الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ بِخَمْسِينَ فَفِيهِ سُدُسُ دِيَتِهِ لِنَقْصِهِ بِالْجِنَايَةِ سُدُسَ قِيمَتِهِ
(وَلَا يَبْلُغُ بِحُكُومَةِ) جِنَايَةٍ فِي (مَحَلٍّ لَهُ) أَيْ: فِيهِ مُقَدَّرٌ شَرْعًا (مُقَدَّرَهُ) أَيْ: مَا قُدِّرَ فِيهِ (فَلَا يَبْلُغُ بِهَا) أَيْ الْحُكُومَةِ (أَرْشَ مُوضِحَةٍ فِي شَجَّةٍ دُونَهَا) كَالسِّمْحَاقِ (وَلَا) يَبْلُغُ بِحُكُومَةٍ (دِيَةَ أُصْبُعٍ أَوْ) دِيَةَ (أُنْمُلَةٍ فِيمَا دُونَهُمَا) أَيْ: الْأُصْبُعِ وَالْأُنْمُلَةِ وَلَا يُقَوَّمُ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْرَأَ لِيَسْتَقِرَّ الْأَرْشُ (فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْهُ) أَيْ: الْجِنَايَةُ (حَالَ بُرْءٍ قُوِّمَ حَالَ جَرَيَانِ دَمٍ) لِئَلَّا تَذْهَبَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَعْصُومٍ هَدَرًا (فَإِنْ لَمْ تُنْقِصْهُ الْجِنَايَةُ) أَيْضًا أَيْ: حَالَ جَرَيَانِ دَمٍ (أَوْ زَادَتْهُ) الْجِنَايَةُ (حُسْنًا) كَقَطْعِ سِلْعَةٍ أَوْ ثُؤْلُولٍ (فَلَا شَيْءَ فِيهَا) لِأَنَّهُ لَا نَقْصَ فِيهَا.
[بَابُ الْعَاقِلَةِ وَمَا تَحْمِلُهُ]
الْعَاقِلَةُ مِنْ الدِّيَةِ (وَهِيَ) أَيْ: الْعَاقِلَةُ (مَنْ غَرِمَ ثُلُثَ دِيَةٍ فَأَكْثَرَ) مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ (بِسَبَبِ جِنَايَةِ غَيْرِهِ) أَيْ الْغَارِمِ سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ يُقَالُ عَقَلْتُ فُلَانًا إذَا أَعْطَيْتُ دِيَتَهُ، وَعَقَلْتُ عَنْ فُلَانٍ إذَا غَرِمْتُ عَنْهُ دِيَةَ جِنَايَتِهِ، وَأَصْلُهُ مِنْ عَقْلِ الْإِبِلِ وَهِيَ الْحِبَالُ الَّتِي تُثْنَى بِهَا أَيْدِيهَا، ذَكَرَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَقِيلَ مِنْ الْعَقْلِ: أَيْ: الْمَنْعِ ; لِأَنَّهُمْ يَمْنَعُونَ عَنْ الْقَاتِلِ أَوْ لِأَنَّهَا تَعْقِلُ لِسَانَ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ، وَلَمَّا عَرَّفَ الْعَاقِلَةَ بِالْحُكْمِ وَهُوَ مُنْتَقَدٌ بِالدَّوْرِ قَالَ (وَعَاقِلَةُ جَانٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (ذُكُورُ عَصَبَتِهِ نَسَبًا وَوَلَاءً حَتَّى عَمُودَيْ نَسَبِهِ وَ) حَتَّى (مَنْ بَعُدَ) كَابْنِ ابْنِ ابْنِ عَمِّ جَدِّ جَانٍ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ سَقَطَ مَيْتًا بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قُضِيَ عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مِيرَاثَهَا لَبِنْتَيْهَا وَزَوْجِهَا وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنْ يَعْقِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ عَصَبَتُهَا مَنْ كَانُوا وَلَا يَرِثُونَ مِنْهَا إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَرَثَتِهَا» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ وَلِأَنَّ الْعَصَبَةَ يَشُدُّونَ أَزْرَ قَرِيبِهِمْ وَيَنْصُرُونَهُ فَاسْتَوَى قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ فِي الْعَقْلِ وَلِأَنَّ الْأَبَ وَالِابْنَ أَحَقُّ بِنُصْرَتِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا فَوَجَبَ أَنْ يَحْمِلَا عَنْهُ كَالْإِخْوَةِ وَبَنِي الْأَعْمَامِ، وَأَمَّا حَدِيثُ «لَا يَجْنِي عَلَيْك وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ» أَيْ: إثْمُ جِنَايَتِك لَا يَتَخَطَّاكَ إلَيْهِ وَإِثْمُ جِنَايَتِهِ لَا يَتَخَطَّاهُ إلَيْك كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15] وَإِذَا ثَبَتَ الْعَقْلُ فِي عَصَبَةِ النَّسَبِ فَكَذَا عَصَبَةُ
الْوَلَاءِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَأَمَّا الْأَخُ لِلْأُمِّ وَذَوُو الْأَرْحَامِ وَالنِّسَاءُ فَلَيْسُوا مِنْ الْعَاقِلَةِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ النُّصْرَةِ (لَكِنْ لَوْ عَرَفَ نَسَبَهُ مِنْ قَبِيلَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيِّ بُطُونِهَا) هُوَ (لَمْ يَعْقِلُوا) أَيْ: رِجَالُ الْقَبِيلَةِ (عَنْهُ) أَيْ: الْجَانِي الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَيِّ بُطُونِهَا، فَلَوْ قُتِلَ قُرَشِيٌّ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَيِّ بُطُونِ قُرَيْشٍ لَمْ تَعْقِلْ قُرَيْشٌ عَنْهُ كَمَا لَا يَرِثُونَهُ لِتَفَرُّقِهِمْ وَصَيْرُورَةِ كُلِّ قَوْمٍ مِنْهُمْ يَنْتَسِبُونَ إلَى أَبٍ أَدْنَى يَتَمَيَّزُونَ بِهِ
(وَيَعْقِلُ) عَصَبَةُ (هَرِمٍ) غَنِيٍّ (وَزَمِنٍ) غَنِيٍّ (وَأَعْمَى) غَنِيٍّ (وَغَائِبٍ) غَنِيٍّ (كَضِدِّهِمْ) أَيْ: كَشَابٍّ وَصَحِيحٍ وَبَصِيرٍ وَحَاضِرٍ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي التَّعْصِيبِ وَكَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ وَ (لَا) يَعْقِلُ (فَقِيرٌ) أَيْ: مَنْ لَا يَمْلِكُ نِصَابًا عِنْدَ حُلُولِ الْحَوْلِ فَاضِلًا عَنْهُ كَحَجٍّ وَكَفَّارَةِ ظِهَارٍ (وَلَوْ) كَانَ (مُعْتَمِلًا) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ كَالزَّكَاةِ، وَلِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ تَخْفِيفًا عَلَى الْجَانِي فَلَا تَنْتَقِلُ عَلَى مَنْ لَا جِنَايَةَ مِنْهُ
(وَلَا) يَعْقِلُ (صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ النُّصْرَةِ وَالْمُعَاضَدَةِ (أَوْ امْرَأَةٌ) وَلَوْ مُعْتَقَةً (أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٌ) لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ قِنٌّ) لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ (أَوْ مُبَايِنٌ لِدِينٍ جَانٍ) لِفَوَاتِ النُّصْرَةِ.
وَفِي الْكَافِي: بِنَاءً عَلَى تَوْرِيثِهِمْ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْقِلُ فِي الْوَلَاءِ
(وَلَا تَعَاقُلَ بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ) لِانْقِطَاعِ التَّنَاصُرِ بَيْنَهُمَا
(وَيَتَعَاقَلُ أَهْلُ ذِمَّةٍ اتَّحَدَتْ مِلَلُهُمْ) كَمَا يَتَوَارَثُونَ وَلِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النُّصْرَةِ كَالْمُسْلِمِينَ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ فَلَا تَعَاقُلَ كَمَا لَا تَوَارُثَ وَلَا يَعْقِلُ عَنْ الْمُرْتَدِّ أَأَحَدٌ لَا مُسْلِمٌ وَلَا ذِمِّيٌّ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ فَخَطَؤُهُ فِي مَالِهِ
(وَخَطَأُ إمَامٍ وَ) خَطَأُ (حَاكِمٍ فِي حُكْمِهِمَا فِي بَيْتِ الْمَالِ) لَا تَحْمِلُهُ عَاقِلَتُهُمَا لِأَنَّهُ يَكْثُرُ فَيَحُفُّ بِالْعَاقِلَةِ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ وَالْحَاكِمَ نَائِبَانِ عَنْ اللَّهِ فَيَكُونُ أَرْشُ خَطَئِهِمَا فِي مَالِ اللَّهِ (كَخَطَأِ وَكِيلٍ) فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ مِنْهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ بَلْ يُضَيِّعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ، أَوْ كَخَطَأِ وَكِيلٍ يَتَصَرَّفُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ كَالْوُزَرَاءِ فَخَطَؤُهُ فِي حُكْمِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَخَطَؤُهُمَا) أَيْ: الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ (فِي غَيْرِ حُكْمٍ) كَرَمْيِهِمَا صَيْدًا فَيُصِيبَانِ آدَمِيًّا (عَلَى عَاقِلَتِهِمَا) كَخَطَأِ غَيْرِهِمَا
(وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ، أَوْ لَهُ) عَاقِلَةٌ (وَعَجَزَتْ عَنْ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَا وَجَبَ بِجِنَايَتِهِ خَطَأً (فَالْوَاجِبُ مِنْ الدِّيَةِ) إنْ لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةً أَوْ كَانَتْ وَعَجَزَتْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا (أَوْ تَتِمَّتُهُ) إنْ عَجَزَتْ عَنْ بَعْضِهَا وَقَدَرَتْ عَلَى الْبَعْضِ (مَعَ كُفْرِ جَانٍ عَلَيْهِ) فِي مَالِهِ حَالًّا (وَمَعَ إسْلَامِهِ) أَيْ: الْجَانِي الْوَاجِبِ أَوْ تَتِمَّتُهُ (فِي بَيْتِ الْمَالِ حَالًّا) لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام وَدَى