: الْمَاءَ، رَبُّ زَرْعٍ وَثَمَرٍ (الْعُشْرُ) فَاعِلُ يَجِبُ، لِلْخَبَرِ وَلِنُدْرَةِ هَذِهِ الْمُؤْنَةِ، وَهِيَ فِي مِلْكِ الْمَاءِ. لَا فِي السَّقْيِ بِهِ (وَلَا تُؤَثِّرُ مُؤْنَةُ حَفْرِ نَهْرٍ) وَقَنَاةٌ لِقِلَّتِهَا، وَلِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ إحْيَاءِ الْأَرْضِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ (وَ) لَا تُؤَثِّرُ مُؤْنَةُ (تَحْوِيلِ مَاءٍ) فِي سَوَاقٍ وَإِصْلَاحِ طُرُقِهِ ; لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ حَتَّى فِي السَّقْيِ بِكُلْفَةٍ، فَهُوَ كَحَرْثِ الْأَرْضِ (و) يَجِبُ فِيمَا يَشْرَبُ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ (بِهَا، كَدَوَالٍ) جَمْعُ دَالِيَةٍ دُولَابٌ تُدِيرُهُ الْبَقَرُ، أَوْ دِلَاءٌ صِغَارٌ يَسْتَقِي بِهَا.
(وَ) ك (نَوَاضِحَ) جَمْعُ نَاضِحٍ أَوْ نَاضِحَةٍ، الْبَعِيرُ يَسْتَقِي عَلَيْهِ، وَكَنَاعُورَةِ دُولَابٍ يُدِيرُهُ الْمَاءُ (وَ) ك (تَرْقِيَةُ) الْمَاءِ. (بِغَرْفٍ وَنَحْوِهِ: نِصْفُهُ) أَيْ الْعُشْرِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا
«فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَلِلنَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ بَعْلًا: الْعُشْرُ فِيمَا سَقَى السَّوَاقِي وَالنَّضْحُ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَالسَّوَاقِي وَالنَّوَاضِحُ الْإِبِلُ يَسْتَقِي عَلَيْهِمَا سَقْيَ الْأَرْضِ ; وَلِأَنَّ الْمَالَ يَحْتَمِلُ مِنْ الْمُوَاسَاةِ عِنْدَ خِفَّةِ الْمُؤْنَةِ مَا لَا يَحْتَمِلُ عِنْدَ كَثْرَتِهِمَا (وَ) يَجِبُ (فِيمَا يُشْرِبُ بِهِمَا) أَيْ: بِكُلْفَةٍ وَغَيْرِ كُلْفَةٍ (نِصْفَانِ) أَيْ: نِصْفُ مُدَّتِهِ بِلَا كُلْفَةٍ وَنِصْفُهَا بِكُلْفَةٍ (بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ) أَيْ: الْعُشْرِ، وَنِصْفُهُ لِنِصْفِ الْعَامِ بِلَا كُلْفَةٍ وَرُبْعُهُ لِلْآخَرِ (فَإِنْ تَفَاوَتَا) أَيْ: السَّقْيُ بِكُلْفَةٍ وَالسَّقْيُ بِغَيْرِهَا، بِأَنْ سُقِيَ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ (فَالْحُكْمُ لِأَكْثَرِهِمَا) أَيْ: السَّقْيَيْنِ (نَفْعًا وَنُمُوًّا) نَصًّا، فَلَا اعْتِبَارَ بِعَدَدِ السَّقْيَات ; لِأَنَّ الْأَكْثَرَ مُلْحَقٌ بِالْكُلِّ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ فَكَذَا هُنَا.
(فَإِنْ جُهِلَ) مِقْدَارُ السَّقْيِ فَلَمْ يُدْرَ أَيَّهُمَا أَكْثَرُ أَوْ جُهِلَ الْأَكْثَرُ نَفْعًا وَنُمُوًّا (فَالْعُشْرُ) وَاجِبٌ احْتِيَاطًا لِأَنَّ تَمَامَ الْعُشْرِ تَعَارَضَ فِيهِ مُوجِبٌ وَمُسْقِطٌ فَغَلَبَ الْمُوجِبُ لِيَخْرُجَ مِنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ وَمَنْ لَهُ حَائِطَانِ ضُمَّا فِي النِّصَابِ لِكُلٍّ حُكْمُ نَفْسِهِ فِي السَّقْيِ بِكُلْفَةٍ وَغَيْرِهَا.
(وَيُصَدَّقُ مَالِكٌ) اُدْعِي السَّقْيَ بِكُلْفَةٍ وَأَنْكَرَ سَاعٍ (فِيمَا سَقَى بِهِ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُسْتَحْلَفُونَ عَلَى صَدَقَاتِهِمْ.
(وَوَقْتُ وُجُوبِ) زَكَاةٍ (فِي حَبٍّ إذْ اشْتَدَّ) لِأَنَّ اشْتِدَادَهُ حَالَ صَلَاحِهِ لِلْأَخْذِ وَالتَّوْسِيقِ وَالِادِّخَارِ (وَ) وَقْتُ وُجُوبِهَا (وَفِي ثَمَرَةٍ إذَا بَدَا صَلَاحُهَا) أَيْ بِطِيبِ أَكْلِهَا وَظُهُورِ نُضْجِهَا ; لِأَنَّهُ وَقْتُ الْخَرْصِ الْمَأْمُورِ بِهِ لِحِفْظِ الزَّكَاةِ وَمَعْرِفَةِ قَدْرِهَا فَدَلَّ عَلَى تَعَلُّقِ وُجُوبِهَا بِهِ ; وَلِأَنَّ الْحَبَّ وَالثَّمَرَ فِي الْحَالَيْنِ يُقْصَدَانِ لِلْأَكْلِ وَالِاقْتِيَاتِ، وَفِي نَحْوِ صَعْتَرٍ وَوَرَقِ سِدْرٍ اسْتِحْقَاقُهُ: أَنْ يُؤْخَذَ عَادَةً.
(فَلَوْ بَاعَ) مَالِكُ (الْحَبِّ أَوْ الثَّمَرَةِ) أَوْ وَهَبَهُمَا وَنَحْوَهُ بَعْدُ (أَوْ تَلِفَا) أَيْ: الْحَبُّ وَالثَّمَرَةُ (بِتَعَدِّيهِ) أَيْ: الْمَالِكِ أَوْ تَفْرِيطِهِ (بَعْدَ) الِاشْتِدَادِ وَبُدُوِّ الصَّلَاحِ (لَمْ تَسْقُطْ) زَكَاتُهُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ بَعْدُ، وَلَهُ وَرَثَةٌ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابًا، أَوْ كَانُوا مَدِينَيْنِ وَنَحْوَهُ.
(وَيَصِحُّ) مِمَّنْ بَاعَ حَبًّا أَوْ ثَمَرَةً بَعْدَ الْوُجُوبِ (اشْتِرَاطُ الْإِخْرَاجِ) لِلزَّكَاةِ (عَلَى مُشْتَرٍ) لِلْعِلْمِ بِهَا، فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى قَدْرَهَا، وَوَكَّلَهُ فِي إخْرَاجِهَا حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَتْ مِنْ مُشْتَرٍ طُولِبَ بِهَا بَائِعٌ. وَيُفَارِقُ مَا إذَا اسْتَثْنَى زَكَاةَ نِصَابِ مَاشِيَةِ لِلْجَهَالَةِ، أَوْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِأَصْلِهِ، وَشَرَطَ عَلَى بَائِعِ
زَكَاتَهُ، لِأَنَّهَا لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْعِوَضِ الَّذِي يَصِير إلَيْهِ.
