الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّجْعَةَ إخْبَارَهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا وَدَعْوَاهَا ذَلِكَ بَعْدَ دَعْوَى الزَّوْجِ الرَّجْعَةَ تَقْصِدُ بِهِ إبْطَالَ حَقِّهِ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهَا.
[فَصْلٌ طَلَّقَهَا حُرٌّ ثَلَاثًا أَوْ طَلَّقَهَا عَبْدٌ ثِنْتَيْنِ]
فَصْلٌ وَإِنْ طَلَّقَهَا أَيْ الزَّوْجَةَ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً زَوْجٌ (حُرٌّ ثَلَاثًا أَوْ) طَلَّقَهَا زَوْجٌ (عَبْدٌ ثِنْتَيْنِ وَلَوْ عَتَقَ) قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يَطَأَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ) فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ الرَّجُلُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَنَسَخَ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى -: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] إلَى قَوْلِهِ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " «جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْت بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ - بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ تَحْتُ - وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ؟ لَا حَتَّى تَذُوقِيَ عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " «سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَيَتَزَوَّجُهَا آخَرُ فَتُغْلِقُ الْبَابَ وَتُرْخِي السِّتْرَ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا هَلْ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؟ قَالَ: لَا حَتَّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ " لَا حَتَّى يُجَامِعَهَا الْآخَرُ " وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا الْعُسَيْلَةُ: هِيَ الْجِمَاعُ (فِي قُبُلٍ) لِأَنَّ الْوَطْءَ الْمُعْتَبَرَ شَرْعًا لَا يَكُونُ فِي غَيْرِهِ (مَعَ انْتِشَارٍ) لِحَدِيثِ الْعُسَيْلَةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا مَعَ انْتِشَارٍ (وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ الْوَاطِئُ (مَجْبُوبًا أَوْ خَصِيًّا) مَعَ بَقَاءِ ذَكَرِهِ (أَوْ نَائِمًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ وَأَدْخَلَتْهُ) أَيْ ذَكَرَهُ (فِيهِ) أَيْ فِي فَرْجِهَا مَعَ انْتِشَارِهِ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ مِنْ زَوْجٍ أَشْبَهَ حَالَ إفَاقَتِهِ وَوُجُودِ خَصِيَتَيْهِ (أَوْ) كَانَ الزَّوْجُ الثَّانِي (ذِمِّيًّا وَهِيَ ذِمِّيَّةٌ) لِحِلِّهَا لَهُ فَيَحِلُّهَا لِمُطَلِّقِهَا الْأَوَّلِ وَلَوْ مُسْلِمًا (أَوْ) كَانَ (لَمْ يُنْزِلْ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْعُسَيْلَةَ هِيَ الْجِمَاعُ (أَوْ) كَانَ لَمْ (يَبْلُغْ عَشْرًا) لِعُمُومِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ (أَوْ) كَانَ حِينَ وَطْئِهِ (ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً) لِوُجُودِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ مِنْ زَوْجٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ (وَيَكْفِي) فِي حِلِّهَا (تَغَيُّبُ الْحَشَفَةِ وَ) تَغْيِيبُ (قَدْرِهَا) أَيْ الْحَشَفَةِ (مِنْ مَجْبُوبِ) الْحَشَفَةِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَيُفْسِدُ الْحَجَّ أَشْبَهَ تَغْيِيبَ الذَّكَرِ (وَ) يَكْفِي فِي حِلِّهَا (وَطْءٌ مُحَرَّمٌ لِمَرَضِ الزَّوْجَةِ) أَوْ
الزَّوْجِ (وَ) وَطْءٌ مُحَرَّمٌ (لِضِيقِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَفِي مَسْجِدٍ و) فِي حَالِ مَنْعِ الزَّوْجَةِ نَفْسَهَا (لِقَبْضِ مَهْرٍ) حَالٍّ (وَنَحْوَهُ) كَقَصْدِ إضْرَارِهَا بِوَطْءٍ لِعَبَالَةِ ذَكَرِهِ وَضِيقِ فَرْجِهَا ; لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لِمَعْنًى فِيهَا لِحَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - و (لَا) يَحِلُّهَا وَطْءٌ مُحَرَّمٌ (لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ صَوْمِ فَرْضٍ أَوْ فِي دُبُرٍ أَوْ نِكَاحٍ بَاطِلٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ رِدَّةٍ) لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لِمَعْنًى فِيهَا لِحَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى -، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ فِي الْحِلِّ فَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْله تَعَالَى:{حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230](أَوْ) أَيْ وَلَا يَكْفِي فِي حِلِّ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَطْؤُهَا (بِشُبْهَةٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى -: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] الْآيَةَ وَهَذَانِ لَيْسَا بِزَوْجٍ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا (أَمَةً فَاشْتَرَاهَا مُطَلِّقُهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) لِلْآيَةِ وَيَطَؤُهَا لِلْحَدِيثِ.
