الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي النِّهَايَةِ: يُكْرَهُ (وَلَا) يَنْجُسُ (بَاطِنُ بَيْضَةِ مَأْكُولٍ) كَدَجَاجٍ بِمَوْتِهِ (صُلْبٌ قِشْرُهَا) لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْوَلَدَ، وَكَرَاهِيَةُ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ تُحْمَلُ عَلَى التَّنْزِيهِ، اسْتِقْذَارًا لَهَا. فَإِنْ لَمْ يَصْلُبْ قِشْرُهَا فَنَجِسَةٌ، لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ الْمَيْتَةِ (وَمَا أُبِينَ مِنْ) حَيَوَانٍ (حَيٍّ فَ) هُوَ (كَمَيْتَتِهِ) طَهَارَةً وَنَجَاسَةً، فَمَا قُطِعَ مِنْ السَّمَكِ مَعَ بَقَاء حَيَاتِهِ طَاهِرٌ، بِخِلَافِ مَا قُطِعَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، إلَّا نَحْوَ الطَّرِيدَةِ، وَالْمِسْكِ وَفَأْرَتِهِ، وَكَذَا مَا يَتَسَاقَطُ مِنْ قُرُونِ الْوُعُولِ فِي حَيَاتِهَا، وَفِيهِ احْتِمَالٌ بِطَهَارَتِهَا كَالشَّعْرِ، ذَكَرَهُ فِي الشَّرْح.
(تَتِمَّةٌ) جِلْدُ الثَّعْلَبِ كَلَحْمِهِ، أَيْ نَجِسٌ. (وَسُنَّ تَخْمِيرُ) أَيْ تَغْطِيَةُ (آنِيَةٍ وَإِيكَاءُ) أَيْ رَبْطُ فَمِ (أَسْقِيَةٍ) جَمْعُ سِقَاءٍ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ: السِّقَاءُ كَكِسَاءٍ جِلْدُ السَّخْلَةِ إذَا أَجْذَعَ، يَكُونُ لِلْمَاءِ وَاللَّبَنِ انْتَهَى لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُغَطِّيَ الْإِنَاءَ وَنُوكِي السِّقَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
[بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ]
ِ مِنْ نَجَوْتُ الشَّجَرَةَ، أَيْ قَطَعْتهَا، لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الْأَذَى، أَوْ مِنْ النَّجْوَةِ، وَهِيَ مَا يَرْتَفِعُ مِنْ الْأَرْضِ، لِأَنَّ قَاضِيَ الْحَاجَةِ يَسْتَتِرُ بِهَا. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَاسْتَطَابَ وَاسْتَنْجَى، كَأَطَابَ انْتَهَى. فَيُسَمَّى اسْتِطَابَةً. وَشَرْعًا (إزَالَةُ خَارِجٍ) مُعْتَادٍ وَغَيْرِهِ (مِنْ سَبِيلٍ) أَصْلِيٍّ، قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ (بِمَاءٍ) طَهُورٍ (أَوْ) إزَالَةُ حُكْمِهِ بِمَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَاءِ مِنْ (حَجَرٍ وَنَحْوه) كَخَشَبٍ وَخَزَفٍ، وَيُسَمَّى بِالْحَجَرِ اسْتِجْمَارًا أَيْضًا مِنْ الْجِمَارِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الصِّغَارُ.
(يُسَنُّ لِدَاخِلِ خَلَاءٍ) بِالْمَدِّ، أَيْ مَا أُعِدَّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَأَصْلُهُ الْمَكَانُ الْخَالِي، يُسَمَّى بِهِ مَوْضِعُ الْحَاجَةِ بِخَلَائِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا الَّذِي لَا شَيْءَ فِيهِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ دَاخِلِ الْخَلَاءِ، كَالْمُرِيدِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ بِنَحْوِ صَحْرَاءَ (قَوْلُ: بِسْمِ اللَّهِ) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا «سِتْرُ مَا بَيْنَ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إذَا دَخَلَ الْكَنِيفَ، أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: لَيْسَ إسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ.
(أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخُبْثِ) بِإِسْكَانِ الْبَاءِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: أَنَّهُ أَكْثَرُ رِوَايَاتِ الشُّيُوخِ، وَفَسَّرَهُ بِالشَّرِّ (وَالْخَبَائِثَ) بِالشَّيَاطِينِ، فَكَأَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْ الشَّرِّ وَأَهْلِهِ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: بَلْ هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ، وَهُوَ جَمْعُ خَبِيثٍ، وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ، وَكَأَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْ ذُكْرَانِ
الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثِهِمْ. وَقِيلَ: الْخُبْثُ الْكُفْرُ، وَالْخَبَائِثُ الشَّيَاطِينُ (الرَّجِسُ) الْقَذَرُ. وَيُحَرَّكُ، وَتُفْتَحُ الرَّاءُ وَتُكْسَرُ الْجِيمِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ (النَّجَسُ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ نَجِسَ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: إذَا قَالُوهُ مَعَ الرِّجْسِ أَتْبَعُوهُ إيَّاهُ، أَيْ قَالُوهُ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ.
