الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ قَبُولَهَا (قَوْلُ الْأَصْحَابِ إذَا انْفَرَدَ) شَاهِدٌ (وَاحِدٌ فِيمَا) أَيْ نَقْلِ شَيْءٍ (تَتَوَقَّفُ الدَّوَاعِي عَلَى مَا نَقَلَهُ) أَيْ: تَدْعُوَ الْحَاجَةُ إلَى نَقْلِهِ (مَعَ مُشَارَكَةِ) خَلْقٍ (كَثِيرِينَ) لَهُ (رُدَّ) وَلَهُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا شَهِدَ وَاحِدٌ وَبَيْنَ مَا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ، وَبَيْنَ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الشَّيْءِ مِمَّا تَتَوَافَرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ وَبَيْنَ عَدَمِ ذَلِكَ الْقَيْدِ.
[بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ]
ُ، وَهِيَ أَيْ شُرُوطُهُ (سِتَّةٌ) بِالِاسْتِقْرَاءِ وَاعْتُبِرَ فِي الشَّاهِدِ خُلُوُّهُ عَمَّا يُوجِبُ التُّهْمَةَ فِيهِ وَوُجُودِ مَا يُوجِبُ تَيَقُّظَهُ وَتَحَرُّزَهُ ; لِيَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ حَذَرًا مِنْ أَنْ يَشْهَدَ بَعْضُ الْفُجَّارِ لِبَعْضٍ فَتُؤْخَذَ الْأَنْفُسُ وَالْأَمْوَالُ وَالْأَعْرَاضُ بِغَيْرِ حَقٍّ
(أَحَدُهَا: الْبُلُوغُ فَلَا تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (مِنْ صَغِيرٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، (وَلَوْ) كَانَ الصَّغِيرُ (فِي حَالِ أَهْلِ الْعَدَالَةِ) بِأَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِمَا يَتَّصِفُ بِهِ الْمُكَلَّفُ الْعَدْلُ (مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ شَهِدَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ أَوْ فِي جِرَاحٍ، إذَا شَهِدُوا قَبْلَ الِافْتِرَاقُ عَنْ الْحَالِ الَّتِي تَجَارَحُوا عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] وَالصَّبِيُّ لَيْسَ رَجُلًا، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَفِي حَقِّ غَيْرِهِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ كَامِلِ الْعَقْلِ
(الثَّانِي: الْعَقْلُ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ) أَيْ: غَرِيزَةٌ يَنْشَأُ عَنْهَا ذَلِكَ يُسْتَعَدُّ بِهَا لِفَهْمِ دَقِيقِ الْعُلُومِ وَتَدْبِيرِ الصَّنَائِعِ الْفِكْرِيَّةِ. وَالْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ هُوَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ وُرُودُ الشَّكِّ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُمْ نَوْعٌ مِنْهَا لَا مِنْ جَمِيعِهَا وَإِلَّا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْفَاقِدُ لِلْعِلْمِ بِالْمُدْرَكَاتِ ; لِعَدَمِ إدْرَاكِهِمَا غَيْرَ عَاقِلٍ، (وَالْعَاقِلُ مَنْ عَرَفَ الْوَاجِبَ عَقْلًا الضَّرُورِيَّ وَغَيْرَهُ، وَ) عَرَفَ (الْمُمْكِنَ وَالْمُمْتَنِعَ) كَوُجُودِ الْبَارِي تَعَالَى وَكَوْنِ الْجِسْمِ الْوَاحِدِ لَيْسَ فِي مَكَانَيْنِ وَأَنَّ الْوَاحِدَ أَقَلُّ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَأَنَّ الضِّدَّيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ، (وَ) عَرَفَ (مَا يَضُرُّهُ وَ) مَا (يَنْفَعُهُ غَالِبًا) ; لِأَنَّ النَّاسَ لَوْ اتَّفَقُوا عَلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لَمَا اخْتَلَفَتْ الْآرَاءُ، (فَلَا تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (مِنْ مَعْتُوهٍ وَلَا مَجْنُونٍ) ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَلَا أَدَاؤُهَا لِاحْتِيَاجِهَا إلَى الضَّبْطِ، وَهُوَ لَا يَعْقِلُهُ (إلَّا مَنْ يُخْنَقُ أَحْيَانًا إذَا شَهِدَ) أَيْ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَأَدَّاهَا (فِي إفَاقَتِهِ) فَتُقْبَلُ ; لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ مِنْ عَاقِلٍ. أَشْبَهَ مَنْ لَمْ يُجَنَّ
(الثَّالِثُ: النُّطْقُ) أَيْ كَوْنُ الشَّاهِدِ مُتَكَلِّمًا (فَلَا تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (مِنْ أَخْرَسَ)
