المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في دفن الميت] - شرح منتهى الإرادات للبهوتي = دقائق أولي النهى ط عالم الكتب - جـ ١

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[بَابُ بَيَانِ أَنْوَاعِ الْمِيَاهِ وَأَحْكَامِهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[بَابُ الْآنِيَةِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ]

- ‌[بَابُ التَّسَوُّكِ وَغَيْرِهِ مِنْ سُنَنِ الْفِطْرَةِ]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِوُضُوءٍ وَغُسْلٍ نِيَّةٌ]

- ‌[فَصْلٌ صِفَةُ الْوُضُوءِ]

- ‌[بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا]

- ‌[بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ وَمَا يَحْرُمُ بِحَدَثٍ وَأَحْكَامُ الْمُصْحَفِ]

- ‌[بَابُ الْغُسْل]

- ‌[فَصْلٌ وَالْأَغْسَالُ الْمُسْتَحَبَّةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَمَّامِ]

- ‌[بَاب التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَصْلٌ فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[بَابٌ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّجَاسَاتِ وَمَا يُعْفَى عَنْهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمُبْتَدَأَةُ بِدَمٍ أَوْ صُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ دَامَ حَدَثُهُ]

- ‌[فَصْلٌ النِّفَاسُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُدْرَكُ بِهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَحُكْمُ قَضَائِهَا]

- ‌[بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ]

- ‌[بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا]

- ‌[بَابٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَجِبُ اسْتِقْبَالُهُ وَأَدِلَّةُ الْقِبْلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَتُشْتَرَطُ لِصَلَاةِ جَمَاعَةٍ نِيَّةٌ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا وَأَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ مَا يُسَنُّ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَفْعَالُ الصَّلَاةِ وَأَقْوَالُهَا]

- ‌[فَصْلٌ سُنَنُ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ وَصَلَاةُ اللَّيْلِ]

- ‌[فَصْلٌ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ وَسُجُودُ الشُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ أَوْقَاتُ النَّهْي عَنْ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْجِنِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِمَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوْقِفِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاقْتِدَاءِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الصَّلَاةُ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ أَيْ تَوَاصَلَ الطَّعْنُ وَالضَّرْبُ وَالْكَرُّ وَالْفَرُّ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْفِينِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ مُسْلِمٍ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ السَّائِمَةِ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ]

- ‌[فَصْلٌ زَكَاةِ الْغَنَمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاة الْخُلْطَةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ وَمَعْدِنٍ وَرِكَازٍ]

- ‌[فَصْلٌ الزَّكَاةُ فِيمَا يُشْرِبُ بِلَا كُلْفَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الزَّكَاةُ فِي خَارِجٍ مِنْ أَرْضٍ مُسْتَعَارَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ زَكَاةُ الْعَسَلِ]

- ‌[فَصْلٌ زَكَاة الْمَعْدِنِ]

- ‌[فَصْلٌ الرِّكَازُ]

- ‌[بَابٌ زَكَاةُ الْأَثْمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يَخْرَجُ مُزَكٍّ عَنْ جَيِّدٍ صَحِيحٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مِنْ نَوْعِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ مُعَدٍّ لِاسْتِعْمَالٍ أَوْ إعَارَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَلِّي]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْعُرُوضِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي زَكَاةِ الْفِطْر]

- ‌[بَابُ إخْرَاج الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَفْضَلُ جَعْلُ زَكَاةِ كُلِّ مَالٍ فِي فُقَرَاءِ بَلَدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ مَنْ يُجْزِئُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ وَمَنْ لَا يُجْزِئُ]

- ‌[فَصْلٌ: مَنْ أُبِيحَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ غَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ لَا تُجْزِئُ زَكَاةٌ إلَى كَافِرٍ غَيْرِ مُؤَلَّفٍ]

- ‌[فَصْلٌ تُسَنُّ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ بِفَاضِلٍ عَنْ كِفَايَةٍ دَائِمَةٍ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[فَصْلٌ ثُبُوتُ هِلَالِ رَمَضَانَ]

- ‌[فَصْلٌ النِّيَّةُ فِي الصَّوْمِ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ فَقَطْ وَمَا يُفْسِدُ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِمَاعِ صَائِمٍ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ وَمَا يُسْتَحَبُّ]

- ‌[فَصْلٌ وَسُنَّ لَهُ أَيْ: الصَّائِمِ كَثْرَةُ قِرَاءَةٍ وَكَثْرَةُ ذِكْرٍ وَصَدَقَةٍ وَكَفُّ لِسَانِهِ عَمَّا يُكْرَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ]

- ‌[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[دَخَلَ فِي تَطَوُّعِ صَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ]

- ‌[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافٌ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا بِمَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ]

- ‌[فَصْلٌ خُرُوج الْمُعْتَكِف]

- ‌[فَصْلٌ وَإِنْ خَرَجَ مُعْتَكِفٌ لِأَمْرٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَبَاعَ أَوْ اشْتَرَى]

- ‌[فَصْلٌ تَشَاغُلُ الْمُعْتَكِفُ بِالْقُرَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[فَصَلِّ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ مِنْ صَغِيرٍ]

- ‌[فَصَلِّ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ مِنْ قِنٍّ]

- ‌[فَصْلٌ شَرْط وُجُوبِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الِاسْتِطَاعَةُ]

- ‌[فَصْلٌ شَرْط لِوُجُوبِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ عَلَى أُنْثَى]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]

- ‌[فَصْلٌ تُجَاوِزُ مِيقَاتٍ بِلَا إحْرَامٍ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ]

- ‌[فَصْلٌ وَيَجِبُ عَلَى مُتَمَتِّعٍ دَمٌ]

- ‌[فَصْلٌ وَمَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا فَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا]

- ‌[فَصْلٌ وَيُسَنُّ لِمَنْ أَحْرَمَ عَيَّنَ نُسُكًا أَوْ أَطْلَقَ مِنْ عَقِب إحْرَامِهِ تَلْبِيَةٌ]

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ أَيْ مَمْنُوعَات الْإِحْرَامِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَمَنْ كَرَّرَ مَحْظُورًا فِي إحْرَامِهِ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ تَعَلَّقَ بِإِحْرَامٍ وَمَا وَجَبَ مِنْ فِدْيَةٍ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]

- ‌[بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ]

- ‌[فَصْلٌ وَإِنْ أَتْلَفَ مُحْرِمٌ أَوْ مَنْ بِالْحَرَمِ جُزْءًا مِنْ صَيْدٍ]

- ‌[بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبَاتُهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ قَلْعُ شَجَرِ حَرَمِ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ حَرَمِ مَكَّة]

- ‌[فَصْلٌ صَيْدُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[بَابُ آدَابِ دُخُولِ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَخْرُجُ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ الصَّفَا فَيَرْقَى الصَّفَا]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ بَعْدَ الْغُرُوبِ مِنْ عَرَفَةَ مَعَ الْأَمِيرِ عَلَى طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْجِعُ مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ]

- ‌[فَصْلٌ صِفَة الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْي وَالْأَضَاحِيّ وَالْعَقِيقَة]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ هَدْيٌ بِقَوْلِهِ هَذَا هَدْيٌ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ هَدْيٌ بِنَذْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْأُضْحِيَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَقِيقَةُ]

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجُوزُ تَبْيِيتُ كُفَّارٍ وَقَتْلُهُمْ وَهُمْ غَارُّونَ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَسْبِيّ غَيْرُ الْبَالِغ مِنْ الْكُفَّار]

- ‌[بَابُ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَوْ أَمِيرَهُ عِنْدَ مَسِيرِهِ إلَى الْغَزْوِ وَفِي دَارِ الْحَرْبِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْزَمُ الْجَيْشَ الصَّبْرُ مَعَ الْأَمِيرِ وَالنُّصْحُ وَالطَّاعَةُ]

- ‌[فَصْلٌ الْغَزْو بِلَا إذْنِ الْأَمِيرِ]

- ‌[بَابُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَتُضَمُّ غَنِيمَةُ سَرَايَا الْجَيْشِ إلَى غَنِيمَةِ الْجَيْشِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْغَانِمِينَ]

- ‌[بَابٌ الْأَرْضُونَ الْمَغْنُومَةُ]

- ‌[بَابُ الْفَيْءِ]

- ‌[بَابُ الْأَمَانِ]

- ‌[بَابُ الْهُدْنَةِ]

- ‌[بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ حَمْلِ السِّلَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ]

الفصل: ‌[فصل في دفن الميت]

رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «قَامَ ثُمَّ قَعَدَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ (وَ) كُرِهَ (رَفْعُ الصَّوْتِ مَعَهَا) أَيْ الْجِنَازَةِ (وَلَوْ بِقِرَاءَةٍ) أَوْ تَهْلِيلٍ، لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ مَعَ الْجِنَازَةِ: اسْتَغْفِرُوا لَهُ وَنَحْوَهُ: بِدْعَةٌ. وَرَوَى سَعِيدٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَا لِقَائِلٍ ذَلِكَ " لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ.

(وَ) كُرِهَ (أَنْ تَتْبَعَهَا امْرَأَةٌ) لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ «نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، أَيْ لَمْ يُحَتَّمْ عَلَيْنَا تَرْكُ اتِّبَاعِهِ (وَحَرُمَ أَنْ يَتْبَعَهَا مَعَ مُنْكَرٍ) مِنْ نَحْوِ نَوْحٍ وَلَطْمِ خَدٍّ (عَاجِزٍ عَنْ إزَالَتِهِ) أَيْ الْمُنْكَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (وَيَلْزَمُ الْقَادِرَ) عَلَى إزَالَتِهِ أَنْ يُزِيلَهُ وَلَا يُتْرَكَ اتِّبَاعَهَا. وَيُكْرَهُ مَسُّ النَّعْشِ بِيَدٍ وَغَيْرِهَا. وَلِمُتَّبِعِهَا ضَحِكٌ وَتَبَسُّمٌ، وَتَحَدُّثٌ بِأَمْرِ دُنْيَا. وَأَنْ تُتْبَعَ بِمَاءِ وَرْدٍ وَنَارٍ، وَنَحْوِهِ، وَمِثْلُهُ التَّبْخِيرُ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ، وَرَفْعُ الصَّوْتِ وَالضَّجَّةِ عِنْدَ وَضْعِهَا، وَيُسْتَحَبُّ لِمُتَّبِعِهَا الْخُشُوعُ وَالتَّفَكُّرُ فِي مَآلِهِ، وَالِاتِّعَاظِ بِالْمَوْتِ، وَمَا يَصِير إلَيْهِ الْمَيِّتُ.

[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]

فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ (وَدَفْنُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {: ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21] الْآيَةَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " أَكْرَمَهُ بِدَفْنِهِ " وَقَالَ {أَلَمْ نَجْعَلْ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: 25] أَيْ جَامِعَةً لِلْأَحْيَاءِ فِي ظَهْرِهَا بِالْمَسَاكِنِ، وَلِلْأَمْوَاتِ فِي بَطْنِهَا بِالْقُبُورِ. وَالْكَفْتُ: الْجَمْعُ وَهُوَ إكْرَامٌ لِلْمَيِّتِ ; لِأَنَّهُ لَوْ تُرِكَ لَأَنْتَنَ وَتَأَذَّى النَّاسُ بِرَائِحَتِهِ، وَقَدْ أَرْشَدَ اللَّهُ قَابِيلَ إلَى دَفْنِ أَخِيهِ هَابِيلَ {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ} [المائدة: 31] .

(وَيَسْقُطُ) دَفْنٌ (وَتَكْفِينٌ وَحَمْلٌ ل) مَيِّتٍ بِفِعْلِ (كَافِرٍ) لِأَنَّ فَاعِلَهَا لَا يَخْتَصُّ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ (وَيُقَدَّمُ بِتَكْفِينٍ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى (مَنْ يُقَدَّمُ بِغُسْلِهِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ (وَنَائِبُهُ كَهُوَ) فَيُقَدَّمُ النَّائِبُ عَلَى مَنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ مُسْتَنِيبُهُ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ وَصِيًّا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، كَمَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (وَالْأَوْلَى) لِغَاسِلٍ (تَوَلِّيهِ) أَيْ التَّكْفِينِ (بِنَفْسِهِ) دُونَ نَائِبِهِ، مُحَافَظَةً عَلَى تَقْلِيلِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْمَيِّتِ.

(وَ) يُقَدَّمُ (بِدَفْنِ رَجُلٍ) ذَكَرٍ (مَنْ قُدِّمَ بِغُسْلِهِ)«لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَلْحَدَهُ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَأُسَامَةُ»

ص: 370

رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَكَانُوا هُمْ الَّذِينَ تَوَلَّوْا غُسْلَهُ. وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى سَتْرِ أَحْوَالِهِ، وَقِلَّةِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ (ثُمَّ) الْمُقَدَّمُ (بَعْدَ) الرِّجَالِ (الْأَجَانِبِ مَحَارِمُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ مِنْ (النِّسَاءِ) وَعُلِمَ مِنْهُ: تَقْدِيمُ الْأَجَانِبِ عَلَى الْمَحَارِمِ مِنْ النِّسَاءِ، لِضَعْفِهِنَّ عَنْ ذَلِكَ، وَخَشْيَةَ انْكِشَافِ شَيْءٍ مِنْهُنَّ (فَالْأَجْنَبِيَّاتُ) لِلْحَاجَةِ إلَى دَفْنِهِ وَلَيْسَ فِيهِ مَسٌّ وَلَا نَظَرٌ، بِخِلَافِ الْغُسْلِ.

(وَ) يُقَدَّمُ (بِدَفْنِ امْرَأَةٍ مَحَارِمُهَا الرِّجَالُ) الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ. لِأَنَّ امْرَأَةَ عُمَرَ لَمَّا تُوُفِّيَتْ قَالَ لِأَهْلِهَا " أَنْتُمْ أَحَقُّ بِهَا " وَلِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِهَا حَالَ الْحَيَاةِ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ (فَزَوْجٌ) لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِمَحْرَمِهَا مِنْ الْأَجَانِبِ (فَأَجَانِبُ) لِأَنَّ النِّسَاءَ يَضْعُفْنَ عَنْ إدْخَالِ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ، «وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ فَنَزَلَ قَبْرَ ابْنَتِهِ» وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ (فَمَحَارِمُهَا) أَيْ الْمَيِّتَةِ (النِّسَاءُ) الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى لِمَزِيَّةِ الْقُرْبِ.

(وَيُقَدَّمُ مِنْ الرِّجَالِ) مُسْتَوِينَ (خَصِيٌّ، فَشَيْخٌ فَأَفْضَلُ دِينًا وَمَعْرِفَةً) بِالدَّفْنِ وَمَا يُطْلَبُ فِيهِ (وَمَنْ بَعُدَ عَهْدُهُ بِجِمَاعٍ أَوْلَى مِمَّنْ قَرُبَ) عَهْدُهُ لِضَعْفِ دَاعِيَتِهِ.

وَلَا يُكْرَهُ لَأَجْنَبِيٍّ دَفْنُ امْرَأَةٍ مَعَ حُضُورِ مَحْرَمِهَا نَصًّا.

(وَكُرِهَ) دَفْنٌ (عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقِيَامِهَا وَغُرُوبِهَا) لِلْخَبَرِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَيُبَاحُ فِي غَيْرِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا.

قَالَ أَحْمَدُ فِي الدَّفْنِ فِي اللَّيْلِ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، أَبُو بَكْرٍ دُفِنَ لَيْلًا، وَعَلِيٌّ دَفَنَ فَاطِمَةَ لَيْلًا، وَالدَّفْنُ نَهَارًا أَوْلَى ; لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى مُتَّبِعِهَا، وَأَكْثَرُ لِلْمُصَلِّينَ، وَأَمْكَنُ لِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ فِي دَفْنِهِ.

(وَلَحْدٌ) أَفْضَلُ مِنْ شَقٍّ، وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَالضَّمُّ لُغَةٌ: أَنْ يَحْفِرَ فِي أَسْفَلِ حَائِطِ الْقَبْرِ حُفْرَةً تَسَعُ الْمَيِّتَ، وَأَصْلُهُ الْمَيْلُ (وَكَوْنُهُ) أَيْ اللَّحْدِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ أَفْضَلُ، فَيَكُونُ ظَهْرُهُ إلَى جِهَةِ مُلْحِدِهِ (وَنَصْبِ لَبِنٍ) أَيْ طُوبٍ غَيْرِ مَشْوِيٍّ (عَلَيْهِ) أَيْ اللَّحْدِ (أَفَضْلُ) مِنْ نَصْبِ حِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا «لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَلْحِدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا، كَمَا فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» وَيَجُوزُ بِبَلَاطٍ.

