الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي الْقَصْرِ]
ِ وَهُوَ جَائِزٌ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] " الْآيَةَ وَقَوْلُ يَعْلَى لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «مَا لَنَا نَقْصُرُ وَقَدْ أَمِنَّا؟ فَقَالَ: سَأَلْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» .
" رَوَاهُ مُسْلِمٌ (مَنْ نَوَى) أَيْ: ابْتَدَأَ نَاوِيًا (سَفَرًا مُبَاحًا) أَيْ: لَيْسَ حَرَامًا وَلَا مَكْرُوهًا، وَاجِبًا كَانَ كَحَجٍّ وَجِهَادٍ مُتَعَيِّنَيْنِ، أَوْ مَسْنُونًا كَزِيَارَةِ رَحِمٍ، أَوْ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ كَتِجَارَةٍ (وَلَوْ) كَانَ (نُزْهَةً وَفُرْجَةً) ، أَوْ قَصَدَ مَشْهَدًا، أَوْ قَبْرَ نَبِيٍّ، أَوْ مَسْجِدًا غَيْرَ الثَّلَاثَةِ، أَوْ نَحْوَهُ أَوْ عَصَى فِي سَفَرِهِ.
وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ آبِقٍ أَوْ ضَالَّةٍ، وَلَوْ جَاوَزَ الْمَسَافَةَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ وَإِنَّ مَنْ نَوَاهُ وَقَصَرَ، ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ اسْتِكْمَالِهِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَيَأْتِي لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِيَّةُ الْمَسَافَةِ لَا حَقِيقَتُهَا (، أَوْ هُوَ) أَيْ: السَّفَرُ الْمُبَاحُ (أَكْثَرُ قَصْدِهِ) كَتَاجِرٍ قَصَدَ التِّجَارَةَ، وَقَصَدَ مَعَهَا أَنْ يَشْرَبَ مِنْ خَمْرِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ.
فَإِنْ تَسَاوَى الْقَصْدَانِ، أَوْ غَلَبَ الْحَظْرُ، أَوْ سَافَرَ لِيَقْصُرَ فَقَطْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَصْرُ، وَيَأْتِي لَوْ سَافَرَ لِيُفْطِرَ، حَرُمَا (يَبْلُغُ) أَيْ: السَّفَرُ (سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا تَقْرِيبًا) لَا تَحْدِيدًا (بَرًّا، أَوْ بَحْرًا) لِلْعُمُومَاتِ (وَهِيَ) أَيْ: السِّتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا (يَوْمَانِ قَاصِدَانِ) أَيْ: مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ وَدَبِيبِ الْأَقْدَامِ (أَرْبَعَةَ بُرُدٍ) جَمْعُ بَرِيدٍ.
لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَا تَقْصُرُوا فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ إلَى عُسْفَانَ» " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ.
قَالَ الْخَطَّابِيِّ: هُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ، خُصُوصًا إذَا خَالَفَ الْقِيَاسَ.
(وَالْبَرِيدُ: أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ هَاشِمِيَّةٌ) نِسْبَةً إلَى هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (وَبِأَمْيَالِ بَنِي أُمَيَّةَ مِيلَانِ وَنِصْفٌ وَالْمِيلُ الْهَاشِمِيُّ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ، وَهِيَ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ) بِذِرَاعِ الْيَدِ (وَالذِّرَاعُ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا مُعْتَرِضَةً مُعْتَدِلَةً، كُلُّ أُصْبُعٍ) مِنْهَا عَرْضُهَا (سِتُّ حِبَّاتِ شَعِيرٍ، بُطُونُ بَعْضِهَا إلَى) بُطُونِ (بَعْضٍ، عَرْضُ كُلِّ شَعِيرَةٍ سِتُّ شَعَرَاتٍ بِرْذَوْنٍ) .
قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: التُّرْكِيُّ
مِنْ الْخَيْلِ وَهُوَ مَا أَبَوَاهُ نَبَطِيَّانِ، عَكْسُ الْعِرَابِ،
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: الذِّرَاعُ الَّذِي ذُكِرَ قَدْ حُرِّرَ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ الْمُسْتَعْمَلِ الْآنَ فِي مِصْرَ وَالْحِجَازِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ يَنْقُصُ عَنْ ذِرَاعِ الْحَدِيدِ بِقَدْرِ الثُّمُنِ فَعَلَى هَذَا: فَالْمِيلُ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ، عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ: خَمْسَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا قَالَ: وَهَذِهِ فَائِدَةٌ نَفِيسَةٌ قَلَّ مَنْ يَنْتَبِهُ لَهَا.
(أَوْ تَابَ فِيهِ) أَيْ: فِي سَفَرٍ غَيْرِ مُبَاحٍ (وَقَدْ بَقِيَتْ) الْمَسَافَةُ فَإِنْ لَمْ تَبْقَ لَمْ يَقْصُرْ.
(أَوْ أُكْرِهَ) عَلَى سَفَرٍ (كَأَسِيرٍ، أَوْ غُرِّبَ) كَزَانٍ بِكْرٍ (أَوْ شُرِّدَ) كَقَاطِعِ طَرِيقٍ لَمْ يَقْتُلْ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا و (لَا) يَقْصُرُ (هَائِمٌ) أَيْ: خَارِجٌ عَلَى وَجْهِهِ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَذْهَبُ؟ .
(وَ) لَا (سَائِحٌ) لَا يَقْصِدُ مَكَانًا مُعَيَّنًا (وَ) لَا (تَائِهَ) أَيْ: ضَالُّ الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلْقَصْرِ قَصْدُ جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ.
وَلَيْسَ بِمَوْجُودِ مِنْهُمْ (فَلَهُ قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ) جَوَابٌ لِمَنْ، أَوَّلَ الْفَصْلِ فَيَقْصُرُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ إلَى رَكْعَتَيْنِ وَلَا تُقْصَرُ صُبْحٌ لِأَنَّهَا لَوْ سَقَطَ مِنْهَا رَكْعَةٌ بَقِيَتْ رَكْعَةٌ، وَلَا نَظِيرَ لَهَا فِي الْفَرْضِ وَلَا مَغْرِبَ، لِأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ فَإِنْ سَقَطَ مِنْهَا رَكْعَةٌ بَطَلَ كَوْنُهَا وِتْرًا وَإِنْ سَقَطَ رَكْعَتَانِ بَقِيَ رَكْعَةٌ، وَلَا نَظِيرَ لَهَا فِي الْفَرْضِ (و) لَهُ (فِطْرٌ) بِرَمَضَانَ لِلْآيَةِ، وَحَدِيثِ «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» (وَلَوْ قَطَعَهَا) أَيْ: الْمَسَافَةَ (فِي سَاعَةٍ) لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ.
(إذَا فَارَقَ) مَنْ نَوَى سَفَرًا مُبَاحًا (بُيُوتَ قَرْيَتِهِ الْعَامِرَةِ) مُسَافِرًا، دَاخِلَ السُّورِ كَانَتْ أَوْ خَارِجَهُ وَلِيَهَا بُيُوتٌ خَارِبَةٌ، أَوْ بَرِّيَّةٌ، فَإِنْ وَلِيَهَا بُيُوتٌ خَارِبَةٌ ثُمَّ بُيُوتٌ عَامِرَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ الْعَامِرَةِ الَّتِي تَلِي الْخَارِبَةَ وَإِنْ لَمْ يَلِ الْخَرَابَ بُيُوتٌ عَامِرَةٌ لَكِنْ جُعِلَ الْخَرَابُ مَزَارِعَ وَبَسَاتِينَ لِيَسْكُنَهُ أَهْلُهُ فِي فَصْلٍ مِنْ الْفُصُولِ لِلنُّزْهَةِ.
فَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُفَارِقَهَا (أَوْ) إذَا فَارَقَ (خِيَامَ قَوْمِهِ) إنْ اسْتَوْطَنُوا الْخِيَامَ (، أَوْ) إذَا فَارَقَ مُسْتَوْطِنٌ قُصُورَ بَسَاتِينَ (مَا) أَيْ: مَحَلًّا (نُسِبَتْ إلَيْهِ) أَيْ: ذَلِكَ الْمَحَلِّ (عُرْفًا سُكَّانُ قُصُورٍ وَبَسَاتِينَ وَنَحْوِهِمْ) كَأَهْلِ عِزَبٍ، مِنْ نَحْوِ قَصَبٍ،: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} [النساء: 101] وَقَبْلَ مُفَارَقَةِ مَا ذُكِرَ لَا يَكُونُ ضَارِبًا وَلَا مُسَافِرًا، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا كَانَ يَقْصُرُ إذَا ارْتَحَلَ ".
