الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ لِانْقِضَاءِ زَمَنِهَا.
(وَلَوْ نَكَحَهَا) أَيْ الْمَقُولَ لَهَا ذَلِكَ (فِي) السَّنَةِ (الثَّانِيَةِ أَوْ)(الثَّالِثَةِ طَلُقَتْ عَقِبَهُ) أَيْ عَقِبَ نِكَاحِهَا ; لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ السَّنَةِ الَّتِي جَعَلَهَا ظَرْفًا لِلطَّلَاقِ وَمَحَلًّا لَهُ، وَكَانَ سَبِيلُهُ أَنْ يَقَعَ فِي أَوَّلِهَا فَمَنَعَ مِنْهُ كَوْنُهَا لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ فَإِذَا عَادَتْ الزَّوْجِيَّةُ فَقَدْ زَالَ الْمَانِعُ (وَإِنْ قَالَ فِيهَا) أَيْ مَسْأَلَةِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَةٌ (وَفِي) صُورَةِ مَا إذَا قَالَ (إذَا مَضَتْ السَّنَةُ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَرَدْت بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا دِينَ) ; لِأَنَّهَا سَنَةٌ حَقِيقِيَّةٌ (وَقُبِلَ) مِنْهُ (حُكْمًا) ; لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ (وَإِنْ قَالَ أَرَدْت ابْتِدَاءً كَوْنَ السِّنِينَ الْمُحَرَّمَ دِينَ) ; لِأَنَّهُ أَدْرَى بِنِيَّتِهِ (وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ (حُكْمًا) ; لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
[بَابُ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ]
ِ جَمْعُ شَرْطٍ وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ وَالْمُرَادُ هُنَا الشَّرْطُ اللُّغَوِيُّ (وَهُوَ) أَيْ التَّعْلِيقُ طَلَاقًا كَانَ الْمُعَلَّقُ أَوْ غَيْرُهُ (تَرْتِيبُ شَيْءٍ غَيْرِ حَاصِلٍ) فِي الْحَالِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ نَذْرٍ وَنَحْوِهِ (عَلَى شَيْءٍ حَاصِلٍ) أَيْ مَوْجُودٍ فِي الْحَالِ كَإِنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَانَتْ كَذَلِكَ (أَوْ) عَلَى شَيْءٍ (غَيْرِ حَاصِلٍ) كَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (بِ) حَرْفِ (إنْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَهِيَ أُمُّ أَدَوَاتِ الشُّرُوطِ (أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا) مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ الْجَازِمَةِ كَمَتَى وَمَهْمَا وَغَيْرِهِمَا كَإِذَا وَلَوْ وَلَا يَكُونُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مَاضِيًا وَلِذَلِكَ إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَدَوَاتُ الشَّرْطِ قَلَبَتْهُ مُسْتَقْبَلًا.
(وَيَصِحُّ) تَعْلِيقٌ (مَعَ تَقَدُّمِ شَرْطٍ) كَإِنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ خَلِيَّةٌ بِنِيَّةِ الطَّلَاقِ (وَ) يَصِحُّ تَعْلِيقٌ مَعَ (تَأَخُّرِهِ) أَيْ الشَّرْطِ (بِصَرِيحٍ) كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ جَلَسْتِ (وَبِكِنَايَةٍ) كَأَنْتِ مُسَرَّحَةٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ (مَعَ قَصْدِ) الطَّلَاقِ بِالْكِنَايَةِ (وَلَا يَضُرُّ) أَيْ لَا يَقْطَعُ التَّعْلِيقَ (فَصْلٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وَ) بَيْنَ (حُكْمِهِ) أَيْ جَوَابِهِ (بِكَلَامٍ مُنْتَظِمٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إنْ قُمْتِ) أَوْ إنْ قُمْتِ يَا زَانِيَةُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ; لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ حُكْمًا (وَيَقْطَعُهُ) أَيْ التَّعْلِيقُ (سُكُوتُهُ) بَيْنَ شَرْطٍ وَجَوَابِهِ سُكُوتًا يُمْكِنُهُ كَلَامٌ فِيهِ وَلَوْ قَلَّ.
(وَ) يَقْطَعُهُ (تَسْبِيحُهُ) أَيْ الْمَعْنَى بَيْنَ شَرْطٍ وَجَزَائِهِ (وَنَحْوُهُ) أَيْ التَّسْبِيحُ كَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ وَكُلِّ مَا لَا يَكُونُ مَعَهُ الْكَلَامُ مُنْتَظِمًا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ مُنَجَّزًا.
(وَ) لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةٌ رَفْعًا وَنَصْبًا) أَيْ بِرَفْعِ
مَرِيضَةٌ وَنَصْبِهِ (يَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِمَرَضِهَا) لِوَصْفِهَا بِالْمَرَضِ حِينَ الْوُقُوعِ فَهُوَ فِي مَعْنَى إذَا مَرِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَمَنْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (وَأَيٌّ) بِالتَّنْوِينِ (الْمُضَافَةُ إلَى الشَّخْصِ يَقْتَضِيَانِ عُمُومَ ضَمِيرِهِمَا) ; لِأَنَّهُمَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ (فَاعِلًا) كَانَ ضَمِيرُهُمَا كَمَنْ قَامَتْ مِنْكُنَّ أَوْ أَيَّتُكُنَّ قَامَتْ فَهِيَ طَالِقٌ (أَوْ مَفْعُولًا) كَمَنْ أَقَمْتهَا أَوْ أَيَّتُكُنَّ أَقَمْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَيَعُمُّ مَنْ قَامَتْ مِنْهُنَّ فِي الْأُولَيَيْنِ وَمَنْ أَقَامَهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ كَمَا تَقْتَضِي أَيْ الْمُضَافَةُ إلَى الْوَقْتِ عُمُومِهِ كَقَوْلِهِ: أَيُّ وَقْتٍ قُمْت أَوْ أَقَمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَعُمُّ كُلَّ الْأَوْقَاتِ.
(وَلَا يَصِحُّ) تَعْلِيقُ طَلَاقٍ (إلَّا مِنْ زَوْجٍ) يَصِحُّ تَنْجِيزُهُ مِنْهُ حِينَ التَّعْلِيقِ (فَ) مَنْ قَالَ (إنْ تَزَوَّجْتُ) امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ إنْ تَزَوَّجَ (أَوْ عَيَّنَ وَلَوْ عَتِيقَتَهُ) فَقَالَ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ أَوْ عَتِيقَتِي فُلَانَةَ (فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ) الطَّلَاقُ (بِتَزَوُّجِهَا) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: 49] وَحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «لَا نَذْرَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَلَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَلَا طَلَاقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَعَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ مَرْفُوعًا «لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ وَلَا عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّهُ لَوْ نُجِزَ الطَّلَاقُ إذَا لَمْ يَقَعْ فَكَذَا تَعْلِيقُهُ.
(وَإِنْ قَالَ) لِامْرَأَةٍ (إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ) أَيْ الْمَرْأَةُ (أَجْنَبِيَّةٌ) أَيْ غَيْرُ زَوْجَةٍ لَهُ فَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَامَتْ وَهِيَ زَوْجَةٌ (لَمْ يَقَعْ) الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ قَالَ فِي الشَّرْحِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ (كَحَلِفِهِ) بِطَلَاقٍ (لَا فَعَلْت كَذَا) مِنْ قِيَامٍ أَوْ دُخُولِ دَارٍ وَنَحْوِهِ (فَلَمْ يَبْقَ لَهُ زَوْجَةٌ) بِأَنْ بِنَّ مِنْهُ أَوْ مُتْنَ (ثُمَّ تَزَوَّجَ) امْرَأَةً (أُخْرَى) فَأَكْثَرَ (وَفَعَلَ مَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ) فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
(وَيَقَعُ مَا عَلَّقَ زَوْجٌ) مِنْ طَلَاقٍ (بِوُجُودِ شَرْطٍ) مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ (لَا قَبْلَهُ) أَيْ وُجُودِ الشَّرْطِ ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ إزَالَةُ مِلْكٍ بُنِيَ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ أَشْبَهَ الْعِتْقَ (وَلَوْ قَالَ) مُعَلِّقٌ (عَجَلَتَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ لَمْ يَتَعَجَّلْ ; لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِالشَّرْطِ فَلَيْسَ لَهُ تَغْيِيرُهُ فَإِنْ أَرَادَ تَعْجِيلَ طَلَاقٍ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ وَقَعَ ثُمَّ إنْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهِيَ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ وَقَعَ أَيْضًا (وَإِنْ قَالَ) زَوْجٌ عَلَّقَهُ (سَبَقَ لِسَانِي بِالشَّرْطِ وَلَمْ أُرِدْهُ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (إذَنْ) أَيْ حَالَ إيقَاعِهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِالْأَغْلَظِ عَلَيْهِ بِلَا تُهْمَةٍ.