(وَ) إنْ بَاعَ الْحَبَّ أَوْ الثَّمَرَةَ أَوْ تَلِفَا بِتَعَدِّيهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ (قِيلَ) اشْتِدَادٌ أَوْ بُدُوُّ صَلَاحٍ (فَلَا زَكَاةَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا وَقْتَ الْوُجُوبِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ قَبْلُ وَلَهُ وَرَثَةٌ مَدِينُونَ، أَوْ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابًا (إلَّا إنْ قَصَدَ) بِبَيْعِهِ أَوْ إتْلَافِهِ قَبْلَ وُجُوبِهَا (الْفِرَارَ مِنْهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ، فَلَا تَسْقُطُ وَتُقَدَّمُ (وَتُقْبَلُ) مِنْهُ (دَعْوَى عَدَمِهِ) أَيْ: الْفِرَارِ بِلَا قَرِينَةٍ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَ) يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى (التَّلَفِ) لِلْمَالِ قَبْلَ وُجُوبِ زَكَاتِهِ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِ (بِلَا يَمِينٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ اُتُّهِمَ) فِيهِ لِتَعَذُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ) أَيْ التَّلَفَ (ب) سَبَبٍ (ظَاهِرٍ) كَحَرِيقٍ وَجَرَادٍ (فَكُلِّفَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ) أَيْ: إنَّ السَّبَبَ وُجِدَ لِإِمْكَانِهَا (ثُمَّ يُصَدَّقُ فِيمَا تَلِفَ) مِنْ مَالِهِ بِذَلِكَ كَالْوَدِيعِ وَالْوَكِيلِ.
(وَلَا تَسْتَقِرُّ) زَكَاةُ نَحْوِ حَبٍّ وَثَمَرَةٍ (إلَّا بِجُعْلٍ) لَهُ (فِي جَرِينٍ) مَوْضِعُ تَشْمِيسِهَا. يُسَمَّى بِذَلِكَ بِمِصْرَ وَالْعِرَاقِ (أَوْ بَيْدَرٍ) هُوَ اسْمُهُ بِالشَّرْقِ وَالشَّامِ (أَوْ مِسْطَاحٍ) هُوَ اسْمُهُ بِلُغَةِ آخَرِينَ (وَنَحْوِهَا) كَالْمِرْبَدِ، وَهُوَ بِلُغَةِ الْحِجَازِ. .
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْخَارِصَ إذَا خَرَصَ الثَّمَرَ ثُمَّ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ قَبْلَ الْجِذَاذِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ ; لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مَا لَا تَثْبُتُ الْيَدُ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ فَإِنْ تَلِفَ الْبَعْضُ فَإِنْ بَلَغَ الْبَاقِي نِصَابًا زَكَّاهُ، وَإِلَّا فَلَا (يَلْزَمُ) رَبَّ مَالٍ (إخْرَاجُ حَبٍّ مُصَفًّى) مِنْ تِبْنِهِ وَقِشْرِهِ.
(وَ) إخْرَاجُ (ثَمَرٍ يَابِسٍ) لِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَخْرُصَ الْعِنَبَ زَبِيبًا كَمَا يَخْرُصَ التَّمْرَ» وَلَا يُسَمَّى زَبِيبًا وَتَمْرًا حَقِيقَةً إلَّا الْيَابِسُ وَقِيسَ الْبَاقِي عَلَيْهِمَا وَلِأَنَّ حَالَ تَصْفِيَةِ الْحَبِّ وَجَفَافِ التَّمْرِ حَالَ كَمَالٍ وَنِهَايَةُ صِفَاتِ ادِّخَارِهِ وَوَقْتِ لُزُومِ الْإِخْرَاجِ مِنْهُ (وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ) مِنْ الْأَصْحَابِ يَلْزَمُ الْإِخْرَاجُ كَذَلِكَ.
