الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزَّوْجَيْنِ (بِهِ) أَيْ: بِبَذْلِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ (أُجْبِرَ الْآخَرُ) لِانْتِفَاءِ عُذْرِهِ فِي التَّأْخِيرِ (وَلَوْ أَبَتْ) زَوْجَةٌ (التَّسْلِيمَ) أَيْ: تَسْلِيمَ نَفْسِهَا (بِلَا عُذْرٍ) لَهَا (فَلَهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (اسْتِرْجَاعُ مَهْرٍ قُبِضَ) مِنْهُ (وَإِنْ دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا مُطَاوَعَة (أَوْ خَلَا بِهَا) الزَّوْجُ (مُطَاوِعَةً لَمْ تَمْلِكْ مَنْعَ نَفْسِهَا) مِنْهُ (بَعْدَ) ذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِ الْعِوَضِ بِالتَّسْلِيمِ بِرِضَاهَا فَإِنْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا مِنْ الِامْتِنَاعِ بَعْدُ لِحُصُولِهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا كَالْمَبِيعِ إذْ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ كُرْهًا.
(وَإِنْ أَعْسَرَ) زَوْجٌ (بِمَهْرٍ حَالٍّ وَلَوْ بَعْدَ دُخُولٍ فَلِ) زَوْجَةٍ (حُرَّةٍ مُكَلَّفَةٍ الْفَسْخُ) لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَى الْعِوَضِ كَمَا لَوْ أَفْلَسَ مُشْتَرٍ بِثَمَنِ (مَا لَمْ تَكُنْ) الزَّوْجَةُ تَزَوَّجَتْهُ (عَالِمَةً بِعُسْرَتِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ حِينَ الْعَقْدِ لِرِضَاهَا بِذَلِكَ (، وَالْخِيَرَةُ) فِي الْفَسْخِ (لِ) زَوْجَةٍ (حُرَّةٍ) مُكَلَّفَةٍ (وَسَيِّدِ أَمَةٍ) ; لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمَهْرِ لَهُمَا، وَ (لَا) خِيَرَةَ لِ (وَلِيِّ صَغِيرَةٍ، وَمَجْنُونَةٍ) ; لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَهْرِ ; لِأَنَّهُ عِوَضُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ (وَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ) لِذَلِكَ (إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ) ; لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَشْبَهَ الْفَسْخَ لِلْعُنَّةِ، وَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ، وَمَنْ اعْتَرَفَ لِامْرَأَةٍ بِأَنَّ هَذَا ابْنُهُ مِنْهَا لَزِمَهُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا ; لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ.
[بَابُ الْوَلِيمَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]
(وَهِيَ اجْتِمَاعٌ لِطَعَامِ عُرْسٍ خَاصَّةً) يَعْنِي: وَهِيَ طَعَامُ عُرْسٍ لِاجْتِمَاعِ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ كَمَا.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: سُمِّيَ طَعَامُ الْعُرْسِ وَلِيمَةً لِاجْتِمَاعِ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ: أَوْلَمَ الرَّجُلُ إذَا اجْتَمَعَ عَقْلُهُ وَخُلُقُهُ، وَأَصْلُ الْوَلِيمَةِ تَمَامُ الشَّيْءِ وَاجْتِمَاعُهُ، وَيُقَالُ: لِلْقَيْدِ وَلْمٌ ; لِأَنَّهُ يَجْمَعُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ إلَى الْأُخْرَى (وَحِذَاقٌ) اسْمٌ (لِطَعَامٍ عِنْدَ حِذَاقِ صَبِيٍّ) ، وَيَوْمُ حِذَاقِهِ يَوْمُ خَتْمِهِ الْقُرْآنَ قَالَ فِي الْقَامُوسِ (، وَعَذِيرَةٌ، وَأَعْذَارٌ) اسْمٌ (لِطَعَامِ خِتَانٍ، وَخُرْسَةٌ، وَخُرْسٌ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ اسْمٌ (لِطَعَامِ وِلَادَةٍ، وَكِيرَةٌ) اسْمٌ (لِدَعْوَةِ بِنَاءٍ) .
