الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ بِمَالٍ ثُمَّ يَقُولُ: كَذَبْتُ وَإِنْ قَالَتْ امْرَأَتُهُ حَلَفْتَ بِالثَّلَاثِ أَوْ طَلَّقْتَنِي ثَلَاثًا فَقَالَ بَلْ وَاحِدَةً أَوْ قَالَتْ عَلَّقْت طَلَاقِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَقَالَ بَلْ عَمْرٍو فَقَوْلُهُ ; لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا تَقُولُهُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِحَالِ نَفْسِهِ.
[فَصْلٌ وَقَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ]
ِ كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ تَمْلِكُ بِهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا (ثَلَاثًا) وَإِنْ نَوَى أَقَلَّ نَصًّا، وَأَفْتَى بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ.
وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ; لِأَنَّهُ لَفْظٌ يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي جَمِيعِ أَمْرِهَا ; لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ مُضَافٌ فَيَتَنَاوَلُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَك مَا شِئْتِ.
(وَ) قَوْلُهُ لَهَا (اخْتَارِي نَفْسَك) كِنَايَةٌ (خَفِيَّةٌ) لَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ بِهَا أَيْ: بِاخْتَارِي نَفْسَك أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ (وَلَا) أَنْ تُطَلِّقَ (بِ) بِقَوْلِهِ (طَلِّقِي نَفْسَك أَكْثَرَ مِنْ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ) .
قَالَ أَحْمَدُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَائِشَةَ قَالُوا إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُمْ بِإِسْنَادِهِ وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا إلَّا إذَا كَانَتْ رَجْعِيَّةً وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] ; وَلِأَنَّهَا طَلْقَةٌ بِلَا عِوَضٍ لَمْ تُكَمِّلْ عَدَدَ الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ أَشْبَهَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا هُوَ وَاحِدَةً فَإِنْ جَعَلَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةً مَلَكَتْهُ (وَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَتَى شَاءَتْ مَا لَمْ يَحُدَّ لَهَا حَدًّا) أَيْ: يُقَدِّرُ لَهَا وَقْتًا مُعَيَّنًا فَلَا تَتَجَاوَزُهُ (أَوْ يَفْسَخُ) مَا جَعَلَهُ لَهَا (أَوْ يَطَؤُهَا) لِدَلَالَتِهِ عَلَى رُجُوعِهِ (أَوْ تَرُدُّ هِيَ) أَيْ: الزَّوْجَةُ فَتُبْطِلُ الْوَكَالَةَ كَسَائِرِ الْوَكَالَاتِ (إلَّا فِي) قَوْلِهِ (اخْتَارِي نَفْسَك فَيَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَشْتَغِلَا بِقَاطِعٍ) نَصًّا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٍ فَإِنْ قَامَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْمَجْلِسِ أَوْ تَشَاغَلَا بِقَاطِعٍ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا كَانَ انْتِقَالًا مِنْ كَلَامٍ إلَى غَيْرِهِ أَوْ تَشَاغَلَا بِصَلَاةٍ بَطَلَ اخْتِيَارُهَا وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَائِمًا فَرَكِبَ أَوْ مَشَى بِخِلَافِ مَا لَوْ قَعَدَ وَإِنْ كَانَتْ فِي صَلَاةٍ فَأَتَمَّتْهَا لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا فَإِنْ أَضَافَتْ إلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ بَطَلَ خِيَارُهَا وَإِنْ أَكَلَتْ يَسِيرًا أَوْ سَبَّحَتْ يَسِيرًا أَوْ قَالَتْ: بِسْمِ اللَّهِ أَوْ اُدْعُ إلَى شُهُودٍ أَشْهِدْهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا (وَيَصِحُّ جَعْلُهُ) أَيْ: اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا (لَهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (بَعْدَهُ) أَيْ: الْمَجْلِسِ وَأَنْ يَجْعَلَهُ لَهَا مَتَى شَاءَتْ كَالْوَكِيلِ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا.
