الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مُشْتَغِلًا بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ) كَنَائِمٍ (وَلَا) كَافِرًا (مُنْهَزِمًا) فَلَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ، لِعَدَمِ التَّغْرِيرِ بِنَفْسِهِ. أَشْبَهَ قَتْلَ شَيْخٍ فَانٍ وَامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَا يُقْتَلُ.
وَيَسْتَحِقُّ قَاتِلٌ السَّلَبَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ شَرَطَ) السَّلَبَ (لِغَيْرِهِ) أَيْ الْقَاتِلِ لِإِلْغَاءِ الشَّرْطِ لِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ (وَكَذَا لَوْ قَطَعَ) مُسْلِمٌ مِنْ أَهْلِ جِهَادٍ (أَرْبَعَتَهُ) أَيْ يَدَيْ الْكَافِرِ وَرِجْلَيْهِ فَلَهُ سَلَبُهُ وَلَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ كَفَى الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُ. وَلِأَنَّ مُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ أَثْبَتَ أَبَا جَهْلٍ وَذَفَّفَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ «فَقَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَلَبِهِ لِمُعَاذٍ» (وَإِنْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَهُ) أَيْ الْكَافِرِ (وَرِجْلَهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ) فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ لِعَدَمِ الِانْفِرَادِ بِقَتْلِهِ مُغَرِّرًا بِنَفْسِهِ (أَوْ أَسَرَهُ إنْسَانٌ فَقَتَلَهُ الْإِمَامُ فَ) سَلَبُهُ غَنِيمَةٌ (أَوْ) قَتَلَهُ (اثْنَانِ فَأَكْثَرَ) اشْتَرَكُوا فِيهِ (فَ) سَلَبُهُ (غَنِيمَةٌ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَالسَّلَبُ مَا عَلَيْهِ) أَيْ الْكَافِرِ الْمَقْتُولِ (مِنْ ثِيَابٍ وَحُلِيٍّ وَسِلَاحٍ وَدَابَّتِهِ الَّتِي قَاتَلَ عَلَيْهَا وَمَا عَلَيْهَا) مِنْ آلَتِهَا. لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا وَيُسْتَعَانُ بِهِ فِي الْحَرْبِ فَأَشْبَهَ السِّلَاحَ. وَلَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ صَرَعَهُ عَنْهَا وَسَقَطَ إلَى الْأَرْضِ.
(فَأَمَّا نَفَقَتُهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ (وَرَحْلُهُ وَخَيْمَتُهُ وَجَنِيبُهُ) أَيْ الدَّابَّةُ الَّتِي لَمْ يَكُنْ رَاكِبُهَا حَالَ الْقِتَالِ (فَ) هُوَ (غَنِيمَةٌ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ سَلَبِهِ وَيَجُوزُ سَلْبُ الْقَتْلَى وَتَرْكُهُمْ عُرَاةً. لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَتِيلِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ «لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ» (وَيُكْرَهُ التَّلَثُّمُ فِي الْقِتَالِ عَلَى أَنْفِهِ) نَصًّا. وَ (لَا) يُكْرَهُ لَهُ (لُبْسُ عِمَامَةٍ كَرِيشِ نَعَامٍ) بَلْ يُبَاحُ.
[فَصْلٌ الْغَزْو بِلَا إذْنِ الْأَمِيرِ]
فَصْلٌ وَيَحْرُمُ غَزْوٌ بِلَا إذْنِ الْأَمِيرِ لِرُجُوعِ أَمْرِ الْحَرْبِ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ بِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَقِلَّتِهِ وَمَكَامِنِهِ وَكَيْدِهِ (إلَّا أَنْ يُفَاجِئَهُمْ عَدُوٌّ) كُفَّارٌ (يَخَافُونَ كَلَبَهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ شَرَّهُ وَأَذَاهُ. فَيَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِلَا إذْنِهِ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ. وَلِذَلِكَ «لَمَّا أَغَارَ الْكُفَّارُ عَلَى لِقَاحِ أَيْ نُوقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَصَادَفَهُمْ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ خَارِجًا عَنْ الْمَدِينَةِ تَبِعَهُمْ فَقَاتَلَهُمْ بِغَيْرِ إذْنٍ فَمَدَحَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: خَيْرُ رِجَالِنَا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ وَأَعْطَاهُ سَهْمَ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ» وَكَذَا إنْ عَرَضَتْ لَهُمْ فُرْصَةٌ يَخَافُونَ فَوْتَهَا بِتَرْكِهِ لِلِاسْتِئْذَانِ.