قَالَ النَّوَوِيُّ: أَيْ: مَسْكَنٍ مُتَجَدِّدٍ انْتَهَى مِنْ الْوُكُورِ وَهُوَ الْمَأْوَى (، وَنَقِيعَةٌ) اسْمٌ لِطَعَامٍ (لِقُدُومِ غَائِبٍ، وَعَقِيقَةٌ) اسْمٌ (لِذَبْحٍ لِمَوْلُودٍ، وَمَأْدُبَةٌ) بِضَمِّ الدَّالِ اسْمٌ (لِكُلِّ دَعْوَةٍ لِسَبَبٍ، وَغَيْرِهِ، وَوَضِيمَةٌ) اسْمٌ (لِطَعَامِ مَأْتَمٍ) بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ
وَأَصْلُهُ اجْتِمَاعُ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ (وَتُحْفَةٌ) اسْمٌ (لِطَعَامِ قَادِمٍ) فَالتُّحْفَةُ مِنْ الْقَادِمِ، وَالنَّقِيعَةُ لَهُ (وَشُنْدُخُيَةٌ) اسْمٌ (لِطَعَامِ إمْلَاكٍ) أَيْ: عَقْدٍ (عَلَى زَوْجَةٍ وَمِشْدَاخٌ) اسْمٌ (لِ) طَعَامٍ (مَأْكُولٍ فِي خَتْمَةِ الْقَارِئِ وَلَمْ يَخُصُّوهَا) أَيْ: الدَّعْوَةَ (لِإِخَاءٍ، وَتَسَرٍّ بِاسْمٍ) بَلْ الْمَأْدُبَةُ تَشْمَلُهَا، وَقِيلَ: تُطْلَقُ الْوَلِيمَةُ عَلَى كُلِّ طَعَامٍ لِسُرُورٍ حَادِثٍ لَكِنَّ اسْتِعْمَالَهَا فِي طَعَامِ الْعُرْسِ أَكْثَرُ (وَتُسَمَّى الدَّعْوَةُ الْعَامَّةُ الْجَفَلَى) بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَاللَّامِ، وَالْقَصْرِ.
(وَ) تُسَمَّى الدَّعْوَةَ (الْخَاصَّةَ النَّقَرَى) بِالتَّحْرِيكِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
نَحْنُ فِي الْمَشْتَاةِ نَدْعُو الْجَفَلَى
…
لَا تَرَى الْآدِبَ فِينَا يَنْتَقِرُ
أَيْ: يَخُصُّ قَوْمًا دُونَ آخَرِينَ، وَالْآدِبُ بِالْمَدِّ صَاحِبُ الْمَأْدُبَةِ (، وَتُسَنُّ الْوَلِيمَةُ بِعَقْدِ نِكَاحٍ) ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهَا، وَأَمَرَ بِهَا فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حِينَ قَالَ لَهُ: تَزَوَّجْتَ " أَوْلِمْ " وَلَوْ بِشَاةٍ، وَقَالَ أَنَسٌ «: مَا أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ جَعَلَ يَبْعَثُنِي فَأَدْعُو لَهُ النَّاسَ فَأُطْعِمُهُمْ لَحْمًا، وَخُبْزًا حَتَّى شَبِعُوا» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ بِعَقْدٍ قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تُسْتَحَبُّ بِالدُّخُولِ.
وَفِي الْإِنْصَافِ قُلْت: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: وَقْتُ الِاسْتِحْبَابِ مُوَسَّعٌ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ إلَى انْتِهَاءِ الْعُرْسِ لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا وَهَذَا، وَكَمَالُ السُّرُورِ بَعْدَ الدُّخُولِ لَكِنْ قَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِيَسِيرٍ. اهـ. قَالَ جَمْعٌ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ عَنْ شَاةٍ لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَكَانَتْ وَلِيمَتُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَفِيَّةَ حَيْسًا كَمَا فِي خَبَرِ أَنَسٍ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ.