بِإِشَارَتِهِ كَإِشَارَةِ النَّاطِقِ ; لِأَنَّ الشَّهَادَةَ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْيَقِينُ، وَإِنَّمَا اكْتَفِي بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ فِي أَحْكَامِهِ كَنِكَاحِهِ وَطَلَاقِهِ لِلضَّرُورَةِ، (إلَّا إذَا أَدَّاهَا) الْأَخْرَسُ (بِخَطِّهِ) فَتُقْبَلُ لِدَلَالَةِ الْخَطِّ عَلَى الْأَلْفَاظِ
(الرَّابِعُ: الْحِفْظُ فَلَا تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (مِنْ مُغَفَّلٍ وَ) لَا مِنْ (مَعْرُوفٍ بِكَثْرَةِ غَلَطٍ وَ) كَثْرَةِ (سَهْوٍ) ; لِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ الثِّقَةُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَلَطِهِ، وَتُقْبَلُ مِمَّنْ يَقِلُّ مِنْهُ الْغَلَطُ وَالسَّهْوُ ; لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ
(الْخَامِسُ الْإِسْلَامُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَقَوْلِهِ: {فَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ رِجَالِنَا وَغَيْرُ مَأْمُونٍ، وَحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم " «أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ» " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُجَالِدٍ، وَإِنْ سَلِمَ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْيَمِينُ لِأَنَّهَا تُسَمَّى شَهَادَةً قَالَ تَعَالَى:{فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ} [النور: 6](فَلَا تُقْبَلُ مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ عَلَى) كَافِرٍ (مِثْلِهِ غَيْرِ رَجُلَيْنِ) لَا نِسَاءٍ (كِتَابِيَّيْنِ) لَا مَجُوسِيَّيْنِ وَنَحْوِهِمَا (عِنْدَ عَدَمِ) مُسْلِمٍ لَا مَعَ وُجُودِهِ (بِوَصِيَّةِ مَيِّتٍ بِسَفَرِ مُسْلِمٍ) أَيْ الْمُوصِي (أَوْ كَافِرٍ وَيُحَلِّفُهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ الْكِتَابِيَّيْنِ (حَاكِمٌ وُجُوبًا بَعْدَ الْعَصْرِ) لِخَبَرِ أَبِي مُوسَى رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ; لِأَنَّهُ وَقْتٌ يُعَظِّمُهُ أَهْلُ الْأَدْيَانِ فَيَحْلِفَانِ (لَا نَشْتَرِي بِهِ) أَيْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ الْحَلِفِ أَوْ تَحْرِيفِ الشَّهَادَةِ أَوْ الشَّهَادَةِ (ثَمَنًا، وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَمَا خَانَا وَمَا حَرَّفَا وَأَنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ) أَيْ الْمُوصِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ - الْآيَةَ} [المائدة: 106] وَقَضَى بِهِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَبِهَذَا قَالَ أَكَابِرُ الْمَاضِينَ، (فَإِنْ عُثِرَ) أَيْ اُطُّلِعَ (عَلَى أَنَّهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ الْكِتَابِيَّيْنِ (اسْتَحَقَّا إثْمًا) أَيْ كَذَبَا فِي شَهَادَتِهِمَا (فَآخَرَانِ) أَيْ رَجُلَانِ (مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمُوصِي) أَيْ وَرَثَتِهِ (فَحَلَفَا بِاللَّهِ تَعَالَى لَشَهَادَتُنَا) أَيْ يَمِينُنَا (أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَلَقَدْ خَانَا وَكَتَمَا وَيُقْضَى لَهُمْ) لِلْآيَةِ وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُّوا جَامَ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا بِذَهَبٍ فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ وَجَدَ الْجَامَ بِمَكَّةَ فَقَالُوا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ، فَقَامَ رَجُلَانِ أَوْلِيَاءُ السَّهْمِيِّ فَحَلَفَا بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَأَنَّ الْجَامَ
لِصَاحِبِهِمْ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: 106] الْآيَةَ وَرَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَضَى بِذَلِكَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ، وَأَيْضًا فَالْمَائِدَةُ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ.