(إنْ لَمْ يَنْوِ عَوْدًا) قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الْمَسَافَةِ (أَوْ) لَمْ (يَعُدْ قَرِيبًا) قَبْلَ بُلُوغِ الْمَسَافَةِ (فَإِنْ نَوَاهُ) أَيْ: الْعَوْدَ قَرِيبًا عِنْدَ خُرُوجِهِ (أَوْ) لَمْ يَنْوِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ
بَلْ (تَجَدَّدَتْ نِيَّتُهُ) أَيْ: الْعَوْدِ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ (لِحَاجَةٍ) لَهُ (بَدَتْ) ، أَوْ لِغَيْرِهِ (فَلَا قَصْرَ) إنْ لَمْ يَكُنِ رُجُوعُهُ سَفَرًا طَوِيلًا (حَتَّى يَرْجِعَ وَيُفَارِقَ) وَطَنَهُ كَمَا تَقَدَّمَ (بِشَرْطِهِ) السَّابِقِ (أَوْ تَنْثَنِيَ نِيَّتُهُ) عَنْ الْعَوْدِ (وَيَسِيرَ) فِي سَفَرِهِ، فَلَهُ الْقَصْرُ لِلسَّفَرِ، وَنِيَّتُهُ لَا تَكْفِي بِدُونِ وُجُودِهِ، بِخِلَافِ الْإِمَامَةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ.
(وَلَا يُعِيدُ مَنْ قَصَرَ) بِشَرْطِهِ (ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الْمَسَافَةِ) ، لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِيَّةُ الْمَسَافَةِ لَا حَقِيقَتُهَا.
(وَ) يَجُوزُ أَنْ (يَقْصُرَ مَنْ أَسْلَمَ) بِسَفَرٍ مُبِيحٍ (، أَوْ بَلَغَ) ، أَوْ عَقَلَ بِسَفَرٍ مُبِيحٍ (، أَوْ طَهُرَتْ) مِنْ حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ بِسَفَرٍ مُبِيحٍ.
(وَلَوْ بَقِيَ) بَعْدَ إسْلَامٍ، أَوْ بُلُوغٍ، أَوْ طُهْرٍ، أَوْ عَقْلٍ (دُونَ الْمَسَافَةِ) لِأَنَّ عَدَمَ تَكْلِيفِهِ فِي أَوَّلِ السَّفَرِ الْمُبِيحِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي تَرْكِ الْقَصْرِ فِي آخِرِهِ إذْ عَدَمُ التَّكْلِيفِ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ الْقَصْرِ، بِخِلَافِ مَنْ أَنْشَأَ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ ثُمَّ تَابَ وَقَدْ بَقِيَ دُونَهَا كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْقَصْرِ فِي ابْتِدَائِهِ.
(وَقِنٌّ) مُسَافِرٌ مَعَ سَيِّدِهِ (وَزَوْجَةٌ) سَافَرَتْ مَعَ زَوْجِهَا (وَجُنْدِيٌّ) سَافَرَ مَعَ أَمِيرٍ يَكُونُونَ (تَبَعًا لِسَيِّدٍ وَزَوْجٍ وَأَمِيرٍ فِي سَفَرٍ وَنِيَّتِهِ) أَيْ: السَّفَرِ فَإِنْ نَوَى سَيِّدٌ وَزَوْجٌ وَأَمِيرٌ سَفَرًا مُبَاحًا يَبْلُغُ الْمَسَافَةَ جَازَ لِلْقِنِّ وَالزَّوْجَةِ وَالْجُنْدِيِّ الْقَصْرُ، وَإِلَّا فَلَا لِتَبَعِيَّتِهِمْ لَهُمْ.
وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ رَجَحَتْ نِيَّةُ إقَامَةِ أَحَدِهِمْ (وَلَا يُكْرَهُ إتْمَامُ) رُبَاعِيَّةٍ لِمَنْ لَهُ قَصْرُهَا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «أَتَمَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَصَرَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ وَبَيَّنَ سَلْمَانُ أَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ بِمَحْضَرِ اثْنَيْ عَشَرَ صَحَابِيًّا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ) مِنْ الْإِتْمَامِ نَصًّا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَخُلَفَاءَهُ دَاوَمُوا عَلَيْهِ وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ عُمَرَ " إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ ".
