الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِاسْتِعْمَالِهَا فِيهِ قَلِيلًا (وَأَقْسَمْتُ) بِاَللَّهِ (أَوْ أُقْسِمُ) بِاَللَّهِ (وَشَهِدْتُ) بِاَللَّهِ (وَآلَيْت) بِاَللَّهِ (أَوْ آلَى) بِاَللَّهِ (وَقَسَمًا) بِاَللَّهِ (وَحَلِفًا) بِاَللَّهِ (وَآلِيَّةً) بِاَللَّهِ (وَشَهَادَةً) بِاَللَّهِ (وَعَزِيمَةً بِاَللَّهِ يَمِينٌ) نَوَاهُ بِذَلِكَ أَوْ أَطْلَقَ. قَالَ فَيُقْسِمَانِ بِاَللَّهِ وَأَقْسَمُوا بِاَللَّهِ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ بِاَللَّهِ لَا فَعَلْتُ بِلَا قَسَمٍ وَنَحْوِهِ كَانَ يَمِينًا فَإِذَا ضَمَّ إلَيْهِ مَا يُؤَكِّدُهُ كَانَ أَوْلَى (وَإِنْ نَوَى) بِذَلِكَ (خَبَرًا فِيمَا يَحْتَمِلُهُ) كَقَوْلِهِ نَوَيْت بِأَقْسَمْت بِاَللَّهِ وَنَحْوِهِ الْخَبَرَ عَنْ يَمِينٍ سَبَقَ أَوْ بِقَسَمٍ وَنَحْوِهِ عَنْ يَمِينٍ سَأُوقِعُهُ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا وَيُقْبَلُ مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ (أَوْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا) أَيْ: الْكَلِمَاتِ السَّابِقَةِ وَهِيَ أَقْسَمْتُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا (كُلِّهَا وَلَمْ يَنْوِ يَمِينًا فَلَا) تَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّ أَقْسَمْتُ وَأُقْسِمُ وَمَا بَعْدَهُمَا يَحْتَمِلُ الْقَسَمَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَبِغَيْرِهِ فَلَمْ يَكُنْ يَمِينًا بِغَيْرِ نِيَّةٍ تَصْرِفُهُ لِلْقَسَمِ بِاَللَّهِ تَعَالَى
(وَالْحَلِفُ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ الْمُصْحَفِ وَالْقُرْآنِ أَوْ سُورَةٍ) مِنْهُ (أَوْ بِآيَةٍ مِنْهُ يَمِينٌ) لِأَنَّهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى فَمَنْ حَلَفَ بِهِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ كَانَ حَالِفًا بِصِفَتِهِ تَعَالَى وَالْمُصْحَفُ يَتَضَمَّنُ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ تَعَالَى وَلِذَلِكَ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي حَدِيثِ «لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا بَيْنَ دَفَّتَيْ الْمُصْحَفِ كَلَامُ اللَّهِ (فِيهَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَالْكَلَامُ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ (وَكَذَا) الْحَلِفُ (بِالتَّوْرَاةِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ) كَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ فَهِيَ يَمِينٌ فِيهَا كَفَّارَةٌ. لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَنْصَرِفُ لِلْمُنَزَّلِ مِنْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لَا الْمُغَيَّرِ وَالْمُبَدَّلِ، وَلَا تَسْقُطُ حُرْمَةُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ نَسَخَ الْحُكْمَ بِالْقُرْآنِ كَالْمَنْسُوخِ حُكْمُهُ مِنْ الْقُرْآنِ، وَذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى. انْتَهَى.
[فَصْلٌ حُرُوفُ الْقَسَمِ]
فَصْلٌ.
وَحُرُوفُ الْقَسَمِ ثَلَاثَةٌ (بَاءٌ) وَهِيَ الْأَصْلُ، وَلِذَلِكَ بَدَأَ بِهَا لِأَنَّهَا حَرْفُ تَعْدِيَةٍ (وَيَلِيهَا مُظْهَرٌ) كَرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ.
(وَ) يَلِيهَا (مُضْمَرٌ) كَاَللَّهِ أُقْسِمُ بِهِ (وَ) الثَّانِي (وَاوٌ يَلِيهَا مُظْهَرٌ) فَقَطْ كَوَاللَّهِ وَالنَّجْمِ وَهِيَ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا.