(وَ) يَصِحُّ جَعْلُ
أَمْرِهَا بِيَدِهَا وَنَحْوُهُ (بِجُعْلٍ) مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ عَلَى عِوَضٍ، فَلَوْ قَالَتْ: اجْعَلْ أَمْرِي بِيَدِي وَلَكَ عَبْدِي هَذَا فَفَعَلَ، وَقَبْضُهُ مِلْكُهُ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا وَمَتَى شَاءَتْ تَخْتَارُ مَا لَمْ يَطَأْ أَوْ يَرْجِعْ فَإِنْ رَجَعَ فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْعِوَضِ.
(وَيَقَعُ) طَلَاقُ زَوْجَةٍ جَعَلَ إلَيْهَا (بِكِنَايَتِهَا مَعَ نِيَّتِهِ) الطَّلَاقَ (وَلَوْ جَعَلَهُ) زَوْجُهَا (لَهَا بِصَرِيحِ) الطَّلَاقِ فَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي وَلَمْ تَنْوِ بِهِ طَلَاقًا لَمْ يَقَعْ فَلَفْظُ الْأَمْرِ، وَالْخِيَارِ كِنَايَةٌ فِي حَقِّ الزَّوْجِ، وَالزَّوْجَةِ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ نَوَى أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَقَعْ ; لِأَنَّ الزَّوْجَ إنْ لَمْ يَنْوِ فَمَا فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ تُوقِعَهُ وَإِنْ نَوَاهُ دُونَهَا فَقَدْ فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ وَلَمْ تُوقِعْهُ هِيَ (وَكَذَا وَكِيلٌ) فِي طَلَاقٍ.
(وَلَا يَقَعُ) طَلَاقُ مَنْ خَيَّرَهَا زَوْجُهَا (بِقَوْلِهَا اخْتَرْتُ بِنِيَّةِ) الطَّلَاقِ (حَتَّى تَقُولَ) اخْتَرْتُ (نَفْسِي أَوْ) اخْتَرْتُ (أَبَوَيَّ أَوْ) اخْتَرْتُ (الْأَزْوَاجَ) أَوْ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيَّ وَنَحْوَهُ فَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْتُ زَوْجِي لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ نَصًّا لِقَوْلِ عَائِشَةَ «قَدْ خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ طَلَاقًا» ، وَقَالَتْ «لَمَّا أُمِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِتَخْيِيرِ نِسَائِهِ بَدَأَ بِي فَقَالَ: إنِّي لَمُخْبِرُكِ خَبَرًا فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك ثُمَّ قَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِي: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: 28]- حَتَّى بَلَغَ - {فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 29] . فَقُلْتُ: أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ، وَرَسُولَهُ، وَالدَّارَ الْآخِرَةِ. قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ مَا فَعَلْتُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَكَذَا لَا يَقَع عَلَيْهَا بِقَوْلِهَا أَنْتِ طَالِقٌ، وَأَنْتِ مِنِّي طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك لِمَا سَبَقَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَصِفَةُ طَلَاقِهَا طَلَّقْتُ نَفْسِي أَوْ أَنَا مِنْكَ طَالِقٌ وَإِنْ قَالَتْ: أَنَا طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ.
(وَمَتَى اخْتَلَفَا) أَيْ: الزَّوْجَانِ (فِي) وُجُودِ نِيَّةٍ (فَقَوْلٌ مُوقِعٌ) لِلطَّلَاقِ ; لِأَنَّهَا لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ.
(وَ) إنْ اخْتَلَفَا (فِي رُجُوعٍ) عَنْ جَعْلِ طَلَاقِهَا إلَيْهَا، وَنَحْوَهُ (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُ الزَّوْجِ) ; لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي نِيَّتِهِ (وَلَوْ) كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي رُجُوعٍ (بَعْدَ إيقَاعِ) طَلَاقٍ مِمَّنْ جَعَلَ لَهُ (وَنَصَّ) أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ (أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ) قَوْلُ زَوْجٍ فِي رُجُوعٍ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ إيقَاعِ مَنْ جُعِلَ لَهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ رَجَعَ قَبْلَهُ قَالَ (الْمُنَقِّحُ وَهُوَ أَظْهَرُ)، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ:(وَكَذَا دَعْوَى عِتْقِهِ) أَيْ: عِتْقِ رَقِيقٍ، وَكُلٌّ فِي بَيْعِهِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ (وَ) دَعْوَى (رَهْنٍ) أَيْ: رَهْنِ مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ بَعْدَهُ (وَنَحْوِهِ) كَوَقْفِ مَا