(الشَّيْطَانُ) مِنْ شَطَنَ أَيْ بَعُدَ، وَمِنْهُ دَارٌ شَطُونٌ، أَيْ بَعِيدَةٌ لِبُعْدِهِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، أَوْ مِنْ شَاطَ أَيْ هَلَكَ، لِهَلَاكِهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ (الرَّجِيمُ) إمَّا بِمَعْنَى رَاجِمٍ، لِأَنَّهُ يَرْجُمُ غَيْرَهُ بِالْإِغْوَاءِ، أَوْ بِمَعْنَى مَرْجُومٍ، لِأَنَّهُ يُرْجَمُ بِالْكَوَاكِبِ إذَا اسْتَرَقَ السَّمْعَ. وَرَوَى أَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِلْبُخَارِيِّ " إذَا أَرَادَ دُخُولَهُ ".
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ " أَعُوذُ بِاَللَّهِ " وَرَوَى أَبُو أُمَامَةَ مَرْفُوعًا «لَا يَعْجِزُ أَحَدُكُمْ إذَا دَخَلَ مِرْفَقَهُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الرِّجْسِ النَّجِسِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ: جَمْعٌ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ.
(وَ) يُسَنُّ لِدَاخِلِ خَلَاءٍ وَنَحْوَهُ (انْتِعَالُهُ وَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ) ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ إذَا دَخَلَ الْمِرْفَقَ لَبِسَ حِذَاءَهُ وَغَطَّى رَأْسَهُ الشَّرِيفَ» رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ مُرْسَلًا (وَ) يُسَنُّ لَهُ (تَقْدِيمُ يُسْرَاهُ) أَيْ: رِجْلِهِ الْيُسْرَى (دُخُولًا) ; لِأَنَّهَا لِمَا خَبُثَ.
وَرَوَى الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " مَنْ بَدَأَ بِرِجْلِهِ الْيُمْنَى قَبْلَ يُسْرَاهُ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ اُبْتُلِيَ بِالْفَقْرِ "(وَ) يُسَنُّ (اعْتِمَادُهُ عَلَيْهَا) أَيْ: رِجْلِهِ الْيُسْرَى (جَالِسًا) أَيْ: حَالَ جُلُوسِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، لِحَدِيثِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ «أَمَرَنَا الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَّكِئَ عَلَى الْيُسْرَى، وَأَنْ نَنْصِبَ الْيُمْنَى» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ ; وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ.
(وَ) يُسَنُّ لَهُ تَقْدِيمُ (يُمْنَاهُ خُرُوجًا) ; لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِالتَّقْدِيمِ إلَى الْأَمَاكِنِ الطَّيِّبَةِ (كَخَلْعٍ) أَيْ: كَمَا تُقَدَّمُ الْيُسْرَى فِي خَلْعِ نَحْو خُفٍّ وَنَعْلٍ، وَنَحْوِ قَمِيصٍ، وَسَرَاوِيلَ (وَعَكْسِهِ) أَيْ: عَكْسِ ذَلِكَ (مَسْجِدٌ) وَمَنْزِلٌ (وَانْتِعَالٌ) وَلُبْسُ نَحْو قَمِيصٍ وَخُفٍّ وَسَرَاوِيلَ، فَيُقَدِّمُ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ، لِمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الصَّغِيرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى، وَإِذَا خَلَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُسْرَى» .
(وَ) يُسَنُّ لَهُ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ (بِفَضَاءٍ بَعُدَ) حَتَّى لَا يُرَى، لِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ إذَا أَرَادَ الْبَرَازَ انْطَلَقَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَتِرْ بِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ»
مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ.
(وَ) يُسَنُّ لَهُ (طَلَبُ مَكَانٍ رَخْوٍ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ - يَبُولُ فِيهِ، لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى قَالَ:«كُنْت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَأَرَادَ أَنْ يَبُولَ، فَأَتَى دَمِثًا فِي أَصْلِ جِدَارٍ فَبَالَ، ثُمَّ قَالَ: إذَا بَال أَحَدُكُمْ فَلْيَرْتَدَّ لِبَوْلِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
وَفِي التَّبْصِرَةِ: وَيَقْصِدُ مَكَانًا عُلْوًا انْتَهَى، أَيْ: لِيَنْحَدِرَ عَنْهُ الْبَوْلُ (وَ) يُسَنُّ لَهُ إنْ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا رِخْوًا (لَصْقُ ذَكَرِهِ بِصُلْبٍ) بِضَمِّ الصَّادِ، أَيْ: شَدِيدٍ، لِيَأْمَنَ بِذَلِكَ مِنْ رَشَاشِ الْبَوْلِ (وَكُرِهَ) لَهُ (رَفْعُ ثَوْبِهِ قَبْلَ دُنُوِّهِ مِنْ الْأَرْضِ) بِلَا حَاجَةٍ إنْ لَمْ يَبُلْ قَائِمًا، لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ، وَسَمَّاهُ بَعْضُهُمْ الْقَاسِمَ بْنَ حَمَدٍ - عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ إذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ لَمْ يَرْفَعْ ثَوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنْ الْأَرْضِ» وَلِأَنَّهُ أَسْتَرُ. .