(وَ) الثَّالِثُ (تَاءٌ) وَأَصْلُهَا الْوَاوُ وَ (يَلِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً) نَحْوُ {تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57] وَشَذَّ تَالرَّحْمَنِ وَتَرَبِّ الْكَعْبَةِ
وَتَرَبِّي وَنَحْوَهُ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَإِنْ ادَّعَى مَنْ أَتَى بِأَحَدِ الْحُرُوفِ الثَّلَاثَةِ فِي مَوْضِعِهِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْقَسَمَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
(وَ) قَوْلُهُ (بِاَللَّهِ لِأَفْعَلَنَّ يَمِينٌ) وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت أَنِّي أَفْعَلُ بِمَعُونَةٍ اللَّهِ وَلَمْ أُرِدْ الْقَسَمَ لَمْ يُقْبَلْ وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ نَوَى بِاَللَّهِ أَثِقْ ثُمَّ ابْتَدَأَ لِأَفْعَلَنَّ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ بَاطِنًا.
(وَ) قَوْلُهُ (أَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ بِنِيَّةٍ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ انْعَقَدَ كَمَا لَوْ لَمْ يَقُلْ: أَسْأَلُك، وَإِنْ نَوَى السُّؤَالَ دُونَ الْيَمِينِ لَمْ يَنْعَقِدْ (فَإِنْ أَطْلَقَ) فَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا (لَمْ يَنْعَقِدْ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْيَمِينَ وَغَيْرَهُ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ إلَّا بِنِيَّةٍ (وَيَصِحُّ قَسَمٌ بِغَيْرِ حَرْفِهِ كَ) قَوْلِهِ (اللَّهِ لِأَفْعَلَنَّ جَرًّا) لِلِاسْمِ الْكَرِيمِ (وَنَصْبًا) لَهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لُغَةٌ صَحِيحَةٌ «كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِرُكَانَةَ لَمَّا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ اللَّهِ: مَا أَرَدْتَ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً» وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ أَبِي جَهْلٍ «وَقَالَ لَهُ: اللَّهِ إنَّكَ قَتَلْتَهُ؟ اللَّهِ إنِّي قَتَلْتُهُ» .
(فَإِنْ نَصَبَهُ) أَيْ الْمُقْسَمَ بِهِ (مَعَ وَاوِ) الْقَسَمِ (أَوْ رَفَعَهُ مَعَهَا أَوْ) رَفَعَهُ (دُونَهَا فَ) ذَلِكَ (يَمِينٌ) لِأَنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَرِّ وَغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ مَعَ اقْتِرَانِهِ بِالْجَوَابِ إرَادَةُ الْيَمِينِ (إلَّا أَنْ لَا يَنْوِيَهَا) لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْإِعْرَابِ دَلِيلُ عَدَمِ قَصْدِ الْيَمِينِ فَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ (عَرَبِيٌّ) أَيْ: مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ فَلَا تَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّ الْمُقْسَمَ بِهِ لَا يَكُونُ مَرْفُوعًا وَإِنَّمَا هُوَ مُبْتَدَأٌ أَوْ عَطْفٌ عَلَى شَيْءٌ تَقَدَّمَ وَلَا يَكُونُ مَنْصُوبًا مَعَ الْوَاوِ إذْ لَا تَكُونُ إذًا إلَّا عَاطِفَةٌ فَعُدُولُهُ عَنْ الْجَرِّ ظَاهِرٌ فِي إرَادَتِهِ غَيْرَ الْيَمِينِ فَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ. لِأَنَّهُ لَاحِنٌ وَاللَّحْنُ لَا يُقَاوِمُ النِّيَّةَ كَلَحْنِهِ فِي الْقُرْآنِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا
(وَيُجَابُ قَسَمٌ فِي إيجَابٍ) أَيْ إثْبَاتٍ (بِإِنْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (خَفِيفَةٍ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4](وَ) بِإِنْ (ثَقِيلَةٍ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3](وَبِلَامٍ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] وَلَامٍ (وَنُونَيْ تَوْكِيدٍ) أَيْ: الثَّقِيلَةِ وَالْخَفِيفَةِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: {لِيُسْجَنَنَّ وَلْيَكُونَا مِنْ الصَّاغِرِينَ} [يوسف: 32](وَبِقَدْ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9] بَعْدَ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: 1](وَبِبَلْ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوا} [ق: 1] وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِهِ فَقِيلَ: إنَّهُ لَمُعْجِزٌ وَقِيلَ غَيْرُهُ (وَ) يُجَابُ قَسَمٌ (فِي نَفْيٍ بِمَا) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ} [النجم: 2](وَبِإِنْ بِمَعْنَاهَا) أَيْ مَا
النَّافِيَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَيَحْلِفُنَّ إنْ أَرَدْنَا إلَّا الْحُسْنَى} [التوبة: 107](وَبِلَا) النَّافِيَةِ كَقَوْلِهِ:
وَآلَيْت لَا أَرْثِي لَهَا مِنْ كَلَالَةٍ
…
وَلَا مِنْ جَفَى حَتَّى تُلَاقِيَ مُحَمَّدَا
(وَتُحْذَفُ لَا) مِنْ جَوَابِ قَسَمٍ إذَا كَانَ الْفِعْلُ مُضَارِعًا (كَنَحْوِ وَاَللَّهِ أَفْعَلُ) وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85]
(وَيُكْرَهُ حَلِفٌ بِالْأَمَانَةِ) لِحَدِيثِ «مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَفِي الْإِقْنَاعِ: كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ
(كَ) مَا يُكْرَهُ الْحَلِفُ (بِعِتْقٍ وَطَلَاقٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا تَحْلِفُوا إلَّا بِاَللَّهِ وَلَا تَحْلِفُوا إلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ
(وَيَحْرُمُ) الْحَلِفُ (بِذَاتِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ) غَيْرِ (صِفَتِهِ) تَعَالَى لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ عُمَرَ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ: «إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَهُوَ عَلَى التَّغْلِيظِ (سَوَاءٌ أَضَافَهُ) أَيْ: الْمَحْلُوفَ بِهِ (إلَيْهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ) أَيْ الْحَالِفِ (وَمَخْلُوقُ اللَّهِ وَمَقْدُورُهُ وَمَعْلُومِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، أَوْ لَا ; كَقَوْلِهِ وَالْكَعْبَةِ) وَالرَّسُولِ (وَأَبِي) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحَلِفِ بِغَيْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ «لَأَنْ أَحْلِفَ بِاَللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا» قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. لِأَنَّ حَسَنَةَ التَّوْحِيدِ أَعْظَمُ مِنْ حَسَنَةِ الصِّدْقِ وَسَيِّئَةَ الْكَذِبِ أَسْهَلُ مِنْ سَيِّئَةِ الشِّرْكِ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ (وَلَا كَفَّارَةَ) فِي الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ حَنِثَ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ صِيَانَةً لِأَسْمَائِهِ تَعَالَى وَغَيْرُهُ لَا يُسَاوِيهِ فِي ذَلِكَ (وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ) مِنْ أَصْحَابِنَا (إلَّا فِي) حَلِفٍ (بِ) نَبِيِّنَا (مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ إذَا حَلَفَ بِهِ وَحَنِثَ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ. لِأَنَّهُ أَحَدُ شَرْطَيْ الشَّهَادَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَصِيرُ بِهِمَا الْكَافِرُ مُسْلِمًا. وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَهُوَ وَالْأَشْهَرُ لَا تَجِبُ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ
(وَيَجِبُ الْحَلِفُ لِإِنْجَاءِ مَعْصُومٍ مِنْ هَلَكَةٍ وَلَوْ نَفْسَهُ) كَتَوَجُّهِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُحِقٌّ (وَبِنَدْبِ) الْحَلِفِ (لِمَصْلَحَةٍ) كَإِزَالَةِ حِقْدٍ وَإِصْلَاحٍ بَيْنَ مُتَخَاصِمَيْنِ وَدَفْعِ شَرٍّ وَهُوَ صَادِقٌ
(وَيُبَاحُ) الْحَلِفُ (عَلَى فِعْلِ مُبَاحٍ أَوْ تَرْكِهِ) كَأَكْلِ
