المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[فَصْلٌ فِي الْحَمَّامِ] ِ) وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ الْحَمِيمِ، أَيْ الْمَاءِ الْحَارِّ. وَأَوَّلُ - شرح منتهى الإرادات للبهوتي = دقائق أولي النهى ط عالم الكتب - جـ ١

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[بَابُ بَيَانِ أَنْوَاعِ الْمِيَاهِ وَأَحْكَامِهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[بَابُ الْآنِيَةِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ]

- ‌[بَابُ التَّسَوُّكِ وَغَيْرِهِ مِنْ سُنَنِ الْفِطْرَةِ]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِوُضُوءٍ وَغُسْلٍ نِيَّةٌ]

- ‌[فَصْلٌ صِفَةُ الْوُضُوءِ]

- ‌[بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا]

- ‌[بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ وَمَا يَحْرُمُ بِحَدَثٍ وَأَحْكَامُ الْمُصْحَفِ]

- ‌[بَابُ الْغُسْل]

- ‌[فَصْلٌ وَالْأَغْسَالُ الْمُسْتَحَبَّةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَمَّامِ]

- ‌[بَاب التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَصْلٌ فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[بَابٌ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّجَاسَاتِ وَمَا يُعْفَى عَنْهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمُبْتَدَأَةُ بِدَمٍ أَوْ صُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ دَامَ حَدَثُهُ]

- ‌[فَصْلٌ النِّفَاسُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُدْرَكُ بِهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَحُكْمُ قَضَائِهَا]

- ‌[بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ]

- ‌[بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا]

- ‌[بَابٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَجِبُ اسْتِقْبَالُهُ وَأَدِلَّةُ الْقِبْلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَتُشْتَرَطُ لِصَلَاةِ جَمَاعَةٍ نِيَّةٌ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا وَأَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ مَا يُسَنُّ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَفْعَالُ الصَّلَاةِ وَأَقْوَالُهَا]

- ‌[فَصْلٌ سُنَنُ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ وَصَلَاةُ اللَّيْلِ]

- ‌[فَصْلٌ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ وَسُجُودُ الشُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ أَوْقَاتُ النَّهْي عَنْ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْجِنِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِمَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوْقِفِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاقْتِدَاءِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الصَّلَاةُ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ أَيْ تَوَاصَلَ الطَّعْنُ وَالضَّرْبُ وَالْكَرُّ وَالْفَرُّ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْفِينِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ مُسْلِمٍ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ السَّائِمَةِ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ]

- ‌[فَصْلٌ زَكَاةِ الْغَنَمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاة الْخُلْطَةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ وَمَعْدِنٍ وَرِكَازٍ]

- ‌[فَصْلٌ الزَّكَاةُ فِيمَا يُشْرِبُ بِلَا كُلْفَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الزَّكَاةُ فِي خَارِجٍ مِنْ أَرْضٍ مُسْتَعَارَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ زَكَاةُ الْعَسَلِ]

- ‌[فَصْلٌ زَكَاة الْمَعْدِنِ]

- ‌[فَصْلٌ الرِّكَازُ]

- ‌[بَابٌ زَكَاةُ الْأَثْمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يَخْرَجُ مُزَكٍّ عَنْ جَيِّدٍ صَحِيحٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مِنْ نَوْعِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ مُعَدٍّ لِاسْتِعْمَالٍ أَوْ إعَارَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَلِّي]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْعُرُوضِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي زَكَاةِ الْفِطْر]

- ‌[بَابُ إخْرَاج الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَفْضَلُ جَعْلُ زَكَاةِ كُلِّ مَالٍ فِي فُقَرَاءِ بَلَدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ مَنْ يُجْزِئُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ وَمَنْ لَا يُجْزِئُ]

- ‌[فَصْلٌ: مَنْ أُبِيحَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ غَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ لَا تُجْزِئُ زَكَاةٌ إلَى كَافِرٍ غَيْرِ مُؤَلَّفٍ]

- ‌[فَصْلٌ تُسَنُّ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ بِفَاضِلٍ عَنْ كِفَايَةٍ دَائِمَةٍ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[فَصْلٌ ثُبُوتُ هِلَالِ رَمَضَانَ]

- ‌[فَصْلٌ النِّيَّةُ فِي الصَّوْمِ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ فَقَطْ وَمَا يُفْسِدُ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِمَاعِ صَائِمٍ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ وَمَا يُسْتَحَبُّ]

- ‌[فَصْلٌ وَسُنَّ لَهُ أَيْ: الصَّائِمِ كَثْرَةُ قِرَاءَةٍ وَكَثْرَةُ ذِكْرٍ وَصَدَقَةٍ وَكَفُّ لِسَانِهِ عَمَّا يُكْرَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ]

- ‌[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[دَخَلَ فِي تَطَوُّعِ صَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ]

- ‌[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافٌ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا بِمَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ]

- ‌[فَصْلٌ خُرُوج الْمُعْتَكِف]

- ‌[فَصْلٌ وَإِنْ خَرَجَ مُعْتَكِفٌ لِأَمْرٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَبَاعَ أَوْ اشْتَرَى]

- ‌[فَصْلٌ تَشَاغُلُ الْمُعْتَكِفُ بِالْقُرَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[فَصَلِّ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ مِنْ صَغِيرٍ]

- ‌[فَصَلِّ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ مِنْ قِنٍّ]

- ‌[فَصْلٌ شَرْط وُجُوبِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الِاسْتِطَاعَةُ]

- ‌[فَصْلٌ شَرْط لِوُجُوبِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ عَلَى أُنْثَى]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]

- ‌[فَصْلٌ تُجَاوِزُ مِيقَاتٍ بِلَا إحْرَامٍ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ]

- ‌[فَصْلٌ وَيَجِبُ عَلَى مُتَمَتِّعٍ دَمٌ]

- ‌[فَصْلٌ وَمَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا فَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا]

- ‌[فَصْلٌ وَيُسَنُّ لِمَنْ أَحْرَمَ عَيَّنَ نُسُكًا أَوْ أَطْلَقَ مِنْ عَقِب إحْرَامِهِ تَلْبِيَةٌ]

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ أَيْ مَمْنُوعَات الْإِحْرَامِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَمَنْ كَرَّرَ مَحْظُورًا فِي إحْرَامِهِ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ تَعَلَّقَ بِإِحْرَامٍ وَمَا وَجَبَ مِنْ فِدْيَةٍ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]

- ‌[بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ]

- ‌[فَصْلٌ وَإِنْ أَتْلَفَ مُحْرِمٌ أَوْ مَنْ بِالْحَرَمِ جُزْءًا مِنْ صَيْدٍ]

- ‌[بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبَاتُهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ قَلْعُ شَجَرِ حَرَمِ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ حَرَمِ مَكَّة]