، وَإِنْ نَكَحَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ أَجْزَأَتْهُ وَلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ نَوَاهَا لِلْكُلِّ (، وَتَجِبُ إجَابَةُ مَنْ عَيَّنَهُ) بِالدَّعْوَةِ وَلَوْ عَبْدًا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ مُكَاتَبًا لَمْ تَضُرَّ بِكَسْبِهِ (دَاعٍ مُسْلِمٌ يَحْرُمُ هَجْرُهُ وَمَكْسَبُهُ طَيِّبٌ إلَيْهَا) أَيْ: إلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ (أَوَّلَ مَرَّةٍ بِأَنْ يَدْعُوَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةِ مَرْفُوعًا «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا، وَيُدْعَى إلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا، وَمَنْ لَا يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَرَسُولَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إذَا دُعِيتُمْ إلَيْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ «مِنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَرَسُولَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
فَإِن كَانَ الْمَدْعُوُّ مَرِيضًا أَوْ مُمَرِّضًا أَوْ مَشْغُولًا
بِحِفْظِ مَالٍ أَوْ فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ يَبُلُّ الثِّيَابَ أَوْ وَحْلٍ أَوْ كَانَ أَجِيرًا لَمْ يَأْذَنْهُ مُسْتَأْجِرُهُ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مُحْتَرَزَاتِ الْقُيُودِ فَقَالَ (وَتُكْرَهُ إجَابَةُ مَنْ فِي مَالِهِ شَيْءٌ حَرَامٌ كَ) كَرَاهَةِ (أَكْلِهِ مِنْهُ، وَمُعَامَلَتِهِ، وَقَبُولِ هَدِيَّتِهِ، وَ) قَبُولِ (هِبَتِهِ وَنَحْوِهِ) كَقَبُولِ صَدَقَتِهِ قَلَّ الْحَرَامُ أَوْ كَثُرَ، وَتَقْوَى الْكَرَاهَةُ، وَتَضْعُفُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْحَرَامِ، وَقِلَّتِهِ (فَإِنْ) لَمْ يُعَيِّنْهُ بِالدَّعْوَةِ بَلْ (دُعَاءِ الْجَفَلَى) ، وَيُقَال الْأَجْفَلِيُّ (كَ) قَوْلِهِ (أَيُّهَا النَّاسُ تَعَالَوْا إلَى الطَّعَامِ)، وَكَقَوْلِ رَسُولِ رَبِّ الْوَلِيمَةِ: أُمِرْتُ أَنْ أَدْعُوَ كُلَّ مَنْ لَقِيتُ أَوْ مَنْ شِئْتُ كُرِهَتْ إجَابَتُهُ (أَوْ) دَعَاهُ رَبُّ الْوَلِيمَةِ أَوْ رَسُولُهُ بِعَيْنِهِ (فِي) الْمَرَّةِ (الثَّالِثَةِ) بِأَنْ دَعَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كُرِهَتْ إجَابَتُهُ. لِحَدِيثِ «الْوَلِيمَةُ أَوَّلُ يَوْمٍ حَقٌّ، وَالثَّانِي مَعْرُوفٌ، وَالثَّالِثُ رِيَاءٌ، وَسُمْعَةٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَغَيْرُهُمَا.
(أَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ كُرِهَتْ إجَابَتُهُ) ; لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إذْلَالُهُ وَهُوَ يُنَافِي إجَابَتَهُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِكْرَامِ ; وَلِأَنَّ اخْتِلَاطَ طَعَامِهِ بِالْحَرَامِ، وَالنَّجَسِ غَيْرُ مَأْمُونٍ، وَكَذَا مَنْ لَا يَحْرُمُ هَجْرُهُ كَمُبْتَدِعٍ، وَمُجَاهِرٍ بِمَعْصِيَةٍ.
(وَتُسَنُّ) إجَابَةُ مَنْ عَيَّنَهُ دَاعٍ لِلْوَلِيمَةِ (فِي ثَانِي مَرَّةٍ) كَأَنْ دُعِيَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لِلْخَبَرِ، وَتَقَدَّمَ.
