الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا
(أَوْ) أَيْ: وَلَا يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُ (عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ نَفْسِهِ) لِأَنَّهُ إتْلَافُ مَوْجُودٍ لِتَحْصِيلِ مَوْهُومٍ
وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ مَعْصُومٍ وَأَكْلُهُ وَإِتْلَافُ عُضْوٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِثْلُ الْمُضْطَرِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إبْقَاءُ نَفْسِهِ بِإِتْلَافِ مِثْلِهِ.
[فَصْلٌ مَرَّ بِثَمَرَةِ بُسْتَانٍ لَا حَائِطَ عَلَيْهِ وَلَا نَاظِرَ لَهُ]
فَصْلٌ وَمَنْ مَرَّ بِثَمَرَةِ بُسْتَانٍ لَا حَائِطَ عَلَيْهِ وَلَا نَاظِرَ لَهُ أَيْ: حَارِسَ (فَلَهُ أَكْلٌ) مِنْهَا سَاقِطَةً كَانَتْ أَوْ بِشَجَرِهَا (وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ) إلَى أَكْلِهَا (مَجَّانًا) بِلَا عِوَضٍ عَمَّا يَأْكُلُهُ لِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي زَيْنَبَ التَّمِيمِيُّ قَالَ: " سَافَرْت مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ وَأَبِي بَرْزَةَ فَكَانُوا يَمُرُّونَ بِالثِّمَارِ فَيَأْكُلُونَ فِي أَفْوَاهِهِمْ " وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ عُمَرُ يَأْكُلُ وَلَا يَتَّخِذُ خُبْنَةً وَهُوَ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ التَّحْتِيَّةِ وَبَعْدَهَا نُونٌ مَا يَحْمِلُهُ فِي حِضْنِهِ وَكَوْنُ سَعْدٍ أَبَى الْأَكْلَ لَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَتْرُكُ الْمُبَاحَ غِنًى عَنْهُ أَوْ تَوَرُّعًا فَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ مَحُوطًا لَمْ يَجُزْ الدُّخُولُ إلَيْهِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إنْ كَانَ عَلَيْهَا حَائِطٌ فَهُوَ حِرْزٌ فَلَا تَأْكُلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا حَائِطٌ فَلَا بَأْسَ وَكَذَا إنْ كَانَ ثَمَّ حَارِسٌ لِدَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى شُحِّ صَاحِبِهِ بِهِ وَعَدَمِ الْمُسَامَحَةِ
وَ (لَا) يَجُوزُ (صُعُودُ شَجَرِهِ) أَيْ الثَّمَرِ (وَلَا ضَرْبُهُ أَوْ رَمْيُهُ بِشَيْءٍ) نَصًّا وَلَوْ كَانَ الْبُسْتَانُ غَيْرَ مَحُوطٍ وَلَا حَارِسَ لِحَدِيثِ الْأَثْرَمِ «وَكُلْ مَا وَقَعَ أَشْبَعَكَ اللَّهُ وَأَرْوَاكَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِأَنَّ الضَّرْبَ وَالرَّمْيَ يُفْسِدُ الثَّمَرَ (وَلَا يَحْمِلُ) مِنْ الثَّمَرِ مُطْلَقًا كَغَيْرِهِ لِقَوْلِ عُمَرَ وَلَا تَتَّخِذْ خُبْنَةً
(وَلَا يَأْكُلُ) أَحَدٌ (مِنْ) ثَمَرٍ (مُجْنًى مَجْمُوعٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ) بِأَنْ كَانَ مُضْطَرًّا كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ (وَكَذَا) أَيْ: كَثَمَرَةِ الشَّجَرِ (زَرْعٌ قَائِمٌ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَكْلِ الْفَرِيكِ.
(وَ) كَذَا (شُرْبُ لَبَنِ مَاشِيَةٍ) لِحَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ عَلَى مَاشِيَةٍ فَإِنْ كَانَ فِيهَا صَاحِبُهَا فَلْيَسْتَأْذِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا فَلْيَسْتَحْلِبْ وَيَشْرَبْ وَلَا يَحْمِلْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ (وَأَلْحَقَ جَمَاعَةٌ) وَهُوَ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَابَعَهُ (بِذَلِكَ) الزَّرْعِ الْقَائِمِ (بَاقِلَّا وَحِمْصًا أَخْضَرَيْنِ) وَشَبَهَهُمَا مِمَّا يُؤْكَلُ رَطْبًا.