- ‌[فَصْلٌ صَيْدُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[بَابُ آدَابِ دُخُولِ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَخْرُجُ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ الصَّفَا فَيَرْقَى الصَّفَا]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ بَعْدَ الْغُرُوبِ مِنْ عَرَفَةَ مَعَ الْأَمِيرِ عَلَى طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْجِعُ مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ]

- ‌[فَصْلٌ صِفَة الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْي وَالْأَضَاحِيّ وَالْعَقِيقَة]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ هَدْيٌ بِقَوْلِهِ هَذَا هَدْيٌ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ هَدْيٌ بِنَذْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْأُضْحِيَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَقِيقَةُ]

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجُوزُ تَبْيِيتُ كُفَّارٍ وَقَتْلُهُمْ وَهُمْ غَارُّونَ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَسْبِيّ غَيْرُ الْبَالِغ مِنْ الْكُفَّار]

- ‌[بَابُ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَوْ أَمِيرَهُ عِنْدَ مَسِيرِهِ إلَى الْغَزْوِ وَفِي دَارِ الْحَرْبِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْزَمُ الْجَيْشَ الصَّبْرُ مَعَ الْأَمِيرِ وَالنُّصْحُ وَالطَّاعَةُ]

- ‌[فَصْلٌ الْغَزْو بِلَا إذْنِ الْأَمِيرِ]

- ‌[بَابُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَتُضَمُّ غَنِيمَةُ سَرَايَا الْجَيْشِ إلَى غَنِيمَةِ الْجَيْشِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْغَانِمِينَ]

- ‌[بَابٌ الْأَرْضُونَ الْمَغْنُومَةُ]

- ‌[بَابُ الْفَيْءِ]

- ‌[بَابُ الْأَمَانِ]

- ‌[بَابُ الْهُدْنَةِ]

- ‌[بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ حَمْلِ السِّلَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ]

الفصل: ‌ ‌[فَصْلٌ فِي الْحَمَّامِ] ِ) وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ الْحَمِيمِ، أَيْ الْمَاءِ الْحَارِّ. وَأَوَّلُ

[فَصْلٌ فِي الْحَمَّامِ]

ِ) وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ الْحَمِيمِ، أَيْ الْمَاءِ الْحَارِّ. وَأَوَّلُ مَنْ اتَّخَذَهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد عليهما السلام (يُكْرَهُ بِنَاءُ الْحَمَّامِ وَبَيْعُهُ وَإِجَارَتِهِ) لِمَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ كَشْفِ عَوْرَةٍ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْحَكَمِ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ بَنَاهُ لِلنِّسَاءِ.

(وَ) تُكْرَه (الْقِرَاءَةُ) فِيهِ. وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ خَفَضَ صَوْتَهُ.

(وَ) يُكْرَهُ (السَّلَامُ فِيهِ) . رَدًّا وَابْتِدَاءً.

وَفِي الشَّرْحِ: الْأَوْلَى جَوَازُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» وَلِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ. وَالْأَشْيَاءُ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَ (لَا) يُكْرَهُ (الذِّكْرُ) فِيهِ. لِمَا رَوَى النَّخَعِيّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ " دَخَلَ الْحَمَّامَ فَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ "

(وَدُخُولُهُ) أَيْ دُخُولُ ذَكَرٍ حَمَّامًا (بِسُتْرَةٍ مَعَ أَمْنِ الْوُقُوعِ فِي مُحَرَّمٍ مُبَاحٍ) نَصًّا لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ دَخَلَ حَمَّامًا كَانَ بِالْجُحْفَةِ. «وَرُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ نِعْمَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ، يُذْهِبُ الدَّرَنَ وَيُذَكِّرُ النَّارَ» (وَإِنْ خِيفَ) بِدُخُولِهِ الْوُقُوعُ فِي مَحْرَمٍ (كُرِهَ) دُخُولُهُ، خَشْيَةَ الْمَحْظُورِ.

وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ " بِئْسَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يُبْدِي الْعَوْرَةَ، وَيُذْهِبُ الْحَيَاءَ " رَوَاهُ ابْن أَبِي شَيْبَة فِي مُصَنَّفِهِ (وَإِنْ عَلِمَ) الْوُقُوعَ فِي مُحَرَّمٍ بِدُخُولِهِ (حَرُمَ) لِأَنَّ الْوَسَائِلَ لَهَا أَحْكَامُ الْمَقَاصِدِ (أَوْ دَخَلَتْهُ أُنْثَى بِلَا عُذْرٍ) مِنْ مَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ (حَرُمَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ، وَسَتَجِدُونَ فِيهَا حَمَّامَاتٍ ; فَامْنَعُوا نِسَاءَكُمْ، إلَّا حَائِضًا وَنُفَسَاءَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ وَأَمِنَتْ الْوُقُوعَ فِي مُحَرَّمٍ جَازَ. وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ غُسْلُهَا بِبَيْتِهَا، خِلَافًا لِلْمُوَفَّقِ وَغَيْرِهِ وَالْإِقْنَاعِ. وَلَا يُكْرَهُ دُخُولُهُ قُرْبَ الْغُرُوبِ وَلَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى فِي دُخُولِهِ، وَيَقْصِدُ مَوْضِعًا خَالِيًا وَلَا يَدْخُلُ بَيْتًا حَارًّا حَتَّى يَعْرَقَ فِي الْأَوَّلِ، وَيُقِلُّ الِالْتِفَاتَ وَلَا يُطِيلُ الْمَقَامَ، بَلْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَيَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إذَا خَرَجَ بِمَاءٍ بَارِدٍ وَيَغْسِلُ أَيْضًا قَدَمَيْهِ وَإِبِطَيْهِ عِنْدَ دُخُولِهِ بِمَاءٍ بَارِدٍ.

[بَاب التَّيَمُّمِ]

ِ) لُغَةً: الْقَصْدُ، قَالَ تَعَالَى:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] وَقَالَ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] وَشَرْعًا (اسْتِعْمَالُ تُرَابٍ مَخْصُوصٍ) أَيْ طَهُورٍ مُبَاحٍ غَيْرِ مُحْتَرِقٍ

ص: 89

لَهُ غُبَارٌ (لِ) مَسْحِ (وَجْهٍ وَيَدَيْنِ) عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَهُوَ (بَدَلُ طَهَارَةِ مَاءٍ) أَيْ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ أَوْ غُسْلِ نَجَاسَةٍ بِبَدَنٍ (لِ) فِعْلِ (كُلِّ مَا يُفْعَلُ بِهِ) أَيْ بِالْمَاءِ، أَيْ بِطَهَارَتِهِ، كَصَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ، وَقِرَاءَةٍ وَسُجُودِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ، وَلُبْثٍ بِمَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ (عِنْدَ عَجْزٍ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِعْمَالٍ، أَوْ صِفَةٌ لِبَدَلٍ (عَنْهُ أَيْ الْمَاءِ (شَرْعًا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ.

وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ حِسًّا، بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا أَصْلًا (سِوَى نَجَاسَةٍ عَلَى غَيْرِ بَدَنٍ) كَثَوْبٍ وَبُقْعَةٍ. فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لَهَا ; إذْ لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَا قِيَاسَ يَقْتَضِيهِ.

(وَ) سِوَى (لُبْثٍ بِمَسْجِدٍ لَحَاجَةٍ) لِلُّبْثِ فِيهِ مَعَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ، فَلَا يَجِبُ التَّيَمُّمَ لِذَلِكَ. وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: لِكُلِّ مَا يُفْعَلُ بِهِ. وَالتَّيَمُّمُ مَشْرُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي الْجُمْلَةِ. وَسَنَدُهُ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ (وَهُوَ) أَيْ التَّيَمُّمِ (عَزِيمَةٌ) كَمَسْحِ الْجَبِيرَةِ. فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ. وَ (يَجُوزُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ) كَالسَّفَرِ الْمُبَاحِ، بِخِلَافِ مَسْحِ الْخُفِّ، وَالْفِطْرِ وَالْقَصْرِ بِالسَّفَرِ، وَهُوَ مُبِيحٌ لَا رَافِعٌ لِلْحَدَثِ

(وَشُرُوطُهُ) أَيْ التَّيَمُّمِ الزَّائِدَةُ عَلَى شُرُوطِ مُبْدَلِهِ (ثَلَاثَةٌ) أَحَدُهَا (دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ) يُرِيدُ التَّيَمُّمَ لَهَا (وَلَوْ) كَانَتْ (مَنْذُورَةً ب) زَمَنٍ (مُعَيَّنٍ) كَمَنْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الزَّوَالِ بِعَشْرِ دَرَجٍ مَثَلًا (فَلَا يَصِحُّ) التَّيَمُّمُ لِهَذِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ. وَلَا (ل) صَلَاةٍ (حَاضِرَةٍ) أَيْ مُؤَدَّاةٍ (وَلَا) لِصَلَاةِ (عِيدٍ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهُمَا.

وَلَا ل) فَرِيضَةٍ (فَائِتَةٍ إلَّا إذَا ذَكَرَهَا وَأَرَادَ فِعْلَهَا، وَلَا ل) صَلَاةِ (كُسُوفٍ قَبْلَ وُجُودِهِ) أَيْ الْكُسُوفِ (وَلَا ل) صَلَاةِ (اسْتِسْقَاءٍ مَا لَمْ يَجْتَمِعُوا) أَيْ النَّاسُ لَهَا (وَلَا ل) صَلَاةِ (جِنَازَةٍ إلَّا إذَا غُسِّلَ الْمَيِّتُ) إنْ أَمْكَنَ (أَوْ يُمِّمَ لِعُذْرٍ) وَيُعَانِي بِهَا. فَيُقَالُ: شَخْصٌ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ قَبْلَ تَيَمُّمِ غَيْرِهِ، وَهِيَ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ نَحْوِ تَقَطُّعٍ أَوْ عَدَمِ مَاءٍ (وَلَا لِ) صَلَاةِ (نَفْلِ وَقْتٍ نُهِيَ عَنْهَا لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ ضَرُورَةٌ، فَتُقَيَّدُ بِالْوَقْتِ كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ ; وَلِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَقْتِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ. فَأَشْبَهَ التَّيَمُّمَ بِلَا عُذْرٍ.

الشَّرْطُ (الثَّانِي: تَعَذُّرُ) اسْتِعْمَالِ (الْمَاءِ لِعَدَمِهِ) أَيْ الْمَاءِ (وَلَوْ بِحَبْسٍ) لِلْمَاءِ، بِأَنْ يُوضَعُ فِي مَكَان لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوُصُولِ إلَيْهِ أَوْ يَعْجِزُ الشَّخْصُ عَنْ الْخُرُوج فِي طَلَبِهِ (أَوْ) كَانَ عَدَمُ الْمَاءِ بِسَبَبِ (قَطْعِ عَدُوٍّ مَاءَ بَلَدِهِ أَوْ) بِسَبَبِ (عَجْزٍ عَنْ تَنَاوُلِهِ) أَيْ الْمَاءِ مِنْ بِئْرٍ وَنَحْوِهِ، لِعُمُومِ

ص: 90

قَوْله تَعَالَى {: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ. فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ» .

قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَهَذَا عَامٌّ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ. وَلِأَنَّهُ عَادِمٌ لِلْمَاءِ أَشْبَهَ الْمُسَافِرَ. فَأَمَّا لِلْآيَةِ فَلَعَلَّ ذِكْرَ السَّفَرِ فِيهَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، كَذِكْرِهِ فِي الرَّهْنِ. فَلَا يَكُونُ مَفْهُومُهُ مُعْتَبَرًا (وَلَوْ بِفَمٍ لِفَقْدِ آلَةٍ) كَمَقْطُوعِ يَدَيْنِ، وَصَحِيحٍ عَدِمَ مَا يَسْتَقِي بِهِ مِنْ نَحْوِ بِئْرٍ كَحَبْلٍ وَدَلْوٍ، أَوْ يَدَاهُ نَجِسَتَانِ وَالْمَاءُ قَلِيلٌ.

فَإِنْ قَدَرَ عَلَى تَنَاوُلِهِ بِنَحْوِ فَمٍ أَوْ عَلَى غَمْسِ أَعْضَائِهِ بِمَاءٍ كَثِيرٍ، لَزِمَهُ لِأَنَّهُ فَرَضَهُ (أَوْ) تَعَذَّرَ الْمَاءُ مَعَ وُجُودِهِ (ل) عَارِضٍ مِنْ (مَرَضٍ) يَعْجِزُ مَعَهُ عَنْ الْوُضُوءِ بِنَفْسِهِ (مَعَ عَدَمِ مُوَضِّئٍ) لَهُ، أَوْ مَنْ يَصُبُّ الْمَاءَ مَعَ عَجْزِهِ عَنْهُ (أَوْ) غَيْبَتِهِ عَنْهُ مَعَ (خَوْفِهِ فَوْتَ الْوَقْتِ بِانْتِظَارِهِ) أَيْ الْمُوَضِّئِ أَوْ الصَّابِّ (أَوْ خَوْفِهِ) أَيْ الْمَرِيضِ الْقَادِرِ عَلَى الْوُضُوءِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (بِاسْتِعْمَالِهِ) أَيْ الْمَاءِ (بُطْءَ بُرْءٍ) أَيْ طُولَ مَرَضٍ (أَوْ) خَوْفِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ الْمَاءَ (بَقَاءَ شَيْنٍ) أَيْ أَثَرَ قُرُوحٍ تَفْحُشُ.

قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَكَذَا لَوْ خَافَ حُدُوثَ نَزْلَةٍ وَنَحْوِهَا اهـ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [المائدة: 6] وَلِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ إذَا خَافَ ذَهَابَ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ ضَرَرًا فِي نَفْسِهِ مِنْ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ. فَهُنَا أَوْلَى (أَوْ) خَوْفِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ الْمَاءَ (ضَرَرَ بَدَنِهِ مِنْ جُرْحٍ) فِيهِ بَعْدَ غَسْلِ مَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ (أَوْ) مِنْ (بَرْدٍ شَدِيدٍ) وَلَمْ يَجِدْ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ (أَوْ) خَوْفِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ (فَوْتَ رِفْقَةٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: وَلَوْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا بِفَوَاتِ الرِّفْقَةِ، لِفَوَاتِ الْأُلْفِ وَالْأُنْسِ (أَوْ) خَوْفِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ فَوْتَ (مَالِهِ، أَوْ) خَوْفِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ (عَطَشَ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ مُحْتَرَمَيْنِ) بِخِلَافِ نَحْوِ حَرْبِيٍّ وَخِنْزِيرٍ وَكَلْبٍ عَقُورٍ، أَوْ أَسْوَدَ بَهِيمٍ وَمَنْ مَعَهُ طَاهِرٌ وَنَجِسٌ وَخَافَ عَطَشًا ; حَبَسَ الطَّاهِرَ وَأَرَاقَ النَّجِسَ، إنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ، وَإِلَّا حَبَسَهُ (أَوْ) خَوْفِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ (احْتِيَاجَهُ) أَيْ الْمَاءَ (لِعَجْنٍ أَوْ طَبْخٍ) .

فَمَنْ خَافَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أُبِيحَ لَهُ التَّيَمُّمُ، دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَالْحَرَجِ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَرَفِيقِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ فَخَشِيَ الْعَطَشَ: أَنَّهُ يُبْقِي مَاءَهُ لِلشُّرْبِ وَيَتَيَمَّمُ (أَوْ) تَعَذَّرَ الْمَاءُ (لِعَدَمِ بَذْلِهِ إلَّا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ عَادَةً عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ فِي مَكَانِهِ) لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي دَفْعِ الزِّيَادَةِ

ص: 91

الْكَثِيرَةِ.

فَلَمْ يَلْزَمْهُ تَحَمُّلُهُ، كَضَرَرِ النَّفْسِ (وَلَا إعَادَةَ فِي الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ مَا مَرَّ مِنْ الْمَسَائِلِ. لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ، فَخَرَجَ مِنْ عُهْدَتِهِ (وَيَلْزَمُ) مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ وَاحْتِيَاجِهِ (شِرَاءُ مَاءٍ أَوْ) شِرَاءُ (حَبْلٍ وَدَلْوٍ) احْتَاجَ إلَيْهِمَا لِيَسْتَسْقِيَ بِهِمَا (بِثَمَنِ مِثْلٍ أَوْ) شَيْءٍ (زَائِدٍ) عَنْهُ (يَسِيرًا) عَادَةً فِي مَكَانِهِ (فَاضِلٍ) صِفَةٌ لِثَمَنٍ (عَنْ حَاجَتِهِ) كَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَنَفَقَةٍ وَمُؤْنَةِ سَفَرٍ لَهُ وَلِعِيَالِهِ ; لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى ثَمَنِ الْعَيْنِ كَالْقُدْرَةِ عَلَيْهَا فِي عَدَمِ جَوَازِ الِانْتِقَالِ إلَى الْبَدَلِ.

وَالزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ لَا أَثَرَ لَهَا إذْ الضَّرَرُ الْيَسِيرُ قَدْ اُغْتُفِرَ فِي النَّفْسِ، فَفِي الْمَالِ أَحْرَى. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَوْ وَجَدَهُ يُبَاعُ فِي الذِّمَّةِ وَقَدَرَ عَلَيْهِ بِبَلَدِهِ، لَكِنْ إنْ اشْتَرَى إذَنْ فَهُوَ أَفْضُلُ. وَلَيْسَ إسْرَافًا بِخِلَافِ عَطْشَانَ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَشْرَبْ فَيَأْثَمُ.

(وَ) يَلْزَمُهُ أَيْضًا (اسْتَعَارَتُهُمَا) أَيْ طَلَبُ الْحَبْلِ وَالدَّلْوِ عَارِيَّةً مِمَّنْ هُمَا مَعَهُ.

(وَ) يَلْزَمُهُ أَيْضًا (قَبُولُهُمَا) إنْ بُذِلَا لَهُ (عَارِيَّةً، وَ) قَبُولُ (مَاءٍ قَرْضًا) لِاسْتِقْرَاضِهِ.

(وَ) يَلْزَمُهُ قَبُولُ (هِبَةٍ) لِاسْتِيهَابِهِ (وَ) يَلْزَمُهُ قَبُولُ ثَمَنِهِ فَرْضًا وَلَهُ وَفَاءٌ) لِأَنَّ الْمِنَّةَ فِي ذَلِكَ يَسِيرَةٌ فِي الْعَادَةِ، فَلَا يَضُرُّ احْتِمَالُهَا. وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ ثَمَنِهِ هِبَةً لَلْمِنَّةَ، وَلَا اسْتِقْرَاضُ ثَمَنِهِ (وَيَجِبُ) عَلَى مَنْ مَعَهُ مَاءٌ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَةِ شُرْبِهِ (بَذْلُهُ لِعَطْشَانَ) وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ نَجِسًا ; لِأَنَّهُ إنْقَاذٌ مِنْ هَلَكَةٍ كَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ.

(وَيُيَمَّمُ رَبُّ مَاءٍ مَاتَ) بَدَلَ غُسْلِهِ (لِعَطَشِ رَفِيقِهِ) كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا (وَيَغْرَمُ) رَفِيقُهُ (ثَمَنَهُ) أَيْ قِيمَةَ الْمَاءِ (مَكَانَهُ وَقْتَ إتْلَافِهِ) لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ قُلْنَا: الْمَاءُ مِثْلِيٌّ ; لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِالْوَارِثِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي النِّهَايَةِ: إنْ غَرِمَهُ مَكَانَهُ فَبِمِثْلِهِ

(وَمَنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ) أَيْ الْمَاءِ (ثُمَّ يَجْمَعَهُ وَيَشْرَبَهُ) بَعْدَ وُضُوئِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ) لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ (وَمَنْ قَدَرَ عَلَى مَاءِ بِئْرٍ بِثَوْبٍ يُدَلِّيهِ فِيهَا يَبُلُّهُ ثُمَّ) يُخْرِجُهُ فَ (يَعْصِرُهُ لَزِمَهُ) ذَلِكَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ (مَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ) أَيْ الثَّوْبِ بِذَلِكَ (أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ) فَلَا يَلْزَمُهُ، كَشِرَائِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، وَحَيْثُ لَزِمَهُ فَعَلَ.

(وَلَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ آلَةُ الِاسْتِسْقَاءِ الْمُعْتَادَةُ (وَمَنْ بَعْضُ بَدَنِهِ جَرِيحٌ وَنَحْوُهُ) بِأَنْ كَانَ بِهِ قُرُوحٌ أَوْ رَمَدٌ، وَتَضَرَّرَ بِغُسْلِ ذَلِكَ، وَهُوَ جُنُبٌ أَوْ مُحْدِثٌ (وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِمَسْحِهِ بِالْمَاءِ وَجَبَ) الْمَسْحُ بِالْمَاءِ، إنْ لَمْ يَكُنْ الْجُرْحُ نَجِسًا. قَالَهُ فِي التَّلْخِيصِ.

(وَأَجْزَأَ) لِأَنَّ الْمَسْحَ بِالْمَاءِ بَعْضُ الْغُسْلِ، وَقَدَرَ عَلَيْهِ فَلَزِمَهُ. لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَكَمَنْ عَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ وَقَدَرَ عَلَى الْإِيمَاءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَضَرَّرَ

ص: 92

بِمَسْحِهِ أَيْضًا (تَيَمَّمَ لَهُ) أَيْ لِلْجَرِيحِ وَنَحْوِهِ، دَفْعًا لِلْحَرَجِ (وَ) يَتَيَمَّمُ أَيْضًا (لِمَا يَتَضَرَّرُ بِغُسْلِهِ مِمَّا قَرُبَ) مِنْ الْجَرِيحِ وَنَحْوِهِ، دَفْعًا لِلْحَرَجِ.

(وَ) يَتَيَمَّمُ أَيْضًا (لِمَا يَتَضَرَّرُ بِغُسْلِهِ مِمَّا قَرُبَ) مِنْ الْجَرِيحِ وَنَحْوِهِ، لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُكْمِ (وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ضَبْطِهِ) أَيْ الْجَرِيحِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ (وَقَدَرَ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَضْبِطُهُ) وَلَوْ بِأُجْرَةٍ فَاضِلَةٍ عَنْ حَاجَتِهِ (لَزِمَهُ) أَنْ يَسْتَنِيبَ لِيُؤَدِّيَ الْفَرْضَ

فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِنَابَةِ أَيْضًا تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَأَجْزَأَتْهُ (وَيَلْزَمُ مَنْ جُرْحُهُ) وَنَحْوَهُ (بِبَعْضِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ إذَا تَوَضَّأَ تَرْتِيبٌ) لِوُجُوبِهِ فِي الْوُضُوءِ (فَيَتَيَمَّمُ لَهُ) أَيْ لِلْعُضْوِ الْجَرِيحِ وَنَحْوِهِ (عِنْدَ غَسْلِهِ لَوْ كَانَ صَحِيحًا) فَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ وَنَحْوُهُ فِي الْوَجْهِ وَعَمَّهُ تَيَمَّمَ أَوَّلًا ثُمَّ أَتَمَّ وُضُوءَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهِ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَغْسِلَ صَحِيحَهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمَ لِجُرْحِهِ وَعَكْسِهِ، ثُمَّ يُتِمَّ وُضُوءَهُ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ عُضْوٍ آخَرَ لَزِمَهُ غُسْلُ مَا قَبْلَهُ، ثُمَّ كَانَ فِيهِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْوَجْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ احْتَاجَ فِي كُلِّ عُضْوٍ إلَى تَيَمُّمٍ فِي مَحَلِّ غُسْلِهِ، لِيَحْصُلَ التَّرْتِيبُ، فَإِنْ غَسَلَ صَحِيحٌ وَجْهَهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ لَهُ وَلِيَدَيْهِ تَيَمُّمًا.

لَمْ يُجْزِهِ، لِأَدَائِهِ إلَى سُقُوطِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَأَمَّا التَّيَمُّمُ عَنْ جُمْلَةِ الطَّهَارَةِ فَالْحُكْمُ لَهُ دُونَهَا.

(وَ) يَلْزَمُ أَيْضًا مَنْ جُرْحُهُ بِبَعْضِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ إذَا تَوَضَّأَ (مُوَالَاةٌ) لِوُجُوبِهَا فِيهِ فَلَوْ كَانَ بِرِجْلِهِ، وَتَيَمَّمَ لَهُ عِنْدَ غُسْلِهَا وَمَضَى مَا تَفُوتُ فِيهِ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ (فَ) يُعِيدُهُ (وَيُعِيدُ غَسْلَ الصَّحِيحَ عِنْدَ كُلِّ تَيَمُّمٍ) كَمَا لَوْ أَخَّرَ غَسْلَهُ حَتَّى فَاتَتْ وَلَوْ اغْتَسَلَ لِجَنَابَةٍ، ثُمَّ تَيَمَّمَ لِنَحْوِ جُرْحٍ وَخَرَجَ الْوَقْتُ.

لَمْ يَعُدْ سِوَى التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَرْتِيبٌ، وَلَا مُوَالَاةٌ (وَإِنْ وَجَدَ) مَنْ لَزِمَهُ طَهَارَةٌ (حَتَّى الْمُحْدِثُ) حَدَثًا أَصْغَرَ (مَاءً لَا يَكْفِي لِطَهَارَةٍ اسْتَعْمَلَهُ) وُجُوبًا (ثُمَّ تَيَمَّمَ) لِلْبَاقِي، لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» فَإِنْ تَيَمَّمَ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ لَمْ يَصِحَّ لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المائدة: 6] فَإِنْ وَجَدَ تُرَابًا لَا يَكْفِيهِ، اسْتَعْمَلَهُ وَصَلَّى وَيُعِيدُ إذَا وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ مِنْ مَاءٍ أَوْ تُرَابٍ قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْإِنْصَافِ.

قُلْت: مُقْتَضَى مَا يَأْتِي: لَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُجْزِئُ، وَلَا إعَادَةَ وَإِنْ وَجَدَ جُنُبٌ مَا يَكْفِي أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ فَقَطْ اسْتَعْمَلَهُ فِيهَا نَاوِيًا رَفْعَ الْحَدَثَيْنِ وَمَنْ بِبَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَهُوَ مُحْدِثٌ وَالْمَاءُ يَكْفِي أَحَدَهُمَا غَسَلَ بِهِ النَّجَاسَةَ، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لِلْحَدَثِ نَصًّا.