(وَسَائِرُ الدَّعَوَاتِ) غَيْرَ الْوَلِيمَةِ (مُبَاحَةٌ) فَلَا تُكْرَهُ وَلَا تُسْتَحَبُّ نَصًّا. أَمَّا عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَلِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي الْعُرْسِ، وَغَيْرِ الْعُرْسِ، وَيَأْتِيهَا وَهُوَ صَائِمٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَوْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً لَمْ يَأْمُرْ بِإِجَابَتِهَا وَلَبَيَّنَهَا. وَأَمَّا عَدَمُ اسْتِحْبَابِهَا فَلِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تُفْعَلُ فِي عَهْدِهِ عليه الصلاة والسلام، وَعَهْدِ أَصْحَابِهِ. فَرَوَى الْحَسَنُ قَالَ: " دُعِيَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ إلَى خِتَانٍ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَ، وَقَالَ: كُنَّا لَا نَأْتِي خِتَانًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا نُدْعَى إلَيْهِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ (غَيْرَ عَقِيقَةٍ فَتُسَنُّ) ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا (وَ) غَيْرُ دَعْوَةِ (مَأْتَمٍ فَتُكْرَهُ) ، وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ.
(وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا) أَيْ: الدَّعَوَاتِ غَيْرِ الْوَلِيمَةِ (مُسْتَحَبَّةٌ) لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ مَرْفُوعًا «أَمَرَ بِإِجَابَةِ الدَّاعِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَدْنَى أَحْوَالِ الْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ وَلِمَا فِيهَا مِنْ جَبْرِ قَلْبِ الدَّاعِي، وَتَطْيِيبِ خَاطِرِهِ، وَدُعِيَ أَحْمَدُ إلَى خِتَانٍ فَأَجَابَ، وَأَكَلَ (غَيْرُ مَأْتَمٍ فَتُكْرَهُ) إجَابَةُ دَاعِيهِ لِمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ.
(وَيُسْتَحَبُّ) لِمَنْ حَضَرَ طَعَامًا دُعِيَ إلَيْهِ (أَكْلُهُ) مِنْهُ (وَلَوْ) كَانَ (صَائِمًا) تَطَوُّعًا.،.
وَرُوِيَ
«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي دَعْوَةٍ، وَكَانَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ عَنْ الْقَوْمِ نَاحِيَةً. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَعَاكُمْ أَخُوكُمْ، وَتَكَلَّفَ لَكُمْ. كُلْ يَوْمًا ثُمَّ صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ إنْ شِئْتَ» وَلِمَا فِيهِ مِنْ إدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَ (لَا) يَأْكُلُ إنْ كَانَ صَوْمُهُ (صَوْمًا وَاجِبًا) ; لِأَنَّهُ يَحْرُمُ قَطْعُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] ; وَلِأَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَفِي رِوَايَةٍ: فَلْيُصَلِّ يَعْنِي: يَدْعُو، وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ أَجَابَ عَبْدَ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَ: إنِّي صَائِمٌ وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ أُجِيبَ الدَّاعِيَ فَأَدْعُوَ بِالْبَرَكَةِ. وَيُسَنُّ الْإِخْبَارُ بِصَوْمِهِ لِذَلِكَ وَلِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ لِيُعْلَمَ عُذْرُهُ (وَإِنْ أَحَبَّ) الْمُجِيبُ (دَعَا، وَانْصَرَفَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» قَالَ فِي الشَّرْحِ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
(فَإِنْ دَعَاهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ) فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (أَجَابَ الْأَسْبَقَ قَوْلًا) لِوُجُوبِ إجَابَتِهِ بِدُعَائِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِدُعَاءِ مَنْ بَعْدَهُ وَلَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ ; لِأَنَّهَا غَيْرُ مُمْكِنَةٍ مَعَ إجَابَةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَارَضْهُ بِأَنْ اخْتَلَفَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ أَجَابَ الْكُلَّ بِشَرْطِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبْقٌ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ (فَالْأَدْيَنُ) مِنْ الدَّاعِيَيْنِ ; لِأَنَّهُ الْأَكْرَمُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الدِّينِ (فَالْأَقْرَبُ رَحِمًا) لِمَا فِي تَقْدِيمِهِ مِنْ صِلَتِهِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقَرَابَةِ أَوْ عَدَمِهَا (فَ) الْأَقْرَبُ (جِوَارًا) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد مَرْفُوعًا «إذَا اجْتَمَعَ دَاعِيَانِ أَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا فَإِنَّ أَقْرَبَهُمَا بَابًا أَقْرَبُهُمَا جِوَارًا» ; وَلِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْبِرِّ فَقُدِّمَ لِهَذِهِ الْمَعَانِي (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَوْا فِي ذَلِكَ (أَقْرَعَ) فَيُقَدَّمُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ ; لِأَنَّهَا تُمَيِّزُ الْمُسْتَحِقَّ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْحُقُوقِ.
