الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْكِنْدِيِّ (إنْ لَمْ تَكُنْ) لِمَنْ الْعَيْنُ بِغَيْرِ يَدِهِ (بَيِّنَةٌ) لِخَبَرِ " «شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ لَيْسَ لَك إلَّا ذَلِكَ» وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْيَدِ الْمِلْكُ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ حُكِمَ لَهُ بِهَا، (وَإِنْ سَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاكِمَ كِتَابَةَ مَحْضَرٍ مِمَّا جَرَى إيجَابُهُ) إلَيْهِ وُجُوبًا (وَذَكَرَ فِيهِ) أَيْ الْمَحْضَرِ (أَنَّهُ) أَيْ الْحَاكِمَ (بَقَّى الْعَيْنَ بِيَدِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ مَا يَرْفَعُهَا) أَيْ يَدَهُ عَنْهَا، (وَلَا يَثْبُتُ مِلْكٌ بِذَلِكَ) أَيْ وَضْعِ الْيَدِ (كَمَا يَثْبُتُ) الْمِلْكُ (بِبَيِّنَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ) أَيْ رَبِّ الْيَدِ (بِمُجَرَّدِ الْيَدِ) ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْحُقُوقُ لِاحْتِمَالِ خِلَافِهِ إنَّمَا تُرَجَّحُ بِهِ الدَّعْوَى.
[فَصْلٌ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الْمُتَنَازَعُ فِيهَا بِيَدَيْهَا]
فَصْلٌ. الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الْمُتَنَازَعُ فِيهَا بِيَدَيْهِمَا أَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ (كَطِفْلٍ) مَجْهُولٍ نَسَبُهُ (كُلٌّ) مِنْهُمَا (مُمْسِكٌ لِبَعْضِهِ فَيَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمَا (كَمَا مَرَّ) أَيْ: أَنَّ نِصْفَهُ لَهُ لَا حَقَّ لِلْآخَرِ فِيهِ (فِيمَا يَنْتَصِفُ) أَيْ فِي الْحَالِ الْأُولَى (وَتَنَاصَفَاهُ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ، لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى: " «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي دَارٍ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَجَعَلَهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.
وَكَذَا إنْ نَكِلَا ; لِأَنَّ يَدَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهَا فَهُمَا سَوَاءٌ فَلَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا نِصْفًا) مِنْ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ (فَأَقَلُّ) مِنْ النِّصْفِ، (أَوْ) يَدَّعِيَ (الْآخَرُ الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ الْمُدَّعَى بِهِ (أَوْ) يَدَّعِيَ الْآخَرُ (أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ) مِمَّا يَدَّعِيه الْآخَرُ، كَأَنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ وَالْآخَرُ ثَلَاثَةَ الْأَرْبَاعِ (فَيَحْلِفُ مُدَّعِي الْأَقَلَّ) وَحْدَهُ، (وَيَأْخُذُهُ) أَيْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَقَلَّ مِمَّا بِيَدِهِ ظَاهِرًا أَشْبَهَ مَا لَوْ انْفَرَدَ بِالْيَدِ (وَإِنْ كَانَ) مَجْهُولُ النَّسَبِ الَّذِي بِيَدَيْهِمَا (مُمَيِّزًا فَقَالَ: إنِّي حُرٌّ خُلِّيَ) سَبِيلَهُ وَمُنِعَا مِنْهُ ; لِأَنَّهُ يُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهِ بِالْحُرِّيَّةِ وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِالْوَصِيَّةِ وَيُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ أَشْبَهَ الْبَالِغَ (حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ) ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي بَنِي آدَمَ الْحُرِّيَّةُ وَالرِّقُّ طَارِئٌ، فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِمُدَّعِي رِقِّهِ عُمِلَ بِهَا لِشَهَادَتِهَا بِزِيَادَةٍ، (فَإِنْ قَوِيَتْ يَدُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِي عَيْنٍ بِأَيْدِيهِمَا (كَحَيَوَانٍ) ادَّعَاهُ اثْنَانِ (وَاحِدٌ) مِنْهُمَا (سَائِقُهُ أَوْ آخِذٌ بِزِمَامِهِ وَآخَرُ رَاكِبُهُ أَوْ عَلَيْهِ حِمْلُهُ) فَلِلثَّانِي الرَّاكِبِ وَصَاحِبِ الْحِمْلِ بِيَمِينِهِ ; لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ أَقْوَى وَيَدَهُ آكَدُ وَهُوَ الْمُسْتَوْفِي لِمَنْفَعَةِ الْحَيَوَانِ (أَوْ وَاحِدٌ) مِنْهَا (عَلَيْهِ
حِمْلُهُ وَآخَرُ رَاكِبُهُ) فَلِلثَّانِي الرَّاكِبِ بِيَمِينِهِ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِهِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الدَّابَّةَ لِلرَّاكِبِ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهَا مِنْ الْحِمْلِ فَهُوَ لِلرَّاكِبِ بِيَمِينِهِ ; لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى الدَّابَّةِ وَالْحِمْلِ مَعًا بِخِلَافِ السَّرْجِ، (أَوْ) ك (قَمِيصٍ وَاحِدٌ آخِذٌ بِكُمِّهِ وَآخَرُ لَابِسُهُ فَ) هُوَ (لِلثَّانِي) اللَّابِسِ لَهُ (بِيَمِينِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ كَانَ كُمَّهُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَبَاقِيهِ بِيَدِ الْآخَرِ، أَوْ تَنَازَعَا عِمَامَةً طَرَفُهَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَبَاقِيهَا بِيَدِ الْآخَرِ فَهُمَا سَوَاءٌ فِيهِمَا ; لِأَنَّ يَدَ الْمُمْسِكِ لِلطَّرَفِ عَلَيْهَا بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ كَانَ بَاقِيهَا عَلَى الْأَرْضِ فَنَازَعَهُ غَيْرُهُ فِيهَا كَانَتْ لَهُ، وَإِنْ تَنَازَعَ اثْنَانِ دَارًا فِيهَا أَرْبَعَةُ أَبْيَاتٍ أَحَدُهُمَا سَاكِنٌ فِي بَيْتٍ مِنْهَا وَالْآخَرُ سَاكِنٌ فِي الثَّلَاثَةِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا هُوَ سَاكِنٌ فِيهِ ; لِأَنَّ كُلَّ بَيْتٍ يَنْفَصِلُ عَنْ صَاحِبِهِ وَلَا يُشَارِكُ الْخَارِجُ مِنْهُ السَّاكِنَ فِي ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَنَازَعَا السَّاحَةَ الَّتِي يَتَطَرَّقُ مِنْهَا إلَى الْبُيُوتِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهَا.
(وَيُعْمَلُ بِالظَّاهِرِ) أَيْ ظَاهِرِ الْحَالِ (فِيمَا بِيَدَيْهِمَا) أَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ (مُشَاهَدَةً أَوْ) بِيَدَيْهِمَا (حُكْمًا أَوْ بِيَدِ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (مُشَاهَدَةً وَ) بِيَدِ (الْآخَرِ حُكْمًا) . وَتَأْتِي أَمْثِلَةُ ذَلِكَ (فَلَوْ نُوزِعَ رَبُّ دَابَّةٍ فِي رَحْلٍ عَلَيْهَا) وَكُلٌّ مِنْهُمَا آخِذٌ بِبَعْضِهِ فَهُوَ لِرَبِّ الدَّابَّةِ بِيَمِينِهِ ; لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ عَادَةً أَنَّ الرَّحْلَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ، (أَوْ) نُوزِعَ (رَبُّ قِدْرٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ الْأَوَانِي وَالظُّرُوفِ (فِي شَيْءٍ فِيهِ) مِنْ نَحْوِ لَحْمٍ أَوْ تَمْرٍ، وَالْقِدْرُ وَنَحْوُهُ بِأَيْدِيهِمَا مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ الْقِدْرَ لِأَحَدِهِمَا، (فَ) مَا فِيهِ (لَهُ) أَيْ لِرَبِّ الْقِدْرِ وَنَحْوِهِ بِيَمِينِهِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَالِ.