(وَ) كُرِهَ لَهُ أَيْضًا (أَنْ يَصْحَبَ مَا فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى) لِحَدِيثِ أَنَسٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ نَزَعَ خَاتَمَهُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَحْمَدَ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ نَقْشَ خَاتَمِهِ (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) وَتَعْظِيمًا لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ مَوْضِعِ الْقَاذُورَاتِ (بِلَا حَاجَةٍ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْفَظُهُ، وَخَافَ ضَيَاعَهُ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِتَحْرِيمِهِ بِمُصْحَفٍ، قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: لَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ قَطْعًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَلَا يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا عَاقِلٌ.
وَ (لَا) يُكْرَهُ أَنْ يَصْحَبَ (دَرَاهِمَ وَنَحْوَهَا) كَدَنَانِيرَ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ عَنْهَا وَمِثْلُهَا حِرْزٌ قَالَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ وَأَوْلَى (لَكِنْ يَجْعَلُ فَصَّ خَاتَمٍ) احْتَاجَ أَنْ يَصْحَبَهُ مَعَهُ وَفِيهِ اسْمُ اللَّهِ (بِبَاطِنِ كَفِّ) يَدٍ (يُمْنَى) نَصًّا، لِئَلَّا يَمَسَّ النَّجَاسَةَ أَوْ يُقَابِلَهَا.
(وَ) يُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا (اسْتِقْبَالُ شَمْسٍ وَقَمَرٍ) لِمَا فِيهِمَا مِنْ نُورِ اللَّهِ تَعَالَى،.
وَرُوِيَ أَنَّ مَعَهُمَا مَلَائِكَةً. وَأَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَكْتُوبَةٌ عَلْيِهِمَا.
(وَ) يُكْرَه لَهُ اسْتِقْبَالُ (مَهَبِّ الرِّيحِ) لِئَلَّا يَرُدَّ عَلَيْهِ الْبَوْلَ، فَيُنَجِّسَهُ.
(وَ) يُكْرَهُ لَهُ (مَسُّ فَرْجِهِ) بِيَمِينِهِ (وَاسْتِجْمَارُهُ بِيَمِينِهِ) لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ مَرْفُوعًا «لَا يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَبُولُ، وَلَا يَتَمَسَّحْ مِنْ الْخَلَاءِ بِيَمِينِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ سَلْمَانَ «نَهَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَذَا، وَأَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ» . وَكَذَا فَرْجٌ أُبِيحَ لَهُ مَسُّهُ (بِلَا حَاجَةٍ) إلَى مَسِّهِ بِالْيَمِينِ فَإِنْ كَانَ مِنْ غَائِطٍ أَخَذَ الْحَجَرَ بِيَسَارِهِ فَمَسَحَ بِهِ وَمِنْ بَوْلٍ أَمْسَكَ ذَكَرَهُ بِيَسَارِهِ فَمَسَحَهُ عَلَى الْحَجَرِ، وَنَحْوِهِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى يَمِينِهِ (لِصِغَرِ حَجَرٍ تَعَذَّرَ وَضْعُهُ بَيْنَ عَقِبَيْهِ) تَثْنِيَةُ عَقِبٍ، كَكَتِفٍ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ (أَوْ) تَعَذَّرَ وَضْعُهُ بَيْنَ (إصْبَعَيْهِ) أَيْ إبْهَامَيْ رِجْلَيْهِ (فَيَأْخُذُهُ) أَيْ الْحَجَرَ (بِهَا)
أَيْ: بِيَمِينِهِ (وَيَمْسَحُ بِشِمَالِهِ) فَتَكُونُ الْيُسْرَى هِيَ الْمُحَرِّكَةُ فَإِنْ كَانَ أَقْطَعَ الْيُسْرَى، أَوْ بِهَا مَرَضٌ، اسْتَجْمَرَ بِيَمِينِهِ.
قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: يَمِينُهُ أَوْلَى مِنْ يَسَارِ غَيْرِهِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ وَضْعُ الْحَجَرِ بَيْنَ عَقِبَيْهِ أَوْ إبْهَامَيْهِ كُرِهَ مَسْكُهُ بِيَمِينِهِ، لَا الِاسْتِعَانَةُ بِهَا فِي الْمَاءِ لِلْحَاجَةِ (وَ) يُكْرَهُ أَيْضًا (بَوْلُهُ فِي شَقٍّ) بِفَتْحِ الشِّينِ.
(وَ) بَوْلٌ فِي (سَرَبٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ بَيْتٌ يَتَّخِذُهُ الْوَحْشُ وَالدَّبِيبُ فِي الْأَرْضِ، لِحَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَالَ فِي الْجُحْرِ» . قَالُوا لِقَتَادَةَ: مَا يُكْرَهُ مِنْ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ؟ قَالَ: يُقَالُ إنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
وَرُوِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه بَال بِجُحْرٍ بِالشَّامِ، ثُمَّ اسْتَلْقَى مَيِّتًا، فَسُمِعَ مِنْ بِئْرٍ بِالْمَدِينَةِ:
نَحْنُ قَتَلْنَا سَيِّدَ الْخَزْرَجِ سَعْدَ بْنَ عُبَادَهْ
…
وَرَمَيْنَاهُ بِسَهْمٍ فَلَمْ تُخْطِ فُؤَادَهْ
فَحَفِظُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَوَجَدُوهُ الْيَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ سَعْدٌ وَخَشْيَةَ خُرُوجِ دَابَّةٍ بِبَوْلِهِ فَتُؤْذِيَهُ، أَوْ تَرُدَّهُ عَلَيْهِ فَيُنَجِّسَهُ.