(وَإِنْ عَلِمَ) الْمَدْعُوُّ (أَنَّ فِي الدَّعْوَةِ مُنْكَرًا كَزَمْرٍ، وَخَمْرٍ) ، وَآلَةِ لَهْوٍ (، وَأَمْكَنَهُ الْإِنْكَارُ حَضَرَ، وَأَنْكَرَ) لِأَدَائِهِ بِذَلِكَ فَرْضَيْنِ إجَابَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَإِزَالَةَ الْمُنْكَرِ (وَإِلَّا) يُمْكِنْهُ الْإِنْكَارُ (لَمْ يَحْضُرْ)، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقْعُدْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ ; وَلِأَنَّهُ يَكُونُ قَاصِدًا لِرُؤْيَةِ الْمُنْكَرِ أَوْ سَمَاعِهِ بِلَا حَاجَةٍ (وَلَوْ حَضَرَ) بِلَا عِلْمٍ بِالْمُنْكَرِ (فَشَاهَدَهُ) أَيْ: الْمُنْكَرَ (أَزَالَهُ) وُجُوبًا لِلْخَبَرِ (، وَجَلَسَ) بَعْدَ زَوَالِهِ إجَابَةً لِلدَّاعِي (فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إزَالَتِهِ (انْصَرَفَ) لِئَلَّا يَكُونَ قَاصِدًا لِرُؤْيَتِهِ أَوْ سَمَاعِهِ، وَرَوَى «نَافِعٌ قَالَ
كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَسَمِعَ زَمَّارَةَ رَاعٍ فَوَضَعَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ثُمَّ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ: يَا نَافِعُ أَتَسْمَعُ؟ حَتَّى قُلْت: لَا. فَأَخْرَجَ إصْبَعَيْهِ مِنْ أُذُنَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَنَعَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْخَلَّالُ. وَخَرَجَ أَحْمَدُ مِنْ وَلِيمَةٍ فِيهَا آنِيَةُ فِضَّةٍ فَقَالَ الدَّاعِي: نُحَوِّلُهَا فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ. نَقَلَهُ حَنْبَلٌ (وَإِنْ عَلِمَ بِهِ) أَيْ: الْمُنْكَرِ (وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ أُبِيحَ الْجُلُوسُ) ، وَالْأَكْلُ نَصًّا ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِنْكَارُ إذَنْ وَلَهُ الِانْصِرَافُ فَيُخْبِرُ (وَإِنْ شَاهَدَ سُتُورًا مُعَلَّقَةً فِيهَا صُورَةُ حَيَوَانٍ كُرِهَ) جُلُوسُهُ مَا دَامَتْ مُعَلَّقَةً.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ:، وَالْمَذْهَبُ لَا يَحْرُمُ. انْتَهَى ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَرَأَى فِيهَا صُورَةَ إبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ يَسْتَقْسِمَانِ بِالْأَزْلَامِ فَقَالَ: قَاتَلَهُمْ اللَّهُ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَ (لَا) يُكْرَهُ جُلُوسُهُ (إنْ كَانَتْ) الصُّوَرُ الْمُصَوَّرَةُ (مَبْسُوطَةً) عَلَى الْأَرْضِ (أَوْ) كَانَتْ (عَلَى وِسَادَةٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ:«قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ لَهُ سَهْوَةً بِنَمَطٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: أَتَسْتُرِينَ الْجُدُرَ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ؟ فَهَتَكَهُ قَالَتْ: فَجَعَلْتُ مِنْهُ مِنْبَذَتَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئًا عَلَى إحْدَاهُمَا» رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَالسَّهْوَةُ الصِّفَةُ أَوْ الْمِخْدَعُ بَيْنَ بَيْتَيْنِ أَوْ شِبْهُ الرَّفِّ، وَالطَّاقِ يُوضَعُ فِيهِ الشَّيْءُ أَوْ بَيْتٌ صَغِيرٌ شِبْهُ الْخِزَانَةِ الصَّغِيرَةِ أَوْ أَرْبَعَةُ أَعْوَادٍ أَوْ ثَلَاثَةٌ يَعْرِضُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ يُوضَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَمْتِعَةِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالْمِنْبَذَتَانِ تَثْنِيَةُ مِنْبَذَةٍ كَمِكْنَسَةٍ وَهِيَ الْوِسَادَةُ ; وَلِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَبْسُوطَةً تُدَاسُ، وَتُمْتَهَنُ. فَلَمْ تَكُنْ مَعْزُوزَةً مُعَظَّمَةً فَلَا تُشْبِهُ الْأَصْنَامَ الَّتِي تُعْبَدُ، وَمَتَى قُطِعَ مِنْ الصُّورَةِ الرَّأْسُ أَوْ مَا لَا يَبْقَى بَعْدَ ذَهَابِهِ حَيَاةٌ، فَلَا كَرَاهَةَ.
وَكَذَا لَوْ صُوِّرَتْ ابْتِدَاءً بِلَا رَأْسٍ وَنَحْوِهِ.، وَتَقَدَّمَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ يَحْرُمُ التَّصْوِيرُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (وَكُرِهَ سَتْرُ حِيطَانٍ بِسُتُورٍ لَا صُوَرَ فِيهَا أَوْ) بِسُتُورٍ (فِيهَا صُوَرُ غَيْرِ حَيَوَانٍ) كَشَجَرٍ (بِلَا ضَرُورَةٍ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) وَهُوَ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْإِجَابَةِ لِمَا رَوَى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ:. أَعْرَسْتُ فِي عَهْدِ أَبِي فَأَذِنَ إلَى النَّاسِ فِيمَنْ أَذِنَ أَبُو أَيُّوبَ وَقَدْ سُتِرَ بَيْتِي بِحُبَارَى أَخْضَرَ فَأَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ مُسْرِعًا فَاطَّلَعَ فَرَأَى الْبَيْتَ مُسْتَتِرًا بِحُبَارَى أَخْضَرَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَسَتَرْتَ الْجُدُرَ فَقَالَ أَبِي، وَاسْتَحْيَا: غَلَبَتْنَا النِّسَاءُ يَا أَبَا أَيُّوبَ فَقَالَ: مَنْ خَشِيت أَنْ يَغْلِبْنَهُ لَمْ أَخْشَ أَنْ يَغْلِبْنَكَ ثُمَّ قَالَ لَا أَطْعَمُ لَكَ طَعَامًا وَلَا أَدْخُلُ لَكَ
بَيْتًا ثُمَّ خَرَجَ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَلَا يَحْرُمُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَفُعِلَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ ; وَلِأَنَّهُ تَغْطِيَةٌ لِلْحِيطَانِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ التَّجْصِيصِ وَالْحَدِيثُ السَّابِقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ (إنْ لَمْ تَكُنْ) السُّتُورُ (أَوْ يَحْرُمُ بِهِ) أَيْ: يَحْرُمُ سَتْرُ الْحِيطَانِ بِالْحَرِيرِ، وَتَعْلِيقُهُ، وَتَقَدَّمَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ (وَ) يَحْرُمُ (جُلُوسٌ مَعَهُ) أَيْ: مَعَ سَتْرِ الْحِيطَانِ بِالْحَرِيرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُنْكَرِ.
