الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَمْدًا فَأَنْكَرَ) الْقَاضِي (لَمْ يَحْلِفْ) لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ إلَى إبْطَالِ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْحُقُوقِ بِذَلِكَ، وَفِيهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ، وَالْيَمِينُ إنَّمَا تَجِبُ لِلتُّهْمَةِ وَالْقَاضِي لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا
(وَإِنْ قَالَ) قَاضٍ (مَعْزُولٌ عَدْلٌ) لَا يُتَّهَمُ: كُنْتُ (حَكَمْتُ فِي وِلَايَتِي لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا) وَبَيَّنَهُ (وَهُوَ مِمَّنْ يَسُوغُ الْحُكْمُ لَهُ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَمُودَيْ نَسَبِ الْقَاضِي وَنَحْوَهُ (قُبِلَ) قَوْلُهُ نَصًّا، (وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ) الْقَاضِي (مُسْتَنَدَهُ) فِي حُكْمِهِ مِنْ نَحْوِ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، (وَلَوْ أَنَّ الْعَادَةَ تَسْتَحِيلُ أَحْكَامَهُ وَضَبْطَهَا بِشُهُودٍ) ; لِأَنَّ عَزْلَهُ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ قَوْلِهِ كَمَا لَوْ كَتَبَ إلَى قَاضٍ آخَرَ وَوَصَلَ إلَيْهِ كِتَابُهُ بَعْدَ عَزْلِهِ ; وَلِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا حَكَمَ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ أَشْبَهَ إخْبَارَهُ حَالَ وِلَايَتِهِ (قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) وَهُوَ الْقَاضِي مَجْدُ الدِّينِ:(مَا لَمْ يَشْتَمِلْ) قَوْلُهُ (عَلَى إبْطَالِ حُكْمِ حَاكِمٍ) آخَرَ فَلَا يُقْبَلُ إذْنٌ، فَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِرُجُوعِ وَاقِفٍ عَلَى نَفْسِهِ فَأَخْبَرَ حَنْبَلِيٌّ أَنَّهُ حَكَمَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ الْوَقْفِ قَبْلَ حُكْمِ الْحَنَفِيِّ بِرُجُوعِهِ، لَمْ يَقْبَلْ الْمُحِبُّ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ، (وَحَسَّنَهُ بَعْضُهُمْ) هُوَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ قَالَ: هَذَا تَقْيِيدٌ حَسَنٌ يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ، وَكَذَا قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَهُوَ حَسَنٌ
(فَإِنْ أَخْبَرَ حَاكِمٌ حَاكِمًا بِحُكْمٍ أَوْ ثُبُوتٍ، وَلَوْ) كَانَ الْإِخْبَارُ (فِي غَيْرِ عَمَلِهِمَا) أَيْ الْحَاكِمَيْنِ (قَبِلَ وَعَمِلَ بِهِ) الْمُخْبَرُ بِفَتْحِ الْبَاءِ (إذَا بَلَغَ عَمَلَهُ) كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بَعْدَ عَزْلِهِ وَأَوْلَى، وَ (لَا) يَجُوزُ لِلْمُخْبَرِ بِفَتْحِ الْبَاءِ - أَنْ يَعْمَلَ بِإِخْبَارِ الْآخَرِ (مَعَ حُضُورِ الْمُخْبِرِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ، (وَهُمَا) أَيْ الْمُخْبَرُ وَالْمُخْبِرُ (بِعَمَلِهِمَا) إذَا أَخْبَرَهُ (بِالثُّبُوتِ) عِنْدَهُ بِلَا حُكْمٍ ; لِأَنَّهُ كَنَقْلِ الشَّهَادَةِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ وَأَخْبَرَهُ بِهِ أَوْ كَانَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ عَمَلِهِمَا.
