الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُطِئَ) فَلَا حِنْثَ.
(وَ) كَذَا إنْ قَالَ لَهُ: قُلْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَجَارِيَتِي حُرَّةٌ أَوْ فَجَوَارِيَّ أَحْرَارٌ أَوْ فَمَمَالِيكِي أَحْرَارٌ، فَقَالَ ذَلِكَ وَنَوَى (بِالْجَارِيَةِ السَّفِينَةَ أَوْ الرِّيحَ و) نَوَى (بِالْحُرَّةِ السَّحَابَةَ الْكَثِيرَةَ الْمَطَرِ)(أَوْ الْكَرِيمَةَ مِنْ النُّوقِ و) نَوَى (بِالْأَحْرَارِ الْبَقْلَ و) نَوَى (بِالْحَرَائِرِ الْأَيَّامَ) فَلَا حِنْثَ (وَمَنْ حَلَفَ) بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ (مَا فُلَانٌ هُنَا وَعَيَّنَ مَوْضِعًا لَيْسَ فِيهِ) فُلَانٌ (لَمْ يَحْنَثْ) ; لِأَنَّهُ صَادِقٌ.
(وَ) مَنْ حَلَفَ (عَلَى زَوْجَتِهِ لَا سَرَقْت مِنِّي شَيْئًا فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَةٍ لَمْ يَحْنَثْ) ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسَرِقَةٍ (إلَّا بِنِيَّةٍ) بِأَنْ نَوَى بِالسَّرِقَةِ الْخِيَانَةَ (أَوْ) بِ (سَبَبٍ) بِأَنْ كَانَ سَبَبُ يَمِينِهِ خِيَانَتَهَا وَلَوْ حَلَفَ لَيَعْبُدَنَّ اللَّهَ عِبَادَةً يَنْفَرِدُ بِهَا دُونَ جَمِيعِ النَّاسِ فِي وَقْتِ تَلَبُّسِهِ بِهَا بَرَّ بِالطَّوَافِ وَحْدَهُ أُسْبُوعًا بَعْدَ أَنْ يُخْلَى لَهُ الْمَطَافُ.
[بَابُ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ]
الشَّكُّ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَا تَرَجُّحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (وَهُوَ هُنَا مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ) بَيْنَ وُجُودِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عَدَدِهِ أَوْ شَرْطِهِ وَعَدَمِهِ. فَيَدْخُلُ فِيهِ الظَّنُّ وَالْوَهْمُ (وَلَا يَلْزَمُ) الطَّلَاقُ (بِشَكٍّ فِيهِ أَوْ) شَكٍّ (فِيمَا عُلِّقَ عَلَيْهِ) الطَّلَاقُ (وَلَوْ) كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (عَدَمِيًّا) كَإِنْ لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ يَوْمَ كَذَا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ، وَشَكَّ فِي قِيَامِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بَعْدَ مُضِيِّهِ فَلَا حِنْثَ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءَ الْعِصْمَةِ إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْمُزِيلُ، كَالْمُتَطَهِّرِ يَشُكُّ فِي الْحَدَثِ وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَحَدِيثُ «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» .
(وَسُنَّ تَرْكُ وَطْءٍ قَبْلَ رَجْعَةٍ) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (وَيُبَاحُ) الْوَطْءُ (بَعْدَهَا) أَيْ الرَّجْعَةِ (وَتَمَامُ التَّوَرُّعِ قَطْعُ الشَّكِّ بِهَا) أَيْ بِالرَّجْعَةِ حَيْثُ أَمْكَنَهُ. لِحَدِيثِ «فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» (أَوْ) قَطْعُ الشَّكِّ (بِعَقْدٍ) جَدِيدٍ (أَمْكَنُ) لِتَيَقُّنِ الْحِلِّ لِاحْتِمَالِ الْوُقُوعِ (وَإِلَّا) يُمْكِنُ رَجْعَةٌ وَلَا عَقْدٌ بِأَنْ كَانَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ مُتَمِّمًا لِعَدَمِ مَا يَمْلِكُهُ (ف) قَطْعُ الشَّكِّ (بِفُرْقَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ) تَمَامُ الْوَرَعِ (بِأَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ تَكُنْ طَلُقَتْ فَهِيَ طَالِقٌ) لِئَلَّا تَبْقَى
مُعَلَّقَةً مَتْرُوكًا وَطْؤُهَا بِالتَّحَرُّجِ مِنْهُ. وَمَتَى لَمْ يُطَلِّقْهَا لَمْ تَحِلَّ لِغَيْرِهِ.
