الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُمٍّ) لِامْتِيَازِهِ بِالتَّعْصِيبِ (وَهُوَ) أَيْ أَبُو الْأُمِّ (مَعَ أَبِي أَبِي أَبٍ مُسْتَوِيَانِ) لِتَمَيُّزِ أَبِي الْأُمِّ بِالْقُرْبِ وَالْآخَرِ بِالْعُصُوبَةِ فَتَسَاوَيَا (وَلِمُسْتَحِقِّهَا) أَيْ النَّفَقَةِ (الْأَخْذُ) مِنْ مَالِ مُنْفِقٍ (بِلَا إذْنِهِ مَعَ امْتِنَاعِهِ) مِنْ دَفْعِهَا (كَ) مَا يَجُوزُ لِ (زَوْجَةٍ) الْأَخْذُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا إذَا مَنَعَهَا النَّفَقَةَ لِحَدِيثِ هِنْدٍ " «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» " وَقِيسَ عَلَيْهِ سَائِرُ مَنْ تَجِبُ لَهُ
(وَلَا نَفَقَةَ مَعَ اخْتِلَافِ دِينٍ) بِقَرَابَةٍ وَلَوْ مِنْ عَمُودِيِّ نَسَبٍ ; لِأَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] وَكَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا (إلَّا بِالْوَلَاءِ) فَتَجِبُ لِلْعَتِيقِ عَلَى مُعْتِقِهِ بِشَرْطِهِ وَإِنْ بَايَنَهُ فِي دِينِهِ ; لِأَنَّهُ يَرِثُهُ مَعَ ذَلِكَ فَدَخَلَ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] فَإِنْ مَاتَ مَوْلَاهُ فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَارِثِهِ مِنْ عَصَبَةِ مَوْلَاهُ.
[فَصْلٌ إعْفَافُ مَنْ تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ]
وَيَجِبُ إعْفَافُ مَنْ تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ (مِنْ عَمُودِيِّ نَسَبِهِ وَغَيْرِهِمْ) ; لِأَنَّهُ مِمَّا تَدْعُو حَاجَتُهُ إلَيْهِ وَيَسْتَضِرُّ بِفَقْدِهِ وَلَا يُشْبِهُ ذَلِكَ الْحَلْوَى ; لِأَنَّهُ لَا يَسْتَضِرُّ بِتَرْكِهَا فَيَجِبُ إعْفَافُ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ مِنْ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ وَالْأَوْلَادِ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَيُقَدَّمُ إنْ ضَاقَ الْفَاضِلُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ كَالنَّفَقَةِ (بِزَوْجَةٍ حُرَّةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ تُعِفُّهُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا (وَلَا يَمْلِكُ) مَنْ أَعَفَّ بِسُرِّيَّةٍ (اسْتِرْجَاعَهَا مَعَ غَنَاءٍ) أَيْ الْفَقِيرِ كَالزَّكَاةِ وَلَا أَنْ يُزَوِّجَهُ أَمَةً (وَ) إنْ عَيَّنَ أَحَدُهُمَا امْرَأَةً وَالْآخَرُ غَيْرَهَا (يُقَدَّمُ تَعْيِينُ قَرِيبٍ) مُنْفِقٍ (وَالْمَهْرُ سَوَاءٌ عَلَى) تَعْيِينِ (زَوْجٍ) ; لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ بِنَفَقَتِهَا وَتَوَابِعِهَا وَلَيْسَ لَهُ تَعْيِينُ عَجُوزٍ قَبِيحَةِ الْمَنْظَرِ أَوْ مَعِيبَةٍ (وَيُصَدَّقُ) مُنْفَقٌ عَلَيْهِ (أَنَّهُ تَائِقٌ) لِلنِّكَاحِ (بِلَا يَمِينٍ) ; لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ.
وَفِي الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ بِيَمِينِهِ (وَيُعْتَبَرُ) لِوُجُوبِ إعْفَافٍ (عَجْزُهُ) أَيْ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ عَنْ مَهْرِ حُرَّةٍ أَوْ ثَمَنِ أَمَةٍ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَى غَيْرِهِ.
(وَيَكْتَفِي) فِي الْإِعْفَافِ (بِوَاحِدَةٍ) زَوْجَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا (فَإِنْ مَاتَتْ) زَوْجَةٌ أَوْ سُرِّيَّةٌ أَعَفَّهُ بِهَا (أَعَفَّهُ ثَانِيًا) ; لِأَنَّهُ لَا صُنْعَ لَهُ فِي ذَلِكَ (لَا إنْ طَلَّقَ بِلَا عُذْرٍ) أَوْ أَعْتَقَ السُّرِّيَّةَ وَلَمْ يَجْعَلْ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِفَّهُ ثَانِيًا ; لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ (وَيَلْزَمُهُ إعْفَافُ أُمٍّ كَأَبٍ) أَيْ كَمَا يَلْزَمُ إعْفَافُ أَبٍ.
