الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]
ِ بِفَتْحِ الْجِيمِ جَمْعُ جِنَازَةٍ وَبِكَسْرِهَا. وَالْفَتْحُ لُغَةً: اسْمٌ لِلْمَيِّتِ أَوْ لِلسَّرِيرِ عَلَيْهِ مَيِّتٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَيِّتٌ، فَلَا يُقَالُ نَعْشٌ، وَلَا جِنَازَةٌ، بَلْ سَرِيرٌ مُشْتَقَّةٌ مِنْ جَنِزَ، مِنْ بَابِ خَرِبَ إذَا سَتَرَ (يُسَنُّ الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ) بِالتَّوْبَةِ مِنْ الْمَعَاصِي وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ (وَ) يُسَنُّ (الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِهِ) أَيْ الْمَوْتِ لِحَدِيثِ " «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِمِ اللَّذَّاتِ» " أَيْ الْمَوْتِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ.
(وَ) تُسَنُّ (عِيَادَةُ) مَرِيضٍ (مُسْلِمٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " «خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ: رَدُّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجِنَازَةِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَتَحْرُمُ عِيَادَةُ ذِمِّيٍّ (غَيْرِ مُبْتَدِعٍ يَجِبُ هَجْرُهُ كَرَافِضِيٍّ) دَاعِيَةً أَوْ لَا.
قَالَ فِي النَّوَادِرِ: يَحْرُمُ عِيَادَتُهُ (وَيُسَنُّ) هَجْرُهُ (كَمُتَجَاهِرٍ بِمَعْصِيَةٍ) فَلَا تُسَنُّ عِيَادَتُهُ إذَا مَرِضَ لِيَرْتَدِعَ وَيَتُوبَ، وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّ غَيْرَ الْمُتَجَاهِرِ بِمَعْصِيَةٍ يُعَادُ، وَالْمَرْأَةُ كَرَجُلٍ مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَتُشْرَعُ الْعِيَادَةُ فِي كُلِّ مَرَضٍ حَتَّى الرَّمَدُ وَنَحْوُهُ، وَحَدِيثِ " ثَلَاثَةٌ لَا يُعَادُونَ " غَيْرُ ثَابِتٍ (غِبًّا) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ، وَالْعَمَلُ بِالْقَرَائِنِ وَظَاهِرِ الْحَالِ.
وَتَكُونُ الْعِيَادَةُ (مِنْ أَوَّلِ الْمَرَضِ) لِحَدِيثِ " «وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ» " وَتَكُونُ (بُكْرَةً وَعَشِيًّا) لِخَبَرِ أَحْمَدَ قَالَ: عَنْ قُرْبِ وَسَطِ النَّهَارِ: لَيْسَ هَذَا وَقْتَ عِيَادَةٍ.
(وَ) تَكُونُ (فِي رَمَضَانَ لَيْلًا) لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِالْعَائِدِ.
(وَ) يُسَنُّ لِعَائِدٍ (تَذْكِيرُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ مَخُوفًا كَانَ مَرَضُهُ أَوْ لَا (التَّوْبَةَ) لِأَنَّهُ أَحْوَجُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِ.
وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَفِي كُلِّ وَقْتٍ (وَ) تَذْكِيرُهُ (الْوَصِيَّةَ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا " «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي بِهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَيَدْعُو) عَائِدٌ لِمَرِيضٍ (بِالْعَافِيَةِ وَالصَّلَاحِ) وَمِمَّا وَرَدَ " أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ - سَبْعًا " وَأَنْ يَقْرَأَ عِنْدَهُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَك يَنْكَأْ لَكَ عَدُوًّا أَوْ يَمْشِ لَكَ إلَى الصَّلَاةِ " وَ " لَا بَأْسَ طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى " وَصَحَّ أَنَّ جِبْرِيلَ عَادَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " «بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيك مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنٍ حَاسِدَةٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِهِ أَرْقِيكَ» .
(وَ) يُسَنُّ (أَنْ لَا يُطِيلَ) الْعَائِدُ (الْجُلُوسَ) عِنْدَهُ لِإِضْجَارِهِ، وَمَنْعِ بَعْضِ تَصَرُّفَاتِهِ (وَلَا بَأْسَ بِوَضْعِ يَدِهِ) أَيْ الْعَائِدِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَرِيضِ، لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ " «كَانَ يَعُودُ بَعْضَ أَهْلِهِ وَيَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبْ الْبَأْسَ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُك شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» ".