(وَلَوْ طَلَّقَ عَبْدٌ طَلْقَةً ثُمَّ عَتَقَ) قَبْلَ ثَانِيَةٍ (مَلَكَ تَتِمَّةَ ثَلَاثٍ) لِأَنَّهُ فِي حَالِ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ حُرٌّ فَاعْتُبِرَ حَالُهُ إذَنْ (كَكَافِرٍ) حُرٍّ (طَلَّقَ) زَوْجَتَهُ (ثِنْتَيْنِ ثُمَّ رَقَّ) بَعْدَ سَبْيِهِ فَيَمْلِكُ الثَّالِثَة وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ لِأَنَّ الطَّلْقَتَيْنِ كَانَتَا غَيْرَ مُحَرِّمَتَيْنِ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُمَا بِمَا طَرَأَ بَعْدَهُمَا كَمَا لَوْ طَلَّقَ الْعَبْدُ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ عَتَقَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ لِوُقُوعِهِمَا مُحَرِّمَتَيْنِ.
(وَمَنْ غَابَ عَنْ مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ حَضَرَ فَذَكَرَتْ) لَهُ (أَنَّهَا نَكَحَتْ مَنْ أَصَابَهَا و) أَنَّهَا (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَأَمْكَنَ) ذَلِكَ بِأَنْ مَضَى زَمَنٌ يَتَّسِعُ لَهُ وَكَذَا لَوْ غَابَتْ عَنْهُ ثُمَّ حَضَرَتْ وَذَكَرَتْ ذَلِكَ (فَلَهُ نِكَاحُهَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا) لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى مَا أَخْبَرَتْ بِهِ عَنْ نَفْسِهَا وَلَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ حَقِيقَةً إلَّا مِنْ جِهَتِهَا فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهَا فِيهِ كَإِخْبَارِهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُنْقَلُ عَنْهُ.
و (لَا) يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا (إنْ رَجَعَتْ) عَنْ إخْبَارِهَا بِذَلِكَ (قَبْلَ عَقْدٍ) عَلَيْهَا لِزَوَالِ الْخَبَرِ الْمُبِيحِ لَهُ (وَلَا يُقْبَلُ بَعْدَهُ) أَيْ الْعَقْدِ عَلَيْهَا (فَلَوْ) تَزَوَّجَتْ مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا بِآخَرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَذَكَرَتْ لِلْأَوَّلِ أَنَّ الثَّانِي وَطِئَهَا و (كَذَّبَهَا الثَّانِي فِي وَطْءٍ فَقَوْلُهُ) أَيْ الثَّانِي (فِي تَنْصِيفِ مَهْرٍ) إنْ لَمْ يَخْلُ بِهَا (وَقَوْلُهَا) فِي وَطْءٍ (فِي إبَاحَتِهَا لِلْأَوَّلِ) إلَّا إنْ قَالَ الْأَوَّلُ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ مَا أَصَابَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ فَإِنْ عَادَ فَأَكْذَبَ نَفْسَهُ وَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ صِدْقَهَا دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ; لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ حِلَّهَا لَمْ تُحَرَّمْ بِكَذِبِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ
يَعْلَمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ فِي الْمَاضِي، وَإِنْ قَالَ مَا أَعْلَمُ أَنَّهُ أَصَابَهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ; لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي حِلِّهَا لَهُ خَبَرٌ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ لَا حَقِيقَةُ الْعِلْمِ.
(وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَتْ) امْرَأَةٌ (حَاضِرًا وَفَارَقَهَا وَادَّعَتْ إصَابَتَهُ) إيَّاهَا (وَهُوَ مُنْكِرُهَا) أَيْ الْإِصَابَةِ فَقَوْلُهُ فِي تَنْصِيفِ مَهْرٍ إنْ لَمْ يُقِرَّ بِخَلْوَةٍ وَقَوْلُهَا فِي حِلِّهَا لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا وَكُلُّ مَا يَلْزَمُهَا بِالْوَطْءِ، وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ النِّكَاحِ، وَلِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا نِكَاحُهَا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا (وَمِثْلُ) الصُّورَةِ (الْأُولَى) وَهِيَ مَا إذَا ذَكَرَتْ مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا لِلْأَوَّلِ أَنَّهَا نَكَحَتْ مَنْ أَصَابَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا.
(لَوْ جَاءَتْ) امْرَأَةٌ (حَاكِمًا وَادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَهُ تَزْوِيجُهَا) بِشَرْطِهِ (إنْ ظَنَّ صِدْقَهَا وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ لَا يُعْرَفُ) ; لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَجْهُولَ لَا يَصِحُّ. وَأَيْضًا الْأَصْلُ صِدْقُهَا وَلَا مُنَازِعَ وَالْإِقْرَارُ لِمُعَيَّنٍ إنَّمَا يُثْبِتُ الْحَقَّ إذَا صَدَقَ مُقِرٌّ لَهُ.