(وَ) يَحْرُمُ (أَكْلٌ) بِلَا إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ رَبِّ الطَّعَامِ (أَوْ قَرِينَةٍ) تَدُلُّ عَلَى إذْنٍ كَتَقْدِيمِ طَعَامٍ، وَدُعَاءٍ إلَيْهِ (وَلَوْ) كَانَ أَكْلُهُ (مِنْ بَيْتِ قَرِيبِهِ أَوْ صَدِيقِهِ، وَ) لَوْ (لَمْ يُحْرِزْهُ عَنْهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «مَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا، وَخَرَجَ مُغِيرًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ; وَلِأَنَّهُ مَالُ غَيْرِهِ فَلَا يُبَاحُ أَكْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَغَيْرِهِ يَجُوزُ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ أَظْهَرُ (وَالدُّعَاءُ إلَى الْوَلِيمَةِ، وَتَقْدِيمُ الطَّعَامِ) إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ بِالْأَكْلِ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْغُنْيَةِ (أُذِنَ فِيهِ) أَيْ: الْأَكْلِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَجَاءَ مَعَ الرَّسُولِ فَذَلِكَ إذْنٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَقَالَ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ " إذَا دُعِيتَ فَقَدْ أُذِنَ لَكَ " رَوَاهُ أَحْمَدُ (لَا فِي الدُّخُولِ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَلَيْسَ الدُّعَاءُ إذْنًا فِي الدُّخُولِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِلْمُغْنِي.
(وَلَا يَمْلِكُهُ) أَيْ: الطَّعَامَ (مَنْ قُدِّمَ إلَيْهِ) بِتَقْدِيمِهِ لَهُ (بَلْ يَمْلِكُ) الطَّعَامَ بِالْأَكْلِ (عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ) ; لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ شَيْئًا وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ لِلْأَكْلِ فَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَحْرُمُ أَخْذُ طَعَامٍ فَإِنْ عَلِمَ بِقَرِينَةِ رِضَا مَالِكِهِ فَفِي التَّرْغِيبِ يُكْرَهُ، وَيَتَوَجَّهُ يُبَاحُ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ مَعَ ظَنِّهِ رِضَاهُ.
(وَتُسَنُّ التَّسْمِيَةُ جَهْرًا عَلَى أَكْلٍ، وَشُرْبٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ، وَآخِرَهُ» ، وَقِيسَ عَلَيْهِ الشَّرَابُ.
(وَ) يُسَنُّ (الْحَمْدُ) أَيْ: أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى (إذَا فَرَغَ) مِنْ أَكْلِهِ أَوْ شُرْبِهِ لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى مِنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ، وَيَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
، وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ مَرْفُوعًا «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (وَ) يُسَنُّ (أَكْلُهُ مِمَّا يَلِيهِ بِيَمِينِهِ) لِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ «كُنْت يَتِيمًا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ»
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ» ، وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَنْوَاعًا أَوْ فَاكِهَةً (وَ) يُسَنُّ أَكْلُهُ (بِثَلَاثِ أَصَابِعَ) وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا لِمَا رَوَى الْخَلَّالُ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا» وَلَمْ يُصَحِّحْ أَحْمَدُ حَدِيثَ أَكْلِهِ صلى الله عليه وسلم بِكَفِّهِ كُلِّهَا.
(وَ) يُسَنُّ (تَخْلِيلُ مَا عَلِقَ بِأَسْنَانِهِ) مِنْ طَعَامٍ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " تَرْكُ الْخِلَالِ يُوهِنُ الْأَسْنَانَ "، وَذَكَره بَعْضُهُمْ مَرْفُوعًا،.
وَرُوِيَ «تَخَلَّلُوا مِنْ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَى الْمَلَكِ الَّذِي عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَجِدَ مِنْ أَحَدِكُمْ رِيحَ الطَّعَامِ» قَالَ النَّاظِمُ وَيُلْقِي مَا أَخْرَجَهُ الْخِلَالُ وَلَا يَبْتَلِعُهُ لِلْخَبَرِ.