(وَ) لَا بَأْسَ ب (إخْبَارِ مَرِيضٍ بِمَا يَجِدُ، بِلَا شَكْوَى) لِحَدِيثِ " «إذَا كَانَ الشُّكْرُ قَبْلَ الشَّكْوَى فَلَيْسَ بِشَاكٍ» " وقَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ مُوسَى عليه السلام " {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: 62] " وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ: " «أَجِدُنِي مَغْمُومًا، أَجِدُنِي مَكْرُوبًا» " وَلَا بَأْسَ بِشَكْوَاهُ لِخَالِقِهِ (وَيَنْبَغِي لِلْمَرِيضِ أَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» " زَادَ أَحْمَدُ «إنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ بِي شَرًّا فَلَهُ» ".
وَعَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا " «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» " وَيُغَلِّبُ رَجَاءَهُ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَفِي الصِّحَّةِ يُغَلِّبُ الْخَوْفَ لِحَمْلِهِ عَلَى الْعَمَلِ، وَنَصُّهُ: وَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ رَجَاؤُهُ وَخَوْفُهُ وَاحِدًا زَادَ فِي رِوَايَةٍ: فَأَيُّهُمَا غَلَّبَ صَاحِبَهُ هَلَكَ (وَيُكْرَهُ الْأَنِينُ) مَا لَمْ يَغْلِبْهُ لِأَنَّهُ يُتَرْجِمُ عَنْ الشَّكْوَى.
وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الصَّبْرُ وَالرِّضَا (وَ) يُكْرَهُ (تَمَنِّي الْمَوْتِ) نَزَلَ بِهِ ضُرٌّ أَمْ لَا، وَحَدِيثِ " «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ: جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَلَا يُكْرَهُ " إذَا أَرَدْت بِعِبَادِك فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إلَيْك غَيْرَ مَفْتُونٍ وَ " لَا " تَمَنِّي الشَّهَادَةِ.
(وَ) يُكْرَهُ (قَطْعُ الْبَاسُورِ) دَاءٌ مَعْرُوفٌ (وَمَعَ خَوْفِ تَلَفٍ) بِقَطْعِهِ (يَحْرُمُ) قَطْعُهُ لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِنَفْسِهِ لِلْهَلَكَةِ (وَ) مَعَ خَوْفِ تَلَفٍ (بِتَرْكِهِ) بِلَا قَطْعٍ (يُبَاحُ) قَطْعُهُ لِأَنَّهُ تَدَاوٍ (وَلَا يَجِبُ التَّدَاوِي) فِي مَرَضٍ.
(وَلَوْ ظَنَّ نَفْعَهُ) إذْ النَّافِعُ فِي
الْحَقِيقَةِ وَالضَّارُّ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَالدَّوَاءُ لَا يَنْجَحُ بِذَاتِهِ (وَتَرْكُهُ) أَيْ التَّدَاوِي (أَفْضَلُ) نَصًّا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوَكُّلِ وَلِخَبَرِ الصِّدِّيقِ وَحَدِيثِ " «إنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً. فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِالْحَرَامِ» " الْأَمْرُ فِيهِ لِلْإِرْشَادِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْتَطِبَّ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا بِلَا ضَرُورَةٍ وَأَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ دَوَاءً لَمْ يُبَيِّنْ مُفْرَدَاتِهِ الْمُبَاحَةَ.
(وَيَحْرُمُ) تَدَاوٍ (بِمُحَرَّمٍ) مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ بِصَوْتِ مَلْهَاةٍ لِعُمُومِ " «وَلَا تَتَدَاوَوْا بِحَرَامٍ» " وَيَدْخُلُ فِيهِ تِرْيَاقٌ فِيهِ لُحُومُ حَيَّاتٍ أَوْ خَمْرٍ وَيَجُوزُ بِبَوْلِ إبِلٍ نَصًّا لِلْخَبَرِ، وَنَبَاتٍ فِيهِ سُمِّيَّةٌ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ مَعَ اسْتِعْمَالِهِ.