الشَّرْطُ (السَّادِسُ: الْعَدَالَةُ وَهِيَ:) لُغَةً الِاسْتِقَامَةُ وَالِاسْتِوَاءُ مَصْدَرٌ عُدِلَ بِضَمِّ الدَّالِ، إذْ الْعَدْلُ ضِدُّ الْجَوْرِ أَيْ الْمَيْلِ. وَشَرْعًا:(اسْتِوَاءُ أَحْوَالِهِ) أَيْ الشَّخْصِ (فِي دِينِهِ، وَاعْتِدَالُ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَيُعْتَبَرُ لَهَا) أَيْ الْعَدَالَةِ (شَيْئَانِ) أَحَدُهُمَا: (الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ، وَهُوَ) نَوْعَانِ (أَدَاءُ الْفَرَائِضِ) أَيْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ. قُلْتُ: وَمَا وَجَبَ مِنْ صَوْمٍ وَحَجٍّ وَزَكَاةٍ وَغَيْرِهِمْ (بِرَوَاتِبِهَا) أَيْ سُنَنِ الصَّلَاةِ الرَّاتِبَةِ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ الْوَتْرُ سُنَّةٌ سَنَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَنْ تَرَكَ سُنَّةً أَيْ دَائِمًا مِنْ سُنَنِهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ رَجُلُ سُوءٍ، (فَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِهَا) أَيْ الرَّوَاتِبِ، فَإِنَّ تَهَاوُنَهُ بِهَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ مُحَافَظَتِهِ عَلَى أَسْبَابِ دِينِهِ، وَرُبَمَا جَرَّهُ التَّهَاوُنُ بِهَا إلَى التَّهَاوُنِ بِالْفَرَائِضِ، وَتُقْبَلُ مِمَّنْ تَرَكَهَا فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ،.
(وَ) النَّوْعُ الثَّانِي: (اجْتِنَابُ الْمُحَرَّمِ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ كَبِيرَةً وَلَا يُدْمِنَ) عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ بِدَوَامٍ (عَلَى صَغِيرَةٍ) ،.
وَفِي التَّرْغِيبِ بِأَنْ لَا يُكْثِرَ مِنْهَا وَلَا يُصِرَّ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا. وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ لِكَوْنِ الْقَذْفِ كَبِيرًا فَيُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ مُرْتَكِبِ كَبِيرَةٍ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يُعْتَبَرُ الْعَدْلُ فِي كُلِّ زَمَنٍ بِحَسْبِهِ لِئَلَّا تَضِيعَ الْحُقُوقُ، (وَالْكَذِبُ صَغِيرَةٌ) فَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِهِ إنْ لَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ، (إلَّا) الْكَذِبُ (فِي شَهَادَةِ زُورٍ وَالْكَذِبُ عَلَى نَبِيٍّ) مِنْ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، (وَ) الْكَذِبُ فِي (زَمَنِ فِتَنٍ وَنَحْوِهِ) كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدِ الرَّعِيَّةِ عِنْدَ حَاكِمٍ ظَالِمٍ (فَكَبِيرَةٌ) قَالَ أَحْمَدُ: وَيُعْرَفُ الْكَذَّابُ بِخُلْفِ الْمَوَاعِيدِ نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، (وَيَجِبُ) الْكَذِبُ (لِتَخْلِيصِ مُسْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ) .
جُزِمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ وَاجِبًا (وَيُبَاحُ) الْكَذِبُ (لِإِصْلَاحٍ) بَيْنَ النَّاسِ (وَلِحَرْبٍ وَلِزَوْجَةٍ فَقَطْ) .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكُلُّ مَقْصُودٍ مَحْمُودٍ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِهِ. وَمَنْ جَاءَهُ طَعَامٌ فَقَالَ: لَا آكُلُهُ ثُمَّ أَكَلَهُ فَكَذِبٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وَمَنْ كَتَبَ لِغَيْرِهِ كِتَابًا فَأَمْلَى عَلَيْهِ كَذِبًا لَمْ يَكْتُبْهُ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ الْكَافِي الْعَدْلُ مَنْ رُجِّحَ خَيْرُهُ وَلَمْ يَأْتِ كَبِيرَةً ; لِأَنَّ الصَّغَائِرَ تَقَعُ مُكَفَّرَةً أَوَّلًا فَأَوَّلًا فَلَا تَجْتَمِعُ، (وَالْكَبِيرَةُ مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا) كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ (أَوْ) فِيهِ (وَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ) كَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ وَالرِّبَا وَشَهَادَةِ الزُّورِ
وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَنَحْوِهَا، وَالصَّغِيرَةُ مَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ كَالتَّجَسُّسِ وَسَبِّ النَّاسِ بِغَيْرِ قَذْفٍ وَالنَّظَرِ الْمُحَرَّمِ وَالنَّبْزِ بِاللَّقَبِ أَيْ الدُّعَاءِ بِاللَّقَبِ السُّوءِ، وَالْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ مِنْ الْكَبَائِرِ (فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ فَاسِقٍ بِفِعْلٍ كَزَانٍ وَدَيُّوثٍ أَوْ بِاعْتِقَادٍ كَمُقَلِّدٍ فِي خَلْقِ الْقُرْآنِ أَوْ) فِي (نَفْيِ الرُّؤْيَةِ) أَيْ: رُؤْيَةِ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ (أَوْ) فِي (الرَّفْضِ) كَتَكْفِيرِ الصَّحَابَةِ أَوْ تَفْسِيقِهِمْ بِتَقْدِيمِ غَيْرِ عَلِيٍّ أَيْ فِي الْخِلَافَةِ عَلَيْهِ (أَوْ) فِي (التَّجَهُّمِ) بِتَشْدِيدِ الْهَاءِ أَيْ اعْتِقَادِ مَذْهَبِ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ (وَنَحْوِهِ) كَمُقَلِّدٍ فِي التَّجْسِيمِ وَمَا يَعْتَقِدُهُ الْخَوَارِجُ وَالْقَدَرِيَّةُ وَنَحْوُهُمْ، (وَيُكَفَّرُ مُجْتَهِدُهُمْ) أَيْ مُجْتَهِدُ الْقَائِلِينَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَنَحْوُهُمْ مِمَّنْ يُخَالِفُ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ (الدَّاعِيَةِ) قَالَ فِي الْفُصُولِ فِي الْكَفَاءَةِ فِي جَهْمِيَّةٍ وَوَاقِفِيَّةٍ وَحَرُورِيَّةٍ وَقَدَرِيَّةٍ وَرَافِضِيَّةٍ: إنْ نَاظَرَ وَدَعَا كَفَرَ وَإِلَّا لَمْ يَفْسُقْ، لِأَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: يُسْمَعُ حَدِيثُهُ وَيُصَلَّى خَلْفَهُ.
قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ عَامَّةَ الْمُبْتَدِعَةِ فَسَقَةٌ كَعَامَّةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كُفَّارٌ مَعَ جَهْلِهِمْ، وَالصَّحِيحُ لَا كُفْرَ ; لِأَنَّ أَحْمَدَ أَجَازَ الرِّوَايَةَ عَنْ الْحَرُورِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ، (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (قَاذِفٍ حُدَّ أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يُحَدَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] الْآيَةَ (حَتَّى يَتُوبَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [آل عمران: 89] قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ " شَهِدَ عَلَى الْمُغِيرَةِ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ أَبُو بَكْرَةَ وَشِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ وَنَافِعُ بْنُ الْحَارِثِ، وَنَكَلَ زِيَادٌ فَجَلَدَ عُمَرُ الثَّلَاثَةَ وَقَالَ لَهُمْ: تُوبُوا تُقْبَلْ شَهَادَتُكُمْ. فَتَابَ رَجُلَانِ فَقَبِلَ عُمَرُ شَهَادَتَهُمَا وَأَبَى أَبُو بَكْرَةَ فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، " وَكَانَ قَدْ عَادَ مِثْلَ النَّصْلِ مِنْ الْعِبَادَةِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُحَقِّقْ الْقَاذِفُ قَذْفَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ مَقْذُوفٍ أَوْ لِعَانٍ إنْ كَانَ الْقَاذِفُ زَوْجًا، فَإِنْ حَقَّقَهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِقَذْفِهِ فِسْقٌ وَلَا حَدٌّ وَلَا رَدُّ شَهَادَةٍ، (وَتَوْبَتُهُ) أَيْ الْقَاذِفِ (تَكْذِيبٌ لِنَفْسِهِ وَلَوْ) كَانَ (صِدْقًا) فَيَقُولُ: كَذَبْت فِيمَا قُلْت لِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا فِي قَوْله تَعَالَى: {إلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 89] قَالَ: " تَوْبَتُهُ إكْذَابُ نَفْسِهِ " وَلِتَلْوِيثِ عِرْضِ الْمَقْذُوفِ بِقَذْفِهِ فَإِكْذَابُهُ نَفْسَهُ يُزِيلُ ذَلِكَ التَّلْوِيثَ. قَالَ فِي الشَّرْحِ: " وَالْقَاذِفُ فِي الشَّتْمِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَرِوَايَتُهُ حَتَّى يَتُوبَ " وَالشَّاهِدُ بِالزِّنَا إذَا لَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ دُونَ شَهَادَتِهِ.
(وَتَوْبَةُ غَيْرِهِ) أَيْ الْقَاذِفِ (نَدَمٌ) بِقَلْبِهِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ ذَنْبِهِ (وَإِقْلَاعٌ) بِأَنْ يَتْرُكَ فِعْلَ الذَّنْبِ الَّذِي تَابَ مِنْهُ (وَعَزْمٌ أَنْ لَا يَعُودَ) إلَى
ذَلِكَ الذَّنْبِ الَّذِي تَابَ مِنْهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِكَ إصْلَاحُ الْعَمَلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا،} [النساء: 110] وَمَعَ وُجُوبِ الْمَغْفِرَةِ يَجِبُ أَنْ تَتَرَتَّبَ الْأَحْكَامُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ مِنْهَا وَهُوَ الْفِسْقُ ; لِأَنَّهُ لَا فِسْقَ مَعَ زَوَالِ الذَّنْبِ الَّذِي تَابَ مِنْهُ، (وَإِنْ كَانَ) فِسْقُ الْفَاسِقِ (بِتَرْكِ وَاجِبٍ فَلَا بُدَّ) لِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ (مِنْ فِعْلِهِ) أَيْ: الْوَاجِبِ الَّذِي تَرَكَهُ (وَيُسَارِعُ) وَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ بِتَرْكِ حَقِّ آدَمِيٍّ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ التَّمْكِينِ مِنْ نَقْصِهِ بِبَذْلِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ. (وَيُعْتَبَرُ رَدَّ مَظْلِمَةً) فَسَقَ بِتَرْكِ رَدِّهَا كَمَغْصُوبٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ عَجَزَ نَوَى رَدَّهُ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ (أَوْ يَسْتَحِلُّهُ) أَيْ رَبُّ الْمَظْلِمَةِ بِأَنْ يَطْلُبَ أَنْ يُحْلِلَهُ (أَوْ يَسْتَمْهِلَهُ) تَائِبٌ (مُعْسِرٌ) أَيْ يَطْلُبَ الْمُهْلَةَ مِنْ رَبِّ الْمَظْلِمَةِ، وَالتَّوْبَةُ مِنْ الْبِدْعَةِ الِاعْتِرَافُ بِهَا وَالرُّجُوعُ عَنْهَا وَاعْتِقَادُ ضِدِّ مَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ مِنْ مُخَالَفَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ (وَلَا تَصِحُّ) التَّوْبَةُ (مُعَلَّقَةً) بِشَرْطٍ فِي الْحَالِ، وَلَا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ ; لِأَنَّ النَّدَمَ وَالْعَزْمَ فِعْلُ الْقَلْبِ وَلَا يَتَأَتَّى تَعْلِيقُهُ.