(وَلَوْ اُحْتِيجَ إلَى قَطْعِ مَا بَدَا صَلَاحُهُ قَبْلَ كَمَالِهِ لِضَعْفِ أَصْلٍ) هـ (أَوْ) ل (خَوْفِ عَطَشٍ أَوْ) ل (تَحْسِينِ بَقِيَّةٍ أَوْ) وَجَبَ قَطْعُهُ (لِكَوْنِ رَطْبِهِ لَا يُتْمَرُ) أَيْ: لَا يَصِيرُ تَمْرًا (أَوْ) لِكَوْنِ (عِنَبِهِ لَا يُزَبَّبْ) أَيْ: لَا يَصِيرُ زَبِيبًا، فَيَخْرُجُ عَنْهُ تَمْرًا وَزَبِيبًا، وَإِنْ قَطَعَهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ لِمُصْلِحَةٍ مَا غَيْرَ فَارٍّ مِنْهَا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ (وَيُعْتَبَرُ نِصَابُهُ يَابِسًا) بِحَسَبِ مَا يَئُولَ إلَيْهِ إذَا جَفَّ. وَإِنْ أَخْرَجَهَا مَالِكٌ سُنْبُلًا وَرَطْبًا وَعِنَبًا إلَى مَنْ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ لِنَفْسِهِ لَمْ يُجْزِهِ وكَانَتْ نَفْلًا. كَإِخْرَاجِ صَغِيرَةٍ مِنْ مَاشِيَةٍ عَنْ كِبَارٍ، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْهُ
سَاعٍ كَذَلِكَ، فَقَدْ أَسَاءَ وَيَرُدُّهُ إنْ بَقِيَ بِحَالِهِ، وَإِنْ تَلِفَ رَدَّ مِثْلَهُ، وَإِنْ جَفَّفَهُ وَصَفَّاهُ وَكَانَ قَدْرَ الْوَاجِبِ فَقَدْ اسْتَوْفَاهُ. وَإِنْ كَانَ دُونَهُ أَخَذَ الْبَاقِيَ وَإِنْ زَادَ رَدَّ الْفَضْلَ.
(وَيَحْرُمُ الْقَطْعُ) لِلثَّمَرِ (مَعَ حُضُورِ سَاعٍ بِلَا إذْنِهِ) لِحَقِّ أَهْلِ الزَّكَاةِ فِيهَا وَكَوْنِ السَّاعِي كَالْوَكِيلِ عَنْهُمْ، وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ بِحَسَبِ الْغَالِبِ.
(وَ) يَحْرُمُ عَلَى مُزَكٍّ، مُتَصَدِّقٍ (شِرَاءُ زَكَاتِهِ أَوْ صَدَقَتِهِ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَخْذِهَا مِنْهُ (وَلَا يَصِحُّ) الشِّرَاءُ لِحَدِيثِ عُمَرَ «لَا تَشْتَرِهِ وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِك وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَته كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَحَسْمًا لِمَادَّةِ اسْتِرْجَاعِ شَيْءٍ مِنْهَا حَيَاءً أَوْ طَمَعًا فِي مِثْلِهَا أَوْ خَوْفًا أَنْ لَا يُعْطِيَهُ بَعْدُ، فَإِنْ عَادَتْ إلَيْهِ بِنَحْوِ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ دَيْنٍ خَلَتْ لِلْخَبَرِ.
(وَسُنَّ) لِإِمَامٍ (بَعْثُ خَارِصٍ) أَيْ: حَازِرٍ يَطُوفُ بِالنَّخْلِ وَالْكَرْمِ ثُمَّ يُحْرِزُ قَدْرَ مَا عَلَيْهَا جَافًّا (لِثَمَرَةِ نَخْلٍ وَكَرْمٍ بَدَا صَلَاحُهَا) أَيْ: الثَّمَرَةِ. لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إلَى يَهُودَ لِيَخْرُصَ عَلَيْهِمْ النَّخْلَ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد «لِكَيْ يُحْصِيَ الزَّكَاةَ قَبْلَ أَنْ تُؤْكَلَ الثِّمَارُ وَتُفَرَّقَ» و «خَرَصَ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرَأَةٍ بِوَادِ الْقُرَى حَدِيقَةً لَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَهُوَ اجْتِهَادٌ فِي مَعْرِفَةِ الْحَقِّ بِغَالِبِ الظَّنِّ، فَجَازَ كَتَقْوِيمِ الْمُتْلِفَاتِ، وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى اسْتِحْبَابَهُ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما (وَيَكْفِي) خَارِصٌ (وَاحِدٌ) لِأَنَّهُ يُنَفِّذُ مَا اجْتَهَدَ فِيهِ كَحَاكِمٍ وَقَائِفٍ.
(وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ) أَيْ: الْخَارِصِ (مُسْلِمًا أَمِينًا لَا يُتَّهَمُ) بِكَوْنِهِ مِنْ عَمُودِيِّ نَسَبٍ مَخْرُوصٍ عَلَيْهِ دَفْعًا لِلرِّيبَةِ (خَبِيرًا) بِخَرْصٍ، وَلَوْ قِنًّا ; لِأَنَّ غَيْرَ الْخَبِيرِ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ وَلَا يُوثَقُ بِقَوْلِهِ (وَأُجْرَتُهُ) أَيْ: الْخَارِصِ (عَلَى رَبِّ الْمَالِ) لِعَمَلِهِ فِي مَالِهِ (وَإِلَّا) يَبْعَثْ إمَامٌ خَارِصًا (فَعَلَيْهِ) أَيْ: مَالِكِ نَخْلٍ وَكَرْمٍ (مَا يَفْعَلُهُ خَارِصٌ) فَيَخْرُصُ الثَّمَرَةَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِثِقَةِ عَارِفٍ (لِيَعْرِفَ) قَدْرَ (مَا يَجِبُ) عَلَيْهِ زَكَاةً (قَبْلَ تَصَرُّفِهِ) فِي الثَّمَرِ ; لِأَنَّهُ مُسْتَخْلَفٌ فِيهِ، وَإِنْ أَرَادَ بَقَاءَهُ إلَى الْجِذَاذِ وَالْجَفَافِ لَمْ يَحْتَجْ لِخَرْصٍ.
(وَلَهُ) أَيْ: الْخَارِصِ أَوْ رَبِّ الْمَالِ إنْ لَمْ يُبْعَثْ لَهُ خَارِصٌ (الْخَرْصُ كَيْفَ شَاءَ) إنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ فَإِنْ شَاءَ خَرَصَ كُلَّ نَخْلَةٍ أَوْ كَرْمَةٍ عَلَى حِدَةٍ أَوْ خَرَصَ الْجَمِيعَ دُفْعَةً بِأَنْ يَطُوفَ بِهِ وَيَنْظُرَ كَمْ فِيهِ رُطَبًا أَوْ عِنَبًا، ثُمَّ كَمْ يَجِيءُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا.
(وَيَجِبُ خَرْصُ) ثَمَرٍ (مُتَنَوِّعٍ) كُلُّ نَوْعٍ عَلَى حِدَةٍ.
(وَ) يَجِبُ (تَزْكِيَتُهُ) أَيْ: الْمُتَنَوِّعِ
مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ (كُلُّ نَوْعٍ عَلَى حِدَتِهِ) فَيَخْرُجُ عَنْ الْجَيِّدِ جَيِّدًا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ رَدِيءٌ، وَلَا يُلْزَمُ بِإِخْرَاجِ جَيِّدٍ عَنْ رَدِيءٍ (وَلَوْ شُقَّا) أَيْ: خَرْصٌ وَتَزْكِيَةُ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى حِدَةٍ لِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ حَالَ الْجَفَافِ قِلَّةً وَكَثْرَةً بِحَسَبِ اللُّجَمِ وَالْمَاوِيَّةِ.