(وَكُرِهَ شَقٌّ بِلَا عُذْرٍ) قَالَ أَحْمَدُ: لَا أُحِبُّ الشَّقَّ لِحَدِيثِ «اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ. وَالشَّقُّ أَنْ يَحْفِرَ وَسَطَ الْقَبْرِ كَالْحَوْضِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ اللَّحْدُ لِكَوْنِ التُّرَابِ يَنْهَالُ وَلَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِنَصْبِ لَبِنٍ وَلَا حِجَارَةٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُكْرَهْ الشَّقُّ، فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ شِبْهُ اللَّحْدِ مِنْ الْجَنَادِلِ

ص: 371

وَالْحِجَارَةِ وَاللَّبِنِ جُعِلَ نَصًّا وَلَمْ يَعْدِلْ إلَى الشَّقِّ.

(وَ) كُرِهَ (إدْخَالُهُ) أَيْ الْقَبْرِ (خَشَبًا إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَ) إدْخَالُ (مَا مَسَّتْهُ نَارٌ) كَآجُرٍّ.

(وَ) كُرِهَ (دَفْنٌ فِي تَابُوتٍ وَلَوْ امْرَأَةً) قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ اللَّبِنَ، وَيَكْرَهُونَ الْخَشَبَ، وَلَا يَسْتَحِبُّونَ الدَّفْنَ فِي تَابُوتٍ ; لِأَنَّهُ خَشَبٌ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْأَرْضُ أَنْشَفُ لِفَضَلَاتِهِ، وَتَفَاؤُلًا أَنْ لَا يَمَسَّ الْمَيِّتَ نَارٌ.

(وَسُنَّ أَنْ يُعَمَّقَ) قَبْرٌ (وَيُوَسَّعَ قَبْرٌ بِلَا حَدٍّ)«لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَتْلَى أُحُدٍ احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَعْمِقُوا» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ لِأَنَّ التَّعْمِيقَ أَبْعَدُ لِظُهُورِ الرَّائِحَةِ وَأَمْنَعُ لِلْوُحُوشِ، وَالتَّوْسِيعُ: الزِّيَادَةُ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالتَّعْمِيقُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ: الزِّيَادَةُ فِي النُّزُولِ (وَيَكْفِي مَا) أَيْ تَعْمِيقٌ (يَمْنَعُ السِّبَاعَ وَالرَّائِحَةَ) لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ، وَسَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ.

(وَ) سُنَّ (أَنْ يُسَجَّى) أَيْ يُغَطَّى قَبْرٌ (لِأُنْثَى) وَلَوْ صَغِيرَةً لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ.

(وَ) ل (خُنْثَى) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً (وَكُرِهَ) أَنْ يُسَجَّى قَبْرٌ (لِرَجُلٍ إلَّا لِعُذْرٍ) مِنْ نَحْوِ مَطَرٍ نَصًّا لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ " مَرَّ بِقَوْمٍ وَقَدْ دَفَنُوا مَيِّتًا وَبَسَطُوا عَلَى قَبْرِهِ الثَّوْبَ فَجَذَبَهُ، وَقَالَ: إنَّمَا يُصْنَعُ هَذَا بِالنِّسَاءِ " وَلِأَنَّ الرَّجُلَ، لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَفِي فِعْلِ ذَلِكَ لَهُ تَشَبُّهٌ بِالنِّسَاءِ.

(وَ) سُنَّ (أَنْ يَدْخُلَهُ) أَيْ الْقَبْرَ (مَيِّتٌ مِنْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ) أَيْ الْقَبْرِ، بِأَنْ يُوضَعَ النَّعْشُ آخِرَ الْقَبْرِ. فَيَكُونُ رَأْسُ الْمَيِّتِ فِي الْمَوْضِع الَّذِي تَكُونُ فِيهِ رِجْلَاهُ إذَا دُفِنَ، ثُمَّ يُسَلُّ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ سَلًّا رَفِيقًا، لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ» (إنْ كَانَ) ذَلِكَ (أَسْهَلَ) بِالْمَيِّتِ.

(وَإِلَّا) يَكُنْ إدْخَالُهُ مِنْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ أَسْهَلُ فَيُدْخِلَهُ (مِنْ حَيْثُ سَهُلَ) إدْخَالُهُ مِنْهُ، إذْ الْمَقْصُودُ الرِّفْقُ بِالْمَيِّتِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَتْ الْكَيْفِيَّاتُ فِي السُّهُولَةِ فَهِيَ (سَوَاءٌ) لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْ الْقَبْرِ وَقَالَ: هَذَا مِنْ السُّنَّةِ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ.

(وَمَنْ) مَاتَ (بِسَفِينَةٍ يُلْقَى فِي الْبَحْرِ سَلًّا كَإِدْخَالِهِ الْقَبْرَ) بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَبَعْدَ أَنْ يُثَقِّلَهُ بِشَيْءٍ يَسْتَقِرُّ بِهِ فِي قَرَارِ الْبَحْرِ نَصًّا، وَإِنْ كَانُوا بِقُرْبِ السَّاحِلِ وَأَمْكَنَهُمْ دَفْنُهُ فِيهِ. وَجَبَ (وَ) سُنَّ

ص: 372

(قَوْلُ مُدْخِلِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ (بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «إذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي الْقَبْرِ فَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِنْ قَرَأَ {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] " أَوْ أَتَى بِذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ لَائِقٍ عِنْدَ وَضْعِهِ وَإِلْحَادِهِ فَلَا بَأْسَ.

(وَ) سُنَّ (أَنْ يُلْحِدَهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّائِمَ وَهَذِهِ سُنَّةُ النَّوْمِ.

(وَ) يُسَنُّ أَنْ يُجْعَلَ (تَحْتَ رَأْسِهِ لَبِنَةً) فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَحَجَرٌ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَقَلِيلٌ مِنْ تُرَابٍ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمِخَدَّةَ لِلنَّائِمِ وَلِئَلَّا يَمِيلَ رَأْسُهُ، وَلَا يُجْعَلُ آجُرَّةً، لِأَنَّهُ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ.

وَيُزَالُ الْكَفَنُ عَنْ خَدِّهِ. وَيُلْصَقُ بِالْأَرْضِ ; لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِاسْتِكَانَةِ. قَالَ عُمَرُ " إذَا أَنَا مِتَّ فَأَفْضُوا بِخَدِّي إلَى الْأَرْضِ "(وَتُكْرَهُ مِخَدَّةٌ) تُجْعَلُ تَحْتَ الرَّأْسِ نَصًّا ; لِأَنَّهُ غَيْرُ لَائِقٍ بِالْحَالِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ (وَ) تُكْرَهُ (مِضْرَبَةٌ وَقَطِيفَةٌ تَحْتَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ. رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُلْقَى تَحْتَ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ شَيْءٌ " ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَعَنْ أَبِي مُوسَى " لَا تَجْعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَ الْأَرْضِ شَيْئًا " وَالْقَطِيفَةُ الَّتِي وُضِعَتْ تَحْتَهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا وَضَعَهَا شُقْرَانُ.

وَلَمْ يَكُنْ عَنْ اتِّفَاقٍ مِنْ الصَّحَابَةِ (أَوْ) أَيْ يُكْرَهُ (أَنْ يُجْعَلَ فِيهِ) أَيْ الْقَبْرِ (حَدِيدٌ) وَنَحْوُهُ (وَلَوْ أَنَّ الْأَرْضَ رَخْوَةٌ) تَفَاؤُلًا بِأَنْ لَا يُصِيبَهُ عَذَابٌ، لِأَنَّهُ آلَتُهُ (وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَقْبَلَ بِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (الْقِبْلَةُ)«لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْكَعْبَةِ قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» وَلِأَنَّهُ طَرِيقَةُ الْمُسْلِمِينَ بِنَقْلِ الْخَلَفِ عَنْ السَّلَفِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُدْنَى مِنْ الْحَائِطِ لِئَلَّا يَنْكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ. وَأَنْ يُسْنَدَ مِنْ وَرَائِهِ بِتُرَابٍ، لِئَلَّا يَنْقَلِبَ. وَيَتَعَاهَدُ خِلَالَ اللَّبِنِ بِسَدِّهِ بِالْمَدَرِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ يُطَيَّنُ فَوْقَهُ، لِئَلَّا يُنْتَخَلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ (وَيُسَنُّ حَثْوُ التُّرَابِ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (ثَلَاثًا بِالْيَدِ ثُمَّ يُهَالُ) عَلَيْهِ التُّرَابُ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ فِيهِ «فَحُثِيَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ثَلَاثًا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَرَوَى مَعْنَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَزَادَ " وَهُوَ قَائِمٌ ".