(وَمَنْ مَرَّ بِوَطَنِهِ) لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بِهِ حَاجَةٌ، غَيْرَ أَنَّهُ طَرِيقُهُ إلَى بَلَدٍ يَطْلُبُهُ بِخِلَافِ مَنْ أَقَامَ فِي أَثْنَاءِ طَرِيقِهِ إقَامَةً تَمْنَعُ الْقَصْرَ بِمَوْضِعٍ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ وَلَمْ يَقْصِدْ إقَامَةً بِهِ تَمْنَعُهُ (أَوْ) مَرَّ (بِبَلَدٍ لَهُ بِهِ امْرَأَةٌ) أَيْ: زَوْجَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطَنَهُ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ حَتَّى يُفَارِقَهُ (أَوْ) مَرَّ بِبَلَدٍ (تَزَوَّجَ فِيهِ) لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ، حَتَّى يُفَارِقَهُ لِأَنَّهُ صَارَ فِي صُورَةِ الْمُقِيمِ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِ الزَّوْجَةِ.
(أَوْ دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةٍ عَلَيْهِ حَضَرًا) ثُمَّ سَافَرَ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ تِلْكَ الصَّلَاةَ لِأَنَّهَا صَلَاةُ حَضَرٍ وَجَبَتْ تَامَّةً (أَوْ، أَوْقَعَ بَعْضَهَا فِيهِ) أَيْ: الْحَضَرِ، بِأَنْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ مَقْصُورَةً بِنَحْوِ سَفِينَةٍ، ثُمَّ وَصَلَتْ وَطَنَهُ، أَوْ مَحَلًّا
نَوَى الْإِقَامَةَ بِهِ، لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّهَا، تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْحَضَرِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ كَالْمُبِيحِ (أَوْ ذَكَرَ صَلَاةَ حَضَرٍ بِسَفَرٍ، أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ ذَكَرَ صَلَاةَ سَفَرٍ بِحَضَرٍ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ.
(أَوْ ائْتَمَّ) مُسَافِرٌ (بِمُقِيمٍ) لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ نَصًّا لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (تِلْكَ السُّنَّةَ) وَسَوَاءٌ ائْتَمَّ بِهِ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ، أَوْ بَعْضِهَا، عَلِمَهُ مُقِيمًا، أَوْ لَا وَيَشْمَلُ كَلَامُهُ: لَوْ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ فَاسْتَخْلَفَ لِعُذْرٍ مُقِيمًا لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْإِتْمَامُ دُونَ الْإِمَامِ (أَوْ) ائْتَمَّ مُسَافِرٌ (بِمَنْ يَشُكُّ فِيهِ) أَيْ: فِي كَوْنِهِ مُسَافِرًا لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ،
وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا، لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِكَوْنِهِ مُسَافِرًا عِنْدَ الْإِحْرَامِ (وَيَكْفِي عِلْمُهُ) أَيْ: الْمَأْمُومِ (بِسَفَرِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ (بِعَلَامَةِ) سَفَرٍ مِنْ نَحْوِ لِبَاسٍ، وَلَوْ قَالَ: إنْ قَصَرَ قَصَرْتُ، وَإِنْ أَتَمَّ أَتْمَمْتُ لَمْ يَضُرَّ فِي نِيَّتِهِ.
(أَوْ شَكَّ إمَامٌ) وَغَيْرُهُ (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (أَنَّهُ نَوَاهُ) أَيْ: الْقَصْرَ (عِنْدَ إحْرَامِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ وَلَوْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ كَانَ نَوَاهُ، لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ، لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ وَإِطْلَاقُ النِّيَّةِ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ.
(أَوْ أَعَادَ) صَلَاةً (فَاسِدَةً يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا) ابْتِدَاءً، لِكَوْنِهِ ائْتَمَّ فِيهَا بِمُقِيمٍ أَوْ نَحْوَهُ فَفَسَدَتْ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ فِي الْإِعَادَةِ، لِأَنَّهَا وَجَبَتْ كَذَلِكَ فَلَا تُعَادُ مَقْصُورَةً، وَإِنْ ابْتَدَأَهَا جَاهِلًا حَدَثَهُ فَلَهُ الْقَصْرُ (أَوْ لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ: الْقَصْرَ (عِنْدَ إحْرَامٍ) لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَإِطْلَاقُ النِّيَّةِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ (أَوْ نَوَاهُ) أَيْ: الْقَصْرَ عِنْدَ إحْرَامٍ (ثُمَّ رَفَضَهُ) فَنَوَى الْإِتْمَامَ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ إلَى التَّعْيِينِ، فَبَقِيَتْ النِّيَّةُ مُطَلَّقَةً.