قَالَ (الْمُنَقِّحُ وَهُوَ قَوِيٌّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ. وَهُوَ حَسَنٌ
بِخِلَافِ شَعِيرٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِأَكْلِهِ.
(وَيَلْزَمُ مُسْلِمًا) لَا ذِمِّيًّا لِمَفْهُومِ حَدِيثِ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ» (ضِيَافَةُ مُسْلِمٍ) لَا ذِمِّيٍّ (مُسَافِرٍ) لَا مُقِيمٍ (فِي قَرْيَةٍ) لَا مِصْرٍ (يَوْمًا وَلَيْلَةً قَدْرَ كِفَايَتِهِ مَعَ أُدْمٍ) لِحَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ مَرْفُوعًا «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ. قَالُوا: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُؤْثِمَهُ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَيْفَ يُؤْثِمُهُ؟ قَالَ: يُقِيمُ عِنْدَهُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَقْرِيهِ» وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: «قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يَقْرُونَا فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ إنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَلَوْ لَمْ تَجِبْ الضِّيَافَةُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْأَخْذِ وَاخْتَصَّ ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِ وَبِالْمُسَافِرِ لِقَوْلِ عُقْبَةَ إنَّك تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ وَبِأَهْلِ الْقُرَى لِقَوْلِهِ: بِقَوْمٍ. وَالْقَوْمُ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْجَمَاعَاتِ دُونَ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَلِأَنَّ أَهْلَ الْقُرَى مَظِنَّةُ الْحَاجَةِ إلَى الضِّيَافَةِ وَالْإِيوَاءِ لِبُعْدِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِخِلَافِ الْمِصْرِ فَفِيهِ السُّوقُ وَالْمَسَاجِدُ.
(وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ (إنْزَالُهُ) أَيْ: الضَّيْفِ (بِبَيْتِهِ مَعَ عَدَمِ مَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ) كَخَانٍ وَرِبَاطٍ يَنْزِلُ فِيهِ لِحَاجَتِهِ إلَى الْإِيوَاءِ كَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ (فَإِنْ أَبَى) الْمُضِيفُ الضِّيَافَةَ (فَلِلضَّيْفِ طَلَبُهُ بِهِ) أَيْ: بِمَا وَجَبَ لَهُ (عِنْدَ الْحَاكِمِ) لِحَدِيثِ الْمِقْدَادِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد (فَإِنْ تَعَذَّرَ) عَلَى ضَيْفٍ مَنَعَهُ مُضِيفٌ حَقَّهُ طَلَبُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ (جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِ) بِقَدْرِ مَا وَجَبَ لَهُ لِحَدِيثِ عُقْبَةَ (وَتُسْتَحَبُّ) الضِّيَافَةُ (ثَلَاثًا) أَيْ: ثَلَاثَ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا وَالْمُرَادُ يَوْمَانِ مَعَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ (وَمَا زَادَ) عَلَيْهَا (فَ) هُوَ (صَدَقَةٌ) لِحَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ (وَلَيْسَ لِضِيفَانٍ قِسْمَةُ طَعَامٍ قُدِّمَ لَهُمْ) لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ لَا تَمْلِيكٌ وَلِلضَّيْفِ الشُّرْبُ مِنْ إنَاءِ رَبِّ الْبَيْتِ وَالِاتِّكَاءُ عَلَى وِسَادَةٍ وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ بِمِرْحَاضِهِ بِلَا إذْنِهِ لَفْظًا كَطَرْقِ بَابِهِ وَحَلَقَتِهِ
(وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ الطَّيِّبَاتِ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ فَ) هُوَ (مُبْتَدِعٌ) مَذْمُومٌ قَالَ تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} [البقرة: 172] فَإِنْ كَانَ لِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ كَطَيِّبٍ فِيهِ شُبْهَةٌ أَوْ عَلَيْهِ فِيهِ كُلْفَةٌ فَلَا بِدَعَ (وَمَا نُقِلَ) أَيْ: نَقَلَهُ وُعَّاظُ الْعِرَاقِ (عَنْ) إمَامِنَا (أَحْمَدَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ) أَكْلِ