الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الظِّهَارِ]
مُشْتَقٌّ مِنْ الظَّهْرِ، وَخُصَّ بِهِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الرُّكُوبِ، وَلِهَذَا سُمِّيَ الْمَرْكُوبُ ظَهْرًا وَالْمَرْأَةُ مَرْكُوبَةٌ إذَا غُشِيَتْ. فَقَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي مَعْنَاهُ: أَنَّهُ شَبَّهَ امْرَأَتَهُ بِظَهْرِ أُمِّهِ فِي التَّحْرِيمِ، كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ رُكُوبَهَا لِلْوَطْءِ حَرَامٌ كَرُكُوبِ أُمِّهِ لَهُ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى:« {وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 2]- الْآيَاتُ نَزَلَتْ فِي خُوَيْلَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ حِينَ ظَاهَرَ مِنْهَا ابْنُ عَمِّهَا أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ، فَجَاءَتْ تَشْكُوهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتُجَادِلُهُ فِيهِ، وَيَقُولُ: اتَّقِي اللَّهَ فَإِنَّهُ ابْنُ عَمِّك فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ (وَهُوَ) أَيْ الظِّهَارُ (أَنْ يُشَبِّهَ) زَوْجٌ (امْرَأَتَهُ أَوْ) يُشَبِّهَ (عُضْوًا مِنْهَا) أَيْ امْرَأَتِهِ كَيَدِهَا وَظَهْرِهَا (بِمَنْ) أَيِّ امْرَأَةٍ (تَحْرُمُ عَلَيْهِ) كَأُمِّهِ وَأُخْتِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ وَعَمَّاتِهِ وَزَوْجَةِ ابْنِهِ (وَلَوْ) كَانَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ (إلَى أَمَدٍ) كَأُخْتِ زَوْجَتِهِ وَخَالَتِهَا (أَوْ) يُشَبِّهَهَا (بِعُضْوٍ مِنْهَا) أَيْ مِمَّنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَوْ إلَى أَمَدٍ (أَوْ) يُشَبِّهَ امْرَأَتَهُ (بِذَكَرٍ أَوْ عُضْوٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الذَّكَرِ.
(وَلَوْ) أُتِيَ بِهِ (بِغَيْرِ عَرَبِيَّةٍ وَلَوْ اعْتَقَدَ الْحِلَّ) أَيْ حِلَّ مَنْ شَبَّهَ زَوْجَتَهُ بِهَا مِنْ مَحَارِمِهِ (مَجُوسِيٌّ) بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي مُعْتَقِدًا حِلَّ أُخْتِهِ فَيَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الظِّهَارِ إذَا أَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا (نَحْوُ) قَوْلِ الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ أَوْ يَدُكِ أَوْ وَجْهُكِ أَوْ أُذُنُكِ كَظَهْرِ) أُمِّي (أَوْ) كَ (بَطْنِ) أُمِّي (أَوْ) ك (رَأْسِ أُمِّي أَوْ كَعَيْنِ أُمِّي أَوْ) كَظَهْرِ أَوْ بَطْنِ أَوْ رَأْسِ أَوْ عَيْنِ (عَمَّتِي أَوْ خَالَتِي أَوْ حَمَاتِي أَوْ أُخْتِ زَوْجَتِي أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ) كَظَهْرِ أَوْ بَطْنِ أَوْ رَأْسِ أَوْ عَيْنِ (أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ) كَظَهْرِ أَوْ بَطْنِ أَوْ رَأْسِ
أَوْ عَيْنِ (أَبِي أَوْ أَخِي أَوْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ زَيْدٍ أَوْ رَجُلٍ، وَلَا يُدَيَّنُ) إنْ قَالَ: أَرَدْتُ فِي الْكَرَامَةِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ صَرِيحَةٌ فِي الظِّهَارِ لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَهُ.
(وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ أَوْ) قَالَ لَهَا (عَكْسَهُ) أَيْ أَنْتِ طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي (يَلْزَمَانِهِ) أَيْ الطَّلَاقَ وَالظِّهَارَ لِإِتْيَانِهِ بِصَرِيحِهِمَا، وَجَزَمَ فِي الشَّرْحِ وَالْإِقْنَاعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ ظِهَارًا فِي الثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ.
(وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ عَلَيَّ) كَأُمِّي أَوْ مِثْلِ أُمِّي (أَوْ) قَالَ أَنْتِ (عِنْدِي) كَأُمِّي أَوْ مِثْلِ أُمِّي (أَوْ) أَنْتِ (مِنِّي) كَأُمِّي أَوْ مِثْلِ أُمِّي (أَوْ) أَنْتِ (مَعِي كَأُمِّي أَوْ) مَعِي (مِثْلُ أُمِّي وَأَطْلَقَ) فَلَمْ يَنْوِ بِهِ ظِهَارًا وَلَا غَيْرَهُ (فَ) هُوَ (ظِهَارٌ) لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ (وَإِنْ نَوَى) بِأَنْتِ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَوْ مِنِّي أَوْ مَعِي كَأُمِّي أَوْ مِثْلِ أُمِّي (فِي الْكَرَامَةِ وَنَحْوِهَا) كَالْمَحَبَّةِ (دِينَ وَقُبِلَ حُكْمًا) لِاحْتِمَالِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ (وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ أُمِّي أَوْ) أَنْتِ (كَأُمِّي أَوْ) أَنْتِ (مِثْلُ أُمِّي) وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَوْ مِنِّي أَوْ مَعِي (لَيْسَ بِظِهَارٍ إلَّا مَعَ نِيَّةِ) ظِهَارٍ (أَوْ قَرِينَةٍ) لِأَنَّ احْتِمَالَ هَذِهِ الصُّوَرِ لِغَيْرِ الظِّهَارِ أَكْثَرُ مِنْ احْتِمَالِ الصُّوَرِ الَّتِي قَبْلَهَا لَهُ وَكَثْرَةُ الِاحْتِمَالَاتِ تُوجِبُ اشْتِرَاطَ النِّيَّةِ فِي الْمُحْتَمَلِ الْأَقَلِّ لِيَتَعَيَّنَ لَهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كِنَايَةً فِيهِ وَالْقَرِينَةُ تَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ.
(وَ) قَوْلُهُ لَهَا (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ظِهَارٌ وَلَوْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا أَوْ يَمِينًا) نَصًّا لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ أَوْقَعَهُ فِي امْرَأَتِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ شَبَّهَهَا بِظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَحَمْلُهُ عَلَى الظِّهَارِ أَوْلَى مِنْ الطَّلَاقِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَبِينُ بِهِ الْمَرْأَةُ وَهَذَا يُحَرِّمُهَا مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ فَحَمْلُهُ عَلَى أَدْنَى التَّحْرِيمَيْنِ أَوْلَى (إلَّا إنْ زَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ سَبَقَ بِهَا) فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَا يَكُونُ ظِهَارًا كَمَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدْخُلُهُ التَّكْفِيرُ وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ شَاءَ زَيْدٌ.
(وَ) قَوْلُهُ (أَنَا مُظَاهِرٌ أَوْ عَلَيَّ) الظِّهَارُ (أَوْ يَلْزَمُنِي الظِّهَارُ أَوْ) عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ يَلْزَمُنِي (الْحَرَامُ وَأَنَا عَلَيْكِ حَرَامٌ أَوْ) أَنَا عَلَيْكِ (كَظَهْرِ رَجُلٍ) أَوْ كَظَهْرِ أَبِي (مَعَ نِيَّةِ) ظِهَارٍ (أَوْ قَرِينَةٍ) دَالَّةٍ عَلَيْهِ (ظِهَارٌ) لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ وَقَدْ نَوَاهُ بِهِ وَلِأَنَّ تَحْرِيمَ نَفْسِهِ عَلَيْهَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلِأَنَّ تَشْبِيهَ نَفْسِهِ بِأَبِيهِ يَلْزَمُهُ فِيهِ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ كَمَا تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ (وَإِلَّا) يَنْوِ ظِهَارًا وَلَا قَرِينَةً عَلَيْهِ (فَلَغْوٌ ك) قَوْلِهِ (أُمِّي) امْرَأَتِي (أَوْ أُخْتِي امْرَأَتِي أَوْ مِثْلُهَا) أَيْ أُمِّي أَوْ أُخْتِي مِثْلُ امْرَأَتِي وَنَحْوَهُ (وَكَ) قَوْلِ أَنْتِ عَلَيَّ (كَظَهْرِ الْبَهِيمَةِ) فَلَيْسَ ظِهَارًا