(أَوْ جَهِلَ) أَيْ: شَكَّ مُسَافِرٌ (أَنَّ إمَامَهُ نَوَاهُ) أَيْ: الْقَصْرَ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ إمَامَهُ نَوَاهُ عَمَلًا بِالظَّنِّ، لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْعِلْمُ ذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ فِي الْفُرُوعِ وَالْإِقْنَاعِ.
(أَوْ نَوَى) مُسَافِرٌ (إقَامَةً مُطَلَّقَةً) أَيْ: غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِزَمَنٍ، وَلَوْ فِي نَحْوِ مَفَازَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ، لِانْقِطَاعِ السَّفَرِ الْمُبِيحِ لِلْقَصْرِ، أَوْ نَوَى إقَامَةً بِبَلَدٍ (أَوْ) مَفَازَةٍ (أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ صَلَاةً) لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ، وَإِلَّا فَلَهُ الْقَصْرُ، لِأَنَّ الَّذِي تَحَقَّقَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم (أَقَامَ بِمَكَّةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ) لِأَنَّهُ كَانَ حَاجًّا وَدَخَلَ مَكَّةَ صَبِيحَةَ رَابِعَةِ ذِي الْحِجَّةِ، وَالْحَاجُّ لَا يَخْرُجُ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ.
قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَذْكُرُ حَدِيثَ أَنَسٍ، أَيْ: قَوْلُهُ: " أَقَمْنَا بِمَكَّةَ عَشْرًا نَقْصُرُ الصَّلَاةَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ أَيْ: أَحْمَدُ هُوَ كَلَامٌ لَيْسَ يَفْقَهُهُ كُلُّ أَحَدٍ، أَيْ: لِأَنَّهُ حَسَبَ مُقَامَ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ وَمِنًى وَيَحْسُبُ يَوْمَ الدُّخُولِ وَيَوْمَ الْخُرُوج مِنْ الْمُدَّةِ فَلَوْ دَخَلَ عِنْدَ الزَّوَالِ احْتَسَبَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْيَوْمِ وَلَوْ خَرَجَ عِنْدَ الْعَصْرِ احْتَسَبَ بِمَا مَضَى مِنْ الْيَوْمِ.
(أَوْ) نَوَى إقَامَةً (لِحَاجَةٍ فَظَنَّ أَنَّهَا لَا تَنْقَضِي) الْحَاجَةُ (قَبْلَهَا) أَيْ: الْأَرْبَعَةِ أَقَامَ بَلْ بَعْدَهَا لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى نِيَّةِ إقَامَتِهَا وَإِنْ يَظُنُّ انْقِضَاءَهَا فِي الْأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ قَصَرَ.
(أَوْ شَكَّ) مُسَافِرٌ (فِي نِيَّةِ الْمُدَّةِ) أَيْ: فِي كَوْنِهِ نَوَى إقَامَةَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ صَلَاةً، أَوْ لَا لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ مَعَ الشَّكِّ فِي مُبِيحِ الرُّخْصَةِ (أَوْ عَزَمَ فِي صَلَاتِهِ) ، أَوْ قَبْلَهَا (عَلَى) الْإِقَامَةِ، أَوْ قَلَبَ سَفَرَهُ الْمُبَاحَ إلَى (قَطْعِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ) كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ لِانْقِطَاعِ السَّفَرِ الْمُبَاحِ.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: لَوْ نَقَلَ سَفَرَهُ الْمُبَاحَ إلَى مُحَرَّمٍ امْتَنَعَ الْقَصْرُ (، أَوْ تَابَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ السَّفَرِ لِقَطْعِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ (فِيهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ تَامَّةً فَإِنْ كَانَ نَوَى الْقَصْرَ جَاهِلًا لَمْ يَضُرَّهُ، وَإِنْ عَلِمَ لَمْ تَنْعَقِدْ وَيَأْتِي (أَوْ أَخَّرَهَا) أَيْ: الصَّلَاةَ (بِلَا عُذْرٍ) مِنْ نَحْوِ نَوْمٍ (حَتَّى ضَاقَ وَقْتُهَا عَنْهَا) أَيْ: عَنْ فِعْلِهَا كُلِّهَا فِيهِ مَقْصُورَةً (لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ) لِأَنَّهُ صَارَ عَاصِيًا بِتَأْخِيرِهَا مُتَعَمِّدًا بِلَا عُذْرٍ فَهَذِهِ إحْدَى وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً، يَلْزَمُ الْمُسَافِرَ فِيهَا الْإِتْمَامُ و (لَا) يَلْزَمُهُ إتْمَامٌ.