وَإِذَا دَخَلَ قَوْمٌ) ذُو مَنَعَةٍ أَوَّلًا (أَوْ) دَخَلَ (وَاحِدٌ وَلَوْ عَبْدًا دَارَ حَرْبٍ بِلَا إذْنٍ) إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ (فَغَنِيمَتُهُمْ فَيْءٌ) لِأَنَّهُمْ عُصَاةٌ بِالِافْتِيَاتِ (وَمَنْ أَخَذَ) مِنْ الْجَيْشِ أَوْ أَتْبَاعِهِ (مِنْ دَارِ الْحَرْبِ رِكَازًا أَوْ مُبَاحًا لَهُ قِيمَةٌ فِي مَكَانِهِ فَهُوَ غَنِيمَةٌ) لِحَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ الْجَرْمِيِّ قَالَ:
«لَقِيتُ بِأَرْضِ الرُّومِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ فِي إمَارَةِ مُعَاوِيَةَ وَعَلَيْنَا مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ السُّلَمِيُّ فَأَتَيْته بِهَا فَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْطَانِي مِثْلَ مَا أَعْطَى رَجُلًا مِنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا نَفْلَ إلَّا بَعْدَ الْخُمْسِ لَأَعْطَيْتُك ثُمَّ أَخَذَ يَعْرِضُ عَلَيَّ مِنْ نَصِيبِهِ فَأَبَيْت» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ هُنَاكَ كَالْأَقْلَامِ وَالْمِسَنِّ فَلِآخِذِهِ. وَلَوْ صَارَ لَهُ قِيمَةٌ بِنَقْلِهِ وَمُعَالَجَتِهِ
(وَ) مَنْ أَخَذَ (طَعَامًا وَلَوْ سُكَّرًا وَنَحْوَهُ) كَحَلْوَاءِ وَمَعَاجِينَ (أَوْ) أَخَذَ (عَلَفًا وَلَوْ بِلَا إذْنِ) أَمِيرٍ (وَ) لَا (حَاجَةٍ فَلَهُ أَكْلُهُ. وَلَهُ إطْعَامُ سَبْيٍ اشْتَرَاهُ وَنَحْوِهِ) وَغُلَامِهِ (وَ) لَهُ عَلْفُ دَابَّتِهِ وَلَوْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «أَصَبْنَا طَعَامًا يَوْمَ خَيْبَرَ فَكَانَ الرَّجُلُ يَأْخُذُ مِنْهُ مِقْدَارَ مَا يَكْفِيهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ» رَوَاهُ سَعِيدٌ وَأَبُو دَاوُد. لِسَعِيدٍ " أَنَّ صَاحِبَ جَيْشِ الشَّامِ كَتَبَ لِعُمَرَ إنَّا أَصَبْنَا أَرْضًا كَثِيرَةَ الطَّعَامِ وَالْغَلَّةِ وَكَرِهْت أَنْ أَتَقَدَّمَ فِي شَيْء مِنْ ذَلِكَ فَكَتَبَ إلَيْهِ: دَعْ النَّاس يَعْلِفُونَ وَيَأْكُلُونَ فَمَنْ بَاعَ مِنْهُمْ شَيْئًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَفِيهِ خُمْسُ اللَّهِ وَسِهَامُ الْمُسْلِمِينَ " وَ (لَا) يَجُوزُ أَنْ يَعْلِفَ مِنْهُ دَابَّةً (لِصَيْدٍ) كَجَارِحٍ وَفَهْدٍ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا (وَيَرُدُّ فَاضِلًا) مِنْ طَعَامٍ وَعَلَفٍ (وَلَوْ) كَانَ (يَسِيرًا) لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ (وَ) يَرُدُّ (ثَمَنَ مَا بَاعَ) مِنْ طَعَامٍ وَعَلَفٍ لِلْخَبَرِ
(وَيَجُوزُ الْقِتَالُ بِسِلَاحٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَيَرُدُّهُ) مَعَ حَاجَةٍ وَعَدَمِهَا. لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " انْتَهَيْتُ إلَى أَبِي جَهْلٍ فَوَقَعَ سَيْفُهُ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذْتُهُ فَضَرَبْتُهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ " رَوَاهُ الْأَثْرَمُ ; وَلِعِظَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ. وَ (لَا) يَجُوزُ الْقِتَالُ (عَلَى فَرَسٍ) أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الْغَنِيمَةِ (وَلَا لُبْسُ ثَوْبٍ مِنْهَا) لِحَدِيثِ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ مَرْفُوعًا «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَرْكَبْ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَلْبَسْ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ» رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَلِأَنَّ الدَّابَّةَ عُرِّضَتْ لِلْعَطَبِ غَالِبًا وَقِيمَتُهَا كَثِيرَةٌ بِخِلَافِ السِّلَاحِ.
(وَلَا) يَجُوزُ لِأَحَدٍ (أَخْذُ شَيْءٍ مُطْلَقًا) مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي دَارِ إسْلَامٍ أَوْ حَرْبٍ (مِمَّا أُحْرِزَ) مِنْ الْغَنِيمَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ الْأَخْذُ قَبْلَ جَمْعِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مِلْكُ الْمُسْلِمِينَ بَعْدُ. فَأَشْبَهَ الْمُبَاحَاتِ مِنْ نَحْو حَطَبٍ وَحَشِيشٍ. فَإِذَا جُمِعَ ثَبَتَ فِيهِ مِلْكُ الْمُسْلِمِينَ وَصَارَ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِمْ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَأْكُلُهُ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ لِحِفْظِ نَفْسِهِ وَدَوَابِّهِ، سَوَاءٌ أُحْرِزَ بِدَارِ