الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(آخَرُ) غَيْرَ الَّذِي جَعَلَ الْخِرَاطَةَ فِي حَلْقِهِ (عَمْدًا) أَيْ مُتَعَمِّدًا إزَالَتَهُ مِنْ تَحْتِهِ (فَمَاتَ فَإِنْ جَهِلَهَا) أَيْ الْخِرَاطَةَ بِحَلْقِهِ (مُزِيلٌ وَأَدَّاهُ) أَيْ أَدَّى دِيَةَ الْقَتِيلِ (مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ الْخِرَاطَةَ بِحَلْقِهِ وَأَزَالَ مَا تَحْتَهُ (قُتِلَ بِهِ) وَلَا شَيْءَ عَلَى جَاعِلِ الْخِرَاطَةِ كَالْحَافِرِ مَعَ الدَّافِعِ وَإِنْ شَدَّ قِرْبَةً مَنْفُوخَةً وَنَحْوَهَا عَلَى مَنْ لَا يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ فَخَرَقَهَا آخَرُ فَغَرِقَ فَالْقَاتِلُ الثَّانِي.
[فَصْلٌ شِبْهُ الْعَمْدِ]
وَشِبْهُ الْعَمْدِ الْمُسَمَّى بِخَطَأِ الْعَمْدِ وَعَمْدِ الْخَطَأِ (أَنْ يَقْصِدَ جِنَايَةً لَا تَقْتُلُ غَالِبًا، وَلَمْ يَجْرَحْهُ بِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ (كَمَنْ ضَرَبَ) شَخْصًا (بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ) إلَّا أَنْ يَصْغُرَ جِدًّا كَقَلَمٍ وَأُصْبُعٍ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ أَوْ يَمَسَّهُ بِالْكَبِيرِ بِلَا ضَرْبٍ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ (أَوْ لَكَزَ) غَيْرَهُ بِيَدِهِ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ (أَوْ لَكَمَ غَيْرَهُ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ أَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ سَحَرَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَمَاتَ أَوْ صَاحَ بِعَاقِلٍ اغْتَفَلَهُ أَوْ بِصَغِيرٍ أَوْ مَعْتُوهٍ عَلَى نَحْوِهِ سَطْحٌ فَسَقَطَ فَمَاتَ) أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ (فَفِيهِ) أَيْ فِي الْقَتْلِ بِكُلٍّ مِنْ تِلْكَ (الْكَفَّارَةُ فِي مَالِ جَانٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وَالْخَطَأُ مَوْجُودٌ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ.
(وَ) فِيهِ (الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ " «اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَإِنْ صَاحَ بِمُكَلَّفٍ لَمْ يَغْتَفِلْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مَاتَ أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ.
[فَصْلٌ الْخَطَأُ ضَرْبَانِ]
وَالْخَطَأُ ضَرْبَانِ ضَرْبٌ مِنْهُمَا فِي الْقَصْدِ، وَهُوَ أَيْ الضَّرْبُ الْمَذْكُورُ (نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْمِيَ مَا يَظُنُّهُ صَيْدًا) فَيَقْتُلَ إنْسَانًا (أَوْ) يَرْمِيَ مَنْ يَظُنُّهُ (مُبَاحَ الدَّمِ) كَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ فَيَقْتُلَ مَعْصُومًا (فَيَبِينَ) مَا ظَنَّهُ صَيْدًا (آدَمِيًّا) مَعْصُومًا (أَوْ) يَبِينَ مَا ظَنَّهُ مُبَاحَ الدَّمِ (مَعْصُومًا أَوْ يَفْعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ) كَقَطْعِ
لَحْمٍ (فَيَقْتُلَ إنْسَانًا أَوْ يَتَعَمَّدَ الْقَتْلَ صَغِيرٌ أَوْ يَتَعَمَّدَهُ مَجْنُونٌ) ; لِأَنَّهُ لَا قَصْدَ لَهُمَا فَعَمْدُهُمَا كَخَطَأِ الْمُكَلَّفِ بِخِلَافِ السَّكْرَانِ اخْتِيَارًا (فَفِي مَالِهِ) أَيْ الْقَاتِلِ خَطَأً فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَنَحْوِهَا (الْكَفَّارَةُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ) لِمَا سَبَقَ.