(وَيُمْنَعُ) أَيْ وَرَعًا (حَالِفٌ لَا يَأْكُلُ ثَمَرَةً وَنَحْوِهَا) كَرُمَّانَةٍ أَوْ جُوزَةٍ (اشْتَبَهَتْ بِغَيْرِهَا مِنْ أَكْلِ وَاحِدَةٍ) مِمَّا اشْتَبَهَتْ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا (وَإِنْ لَمْ تَمْنَعْهُ) أَيْ الْحَالِفَ (بِذَلِكَ) أَيْ بِأَكْلِهِ وَاحِدَةً مِمَّا اشْتَبَهَتْ بِهِ (مِنْ الْوَطْءِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَأْكُولَ غَيْرُهَا وَيَقِينُ النِّكَاحِ ثَابِتٌ فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنِّ هَذِهِ الثَّمَرَةَ مَثَلًا لَمْ يَتَحَقَّقْ بَرُّهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ أَكَلَهَا أَوْ يَأْكُلَ مَا اخْتَلَطَتْ بِهِ كُلِّهِ مِنْ التَّمْرِ.
(وَمَنْ شَكَّ فِي عَدَدِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ (بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) وَهُوَ الْأَقَلُّ لِمَا سَبَقَ.
(وَ) مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ بِعَدَدِ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ وَجَهِلَ) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَدَ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ وَقَعَ وَاحِدَةٌ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا أَحْرَمَ بِمِثْلِ مَا أَحْرَمَ زَيْدٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ. فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ وَيَصْرِفُهُ لِمَا شَاءَ (فَطَلْقَةٌ) ; لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ.
(وَ) إنْ قَالَ (لِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَثَمَّ مَنْوِيَّةٌ) بِأَنْ نَوَى مُعَيَّنَةً مِنْهُمَا (طَلُقَتْ) الْمَنْوِيَّةُ ; لِأَنَّهُ عَيَّنَهَا بِنِيَّتِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ عَيَّنَهَا بِلَفْظِهِ. فَإِنْ ادَّعَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ عَنَاهَا وَقَالَ: إنَّمَا عَنَيْتُ ضَرَّتَهَا فَقَوْلُهُ ; لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَا تُعْرَفْ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (وَإِلَّا) يَنْوِ مُعَيَّنَةً (أُخْرِجَتْ) الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا (بِقُرْعَةٍ) نَصًّا رَوَى عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ (كَمُعَيَّنَةٍ مَنْسِيَّةٍ) أَيْ كَمَنْ طَلَّقَ مُعَيَّنَةً ثُمَّ نَسِيَهَا فَتُمَيَّزُ بِقُرْعَةٍ (وَكَقَوْلِهِ عَنْ طَائِرٍ إنْ كَانَ غُرَابًا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ وَإِلَّا) يَكُنْ غُرَابًا (فَعَمْرَةُ) طَالِقٌ وَذَهَبَ الطَّائِرُ (وَجَهِلَ) أَغُرَابٌ أَمْ غَيْرُهُ؟ فَيُقْرِعُ بَيْنُهُمَا فَتَطْلُقُ مَنْ أَخْرَجَتْهَا الْقُرْعَةُ ; لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا عَيْنًا فَهُمَا سَوَاءٌ، وَالْقُرْعَةُ طَرِيقٌ شَرْعِيٌّ لِإِخْرَاجِ الْمَجْهُولِ. وَإِنْ مَاتَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَكَانَ نَوَى الْمُطَلَّقَةَ حَلَفَ لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا وَوَرِثَهَا أَوْ لِلْحَيَّةِ وَلَمْ يَرِثْ الْمَيِّتَةَ وإنْ كَانَ لَمْ يَنْوِ أَحَدَهُمَا أَقْرَعَ.