(وَيُبَاحُ كَتْبُ قُرْآنٍ) بِإِنَاءٍ (وَ) كَتْبُ (ذِكْرٍ بِإِنَاءٍ لِحَامِلٍ لِعُسْرِ الْوِلَادَةِ وَلِمَرِيضٍ وَيُسْقَيَانِهِ) أَيْ الْحَامِلُ وَالْمَرِيضُ نَصًّا لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَا بَأْسَ بِالْجُمُعَةِ وَتَحْرُمُ التَّمِيمَةُ وَهِيَ عُودٌ أَوْ خَرَزَةٌ تُعَلَّقُ.
(وَإِذَا نُزِلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بِهِ) أَيْ الْمَرِيضِ لِقَبْضِ رُوحِهِ (سُنَّ تَعَاهُدُ) أَرْفَقِ أَهْلِ الْمَرِيضِ بِهِ وَأَتْقَاهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى (بَلُّ حَلْقِهِ) أَيْ الْمَرِيضِ (بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ، وَ) تَعَاهُدُ (تَنْدِيَةِ شَفَتَيْهِ بِقُطْنَةٍ) لِإِطْفَاءِ مَا نَزَلَ بِهِ مِنْ الشِّدَّةِ، وَتَسْهِيلِ النُّطْقِ عَلَيْهِ بِالشَّهَادَةِ.
(وَ) يُسَنُّ (تَلْقِينُهُ) أَيْ الْمَنْزُولِ بِهِ قَوْلَ (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا " «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» " وَأُطْلِقَ عَلَى الْمُحْتَضَرِ مَيِّتٌ، لِأَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِ لَا مَحَالَةَ.
وَعَنْ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا " «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهَا إقْرَارٌ بِالْأُخْرَى (مَرَّةً) نَصًّا وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ ثَلَاثًا (وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلَاثٍ، إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ) بَعْدَ الثَّلَاثِ (فَيُعِيدَهُ) أَيْ التَّلْقِينَ لِيَكُونَ آخِرُ كَلَامِهِ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " وَيَكُونُ (بِرِفْقٍ) لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَهَذَا أَوْلَى بِهِ وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: يُكْرَهُ التَّلْقِينُ مِنْ الْوَرَثَةِ بِلَا عُذْرٍ.
(وَ) يُسَنُّ (قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَ) قِرَاءَةُ (يس عِنْدَهُ) أَيْ الْمُحْتَضَرِ لِحَدِيثِ " «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَلِأَنَّهُ يُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ.
(وَ) يُسَنُّ (تَوْجِيهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ) لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
وَرُوِيَ أَنَّ حُذَيْفَةَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ يُوَجِّهُوهُ إلَى الْقِبْلَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ (مَعَ سَعَةِ الْمَكَانِ) لِتَوْجِيهِهِ عَلَى جَنْبِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْمَكَانُ لِذَلِكَ، بَلْ ضَاقَ عَنْهُ (ف) يُلْقَى (عَلَى ظَهْرِهِ) وَأَخْمَصَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ، كَوَضْعِهِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ زَادَ
جَمَاعَةٌ: وَيُرْفَعُ رَأْسُهُ قَلِيلًا لِيَصِيرَ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ " دُونَ السَّمَاءِ.
(وَيَنْبَغِي) لِلْمَرِيضِ (أَنْ يَشْتَغِلَ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ حَقِيرٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ عِبَادَاتِهِ وَطَاعَاتِهِ وَأَنْ لَا يَطْلُبَ الْعَفْوَ وَالْإِحْسَانَ إلَّا مِنْهُ، وَأَنْ يُكْثِرَ مَا دَامَ حَاضِرَ الذِّهْنِ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ، وَأَنْ يُبَادِرَ إلَى أَدَاءِ الْحُقُوقِ، بِرَدِّ الْمَظَالِمِ، وَالْوَدَائِعِ، وَالْعَوَارِيّ، وَاسْتِحْلَالِ نَحْوِ زَوْجَةٍ، وَوَلَدٍ، وَقَرِيبٍ، وَجَارٍ، وَصَاحِبٍ، وَمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ، وَيُحَافِظُ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَاجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ وَيَصْبِرُ عَلَى مَشَقَّةِ ذَلِكَ وَيَجْتَهِدُ فِي خَتْمِ عُمْرِهِ بِأَكْمَلِ الْأَحْوَالِ، وَتَعَاهُدِ نَفْسِهِ بِنَحْوِ تَقْلِيمِ ظُفُرٍ، وَأَخْذِ عَانَةٍ، وَشَارِبٍ وَإِبِطٍ.