وَكَذَا الْإِقْلَاعُ (وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا) أَيْ التَّوْبَةِ (مِنْ قَذْفٍ وَغِيبَةٍ وَنَحْوِهِمَا) كَنَمِيمَةٍ وَشَتْمٍ (إعْلَامُهُ) أَيْ الْمَقْذُوفِ وَالْمُغْتَابِ وَنَحْوِهِمَا (وَالتَّحَلُّلُ مِنْهُ) قَالَ أَحْمَدُ: إذَا قَذَفَهُ ثُمَّ تَابَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَهُ: قَدْ قَذَفْتُكَ، بَلْ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ; لِأَنَّ فِيهِ إيذَاءً صَرِيحًا، وَإِذَا اسْتَحَلَّهُ يَأْتِي بِلَفْظٍ مُبْهَمٍ لِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَجْهُولِ، (وَمَنْ أَخَذَ بِالرُّخَصِ) أَيْ تَتَبَّعَهَا مِنْ الْمَذَاهِبِ فَعَمِلَ بِهَا (فَسَقَ) نَصًّا، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا، وَذَكَرَ الْقَاضِي: غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ وَلَا مُقَلِّدٍ، وَلُزُومُ الْمَذْهَبِ بِمَذْهَبٍ وَامْتِنَاعُ الِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهِ الْأَشْهَرُ عَدَمُهُ، وَمَنْ أَوْجَبَ تَقْلِيدَ إمَامٍ بِعَيْنِهِ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَإِنْ قَالَ: يَنْبَغِي، كَانَ جَاهِلًا ضَالًّا، وَمَنْ كَانَ مُتَّبِعًا لِإِمَامٍ فَخَالَفَهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ أَوْ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَعْلَمَ وَأَتْقَى فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يُقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ:(وَمَنْ أَتَى فَرْعًا) فِقْهِيًّا (مُخْتَلَفًا فِيهِ كَمَنْ تَزَوَّجَ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ) تَزَوَّجَ (بِنْتَهُ مِنْ زِنًا أَوْ شَرِبَ مِنْ نَبِيذٍ مَا لَا يُسْكِرُهُ، أَوْ أَخَّرَ الْحَجَّ قَادِرًا) أَيْ مُسْتَطِيعًا (إنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ مَا فَعَلَهُ مِمَّا ذُكِرَ (رُدَّتْ) شَهَادَتُهُ نَصًّا ; لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ عَمْدًا، فَوَجَبَ أَنْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ كَمَا لَوْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَعَ الْمُدَاوَمَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ، (وَإِنْ تَأَوَّلَ) أَيْ فَعَلَ ذَلِكَ مُسْتَنِدًا عَلَى حِلِّهِ بِاجْتِهَادٍ أَوْ مُقَلِّدًا
لِقَائِلٍ بِحِلِّهِ، (فَلَا) تُرَدُّ شَهَادَتُهُ ; لِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ سَائِغٌ فَلَا يَفْسُقُ بِهِ مَنْ فَعَلَهُ أَوْ قَلَّدَ فِيهِ.
الشَّيْءُ (الثَّانِي) مِمَّا يُعْتَبَرُ لِلْعَدَالَةِ (اسْتِعْمَالُ الْمُرُوءَةِ) بِوَزْنِ سُهُولَةٍ أَيْ الْإِنْسَانِيَّةِ (بِفِعْلِ مَا يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ) عَادَةً كَحُسْنِ الْخُلُقِ وَالسَّخَاءِ وَبَذْلِ الْجَاهِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَنَحْوِهِ، (وَتَرْكِ مَا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ) أَيْ: يَعِيبُهُ (عَادَةً) مِنْ الْأُمُورِ الدَّنِيئَةِ الْمُزْرِيَةِ بِهِ، (فَلَا شَهَادَةَ) مَقْبُولَةٌ (لِمُصَافَعٍ) أَيْ يَصْفَعُهُ غَيْرُهُ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا (وَمُتَمَسْخَرٍ) يُقَالُ: سَخِرَ مِنْهُ وَبِهِ كَفَرِحَ وَسَخِرَ هَزِئَ كَاسْتَسْخَرَ (وَرَقَّاصٍ) كَثِيرِ الرَّقْصِ (وَمُشَعْبِذٍ) الشَّعْبَذَةُ وَالشَّعْوَذَةُ خِفَّةٌ فِي الْيَدَيْنِ كَالسِّحْرِ (وَمُغَنٍّ وَيُكْرَهُ الْغِنَاءُ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ، وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالشِّعْرِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ،.