سَمَكٍ أَوْ تَرْكِهِ
(وَيُكْرَهُ) الْحَلِفُ (عَلَى فِعْلِ مَكْرُوهٍ) كَأَكْلِ بَصَلٍ وَثُومٍ نِيءٍ (أَوْ) عَلَى (تَرْكِ مَنْدُوبٍ) كَصَلَاةِ الضُّحَى
(وَيَحْرُمُ) الْحَلِفُ (عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ) كَشُرْبِ خَمْرٍ (أَوْ) عَلَى (تَرْكِ وَاجِبٍ) كَنَفَقَةٍ عَلَى نَحْوِ زَوْجَةٍ (أَوْ) يَحْلِفُ (كَاذِبًا عَالِمًا) بِكَذِبِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْيَمِينَ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ وَكَذَا الْحِنْثُ فِيهِ وَالْبَرُّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِ (وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ مَكْرُوهٍ أَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ مَنْدُوبٍ سُنَّ حِنْثُهُ وَكُرِهَ بَرُّهُ) لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى بِرِّهِ مِنْ تَرْكِ الْمَنْدُوبِ قَادِرًا
(وَ) مَنْ حَلَفَ (عَلَى فِعْلِ مَنْدُوبٍ أَوْ تَرْكِ مَكْرُوهٍ كُرِهَ حِنْثُهُ وَسُنَّ بِرُّهُ) لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى بِرِّهِ مِنْ الثَّوَابِ بِفِعْلِ الْمَنْدُوبِ وَتَرْكِ الْمَكْرُوهِ امْتِثَالًا
(وَ) مَنْ حَلَفَ (عَلَى فِعْلِ وَاجِبٍ أَوْ) عَلَى (تَرْكِ مُحَرَّمٍ حُرِّمَ حِنْثُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبِ أَوْ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ (وَوَجَبَ بِرُّهُ) لِمَا مَرَّ
(وَ) مَنْ حَلَفَ (عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ أَوْ) عَلَى (تَرْكِ وَاجِبٍ وَجَبَ حِنْثُهُ) لِئَلَّا يَأْثَمَ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ أَوْ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ (وَحُرِّمَ بِرُّهُ) لِمَا سَبَقَ
(وَيُخَيَّرُ) مَنْ حَلَفَ (فِي مُبَاحٍ) لِيَفْعَلَنَّهُ أَوْ لَا يَفْعَلُهُ بَيْنَ حِنْثِهِ وَبِرِّهِ (وَحِفْظُهَا فِيهِ أَوْلَى) مِنْ حِنْثِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89](كَافْتِدَاءِ مُحِقٍّ) فِي دَعْوَى عَلَيْهِ (لِيَمِينٍ)(وَاجِبَةٍ) أَيْ: وَجَبَتْ (عَلَيْهِ عِنْدَ حَاكِمٍ) فَافْتِدَاؤُهُ أَوْلَى مِنْ حَلِفِهِ لِفِعْلِ عُثْمَانَ وَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: خِفْت أَنْ يُوَافِقَ قَدَرُ بَلَاءٍ فَيُقَالُ: يَمِينُ عُثْمَانَ
(وَيُبَاحُ) الْحَلِفُ لِمُحِقٍّ (عِنْدَ غَيْرِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ يُسْتَحَبُّ لِمَصْلَحَةٍ كَزِيَادَةِ طُمَأْنِينَةٍ وَتَوْكِيدِ الْأَمْرِ وَغَيْرِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ " وَاَللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا " تَطْمِينًا مِنْهُ لِقَلْبِهِ
(وَلَا يَلْزَمُ) مَحْلُوفًا عَلَيْهِ (إبْرَارُ قَسَمٍ كَ) مَا لَا تَلْزَمُ (إجَابَةُ سُؤَالٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى) لِأَنَّ الْإِيجَابَ بَابُهُ التَّوْفِيقُ وَلَا تَوْفِيقَ فِيهِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَا تَجِبُ إجَابَةُ سَائِلٍ يُقْسِمُ عَلَى النَّاسِ
(وَيُسَنُّ) إبْرَارُ قَسَمٍ كَإِجَابَةِ سُؤَالٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا قَالَ: «وَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الَّذِي يَسْأَلُ بِاَللَّهِ وَلَا يُعْطِي بِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ
وَ (لَا) يُسَنُّ (تَكْرَارُ حَلِفٍ فَإِنْ أُفْرِطَ) فِي التَّكْرَارِ (كُرِهَ) ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} [القلم: 10] وَهُوَ ذَمٌّ لَهُ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ الْإِكْثَارِ. نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا تُكْثِرُوا الْحَلِفَ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ.