الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدِّيَةِ) كَمَا لَوْ كَانَ الْكُلُّ حَاضِرِينَ مُكَلَّفِينَ (وَلِمَنْ قَدِمَ) مِنْ الْغَائِبِينَ (أَوْ كُلِّفَ) أَيْ بَلَغَ أَوْ عَقَلَ مِنْ الْوَرَثَةِ (أَنْ يَحْلِفَ بِقِسْطِ نَصِيبِهِ) مِنْ الْأَيْمَانِ (وَيَأْخُذُهُ) أَيْ: نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ لِبِنَائِهِ عَلَى أَيْمَانِ صَاحِبِهِ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا مُكَلَّفًا ابْتِدَاءً. الشَّرْطُ (الْعَاشِرُ: كَوْنُ الدَّعْوَى عَلَى وَاحِدٍ) لَا اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (مُعَيَّنٍ) لِقَوْلِهِ لِلْأَنْصَارِ: «يَقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ إلَيْكُمْ بِرُمَّتِهِ» وَلِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ ضَعِيفَةٌ خُولِفَ بِهَا الْأَصْلُ فِي قَتْلِ الْوَاحِدِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (فَلَوْ قَالُوا) أَيْ وَرَثَةُ الْقَتِيلِ (قَتَلَهُ هَذَا مَعَ آخَرَ) فَلَا قَسَامَةَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَوْ) قَالُوا قَتَلَهُ (أَحَدُهُمَا فَلَا قَسَامَةَ) لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى مُعَيَّنٍ (وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا) أَيْ الْقَسَامَةِ (بِقَتْلٍ عَمْدٍ) لِأَنَّهَا حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ بِهَا الْخَطَأُ كَالْعَمْدِ. (وَيُقَادُ فِيهَا) أَيْ: الْقَسَامَةِ (إذَا تَمَّتْ الشُّرُوطُ) الْعَشَرَةُ، وَشُرُوطُ الْقَوَدِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«يَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ إلَيْكُمْ بِرُمَّتِهِ» .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ " وَيُسَلَّمُ إلَيْكُمْ " وَالرُّمَّةُ الْحَبْلُ الَّذِي يُرْبَطُ بِهِ مَنْ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَلِثُبُوتِ الْعَمْدِ بِالْقَسَامَةِ كَالْبَيِّنَةِ فَيَثْبُتُ أَثَرُهُ وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَادَ بِالْقَسَامَةِ فِي الطَّائِفِ» .
[فَصْلٌ يَبْدَأُ فِي الْقَسَامَةِ بِأَيْمَانِ ذُكُورِ عَصَبَةِ الْقَتِيلِ الْوَارِثِينَ]
وَيَبْدَأُ فِيهَا أَيْ الْقَسَامَةِ (بِأَيْمَانِ ذُكُورِ عَصَبَتِهِ) أَيْ الْقَتِيلِ (الْوَارِثِينَ) بَدَأَ مِنْ الْعَصَبَةِ، أَيْ: بِذُكُورِ الْوَارِثِينَ لَهُ فَيُقَدَّمُونَ بِهَا عَلَى أَيْمَانِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يُمَكَّنُ مُدَّعًى عَلَيْهِ مِنْ حَلِفٍ مَعَ وُجُودِ ذَكَرٍ مِنْ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ وَمَعَ وُجُودِ شَرْطِ الْقَسَامَةِ ; لِقِيَامِ أَيْمَانِهِمْ مَقَامَ بَيِّنَتِهِمْ هُنَا خَاصَّةً لِلْخَبَرِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعَصَبَةَ غَيْرَ الْوَارِثِ لَا يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الدَّمِ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى، وَلَا تَخْتَصُّ الْقَسَامَةُ بِالْعَصَبَةِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ بَلْ بِذُكُورِ الْوَرَثَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ) يَمِينًا (بِقَدْرِ إرْثِهِمْ) مِنْ الْقَتِيلِ لِأَنَّهُ حَقٌّ يَثْبُتُ تَبَعًا لِلْمِيرَاثِ أَشْبَهَ الْمَالَ (وَيُكْمِلُ الْكَسْرَ كَابْنٍ وَزَوْجِ) قَتِيلَةٍ (فَيَحْلِفُ الِابْنُ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ وَ) يَحْلِفُ (الزَّوْجُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ) يَمِينًا لِأَنَّ لِلزَّوْجِ الرُّبُعَ وَهُوَ مِنْ الْخَمْسِينَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ فَيَكْمُلُ فَتَصِيرُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَلِلِابْنِ الْبَاقِي وَهُوَ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ
وَنِصْفٌ فَيَكْمُلُ فَتَصِيرُ كَمَا ذَكَرَ (فَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا) أَيْ: الزَّوْجِ وَالِابْنِ (بِنْتٌ حَلَفَ زَوْجٌ سَبْعَةَ عَشَرَ) يَمِينًا (وَ) حَلَفَ (ابْنٌ أَرْبَعَةً وَثَلَاثِينَ يَمِينًا) لِأَنَّ حِصَّةَ الْبِنْتِ وَهِيَ الرُّبُعُ تُرَدُّ عَلَى الزَّوْجِ وَالِابْنِ بِقَدْرِ حِصَّتَيْهِمَا فَتُقْسَمُ الْخَمْسُونَ بَيْنَ الِابْنِ وَالزَّوْجِ عَلَى ثَلَاثَةٍ كَمَسَائِلِ الرَّدِّ وَيُكْمَلُ الْكَسْرُ (وَإِنْ كَانُوا) أَيْ: الْوَرَثَةُ (ثَلَاثَةَ بَنِينَ) فَقَطْ أَوْ مَعَ بَنَاتِ وَزَوْجَةٍ (حَلَفَ كُلُّ) ابْنٍ مِنْهُمْ (سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا) لِيَكْمُلَ الْكَسْرُ (وَإِنْ انْفَرَدَ) ذَكَرٌ (وَاحِدٌ) بِالْإِرْثِ أَوْ كَانَ مَعَهُ نِسَاءٌ (حَلَفَهَا) أَيْ: الْخَمْسِينَ يَمِينًا لِاعْتِبَارِ عَدَدِهَا كَنِصَابِ الشَّهَادَةِ (وَإِنْ جَاوَزُوا) أَيْ: ذُكُورُ الْوَرَثَةِ (خَمْسِينَ) رَجُلًا (حَلَفَ) مِنْهُمْ (خَمْسُونَ) رَجُلًا (كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «يَقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ إلَيْكُمْ بِرُمَّتِهِ» (وَسَيِّدٌ) فِي ذَلِكَ وَلَوْ مُكَاتِبًا لَا مَأْذُونًا فِي تِجَارَةٍ (كَوَارِثٍ) فَإِنْ كَانَ رَجُلًا وَاحِدًا أَوْ مَعَهُ نِسَاءٌ حَلَفَهَا وَإِنْ كَانُوا اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مِلْكِهِ فِيهِ، وَيُكْمَلُ كَسْرٌ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً أَوْ نِسَاءً فَكَمَا لَوْ كَانَ وَرَثَةُ الْحُرِّ كُلُّهُمْ نِسَاءً وَيَأْتِي
(وَيُعْتَبَرُ) لِأَيْمَانِ قَسَامَةٍ (حُضُورُ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَقْتَ حَلِفٍ كَبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ) أَيْ: الْقَتْلِ فَلَا تُسْمَعُ إلَّا بِحَضْرَةِ كُلٍّ مِنْ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَيَجُوزُ لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى الْقَاتِل إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَإِنْ كَانُوا غَائِبِينَ عَنْ مَكَانِ الْقَتْلِ. قَالَهُ الْقَاضِي. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفُوا إلَّا بَعْدَ الِاسْتِيثَاقِ وَغَلَبَةِ الظَّنِّ وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعِظَهُمْ وَيُعَرِّفَهُمْ مَا فِي الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ وَ (لَا) يُعْتَبَرُ فِيهَا (مُوَالَاةُ الْإِيمَانِ. وَلَا كَوْنُهَا فِي مَجْلِسٍ) وَاحِدٍ فَلَوْ جِيءَ بِهَا فِي مَجَالِسَ أَجْزَأَتْ كَمَا لَوْ أَتَى مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ بِشَاهِدٍ (وَمَتَى حَلَفَ الذُّكُورُ) مِنْ الْوَرَثَةِ (فَالْحَقُّ) الْوَاجِبُ بِالْقَتْلِ (حَتَّى فِي) قَتْلٍ (عَمْدٍ لِلْجَمِيعِ) أَيْ: جَمِيعِ الْوَرَثَةِ ذُكُورًا وَنِسَاءً ; لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِلْمَيِّتِ فَصَارَ لِوَرَثَتِهِ كَالدَّيْنِ
