الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ لِلْإِمَامِ أَنْ يُوَلِّي الْقَاضِي عُمُومَ النَّظَرِ فِي عُمُومِ الْعَمَلِ]
فَصْلٌ وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ (أَنْ يُوَلِّيَهُ) أَيْ الْقَاضِيَ (عُمُومَ النَّظَرِ فِي عُمُومِ الْعَمَلِ) بِأَنْ يُوَلِّيَهُ سَائِرَ الْأَحْكَامِ بِسَائِرِ الْبِلَادِ.
(وَ) يَجُوزُ (أَنْ يُوَلِّيَهُ خَاصًّا فِي أَحَدِهَا أَوْ) خَاصًّا (فِيهَا فَيُوَلِّيهِ عُمُومَ النَّظَرِ) بِمَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ (أَوْ) يُوَلِّيهِ (خَاصًّا) كَعُقُودِ الْأَنْكِحَةِ مَثَلًا (بِمَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ فِي مُقِيمٍ بِهَا) أَيْ: تِلْكَ الْمَحَلَّةِ (وَ) فِي (طَارِئٍ إلَيْهَا) مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِنْ أَهْلِهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ وَلِذَلِكَ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ مِنْ الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ لِأَهْلِ الْحَرَمِ (فَقَطْ) فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ فِيمَنْ لَيْسَ مُقِيمًا بِهَا وَلَا طَارِئًا إلَيْهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ وِلَايَتِهِ (لَكِنْ لَوْ أَذِنَتْ لَهُ) امْرَأَةٌ (فِي تَزْوِيجِهَا) وَهُوَ فِي عَمَلِهِ (فَلَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ عَمَلِهِ لَمْ يَصِحَّ) تَزْوِيجُهَا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَيْسَتْ فِي وِلَايَتِهِ (كَمَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ) فِي تَزْوِيجِهَا (وَهِيَ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ ثُمَّ) زَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ (دَخَلَتْ إلَى عَمَلِهِ) فَلَا يَصِحُّ إذْ لَا أَثَرَ لِإِذْنِهَا بِغَيْرِ عَمَلِهِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهَا، إذَنْ كَمَا لَوْ لَمْ تَدْخُلْ إلَى عَمَلِهِ بَعْدَ إذْنِهَا لَهُ
(وَلَا يَسْمَعُ) قَاضٍ (بَيِّنَةً فِي غَيْرِ عَمَلِهِ وَهُوَ) أَيْ: عَمَلُهُ (مَحَلُّ) نُفُوذِ (حُكْمِهِ) فَمَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ بِمَجْلِسٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ إلَّا فِيهِ وَلَا يَسْمَعُ بَيِّنَةً إلَّا فِيهِ وَلَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ فِي غَيْرِ عَمَلِ قَاضٍ إذَا دَخَلْت فِي عَمَلِهِ فَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي تَزْوِيجِي وَنَحْوِهِ، وَزَوَّجَهَا، وَقَدْ دَخَلَتْ فِي عَمَلِهِ صَحَّ لِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْإِذْنِ بِالشَّرْطِ كَالْوَكَالَةِ (وَتَجِبُ إعَادَةُ الشَّهَادَةِ) إذَا سَمِعَهَا فِي غَيْرِ عَمَلِهِ (فِيهِ) أَيْ: فِي عَمَلِهِ (كَتَعْدِيلِهَا) أَيْ: الْبَيِّنَةِ فَلَا يَسْمَعُهُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ فَإِنْ سَمِعَهُ فِي غَيْرِهِ أَعَادَهُ فِيهِ كَالشَّهَادَةِ ; لِأَنَّ سَمَاعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ عَمَلِهِ كَسَمَاعِهِ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ (أَوْ يُوَلِّيهِ) أَيْ يُوَلِّي الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فِيهِ الْقَاضِيَ (الْحُكْمَ فِي الْمَدِينَاتِ خَاصَّةً أَوْ) يُوَلِّيهِ الْحُكْمَ (فِي قَدْرٍ مِنْ الْمَالِ لَا يَتَجَاوَزُهُ أَوْ يَجْعَلُ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فِيهِ (إلَيْهِ) أَيْ: الْقَاضِي (عُقُودَ الْأَنْكِحَةِ دُونَ غَيْرِهَا) فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ أَوْ فِي بَلَدٍ خَاصٍّ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ فَمَلَكَ الِاسْتِنَابَةَ فِي جَمِيعِهِ وَبَعْضِهِ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم " كَانَ يَسْتَنِيبُ أَصْحَابَهُ كُلًّا فِي شَيْءٍ، فَوَلِيَ عُمَرُ الْقَضَاءَ وَبَعَثَ عَلِيًّا قَاضِيًا إلَى الْيَمَنِ، وَكَانَ يَبْعَثُ أَصْحَابَهُ فِي جَمْعِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا. وَكَذَلِكَ خُلَفَاؤُهُ "
(وَلَهُ) أَيْ: الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ (أَنْ
يُوَلِّيَ) قَاضِيًا (مِنْ غَيْرِ مَذْهَبِهِ) فَإِنْ نَهَاهُ عَنْ الْحُكْمِ فِي مَسْأَلَةٍ فَفِي الرِّعَايَةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ
(وَ) لَهُ أَنْ يُوَلِّيَ (قَاضِيَيْنِ فَأَكْثَرَ بِبَلَدٍ) وَاحِدٍ (وَإِنْ اتَّحَدَ عَمَلُهُمَا) لِأَنَّ الْغَرَضُ فَصْلُ الْخُصُومَاتِ وَإِيصَالُ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ فَأَشْبَهَ الْقَاضِيَ وَخُلَفَاءَهُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبِهِ وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ (وَيُقَدَّمُ قَوْلُ طَالِبٍ) إذَا تَنَازَعَ خَصْمَانِ وَطَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْحُكْمَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَيُقَدَّمُ مُدَّعٍ (وَلَوْ عِنْدَ نَائِبٍ) وَالْآخَرُ عِنْدَ مُسْتَنِيبٍ لِأَنَّ الدَّعْوَى حَقٌّ لِلْمُدَّعِي (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ: الْخَصْمَانِ فِي الطَّلَبِ (كَمُدَّعِيَيْنِ اخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاقٍ فَأَقْرَبُ الْحَاكِمَيْنِ) يُقَدَّمُ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى كُلْفَةِ الْمُضِيِّ لِلْأَبْعَدِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَى الْحَاكِمَانِ أَيْضًا فِي الْقُرْبِ يُقَدَّمُ مِنْ الْحَاكِمَيْنِ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ (الْقُرْعَةُ) لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ غَيْرُهَا.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلَّدَ الْقَضَاءُ لِوَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: 26] وَالْحَقُّ لَا يَتَعَيَّنُ فِي مَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ وَقَدْ يَظْهَرُ لَهُ الْحَقُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ فَإِنْ قَلَّدَهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ بَطَلَ الشَّرْطُ فَقَطْ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مَنْ أَوْجَبَ تَقْلِيدَ إمَامٍ بِعَيْنِهِ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَإِنْ قَالَ يَعْنِي كَانَ جَاهِلًا ضَالًّا قَالَ وَمَنْ كَانَ مُتَّبِعًا لِإِمَامِهِ فَخَالَفَهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ أَوْ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَعْلَمَ وَأَتْقَى فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يَقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ
(وَإِنْ زَالَتْ وِلَايَةُ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ) بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ عَزَلَ) الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ (الْمُوَلَّى بِفَتْحِهَا مَعَ صَلَاحِيَتِهِ) لِلْقَضَاءِ (لَمْ تَبْطُلْ وِلَايَتُهُ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ لَا الْإِمَامُ) إذْ تَوْلِيَةُ الْإِمَامِ الْقَاضِيَ عَقْدٌ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ تَبْطُلْ لِزَوَالِهِ وَلَمْ يَمْلِكْ إبْطَالَهُ كَعُقْدَةِ النِّكَاحِ عَلَى مُوَلِّيَتِهِ وَلِأَنَّ الْخُلَفَاءَ وَلَّوْا حُكَّامًا فِي زَمَانِهِمْ فَلَمْ يَنْعَزِلُوا بِمَوْتِهِمْ وَلِمَا فِي عَزْلٍ بِمَوْتِ الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِتَعَطُّلِ الْأَحْكَامِ وَتَوَقُّفِهَا إلَى أَنْ يُوَلَّى الثَّانِي (وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَنِيبُ قَاضِيًا فَعَزَلَ نُوَّابَهُ أَوْ زَالَتْ وِلَايَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ انْعَزَلُوا) لِأَنَّهُمْ نُوَّابُهُ كَالْوُكَلَاءِ لَهُ بِخِلَافِ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ قَاضِيًا فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ قَضَايَا النَّاسِ وَأَحْكَامُهُمْ عِنْدَهُ وَعِنْدَ نُوَّابِهِ بِالْبُلْدَانِ فَيَشُقُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَكَذَا وَالٍ وَمُحْتَسِبٌ وَأَمِير جِهَادٍ وَوَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ وَمَنْ نُصِّبَ لِجِبَايَةِ مَالٍ) كَخَرَاجٍ (وَصَرْفِهِ) إذَا وَلَّاهُمْ الْإِمَامُ فَلَا يَنْعَزِلُونَ بِعَزْلِهِ وَلَا مَوْتِهِ لِأَنَّهَا عُقُودٌ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ
(وَلَا يَبْطُلُ مَا فَرَضَهُ