(وَمَنْ قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ قَتَلْت صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَأَمْكَنَ) ذَلِكَ بِأَنْ اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ حَالَ صِغَرِهِ أَوْ عُهِدَ لَهُ حَالُ جُنُونٍ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ; لِأَنَّهُ يُنْكِرُ وُجُوبَ الْقَوَدِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَكَذَا لَوْ ثَبَتَ زَوَالُ عَقْلِهِ وَقَالَ: كُنْتُ مَجْنُونًا، وَقَالَ الْوَلِيُّ بَلْ سَكْرَانَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مَا ادَّعَاهُ لَمْ يُقْبَلْ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ يَفْعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ كَمَنْ قَصَدَ رَمْيَ مَعْصُومٍ أَوْ بَهِيمَةٍ مُحْتَرَمَةٍ فَقَتَلَ غَيْرَ الْمَقْصُودِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ خَطَأً بَلْ عَمْدًا قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَهُ الْقَاضِي فِي رِوَايَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدِمَ فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ خَطَأٌ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ.
النَّوْعُ (الثَّانِي) مِنْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ (أَنْ يَقْتُلَ بِدَارِ حَرْبٍ) مَنْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا فَيَبِينَ مُسْلِمًا (أَوْ) يَقْتُلَ بِ (صَفِّ كُفَّارٍ مَنْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا فَيَبِينَ مُسْلِمًا) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إنْ كَانَ مَعْذُورًا كَأَسِيرٍ أَوْ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْ صَفِّهِمْ فَإِنْ وَقَفَ بِاخْتِيَارِهِ لَمْ يَضْمَنْ بِحَالٍ (أَوْ يَرْمِيَ وُجُوبًا كُفَّارًا تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ وَيَجِبُ) رَمْيُهُمْ إذَا تَتَرَّسُوا بِهِ (حَيْثُ خِيفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ نَرْمِهِمْ فَيَقْصِدَهُمْ) أَيْ الْكُفَّارَ بِالرَّمْيِ (دُونَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ (فَيَقْتُلَهُ) أَيْ الْمُسْلِمَ بِلَا قَصْدٍ (فَفِيهِ) أَيْ هَذَا النَّوْعِ (الْكَفَّارَةُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الدِّيَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] لَمْ يَذْكُرْ دِيَةً، وَتَرْكُ ذِكْرِهَا فِي هَذَا النَّوْعِ مَعَ ذِكْرِهَا فِيمَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا فِيهِ
(الضَّرْبُ الثَّانِي) مِنْ ضَرْبَيْ الْخَطَأِ خَطَأٌ (فِي الْفِعْلِ وَهُوَ أَنْ يَرْمِيَ صَيْدًا أَوْ هَدَفًا فَيُصِيبَ آدَمِيًّا) مَعْصُومًا اعْتَرَضَهُ (لَمْ يَقْصِدْهُ أَوْ يَنْقَلِبَ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ نَحْوُهُ) كَمُغْمًى عَلَيْهِ (عَلَى إنْسَانٍ فَيَمُوتَ فَ) عَلَيْهِ (الْكَفَّارَةُ) فِي مَالِهِ.
(وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ) كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْخَطَأِ (لَكِنْ لَوْ كَانَ الرَّامِي ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ بَيْنَ رَمْيٍ وَإِصَابَةٍ ضَمِنَ) أَيْ الرَّامِي (الْمَقْتُولَ فِي مَالِهِ) لِمُبَايَنَتِهِ دِينَ عَاقِلَتِهِ بِإِسْلَامِهِ وَلَا يُمْكِنُ ضَيَاعُ دِيَةِ الْمَقْتُولِ فَوَجَبَتْ فِي مَالِ الْجَانِي (وَمَنْ قُتِلَ بِسَبَبٍ كَحَفْرِ بِئْرٍ وَنَصْبِ سِكِّينٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ تَعَدِّيًا إنْ قَصَدَ جِنَايَةً فَ) هُوَ (شِبْهُ عَمْدٍ) ; لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْقَصْدِ كَالْعَمْدِ وَبِالنَّظَرِ إلَى عَدَمِ الْمُبَاشَرَةِ