(وَكَذَا إخْبَارُ أَمِيرِ جِهَادٍ وَأَمِينِ صَدَقَةٍ وَنَاظِرِ وَقْفٍ) بَعْدَ عَزْلٍ بِأَمْرٍ صَدَرَ مِنْهُ حَالَ وِلَايَتِهِ، فَيُقْبَلُ مِنْهُ حَيْثُ يُقْبَلُ فِي وِلَايَتِهِ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: كُلُّ مَنْ صَحَّ مِنْهُ إنْشَاءُ أَمْرٍ صَحَّ إقْرَارُهُ بِهِ
[بَابُ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ]
أَيْ كَيْفِيَّةِ الْحُكْمِ (طَرِيقُ كُلِّ شَيْءٍ) حُكْمٍ أَوْ غَيْرِهِ، (مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَيْهِ) أَيْ الشَّيْءِ (وَالْحُكْمُ) لُغَةً الْمَنْعُ. وَاصْطِلَاحًا (الْفَصْلُ) أَيْ فَصْلُ الْخُصُومَاتِ أَوْ الْإِلْزَامُ
بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ كَعَقْدٍ رُفِعَ إلَيْهِ فَحَكَمَ بِهِ بِلَا خُصُومَةٍ، وَسُمِّيَ الْقَاضِي حَاكِمًا ; لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الظَّالِمَ مِنْ ظُلْمِهِ (إذَا حَضَرَ إلَيْهِ) أَيْ الْقَاضِي (خَصْمَانِ) اُسْتُحِبَّ أَنْ يُجْلِسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنْ يَجْلِسَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ» وَقَالَ عَلِيٌّ حِينَ خَاصَمَ الْيَهُودِيَّ فِي دِرْعِهِ إلَى شُرَيْحٍ: " لَوْلَا أَنَّ خَصْمِي يَهُودِيٍّ لَجَلَسْتُ مَعَهُ بَيْنَ يَدَيْك " ; وَلِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِلْحَاكِمِ فِي الْعَدْلِ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا جَلَسَا (فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يُبْدَأَ) خَصْمُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يُبْدَأَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ بِالدَّعْوَى، (وَ) لَهُ (أَنْ يَقُولَ: أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي) ; لِأَنَّهُ لَا تَخْصِيصَ فِي ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا، (وَمَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى) مِنْهُمَا (قَدَّمَهُ) أَيْ قَدَّمَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ لِتَرَجُّحِهِ بِالسَّبْقِ، فَإِنْ قَالَ خَصْمُهُ: أَنَا الْمُدَّعِي لَمْ يَلْتَفِتْ الْحَاكِمُ إلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: أَجِبْ عَنْ دَعْوَاهُ ثُمَّ اُدْعُ بَعْدُ مَا شِئْتَ، (ثُمَّ) إنْ ادَّعَيَا مَعًا قُدِّمَ (مَنْ قُرِعَ) أَيْ: خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ ; لِأَنَّهَا تُعَيِّنُ الْمُسْتَحِقَّ (فَإِذَا انْتَهَتْ حُكُومَتُهُ) أَيْ الْأَوَّلِ (ادَّعَى الْآخَرُ) لِاسْتِيفَاءِ الْأَوَّلِ حَقَّهُ
(وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى مَقْلُوبَةٌ) نَحْوُ أَدَّعِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيَّ دِينَارًا مَثَلًا فَاسْتَحْلِفْنِي لَهُ أَنَّهُ يَطْلُبُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَانْقَلَبَ فِيهَا الْقَصْدُ الْمُعْتَادُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَسَمِعَهَا بَعْضُهُمْ وَاسْتَنْبَطَهَا
(وَلَا) تُسْمَعُ دَعْوَى (حِسْبَةٍ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَعِبَادَةٍ) مِنْ صَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَحَجٍّ وَنَحْوِهَا (وَحَدِّ) زِنًا أَوْ شُرْبٍ (وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ وَنَحْوِهِ) كَجَزَاءِ صَيْدٍ قَتَلَهُ مُحْرِمًا أَوْ فِي الْحَرَمِ، (وَتُسْمَعُ) بِلَا دَعْوَى (بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَبِعِتْقٍ وَلَوْ أَنْكَرَ مَعْتُوقٌ) لِعِتْقِ الْمَشْهُودِ بِهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا تُسْمَعُ بِطَلَاقٍ
(وَ) تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ بِلَا دَعْوَى (بِحَقٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَوَقْفٍ) عَلَى فُقَرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ (وَوَصِيَّةٍ عَلَى فُقَرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ عَلَى خَصْمٍ) فِي جِهَةِ ذَلِكَ، (وَ) تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ بِلَا دَعْوَى (بِوَكَالَةٍ وَإِسْنَادٍ بِوَصِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ) وَلَوْ كَانَ بِالْبَلَدِ
(وَ) لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ (بِحَقِّ) ذِمِّيٍّ (مُعَيَّنٍ قَبْلَ دَعْوَاهُ) بِحَقِّهِ وَتَحْرِيرِهَا، (وَلَا تُسْمَعُ يَمِينُهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (إلَّا بَعْدَهَا) أَيْ الدَّعْوَى (وَبَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ إنْ كَانَ) حَيْثُ يُقْضَى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، (وَأَجَازَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا سَمَاعَهَا) أَيْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ (لِحِفْظِ وَقْفٍ وَغَيْرِهِ بِالثَّبَاتِ بِلَا خَصْمٍ) ، وَأَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ (وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا بِخَصْمٍ مُسَخَّرٍ)، أَيْ نُصِبَ لِيُنَازِعَ صُورَةً (قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَعَلَى أَصْلِنَا) أَيْ قَاعِدَتِنَا، (وَ) عَلَى (أَصْلِ مَالِكٍ إمَّا أَنْ تَثْبُتَ الْحُقُوقُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا