الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما التفسير فكان يعتمد على شرح الرسول صلى الله عليه وسلم للآيات، وكانت أسباب النزول معروفة لعلماء الصحابة لأنهم عاشوا مع الأحداث. ونجد ابن عباس رضي الله عنه يعتمد كثيراً على شواهد الشعر الجاهلي في التفسير. ولم تظهر بوادر التفسير بالرأي في ذلك العصر، بل نجد أبا بكر رضي الله عنه يحذر منه بقوله:"أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني، إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم"(1).
وتبرز عدة مصطلحات تتعلق بعلوم القرآن في كلام عبد الله بن عباس، فقد فسر معنى الحكمة في الآية (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً)(2) بأنها "المعرفة بالقرآن، ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحرامه وحلاله وأمثاله"(3).
ب- الحديث:
مع وجود عدد من الكتاب في عصر السيرة، وقيامهم بتدوين القرآن الكريم، فإنه لم يتم تدوين الحديث النبوي بشمول واستقصاء، بل اعتمدوا على الحفظ والذاكرة في أغلبه، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بكتابته، ولعله بهذا أراد الحفاظ على ملكة الحفظ عندهم، خاصة أن الحديث تجوز روايته بالمعنى خلاف ما عليه القرآن الكريم، الذي هو معجز بلفظه ومعناه، ومن ثم فلا تجوز روايته بالمعنى لذلك اقتضت الحكمة حصر جهود الكاتبين في نطاق تدوين القرآن الكريم، وللتخلص من احتمال حدوث التباس عند عامة المسلمين فيخلطوا القرآن بالحديث إذا اختلطت الصحف التي كتب فها القرآن بالصحف التي كتب فيها الحديث،
(1) الخطيب: الجامع 2: 193.
(2)
البقرة 269.
(3)
ابن الجوزي: نواسخ القرآن110.
خاصة في الفترة المبكرة، عندما كان الوحي ينزل بالقرآن، ولما يكمل القرآن، ولما يعتد عامة المسلمين على أسلوبه (1).
وقد وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تنهى عن كتابة الحديث، ووردت أحاديث أخرى تسمح بكتابته، وأقوى أحاديث النهي ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:"جهدنا بالنبي صلى الله عليه وسلم إن يأذن لنا في الكتابة فأبى"(2).
وأقوى أحاديث السماح بالكتابة ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما من أصحاب النبي صلى الله عله وسلم أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب"(3). وحديث آخر أخرجه البخاري في صحيحه أن رجلاً من أهل اليمن طلب من الصحابة أن يكتبوا له خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفتح، فاستأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال:"اكتبوا لأبي فلان"(4). وحديث ثالث أخرجه البخاري أيضاً وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه: "آتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده"(5).
وفي التوفيق بين حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وهذه الأحاديث يقول الرامهرمزي عن حديث أبي سعيد: "أحسبه أنه كان محفوظاً في أول الهجرة،
(1) لعبد الله بن رواحة قصة مع زوجته حيث قرأ عليها من شعره أبياتاً حسبتها قرآناً. (الذهبي: سير
أعلام النبلاء1: 238 وقد قال إن السند حسن لكنه مرسل).
(2)
حديث رقم 2298.
(3)
البخاري: الصحيح 1: 38.
(4)
المصدر نفسه 1: 38.
(5)
المصدر نفسه 1: 29، ومسلم: الصحيح حديث رقم 1257.