قَالَ الْمَجْدُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ فِي مَحَلٍّ يَصِحُّ تَطْهِيرُهُ مِنْ

ص: 93

الْحَدَثِ، فَيَسْتَعْمِلُهُ فِيهِ عَنْهُمَا وَكَذَا إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي ثَوْبِهِ. أَزَالَهَا بِهِ، ثُمَّ تَيَمَّمَ (وَمَنْ) لَزِمَتْهُ طَهَارَةٌ وَ (عَدِمَ الْمَاءَ لَزِمَهُ إذَا) أَيْ كُلَّمَا (خُوطِبَ بِصَلَاةٍ) بِأَنْ دَخَلَ وَقْتُهَا فَلَا أَثَرَ لِلطَّلَبِ قَبْلَهُ. لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالطَّهَارَةِ إذَنْ (طَلَبُهُ فِي رَحْلِهِ) بِأَنْ يُفَتِّشُ مِنْ مَسْكَنِهِ وَمَا يَسْتَصْحِبُهُ مِنْ أَثَاثِهِ وَرَحْلِهِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ.

(وَمَا قَرُبَ) مِنْهُ (عَادَةً) بِأَنْ يَنْظُرَ أَمَامَهُ وَوَرَاءَهُ وَعَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالسَّعْيِ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ سَائِرًا طَلَبَهُ أَمَامَهُ، فَإِنْ رَأَى خُضْرَةً أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَصَدَهُ فَاسْتَبْرَأَهُ.

(وَ) يَلْزَمُهُ أَيْضًا: طَلَبُهُ (مِنْ رَفِيقِهِ) فَيَسْأَلُ عَنْ مَوَارِدِهِ، أَوْ عَنْ مَاءٍ مَعَهُ يَبِيعُهُ، أَوْ يَبْذُلُهُ لَهُ.

فَإِنْ تَيَمَّمَ قَبْلَ الطَّلَبِ لَمْ يَصِحَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] وَلَا يُقَالُ: لَمْ يَجِدْ إلَّا لِمَنْ طَلَبَ وَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِهِ مَاءٌ لَا يَعْلَمُهُ وَسَوَاءٌ تَحَقَّقَ وُجُودَهُ أَوْ ظَنَّهُ، أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ، أَوْ اسْتَوَى عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ (مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَدَمُهُ) أَيْ الْمَاءِ، فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ، لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ (وَمَنْ تَيَمَّمَ) لِعَدَمِ الْمَاءِ (ثُمَّ رَأَى مَا يَشُكُّ مَعَهُ فِي) وُجُودِ (الْمَاءِ) كَخُضْرَةٍ وَرَكْبٍ قَادِمٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَاءٌ (لَا فِي صَلَاةٍ، بَطَلَ تَيَمُّمُهُ) لِوُجُوبِ طَلَبِهِ عَلَيْهِ إذَنْ.

وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ فَلَا تَبْطُلُ وَلَا تَيَمُّمُهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ إذَنْ (فَإِنْ دَلَّهُ) أَيْ عَادِمَ الْمَاءِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَاءِ (ثِقَةٌ) قَرِيبًا عُرْفًا لَزِمَهُ قَصْدُهُ (أَوْ عَلِمَهُ) أَيْ عَلِمَ الْمَاءَ عَادِمُهُ (قَرِيبًا عُرْفًا) مِنْهُ (وَلَمْ يَخَفْ) بِقَصْدِهِ إيَّاهُ (فَوْتَ وَقْتٍ وَلَوْ) كَانَ الْوَقْتُ الْمَخُوفُ فَوَاتُهُ (لِلِاخْتِيَارِ) بِأَنْ ظَنَّ أَنْ لَا يُدْرِكَ الصَّلَاةَ بِوُضُوءٍ إلَّا وَقْتَ الضَّرُورَةِ (أَوْ) لَمْ يَخَفْ بِقَصْدِهِ فَوْتَ (رِفْقَةٍ، أَوْ) فَوْتَ (عَدُوٍّ، أَوْ) فَوْتَ (مَالٍ، أَوْ) لَمْ يَخَفْ بِقَصْدِهِ (عَلَى نَفْسِهِ) نَحْوَ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ عَدُوٍّ.

(وَلَوْ) كَانَ الْمَخُوفُ مِنْهُ (فُسَّاقًا) يَفْسُقُونَ بِطَالِبِ الْمَاءِ (غَيْرَ جَبَانٍ) يَخَافُ بِلَا سَبَبٍ يُخَافُ مِنْهُ (أَوْ) لَمْ يَخَفْ بِقَصْدِهِ عَلَى (مَالِهِ) كَشُرُودِ دَابَّتِهِ، أَوْ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ نَحْوِهِ (لَزِمَهُ قَصْدُهُ) أَيْ الْمَاءِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ بِلَا ضَرَرٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ خَافَ شَيْئًا مِمَّا تَقَدَّمَ (تَيَمَّمَ) وَسَقَطَ طَلَبُهُ، لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْوَقْتِ بِلَا ضَرَرٍ فَأَشْبَهَ عَادِمَهُ إعَادَةً وَلَيْسَ لَهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى الْأَمْنِ.

وَإِذَا تَيَمَّمَ لِسَوَادٍ بِاللَّيْلِ يَظُنُّهُ عَدُوًّا، فَتَبَيَّنَ عَدَمَهُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فَلَا إعَادَةَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ فِي الْأَسْفَارِ (وَلَا يَتَيَمَّمُ) مَعَ الْمَاءِ (لِخَوْفِ فَوْتِ جِنَازَةٍ) بِالْوُضُوءِ (وَلَا) لِخَوْفِ فَوْتِ وَقْتِ (فَرْضٍ) إنْ

ص: 94

تَوَضَّأَ لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المائدة: 6](إلَّا هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْمُسَافِرُ الْمَاءَ أَوْ دَلَّهُ عَلَيْهِ ثِقَةٌ قَرِيبًا وَخَافَ بِقَصْدِهِ فَوْتَ الْوَقْتِ.

(وَ) إلَّا فِيمَا (إذَا وَصَلَ مُسَافِرٌ إلَى مَاءٍ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ) عَنْ طَهَارَتِهِ (أَوْ) لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ عَنْهَا لَكِنْ (عَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ) لِيَسْتَعْمِلَهُ (إلَّا بَعْدَهُ) أَيْ الْوَقْتِ، فَيَتَيَمَّمُ، لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْوَقْتِ. فَاسْتُصْحِبَ حَالُ عَدَمِهِ لَهُ، بِخِلَافِ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ وَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ، ثُمَّ أَخَّرَ حَتَّى ضَاقَ فَكَحَاضِرٍ لِتَحَقُّقِ قُدْرَتِهِ (وَمَنْ تَرَكَ مَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ) مِنْ مَاءٍ أَوْ ثَمَنِهِ أَوْ آلَتِهِ (أَوْ) تَرَكَ مَا يَلْزَمُهُ (تَحْصِيلُهُ مِنْ مَاءٍ وَغَيْرِهِ) كَحَبْلٍ وَدَلْوٍ (وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى.

أَعَادَ) لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ لَاحِقٍ لَهُ. فَلَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ، كَوَاجِدِهِ (وَمَنْ خَرَجَ) إلَى أَرْضٍ مِنْ أَعْمَالِ بَلَدِهِ (لِحَرْثٍ أَوْ صَيْدٍ وَنَحْوِهِ) كَاحْتِطَابٍ (حَمَلَهُ) أَيْ الْمَاءَ مَعَهُ (إنْ أَمْكَنَهُ) لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ إذَنْ. وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَاجِبٌ (وَ) مَتَى حَمَلَهُ وَفَقَدَهُ، أَوْ لَمْ يَحْمِلْهُ وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ (تَيَمَّمَ إنْ فَاتَتْ حَاجَتُهُ) الَّتِي خَرَجَ إلَيْهَا (بِرُجُوعِهِ) إلَى الْمَاءِ (وَلَا يُعِيدُ) صَلَاتَهُ بِهِ، لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْمُسَافِرِ إلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى.

(وَمَنْ فِي الْوَقْتِ) لِلصَّلَاةِ (أَرَاقَهُ) أَيْ الْمَاءَ (أَوْ مَرَّ بِهِ) أَيْ الْمَاءِ (وَأَمْكَنَهُ الْوُضُوءُ) مِنْهُ وَلَمْ يَفْعَلْ (وَ) هُوَ (يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ) فِي الْوَقْتِ لِغَيْرِ مَنْ يَلْزَمُ بَذْلُهُ لَهُ (حَرُمَ) عَلَيْهِ ذَلِكَ (وَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَصِحَّ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ كَأُضْحِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ

(ثُمَّ إنْ تَيَمَّمَ) لِعَدَمِ غَيْرِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّ الْمَبِيعِ وَالْمَوْهُوبِ (وَصَلَّى لَمْ يُعِدْ) لِأَنَّهُ عَادِمٌ لِلْمَاءِ حَالَ التَّيَمُّمِ أَشْبَهَ مَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الْوَقْتِ، فَإِنْ كَانَ مَا سَبَقَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا إثْمَ لَهُ وَلَا إعَادَةَ بِالْأَوْلَى (وَمَنْ ضَلَّ عَنْ رَحْلِهِ وَبِهِ الْمَاءُ. وَقَدْ طَلَبَهُ) أَيْ رَحْلَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَتَيَمَّمَ أَجْزَأَهُ أَوْ ضَلَّ (عَنْ مَوْضِعِ بِئْرٍ كَانَ يَعْرِفُهَا فَتَيَمَّمَ أَجْزَأَهُ) وَلَا إعَادَةَ بَعْدَ وُجُودِ مَاءٍ ضَلَّ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ حَالَ تَيَمُّمِهِ عَادِمُ الْمَاءِ.

فَدَخَلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُفَرِّطٍ (وَلَوْ بَانَ بَعْدَ) التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ (بِقُرْبِهِ بِئْرٌ خَفِيَّةٌ لَمْ يَعْرِفْهَا) فَلَا إعَادَةَ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ أَعْلَامُهَا ظَاهِرَةً أَوْ كَانَ يَعْرِفُهَا (لَا إنْ نَسِيَهُ أَيْ الْمَاءَ) أَوْ جَهِلَهُ بِمَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُهُ

(وَلَوْ مَعَ نَحْوِ عَبْدِهِ (وَتَيَمَّمَ) وَصَلَّى. فَلَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ تَجِبُ مَعَ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ فَلَا تَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ، كَمَنْ صَلَّى نَاسِيًا حَدَثَهُ وَ

ص: 95

(كَمُصَلٍّ عُرْيَانًا وَمُكَفِّرٍ بِصَوْمٍ نَاسِيًا لِلسُّتْرَةِ وَالرَّقَبَةِ) فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَلَا يُجْزِئُهُ صَوْمُهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ (وَيُتَيَمَّمُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، أَيْ يُشْرَعُ التَّيَمُّمُ (لِكُلِّ حَدَثٍ) أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ.

لِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ «: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ؟ فَقَالَ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، وَلَا مَاءَ قَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ. فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِحَدِيثِ عَمَّارٍ، وَحَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ انْقَطَعَ دَمُهُمَا كَجُنُبٍ (وَ) تَيَمَّمَ (ل) كُلِّ (نَجَاسَةٍ بِبَدَنٍ) مُتَيَمِّمٌ.

قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ بِمُنْزِلَةِ الْجُنُبِ (لِعَدَمِ مَاءٍ أَوْ لِضَرَرٍ) فِي بَدَنِهِ وَلَوْ كَانَ الضَّرَرُ (مِنْ بَرْدٍ حَضَرَا) مَعَ عَدَمِ مَا يُسَخَّنُ بِهِ الْمَاءُ (بَعْدَ تَخْفِيفِهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ عَنْ بَدَنِهِ (مَا أَمْكَنَ) بِمَسْحِ رَطْبِهِ أَوْ حَكِّ يَابِسِهِ (لُزُومًا وَلَا إعَادَةَ) عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِمَحَلٍّ صَحِيحٍ أَوْ جَرِيحٍ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ «: صلى الله عليه وسلم الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ» وَقَوْلِهِ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ فِي الْبَدَنِ تُرَادُ لِلصَّلَاةِ، فَأَشْبَهَتْ طَهَارَةَ الْحَدَثِ.

وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَا تَيَمُّمَ لِغَيْرِ نَجَاسَةٍ بِبَدَنٍ وَتَقَدَّمَ (وَإِنْ تَعَذَّرَ) عَلَى مُرِيدِ الصَّلَاةِ (الْمَاءُ وَالتُّرَابُ لِعَدَمٍ) كَمَنْ حُبِسَ بِمَحَلٍّ لَا مَاءَ فِيهِ وَلَا تُرَابَ (أَوْ لِقُرُوحٍ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا مَسَّ الْبَشَرَةِ بِمَاءٍ وَلَا تُرَابٍ (وَنَحْوِهَا) أَيْ الْقُرُوحِ كَجِرَاحَاتٍ لَا يُمْكِنُ مَسُّهَا وَكَذَا مَرِيضٌ عَجَزَ عَنْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ أَوْ عَمَّنْ يُطَهِّرُهُ بِأَحَدِهِمَا (صَلَّى الْفَرْضَ فَقَطْ) دُونَ النَّوَافِلِ (عَلَى حَسَبِ حَالِهِ) لِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فَلَمْ تُؤَخَّرْ الصَّلَاةُ عِنْدَ عَدَمِهِ كَالسُّتْرَةِ.

