الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَوْ) مَضَى (قَدْرُهَا) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ حَيْثُ لَا تُصَلَّى.
(وَيَأْثَمُ مُؤَخِّرُهَا عَنْهُ) أَيْ يَوْمِ الْعِيدِ ; لِجَوَازِهَا فِيهِ كُلِّهِ لِحَدِيثِ «أَغْنُوهُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ» وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِهِ. «وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُقَسِّمُهَا بَيْنَ مُسْتَحِقِّيهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِتَقْدِيمِهَا عَلَى الصَّلَاةِ لِلِاسْتِحْبَابِ (وَيَقْضِي) مَنْ أَخَّرَهَا عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ فَتَكُونُ قَضَاءً (وَتُكْرَهُ فِي بَاقِيهِ) أَيْ: يَوْمِ الْعِيدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي تَحْرِيمِهَا.
و (لَا) تُكْرَهُ (فِي الْيَوْمَيْنِ قَبْلَهُ) أَيْ: الْعِيدِ، لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ " كَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَهَذَا إشَارَةً إلَى جَمِيعِهِمْ فَيَكُونُ إجْمَاعًا، وَلِأَنَّ تَعْجِيلَهَا كَذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِهَا، إذْ الظَّاهِرُ بَقَاؤُهَا أَوْ بَعْضِهَا إلَى يَوْمِ الْعِيدِ.
(وَلَا تُجْزِئُ) فِطْرَةٌ أَخْرَجَهَا (قَبْلَهُمَا) أَيْ: الْيَوْمَيْنِ يَلِيهِمَا الْعِيدُ لِحَدِيثِ «أَغْنُوهُمْ عَنْ الطَّلَبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ» وَمَتَى قَدَّمَهَا بِكَثِيرٍ فَاتَ الْإِغْنَاءُ فِيهِ.
(وَمَنْ) وَجَبَتْ (عَلَيْهِ فِطْرَةُ غَيْرِهِ) كَزَوْجِهِ وَعَبْدٍ وَقَرِيبٍ (أَخْرَجَهَا مَعَ فِطْرَتِهِ مَكَانَ نَفْسِهِ) لِأَنَّهُ أَيْ: الْفِطْرَ السَّبَبُ لِتَعَدُّدِ الْوَاجِبِ بِتَعَدُّدِهِ، وَاعْتُبِرَ لَهَا الْمَالُ بِشَرْطِ الْقُدْرَةِ، وَلِهَذَا لَا تُزَادُ بِزِيَادَتِهِ. .
[فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي زَكَاةِ الْفِطْر]
فَصْلٌ وَالْوَاجِبُ فِي فِطْرَةٍ (صَاعُ بُرٍّ) أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِصَاعِهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَرْبَعُ حَفَنَاتٍ بِكَفَّيْ رَجُلٍ مُعْتَدِلِ الْخِلْقَةِ، وَحِكْمَتُهُ: كِفَايَةُ فَقِيرٍ أَيَّامَ عِيدٍ (أَوْ مِثْلُ مَكِيلِهِ) أَيْ الْبُرِّ (مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ أَقِطٍ) شَيْءٌ يُعْمَلُ مِنْ لَبَنٍ مَخِيضٍ، أَوْ مِنْ لَبَنِ إبِلٍ فَقَطْ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (أَوْ) صَاعٍ (مَجْمُوعٍ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ. نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى إجْزَاءِ صَاعٍ مِنْ أَجْنَاسٍ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَجُوزُ مُنْفَرِدًا، فَكَذَا مَعَ غَيْرِهِ لِتَقَارُبِ مَقْصُودِهَا، أَوْ اتِّحَادِهِ (وَيُحْتَاطُ فِي ثَقِيلٍ) كَتَمْرٍ إذَا أَخْرَجَهُ وَزْنًا (لِيَسْقُطَ الْفَرْضُ بِيَقِينٍ) وَمَنْ أَخْرَجَ فَوْقَ صَاعٍ فَأَجْرُهُ أَكْثَرُ وَاسْتَبْعَدَ أَحْمَدُ مَا نُقِلَ لَهُ عَنْ مَالِكٍ: لَا يَزِيدُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ خَمْسًا.