(وَ) يُكْرَهُ بَوْلُهُ فِي (إنَاءٍ بِلَا حَاجَةٍ) نَصًّا فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يُكْرَهْ، لِقَوْلِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رَقِيقَةَ عَنْ أُمِّهَا «كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدَحٌ مِنْ عَيْدَانٍ تَحْت سَرِيرِهِ يَبُولُ فِيهِ بِاللَّيْلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْعَيْدَانُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ: طِوَالُ النَّخْلِ.
(وَ) يُكْرَه بَوْلُهُ فِي (مُسْتَحَمٍّ غَيْرِ مُقَيَّرٍ أَوْ مُبَلَّطٍ) لِحَدِيثِ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد عَنْ رَجُلٍ صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَمَشَّطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ يَبُولَ فِي مُغْتَسَلِهِ» . وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، فَإِنْ كَانَ مُقَيَّرًا أَوْ مُبَلَّطًا أَوْ نَحْوَهُ، وَأَرْسَلَ الْمَاءَ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْبُصَاقَ عَلَى الْبَوْلِ يُورِثُ الْوَسْوَاسَ، وَأَنَّ الْبَوْلَ عَلَى النَّارِ يُورِثُ السَّقَمَ.
(وَ) يُكْرَهُ أَنْ يَبُولَ (فِي مَاءٍ رَاكِدٍ) وَلَوْ كَثِيرًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الْمُتَّفِقُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ.
(وَ) يُكْرَه بَوْلٌ فِي مَاءٍ (قَلِيلٍ جَارٍ) ; لِأَنَّهُ يُنَجِّسُهُ، لَا فِي كَثِيرٍ جَارٍ، لِمَفْهُومِ تَقْيِيدِهِ النَّهْيَ عَنْ الْبَوْلِ فِي الرَّاكِدِ.
(وَ) يُكْرَهُ (اسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ فِي فَضَاءٍ بِاسْتِنْجَاءٍ أَوْ اسْتِجْمَارٍ) تَعْظِيمًا لَهَا، بِخِلَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي ظَاهِرِ نَقْلِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْخِلَافِ. وَحُمِلَ النَّهْيُ حَيْثُ كَانَ قِبْلَةً، وَظَاهِرُ نَقْلِ حَنْبَلٍ: فِيهِ الْكَرَاهَةُ.
(وَ) يُكْرَه
(كَلَامٌ فِيهِ) أَيْ: الْخَلَاءِ وَنَحْوِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مُبَاحًا فِي غَيْرِهِ، كَسُؤَالٍ عَنْ شَيْءٍ، أَوْ مُسْتَحَبَّا كَإِجَابَةِ مُؤَذِّنِ، أَوْ وَاجِبًا، كَرَدِّ سَلَامٍ نَصًّا لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ «مَرَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبُولُ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد. وَقَالَ: " يُرْوَى «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَمَّمَ ثُمَّ رَدَّ عَلَى الرَّجُلِ السَّلَامَ» وَإِنْ عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ وَجَزَمَ صَاحِبُ النَّظْمِ بِتَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ فِي الْحُشِّ وَسَطْحِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ عَلَى حَاجَتِهِ.
وَفِي الْغُنْيَةِ: وَلَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَذْكُرُ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى التَّسْمِيَةِ، وَالتَّعَوُّذِ انْتَهَى لَكِنْ يَجِبُ تَحْذِيرُ نَحْو ضَرِيرٍ وَغَافِلٍ عَنْ هَلَكَةٍ.
وَلَا يُكْرَهُ الْبَوْلُ قَائِمًا، مَعَ أَمْنِ تَلْوِيثٍ وَنَاظِرٍ (وَيَحْرُمُ لُبْثُهُ) أَيْ قَاضِي الْحَاجَةِ (فَوْقَ حَاجَتِهِ) ; لِأَنَّهُ كَشْفُ عَوْرَةٍ بِلَا حَاجَةٍ. وَقِيلَ: إنَّهُ يُدْمِي الْكَبِدَ وَيُورِثُ الْبَاسُورَ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «إيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّي فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إلَّا عِنْدَ الْغَائِطِ وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ» .
(وَ) حَرُمَ (تَغَوُّطُهُ بِمَاءٍ) قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ رَاكِدٍ أَوْ جَارٍ ; لِأَنَّهُ يُقْذِرُهُ وَيَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ بِهِ، إلَّا الْبَحْرُ وَالْمُعَدّ لِذَلِكَ، كَالْجَارِي فِي الْمَطَاهِرِ.
(وَ) حَرُمَ (بَوْلُهُ وَتَغَوُّطُهُ بِمَوْرِدٍ) أَيْ: الْمَاءِ (وَ) ب (طَرِيقٍ مَسْلُوكٍ وَظِلٍّ نَافِعٍ) لِحَدِيثِ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا «اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ: الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ. وَالظِّلِّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَمِثْلُ الظِّلِّ: مُتَشَمَّسُ النَّاسِ زَمَنَ الشِّتَاءِ، وَمُتَحَدَّثُهُمْ.