(إنْ سَلَكَ أَبْعَدَ طَرِيقَيْنِ) إلَى بَلَدٍ قَصَدَهُ يَبْلُغُ الْمَسَافَةَ وَالْقَرِيبُ لَا يَبْلُغُهَا فَلَهُ الْقَصْرُ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ سَفَرًا يَبْلُغُهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَاهَا أَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ مَخُوفًا، أَوْ مُشِقًّا (أَوْ ذَكَرَ صَلَاةَ سَفَرٍ فِي) سَفَرٍ (آخَرَ) تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ،
فَلَهُ قَصْرُهَا ; لِأَنَّ وُجُوبَهَا وَفِعْلَهَا وُجِدَا فِي السَّفَرِ الْمُبِيحِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَدَّاهَا فِيهِ، أَوْ قَضَاهَا فِي سَفَرٍ تَرَكَهَا فِيهِ، فَإِنْ ذَكَرَهَا فِي إقَامَةٍ تَخَلَّلَتْ السَّفَرَ ثُمَّ نَسِيَهَا حَتَّى سَافَرَ أَتَمَّهَا (أَوْ أَقَامَ لِحَاجَةٍ) ، أَوْ جِهَادٍ (بِلَا نِيَّةِ إقَامَةٍ لَا يَدْرِي مَتَى تَنْقَضِي) فَلَهُ الْقَصْرُ، غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَثْرَتُهُ، أَوْ قِلَّتُهُ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ يَقْصُرُ مَا لَمْ يَجْمَعْ، أَيْ: يَعْزِمُ عَلَى إقَامَةٍ. اهـ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
«وَلَمَّا فَتَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ أَقَامَ بِهَا تِسْعَةَ عَشْرَ يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ أَنَسٌ «أَقَامَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرَامَ هُرْمُزَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
(أَوْ حُبِسَ ظُلْمًا) حُبِسَ (، أَوْ بِمَرَضٍ،، أَوْ) حُبِسَ
بِ (مَطَرٍ وَنَحْوِهِ) كَثَلْجٍ وَبَرَدٍ فَلَهُ الْقَصْرُ مَا دَامَ حَبْسُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ " أَقَامَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ. وَقَدْ حَالَ الثَّلْجُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدُّخُولِ " رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَقِسْ عَلَيْهِ الْبَاقِيَ وَمَنْ قَصَرَ الْمَجْمُوعَتَيْنِ بِوَقْتِ أُولَاهُمَا سَفَرًا ثُمَّ قَدِمَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ ثَانِيَةٍ أَجْزَأَهُ، كَمَنْ جَمَعَ بَيْنُهُمَا كَذَلِكَ بِتَيَمُّمٍ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ وَقْتَ ثَانِيَةٍ.
و (لَا) يَقْصُرُ مَنْ حُبِسَ (بِأَسْرٍ) عِنْدَ الْعَدُوِّ، تَبَعًا لِإِقَامَتِهِمْ كَسَفَرِهِمْ (وَمَنْ نَوَى) بِسَفَرِهِ (بَلَدًا بِعَيْنِهِ) يَبْلُغُ الْمَسَافَة لَكِنَّهُ (يَجْهَلُ مَسَافَتَهُ) فِي أَوَّلِ سَفَرِهِ (ثُمَّ عَلِمَهَا) أَيْ: عَلِمَ أَنَّهُ يَبْلُغُ الْمَسَافَةَ (قَصَرَ بَعْدَ عِلْمِهِ) وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي دُونَهَا كَمَا لَوْ عَلِمَ مِنْ ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ (كَجَاهِلٍ بِجَوَازِ الْقَصْرِ ابْتِدَاءً) .
وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي دُونَهُمَا كَمَا لَوْ عَلِمَ مِنْ ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ (وَ) يَجُوزُ أَنْ (يَقْصُرَ مَنْ) نَوَى بَلَدًا بِعَيْنِهِ يَبْلُغُ الْمَسَافَةَ، و (عَلِمَهَا) ابْتِدَاءً (ثُمَّ نَوَى) فِي سَفَرِهِ (إنْ وَجَدَ غَرِيمَهُ) فِي طَرِيقِهِ (رَجَعَ) لِأَنَّ سَبَبَ الرُّخْصَةِ انْعَقَدَ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِالنِّيَّةِ الْمُعَلَّقَةِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَإِنْ قَالَ: إنْ لَقِيتُ فُلَانًا بِالْبَلَدِ أَقَمْت بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَلْقَهُ بِهِ فَلَهُ حُكْمُ السَّفَرِ وَإِنْ لَقِيَهُ بِهِ صَارَ مُقِيمًا مَا لَمْ يَفْسَخْ نِيَّتَهُ الْأُولَى قَبْلَ لِقَائِهِ، أَوْ حَالَ لِقَائِهِ، وَإِنْ فَسَخَهَا بَعْدَهُ لَمْ يَقْصُرْ حَتَّى يَشْرَعَ فِي السَّفَرِ.
(أَوْ نَوَى إقَامَةً) لَا تَمْنَعُ الْقَصْرَ (بِبَلَدٍ دُونَ مَقْصِدِهِ بَيْنَهُ) أَيْ: بَلَدِ إقَامَتِهِ الْمَذْكُورَةِ (وَبَيْنَ بَلَدِ نِيَّتِهِ الْأُولَى: دُونَ الْمَسَافَةِ) فَلَهُ الْقَصْرُ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ سَفَرًا طَوِيلًا وَتِلْكَ الْإِقَامَةُ لَا أَثَرَ لَهَا.
(وَلَا يَسْتَرْخِصُ مَلَّاحٌ) أَيْ: صَاحِبُ سَفِينَةٍ (مَعَهُ أَهْلُهُ) ، أَوْ لَا أَهْلَ لَهُ (وَلَيْسَ لَهُ نِيَّةُ إقَامَةٍ بِبَلَدٍ) نَصًّا لِأَنَّهُ غَيْرُ ظَاعِنٍ عَنْ وَطَنِهِ وَأَهْلِهِ أَشْبَهَ الْمُقِيمَ فَلَا يَقْصُرُ وَلَا يُفْطِرُ بِرَمَضَانَ لِأَنَّهُ يَقْضِيهِ فِي السَّفَرِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي فِطْرِهِ.
(وَمِثْلُهُ) أَيْ: الْمَلَّاحِ (مُكَارٍ) يَحْمِلُ النَّاسَ وَالْمَتَاعَ عَلَى دَوَابِّهِ بِأُجْرَتِهِ (وَرَاعٍ) يَرْعَى الْبَهَائِمَ (وَفَيْجٌ بِالْجِيمِ وَهُوَ رَسُولُ السُّلْطَانِ وَنَحْوُهُمْ) كَسَاعٍ وَبَرِيدٍ، فَلَا يَتَرَخَّصُونَهُ، إذَا كَانَ مَعَهُمْ أَهْلُهُمْ وَلَمْ يَنْوُوا الْإِقَامَةَ بِبَلَدٍ وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَهْلُهُ، أَوْ كَانُوا مَعَهُ وَلَهُ نِيَّةُ إقَامَةٍ بِبَلَدٍ فَلَهُ الْقَصْرُ كَغَيْرِهِ.
(وَإِنْ نَوَى مُسَافِرٌ الْقَصْرَ حَيْثُ لَمْ يُبَحْ) لَهُ الْقَصْرُ لِنَحْوِ نِيَّةِ إقَامَةٍ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَكَوْنِهِ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ أَوْ لَا يَبْلُغُ الْمَسَافَةَ (عَالِمًا) عَدَمَ إبَاحَتِهِ لَهُ (لَمْ تَنْعَقِدْ) صَلَاتُهُ (كَمَا لَوْ نَوَاهُ) أَيْ: الْقَصْرَ (مُقِيمٌ) لِتَلَاعُبِهِ. وَالْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ أَرْبَعَةٌ: الْقَصْرُ، وَالْجَمْعُ، وَالْمَسْحُ ثَلَاثًا، وَالْفِطْرُ.