(وَ) يُسَنُّ (مَسْحُ الصَّحْفَةِ) الَّتِي أَكَلَ فِيهَا لِلْخَبَرِ.
(وَ) يُسَنُّ (أَكْلُ مَا تَنَاثَرَ) مِنْهُ، وَأَكَلَهُ عِنْدَ حُضُورِ رَبِّ الطَّعَامِ، وَإِذْنِهِ.
(وَ) يُسَنُّ لِمَنْ أَكَلَ مَعَ غَيْرِهِ (غَضُّ بَصَرِهِ عَنْ جَلِيسِهِ) لِئَلَّا يَسْتَحِيَ.
(وَ) يُسَنُّ (إيثَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: 9] الْآيَةَ قَالَ أَحْمَدُ يَأْكُلُ بِالسُّرُورِ مَعَ الْإِخْوَانِ، وَبِالْإِيثَارِ مَعَ الْفُقَرَاءِ، وَبِالْمُرُوءَةِ مَعَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا. زَادَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْآدَابِ وَمَعَ الْعُلَمَاءِ بِالتَّعَلُّمِ (وَشُرْبُهُ ثَلَاثًا) نَصًّا لِلْخَبَرِ. (وَ) يُسَنُّ (غَسْلُ يَدَيْهِ) إذَا أَرَادَ الْأَكْلَ (قَبْلَ طَعَامٍ) وَإِنْ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ (مُتَقَدِّمًا بِهِ) أَيْ: الْغَسْلِ (رَبُّهُ) أَيْ: الطَّعَامِ عَلَى الضَّيْفِ إنْ كَانَ (و) غَسْلُ يَدَيْهِ أَيْضًا (بَعْدَهُ) أَيْ: الطَّعَامِ (مُتَأَخِّرًا بِهِ) أَيْ: الْغُسْلِ (رَبُّهُ) أَيْ: الطَّعَامِ عَنْ الضَّيْفِ إنْ كَانَ لِحَدِيثِ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكْثُرُ خَيْرُ بَيْتِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ إذَا حَضَرَ غِذَاؤُهُ، وَإِذَا رُفِعَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. ; وَلِأَبِي بَكْرٍ عَنْ الْحَسَنِ مَرْفُوعًا «الْوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ يَنْفِي الْفَقْرَ، وَبَعْدَهُ يَنْفِي اللَّمَمَ» يَعْنِي بِهِ: غَسْلَ الْيَدَيْنِ،، وَيُكْرَهُ الْغَسْلُ بِطَعَامٍ وَلَا بَأْسَ بِنُخَالَةٍ، وَغَسْلُهُ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي أَكَلَ فِيهِ نَصًّا، وَيَعْرِضُ الْمَاءُ لِغَسْلِهِمَا، وَيُقَدِّمُهُ بِقُرْبِ طَعَامِهِ وَلَا يَعْرِضُهُ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ (وَكُرِهَ تَنَفُّسُهُ فِي الْإِنَاءِ) لِئَلَّا يَعُودَ إلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَيُقَذِّرُهُ.
(وَ) كُرِهَ (رَدُّ شَيْءٍ) مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ (مِنْ فِيهِ إلَيْهِ) أَيْ: الْإِنَاءِ ; لِأَنَّهُ يُقَذِّرُهُ وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ بِالْخُبْزِ وَلَا يَسْتَبْذِلُهُ وَلَا يَخْلِطُ طَعَامًا بِطَعَامٍ. قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ:.
(وَ) كُرِهَ (نَفْخُ الطَّعَامِ) لِيَبْرُدَ زَادَ فِي الرِّعَايَةِ، وَالْآدَابِ، وَغَيْرِهِمَا، وَالشَّرَابِ.
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ النَّفْخُ فِي الطَّعَامِ، وَالشَّرَابِ، وَالْكِتَابِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (وَ) كُرِهَ