(وَ) حَرُمَ بَوْلُهُ وَتَغَوُّطُهُ (تَحْتَ شَجَرَةٍ عَلَيْهَا ثَمَرٌ) مَقْصُودٌ يُؤْكَلُ أَوْ لَا ; لِأَنَّهُ يُفْسِدُهُ وَتَعَافُهُ النَّفْسُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا ثَمَرٌ لَمْ يَحْرُمْ، إنْ لَمْ يَكُنْ ظِلٌّ نَافِعٌ ; لِأَنَّهُ يَزُولُ بِالْأَمْطَارِ إلَى مَجِيءِ الثَّمَرَةِ.
(وَ) حَرُمَ بَوْلُهُ وَتَغَوُّطُهُ (عَلَى مَا نُهِيَ عَنْ اسْتِجْمَارٍ بِهِ لِحُرْمَتِهِ) كَطَعَامٍ وَمُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ وَمَا فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى ; لِأَنَّهُ أَفْحَشُ مِنْ الِاسْتِجْمَارِ بِهِ.
(وَ) حَرُمَ (فِي فَضَاءٍ) لَا بُنْيَانَ فِيهِ (اسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ وَاسْتِدْبَارُهَا) بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ، لِقَوْلِهِ «إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَيَجُوزُ فِي الْبُنْيَانِ، لِمَا رَوَى الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ قَالَ:" رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إلَيْهَا. فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: إنَّمَا نُهِيَ عَنْ هَذَا فِي الْفَضَاءِ، أَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَك وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُك فَلَا " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ ; وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، وَإِنْ كَانَ جَمَاعَةٌ ضَعَّفُوهُ.
فَقَدْ قَوَّاهُ جَمَاعَةٌ.
وَرَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ فَتُحْمَلُ أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَلَى الْفَضَاءِ وَأَحَادِيثُ الرُّخْصَةِ عَلَى الْبُنْيَانِ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ (وَيَكْفِي) بِفَضَاءٍ (انْحِرَافُهُ) أَيْ: الْمُتَخَلِّي عَنْ الْقِبْلَةِ، وَلَوْ يَسِيرًا، يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً لِفَوَاتِ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ بِذَلِكَ (وَ) يَكْفِي أَيْضًا (حَائِلٌ) كَاسْتِتَارٍ بِدَابَّةٍ وَجِدَارٍ وَجَبَلٍ وَنَحْوِهِ، وَإِرْخَاءِ ذَيْلِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُعْتَبَرُ قُرْبُهُ مِنْهَا، كَمَا لَوْ كَانَ فِي بَيْتٍ. وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ، كَسُتْرَةِ صَلَاةٍ (وَلَوْ) كَانَ الْحَائِلُ (كَمُؤْخِرَةِ رَحْلٍ) لِحُصُولِ السَّتْرِ بِهِ لِأَسَافِلِهِ.
(وَيُسَنُّ) لِلْمُتَخَلِّي (إذَا فَرَغَ) مِنْ حَاجَتِهِ (مَسْحُ ذَكَرِهِ مِنْ حَلْقَةِ دُبُرِهِ) بِسُكُونِ اللَّامِ، فَيَضَعُ إصْبَعَ الْيُسْرَى الْوُسْطَى تَحْتَ الذَّكَرِ وَالْإِبْهَامَ فَوْقَهُ وَيَمُرُّ بِهِمَا (إلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا) لِيَجْذِبَ بَقَايَا بَلَلٍ.
(وَ) يُسَنُّ أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ (نَتْرُهُ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ: الذَّكَرِ (ثَلَاثًا) نَصًّا قَالَ فِي الْقَامُوسِ: اسْتَنْيَرَ مِنْ بَوْلٍ اجْتَذَبَهُ وَاسْتَخْرَجَ بَقِيَّتَهُ مِنْ الذَّكَرِ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ حَرِيصًا عَلَيْهِ مُهْتَمًا بِهِ انْتَهَى لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
وَذَكَر جَمَاعَةٌ " وَيَتَنَحْنَحُ " زَادَ بَعْضُهُمْ " وَيَمْشِي خُطُوَاتٍ " وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: كُلُّهُ بِدْعَةٌ.
(وَ) يُسَنُّ (بَدْءُ ذَكَرٍ) إذَا بَالَ وَتَغَوَّطَ فِي اسْتِنْجَاءٍ (بِقُبُلٍ) لِئَلَّا تَتَلَوَّثَ يَدُهُ إذَا بَدَأَ بِالدُّبُرِ ; لِأَنَّ ذَكَرَهُ بَارِزٌ.
(وَ) يُسَنُّ أَيْضًا بَدْءُ (بِكْرٍ) كَذَلِكَ (بِقُبُلٍ) إلْحَاقًا لَهَا بِالذَّكَرِ، لِوُجُودِ عُذْرَتِهَا (وَتُخَيَّرُ ثَيِّبٌ) فِي الْبُدَاءَةِ بِمَا شَاءَتْ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ لِتَسَاوِيهِمَا.