(وَلَوْ نَازَعَ رَبُّ دَارٍ خَيَّاطًا فِيهَا) أَيْ الدَّارِ (فِي إبْرَةٍ أَوْ) فِي (مِقَصٍّ) فَلِلثَّانِي أَيْ الْخَيَّاطِ ; لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ أَنَّ الْخَيَّاطَ إذَا دُعِيَ لِلْخِيَاطَةِ يَحْمِلُ مَعَهُ إبْرَتَهُ وَمِقَصَّهُ، (أَوْ) نَازَعَ رَبُّ دَارٍ (قَرَّابًا فِي قِرْبَةٍ) فِي الدَّارِ (فَ) هِيَ (لِلثَّانِي) أَيْ الْقِرَابُ لِمَا تَقَدَّمَ، (وَعَكْسُهُ) أَيْ مَا سَبَقَ وَلَوْ تَنَازَعَ (الثَّوْبَ) الْمَخِيطَ (وَالْخَابِيَةَ) الَّتِي يُصَبُّ فِيهَا الْمَاءُ فَهُمَا لِرَبِّ الدَّارِ بِيَمِينِهِ ; لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ (وَإِنْ تَنَازَعَ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ) لِدَارٍ (فِي رَفٍّ مَقْلُوعٍ) لَهُ شَكْلٌ فِي الدَّارِ (أَوْ) تَنَازَعَا فِي (مِصْرَاعٍ) مَقْلُوعٍ (لَهُ شَكْلٌ مَنْصُوبٍ فِي الدَّارِ فَ) هُوَ (لِرَبِّهَا) مَعَ يَمِينه ; لِأَنَّ الْمَنْصُوبَ تَابِعٌ لِلدَّارِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَحَدَ الرَّفَّيْنِ أَوْ أَحَدَ الْمِصْرَاعَيْنِ لِمَنْ لَهُ الْآخَرُ ; لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَسْتَغْنِي عَنْ صَاحِبِهِ كَالْحَجَرِ الْفَوْقَانِيّ فِي الرَّحَا وَالْمِفْتَاحِ مَعَ الْقُفْلِ
(وَإِلَّا) يَكُنْ مَعَ الرَّفِّ الْمَقْلُوعِ أَوْ الْمِصْرَاعِ شَكْلٌ مَنْصُوبٌ فِي الدَّارِ (فَ) هُوَ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي بِيَمِينِهِمَا، (وَمَا جَرَتْ عَادَةٌ بِهِ) أَيْ بِأَنَّهُ الْمُكْرِي (وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِي بَيْعِ) الدَّارِ كَمِفْتَاحِهَا (فَ) هُوَ (لِرَبِّهَا) كَالْأَبْوَابِ الْمَنْصُوبَةِ وَالْخَوَابِي الْمَدْفُونَةِ وَالرُّفُوفِ الْمُسَمَّرَةِ وَالرَّحَا الْمَنْصُوبَةِ ; لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الدَّارِ أَشْبَهَ الشَّجَرَ الْمَغْرُوسَ (وَإِلَّا) إنْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ لِلْمُكْرِي كَالْأَثَاثِ وَالْأَوَانِي وَالْكُتُبِ وَالْحَبْلِ الَّذِي يَسْتَقِي بِهِ مِنْ بِئْرٍ (فَ) هُوَ (لِمُكْتَرٍ) بِيَمِينِهِ ; لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُكْرِي دَارِهِ فَارِغَةً
(وَلَوْ تَنَازَعَ زَوْجَانِ أَوْ) تَنَازَعَ (وَرَثَتُهُمَا أَوْ) تَنَازَعَ (أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (وَوَرَثَةُ الْآخَرِ وَلَوْ مَعَ رِقِّ أَحَدِهِمَا) نَصًّا (فِي قُمَاشِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ) فَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ كُلَّهُ لَهُ، فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ بِشَيْءٍ أَخَذَهُ (وَإِلَّا) تَكُنْ بَيِّنَةٌ (فَمَا يَصْلُحُ لِرَجُلٍ) كَعِمَامَةٍ وَقُمْصَانِ رِجَالٍ وَجَبَابِهِمْ وَأَقْبِيَتِهِمْ وَالطَّيَالِسَةِ وَالسِّلَاحِ وَأَشْبَاهِهَا، (فَ) هُوَ (لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ.
(وَ) مَا يَصْلُحُ (لَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ مِنْ حُلِيٍّ وَخُمُرٍ وَقُمُصِ نِسَاءٍ وَمَقَانِعِهِنَّ وَمَغَازِلِهُنَّ (فَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ، (وَ) مَا يَصْلُحُ (لَهُمَا) كَفُرُشٍ وَقُمَاشٍ لَمْ يُفَصَّلْ وَأَوَانٍ وَنَحْوِهِمَا (فَ) هُوَ (لَهُمَا) أَيْ: بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ بِيَدَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ أَوْ الْمُشَاهَدَةِ نَقَلَ الْأَثْرَمُ: الْمُصْحَفُ لَهُمَا فَإِنْ كَانَتْ لَا تَقْرَأُ وَلَا تَعْرِفُ بِذَلِكَ فَلَهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَتَاعُ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَمَنْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً فَهُوَ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ أُقْرِعَ فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَأَخَذَهُ
(وَكَذَا) إذَا تَنَازَعَ (صَانِعَانِ فِي آلَةِ دُكَّانِهِمَا، فَآلَةُ كُلِّ صَنْعَةٍ لِصَانِعِهَا) كَنَجَّارٍ وَحَدَّادٍ بِدُكَّا وَتَنَازَعَا فِي آلَتِهِمَا أَوْ بَعْضِهَا فَآلَةُ النَّجَّارِ لِلنَّجَّارِ وَآلَةُ الْحَدَّادِ لِلْحَدَّادِ، سَوَاءٌ كَانَتْ أَيْدِيهِمَا عَلَى الْآلَةِ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ أَوْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَدٌ حُكْمِيَّةٌ كَرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ تَنَازَعَا شَيْئًا لَيْسَ بِدَارِهِمَا، أَوْ صَانِعَانِ آلَةً لَيْسَتْ بِدُكَّانِهِمَا فَلَا يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ، بَلْ إنْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَلَهُ أَوْ بِيَدَيْهِمَا فَبَيْنَهُمَا وَفِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يُنَازَعْ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا. (وَكُلُّ مَنْ قُلْنَا هُوَ) أَيْ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ (لَهُ فَ) هُوَ لَهُ (بِيَمِينِهِ) ، لِاحْتِمَالِ صِدْقِ غَرِيمِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، (وَمَتَى كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ لَهُ بِهَا) سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِيَ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ مَا فِيهِ فِي الْحَاشِيَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ لِحَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ وَالْكِنْدِيِّ، وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إحْدَى حُجَّتَيْ الدَّعْوَى فَيُكْتَفَى بِهَا كَالْيَمِينِ
(وَإِنْ كَانَ
لِكُلٍّ) مِنْ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِي عَيْنٍ (بَيِّنَةٌ) بِهَا (وَتَسَاوَتَا) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ (مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَعَارَضَتَا وَتَسَاقَطَتَا) ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَنْفِي مَا تُثْبِتُهُ الْأُخْرَى، فَلَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِمَا وَلَا بِأَحَدِهِمَا فَيَتَسَاقَطَانِ وَيَصِيرَانِ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا (فَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَنَاصَفَانِ مَا بِأَيْدِيهِمَا) لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى: " «أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا بَعِيرًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِشَاهِدَيْنِ فَقَسَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، (وَيُقْرَعُ) بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ إذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً (فِيمَا لَيْسَ بِيَدِ أَحَدٍ أَوْ بِيَدِ ثَالِثٍ، وَلَمْ يُنَازِعْ) الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِيهِ فَمَنْ قُرِعَ صَاحِبُهُ حَلَفَ وَأَخَذَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ
(وَإِنْ كَانَ) الْمُتَنَازَعُ فِيهِ (بِيَدِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ (حُكِمَ بِهِ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ الْخَارِجُ بِبَيِّنَةٍ سَوَاءٌ أُقِيمَتْ بَيِّنَةُ مُنْكِرٍ) أَيْ رَبِّ الْيَدِ، (وَهُوَ الدَّاخِلُ بَعْدَ رَفْعِ يَدِهِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ شَهِدَتْ لَهُ) أَيْ لِرَبِّ الْيَدِ (أَنَّهَا نَتَجَتْ فِي مِلْكِهِ أَوْ) أَنَّهَا (قَطِيعَةٌ مِنْ إمَامٍ أَوْ لَا)، بِأَنْ لَمْ تَشْهَدْ بِذَلِكَ لِحَدِيثِ: " «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» فَجَعَلَ جِنْسَ الْبَيِّنَةِ فِي جَنْبَةِ الْمُدَّعِي، فَلَا يَبْقَى فِي جَنْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ; وَلِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي أَكْثَرُ فَائِدَةً فَوَجَبَ تَقْدِيمُهَا كَتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْجَرْحِ عَلَى التَّعْدِيلِ، وَوَجْهُ كَثْرَةِ فَائِدَتِهَا أَنَّهَا تُثْبِتُ سَبَبًا لَمْ يَكُنْ، وَبَيِّنَةُ الْمُنْكِرِ إنَّمَا تُثْبِتُ ظَاهِرًا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْيَدُ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهَا رُؤْيَةَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفَ، وَلَا يَحْلِفُ الْخَارِجُ مَعَ بَيِّنَةٍ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةُ دَاخِلٍ (وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ) أَيْ رَبِّ الْيَدِ (وَهُوَ مُنْكِرٌ) لِدَعْوَى الْخَارِجِ (لِادِّعَائِهِ الْمِلْكَ) لِمَا بِيَدِهِ
(وَكَذَا مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ تَعَدِّيًا بِبَلَدٍ وَوَقْتٍ مُعَيَّنَيْنِ وَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَادَّعَى كَذِبَهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْوَقْتِ (بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ عَنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ) فَتُسْمَعُ وَيُعْمَلُ بِهَا. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: لَا تُسْمَعُ إلَّا بَيِّنَةُ مُدَّعٍ بِاتِّفَاقِنَا وَفِيهِ وَقَدْ تَثْبُتُ فِي جَنْبَةِ مُنْكِرٍ وَهُوَ مَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا بِيَدِهِ فَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُقِيمَهَا فِي الدَّيْنِ لِعَدَمِ إحَاطَتِهَا بِهِ، (وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ دَاخِلٍ مَعَ عَدَمِ بَيِّنَةِ خَارِجٍ) لِعَدَمِ حَاجَتِهِ إلَيْهَا، كَمَا لَوْ أَقَرَّ مُدَّعًى عَلَيْهِ. قُلْتُ: بَلْ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا لِدَفْعِ التُّهْمَةِ وَالْيَمِينِ عَنْهُ (وَمَعَ حُضُورِ الْبَيِّنَتَيْنِ) بَيِّنَةِ الْخَارِجِ وَبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ (لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ دَاخِلٍ قَبْلَ بَيِّنَةِ خَارِجٍ وَتَعْدِيلِهَا) ، صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَلَعَلَّهُ ; لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ هِيَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا، وَمُعْتَمَدُ الْحُكْمِ وَبَيِّنَةُ الدَّاخِلِ لَا تُسْمَعُ