(وَإِنْ مَاتَ) قَبْلَ الْقُرْعَةِ (أَقْرَعَ وَرَثَتُهُ) لِقِيَامِهِمْ مَقَامَهُ (وَلَا يَطَأُ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهُ إحْدَاهُمَا وَدَوَاعِيهِ (قَبْلَهَا) أَيْ الْقُرْعَةِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِإِحْدَاهُمَا يَقِينًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُصَادِفَهَا (وَتَجِبُ النَّفَقَةُ) لِلزَّوْجَتَيْنِ إلَى الْقُرْعَةِ ; لِأَنَّهُمَا مَحْبُوسَتَانِ لِحَقِّهِ فِي حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ (وَمَتَى ظَهَرَ أَوْ ذُكِرَ) بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ لِإِحْدَاهُمَا (أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُ الْمُخْرَجَةِ) بِالْقُرْعَةِ بِأَنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ نِسْيَانِهِ (رُدَّتْ) الْمُخْرَجَةُ لِزَوْجِهَا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ فِيهَا بِصَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ وَالْقُرْعَةُ لَا حُكْمَ لَهَا مَعَ الذِّكْرِ. فَإِذَا أَعْلَم الْمُطَلَّقَةَ
رُجِعَ إلَى قَوْلِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا مُنِعَ مِنْهَا بِالِاشْتِبَاهِ فَإِذَا زَالَ عَنْهَا رُدَّتْ إلَيْهِ كَمَا لَوْ عَلِمَتْ مُذَكَّاةً بَعْدَ أَنْ اشْتَبَهَتْ بِمَيْتَةٍ (مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ) مُخْرَجَةٌ بِقُرْعَةٍ فَلَا تُرَدُّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِ بِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إبْطَالِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (أَوْ) مَا لَمْ (يُحْكَمْ بِالْقُرْعَةِ) أَوْ يُقْرِعُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُنَّ ; لِأَنَّهَا لَا يُمْكِنُ الزَّوْجُ رَفْعَهَا كَسَائِرِ الْحُكُومَاتِ.
(وَ) مَنْ قَالَ (لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ) غَدًا (أَوْ حُرَّةٌ غَدًا فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ الْأَمَتَيْنِ قَبْلَهُ (أَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُمَا) بِأَنْ بَانَتْ مِنْهُ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ وَنَحْوُهُ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْغَدِ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ (بِالْبَاقِيَةِ) إذَا دَخَلَ الْغَدُ ; لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ وَمَنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا قَبْلَ وَقْتِ الْوُقُوعِ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ وَلَا لِلْعِتْقِ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ لِأَمَةٍ وَأَجْنَبِيَّةٍ: إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ.
(وَمَنْ زَوَّجَ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَجُهِلَتْ) الْمُزَوَّجَةُ (حُرِّمَ الْكُلُّ) ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُزَوَّجَةُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يُقْرَعُ فَأَيَّتَهُنَّ أَصَابَتْهَا الْقُرْعَةُ فَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَهِيَ الَّتِي تَرِثُهُ.
(وَمَنْ) لَهُ زَوْجَتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ وَ (قَالَ عَنْ طَائِرٍ إنْ كَانَ غُرَابًا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ حَمَامًا فَعَمْرَةُ) طَالِقٌ وَمَضَى الطَّائِرُ (وَجُهِلَ) جِنْسُهُ (لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا) أَيْ حَفْصَةُ وَعَمْرَةَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ لَيْسَ غُرَابًا وَلَا حَمَامًا وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحِنْثِ، فَلَا يَزُولُ يَقِينُ النِّكَاحِ بِالشَّكِّ.
(وَإِنْ قَالَ) عَنْ طَائِرٍ (إنْ كَانَ غُرَابًا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ) قَالَ فَ (أَمَتِي حُرَّةٌ وَقَالَ آخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا مِثْلَهُ) أَيْ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ أَوْ أَمَتِي حُرَّةٌ (وَلَمْ يَعْلَمَا) الطَّائِرَ غُرَابًا أَمْ غَيْرَهُ (لَمْ تَطْلُقَا) أَيْ زَوْجَتَاهُمَا (وَلَمْ تَعْتِقَا) أَيْ أَمَتَاهُمَا ; لِأَنَّ الْحَانِثَ مِنْهُمَا غَيْرُ مَعْلُومٍ فَلَا يُحْكَمُ بِالْحِنْثِ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ لِبَقَاءِ يَقِينِ نِكَاحِهِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْوَطْءُ) وَدَوَاعِيهِ لِحِنْثِ أَحَدِهِمَا بِيَقِينٍ وَتَحْرِيمِ امْرَأَتِهِ عَلَيْهِ وَقَدْ أُشْكِلَ أَشْبَهَ مَا لَوْ حَنِثَ فِي إحْدَى امْرَأَتَيْهِ لَا بِعَيْنِهَا (إلَّا مَعَ اعْتِقَادِ أَحَدِهِمَا خَطَأَ الْآخَرِ) فَلَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ خَطَأَ رَفِيقِهِ وَطْءَ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ لِتَيَقُّنِهِ الْحِلَّ وَبَقَاءَ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ الْمِلْكِ.
وَإِنْ أَقَرَّ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْحَانِثُ طَلُقَتْ زَوْجَتَاهُمَا وَعَتَقَتْ أَمَتَاهُمَا لِإِقْرَارِهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ بِذَلِكَ أَخَذَ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ ادَّعَتْ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ الْحِنْثَ فَأَنْكَرَ فَقَوْلُهُ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا أَمَةَ الْآخَرِ فَيُقْرِعَ بَيْنَهُمَا)
أَيْ الْأَمَتَيْنِ (حِينَئِذٍ) فَتَعْتِقُ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ كَمَنْ أَعْتَقَ إحْدَى أَمَتَيْهِ وَنَسِيَهَا وَلَهُ الْوَلَاءُ إنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِلَّتِي كَانَتْ أَمَتَهُ وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْأُخْرَى فَوَلَاؤُهَا مَوْقُوفٌ حَتَّى يَتَصَادَقَا أَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَدَّعِيهِ.
(وَإِنْ كَانَتْ) أَمَةٌ (مُشْتَرَكَةً بَيْنَ مُوسِرَيْنِ وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ طَائِرٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا (فَنَصِيبِي حُرٌّ) وَقَالَ الْآخَرُ إنْ كَانَ غُرَابًا فَنَصِيبِي حُرٌّ (عَتَقَتْ) كُلُّهَا (عَلَى أَحَدِهِمَا وَيُمَيَّزُ) مَنْ عَتَقَتْ عَلَيْهِ (بِقُرْعَةٍ) لِيَغْرَمَ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَالْوَلَاءُ لَهُ.