(وَ) يُسَنُّ (تَحَوُّلُ مَنْ يَخْشَى تَلَوُّثًا) لِيَسْتَنْجِيَ أَوْ يَسْتَجْمِرَ، وَيُكْرَهُ ذَلِكَ، وَوُضُوءُهُ عَلَى مَوْضِعٍ نَجَسٍ، لِئَلَّا يَتَنَجَّسَ بِهِ.
(وَ) يُسَنُّ (قَوْلُ خَارِجٍ) مِنْ خَلَاءٍ وَنَحْوِهِ (غُفْرَانَكَ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ: غُفْرَانَك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ أَيْ: أَسْأَلُكَ غُفْرَانَكَ، مِنْ الْغَفْرِ: وَهُوَ السَّتْرُ. وَلَمَّا خَلَصَ مِمَّا يُثَقِّلُ الْبَدَنَ سَأَلَ الْخَلَاصَ، مِمَّا يُثَقِّلُ الْقَلْبَ وَهُوَ الذَّنْبُ لِتَحْصُلَ لَهُ الرَّاحَةُ.
(وَ) يُسَنُّ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي) لِحَدِيثِ أَنَسٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ يَقُولُهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَفِيهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ. .
وَفِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ «أَنَّ نُوحًا عليه السلام كَانَ يَقُولُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذَاقَنِي لَذَّتَهُ، وَأَبْقَى فِي مَنْفَعَتَهُ، وَأَذْهَبَ عَنِّي أَذَاهُ» .
(وَ) يُسَنُّ لَهُ أَيْضًا (اسْتِجْمَارٌ بِحَجَرٍ ثُمَّ مَاءٍ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ لِلنِّسَاءِ «مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ أَنْ يُتْبِعُوا
الْحِجَارَةَ الْمَاءَ، فَإِنِّي أَسْتَحْيِيهِمْ. وَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَاحْتَجَّ بِهِ فِي رِوَايَة حَنْبَلٍ، وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ. وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِنْقَاءِ.
(فَإِنْ عَكَسَ) فَقَدَّمَ الْمَاءَ عَلَى الْحَجَرِ (كُرِهَ) نَصًّا ; لِأَنَّ الْحَجَرَ بَعْدَ الْمَاءِ يُقْذِرُ الْمَحَلَّ (وَيُجْزِيهِ أَحَدُهُمَا) أَيْ: الْحَجَرُ أَوْ الْمَاءُ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ الْخَلَاءَ ; فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ نَحْوِي إدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً، فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَحَدِيثُ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ فَلْيَسْتَطِبْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ ; فَإِنَّهَا تُجْزِي عَنْهُ» وَإِنْكَارُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ كَانَ عَلَى مَنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ وَكَذَا مَا حُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٍ (وَالْمَاءُ) وَحْدَهُ (أَفَضْلُ) مِنْ الْحَجَرِ وَحْدَهُ ; لِأَنَّهُ يُطَهِّرُ الْمَحَلَّ وَأَبْلَغُ فِي التَّنْظِيفِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءَ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَقَالَ: كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ» (ك) مَا إنَّ (جَمْعَهُمَا) أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا، لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عَائِشَةَ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ فِي فَرْجٍ وَالْحَجَرَ فِي آخَرَ، فَلَا بَأْسَ.
(وَلَا يُجْزِي فِيمَا) أَيْ: فِي خَارِجٍ مِنْ سَبِيلٍ (تَعَدَّى) أَيْ: تَجَاوُزُ (مَوْضِعِ عَادَةٍ) بِأَنْ انْتَشَرَ الْخَارِجُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الصَّفْحَةِ، أَوْ امْتَدَّ إلَى الْحَشَفَةِ امْتِدَادًا غَيْرَ مُعْتَادٍ (إلَّا الْمَاءُ) لِأَنَّ الِاسْتِجْمَارَ فِي الْمُعْتَادِ رُخْصَةٌ لِلْمَشَقَّةِ فِي غَسْلِهِ، لِتَكْرَارِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ تَعَدَّتْ لِنَحْوِ يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ. فَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ لِمَا تَعَدَّى، وَيُجْزِي الْحَجَرُ فِي الَّذِي فِي مَحَلِّ الْعَادَةِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُمْنَعُ الْقِيَامُ وَالِاسْتِجْمَارُ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، مَا لَمْ يَتَعَدَّ الْخَارِجُ.
(ك) مَا لَا يُجْزِي فِي الْخَارِجِ مِنْ (قُبُلَيْ خُنْثَى مُشْكِلٍ) إلَّا الْمَاءُ، وَكَذَا الْخَارِجُ مِنْ أَحَدِهِمَا ; لِأَنَّ الْأَصْلِيَّ مِنْهُمَا غَيْرُ مَعْلُومٍ. وَالِاسْتِجْمَارُ لَا يُجْزِئُ إلَّا فِي أَصْلِيٍّ. فَإِنْ كَانَ وَاضِحًا أَجْزَأَ الِاسْتِجْمَارُ فِي الْأَصْلِيِّ، دُونَ الزَّائِدِ. وَيُجْزِئُ فِي دُبُرِهِ (وَ) ك (مَخْرَجٍ غَيْرِ فَرْجٍ) تَنَجَّسَ بِخَارِجٍ مِنْهُ وَبِغَيْرِهِ، فَلَا يُجْزِي فِيهِ غَيْرُ الْمَاءِ. وَلَوْ اسْتَدَّ الْمَخْرَجُ الْمُعْتَادُ ; لِأَنَّهُ نَادِرٌ. فَلَا تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْفَرْجِ، وَلَمْسُهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ حُكْمُ الْوَطْءِ، أَشْبَهَ سَائِرَ الْبَدَنِ.
