الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَفْعُهَا إلَى السَّاعِي ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا مَنَعَهُ الشُّحُّ مِنْ إخْرَاجِهَا أَوْ بَعْضِهَا.
(وَ) سُنَّ (قَوْلُهُ) أَيْ: رَبُّ الْمَالِ (عِنْدَ دَفْعِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مَغْنَمًا) أَيْ مُثْمِرَةً (وَلَا تَجْعَلْهَا مَغْرَمًا) أَيْ: مُنَقِّصَةً ; لِأَنَّ التَّمَيُّزَ كَالْقِيمَةِ وَالتَّنْقِيصَ كَالْغَرَامَةِ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «وَإِذَا أَعْطَيْتُمْ الزَّكَاةَ فَلَا تَنْسَوْا ثَوَابَهَا أَنْ تَقُولُوا: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مَغْنَمًا وَلَا تَجْعَلْهَا مَغْرَمًا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَفِيهِ الْبُحْتُرِيُّ بْنُ عُبَيْدٍ ضَعِيفٌ - قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى تَوْفِيقِهِ لِأَدَائِهَا.
(وَ) سُنَّ (قَوْلُ آخِذِ) زَكَاةٍ (آجَرَكَ اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْت، وَبَارَكَ لَك فِيمَا أَبْقَيْت، وَجَعَلَهُ لَكَ طَهُورًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أَيْ: اُدْعُ لَهُمْ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّي عَلَى أَلْ أَبِي أَوْفَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم " لَمْ يَأْمُرْ بِهِ سَعَتَهُ ".
(وَلَهُ) أَيْ: لِرَبِّ الْمَالِ (دَفْعُهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ (إلَى السَّاعِي) قَالَ فِي الشَّرْحِ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّ دَفْعَهَا لِلْإِمَامِ جَائِزٌ، سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ، أَوْ الْبَاطِنَةِ، وَيَبْرَأُ بِدَفْعِهَا، سَوَاءٌ تَلِفَتْ فِي يَدِ الْإِمَامِ أَوْ لَا، صَرَفَهَا فِي مَصَارِفِهَا أَوْ لَمْ يَصْرِفْهَا انْتَهَى. وَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ:" إنَّهُمْ يُقَلِّدُونَ بِهَا الْكِلَابَ وَيَشْرَبُونَ بِهَا الْخُمُورَ فَقَالَ: ادْفَعْهَا إلَيْهِمْ " حَكَاهُ عَنْهُ أَحْمَدُ.
وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْإِقْنَاعِ: يَحْرُمُ دَفْعُهَا إلَيْهِ إنْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهَا، وَيَجِبُ كَتْمُهَا عَنْهُ إذَنْ وَتُجْزِئُ لِخَوَارِجَ نَصًّا. وَلِبُغَاةٍ إذَا غَلَبُوا عَلَى بَلَدٍ.
[فَصْلٌ شُرُوطُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ]
فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ لِإِخْرَاجِهَا أَيْ: الزَّكَاةِ (نِيَّةٌ) لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يَتَكَرَّرُ وُجُوبُهَا فَافْتَقَرَتْ إلَى تَعَيُّنِ النِّيَّةِ كَالصَّلَاةِ وَلِأَنَّ مَصْرِفَ الْمَالِ إلَى الْفَقِيرِ لَهُ جِهَاتٌ مِنْ زَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ وَصَدَقَةٍ وَتَطَوُّعٍ، فَاعْتُبِرَتْ نِيَّةُ التَّمَيُّزِ، وَيَأْتِي صِفَةُ النِّيَّةِ (وَيُشْتَرَطُ) أَنْ يَكُونَ إخْرَاجُهَا (مِنْ مُكَلَّفٍ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ أَشْبَهَ سَائِرَ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَتَقَدَّمَ حُكْمُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ (إلَّا أَنْ تُؤْخَذَ) مِنْهُ الزَّكَاةُ (قَهْرًا) فَتُجْزِئُ ظَاهِرًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ
رَبِّ الْمَالِ، فَلَا يُؤْمَرُ بِهَا ثَانِيًا (أَوْ يَغِيبُ مَالُهُ) فَتُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ حَيْثُ وُجِدَ، وَتُجْزِئُ بِلَا نِيَّةٍ كَمَأْخُوذَةٍ قَهْرًا (أَوْ يَتَعَذَّرُ وُصُولٌ إلَى مَالِكٍ) لِتُؤْخَذَ مِنْهُ الزَّكَاةُ (بِحَبْسٍ وَنَحْوِهِ) كَأَسْرٍ (فَيَأْخُذُهَا السَّاعِي) مِنْ مَالِهِ (وَتُجْزِئُ) ظَاهِرًا و (بَاطِنًا فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأَخِيرَةِ فَقَطْ) بِخِلَافِ الْأَوْلَيَيْنِ قَبْلَهَا فَتُجْزِئُ ظَاهِرًا فَقَطْ،
(وَالْأَوْلَى: قَرْنُهَا) أَيْ: النِّيَّةِ (بِدَفْعٍ) كَصَلَاةٍ (وَلَهُ تَقْدِيمُهَا) أَيْ: النِّيَّةِ عَلَى الْإِخْرَاجِ (ب) زَمَنٍ (يَسِيرٍ كَصَلَاةٍ) وَلَوْ عَزَلَ الزَّكَاةَ لَمْ تَكْفِ النِّيَّةُ إذَنْ مَعَ طُولِ زَمَنٍ (فَيَنْوِي) بِمَخْرَجِ (الزَّكَاةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ، أَوْ صَدَقَةِ الْمَالِ، أَوْ) صَدَقَةِ (الْفِطْرِ، وَلَا يُجْزِئُ إنْ نَوَى صَدَقَةَ مُطْلَقٍ، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ) كَنِيَّةِ صَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ. وَمَحَلُّ النِّيَّةِ: الْقَلْبُ. وَتَقَدَّمَ (وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ فَرْضٍ) اكْتِفَاءً بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ ; لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا (وَلَا) يَجِبُ (تَعْيِينُ) مَالٍ (مُزَكًّى عَنْهُ) وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالُ، كَشَاةٍ عَنْ خَمْسٍ مِنْ إبِلٍ، وَأُخْرَى عَنْ أَرْبَعِينَ مِنْ غَنَمٍ، وَدِينَارٍ عَنْ أَرْبَعِينَ تَالِفَةً، وَأُخْرَى عَنْ أَرْبَعِينَ قَائِمَةً وَصَاعٍ عَنْ فِطْرَةٍ، وَآخَرَ عَنْ زَرْعٍ أَوْ تَمْرٍ.
(فَلَوْ نَوَى) زَكَاةً (عَنْ مَالِهِ الْغَائِبِ وَإِنْ كَانَ) الْغَائِبُ (تَالِفًا فَعَنْ الْحَاضِرِ. أَجْزَأَ عَنْهُ) أَيْ: الْحَاضِرِ (إنْ كَانَ الْغَائِبُ تَالِفًا) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِيهَا.
(فَإِنْ أَدَّى قَدْرَ زَكَاةِ أَحَدِهِمَا) أَيْ: الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ (جَعَلَهَا) أَيْ: الزَّكَاةَ (لِأَيِّهِمَا شَاءَ، كَتَعَيُّنِهِ ابْتِدَاءً) حِينَ إخْرَاجٍ (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ) وَاحِدًا مِنْهُمَا (أَجْزَأَ) مُخْرَجٌ (عَنْ أَحَدِهِمَا) فَيُخْرِجُ عَنْ الْآخَرِ.
(وَلَوْ نَوَى) الزَّكَاةَ (عَنْ) الْمَالِ (الْغَائِبِ فَبَانَ) الْغَائِبُ (تَالِفًا لَمْ يُصْرَفْ) أَيْ: الْمُخْرَجُ (إلَى غَيْرِهِ) لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ، كَعِتْقٍ فِي كَفَّارَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَلَمْ تَكُنْ.
(وَإِنْ نَوَى) الزَّكَاةَ (عَنْ الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا أَجْزَأَ عَنْهُ إنْ كَانَ سَالِمًا أَوْ نَوَى) عَنْ الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا (وَإِلَّا) يَكُنْ سَالِمًا (فَ) هِيَ (نَفْلٌ) فَبَانَ الْغَائِبُ سَالِمًا (أَجْزَأَ) عَنْهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْإِطْلَاقِ، فَلَا يَضُرُّ تَقَيُّدُهُ بِهِ بِخِلَافِ: إنْ كَانَ مُورِثِي مَاتَ فَهَذِهِ زَكَاةُ إرْثِي مِنْهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُبْنَ عَلَى أَصْلٍ.
(وَإِنْ نَوَى) الزَّكَاةَ (عَنْ) مَالِهِ (الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا، وَإِلَّا) يَكُنْ سَالِمًا (فَأَرْجَعَ) فِي الْمَدْفُوعِ (فَلَهُ الرُّجُوعُ) فِيهِ (إنْ بَانَ تَالِفًا) وَإِنْ بَانَ سَالِمًا أَجْزَأَ عَنْهُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَالِ، وَمَنْ شَكَّ فِي بَقَاءِ غَائِبٍ: لَمْ يَلْزَمْهُ