(وَ) يُكْرَهُ (اسْتِمَاعُهُ) أَيْ الْغِنَاءِ إلَّا مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ فَيَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بِهِ، وَكَذَا يَحْرُمُ مِنْ آلَةِ لَهْوٍ مِنْ حَيْثُ الْآلَةُ،.
(وَ) كَ (طُفَيْلِيٍّ) الَّذِي يَتْبَعُ الضِّيفَانَ (وَمُتَزَيٍّ بِزِيٍّ يُسْخَرُ مِنْهُ) أَيْ يُهْزَأُ بِهِ، (وَلَا) شَهَادَةَ (لِشَاعِرٍ يُفْرِطُ) أَيْ يُكْثِرُ (فِي مَدْحٍ بِإِعْطَاءٍ وَ) يُفْرِطُ (فِي ذَمٍّ بِمَنْعٍ) مِنْ إعْطَاءٍ، (أَوْ يُشَبِّبُ بِمَدْحِ خَمْرٍ أَوْ بِأَمْرَدَ أَوْ بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ مُحَرَّمَةٍ، وَيَفْسُقُ بِذَلِكَ وَلَا تَحْرُمُ رِوَايَتُهُ، وَلَا) شَهَادَةَ (لِلَاعِبٍ بِشِطْرَنْجٍ غَيْرِ مُقَلِّدٍ) مَنْ يَرَى إبَاحَتَهُ حَالَ لَعِبِهِ لِتَحْرِيمِ لَعِبِهِ (كَ) مَا يَحْرُمُ (بِعِوَضٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ) ، وَلَوْ بِإِيذَاءِ مَنْ يَلْعَبُ مَعَهُ (إجْمَاعًا أَوْ) لَاعِبٍ (بِنَرْدٍ. وَيَحْرُمَانِ) أَيْ الشِّطْرَنْجُ وَالنَّرْدُ، أَيْ اللَّعِبُ بِهِمَا، لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد فِي النَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ فِي مَعْنَاهُ، (وَ) لَاعِبٍ (بِكُلِّ مَا فِيهِ دَنَاءَةٌ حَتَّى فِي أُرْجُوحَةٍ، أَوْ رَفْعِ ثَقِيلٍ، وَتَحْرُمُ مُخَاطَرَتُهُ بِنَفْسِهِ فِيهِ) أَيْ: رَفْعِ الثَّقِيلِ،.
(وَ) تَحْرُمُ مُخَاطَرَتُهُ بِنَفْسِهِ (فِي ثِقَافٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195](أَوْ) أَيْ وَلَا شَهَادَةَ لِلَاعِبٍ (بِحَمَامٍ طَيَّارَةٍ وَلَا لِمُسْتَرْعِيهَا) أَيْ الْحَمَامِ (مِنْ الْمَزَارِعِ أَوْ) لِ (مَنْ يَصِيدُ بِهَا حَمَامَ غَيْرِهِ، وَيُبَاحُ) اقْتِنَاءُ الْحَمَامِ (لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهَا أَوْ) لِ (اسْتِفْرَاخِهَا وَ) لِ (حَمْلِ كُتُبٍ، وَيُكْرَهُ حَبْسُ طَيْرٍ لِنَغْمَتِهِ) ; لِأَنَّهُ نَوْعُ تَعْذِيبٍ لَهُ. (وَلَا) شَهَادَةَ (لِمَنْ يَأْكُلُ بِالسُّوقِ) كَثِيرًا (لَا يَسِيرًا كَلُقْمَةٍ وَتُفَّاحَةٍ وَنَحْوِهِمَا) مِنْ الْيَسِيرِ، (وَلَا) شَهَادَةَ (لِمَنْ يَمُدُّ رِجْلَهُ بِمَجْمَعِ النَّاسِ أَوْ يَكْشِفُ مِنْ بَدَنِهِ مَا لِلْعَادَةِ تَغْطِيَتُهُ) كَصَدْرِهِ وَظَهْرِهِ، (أَوْ يُحَدِّثُ بِمُبَاضَعَةِ أَهْلِهِ) أَيْ زَوْجَتِهِ (أَوْ) بِمُبَاضَعَةِ (سُرِّيَّتِهِ أَوْ يُخَاطِبُهُمَا بِ) خِطَابٍ (فَاحِشٍ بَيْنَ النَّاسِ، أَوْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ، أَوْ