(وَ) ك (تَنَجُّسِ مَخْرَجٍ بِغَيْرِ خَارِجٍ) مِنْهُ أَوْ بِهِ وَجَفَّ.
(وَ) ك (اسْتِجْمَارٍ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ) كَطَعَامٍ، فَلَا يُجْزِي إلَّا الْمَاءُ.
(وَلَا يَجِبُ غَسْلُ) مَا أَمْكَنَ مِنْ (نَجَاسَةٍ و) لَا (جَنَابَةٍ بِدَاخِلِ فَرْجِ ثَيِّبٍ) نَصًّا، فَلَا تُدْخِلُ يَدَهَا أَوْ إصْبَعَهَا. بَلْ
مَا ظَهَرَ ; لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَلْحَقُ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ فِي حُكْمِ بَاطِنٍ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَالرِّعَايَةُ وَغَيْرُهُمَا: هُوَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ. وَذَكَرَهُ فِي الْمُطْلِعِ عَنْ أَصْحَابِنَا. وَالدُّبُرُ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ لِإِفْسَادِ الصَّوْمِ بِنَحْوِ الْحُقْنَةِ.
(لَا) يَجِبُ غَسْلُ نَجَاسَةٍ وَلَا جَنَابَةٍ بِدَاخِلِ (حَشَفَةِ أَقْلَفَ غَيْرِ مَفْتُوقٍ) بِخِلَافِ الْمَفْتُوقِ: فَيَجِبُ غَسْلُهُمَا. لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ. وَإِنْ تَعَدَّى بَوْلُ الثَّيِّبِ إلَى مَخْرَجِ الْحَيْضِ فَقَالَ الْأَصْحَابُ: يَجِبُ غَسْلُهُ. كَالْمُنْتَشِرِ عَنْ الْمَخْرَجِ.
وَصَحَّحَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ إجْزَاءَ الْحَجَرِ فِيهِ ; لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ كَثِيرٌ. وَالْعُمُومَاتُ تَعْضُدُهُ. وَاخْتَارَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. وَقَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ: هَذَا إذَا قُلْنَا يَجِبُ تَطْهِيرُ بَاطِنِ فَرْجِهَا، عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ. فَتَكُونُ كَالْبِكْرِ قَوْلًا وَاحِدًا.
" تَتِمَّةٌ " يُسْتَحَبُّ لِمَنْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ أَنْ يَنْضَحَ فَرْجَهُ وَسَرَاوِيلَهُ، وَمَنْ ظَنَّ خُرُوجَ شَيْءٍ. فَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ، حَتَّى يَتَيَقَّنَ وَالْهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَمْ يَرَ أَحْمَدُ حَشْوَ الذَّكَرِ فِي ظَاهِرِ مَا نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ، فَصَلَّى ثُمَّ أَخْرَجَهُ وَبِهِ بَلَلٌ، فَلَا بَأْسَ مَا لَمْ يَظْهَرْ خَارِجًا، وَكَرِهَ الصَّلَاةَ فِيمَا أَصَابَهُ الِاسْتِنْجَاءُ، حَتَّى يَغْسِلَهُ وَنَقَلَ صَالِحٌ: أَوْ يَمْسَحَهُ: وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ.
(وَلَا يَصِحُّ اسْتِجْمَارٌ إلَّا بِطَاهِرٍ) فَلَا يَصِحُّ بِنَجَسٍ. ; لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ «جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ، لِيَسْتَجْمِرَ بِهَا فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ. وَقَالَ: هَذَا رِجْسٌ، يَعْنِي نَجَسًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ; وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ نَجَاسَةٍ. أَشْبَهَ الْغُسْلَ.
(مُبَاحٍ) فَلَا يَصِحُّ بِمُحَرَّمٍ، كَمَغْصُوبٍ، وَذَهَبٍ، وَفِضَّةٍ ; لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ، فَلَا تُسْتَبَاحُ بِمَعْصِيَةٍ. وَلَا يُجْزِئُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا الْمَاءُ (مُنْقٍ) اسْم فَاعِلٍ مِنْ أَنْقَى، فَلَا يُجْزِئُ بِأَمْلَسَ مِنْ نَحْوِ زُجَاجٍ، وَلَا بِشَيْءٍ رَخْوٍ أَوْ نَدِيٍّ، لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَيُجْزِئُ الِاسْتِجْمَارُ بَعْدَهُ بِمُنْقٍ (كَحَجَرٍ وَخَشَبٍ وَخِرَقٍ) ; لِأَنَّهُ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ «فَلْيَذْهَبْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ بِثَلَاثَةِ أَعْوَادٍ، أَوْ بِثَلَاثِ حَثَيَاتٍ مِنْ تُرَابٍ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ: رُوِيَ مَرْفُوعًا. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ. وَلِمُشَارَكَةِ غَيْرِ الْحَجَرِ الْحَجَرَ فِي الْإِزَالَةِ (وَهُوَ) أَيْ: الْإِنْقَاءُ بِحَجَرٍ وَنَحْوِهِ (أَنْ يَبْقَى أَثَرٌ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ و) الْإِنْقَاءُ (بِمَاءٍ خُشُونَةُ الْمَحَلِّ) أَيْ مَحَلِّ الْخَارِجِ، بِأَنْ يُدَلِّكَهُ حَتَّى يَعُودَ (كَمَا كَانَ) قَبْلَ خُرُوجِ الْخَارِجِ، وَيُوَاصِلَ
الصَّبَّ، وَيَسْتَرْخِي قَلِيلًا. وَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَدِ، كَمَا يَأْتِي فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (وَظَنُّهُ) أَيْ الْإِنْقَاءِ بِحَجَرٍ أَوْ مَاءٍ (كَافٍ) فَلَا يُعْتَبَرُ الْيَقِينُ، دَفْعًا لِلْحَرَجِ.