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوضَعَ الْمَيِّتُ عَلَى الْأَرْضِ، وَيُوضَعُ فَوْقَهُ جِبَالٌ مِنْ تُرَابٍ، أَوْ يُبْنَى عَلَيْهِ بِنَاءٌ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَفْنٍ.

(وَ) سُنَّ (تَلْقِينُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ بَعْدَ الدَّفْنِ عِنْدَ الْقَبْرِ لِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 373

«إذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَسَوَّيْتُمْ عَلَيْهِ التُّرَابَ فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ وَلَا يُجِيبُ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا يَرْحَمْك اللَّهُ وَلَكِنْ لَا تَسْمَعُونَ. فَيَقُولُ: اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا: شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، فَإِنَّ نَكِيرًا وَمُنْكَرًا يَقُولَانِ: مَا يُقْعِدُنَا عِنْدَهُ وَقَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ؟ قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَ أُمِّهِ قَالَ: فَلْيَنْسُبْهُ إلَى حَوَّاءَ» رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي الشَّافِي وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ» ،

وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ، بِنَاءً عَلَى نُزُولِ الْمَلَكَيْنِ إلَيْهِ وَرَجَّحَهُ فِي الْإِقْنَاعِ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِالْمُكَلَّفِ.

(وَ) سُنَّ (الدُّعَاءُ) لَهُ أَيْ الْمَيِّتِ (بَعْدَ الدَّفْنِ عِنْدَ الْقَبْرِ) نَصًّا فَعَلَهُ عَلِيٌّ وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ لِحَدِيثِ عُثْمَانَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ»

رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفَعَلَهُ أَحْمَدُ جَالِسًا وَاسْتَحَبَّ الْأَصْحَابُ وُقُوفَهُ (وَ) سُنَّ (رَشُّهُ) أَيْ الْقَبْرِ (بِمَاءٍ) بَعْدَ وَضْعِ الْحَصْبَاءِ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَشَّ عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ مَاءً، وَوَضَعَ عَلَيْهِ الْحَصْبَاءَ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَلِئَلَّا يَذْهَبَ تُرَابُهُ. وَالْحَصْبَاءُ صِغَارُ الْحَصَى.

(وَ) يُسَنُّ (رَفْعُهُ) أَيْ الْقَبْرِ عَنْ الْأَرْضِ (قَدْرَ شِبْرٍ) لِيُعْرَفَ أَنَّهُ قَبْرٌ فَيَتَوَقَّى وَيَتَرَحَّمُ عَلَى صَاحِبِهِ. وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رُفِعَ قَبْرُهُ عَنْ الْأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ» (وَكُرِهَ) رَفْعُهُ (فَرْقُهُ) أَيْ الشِّبْرِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ «لَا تَدَعْ تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْته وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْته» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ

وَالْمُشْرِفُ: مَا رُفِعَ كَثِيرًا، لِقَوْلِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي صِفَةِ قُبُورِ النَّبِيِّ «صَلَّى وَصَاحِبَيْهِ لَا مُشْرِفَةٍ وَلَا لَاطِئَةٍ» (وَ) كُرِهَ (زِيَادَةُ تُرَابِهِ) أَيْ الْقَبْرِ نَصًّا لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «نَهَى أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

قَالَ فِي الْفُصُولِ: إلَّا أَنْ يُحْتَاجَ إلَيْهِ (وَ) كُرِهَ (تَزْوِيقُهُ) أَيْ الْقَبْرِ (وَتَخْلِيقُهُ) أَيْ طَلْيُهُ بِالطِّينِ (وَنَحْوِهِ) كَدَهْنِهِ ; لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَغَيْرُ لَائِقٍ بِالْحَالِ (وَ) كُرِهَ (تَجْصِيصُهُ وَاتِّكَاءٌ عَلَيْهِ وَمَبِيتٌ) عِنْدَهُ (وَحَدِيثٌ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا، وَتَبَسُّمٌ عِنْدَهُ، وَضَحِكٌ أَشَدُّ) كَرَاهَةً مِنْ تَبَسُّمٍ (وَكِتَابَةٌ) عَلَى الْقَبْرِ (وَجُلُوسٌ) عَلَيْهِ (وَوَطْءٌ) عَلَيْهِ وَلَوْ بِلَا نَعْلٍ، قَالَ

ص: 374

بَعْضُهُمْ: إلَّا لِحَاجَةٍ (وَبِنَاءُ) قُبَّةٍ وَغَيْرِهَا عَلَيْهِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «نَهَى أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَزَادَ " وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ " وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا قَدْ اتَّكَأَ عَلَى قَبْرٍ، فَقَالَ: لَا تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ» وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَالتَّبَسُّمَ عِنْدَهُ غَيْرُ لَائِقٍ بِالْحَالِ.

(وَ) كُرِهَ (مَشْيٌ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَبْرِ يَعْنِي الْمَشْيَ بَيْنَ الْقُبُورِ (بِنَعْلٍ) لِلْخَبَرِ (حَتَّى بِالتُّمُشْكِ - بِضَمِّ التَّاءِ وَالْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ) نَوْعٌ مِنْ النَّعْلِ (وَسُنَّ خَلْعُهُ) إذَا دَخَلَ الْمَقْبَرَةَ. لِحَدِيثِ «بَشِيرِ ابْنِ الْخَصَاصِيَةِ بَيْنَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ عَلَيْهِ نَعْلَانِ، فَقَالَ لَهُ: يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ، أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ، فَنَظَرَ الرَّجُلُ فَلَمَّا عَرَفَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم خَلَعَهُمَا، فَرَمَى بِهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ أَحْمَدُ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَاحْتِرَامًا لِأَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ.

(إلَّا خَوْفَ نَجَاسَةٍ أَوْ شَوْكٍ وَنَحْوِهِ) كَحَرَارَةِ الْأَرْضِ أَوْ بُرُودَتِهَا، فَلَا يُكْرَهُ لِلْعُذْرِ، وَلَا يُسَنُّ خَلْعُ خُفٍّ لِأَنَّهُ يَشُقُّ، وَعَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجِنَازَةِ لَبِسَ خُفَّهُ وَمَا حَمَلْت عَلَيْهِ كَلَامَهُ أَوْلَى مِنْ شَرْحِهِ لِيُوَافِقَ كَلَامَهُ أَوَّلًا

وَكَلَامَ الْأَصْحَابِ. (وَلَا بَأْسَ بِتَطْبِيقِهِ) أَيْ الْقَبْرِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ قُلْت لِعَائِشَةَ " يَا أُمَّهْ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ، لَا مُشْرِفَةٍ، وَلَا لَاطِئَةٍ مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءَ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ "(وَ) لَا بَأْسَ (بِتَعْلِيمِهِ) أَيْ الْقَبْرِ نَصًّا (بِحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَبِلَوْحٍ)«لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم بِقَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، عَلَّمَهُ بِحَجَرٍ وَضَعَهُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَقَالَ: أُعَلِّمُ قَبْرَ أَخِي حَتَّى أَدْفِنَ إلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ (وَتَسْنِيمُ) الْقَبْرِ (أَفْضُلُ) مِنْ تَسْطِيحِهِ «لِقَوْلِ سُفْيَانَ التَّمَّارِ رَأَيْت قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسَنَّمًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: وَعَنْ الْحَسَنِ مِثْلُهُ وَلِأَنَّ التَّسْطِيحَ أَشَبَهُ بِبِنَاءِ أَهْلِ الدُّنْيَا (إلَّا) مَنْ دُفِنَ (بِدَارِ حَرْبٍ إنْ تَعَذَّرَ نَقْلُهُ) مِنْ دَارِ الْحَرْبِ (فَتَسْوِيَتُهُ) أَيْ قَبْرِهِ بِالْأَرْضِ (وَإِخْفَاؤُهُ) أَفْضَلُ حَتَّى مِنْ تَسْنِيمِهِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُظْهَرَ عَلَيْهِ فَيُنْبَشَ، فَيُمَثَّلُ بِهِ.