إلَّا مَعَهَا فَلَا تَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا. (وَتُسْمَعُ) بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ (بَعْدَ التَّعْدِيلِ) لِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ (قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ) ، وَتُقَدَّمُ عَلَيْهَا بَيِّنَةُ الْخَارِجِ (وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمُنْكِرِ غَائِبَةً حِينَ رَفَعْنَا يَدَهُ) عَنْ الْمُدَّعَى بِهِ، (فَجَاءَتْ وَقَدْ ادَّعَى) فِيهِ (مِلْكًا مُطْلَقًا) غَيْرَ مُسْتَنِدٍ لِحَالٍ وَضَعَ فِيهِ يَدَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً، (فَهِيَ بَيِّنَةُ خَارِجٍ) فَتُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي الْأَوَّلِ، (فَإِنَّ ادَّعَاهُ) أَيْ الْمِلْكَ (مُسْتَنِدًا لِمَا قَبْلَ يَدِهِ) وَأَقَامَهَا (فَ) هِيَ (بَيِّنَةُ دَاخِلٍ) فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا لِاسْتِنَادِ دَعْوَى الْمُنْكِرِ إلَى حَالِ وَضْعِ يَدِهِ، (وَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجُ) غَيْرُ وَاضِعِ الْيَدِ (بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الدَّاخِلِ) وَاضِعِ الْيَدِ، (وَأَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْخَارِجِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ ; لِأَنَّهُ الْخَارِجُ مَعْنًى) لِإِثْبَاتِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ صَاحِبُ الْيَدِ وَأَنَّ يَدَ الدَّاخِلِ نَائِبَةٌ عَنْهُ، (وَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةَ أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَ) أَقَامَ (الْآخَرُ) أَيْ الدَّاخِلُ (بَيِّنَةَ أَنَّهُ) أَيْ الْخَارِجَ (بَاعَهَا مِنْهُ) أَيْ الدَّاخِلِ (أَوْ وَقَّفَهَا عَلَيْهِ) أَيْ الدَّاخِلِ (أَوْ أَعْتَقَهَا) أَيْ الرَّقَبَةَ، (قُدِّمَتْ) الْبَيِّنَةُ (الثَّانِيَةُ) لِشَهَادَتِهَا بِأَمْرٍ حَدَثَ عَلَى الْمِلْكِ خَفِيَ عَلَى الْأُولَى فَثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْأَوَّلِ وَالْبَيْعُ أَوْ الْوَقْفُ أَوْ الْعِتْقُ مِنْهُ، (وَلَمْ تُرْفَعْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ يَدَهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (كَقَوْلِهِ: أَبْرَأَنِي مِنْ الدَّيْنِ) وَيُقِيمُ بِهِ بَيِّنَةً. (أَمَّا لَوْ قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ) بِأَنَّهُ بَاعَهُ مِنِّي أَوْ أَوْقَفَهُ عَلَيَّ أَوَأَعْتَقَهُ (طُولِبَ) مُدَّعًى عَلَيْهِ (بِالتَّسْلِيمِ) لِلْمُدَّعَى بِهِ (لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ يَطُولُ) ، وَقَدْ يَكُونُ كَاذِبًا، (وَمَتَى أُرِّخَتَا) أَيْ بَيِّنَةُ كُلٍّ مِنْ الْمُتَنَازِعَيْنِ (وَالْعَيْنُ بِيَدَيْهِمَا فِي شَهَادَةٍ بِمِلْكٍ) بِأَنْ قَالَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ: مَلَكَ الْعَيْنَ وَقْتَ كَذَا، وَقَالَتْ الْأُخْرَى: مَلَكَهَا وَقْتَ كَذَا، (أَوْ) أُرِّخَتَا (فِي شَهَادَةٍ بِيَدٍ) بِأَنْ قَالَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ: الْعَيْنُ بِيَدِهِ مُنْذُ كَذَا وَقَالَتْ الْأُخْرَى: بِيَدِهِ مُنْذُ كَذَا (أَوْ) أُرِّخَتْ (إحْدَاهُمَا فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ تُؤَرَّخْ الْأُخْرَى، (فَهُمَا) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ (سَوَاءٌ) لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى: " «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعِيرٍ فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَعِيرِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ; وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دَاخِلٌ فِي نِصْفِ الْعَيْنِ خَارِجٌ فِي نِصْفِهَا، (إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْمُتَأَخِّرَةُ) تَأْرِيخًا إذَا أُرِّخَتَا (بِانْتِقَالِهِ) أَيْ الْمِلْكِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَشْهُودِ لَهُ بِالْمِلْكِ الْمُتَقَدِّمِ، (وَلَا تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا) أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ (بِزِيَادَةِ نِتَاجٍ) بِأَنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا بِنْتُ فَرَسِهِ أَوْ بَقَرَتِهِ نَتَجَتْ فِي مِلْكِهِ. وَالْأُخْرَى شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ فَقَطْ (أَوْ) أَيْ وَلَا تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا بِزِيَادَةِ