الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الرَّضَاعِ]
الرَّضَاعُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَقَدْ تُكْسَرُ (وَهُوَ) لُغَةً: مَصُّ لَبَنٍ مِنْ ثَدْيٍ وَشُرْبُهُ. وَ (شَرْعًا مَصُّ لَبَنٍ) فِي الْحَوْلَيْنِ (ثَابَ) أَيْ اجْتَمَعَ (عَنْ حَمْلٍ مِنْ ثَدْي امْرَأَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِ " مَصُّ "(أَوْ شُرْبُهُ وَنَحْوَهُ) كَأَكْلِهِ بَعْدَ تَجْبِينِهِ وَسَعُوطٍ بِهِ وَوَجُورٍ (وَيُحَرِّمُ) رَضَاعٌ (كَنَسَبٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] وَحَدِيثُ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا " «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ» " رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ النَّسَبِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّضَاعَ مُحَرِّمٌ فِي الْجُمْلَةِ.
(فَمَنْ أَرْضَعَتْ وَلَوْ مُكْرَهَةً) عَلَى إرْضَاعِهَا (بِلَبَنِ حَمْلٍ لَاحِقٍ بِالْوَاطِئِ) نَسَبُهُ (طِفْلًا) فِي الْحَوْلَيْنِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (صَارَا) أَيْ الْمُرْضِعَةُ وَالْوَاطِئُ اللَّاحِقُ بِهِ الْحَمْلُ الَّذِي ثَابَ عَنْهُ اللَّبَنُ (فِي تَحْرِيمِ نِكَاحٍ) مُتَعَلِّقٌ بِصَارًا (وَ) فِي (ثُبُوتِ مَحْرَمِيَّةٍ وَ) فِي (إبَاحَةِ نَظَرٍ وَ) إبَاحَةِ (خَلْوَةٍ) لَا فِي وُجُوبِ نَفَقَةٍ وَإِرْثٍ وَعِتْقٍ وَرَدِّ شَهَادَةٍ وَنَحْوِهَا (أَبَوَيْهِ) أَيْ الطِّفْلِ.
(وَ) صَارَ (هُوَ) أَيْ الطِّفْلُ (وَلَدَهُمَا) فِيمَا ذَكَرَ (وَ) صَارَ (أَوْلَادُهُ) أَيْ الطِّفْلِ (وَإِنْ سَفَلُوا أَوْلَادَ وَلَدِهِمَا) وَهُوَ الطِّفْلُ.
(وَ) صَارَ (أَوْلَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُرْضِعَةِ وَالْوَاطِئِ الْمَذْكُورِ (مِنْ الْآخَرِ أَوْ) مِنْ (غَيْرِهِ) كَأَنْ تَزَوَّجَتْ الْمُرْضِعَةُ بِغَيْرِهِ فَصَارَ لَهَا مِنْهُ أَوْلَادٌ وَتَزَوَّجَ الْوَاطِئُ بِغَيْرِهَا وَصَارَ لَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ (فَالذُّكُورُ مِنْهُمْ يَصِيرُونَ إخْوَتَهُ، وَالْبَنَاتُ أَخَوَاتِهِ. وَ) يَصِيرُ (آبَاؤُهُمَا) أَيْ أَبَا الْمُرْضِعَةِ وَالْوَاطِئِ الْمَذْكُورِ (أَجْدَادَهُ) أَيْ الطِّفْلِ (وَ) أُمَّهَاتُهُمَا (جَدَّاتِهِ. وَ) صَارَ (أَخَوَاتُهُمَا وَإِخْوَانِهِمَا) أَيْ إخْوَةُ الْمُرْضِعَةِ وَأَخَوَاتُهَا وَإِخْوَةُ الْوَاطِئِ
وَأَخَوَاتُهُ (أَعْمَامَهُ وَأَخْوَالَهُ وَخَالَاتِهِ) ; لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ فَرْعُ ثُبُوتِ الْأُمُومَةِ وَالْأُبُوَّةِ.
(وَلَا تُنْشَرُ حُرْمَةُ) رَضَاعٍ (إلَى مَنْ بِدَرَجَةِ مُرْتَضِعٍ أَوْ فَوْقَهُ مِنْ أَخٍ وَأُخْتٍ مِنْ نَسَبٍ) بَيَانٌ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ (وَأَبٍ وَأُمٍّ وَعَمٍّ وَعَمَّةٍ وَخَالٍ وَخَالَةٍ) مِنْ نَسَبٍ بَيَانٌ لِمَنْ فَوْقَهُ (فَتَحِلُّ مُرْضِعَةٌ لِأَبِي مُرْتَضِعٍ وَأَخِيهِ مِنْ نَسَبٍ) إجْمَاعًا (وَ) تَحِلُّ (أُمُّهُ) أَيْ الْمُرْتَضِعِ (وَأُخْتُهُ مِنْ نَسَبٍ لِأَبِيهِ وَأَخِيهِ مِنْ رَضَاعٍ) إجْمَاعًا (كَمَا يَحِلُّ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ) مِنْ نَسَبٍ (أُخْتُهُ مِنْ أُمِّهِ) مِنْ نَسَبٍ إجْمَاعًا.
(وَمَنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ حَمْلٍ مِنْ زِنًا) طِفْلًا (أَوْ) أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ حَمْلٍ (نَفْيٍ بِلِعَانٍ طِفْلًا) فِي الْحَوْلَيْنِ (صَارَ وَلَدًا لَهَا) فَقَطْ فَتَثْبُتُ الْأُمُومَةُ وَفُرُوعُهَا مِنْ الْجُدُودَةِ لَهَا وَالْخُؤُولَةِ دُونَ الْأُبُوَّةِ وَفُرُوعِهَا ; لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلنَّسَبِ (وَحَرُمَ) الطِّفْلُ إنْ كَانَ أُنْثَى (عَلَى الْوَاطِئ تَحْرِيمَ مُصَاهَرَةٍ) ; لِأَنَّهَا بِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ (وَلَمْ تَثْبُتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّهِ) أَيْ الزَّانِي أَوْ الْمُلَاعِنِ. لِحَدِيثِ " «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» " وَلَا نَسَبَ هُنَا.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْ) امْرَأَةٌ (بِلَبَنِ اثْنَيْنِ وَطِئَاهَا بِشُبْهَةٍ طِفْلًا وَثَبَتَتْ أُبُوَّتُهُمَا) أَيْ الْوَاطِئَيْنِ (أَوْ) ثَبَتَتْ (أُبُوَّةُ أَحَدِهِمَا لِمَوْلُودٍ) بِأَنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ (فَالْمُرْتَضِعُ ابْنُهُمَا) إنْ ثَبَتَتْ أُبُوَّتُهُمَا (أَوْ ابْنُ أَحَدِهِمَا) إنْ ثَبَتَتْ أُبُوَّتُهُ فَقَطْ ; لِأَنَّ حُكْمَ الرَّضِيعِ تَابِعٌ لِحُكْمِ الْمَوْلُودِ (وَإِلَّا) ثَبَتَتْ أُبُوَّتُهُمَا وَلَا أُبُوَّةُ أَحَدِهِمَا لِمَوْلُودٍ (بِأَنْ مَاتَ مَوْلُودٌ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْإِلْحَاقِ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا (أَوْ فَقَدَتْ قَافَةٌ أَوْ نَفَتْهُ) الْقَافَةُ (عَنْهُمَا) أَيْ الْوَاطِئَيْنِ (أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ) عَلَى الْقَافَةِ (ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ) مِنْ جِهَةِ الْمُرْتَضِعِ (فِي حَقِّهِمَا) أَيْ الْوَاطِئَيْنِ تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ. فَإِنْ كَانَ أُنْثَى لَمْ تَحِلَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا لِأَوْلَادِهِمَا وَآبَائِهِمَا وَنَحْوِهِمَا تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ. وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا حَرُمَ عَلَيْهِ بَنَاتُهُمَا وَأُمَّهَاتُهُمَا وَأَخَوَاتُهُمَا وَنَحْوَهُنَّ لِذَلِكَ. وَظَاهِرُهُ لَا تَثْبُتُ الْمَحْرَمِيَّةَ وَلَا إبَاحَةُ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ لِأَوْلَادِهِمَا وَنَحْوِهِمْ.
(وَإِنْ ثَابَ لَبَنٌ لِمَنْ) أَيْ امْرَأَةٍ (لَمْ تَحْمِلْ) قَبْلَ أَنْ ثَابَ لَبَنُهَا (وَلَوْ حَمَلَ مِثْلُهَا لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ) نَصًّا فِي لَبَنِ الْبِكْرِ (كَلَبَنِ رَجُلٍ وَكَذَا لَبَنُ خُنْثَى مُشْكِلٍ. وَ) لَبَنُ (بَهِيمَةٍ) فَلَا يَنْشُرُ الْمَحْرَمِيَّةَ بِلَا نِزَاعٍ فِي لَبَنِ الْبَهِيمَةِ. فَلَوْ ارْتَضَعَ طِفْلٌ وَطِفْلَةٌ عَلَى نَحْوِ شَاةٍ لَمْ يَصِيرَا أَخَوَيْنِ ; لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْأُخُوَّةِ فَرْعُ تَحْرِيمِ الْأُمُومَةِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لِغِذَاءِ الْمَوْلُودِ الْآدَمِيِّ.
(وَمَنْ تَزَوَّجَ) امْرَأَةً ذَاتَ لَبَنٍ (أَوْ اشْتَرَى) أَمَةً (ذَاتَ لَبَنٍ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ قَبْلَهُ) فَوَطِئَهَا