(وَيَحْرُمُ إسْرَاجُهَا) أَيْ الْقُبُورِ لِحَدِيثِ «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ وَالْمُتَّخِذَاتِ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ وَلِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ بِلَا فَائِدَةٍ وَمُغَالَاةٍ فِي

ص: 375

تَعْظِيمِ الْأَمْوَاتِ. يُشْبِهُ تَعْظِيمُ الْأَصْنَامِ.

(وَ) يَحْرُمُ (التَّخَلِّي) عَلَى الْقُبُورِ وَبَيْنَهَا لِحَدِيثِ «لَأَنْ أَطَأَ عَلَى جَمْرَةٍ أَوْ سَيْفٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ عَلَى قَبْرِ مُسْلِمٍ وَلَا أُبَالِي أَوَسَطَ الْقُبُورِ قَضَيْتُ حَاجَتِي أَوْ وَسَطَ السُّوقِ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَابْنُ مَاجَهْ (وَ) يَحْرُمُ (جَعْلُ مَسْجِدٍ عَلَيْهَا وَبَيْنَهَا) أَيْ الْقُبُورِ لِلْخَبَرِ.

(وَدَفْنٌ بِصَحْرَاءَ أَفْضَلُ) مِنْ دَفْنٍ بِعُمْرَانٍ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْفِنُ أَصْحَابَهُ بِالْبَقِيعِ» وَلَمْ يَزَلْ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَقْبُرُونَ فِي الصَّحَارَى، وَلِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِمَسَاكِنِ الْآخِرَةِ (سِوَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدُفِنَ بِبَيْتِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ " لِئَلَّا يُتَّخَذَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَلِمَا رُوِيَ «تُدْفَنُ الْأَنْبِيَاءُ حَيْثُ يَمُوتُونَ» وَصِيَانَةً لَهُ عَنْ كَثْرَةِ الطُّرُقِ، وَتَمْيِيزًا لَهُ عَنْ غَيْرِهِ (وَاخْتَارَ صَاحِبَاهُ) أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ (الدَّفْنَ عِنْدَهُ تَشَرُّفًا وَتَبَرُّكًا وَلَمْ يُزَدْ) عَلَيْهِمَا (لِأَنَّ الْخَرْقَ) بِدَفْنِ غَيْرِهِمَا عِنْدَهُ (يَتَّسِعُ وَالْمَكَانُ ضَيِّقٌ وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ تَدُلُّ عَلَى دَفْنِهِمْ كَمَا وَقَعَ) فَلَا يُنْكِرُهُ إلَّا بِدْعِيٌّ ضَالٌّ.

وَكُرِهَ جَعْلُ خَيْمَةٍ أَوْ فُسْطَاطٍ عَلَى قَبْرٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فِي كِسْوَةِ الْقَبْرِ بِالثِّيَابِ: اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّهُ مُنْكَرٌ إذَا فُعِلَ بِقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، فَكَيْفَ بِغَيْرِهِمْ؟ .

(وَمَنْ وَصَّى بِدَفْنِهِ بِدَارٍ) فِي مِلْكِهِ (أَوْ) فِي (أَرْضٍ فِي مِلْكِهِ دُفِنَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْوَرَثَةِ.

قَالَ أَحْمَدُ (وَ) قَالَ (لَا بَأْسَ بِشِرَائِهِ مَوْضِعَ قَبْرِهِ وَيُوصِي بِدَفْنِهِ فِيهِ) فَعَلَهُ عُثْمَانُ وَعَائِشَةُ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا: أَنَّ الْأُولَى إذَا كَانَ بِالْعُمْرَانِ، وَالثَّانِيَةَ إذَا كَانَ بِالصَّحْرَاءِ. إذْ عُثْمَانُ وَعَائِشَةُ بِالْبَقِيعِ.

(وَيَصِحُّ بَيْعُ) وَارِثٍ (مَا دُفِنَ فِيهِ) الْمَيِّتُ (مِنْ مِلْكِهِ مَا لَمْ يُجْعَلْ) أَيْ يَصِير (مَقْبَرَةً) نَصًّا لِبَقَاءِ مِلْكِهِمْ فَإِنْ جُعِلَتْ مَقْبَرَةً صَارَتْ وَقْفًا.

(وَيُسْتَحَبُّ جَمْعُ الْأَقَارِبِ) الْمَوْتَى فِي مَقْبَرَةٍ وَاحِدَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ فِي تَعْلِيمِ قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ. وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِزِيَارَتِهِمْ (وَ) يُسْتَحَبُّ الدَّفْنُ فِي (الْبِقَاعِ الشَّرِيفَةِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «أَنَّ مُوسَى صلى الله عليه وسلم لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةَ حَجَرٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَوْ كُنْت ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ» وَقَالَ عُمَرُ " اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِك " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَيُسْتَحَبُّ مَا كَثُرَ فِيهِ الصَّالِحُونَ لِتَنَالَهُ بَرَكَتُهُمْ.

(وَيُدْفَنُ) مَيِّتٌ (فِي مُسَبَّلَةٍ وَلَوْ

ص: 376

بِقَوْلِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ) لِأَنَّهُ أَقَلُّ ضَرَرًا وَلَا مِنَّةَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُكَفَّنَ مِنْ أَكْفَانِ الْمُسْلِمِينَ (وَيُقَدَّمُ فِيهَا) أَيْ الْمُسْبَلَةِ عِنْدَ ضِيقٍ (بِسَبْقٍ) لِأَنَّهُ سَبْقٌ إلَى مُبَاحٍ (ثُمَّ) مَعَ تَسَاوٍ فِي سَبْقٍ يُقَدَّمُ ب (قُرْعَةٍ) لِأَنَّهَا لِتَمْيِيزِ مَا أُبْهِمَ (وَيَحْرُمُ الْحَفْرُ فِيهَا) أَيْ الْمُسْبَلَةِ (قَبْلَ الْحَاجَةِ) إلَيْهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَيَتَوَجَّهُ هُنَا مَا سَبَقَ فِي الْمُصَلَّى الْمَفْرُوشِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ.

(وَ) يَحْرُمُ (دَفْنُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ) أَيْ مَيِّتٍ عَلَى آخَرَ (حَتَّى يُظَنَّ أَنَّهُ) أَيْ الْأَوَّلَ (صَارَ تُرَابًا) فَيَجُوزُ نَبْشُهُ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِقَاعِ وَالْبِلَادِ وَالْهَوَاءِ فَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهِ ثُمَّ إنْ وُجِدَ فِيهِ عِظَامٌ لَمْ يَجُزْ دَفْنُ آخَرَ عَلَيْهِ وَتَحْرُمُ عِمَارَةُ قَبْرٍ دَائِرٍ ظُنَّ بِلَاءُ صَاحِبِهِ فِي مُسَبَّلَةٍ

لِئَلَّا يُتَصَوَّرَ بِصُورَةِ الْجَدِيدِ، فَيُمْتَنَعُ مِنْ الدَّفْنِ بِهِ (وَ) يَحْرُمُ أَنْ يُدْفَنَ غَيْرُهُ (مَعَهُ) فِي لَحْدٍ وَاحِدٍ ; «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْفِنُ كُلَّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ» وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِمْ (إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ) كَكَثْرَةِ مَوْتَى بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ دَفْنُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ لِلْعُذْرِ (وَسُنَّ حَجْزٌ بَيْنَهُمَا بِتُرَابٍ) يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَكْفِي الْكَفَنُ.

(وَ) سُنَّ (أَنْ يُقَدَّمَ إلَى الْقِبْلَةِ مَنْ يُقَدَّمُ إلَى الْإِمَامَةِ) لَوْ اجْتَمَعَتْ جَنَائِزُهُمْ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ، لِحَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ «شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَثْرَةُ الْجِرَاحَاتِ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: احْفِرُوا وَوَسِّعُوا، وَأَحْسِنُوا وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قَالَ أَحْمَدُ وَلَوْ جُعِلَ لَهُمْ شِبْهُ النَّهْرِ وَجُعِلَ رَأْسُ أَحَدِهِمْ عِنْدَ رِجْلِ الْآخَرِ، وَجُعِلَ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ.

(وَ) الْمَيِّتُ (الْمُتَعَذِّرُ إخْرَاجُهُ مِنْ بِئْرٍ إلَّا مُتَقَطِّعًا وَنَحْوَهُ) كَمُمَثَّلٍ بِهِ (وَثَمَّ حَاجَةٌ إلَيْهَا) أَيْ الْبِئْرِ (أُخْرِجَ) مُتَقَطِّعًا لِأَنَّهُ أَقَلُّ ضَرَرًا مِنْ طَمِّهَا (وَإِلَّا) يَكُنْ ثَمَّ حَاجَةٌ إلَى الْبِئْرِ (طَمَّتْ) عَلَيْهِ فَتَصِيرُ قَبْرَهُ دَفْعًا لِلتَّمْثِيلِ بِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَ إخْرَاجُهُ بِلَا تَقْطِيعٍ بِمُعَالَجَةٍ بِأَكْسِيَةٍ وَنَحْوِهَا تُدَارُ فِيهَا تَجْتَذِبُ الْبُخَارَ أَوْ بِكَلَالِيبٍ وَنَحْوِهَا بِلَا مُثْلَةٍ، وَجَبَ لِتَأْدِيَةِ فَرْضِ غُسْلِهِ وَيُعْرَفُ زَوَالُ بُخَارِهَا بِبَقَاءِ السِّرَاجِ بِهَا فَإِنَّ النَّارَ لَا تَبْقَى عَادَةً إلَّا فِيمَا يَعِيشُ فِيهِ الْحَيَوَانُ.

(وَيَحْرُمُ دَفْنٌ بِمَسْجِدٍ وَنَحْوَهُ) كَمَدْرَسَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِنْ لَهُ (وَيُنْبَشُ) وُجُوبًا مَنْ دُفِنَ بِهِ وَيُخْرَجُ نَصًّا.

(وَ) يَحْرُمُ دَفْنٌ (فِي مِلْكِ غَيْرِهِ) مَا لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ فِيهِ فَيُبَاحُ (وَلَهُ) أَيْ الْمَالِكِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ (نَقْلُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ مِنْ مِلْكِهِ وَإِلْزَامُ

ص: 377

دَافِنِهِ بِنَقْلِهِ لِتَفْرِيغِ مِلْكِهِ (وَالْأَوْلَى) لَهُ (تَرْكُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ لِئَلَّا يَنْتَهِكَ حُرْمَتَهُ.

(وَيُبَاحُ نَبْشُ قَبْرِ حَرْبِيٍّ لِمَصْلَحَةٍ)«لِأَنَّ مَوْضِعَ مَسْجِدِهِ عليه الصلاة والسلام كَانَ قُبُورًا لِلْمُشْرِكِينَ فَأَمَرَ بِنَبْشِهَا وَجَعْلِهَا مَسْجِدًا» (أَوْ لِمَالٍ فِيهِ) أَيْ قَبْرِ الْحَرْبِيِّ لِحَدِيثِ «هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَعَهُ غُصْنًا مِنْ ذَهَبٍ إنْ رَأَيْتُمْ نَبَشْتُمْ عَنْهُ أَصَبْتُمُوهُ مَعَهُ فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَأَخْرَجُوا الْغُصْنَ» .

وَ (لَا) يُبَاحُ نَبْشُ قَبْرِ (مُسْلِمٍ مَعَ بَقَاءِ رِمَّتِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَأَنْ دُفِنَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ (بِأَنْ كُفِّنَ بِغَصْبٍ) نُبِشَ وَأُخِذَ مَعَ بَقَائِهِ لِيُرَدَّ إلَى مَالِكِهِ إنْ تَعَذَّرَ غُرْمُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُنْبَشْ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ مَعَ إمْكَانِ دَفْعِ الضَّرَرِ بِدُونِهَا (أَوْ) كَانَ الْمَيِّتُ (بَلَعَ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَيَبْقَى) كَالذَّهَبِ وَنَحْوِهِ (وَطَلَبَهُ رَبُّهُ وَتَعَذَّرَ غُرْمُهُ) مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا لِلْحَيْلُولَةِ: نُبِشَ وَشُقَّ جَوْفُهُ، وَدُفِعَ الْمَالُ لِرَبِّهِ تَخْلِيصًا لِلْمَيِّتِ مِنْ إثْمِهِ، فَإِنْ كَانَ بَلَعَهُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ أَوْ لَا يَبْقَى أَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ رَبُّهُ أَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ غُرْمُهُ لَمْ يُنْبَشْ (أَوْ وَقَعَ وَلَوْ) كَانَ وُقُوعُهُ (بِفِعْلِ رَبِّهِ فِي الْقَبْرِ مَا) أَيْ شَيْءٌ (لَهُ قِيمَةٌ عُرْفًا) وَإِنْ قُلْت (نُبِشَ وَأُخِذَ) لِمَا رُوِيَ " أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ وَضَعَ خَاتَمَهُ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: خَاتَمِي، فَدَخَلَ وَأَخَذَهُ، وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أَقْرَبُكُمْ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " قَالَ أَحْمَدُ: إذَا نَسِيَ الْحَفَّارُ مِسْحَاتَهُ فِي الْقَبْرِ جَازَ أَنْ يُنْبَشَ.

وَ (لَا) يُنْبَشُ (إنْ بَلَعَ) الْمَيِّتُ (مَالَ نَفْسِهِ وَلَمْ يَبْلَ) الْمَيِّتُ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ لِمَالِهِ فِي حَيَاتِهِ أَشْبَهَ إتْلَافَهُ، فَإِنْ بَلِيَ الْمَيِّتُ وَبَقِيَ الْمَالُ أَخَذَهُ الْوَرَثَةُ (إلَّا مَعَ دَيْنٍ) عَلَى بَالِعِ مَالِ نَفْسِهِ فَيُنْبَشُ وَيُشَقُّ جَوْفُهُ وَيُوَفَّى مُبَادَرَةً إلَى تَبْرِئَةِ ذِمَّتِهِ (وَيَجِبُ نَبْشُ مَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ أَمْكَنَ) تَدَارُكًا لِلْوَاجِبِ فَيُخْرَجُ وَيُغَسَّلُ مَا لَمْ يُخْشَ تَفَسُّخُهُ (أَوْ) دُفِنَ بِلَا (صَلَاةٍ) عَلَيْهِ، فَيُخْرَجُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ يُرَدُّ إلَى مَضْجَعِهِ نَصًّا مَا لَمْ يُخْشَ تَفَسُّخُهُ لِأَنَّ مُشَاهَدَتَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَقْصُودَةٌ وَلِذَلِكَ لَوْ صُلِّيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّفْنِ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ لَمْ تَصِحَّ (أَوْ) دُفِنَ بِلَا (كَفَنٍ) فَيُخْرَجُ وَيُكَفَّنُ نَصًّا اسْتِدْرَاكًا لِلْوَاجِبِ كَمَا لَوْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ وَتُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وُجُوبًا لِعَدَمِ سُقُوطِ الْفَرْضِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَإِنْ كَانَ كُفِّنَ بِحَرِيرٍ فَوَجْهَانِ.

وَفِي الْإِنْصَافِ: الْأَوْلَى عَدَمُ نَبْشِهِ (أَوْ) دُفِنَ (إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ) فَيُنْبَشُ وَيُوَجَّهُ إلَى الْقِبْلَةِ تَدَارُكًا لِلْوَاجِبِ (وَيَجُوزُ) نَبْشُ

ص: 378

مَيِّتٍ (لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، كَتَحْسِينِ كَفَنِهِ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ «أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا دُفِنَ فَأَخْرَجَهُ فَنَفَثَ فِيهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَنَحْوِهِ) كَإِفْرَادِ مَنْ دُفِنَ مَعَ غَيْرِهِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ " دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْته فَجَعَلْته فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ ".

(وَ) يَجُوزُ نَبْشُهُ ل (نَقْلِهِ لِبُقْعَةٍ شَرِيفَةٍ وَمُجَاوَرَةِ صَالِحٍ) لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ لِمَالِكٍ: أَنَّهُ سَمِعَ غَيْرَ وَاحِدٍ يَقُولُ " إنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ مَاتَا بِالْعَقِيقِ فَحُمِلَا إلَى الْمَدِينَةِ وَدُفِنَا بِهَا " وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ " مَاتَ ابْنُ عُمَرَ هَهُنَا وَأَوْصَى أَنْ لَا يُدْفَنَ هَهُنَا وَأَنْ يُدْفَنَ بِسَرِفٍ " ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ (إلَّا شَهِيدًا دُفِنَ بِمَصْرَعِهِ) فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ قَالَهُ فِي شَرْحِهِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «ادْفِنُوا الْقَتْلَى فِي مَصَارِعِهِمْ» .

(وَدَفْنُهُ) أَيْ الشَّهِيدِ (بِهِ) أَيْ بِمَصْرَعِهِ (سُنَّةٌ) لِلْخَبَرِ (فَيُرَدُّ) الشَّهِيدُ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى مَصْرَعِهِ (لَوْ نُقِلَ) مِنْهُ مُوَافَقَةً لِلسُّنَّةِ.

قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يَجِبُ نَقْلُهُ لِضَرُورَةٍ نَحْوِ كَوْنِهِ بِدَارِ حَرْبٍ، أَوْ مَكَان يُخَافُ نَبْشُهُ وَتَحْرِيقُهُ أَوْ الْمُثْلَةِ بِهِ.

(وَإِنْ مَاتَتْ حَامِلٌ) بِمَنْ يُرْجَى حَيَاتُهُ (حَرُمَ شَقُّ بَطْنِهَا) لِلْحَمْلِ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ ذِمِّيَّةً ; لِأَنَّهُ هَتْكُ حُرْمَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ، لِإِبْقَاءِ حَيَاةٍ مُتَوَهَّمَةٍ إذْ الْغَالِبُ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَعِيشُ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَزَادَ " فِي الْإِثْمِ ".

(وَأَخْرَجَ النِّسَاءَ مَنْ تُرْجَى حَيَاتُهُ) بِأَنْ كَانَ يَتَحَرَّكُ حَرَكَةً قَوِيَّةً وَانْفَتَحَتْ الْمَخَارِجُ، وَلَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) عَلَيْهِنَّ إخْرَاجُهُ (لَمْ تُدْفَنْ حَتَّى يَمُوتَ) الْحَمْلُ لِحُرْمَتِهِ، وَلَا يُشَقُّ بَطْنُهَا، وَلَا يُوضَعُ عَلَيْهِ مَا يُمَوِّتُهُ وَلَا يُخْرِجُهُ الرِّجَالُ، لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهَا (وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ) أَيْ الْحَمْلِ (حَيًّا شُقَّ) بَطْنُهَا (ل) خُرُوجِ (الْبَاقِي) لِتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مَوْهُومَةً (فَلَوْ مَاتَ) الْحَمْلُ (قَبْلَهُ) أَيْ شَقِّ بَطْنِهَا.

(أُخْرِجَ) لِيُغَسَّلَ وَيُكَفَّنَ، وَلَا يُشَقُّ بَطْنُهَا (فَإِنْ تَعَذَّرَ) إخْرَاجُهُ (غُسِّلَ مَا خَرَجَ) مِنْهُ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ السِّقْطِ (وَلَا يُيَمَّمُ لِلْبَاقِي) لِأَنَّهُ حَمْلٌ (وَصُلِّيَ عَلَيْهِ) أَيْ الْحَمْلِ خَرَجَ بَعْضُهُ أَوْ لَا (مَعَهَا) أَيْ مَعَ أُمِّهِ الْمُسْلِمَةِ بِأَنْ يُنْوَى الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا (بِشَرْطِهِ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ (فَ) يُصَلَّى (عَلَيْهَا دُونَهُ) أَيْ الْحَمْلِ.

(فَإِنْ

ص: 379

مَاتَتْ كَافِرَةٌ) ذِمِّيَّةً أَوْ لَا (حَامِلٌ بِمُسْلِمٍ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) بِبَطْنِهَا كَمَبْلُوعٍ بِبَطْنِ بَالِعِهِ (وَدَفْنُهَا) أَيْ الْكَافِرَةِ الْحَامِلِ (بِمُسْلِمٍ) مِنْ أَجْلِ حَمْلِهَا (مُنْفَرِدَةً) عَنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ نَصًّا، حَكَاهُ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ (إنْ أَمْكَنَ) إفْرَادُهَا (وَإِلَّا) يُمْكِنُ إفْرَادُهَا (فَمَعَنَا) لِئَلَّا يُدْفَنَ الْجَنِينُ الْمُسْلِمُ مَعَ الْكَافِرِ، وَتُدْفَنُ (عَلَى جَنْبِهَا الْأَيْسَرِ مُسْتَدْبِرَةً الْقِبْلَةَ) لِيَكُونَ الْجَنِينُ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمُصَابِ.

(وَسُنَّ لِمُصَابٍ) بِمَوْتِ نَحْوِ قَرِيبٍ (أَنْ يَسْتَرْجِعَ فَيَقُولَ: إنَّا لِلَّهِ) أَيْ نَحْنُ عَبِيدُهُ يَفْعَلُ بِنَا مَا يَشَاءُ (وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ) أَيْ نَحْنُ مُقِرُّونَ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ الرَّدِيئَةِ (اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا) أَجِرْنِي: مَقْصُورٌ وَقِيلَ: مَمْدُودٌ، وَأَخْلِفْ: بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ.

قَالَ الْآجُرِّيُّ: وَجَمَاعَةٌ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ فَعَلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَرَأَ {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45](وَ) أَنْ (يَصْبِرَ) عَلَى الْمُصِيبَةِ، وَالصَّبْرُ: الْحَبْسُ، وَيَجِبُ مِنْهُ مَا يَمْنَعُهُ عَنْ مُحَرَّمٍ. وَفِي الصَّبْرِ عَلَى مَوْتِ الْوَلَدِ أَجْرٌ كَبِيرٌ وَرَدَتْ بِهِ الْآثَارُ (وَلَا يَلْزَمُهُ الرِّضَا بِفَقْرٍ وَعَاهَةٍ وَمَرَضٍ) تُصِيبُهُ، وَهِيَ عَرَضٌ مُفْسِدٌ لِمَا أَصَابَهُ، لِأَنَّهَا مِنْ الْمُقْضَى (وَيَحْرُمُ) الرِّضَا (بِفِعْلِهِ الْمَعْصِيَةَ) كَفِعْلِ غَيْرِهِ لَهَا، لِوُجُوبِ إزَالَتِهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ.

فَالرِّضَا أَوْلَى، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إذَا نَظَرَ إلَى إحْدَاثِ الرَّبِّ لِذَلِكَ لِلْحِكْمَةِ الَّتِي يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا رَضِيَ لِلَّهِ بِمَا رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ، فَيَرْضَاهُ وَيُحِبُّهُ مَفْعُولًا مَخْلُوقًا لِلَّهِ تَعَالَى، يَبْغُضُهُ وَيَكْرَهُهُ فِعْلًا لِلْمُذْنِبِ الْمُخَالِفِ لِأَمْرِ اللَّهِ (وَكُرِهَ لِمُصَابٍ تَغْيِيرُ حَالِهِ مِنْ خَلْعِ رِدَاءٍ وَنَحْوِهِ) كَعِمَامَةٍ (وَتَعْطِيلِ مَعَاشِهِ) بِنَحْوِ غَلْقِ حَانُوتِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الْجَزَعِ.

قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَمَشَّ مَعَ الْقَدْرِ لَمْ يَتَهَنَّ بِعَيْشٍ. وَ (لَا) يُكْرَهُ (بُكَاؤُهُ) أَيْ الْمُصَابِ قَبْلَ الْمُصِيبَةِ

ص: 380

وَبَعْدَهَا لِلْأَخْبَارِ، وَأَخْبَارُ النَّهْيِ مَحْمُولَةٌ عَلَى بُكَاءٍ مَعَهُ نَدْبٌ أَوْ نِيَاحَةٌ.

قَالَ الْمَجْدُ: أَوْ أَنَّهُ كُرِهَ كَثْرَةُ الْبُكَاءِ وَالدَّوَامُ عَلَيْهِ أَيَّامًا كَثِيرَةٍ (وَ) لَا يُكْرَهُ (جَعْلُ عَلَامَةٍ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُصَابِ (لِيُعْرَفَ فَيُعَزَّى) لِتَتَيَسَّرَ التَّعْزِيَةُ الْمَسْنُونَةُ لِمَنْ أَرَادَهَا.

