الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَهَادَتِهِ (حَلَفَ) مَشْهُودٌ لَهُ (وَاسْتَحَقَّ) مَا شَهِدَا لَهُ بِهِ كَمَا لَوْ شَهِدَ بِهِ أَصْلُهُمَا (وَإِذَا أَنْكَرَ الْأَصْلُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ: إذَا أَنْكَرَ الْأَصْلُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا لِتَأَكُّدِ الشَّهَادَةِ، بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ.
(وَيَضْمَنُ شُهُودُ الْفَرْعِ) مَحْكُومًا بِهِ يَتْلَفُ بِشَهَادَتِهِمْ (بِرُجُوعِهِمْ بَعْدَ الْحُكْمِ) لِأَنَّهُ تَلِفَ بِشَهَادَتِهِمْ كَمَا لَوْ بَاشَرُوا التَّلَفَ بِأَيْدِيهِمْ (مَا لَمْ يَقُولُوا: بَانَ لَنَا كَذِبُ الْأُصُولِ أَوْ غَلَطُهُمْ) فَلَا يَضْمَنُونَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ عَنْ شَهَادَتِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْأُصُولِ (وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْأَصْلِ بَعْدَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (لَمْ يَضْمَنُوا) شَيْئًا لِحُصُولِ الْإِتْلَافِ بِشَهَادَةِ غَيْرِهِمْ فَلَمْ يَلْزَمْهُمْ ضَمَانٌ كَالْمُتَسَبِّبِ مَعَ الْمُبَاشِرِ، وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُلْجِئُوا الْحَاكِمَ إلَى الْحُكْمِ (إلَّا إنْ قَالُوا: كَذَبْنَا أَوْ) قَالُوا (غَلِطْنَا) فَيَلْزَمُهُمْ الضَّمَانُ لِاعْتِرَافِهِمْ بِتَعَمُّدِ الْإِتْلَافِ بِقَوْلِهِمْ: كَذَبْنَا، أَوْ بِخَطَئِهِمْ بِقَوْلِهِمْ: غَلِطْنَا (وَإِنْ قَالَا) أَيْ شَاهِدَا الْأَصْلِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (مَا أَشْهَدْنَاهُمَا) أَيْ الْفَرْعَيْنِ (بِشَيْءٍ) مِمَّا شَهِدَا بِهِ عَلَى شَهَادَتِنَا (لَمْ يَضْمَنْ الْفَرِيقَانِ) لَا شَاهِدُ الْأَصْلِ وَلَا شَاهِدُ الْفَرْعِ (شَيْئًا) مِمَّا حَكَمَ بِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ كَذِبُ شَاهِدَيْ الْفَرْعِ وَلَا رُجُوعُ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ ; إذْ الرُّجُوعُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مُشَاهَدَةٍ وَهُمَا أَنْكَرَا أَصْلَ الشَّهَادَةِ.
[فَصْلٌ الزِّيَادَةُ فِي الشَّهَادَة]
فَصْلٌ وَمَنْ زَادَ فِي شَهَادَتِهِ كَأَنْ شَهِدَ بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ: هِيَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ (أَوْ نَقَصَ) فِي شَهَادَتِهِ بِأَنْ شَهِدَ بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ: هِيَ تِسْعُونَ بِحَضْرَةِ حَاكِمٍ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ إلَيْهِ (لَا بَعْدَ حُكْمِ) حَاكِمٍ بِشَهَادَتِهِ قُبِلَ نَصًّا وَحُكِمَ بِمَا شَهِدَ بِهِ أَخِيرًا لِأَنَّهَا شَهَادَةُ عَدْلٍ غَيْرِ مُتَّهَمٍ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهَا مَا أَشْبَهَ لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا مَا يُخَالِفُهَا وَلَا تُعَارِضُهَا الشَّهَادَةُ الْأُولَى لِبُطْلَانِهَا بِرُجُوعِهِ عَنْهَا (أَوْ أَدَّى) الشَّهَادَةَ (بَعْدَ إنْكَارِهَا) بِأَنْ شَهِدَ عَلَى إنْسَانٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَهَادَةٌ، وَقَالَ: كُنْتُ نَسِيتهَا (قُبِلَ) نَصًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْ تَضِلَّ إحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] فَقَبِلَهَا بَعْدَ إثْبَاتِ الضَّلَالِ وَالنِّسْيَانِ فِي حَقِّهِمَا ; وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ مُعَرَّضٌ لِلْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ فَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ نَسِيَهُ لَضَاعَتْ الْحُقُوقُ بِتَقَادُمِ عَهْدِهَا (وَكَذَا قَوْلُهُ لَا أَعْرِفُ الشَّهَادَةَ ثُمَّ يَشْهَدُ) فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِمَّا قَبْلَهَا
(فَإِنْ رَجَعَ) شَاهِدٌ عَنْ شَهَادَتِهِ قَبْلَ حُكْمِهِ بِهَا (لَغَتْ) شَهَادَتُهُ لِأَنَّ رُجُوعَهُ عَنْهَا يُوجِبُ ظَنَّ بُطْلَانِهَا وَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهَا مَعَ
ظَنِّهِ (وَلَا حُكْمَ) يَجُوزُ بِشَهَادَةٍ بَعْدَ رُجُوعٍ عَنْهَا وَلَوْ أَدَّاهَا بَعْدُ (وَلَمْ يَضْمَنْ) رَاجِعٌ عَنْ شَهَادَتِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ (وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ) شَاهِدٌ (بِرُجُوعٍ) عَنْ شَهَادَتِهِ (بَلْ قَالَ لِلْحَاكِمِ تَوَقَّفْ) عَنْ الْحُكْمِ (فَتَوَقَّفَ) الْحَاكِمُ عَنْهُ (ثُمَّ أَعَادَهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ (قُبِلَتْ) لِاحْتِمَالِ زَوَالِ رِيبَةٍ عَرَضَتْ لَهُ وَفِي وُجُوبِ إعَادَتِهَا احْتِمَالَانِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ الْأَوْلَى عَدَمُ الْإِعَادَةِ
(وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ مَالٍ أَوْ) رَجَعَ شُهُودُ (عِتْقٍ بَعْدَ حُكْمٍ) بِشَهَادَتِهِمْ (قَبْلَ اسْتِيفَاءِ) مَالٍ (أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يُنْقَضْ) الْحُكْمُ لِتَمَامِهِ وَوُجُوبِ الْمَشْهُودِ بِهِ لِلْمَحْكُومِ لَهُ، وَرُجُوعُ الشُّهُودِ بَعْدُ الْحُكْمُ لَا يَنْقُضُهُ لِأَنَّهُمْ إنْ قَالُوا عَمِدْنَا فَقَدْ شَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْفِسْقِ فَهُمَا مُتَّهَمَانِ بِإِرَادَةِ نَقْضِ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ شَهِدَ فَاسِقَانِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِالْفِسْقِ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ التَّوَقُّفَ فِي شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ قَالُوا أَخْطَأْنَا لَمْ يَلْزَمْ نَقْضُهُ أَيْضًا لِجَوَازِ خَطَئِهِمَا فِي قَوْلِهِمَا الثَّانِي بِأَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ الْحَالُ (وَيَضْمَنُونَ) بَدَلَ مَا شَهِدُوا بِهِ مِنْ الْمَالِ قُبِضَ أَوْ لَمْ يُقْبَضْ قَائِمًا كَانَ أَوْ تَالِفًا وَقِيمَةُ مَا شَهِدُوا بِعِتْقِهِ لِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفُوهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ (مَا لَمْ يُصَدِّقْهُمْ) عَلَى بُطْلَانِ الشَّهَادَةِ (مَشْهُودٌ لَهُ) فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ وَيَرُدُّ الْمَشْهُودُ لَهُ مَا قَبَضَهُ مِنْ مَالِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَوْ بَدَلَهُ إنْ تَلَفَ لِاعْتِرَافِهِ بِأَخْذِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ مِنْ الْمَشْهُودِ بِهِ (أَوْ) مَا لَمْ (تَكُنْ الشَّهَادَةُ لِاثْنَيْنِ فَبَرَأَ مِنْهُ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا.