(وَلَا يَزِيدُ) عَادِمُ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ (عَلَى مَا يُجْزِئُ) فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَقْرَأُ زَائِدًا عَلَى الْفَاتِحَةِ وَلَا يَسْتَفْتِحُ، وَلَا يَتَعَوَّذُ وَلَا يُبَسْمِلُ، وَلَا يُسَبِّحُ زَائِدًا عَلَى الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُجْزِئُ فِي طُمَأْنِينَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ جُلُوسٍ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ رَكَعَ فِي الْحَالِ، وَإِذَا فَرَغَ مِمَّا يُجْزِئُ فِي التَّشَهُّدِ نَهَضَ أَوْ سَلَّمَ فِي الْحَالِ لِأَنَّهَا صَلَاةُ ضَرُورَةٍ فَتَقَيَّدَتْ بِالْوَاجِبِ. إذْ لَا ضَرُورَةَ لِزَائِدٍ وَلَا يَقْرَأُ خَارِجَ الصَّلَاةِ إنْ كَانَ جُنُبًا

(وَلَا يَؤُمُّ) عَادِمُ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ (مُتَطَهِّرًا بِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ كَالْعَاجِزِ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ لَا يَؤُمُّ قَادِرًا عَلَيْهِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى التُّرَابِ، فِي الصَّلَاةِ فَكَالْمُتَيَمِّمِ يَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ (وَلَا إعَادَةَ) عَلَى مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ وَصَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ فَخَرَجَ مِنْ عُهْدَتِهِ (وَتَبْطُلُ) صَلَاتُهُ (بِحَدَثٍ وَنَحْوِهِ)

ص: 96

كَنَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا (فِيهَا) لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ، فَأَبْطَلَهَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَتْ، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُهَا عَلَى حَسَبِ حَالِهِ.

وَتَبْطُلُ صَلَاةٌ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُيَمَّمْ بِغُسْلِهِ مُطْلَقًا، وَتُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِهِ وَيُيَمَّمُ، وَيَجُوزُ نَبْشُهُ لِأَحَدِهِمَا مَعَ أَمْنِ تَفَسُّخِهِ (وَإِنْ وَجَدَ) عَادِمٌ (ثَلْجًا وَتَعَذَّرَ تَذْوِيبُهُ مَسَحَ بِهِ أَعْضَاءَهُ) لُزُومًا، لِأَنَّهُ مَاءٌ جَامِدٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ إلَّا كَذَلِكَ، فَوَجَبَ، لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» .

وَظَاهِرُهُ: لَا يَتَيَمَّمُ مَعَ وُجُودِهِ، لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ (وَصَلَّى وَلَمْ يُعِدْ) صَلَاتَهُ (إنْ جَرَى) الثَّلْجُ أَيْ سَالَ (بِمَسِّ الْأَعْضَاءِ) الْوَاجِبِ غَسْلُهَا، لِأَنَّهُ يَصِيرُ غَسْلًا خَفِيفًا، فَإِنْ لَمْ يَجْرِ بِمَسٍّ. أَعَادَ، وَمِثْلُهُ لَوْ صَلَّى بِلَا تَيَمُّمٍ وَعِنْدَهُ: طِينٌ يَابِسٌ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَقِّهِ لِيَكُونَ لَهُ غُبَارٌ الشَّرْطُ (الثَّالِثُ: تُرَابٌ) فَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمٌ بِرَمْلٍ أَوْ نُورَةٍ أَوْ جِصٍّ، أَوْ نَحْتِ حِجَارَةٍ أَوْ نَحْوِهِ (طَهُورٌ) بِخِلَافِ مَا يَتَنَاثَرُ مِنْ الْمُتَيَمِّمِ، لِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي طَهَارَةِ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ، أَشْبَهَ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي طَهَارَةٍ وَاجِبَةٍ، وَإِنْ تَيَمَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، صَحَّ، كَمَا لَوْ تَوَضَّئُوا مِنْ حَوْضٍ يَغْتَرِفُونَ مِنْهُ (مُبَاحٌ) فَلَا يَصِحُّ بِمَغْصُوبٍ، كَالْوُضُوءِ بِهِ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تُرَابَ مَسْجِدٍ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ بِتُرَابِ زَمْزَمَ، مَعَ أَنَّهُ مَسْجِدٌ (غَيْرُ مُحْتَرِقٍ) فَلَا يَصِحُّ بِمَا دَقَّ مِنْ نَحْوِ خَزَفٍ، لِأَنَّ الطَّبْخَ أَخْرَجَهُ عَنْ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ التُّرَابِ (يَعْلَقُ غُبَارُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] وَمَا لَا غُبَارَ لَهُ لَا يُمْسَحُ بِشَيْءٍ مِنْهُ " فَلَوْ ضَرَبَ عَلَى نَحْوِ لَبَدٍ أَوْ بِسَاطٍ أَوْ حَصِيرٍ أَوْ صَخْرَةٍ أَوْ بَرْذَعَةِ حِمَارٍ أَوْ عَدْلِ شَعِيرٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا عَلَيْهِ غُبَارٌ طَهُورٌ يَعْلَقُ بِيَدِهِ، صَحَّ تَيَمُّمُهُ بِخِلَافِ سَبَخَةٍ وَنَحْوِهَا لَا غُبَارَ لَهَا.

(فَإِنْ خَالَطَهُ) أَيْ التُّرَابَ الطَّهُورُ (ذُو غُبَارٍ) غَيْرُهُ، كَالْجِصِّ، وَالنُّورَةِ (فَكَمَاءٍ) طَهُورٍ (خَالَطَهُ طَاهِرٌ) فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلتُّرَابِ جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ لِلْمُخَالَطِ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ كَانَ الْمُخَالَطُ لَا غُبَارَ لَهُ لَمْ يُمْنَعْ التَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ، كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ، وَإِنْ خَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ لَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِهِ وَإِنْ كَثُرَ.

ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِتُرَابِ مَقْبَرَةٍ تَكَرَّرَ نَبْشُهَا، وَإِلَّا جَازَ وَإِنْ شَكَّ فِي التَّكْرَارِ صَحَّ التَّيَمُّمُ بِهِ، وَلَا بِطِينٍ، لَكِنْ إنْ أَمْكَنَهُ تَجْفِيفُهُ، وَالتَّيَمُّمُ بِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ جَازَ، لَا بَعْدَهُ وَأَعْجَبَ أَحْمَدَ حَمْلُ التُّرَابِ لِلتَّيَمُّمِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يَحْمِلُهُ وَظَهَرَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ، إذْ لَمْ يَنْقُلْ.

ص: 97