(وَإِنْ نَكَلُوا) أَيْ: ذُكُورُ الْوَرَثَةِ عَنْ أَيْمَانِ (الْقَسَامَةِ أَوْ كَانُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ (كُلُّهُمْ خَنَاثَى أَوْ نِسَاءً حَلَفَ مُدَّعًى عَلَيْهِ خَمْسِينَ) يَمِينًا (وَبَرِئَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ أَيْ يَبْرَءُونَ مِنْكُمْ» .
وَفِي لَفْظٍ " فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَبْرَءُونَ مِنْ دَمِهِ "(إنْ رَضُوا) أَيْ: الْوَرَثَةُ بِأَيْمَانِ مُدَّعًى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُحَلِّفْ الْيَهُودَ حِينَ قَالَ الْأَنْصَارُ كَيْفَ تَأْخُذُ بِأَيْمَانِ قَوْمٍ كُفَّارٍ
(وَمَتَى نَكَلَ) مُدَّعًى عَلَيْهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ
الْخَمْسِينَ يَمِينًا (لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ وَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي إنْ رَدَّهَا) أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ) لِنُكُولِهِ عَنْهَا أَوَّلًا
(وَإِنْ نَكَلُوا) أَيْ: الْوَرَثَةُ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (وَلَمْ يَرْضَوْا بِيَمِينِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَدَى الْإِمَامُ الْقَتِيلَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَخَلَّى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام وَدَى الْأَنْصَارِيَّ مِنْ عِنْدَهُ لَمَّا لَمْ تَرْضَ الْأَنْصَارُ بِيَمِينِ الْيَهُودِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ سَبِيلٌ إلَى الثُّبُوتِ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُوجِبُ السُّقُوطَ فَوَجَبَ الْغُرْمُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِئَلَّا يَضِيعَ الْمَعْصُومُ هَدَرًا (كَمَيِّتٍ فِي زَحْمَةٍ كَجُمُعَةٍ وَطَوَافٍ) فَيُفْدَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ نَصًّا وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَمِنْهُ مَا رَوَى سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: قُتِلَ رَجُلٌ فِي زِحَامِ النَّاسِ بِعَرَفَةَ فَجَاءَ أَهْلُهُ إلَى عُمَرَ فَقَالَ: بَيِّنَتُكُمْ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُعَطَّلُ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، إنْ عَلِمَتْ قَاتِلَهُ، وَإِلَّا فَأَعْطِ دِيَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
(وَإِنْ كَانَ) الْمَيِّتُ (قَتِيلًا وَثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ: هُنَاكَ فِي مَحَلِّ الْقَتْلِ فِي الزَّحْمَةِ (مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ) أَيْ: الْقَتِيلِ (عَدَاوَةٌ أَخَذَ بِهِ) نَقَلَهُ مِنْهَا، وَالْمُرَادُ إذَا تَمَّتْ شُرُوطُ الْقَسَامَةِ، وَحَلَفَ ذُكُورُ وَرَثَتِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ الْقَاضِي إنْ كَانَ فِي الْقَوْمِ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ هُوَ قَتَلَهُ فَهُوَ لَوْثٌ.