(وَ) إنْ قَالَ (لِامْرَأَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ) طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِحَمَاتِهِ وَلَهَا بِنْتٌ غَيْرُ زَوْجَتِهِ بِنْتُكِ طَالِقٌ (أَوْ قَالَ سَلْمَى طَالِقٌ وَاسْمُهُمَا) أَيْ امْرَأَتُهُ وَالْأَجْنَبِيَّةُ (سَلْمَى طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ) لِأَنَّهَا مَحَلُّ طَلَاقِهِ وَلَا يَمْلِكُ طَلَاقَ غَيْرِهَا (فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ الْأَجْنَبِيَّةَ دِينَ) أَيْ صُدِّقَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ وَلَفْظُهُ يَحْتَمِلُهُ (وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ (حُكْمًا) فَلَا يَحْكُمُ لَهُ بِهِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ ; لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِطَلَاقِهِ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ كَدَفْعِ ظَالِمٍ وَتَخَلُّصٍ مِنْ مَكْرُوهٍ فَيُقْبَلُ حُكْمًا لِوُجُودِ الدَّلِيلِ الصَّارِفِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ زَوْجَتَهُ وَلَا الْأَجْنَبِيَّةَ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ نَادَى) مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ هِنْدٌ وَعَمْرَةُ (مِنْ امْرَأَتَيْهِ هِنْدًا) وَحْدَهَا (فَأَجَابَتْهُ) زَوْجَتُهُ (عَمْرَةُ أَوْ لَمْ تُجِبْهُ) عَمْرَةُ (وَهِيَ الْحَاضِرَةُ) عِنْدَهُ دُونَ هِنْدٍ (فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَظُنُّهَا) أَيْ عَمْرَةَ (الْمُنَادَاةَ) أَيْ هِنْدًا (طَلُقَتْ) هِنْدُ (دُونَ عَمْرَةَ) لِأَنَّ الْمُنَادَاةَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالطَّلَاقِ فَوَقَعَ بِهَا كَمَا لَوْ أَجَابَتْهُ وَعَمْرَةُ لَمْ يَقْصِدْهَا بِالطَّلَاقِ (وَإِنْ عَلِمَهَا) أَيْ الْمُجِيبَةَ (غَيْرَ الْمُنَادَاةِ طَلُقَتَا) أَيْ طَلُقَتْ الْمُنَادَاةُ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ وَالْمُجِيبَةُ لِأَنَّهُ وَاجَهَهَا بِالطَّلَاقِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا غَيْرُ الْمُنَادَاةِ (إنْ أَرَادَ طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ) وَهِيَ هِنْدُ (وَإِلَّا) يُرِدْ طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ (طَلُقَتْ عَمْرَةُ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ هِنْدٍ وَهِيَ الْمُنَادَاةُ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُوَاجَهَةٍ بِالطَّلَاقِ وَلَا مَنْوِيَّةٌ بِهِ.
(وَإِنْ قَالَ) زَوْجٌ (لِمَنْ) أَيْ امْرَأَةٍ (ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ فُلَانَةَ) وَسَمَّى زَوْجَتَهُ فُلَانَةَ (أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَمْ يُسَمِّهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ بَلْ قَالَ لِمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ فُلَانَةَ (طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ) اعْتِبَارًا بِالْقَصْدِ دُونَ الْخِطَابِ (وَكَذَا عَكْسُهَا) بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ أَنْتِ طَالِقٌ فَتَطْلُقُ، لِأَنَّهُ وَاجَهَهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ كَمَا لَوْ عَلِمَهَا زَوْجَتَهُ وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهَا أَجْنَبِيَّةً،
لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ. (وَمِثْلُهُ) أَيْ الطَّلَاقُ (الْعِتْقُ) فِيمَا تَقَدَّمَ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالطَّلَاقِ، إلَّا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ يُبْنَى عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ. قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ قَالَ: يَا غُلَامُ أَنْتَ حُرٌّ يَعْتِقُ عَبْدُهُ الَّذِي نَوَى ;.
وَفِي الْمُنْتَخَبِ أَوْ نَسِيَ أَنَّ لَهُ عَبْدًا أَوْ زَوْجَةً فَبَانَ لَهُ.
(وَمَنْ أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً وَشَكَّ هَلْ هِيَ) أَيْ الْكَلِمَةُ (طَلَاقٌ أَوْ ظِهَارٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا وَلَمْ يُتَيَقَّنْ أَحَدُهُمَا.
(وَإِنْ شَكَّ) زَوْجٌ (هَلْ ظَاهَرَ) مِنْ زَوْجَتِهِ (أَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ - تَعَالَى -) لَا يَطَؤُهَا (لَزِمَهُ بِحِنْثٍ) بِأَنْ وَطِئَهَا (أَدْنَى كَفَّارَتَيْهَا) وَهُوَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَالْأَحْوَطُ أَعْلَاهَا.