(وَ) أَنْ (يَعْتَمِدَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيمَنْ يُحِبُّ) مِنْ بَنِيهِ وَغَيْرِهِمْ (وَيُوصِي) بِقَضَاءِ دُيُونِهِ، وَتَفْرِقَةِ وَصِيَّتِهِ، وَنَحْوِ غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَعَلَى غَيْرِ بَالِغٍ رَشِيدٍ مِنْ أَوْلَادِهِ (لِلْأَرْجَحِ فِي نَظَرِهِ) مِنْ قَرِيبٍ وَأَجْنَبِيٍّ لِأَنَّهُ الْمَصْلَحَةُ.
(فَإِذَا مَاتَ سُنَّ تَغْمِيضُهُ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَغْمَضَ أَبَا سَلَمَةَ، وَقَالَ: إنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِئَلَّا يَقْبُحَ مَنْظَرُهُ وَيُسَاءُ بِهِ الظَّنُّ (وَيُبَاحُ) تَغْمِيضُهُ (مِنْ مَحْرَمٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) وَظَاهِرُهُ: لَا يُبَاحُ مِنْ مَحْرَمٍ: وَلَعَلَّهُ إنْ أَدَّى إلَى الْمَسِّ أَوْ نَظَرِ مَا لَا يَجُوزُ مِمَّنْ لِعَوْرَتِهِ حُكْمٌ، بِخِلَافِ نَحْوِ طِفْلٍ وَطِفْلَةٍ وَتَغْمِيضِ ذَكَرٍ لِذَكَرٍ، وَأُنْثَى لِأُنْثَى.
(وَيُكْرَهُ) تَغْمِيضُهُ (مِنْ حَائِضٍ وَجُنُبٍ، وَأَنْ يَقْرَبَاهُ) أَيْ الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ لِحَدِيثِ " «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ جُنُبٌ» "(وَيُسَنُّ) عِنْدَ تَغْمِيضِهِ (قَوْلُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَصًّا لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ وَلَفْظُهُ " وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ.
صلى الله عليه وسلم " (وَ) يُسَنُّ (شَدُّ لَحْيَيْهِ) بِعِصَابَةٍ أَوْ نَحْوِهَا تَجْمَعُ لَحْيَيْهِ، وَيَرْبِطُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ، لِئَلَّا يَبْقَى فَمُهُ مَفْتُوحًا فَتَدْخُلَهُ الْهَوَامُّ، وَيَتَشَوَّهَ خَلْقُهُ (وَ) يُسَنُّ (تَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ) بِرَدِّ ذِرَاعَيْهِ إلَى عَضُدَيْهِ ثُمَّ رَدِّهِمَا، وَرَدِّ أَصَابِعِ يَدَيْهِ إلَى كَفَّيْهِ ثُمَّ يَبْسُطُهُمَا وَرَدِّ فَخْذَيْهِ إلَى بَطْنِهِ وَسَاقَيْهِ إلَى فَخْذَيْهِ، ثُمَّ يَمُدُّهُمَا لِسُهُولَةِ الْغُسْلِ لِبَقَاءِ الْحَرَارَةِ فِي الْبَدَنِ عَقِبَ الْمَوْتِ وَلَا يُمْكِنُ تَلْيِينُهَا بَعْدَ بُرُودَتِهِ.
(وَ) يُسَنُّ (خَلْعُ ثِيَابِهِ) لِئَلَّا يَحْمِيَ جَسَدَهُ فَيُسْرِعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَرُبَّمَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَوَّثَهَا (وَ) يُسَنُّ (سَتْرُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِثَوْبٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ " «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ بِثَوْبٍ حِبَرَةٍ» "
احْتِرَامًا لَهُ وَصَوْنًا عَنْ الْهَوَامِّ وَيَنْبَغِي جَعْلُ أَحَدِ طَرَفَيْهِ تَحْتَ رَأْسِهِ وَالْآخَرِ تَحْتَ رِجْلَيْهِ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ.
(وَ) يُسَنُّ (وَضْعُ حَدِيدَةٍ) كَمِرْآةٍ وَسَيْفٍ وَسِكِّينٍ (أَوْ نَحْوِهَا) كَقِطْعَةِ طِينٍ (عَلَى بَطْنِهِ) لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ " أَنَّهُ مَاتَ مَوْلًى لِأَنَسٍ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ، فَقَالَ أَنَسٌ: ضَعُوا عَلَى بَطْنِهِ حَدِيدًا " لِئَلَّا يَنْتَفِخَ بَطْنُهُ، وَقَدَّرَ بَعْضُهُمْ وَزْنَهُ بِنَحْوِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَيُصَانُ عَنْهُ مُصْحَفٌ وَكُتُبُ فِقْهٍ وَحَدِيثٍ وَعِلْمٍ نَافِعٍ.
(وَ) يُسَنُّ (وَضْعُهُ عَلَى سَرِيرِ غُسْلِهِ) بُعْدًا لَهُ عَنْ الْهَوَامِّ، وَنَدَاوَةِ الْأَرْضِ (مُتَوَجِّهًا) إلَى الْقِبْلَةِ (مُنْحَدِرًا نَحْوِ رِجْلَيْهِ) فَتَكُونُ رَأْسُهُ أَعْلَى، لِيَنْصَبَّ عَنْهُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَمَاءُ غُسْلِهِ (وَ) يُسَنُّ (إسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ) لِحَدِيثِ " «لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانِي أَهْلِهِ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَوْنًا لَهُ عَنْ التَّغَيُّرِ (إنْ مَاتَ غَيْرَ فَجْأَةٍ) أَيْ بَغْتَةٍ.
(وَيُسَنُّ) إسْرَاعُ (تَفْرِيقِ وَصِيَّتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْجِيلِ أَجْرِهِ (وَيَجِبُ) الْإِسْرَاعُ (فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ، وَلَوْ لِلَّهِ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ ظُلْمٌ لِرَبِّهِ، فَيُقَدَّمُ حَتَّى عَلَى الْوَصِيَّةِ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه " «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ» ".
(وَلَا بَأْسَ أَنْ يُنْتَظَرَ بِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (مَنْ يَحْضُرُهُ مِنْ وَلِيِّهِ أَوْ غَيْرِهِ، إنْ قَرُبَ) الْمُنْتَظَرُ (وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (أَوْ يَشُقَّ) الِانْتِظَارُ (عَلَى الْحَاضِرِينَ) نَصًّا لِأَنَّهُ تَكْثِيرٌ لِلْأَجْرِ بِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ بِلَا مَضَرَّةٍ فَإِنْ بَعُدَ أَوْ خُشِيَ عَلَيْهِ، أَوْ شَقَّ عَلَى الْحَاضِرِينَ جُهِّزَ فَوْرًا.
(وَيُنْتَظَرُ بِمَنْ مَاتَ فَجْأَةً، أَوْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَرَضَ لَهُ سَكْتَةٌ (حَتَّى يُعْلَمَ) مَوْتُهُ يَقِينًا.
قَالَ أَحْمَدُ: مِنْ غَدْوَةٍ إلَى اللَّيْلِ وَقَالَ الْقَاضِي: يُتْرَكُ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً مَا لَمْ يُخَفْ فَسَادُهُ وَيُتَيَقَّنُ مَوْتُهُ (بِانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ، أَوْ مَيْلِ أَنْفِهِ، وَيُعْلَمُ مَوْتُ غَيْرِهِمَا) أَيْ مَنْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ (بِذَلِكَ) أَيْ بِانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ وَمَيْلِ أَنْفِهِ (وَبِغَيْرِهِ كَانْفِصَالِ كَفَّيْهِ) أَيْ انْخِلَاعِهِمَا مِنْ ذِرَاعَيْهِ، بِأَنْ تَسْتَرْخِيَ عَصَبَةُ الْيَدِ، فَتَبْقَى كَأَنَّهَا مُنْفَصِلَةٌ فِي جِلْدِهَا عَنْ عَظْمَةِ الزَّنْدِ.
(وَ) ك (اسْتِرْخَاءِ رِجْلَيْهِ) كَذَلِكَ، وَكَذَا امْتِدَادُ جِلْدِ وَجْهِهِ، وَتَقَلُّصُ خُصْيَتَيْهِ إلَى فَوْقُ، مَعَ تَدَلِّي الْجِلْدَةِ وَيُكْرَهُ تَرْكُ الْمَيِّتِ وَحْدَهُ بَلْ يَبِيتُ مَعَهُ أَهْلُهُ قَالَهُ الْآجُرِّيُّ وَيُكْرَهُ النَّعْيُ نَصًّا، وَهُوَ النِّدَاءُ بِمَوْتِهِ وَلَا بَأْسَ بِالْإِعْلَامِ بِمَوْتِهِ بِلَا نَعْيٍ.