قَالَ
الْقَاضِي: وَلَوْ سُلِّمَ فَالْأَبُ آكَدُ، وَلِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ ; لِأَنَّ الْإِعْفَافَ لَهَا بِالتَّزْوِيجِ، وَنَفَقَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ تَعَذَّرَ تَزْوِيجٌ بِدُونِهَا، وَبِنْتٌ وَنَحْوَهَا كَأُمٍّ (وَ) يَلْزَمُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ (خَادِمٌ لِلْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ (لِحَاجَةٍ) إلَيْهِ (كَالزَّوْجَةِ) ; لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْكِفَايَةِ.
(وَمَنْ تَرَكَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ) مِنْ نَفَقَةِ قَرِيبٍ أَوْ عَتِيقٍ (مُدَّةً لَمْ يَلْزَمْهُ) شَيْءٌ (لِمَا مَضَى) ; لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ (أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ (وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ) مِنْهُمْ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ (إلَّا بِفَرْضِ حَاكِمٍ) لِتَأَكُّدِهِ بِفَرْضِهِ (وَزَادَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَهُوَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ (أَوْ إذْنِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ فِي النَّفَقَةِ لِمَنْ وَجَبَتْ لَهُ النَّفَقَةُ (فِي اسْتِدَانَةٍ) قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَأَمَّا نَفَقَةُ أَقَارِبِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ لِمَا مَضَى، وَإِنْ فُرِضَتْ إلَّا أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ (وَلَوْ غَابَ زَوْجٌ فَاسْتَدَانَتْ) زَوْجَةٌ (لَهَا وَلِأَوْلَادِهَا الصِّغَارِ) وَنَحْوِهِمْ (رَجَعَتْ) نَصًّا وَلَعَلَّهُ لِتَبَعِيَّةِ نَفَقَةِ أَوْلَادِهَا لِنَفَقَتِهَا (وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهَا) أَيْ النَّفَقَةِ (زَوْجٌ أَوْ قَرِيبٌ) فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمَا غَيْرُهُ (رَجَعَ عَلَيْهِ مُنْفِقٌ) عَلَى زَوْجَةٍ أَوْ قَرِيبٍ (بِنِيَّةِ رُجُوعٍ) ; لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ قَدْ يَكُونُ لِضَعْفِ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ. وَقُوَّةِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ. فَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ الْمُنْفِقُ الرُّجُوعَ لَضَاعَ الضَّعِيفُ (وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ صَغِيرٍ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْ أَبٍ أَوْ وَارِثِ غَيْرِهِ عِنْدَ عَدَمِهِ (نَفَقَةُ ظِئْرِهِ) أَيْ مُرْضِعَتِهِ (حَوْلَيْنِ) كَامِلَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233] الْآيَةَ وَقَوْلِهِ: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَلِأَنَّ الطِّفْلَ إنَّمَا يَتَغَذَّى بِمَا يَتَوَلَّدُ فِي الْمُرْضِعَةِ مِنْ اللَّبَنِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْغِذَاءِ فَوَجَبَتْ النَّفَقَةُ لِلْمُرْضِعَةِ ; لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ لَهُ، وَلَا تَجِبُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ لِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى الرَّضَاعِ (وَلَا يُفْطَمُ قَبْلَهُمَا) أَيْ الْحَوْلَيْنِ لِلْآيَةِ ; لِأَنَّهَا خَبَرٌ أُرِيدَ بِهِ الْأَمْرُ (إلَّا بِرِضَا أَبَوَيْهِ أَوْ) بِرِضَا (سَيِّدِهِ إنْ كَانَ رَقِيقًا) فَيَجُوزُ (مَا لَمْ يَتَضَرَّرْ) بِفِطَامِهِ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ رَضِيَا.
وَفِي الرِّعَايَةِ هُنَا يَحْرُمُ رَضَاعُهُ بَعْدَهُمَا وَلَوْ رَضِيَا، وَظَاهِرُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ إبَاحَتُهُ مُطْلَقًا (وَلِأَبِيهِ مَنْعُ أُمِّهِ مِنْ خِدْمَتِهِ) ; لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ حَقَّ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ. وَ (لَا) يَمْنَعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ وَلَوْ أَنَّهَا فِي حِبَالِهِ لِلْآيَةِ فَتُرْضِعُهُ هِيَ وَالْخَادِمُ تَقُومُ بِخِدْمَتِهِ عِنْدَهَا فَلَمْ يَفُتْهَا رَضَاعُهُ وَلَا حَضَانَتُهُ (وَهِيَ) أَيْ الْأُمُّ (أَحَقُّ) بِرَضَاعِ وَلَدِهَا (بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا حَتَّى مَعَ) مُرْضِعَةٍ (مُتَبَرِّعَةٍ أَوْ) مَعَ