وَكَذَا لَوْ شَهِدَا عَلَى سَيِّدِ عَبْدٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَلَى مِائَةٍ وَهِيَ قِيمَتُهُ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَى رَبِّ الْعَبْدِ شَيْئًا (وَلَوْ قَبَضَهُ) أَيْ الدَّيْنَ الْمَشْهُودَ بِهِ (مَشْهُودٌ لَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ لِمَشْهُودٍ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِهِ (غَرِمَاهُ) كَمَا لَوْ تَنَصَّفَ الصَّدَاقُ بَعْدَ هِبَتِهَا إيَّاهُ لِلزَّوْجِ (وَلَا يَغْرَمُ مُزَكٍّ) شَيْئًا (بِرُجُوعِ مُزَكًّى) عَنْ شَهَادَتِهِ لِمَشْهُودٍ بَعْدَ الْحُكْمِ لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ لَا الْمُزَكِّينَ لِأَنَّهُمْ أَخْبَرُوا بِظَاهِرِ الْحَالِ، وَأَمَّا بَاطِنُهُ فَعِلْمُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى
(وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ حُكْمِ شُهُودِ طَلَاقٍ) بَعْدَ دُخُولٍ (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَرِّرُوا عَلَيْهِ شَيْئًا بِشَهَادَتِهِمْ لِتَقَرُّرِهِ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ وَلَمْ يُخْرِجُوا عَنْ مِلْكِهِ شَيْئًا مُتَقَوِّمًا كَمَنْ قَتَلَهَا وَكَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ (إلَّا) إنْ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ بِالطَّلَاقِ (قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ دُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا فَإِنَّهُمْ يَغْرَمُونَ (نِصْفَ الْمُسَمَّى أَوْ) يَغْرَمُونَ (بَدَلَهُ) أَيْ
بَدَلَ مَهْرِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا وَهُوَ الْمُتْعَةُ لِأَنَّ الشُّهُودَ أَلْزَمُوهُ لِلزَّوْجِ بِشَهَادَتِهِمْ بِطَلَاقِهَا كَمَا يَغْرَمُ ذَلِكَ مَنْ يُفْسَخُ نِكَاحُهَا بِنَحْوِ رِضَاعٍ قَبْلَ دُخُولٍ
(وَإِنْ) شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الْقِنَّ وَآخَرَانِ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَخُوهُ وَنَحْوَهُ ثُمَّ حُكِمَ بِعِتْقِهِ ثُمَّ (رَجَعَ شُهُودُ الْقَرَابَةِ وَشُهُودُ الشِّرَاءِ) عَنْ شَهَادَتِهِمْ (فَالْغُرْمُ) لَقِيمَةِ الْعَتِيقِ (عَلَى شُهُودِ الْقَرَابَةِ) لِأَنَّهُمْ فَوَّتُوهُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ شَهِدُوا بِعِتْقِهِ دُونَ شُهُودِ الشِّرَاءِ
(وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ قَوَدٍ أَوْ) شُهُودُ (حَدٍّ بَعْدَ حُكْمٍ) بِشَهَادَتِهِمْ (وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ) قَوَدٍ أَوْ حَدٍّ (لَمْ يُسْتَوْفَ) قَوَدٌ وَلَا حَدٌّ، لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ لَا سَبِيلَ إلَى جَبْرِهَا إذَا اُسْتُوْفِيَتْ بِخِلَافِ الْمَالِ وَلِأَنَّ رُجُوعَهُمْ شُبْهَةٌ، وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِهَا وَالْقَوَدُ فِي مَعْنَاهُ (وَوَجَبَتْ دِيَةُ قَوَدٍ) شَهِدُوا بِهِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ. فَإِذَا امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ وَيَرْجِعُ غَارِمٌ عَلَى شُهُودٍ (وَإِنْ اُسْتُوْفِيَ قَوَدٌ أَوْ حَدٌّ حُكِمَ بِهِ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ قَالُوا أَخْطَأْنَا غَرِمُوا دِيَةَ مَا تَلِفَ) مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَا دُونَهَا (أَوْ أَرْشَ الضَّرْبِ) نَصًّا وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ مِنْهُ. شَيْئًا