(وَيَجِبُ تَرْكُهُ) أَيْ: الْخَارِصِ (لِرَبِّ الْمَالِ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ فَيَجْتَهِدُ) خَارِصٌ فِي أَيِّهِمَا يَتْرُكُ (بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ) لِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ مَرْفُوعًا «فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبْعَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. وَلِمَا يَعْرِضُ لِلثِّمَارِ (فَإِنْ أَبَى) خَارِصٌ التَّرْكَ (فَلِرَبِّ الْمَالِ أَكْلُ قَدْرِ ذَلِكَ) أَيْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ (مِنْ ثَمَرٍ) نَصًّا.
(وَ) يَأْكُلُ مَالِكٌ (مِنْ حَبِّ الْعَادَةِ وَمَا يَحْتَاجُهُ وَلَا يَحْتَسِبُ) ذَلِكَ (عَلَيْهِ) .
قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ " لَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ مِنْ غَلَّتِهِ بِقَدْرِ مَا يَأْكُلُ هُوَ وَعِيَالُهُ وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ "(وَيَكْمُلُ بِهِ) أَيْ: بِمَالِهِ أَكَلَهُ (النِّصَابُ إنْ لَمْ يَأْكُلْهُ) لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكَلَهُ (وَتُؤْخَذُ زَكَاةُ مَا سِوَاهُ بِالْقِسْطِ) فَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ كُلُّهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا حَسَبَ الرُّبْعَ الَّذِي كَانَ لَهُ أَكْلُهُ مِنْ النِّصَابِ فَيَكْمُلُ، وَتُؤْخَذُ مِنْهُ زَكَاةُ الْبَاقِي وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَوْسُقٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ وَسْقٍ.
(وَلَا يُهْدِي) رَبُّ الْمَالِ مِنْ الزَّرْعِ.
قَالَ أَحْمَدُ وَقَدْ سَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ فَرِيكِ السُّنْبُلِ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ صَاحِبُهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، قَالَ: فَيُهْدِي لِلْقَوْمِ مِنْهُ؟ قَالَ: لَا، حَتَّى يُقْسَمَ.
وَأَمَّا الثَّمَرُ فَمَا تَرَكَهُ خَارِصٌ لَهُ صَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ (وَيُزَكِّي) رَبُّ مَالٍ (مَا تَرَكَهُ خَارِصٌ مِنْ الْوَاجِبِ) نَصًّا ; لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِتَرْكِ الْخَارِصِ (وَ) يُزَكِّي رَبُّ الْمَالِ (مَا زَادَ عَلَى قَوْلِهِ) أَيْ الْخَارِصِ أَنَّهُ يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرٌ أَوْ زَبِيبٌ كَذَا (عِنْدَ جَفَافٍ) لِمَا سَبَقَ. (وَلَا) يُزَكِّي رَبُّ مَالٍ (عَلَى قَوْلِهِ) أَيْ: الْخَارِصِ (إنْ نَقَصَ) الثَّمَرُ عَمَّا قَالَهُ ; لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيمَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ. وَإِنْ ادَّعَى غَلَطَ خَارِصٍ وَاحْتَمَلَ قَبْلَ قَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ وَلَا كَغَلَطٍ نَحْوِ نِصْفٍ لَمْ يُقْبَلْ ; لِأَنَّهُ كَذِبٌ كَدَعْوَاهُ كَذِبَ خَارِصٍ عَمْدًا. وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدَيَّ إلَّا كَذَا قَبْلَ قَوْلِهِ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ بَعْضُهُ بِآفَةٍ لَا يَعْلَمُهَا.
(وَمَا تَلِفَ) مِنْ ثَمَرٍ (عِنَبًا أَوْ رُطَبًا بِفِعْلِ مَالِكٍ) هِمَا (أَوْ ب) تَفْرِيطِهِ (ضَمِنَ زَكَاتَهُ) أَيْ: التَّالِفَ (بِخَرِصَةٍ زَبِيبًا أَوْ تَمْرًا) أَيْ: بِمَا كَانَ يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا لَوْ لَمْ يَتْلَفْ ; لِأَنَّ الْمَالِكَ يَلْزَمُهُ تَجْفِيفُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