(وَحَرُمَ) الِاسْتِجْمَارُ (بِرَوْثٍ) وَلَوْ لِمَأْكُولٍ (وَعَظْمٍ) وَلَوْ مِنْ مُذَكًّى لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «لَا تَسْتَنْجُوا بِالرَّوْثِ وَلَا بِالْعِظَامِ. فَإِنَّهُ زَادُ إخْوَانِكُمْ مِنْ الْجِنِّ» وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَعَدَمَ الْإِجْزَاءَ
(وَ) حَرُمَ أَيْضًا (بِطَعَامٍ وَلَوْ بَهِيمَةٍ) ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَلَّلَ النَّهْيَ عَنْ الرَّوْثِ وَالْعَظْمِ بِأَنَّهُ زَادُ الْجِنِّ، فَزَادُنَا وَزَادُ دَوَابِّنَا أَوْلَى ; لِأَنَّهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً.
(وَ) حَرُمَ أَيْضًا (بِذِي حُرْمَةٍ) كَكُتُبِ فِقْهٍ وَحَدِيثٍ، لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ الشَّرِيعَةِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِحُرْمَتِهَا.
(وَ) حَرُمَ أَيْضًا ب (مُتَّصِلٌ بِحَيَوَانٍ) كَذَنَبِ الْبَهِيمَةِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ نَحْوِ صُوفٍ ; لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً، فَهُوَ كَالطَّعَامِ. وَبِجِلْدِ سَمَكٍ، أَوْ حَيَوَانٍ مُذَكًّى، أَوْ حَشِيشٍ رَطْبٍ
(وَلَا يُجْزِئُ) فِي الِاسْتِجْمَارِ (أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ مَسَحَاتٍ) إمَّا بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَنَحْوِهَا، أَوْ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ لَهُ ثَلَاثُ شُعَبٍ (تَعُمُّ كُلُّ مَسْحَةٍ الْمَحَلَّ) أَيْ: مَحَلَّ الْخَارِجِ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «إذَا تَغَوَّطَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمْسَحْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَهُوَ يُفَسِّرُ حَدِيثَ مُسْلِمٍ «لَا يَسْتَنْجِي أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَكْرَارُ الْمَسْحِ لَا الْمَمْسُوحِ بِهِ ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ مَعْقُولٌ. وَمُرَادُهُ مَعْلُومٌ. وَالْحَاصِلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ حَاصِلٌ مِنْ ثَلَاثِ شُعَبٍ وَكَمَا لَوْ مَسَحَ ذَكَرَهُ فِي ثَلَاثِ مُوَاضِعَ مِنْ صَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ. وَلَا مَعْنَى لِلْجُمُودِ عَلَى اللَّفْظِ، مَعَ وُجُودِ مَا يُسَاوِيهِ (فَإِنْ لَمْ يُنْقِ) الْمَحَلَّ بِالْمَسَحَاتِ الثَّلَاثِ (زَادَ) حَتَّى يُنْقِيَ، لِيَحْصُلَ مَقْصُودُ الِاسْتِجْمَارِ
(وَيُسَنُّ قَطْعُهُ) أَيْ: مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ (عَلَى وِتْرٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد فَإِنْ أَنْقَى بِرَابِعَةٍ زَادَ خَامِسَةً وَهَكَذَا، وَإِنْ أَنْقَى بِوِتْرٍ كَخَامِسَةٍ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا.
(وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ) بِمَاءٍ وَنَحْوِهِ كَحَجَرٍ (لِكُلِّ خَارِجٍ) مِنْ سَبِيلٍ، وَلَوْ نَادِرًا، كَالدُّودِ، لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ (إلَّا الرِّيحَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ اسْتَنْجَى مِنْ الرِّيحِ فَلَيْسَ مِنَّا» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الصَّغِيرِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ فِي الرِّيحِ اسْتِنْجَاءٌ، لَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ وَلَا تَصْحَبُهَا نَجَاسَةٌ.
وَفِي الْمُبْهِجِ: لِأَنَّهَا عَرَضٌ بِإِجْمَاعِ الْأُصُولِيِّينَ، وَعُورِضَ