(وَيَتَقَسَّطُ الْغُرْمُ عَلَى عَدَدِهِمْ) لِحُصُولِ التَّفْوِيتِ مِنْ جَمِيعِهِمْ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ جَمَاعَةٌ مَالًا (فَلَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ) شَهِدُوا (فِي مَالٍ غَرِمَ) الرَّجُلُ (سُدُسًا وَهُنَّ) أَيْ النِّسْوَةُ الْعَشْرُ (الْبَقِيَّةَ) كُلُّ وَاحِدَةٍ نِصْفَ سُدُسٍ (وَكَذَا إرْضَاعٌ) شَهِدَ بِهِ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ بَيْنَ زَوْجَيْنِ فُرِّقَ بَيْنهمَا قَبْلَ دُخُولٍ ثُمَّ رَجَعُوا وُزِّعَ الصَّدَاقُ عَلَيْهِمْ عَلَى الرَّجُلِ سُدُسُهُ وَعَلَيْهِنَّ الْبَقِيَّةُ سَوِيَّةً لِمَا تَقَدَّمَ
(وَلَوْ شَهِدَ سِتَّةٌ بِزِنًا) فَرُجِمَ مَشْهُودٌ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعُوا (أَوْ) شَهِدَ (أَرْبَعَةٌ) بِزِنًا (وَاثْنَانِ) مِنْ غَيْرِهِمْ (بِإِحْصَانِ) زَانٍ (فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا) أَيْ السِّتَّةُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ (لَزِمَتْهُمْ الدِّيَةُ أَسْدَاسًا) لِأَنَّهُ قُتِلَ بِشَهَادَةِ الْجَمِيعِ (وَإِنْ كَانُوا) أَيْ الشُّهُودُ (خَمْسَةً بِزِنًا فَأَخْمَاسًا) يَغْرَمُونَ دِيَتَهُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ رَجَعَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الشُّهُودِ (غَرِمَ بِقِسْطِهِ) فَعَلَى وَاحِدٍ مِنْ سِتَّةٍ سُدُسٌ وَمِنْ خَمْسَةٍ خَمْسٌ وَهَكَذَا.
(وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنًا وَ) شَهِدَ (اثْنَانِ مِنْهُمْ بِالْإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا فَعَلَى مَنْ شَهِدَ بِالْإِحْصَانِ) وَالزِّنَا (ثُلُثَا الدِّيَةِ) ثُلُثٌ لِشَهَادَتِهِمَا بِالْإِحْصَانِ وَثُلُثٌ لِشَهَادَتِهِمَا بِالزِّنَا (وَعَلَى الْآخَرَيْنِ ثُلُثُهُمَا) لِشَهَادَتِهِمَا بِالزِّنَا وَحْدَهُ (فَإِنْ رَجَعَ زَائِدٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ) كَأَنْ شَهِدَ خَمْسَةٌ بِزِنًا ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمْ (قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ اُسْتُوْفِيَ) حَدُّ الزِّنَا لِبَقَاءِ نِصَابِهِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ (وَيُحَدُّ الرَّاجِعُ)
مِنْهُمْ حَدَّ الْقَذْفِ (لِقَذْفِهِ) الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِ الَّتِي رَجَعَ عَنْهَا (وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ زِنًا) دُونَ إحْصَانٍ غَرِمُوا الدِّيَةَ كَامِلَةً لِأَنَّهُ رُجِمَ بِشَهَادَتِهِمْ وَأَمَّا الْإِحْصَانُ فَشَرْطٌ لَا مُوجِبٌ (أَوْ) رَجَعَ شُهُودُ (إحْصَانٍ) فَقَطْ (غَرِمُوا الدِّيَةَ كَامِلَةً) لِحُصُولِ الْقَتْلِ بِشَهَادَتِهِمْ إذْ لَوْلَا ثُبُوتُ الْإِحْصَانِ لَمْ يُقْتَلْ (وَرُجُوعُ شُهُودِ تَزْكِيَةٍ كَرُجُوعِ مَنْ زَكَّوْهُمْ) فِي جَمِيعِ مَا سَبَقَ
(وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ كِتَابَةٍ غَرِمُوا مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ) أَيْ الْمَشْهُودِ لَهُ بِالْكِتَابَةِ (قِنًّا وَمُكَاتَبًا) لِنَقْصِ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ عَنْ الْقِنِّ الْحَاصِلِ بِشَهَادَتِهِمْ (فَإِنْ عَتَقَ) الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْكِتَابَةِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ بِهَا (فَ) عَلَيْهِمْ غُرْمُ (مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ) قِنًّا (وَمَالُ كِتَابَةٍ) إنْ نَقَصَ عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ (وَكَذَا شُهُودٌ بِاسْتِيلَادٍ) بِهَا إذَا رَجَعُوا فَيَغْرَمُونَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا قِنًّا وَأُمَّ وَلَدٍ وَبَعْدَ عِتْقٍ كُلَّ قِيمَتِهَا وَلَوْ شَهِدَا بِتَأْجِيلٍ وَحُكِمَ بِهِ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا تَفَاوَتَ مَا بَيْنَ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ نَقَلَهُ فِي الْفُرُوعِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَأَقَرَّهُ
(وَلَا ضَمَانَ بِرُجُوعِ شُهُودِ كَفَالَةٍ بِنَفْسٍ أَوْ بَرَاءَةٍ مِنْهَا) أَيْ الْكَفَالَةِ بِنَفْسٍ (أَوْ) رُجُوعٍ عَنْ شَهَادَةٍ (أَنَّهَا) أَيْ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ (زَوْجَتُهُ أَوْ) رُجُوعُ شُهُودٍ عَنْ شَهَادَةٍ عَلَى وَلِيِّ دَمٍّ (أَنَّهُ عَفَا عَنْ دَمِّ عَمْدٍ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ) أَيْ الْمَشْهُودِ بِهِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ (مَالًا) قَالَ فِي الْمُبْهِجِ قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَتَضَمَّنُ الْمَالَ بِهَرَبِ الْمَكْفُولِ وَالْقَوَدُ قَدْ يَجِبُ بِهِ مَالٌ
(وَمَنْ شَهِدَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِمُنَافٍ لِلشَّهَادَةِ الْأُولَى) كَأَنْ شَهِدَ بِقَرْضٍ وَحُكِمَ بِهِ ثُمَّ شَهِدَ بِأَنَّهُ وَفَّاهُ قَبْلُ (فَكَرُجُوعٍ) عَنْ شَهَادَتِهِ (وَأَوْلَى) قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَالَ فِي شَاهِدٍ فَاسِقٍ قَاسَ بَلَدًا وَكَتَبَ خَطَّهُ بِالصِّحَّةِ فَاسْتَخْرَجَ الْوَكِيلُ عَلَى حُكْمِهِ ثُمَّ قَاسَ وَكَتَبَ خَطَّهُ بِزِيَادَةٍ فَغَرِمَ الْوَكِيلُ الزِّيَادَةَ قَالَ يَضْمَنُ الشَّاهِدُ مَا غَرِمَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الزِّيَادَةِ
بِسَبَبِ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ أَوْ أَخْطَأَ كَالرُّجُوعِ
(وَإِنْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَرَجَعَ الشَّاهِدُ غَرِمَ الْمَالَ كُلَّهُ) نَصًّا لِأَنَّهُ حُجَّةُ الدَّعْوَى لِأَنَّ الْيَمِينَ قَوْلُ الْخَصْمِ وَقَوْلُهُ لَيْسَ حُجَّةً عَلَى خَصْمِهِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطُ الْحُكْمِ فَجَرَى مَجْرَى طَلَبِ الْحُكْمِ.
وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى آخَرَ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ بِصَدَاقٍ مُعَيَّنٍ وَآخَرَانِ بِدُخُولِهِ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِصَدَاقِهَا غَرِمَهُ شُهُودُ النِّكَاحِ دُونَ الدُّخُولِ لِأَنَّهُمْ أَلْزَمُوهُ الْمُسَمَّى. وَإِنْ شَهِدَ مَعَ ذَلِكَ آخَرَانِ بِالطَّلَاقِ لَمْ يَلْزَمْهُمَا شَيْءٌ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَحُكِمَ بِهَا ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ عَنْ مِائَةٍ وَآخَرُ عَنْ مِائَتَيْنِ وَالثَّالِثُ عَنْ ثَلَثِمِائَةٍ وَالرَّابِعُ عَنْ أَرْبَعِمِائَةٍ غَرِمَ كُلٌّ مِنْهُمْ رُبْعَ مَا رَجَعَ عَنْهُ
(وَإِنْ بَعْدَ حُكْمٍ كَفَرَ شَاهِدٌ بِهِ) أَيْ الْحُكْمِ (أَوْ) بَانَ (فِسْقُهُمَا أَوْ) بَانَ (أَنَّهُمَا مِنْ عَمُودَيْ نَسَبٍ مَحْكُومٍ لَهُ أَوْ) بَانَ أَنَّهُمَا (عَدُّوا مَحْكُومٍ عَلَيْهِ نُقِضَ) الْحُكْمُ لِتَبَيُّنِ فَسَادِهِ.