(وَيُجْزِئُ دَقِيقُ بُرٍّ و) دَقِيقُ
(شَعِيرٍ وَسَوِيقِهِمَا، وَهُوَ مَا يُحَمَّصُ ثُمَّ يُطْحَنُ بِوَزْنِ حَبِّهِ) نَصًّا ; لِتَفَرُّقِ الْأَجْزَاءِ بِالطَّحْنِ. وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ عَلَى إجْزَاءِ الدَّقِيقِ بِزِيَادَةٍ تَفَرَّدَ بِهَا ابْنُ عُيَيْنَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ " أَوْ صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ " قِيلَ لِابْنِ عُيَيْنَةَ " إنَّ أَحَدًا لَا يَذْكُرُهُ فِيهِ، قَالَ بَلْ هُوَ فِيهِ " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ الْمَجْدُ: بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْإِجْزَاءِ ; لِأَنَّهُ كَفَى مُؤْنَتَهُ كَتَمْرٍ مَنْزُوعٍ نَوَاهُ (وَلَوْ) كَانَ الدَّقِيقُ (بِلَا نَخْلٍ) لِأَنَّهُ بِوَزْنِ حَبِّهِ (ك) مَا يُجْزِئُ حَبٌّ (بِلَا تَنْقِيَةٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِمَا شَيْءٌ إلَّا أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يُحِبُّ أَنْ يُنَقِّيَ الطَّعَامَ، وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ لِيَكُونَ عَلَى الْكَمَالِ وَيَسْلَمَ مِمَّا يُخَالِطُهُ مِنْ غَيْرِهِ.
وَ (لَا) يُجْزِئُ (خُبْزٌ) لِخُرُوجِهِ عَنْ الْكَيْلِ وَالِادِّخَارِ، وَكَذَا بُكْصُمَاتٌ وَهَرِيسَةٌ.
(وَ) لَا يُجْزِئُ (مَعِيبٌ) مِمَّا تَقَدَّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267](كَمُسَوِّسٍ) لِأَنَّ السُّوسَ أَكَلَ جَوْفَهُ (وَمَبْلُولٍ) لِأَنَّ الْبَلَلَ يَنْفُخُهُ (وَقَدِيمٍ تَغَيَّرَ طَعْمُهُ) لِعَيْبِهِ بِتَغَيُّرِ طَعْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَلَا رِيحُهُ أَجْزَأَ ; لِعَدَمِ عَيْبِهِ، وَالْجَدِيدُ أَفْضَلُ (وَنَحْوُهُ) أَيْ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمَعِيبِ.
(وَ) لَا يُجْزِئُ صِنْفٌ مِنْ الْخَمْسَةِ (مُخْتَلِطٌ بِكَثِيرٍ مِمَّا لَا يُجْزِئُ) كَقَمْحٍ اخْتَلَطَ بِكَثِيرِ زُوَانٍ أَوْ عَدَسٍ أَوْ نَحْوِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ مُجْزِئٍ مِنْهُ (وَيُزَادُ) عَلَى صَاعٍ (إنْ قَلَّ) خَلِيطٌ لَا يُجْزِئُ (بِقَدْرِهِ) أَيْ: الْخَلِيطِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمُصَفَّى صَاعًا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْبًا لِقِلَّةِ مَشَقَّةِ تَنْقِيَتِهِ، وَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ قِيمَةِ الصَّاعِ نَصًّا.
(وَيُجْزِئُ مَعَ عَدَمِ ذَلِكَ) أَيْ: الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ (مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ حَبٍّ) يُقْتَاتُ.
(وَ) مِنْ (تَمْرٍ مَكِيلٍ يُقْتَاتُ) كَدُخْنٍ وَذُرَةٍ وَعَدَسٍ وَأُرْزٍ وَتِينٍ يَابِسٍ وَنَحْوِهَا ; لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَكَانَ أَوْلَى (وَالْأَفْضَلُ) إخْرَاجُ (تَمْرٍ) مُطْلَقًا. نَصًّا لِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ نَافِعٌ: " كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي التَّمْرَ، إلَّا عَامًا وَاحِدًا أَعْوَزَ التَّمْرُ، فَأَعْطَى الشَّعِيرَ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَقَالَ لَهُ أَبُو مِجْلَزٍ: " إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْسَعَ وَالْبُرُّ أَفْضَلُ فَقَالَ: إنَّ أَصْحَابِي سَلَكُوا طَرِيقًا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْلُكَهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَاحْتَجَّ بِهِ،
وَظَاهِرُهُ: أَنَّ جَمَاعَةَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يُخْرِجُونَ التَّمْرَ ; وَلِأَنَّهُ قُوتٌ وَحَلَاوَةٌ، وَأَقْرَبُ تَنَاوُلًا، وَأَقَلُّ كُلْفَةً (فَزَبِيبٌ) لِأَنَّ فِيهِ قُوتًا وَحَلَاوَةً وَقِلَّةَ كُلْفَةٍ، فَهُوَ أَشْبَهُ بِالتَّمْرِ مِنْ الْبُرِّ (فَبُرٌّ) لِأَنَّ الْقِيَاسَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْكُلِّ، لَكِنْ تُرِكَ اقْتِدَاءً بِالصَّحَابَةِ فِي التَّمْرِ وَمَا