الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا أَتَى بِبَيِّنَةٍ فَشَهِدَتْ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ كَوْنِهِ وَارِثًا حُكِمَ لَهُ بِهِ انْتَهَى، وَفِيهِ شَيْءٌ، (ثُمَّ إنْ شَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَارِثُهُ شَارَكَ الْأَوَّلَ) فِي إرْثِ الْمَيِّتِ.
قَالَ الْمُوَفَّقُ فِي فَتَاوِيهِ: إنَّمَا احْتَاجَ إلَى بَيَانٍ لَا وَارِثَ سِوَاهُ ; لِأَنَّهُ يُعْلَمُ ظَاهِرًا، فَإِنَّهُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ يَعْلَمُهُ جَارُهُ، وَمَنْ يَعْلَمُ بَاطِنَ أَمْرِهِ بِخِلَافِ دَيْنِهِ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ سِوَاهُ لِخَفَاءِ الدَّيْنِ ; وَلِأَنَّ جِهَاتِ الْإِرْثِ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا عَنْ يَقِينٍ، (وَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ عَلَى نَفْيٍ مَحْصُورٍ بِدَلِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَ) مَسْأَلَةِ (الْإِعْسَارِ وَغَيْرِهِمَا) ، وَالْبَيِّنَةُ فِيهِ تُثْبِتُ مَا يَظْهَرُ وَيُشَاهَدُ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِمَا لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ، وَنَظِيرُهُ - أَيْ نَظِيرُ نَفْيِ الْمَحْصُورِ - قَوْلُ الصَّحَابِيِّ «دَعَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى الصَّلَاةِ: فَقَامَ فَطَرَحَ السِّكِّينَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.» قَالَ الْقَاضِي فِي نَحْوِ هَذَا: وَلِأَنَّ الْعِلْمَ بِالتَّرْكِ وَالْعِلْمَ بِالْفِعْلِ سَوَاءٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَلِهَذَا تَقُولُ إنَّ مَنْ قَالَ: صَحِبَتْ فُلَانًا فِي يَوْمِ كَذَا، فَلَمْ يَقْذِفْ فُلَانًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ كَمَا تُقْبَلُ فِي الْإِثْبَاتِ، (وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ ابْنُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، وَ) شَهِدَ (آخَرَانِ أَنَّ هَذَا) الْآخَرَ (ابْنُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قُسِمَ الْإِرْثُ بَيْنَهُمَا) ، وَلَا تَعَارُضَ لِجَوَازِ أَنْ يَعْلَمَ كُلٌّ بَيِّنَةَ مَا لَمْ تَعَلُّمُهُ الْأُخْرَى.
[فَصْلٌ شَهِدَ الْعَدْلَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ مِنْ نِسَائِهِ وَاحِدَةً وَنَسِيَا عَيْنَهَا]
فَصْلٌ وَإِنْ شَهِدَا أَيْ الْعَدْلَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ مِنْ نِسَائِهِ وَاحِدَةً وَنَسِيَا عَيْنَهَا (أَوْ) أَنَّهُ (أَعْتَقَ) مِنْ أَرِقَّائِهِ رَقَبَةً وَنَسِيَا عَيْنَهَا (أَوْ) أَنَّهُ (أَبْطَلَ مِنْ وَصَايَاهُ وَاحِدَةً وَنَسِيَا عَيْنَهَا لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُمَا ; لِأَنَّهَا بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهَا كَقَوْلِهِمَا: إحْدَى هَاتَيْنِ الْأَمَتَيْنِ عَتِيقَةٌ
(وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْعَدْلَيْنِ عَلَى زَيْدٍ (بِغَصْبِ ثَوْبٍ أَحْمَرَ وَ) شَهِدَ (الْآخَرُ بِغَصْبِ) ثَوْبٍ (أَبْيَضَ أَوْ) شَهِدَ (أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ) الثَّوْبَ (الْيَوْمَ وَ) شَهِدَ (الْآخَرُ أَنَّهُ) غَصَبَهُ (أَمْسِ لَمْ تَكْمُلْ) الْبَيِّنَةُ ; لِأَنَّ اخْتِلَافَ الشَّاهِدَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ يَدُلُّ عَلَى تَغَايُرِ الْفِعْلَيْنِ ; لِأَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ أَحَدُهُمَا غَيْرُ مَا شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ، (وَلِهَذَا كُلُّ شَهَادَةٍ عَلَى فِعْلٍ مُتَّحِدٍ فِي نَفْسِهِ كَقَتْلِ زَيْدٍ)، إذْ لَا يَكُونُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً (أَوْ) عَلَى فِعْلٍ مُتَّحِدٍ (بِاتِّفَاقِهِمَا) أَيْ: الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَالْغَصْبِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ، وَ (كَسَرِقَةٍ) وَنَحْوِهَا (إذَا اخْتَلَفَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (فِي وَقْتِهِ) أَيْ الْفِعْلِ (أَوْ مَكَانِهِ أَوْ صِفَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِهِ) أَيْ الْمَشْهُودِ
بِهِ (كَلَوْنِهِ وَآلَةِ قَتْلٍ) وَنَحْوِهِ (مِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَغَايُرِ الْفِعْلَيْنِ) فَلَا تَكْمُلُ الْبَيِّنَةُ لِلتَّنَافِي، وَكُلٌّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ يُكَذِّبُ الْآخَرَ فَيَتَعَارَضَانِ وَيَسْقُطَانِ، (وَإِنْ أَمْكَنَ تَعَدُّدُهُ) أَيْ الْفِعْلِ، (وَلَمْ يُشْهَدْ بِأَنَّهُ) أَيْ الْفِعْلَ (مُتَّحِدٌ) ، وَلَمْ يَقُلْ الْمَشْهُودُ لَهُ إنَّ الْفِعْلَ وَاحِدٌ (فَبِكُلِّ شَيْءٍ شَاهِدٌ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ) ، فَإِنْ ادَّعَى الْفِعْلَيْنِ وَأَقَامَ أَيْضًا بِكُلٍّ مِنْهُمَا شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَ كُلٍّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ يَمِينًا ثَبَتَا، (وَلَا تَنَافِيَ) بَيْنَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ بِذَلِكَ ; لِتَغَايُرِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ كَانَ بَدَلُهُ) أَيْ كُلُّ شَاهِدٍ مِنْهُمَا (بَيِّنَةً ثَبَتَا) أَيْ الْفِعْلَانِ (هُنَا) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الْفِعْلُ غَيْرَ مُتَّحِدٍ لَا فِي نَفْسِهِ وَلَا بِاتِّفَاقِهِمَا، لِتَمَامِ نِصَابِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَدَمِ التَّنَافِي (إنْ ادَّعَاهُمَا) أَيْ ادَّعَى الْمَشْهُودُ لَهُ الْفِعْلَيْنِ، (وَإِلَّا) بِأَنْ ادَّعَى أَحَدَهُمَا فَقَطْ ثَبَتَ (مَا ادَّعَاهُ) دُونَ الْآخَرِ، (وَتَسَاقَطَتَا فِي الْأُولَى) أَيْ: مَسْأَلَةِ اتِّحَادِ الْفِعْلِ فِي نَفْسِهِ أَوْ بِاتِّفَاقِهِمَا، (وَكَفِعْلٍ مِنْ قَوْلِ نِكَاحٍ وَقَذْفٍ فَقَطْ) أَيْ: دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَقْوَالِ، فَإِذَا شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا أَوْ قَذَفَهُ أَمْسِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ الْيَوْمَ لَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ ; لِأَنَّ النِّكَاحَ وَالْقَذْفَ الْوَاقِعَيْنِ أَمْسِ غَيْرُ الْوَاقِعَيْنِ الْيَوْمَ، فَلَمْ يَبْقَ بِكُلِّ نِكَاحٍ أَوْ قَذْفٍ إلَّا شَاهِدٌ، فَلَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ ; وَلِأَنَّ شَرْطَ النِّكَاحِ حُضُورُ الشَّاهِدَيْنِ، فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الشَّرْطِ لَمْ يَتَحَقَّقْ حُصُولُهُ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قُذِفَ غُدْوَةً أَوْ خَارِجَ الْبَلَدِ أَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِخِلَافِهِ فَلَا حَدَّ ; لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، (وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارٍ بِفِعْلٍ) كَغَصْبٍ وَقَتْلٍ وَسَرِقَةٍ (أَوْ غَيْرِهِ) كَإِقْرَارٍ بِبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ، (وَلَوْ) كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ (نِكَاحًا أَوْ قَذْفًا) كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ بِدِمَشْقَ أَنَّهُ غَصَبَهُ أَوْ قَذَفَهُ أَوْ بَاعَهُ كَذَا، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ بِمِصْرَ وَنَحْوِهِ جُمِعَتْ وَعُمِلَ بِمُقْتَضَاهَا ; لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ وَاحِدٌ. وَفَارَقَ الشَّهَادَةَ عَلَى الْفِعْلِ، فَإِنَّهَا عَلَى فِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ
وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ قَتَلَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ قَتَلَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا هَهُنَا، (أَوْ شَهِدَ) شَاهِدٌ (وَاحِدٌ بِالْفِعْلِ، وَ) شَهِدَ شَاهِدٌ (آخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ) بِذَلِكَ الْفِعْلِ، (جُمِعَتْ) وَحُكِمَ بِهَا لِعَدَمِ التَّنَافِي، وَ (لَا) تَكْمُلُ الْبَيِّنَةُ
(إنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِعَقْدِ نِكَاحٍ أَوْ قَتْلٍ خَطَأٍ، وَ) شَهِدَ (آخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ) بِذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ ; وَلِاخْتِلَافِ مَحَلِّ الْوُجُوبِ فِي الْقَتْلِ، (وَلِمُدَّعِي الْقَتْلِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ (وَيَأْخُذَ الدِّيَةَ) لِثُبُوتِ الْقَتْلِ، (وَمَتَى حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ
الْفِعْلِ) أَيْ الْقَتْلِ (فَ) الدِّيَةُ (عَلَى الْعَاقِلَةِ) لِثُبُوتِ الْقَتْلِ بِيَمِينِهِ،.
(وَ) مَتَى حَلَفَ (مَعَ شَاهِدِ الْإِقْرَارِ) بِالْقَتْلِ (فَ) الدِّيَةُ (فِي مَالِ الْقَاتِلِ) ; لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ اعْتِرَافًا، وَالْقَتْلُ ثَبَتَ بِاعْتِرَافِهِ، (وَلَوْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ أَوْ) شَهِدَا بِ (الْإِقْرَارِ بِهِ) أَيْ الْقَتْلِ، (وَزَادَ أَحَدُهُمَا) فِي شَهَادَتِهِ كَوْنَ الْقَتْلِ (عَمْدًا) ، وَلَمْ يَذْكُرْ رَفِيقُهُ كَوْنَهُ عَمْدًا وَلَا خَطَأً (ثَبَتَ الْقَتْلُ) لِاتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهِ (وَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) الْقَتْلَ (فِي صِفَتِهِ) أَيْ كَوْنِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً بِيَمِينِهِ ; لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَيْهَا، (وَمَتَى جَمَعْنَا) شَهَادَةَ شَاهِدَيْنِ (مَعَ اخْتِلَافِ) الشَّاهِدَيْنِ فِي (وَقْتٍ) ، وَكَانَتْ الشَّهَادَةُ (فِي قَتْلٍ أَوْ طَلَاقٍ) أَوْ خُلْعٍ (فَالْإِرْثُ وَالْعِدَّةُ يَلِيَانِ آخِرَ الْمُدَّتَيْنِ) ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ وَالزَّوْجِيَّةِ إلَى آخِرِ الْمُدَّةِ
(وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَقَرَّ لَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (بِأَلْفٍ أَمْسِ، وَ) شَهِدَ (الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهِ) أَيْ الْأَلْفِ (الْيَوْمَ) كَمُلَتْ، (أَوْ) شَهِدَ (أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَهُ دَارِهِ أَمْسِ وَ) شَهِدَ (الْآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا الْيَوْمَ كَمُلَتْ) الْبَيِّنَةُ وَثَبَتَ الْإِقْرَارُ أَوْ الْبَيْعُ ; لِاتِّحَادِ الْأَلْفِ وَالْبَيْعِ الْمَشْهُودِ بِهِمَا، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَ أَوْ أَجَّرَ أَوْ سَاقَى أَمْسِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ الْيَوْمَ، إذْ الْمَشْهُودُ بِهِ وَاحِدٌ يَجُوزُ أَنْ يُعَادَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَوْ بَاعَ أَوْ طَلَّقَ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَوْ بَاعَ أَوْ طَلَّقَ بِالْفَارِسِيَّةِ.
(وَكَذَا كُلُّ شَهَادَةٍ عَلَى قَوْلٍ غَيْرِ نِكَاحٍ وَقَذْفٍ) لِمَا تَقَدَّمَ
(وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ وَ) شَهِدَ (الْآخِرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفَيْنِ) كَمُلَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَلْفٍ، (أَوْ) شَهِدَ (أَحَدُهُمَا أَنَّ) لَهُ (عَلَيْهِ أَلْفًا، وَ) شَهِدَ (الْآخَرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَيْنِ كَمُلَتْ) الْبَيِّنَةُ (بِأَلْفٍ) وَاحِدٍ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ، (وَلَهُ) أَيْ الْمَشْهُودِ لَهُ (أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْأَلْفِ الْآخَرِ مَعَ شَاهِدِهِ) ، وَيَسْتَحِقَّهُ حَيْثُ لَمْ يَخْتَلِفْ السَّبَبُ وَلَا الصِّفَةُ كَمَا يَأْتِي، (وَلَوْ شَهِدَا) لِشَخْصٍ (بِمِائَةٍ وَ) شَهِدَ (آخَرَانِ لَهُ بِعَدَدٍ أَقَلَّ) مِنْ الْمِائَةِ، (دَخَلَ) الْأَقَلُّ مِنْ الْمِائَةِ فِيهَا (إلَّا مَعَ مَا يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ) ، كَمَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِمِائَةٍ قَرْضًا وَآخَرَانِ بِخَمْسِينَ ثَمَنَ مَبِيعٍ (فَيَلْزَمَانِهِ) ; لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا، (وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَلْفٍ) وَأَطْلَقَ (وَشَهِدَ) آخَرُ بِأَلْفٍ مِنْ قَرْضٍ (كَمُلَتْ) شَهَادَتُهُمَا حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَ (لَا) تَكْمُلُ (إنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَلْفٍ مِنْ قَرْضٍ، وَ) شَهِدَ (آخَرُ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ) لِمَا تَقَدَّمَ وَلِلْمَشْهُودِ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَسْتَحِقَّهُمَا أَوْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا وَيَسْتَحِقَّ مَا شَهِدَ بِهِ
(وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ
عَلَيْهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَلْفًا) لِلْمُدَّعِي (وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَاهُ بَعْضَهُ بَطُلَتْ شَهَادَتُهُ) نَصًّا ; لِأَنَّ قَوْلَهُ قَضَاهُ بَعْضَهُ يُنَاقِضُ شَهَادَتَهُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ فَأَفْسَدَهَا، (وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا قَضَاهُ نِصْفَهُ صَحَّتْ شَهَادَتُهُمَا) ; لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ الشَّهَادَةِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَإِقْرَارٌ بِغَلَطِ نَفْسِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: بِأَلْفٍ بَلْ بِخَمْسِمِائَةٍ قَالَ أَحْمَدُ: وَلَوْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا الْمَجْلِسِ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّهُ قَضَاهُ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ أَمْضَى الشَّهَادَةَ قَالَ فِي الشَّرْحِ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا جَاءَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَشَهِدَ بِالْقَضَاءِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ; لِأَنَّ الْأَلْفَ قَدْ وَجَبَ بِشَهَادَتِهِمَا وَحُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِالْقَضَاءِ ; لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، فَأَمَّا إنْ شَهِدَ أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا قَضَاهُ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِي بَاقِي الْأَلْفِ وَجْهًا وَاحِدًا ; لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ فِي كَلَامِهِ وَلَا اخْتِلَافَ، (وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ) تَحَمَّلَ شَهَادَةَ بِحَقٍّ وَ (أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِاقْتِضَاءِ الْحَقِّ أَوْ انْتِقَالِهِ) بِنَحْوِ حَوَالَةٍ (أَنْ يَشْهَدَ بِهِ) أَيْ بِالْحَقِّ الَّذِي تَحَمَّلَهُ نَصًّا، وَلَوْ قَضَاهُ نِصْفَهُ ثُمَّ جَحَدَهُ بَقِيَّتَهُ فَقَالَ أَحْمَدُ: يَدَّعِيهِ كُلَّهُ وَتَقُومُ الْبَيِّنَةُ فَتَشْهَدُ عَلَى حَقِّهِ كُلِّهِ ثُمَّ يَقُولُ لِلْحَاكِمِ: قَضَانِي نِصْفَهُ
(وَلَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ) نَحْوِ (صَغِيرٍ أَلْفًا) مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَنَحْوِهَا، (وَ) شَهِدَ (آخَرَانِ عَلَى) شَخْصٍ (آخَرَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ الصَّغِيرِ أَلْفًا) مِنْ جِنْسِ الْأُولَى (لَزِمَ وَلِيَّهُ) أَيْ الصَّغِيرَ (مُطَالَبَتُهُمَا) أَيْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا (بِأَلْفَيْنِ) ; لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْأَلْفَ الَّذِي أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا غَيْرُ الَّذِي أَخَذَهُ الْآخَرُ، (إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَتَانِ عَلَى أَلْفٍ بِعَيْنِهَا) أَيْ بِأَنَّ الْأَلْفَ الَّذِي أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا هُوَ الَّذِي أَخَذَهُ الْآخَرُ (فَيَطْلُبُهَا) الْوَلِيُّ (مِنْ أَيِّهِمَا) أَيْ الْآخِذَيْنِ (شَاءَ) ; لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا
(وَمَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ فَقَالَ) لَهُمَا (أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَا لِي بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَجُزْ) لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِالْخَمْسِمِائَةِ لَهُ، (وَلَوْ كَانَ الْحَاكِمُ لَمْ يُولِ الْحُكْمَ فَوْقَهَا) أَيْ الْخَمْسِمِائَةِ نَصًّا ; لِأَنَّ عَلَى الشَّاهِدِ نَقْلَ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا شَهِدَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا} [المائدة: 108] ; وَلِأَنَّهُ لَوْ سَاغَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِبَعْضِ مَا شَهِدَ لَسَاغَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِبَعْضِ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ
(وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ فِي مَحْفِلٍ) أَيْ مُجْتَمَعٍ (عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ عَلَى خَطِيبٍ أَنَّهُ قَالَ) عَلَى الْمِنْبَرِ (أَوْ فَعَلَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْخُطْبَةِ شَيْئًا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ غَيْرُهُمَا مَعَ الْمُشَارَكَةِ فِي سَمْعٍ وَبَصَرٍ قُبِلَا) ، لِكَمَالِ النِّصَابِ (وَلَا يُعَارِضُهُ)