وَفِي الْإِقْنَاعِ فَيَنْقُضُهُ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ انْتَهَى.
وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ أَنَّهُ يَقْضِهِ حَاكِمُهُ إنْ كَانَ بَعْدَ إثْبَاتِ السَّبَبِ (وَرَجَعَ بِمَالٍ) قَائِمٍ (أَوْ بِبَدَلِهِ) إنْ تَلَفَ عَلَى مَحْكُومٍ لَهُ (وَ) رَجَعَ (بِبَدَلِ قَوَدٍ مُسْتَوْفًى عَلَى مَحْكُومٍ لَهُ) لِنَقْضِ الْحُكْمِ فَيَرْجِعُ الْحَقُّ إلَى مُسْتَحَقِّهِ (وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ لِلَّهِ تَعَالَى بِإِتْلَافِ حَيٍّ) كَرَجْمٍ فِي زِنًا وَقَطْعٍ فِي سَرِقَةٍ (أَوْ بِمَا يَسْرِي إلَيْهِ) كَجَلْدٍ فِي شُرْبٍ سَرَى إلَى النَّفْسِ (ضَمِنَهُ مُزَكُّونَ إنْ كَانُوا) أَيْ الْمُزَكُّونَ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ قَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ، وَشُهُودُ التَّزْكِيَةِ أَلْجَأَ الْحَاكِمَ إلَى الْحُكْمِ فَلَزِمَهُمْ الضَّمَانُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ مِنْ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ وَلَا عَلَى شَاهِدَيْ الْأَصْلِ لِأَنَّهُمَا مُقِيمَانِ عَلَى أَنَّهُمَا صَادِقَانِ فِي شَهَادَتِهِمَا وَإِنَّمَا الشَّرْعُ مَنَعَ قَبُولَ شَهَادَتِهِمَا بِخِلَافِ الرَّاجِعَيْنِ فِي شَهَادَتِهِمَا لِاعْتِرَافِهِمَا بِكَذِبِهِمَا (وَإِلَّا) يَكُنْ مُزَكَّوْنَ فَحَاكِمٌ (أَوْ كَانُوا) أَيْ الْمُزَكُّونَ (فَسَقَةً فَحَاكِمٌ) يَضْمَنُ لِحُصُولِ التَّلَفِ بِفِعْلِهِ وَهُوَ حُكْمُهُ. وَقَدْ فَرَّطَ بِتَرْكِهِ التَّزْكِيَةَ
(وَإِذَا عَلِمَ حَاكِمٌ بِشَاهِدِ زُورٍ بِإِقْرَارِهِ) عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ (أَوْ بِتَبَيُّنِ كَذِبِهِ يَقِينًا) كَأَنْ شَهِدَ بِقَتْلِ زَيْدٍ فَإِذَا هُوَ حَيٌّ أَوْ بِأَنَّ هَذِهِ الْبَهِيمَةَ لِفُلَانٍ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ وَسِنُّهَا دُونَهَا. وَإِنَّ زَيْدًا فَعَلَ كَذَا وَقْتَ كَذَا وَعُلِمَ مَوْتُهُ قَبْلَهُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ كَذِبُهُ وَعُلِمَ تَعَمُّدُهُ لِذَلِكَ (عَزَّرَهُ) حَاكِمٌ (وَلَوْ تَابَ) كَمَنْ تَابَ مِنْ حَدٍّ بَعْدَ رَفْعِهِ لِحَاكِمٍ وَشَهَادَةُ الزُّورِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30] وَرَوَى أَبُو بَكْرَةَ مَرْفُوعًا