(وَ) لَا يُكْرَهُ (هَجْرُهُ) أَيْ الْمُصَابِ (الزِّينَةَ وَحَسَنَ الثِّيَابِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِمَا يَأْتِي فِي الْإِحْدَادِ، وَسُئِلَ أَحْمَدُ يَوْمَ مَاتَ بِشْرٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ؟ فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا يَوْمَ جَوَابٍ، هَذَا يَوْمُ حُزْنٍ.

(وَحَرُمَ نَدْبٌ) أَيْ تَعْدَادُ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ بِلَفْظِ النُّدْبَةِ، نَحْوُ وَاسَيِّدَاهُ، وَاجَمَلَاهُ، وَانْقِطَاعَ ظَهْرَاهُ (وَ) حَرُمَتْ (نِيَاحَةٌ) : قِيلَ هِيَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنِّدَاءِ، وَقِيلَ ذِكْرُ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ وَأَحْوَالِهِ (وَ) حَرُمَ (شَقُّ ثَوْبٍ وَلَطْمُ خَدٍّ، وَصُرَاخٌ وَنَتْفُ شَعْرٍ وَنَشْرُهُ وَنَحْوُهُ) كَتَسْوِيدِ وَجْهٍ وَخَمْشِهِ لِلْأَخْبَارِ مِنْهَا: حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ مَرْفُوعًا «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» وَلِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالسَّخَطِ مِنْ فِعْلِهِ تَعَالَى، صَحَّتْ الْأَخْبَارُ بِتَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِالنِّيَاحَةِ وَالْبُكَاءِ عَلَيْهِ،

وَحُمِلَ عَلَى مَنْ أَوْصَى بِهِ أَوْ لَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِ إذَا كَانَ عَادَةَ أَهْلِهِ، أَوْ عَلَى مَنْ كَذَّبَ بِهِ حِينَ يَمُوتُ، أَوْ عَلَى تَأَذِّيهِ بِهِ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى الْبُكَاءِ الَّذِي مَعَهُ نَدْبٌ وَنِيَاحَةٌ، وَنَحْوُ هَذَا وَمَا هَيَّجَ الْمُصِيبَةَ مِنْ وَعْظٍ وَإِنْشَادِ شِعْرٍ مِنْ النَّاحِيَةِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَمَعْنَاهُ فِي الْفُنُونِ.

(وَتُسَنُّ تَعْزِيَةُ مُسْلِمٍ) مُصَابٍ (وَلَوْ) كَانَ (صَغِيرًا) قَبْلَ دَفْنٍ وَبَعْدَهُ لِحَدِيثِ «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ مِنْ مُصِيبَةٍ إلَّا كَسَاهُ اللَّهُ عز وجل مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ كَمِثْلِ أَجْرِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: غَرِيبٌ.

وَتَحْرُمُ تَعْزِيَةُ كَافِرٍ، وَهِيَ التَّسْلِيَةُ وَالْحَثُّ عَلَى الصَّبْرِ، وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَالْمُصَابِ.

(وَتُكْرَهُ) تَعْزِيَةُ رَجُلٍ (لِشَابَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ) مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ (إلَى ثَلَاثِ) لَيَالٍ بِأَيَّامِهِنَّ فَلَا يُعَزَّى بَعْدَهَا لِأَنَّهَا مُدَّةُ الْإِحْدَادِ الْمُطْلَقِ قَالَ الْمَجْدُ إلَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَلَا بَأْسَ بِتَعْزِيَتِهِ إذَا حَضَرَ.

قَالَ النَّاظِمُ: مَا لَمْ تُنْسَ الْمُصِيبَةُ (فَيُقَالُ) فِي تَعْزِيَتِهِ (ل) مُسْلِمٍ (مُصَابٍ بِمُسْلِمٍ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَغَفَرَ لِمَيِّتِك.

وَ) لِمُسْلِمٍ مُصَابٍ (بِكَافِرٍ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك، وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) لِأَنَّ الْغَرَضَ الدُّعَاءُ لِلْمُصَابِ وَمَيِّتِهِ إلَّا إذَا كَانَ كَافِرًا فَيُمْسِكُ عَنْ الدُّعَاءِ لَهُ وَالِاسْتِغْفَارِ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ

ص: 381

(أَوْ) يُقَالُ (غَيْرُ ذَلِكَ) مِمَّا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ. وَرَوَى حَرْبٌ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ «عَزَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا عَلَى وَلَدِهِ، فَقَالَ: آجَرَكَ اللَّهُ وَأَعْظَمَ لَك الْأَجْرَ» .

(وَكُرِهَ تَكْرَارُهَا) أَيْ التَّعْزِيَةِ نَصًّا فَلَا يُعَزِّي عِنْدَ الْقَبْرِ مَنْ عَزَّى قَبْلُ وَلَهُ الْأَخْذُ بِيَدِ مَنْ يُعَزِّيهِ وَإِنْ رَأَى الرَّجُلَ قَدْ شَقَّ ثَوْبَهُ عَلَى الْمُصِيبَةِ عَزَّاهُ وَلَمْ يَتْرُكْ حَقًّا لِبَاطِلٍ وَإِنْ نَهَاهُ فَحَسَنٌ (وَ) كُرِهَ (جُلُوسٌ لَهَا) أَيْ التَّعْزِيَةِ بِأَنْ يَجْلِسَ الْمُصَابُ بِمَكَانٍ لِيُعَزَّى أَوْ يَجْلِسَ الْمُعَزِّي عِنْدَ الْمُصَابِ بَعْدَهَا لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِلْحُزْنِ.

وَ (لَا) يُكْرَهُ جُلُوسُ الْمُعَزِّي (بِقُرْبِ دَارِ الْمَيِّتِ) خَارِجًا عَنْهَا (لِيَتَّبِعَ الْجِنَازَةَ) إذَا خَرَجَتْ (أَوْ لِيَخْرُجَ وَلِيُّهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (فَيُعَزِّيَهُ) لِأَنَّهُ لِطَاعَةٍ بِلَا مَفْسَدَةٍ لَكِنْ إنْ كَانَ الْجُلُوسُ خَارِجَ مَسْجِدٍ عَلَى نَحْوِ حَصِيرٍ مِنْهُ كُرِهَ نَصًّا.

بَلْ مُقْتَضَى مَا فِي الْوَقْفِ: يَحْرُمُ لِأَنَّهَا إنَّمَا وُقِفَتْ لِيُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُنْتَفَعَ بِهَا فِيهِ (وَيَرُدُّ مُعَزًّى) عَلَى مَنْ عَزَاهُ (ب) قَوْلِهِ (اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَك، وَرَحِمَنَا وَإِيَّاكَ) رَدَّ بِهِ أَحْمَدُ (وَسُنَّ أَنْ يُصْلِحَ لِأَهْلِ مَيِّتٍ) حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا، وَأَتَاهُمْ نَعْيُهُ (طَعَامًا يَبْعَثُ) بِهِ (إلَيْهِمْ ثَلَاثًا) مِنْ اللَّيَالِي بِأَيَّامِهَا لِحَدِيثِ «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» مُخْتَصَرٌ

رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَ (لَا) يُصْلَحُ الطَّعَامُ (لِمَنْ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ) أَيْ أَهْلِ الْمَيِّتِ (فَيُكْرَهُ) لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ عِنْدَهُمْ.

قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنْكَرَهُ شَدِيدًا، وَلِأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ عَنْ جَرِيرٍ " كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ "(ك) مَا يُكْرَهُ (فِعْلُهُمْ) أَيْ أَهْلِ الْمَيِّتِ (ذَلِكَ) الطَّعَامَ (لِلنَّاسِ) يَجْتَمِعُونَ عِنْدَهُمْ، قَالَ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ: إلَّا لِحَاجَةٍ (وَكَذَبْحٍ عِنْدَ قَبْرٍ وَأَكْلٍ مِنْهُ) فَيُكْرَهُ لِحَدِيثِ أَنَسٍ. «لَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد قَالَ أَحْمَدُ " كَانُوا إذَا مَاتَ لَهُمْ مَيِّتٌ نَحَرُوا جَزُورًا فَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ " وَفِي مَعْنَى الذَّبْحِ عِنْدَهُ: الصَّدَقَةُ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ مُحْدَثٌ وَفِيهِ رِيَاءٌ. .

ص: 382