المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة: - عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين

[أكرم العمري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تحليل المصادر

- ‌1 - كتب التأريخ:

- ‌محمد بن اسحق:

- ‌خليفة بن خياط:

- ‌محمد بن سعد (ت 230ه

- ‌البلاذري:

- ‌ابن عبد الحكم:

- ‌الأزدي:

- ‌ابن شبَّة:

- ‌اليعقوبي:

- ‌ابن قتيبة الدينوري:

- ‌الطبري:

- ‌المسعودي:

- ‌ابن أعثم الكوفي:

- ‌ابن حبيش:

- ‌الكلاعي:

- ‌المحب الطبري (ت 694ه

- ‌محمد بن يحيى الأشعري المالكي- ابن بكر- (ت 741ه

- ‌ابن كثير (ت 774 ه

- ‌ الذهبي

- ‌2 - كتب الحديث:

- ‌3 - كتب علم الرجال:

- ‌المراجع الحديثة:

- ‌الباب الأول: السياسة(الخلافة والخلفاء)

- ‌الفصل الأول: الخلافة

- ‌المبحث الأول: نظام الخلافة

- ‌المبحث الثاني: خلافة أبي بكر الصديق (رضى الله عنه)

- ‌المبحث الثالث: خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌المبحث الرابع: خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌المبحث الخامس: خلافة على بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌المبحث السابع (*): أزمة الخلافة وانتقال مركز الخلافة إلى العراق

- ‌الفصل الثاني: الخلفاء

- ‌المبحث الأول: أبو بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌المبحث الثاني: عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌المبحث الثالث: عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌المبحث الرابع: على بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌المبحث الخامس: حجية عمل الخلفاء الراشدين

- ‌المبحث السادس: الشورى

- ‌الباب الثانيالإدارة. القضاء

- ‌الفصل الأول: الإدارة(الولاة. الموظفون)

- ‌المبحث الأول: الولاة على البلدان

- ‌الولاة في خلافة أبي بكر:

- ‌قائمة بأسماء ولاة أبي بكر على البلدان:

- ‌الولاة في خلافة عمر:

- ‌مراقبة العمال والولاة:

- ‌قائمة بأسماء ولاة عمر على الأقاليم:

- ‌الولاة في خلافة عثمان:

- ‌قائمة بأسماء الولاة في خلافة عثمان:

- ‌الولاة في خلافة علي:

- ‌قائمة بأسماء الولاة في خلافة على:

- ‌المبحث الثاني: الموظفون

- ‌الرقابة على الأسواق (نظام الحسبة):

- ‌تنظيم العرفاء والنقباء ومساعدته في إيصال العطاء لمستحقيه:

- ‌الموظفون في خلافة أبو بكر:

- ‌عمال الصدقات:

- ‌الموظفون في خلافة عمر:

- ‌الموظفون في خلافة عثمان:

- ‌الموظفون في خلافة على:

- ‌الفصل الثاني: القضاء

- ‌القضاء في عصر الخلافة الراشدة:

- ‌تطبيق الحدود الشرعية:

- ‌ندرة الخصومات بين الناس:

- ‌إخضاع الخلفاء أنفسهم لأحكام القضاء وإجراءاته:

- ‌الجرائم والعقوبات:

- ‌التعزير:

- ‌الجنايات:

- ‌القضاة في خلافة أبي بكر:

- ‌القضاة في خلافة عمر:

- ‌رواتب القضاة:

- ‌القضاة في خلافة عثمان:

- ‌القضاة في خلافة على:

- ‌الباب الثالث: الاقتصاد

- ‌الفصل الأول: الموارد المالية

- ‌المبحث الأول: الجزية

- ‌الجزية في خلافة أبي بكر رضي الله عنه:

- ‌الجزية في خلافة عمر رضي الله عنه:

- ‌الجزية في خلافة عثمان رضي الله عنه:

- ‌الجزية في خلافة علي رضي الله عنه:

- ‌المبحث الثاني: الخراج

- ‌المبحث الثالث: الغنائم

- ‌المبحث الرابع: الزكاة

- ‌المبحث الخامس: عشور التجارة

- ‌الفصل الثاني: النفقات العامة

- ‌المبحث الأول: مصارف الزكاة

- ‌المبحث الثاني: مصارف الغنائم والفيء

- ‌المبحث الثالث: العطاء

- ‌الأرزاق العينية:

- ‌نفقات طارئة:

- ‌المبحث الرابع: الإصلاحات

- ‌1 - الإقطاع:

- ‌2 - الحمى:

- ‌3 - الإنفاق على العمران:

- ‌عمران المساجد:

- ‌بناء الأمصار:

- ‌حفر الأنهار والخلجان وإقامة السدود والمنشآت الأخرى:

- ‌4 - مشروع تحرير الرقيق:

- ‌5 - النقود:

- ‌القروض الحسنة:

- ‌القوة الشرائية للنقود:

- ‌الرقابة المالية:

- ‌رقابة عمر لأهله:

- ‌الباب الرابع: الثقافة والتعليم

- ‌الفصل الأول: السمات والنظرية والتقاليد

- ‌تمهيد: التراث الثقافي قبل الإسلام

- ‌المبحث الأول: السمات العامة للتعليم

- ‌المبحث الثاني: نظرة الاسلام إلى العلم والتعليم

- ‌المبحث الثالث: آداب التعليم وتقاليده

- ‌الفصل الثاني: التطبيقات والمركز والموضوعات

- ‌المبحث الأول: النشاط التعليمي

- ‌تمهيد

- ‌أ - النشاط التعليمي بمكة قبل الهجرة

- ‌ب- النشاط التعليمي بالمدينة:

- ‌جـ - انتشار التعليم الاسلامي في البوادي والأمصار الجديدة:

- ‌المبحث الثاني: مراكز الحركة الفكرية

- ‌مواد الكتابة:

- ‌المبحث الثالث: موضوعات التعليم

- ‌أ- القرآن وعلومه:

- ‌ب- الحديث:

- ‌فمن مواقف كبار الصحابة الذين كرهوا كتابة الحديث ما يلي:

- ‌أما مواقف الصحابة التي تدل على إجارتهم الكتابة فهي:

- ‌جـ - الفقه:

- ‌د- اللغة العربية:

- ‌هـ - التاريخ:

- ‌و- علم الأنساب:

- ‌ز- الشعر:

- ‌حـ ـ القصص:

- ‌ط - الحكم والأمثال:

- ‌ي - الطب:

- ‌ك - علم النجوم (التنجيم):

- ‌ل- الثقافة واللغات الأجنبية:

- ‌الباب الخامسأحوال العالم.الدعوة الإسلامية ومنطلقاتها الفكرية.الفتوحات

- ‌الفصل الأولأحوال العالم.الدعوة الاسلامية ومنطلقاتها الفكرية

- ‌المبحث الأول: نظرة إلى أحوال العالم قبل الفتح الاسلامي

- ‌دولة الفرس

- ‌الحالة السياسية والاقتصادية:

- ‌الحالة الدينية والفكرية

- ‌الحالة الاجتماعية والأخلاقية

- ‌دولة الروم (الإمبراطورية البيزنطية) 312 - (1453) م

- ‌الحالة السياسية والاقتصادية:

- ‌الحالة الدينية والفكرية

- ‌الحالة الاجتماعية والأخلاقية:

- ‌تنبيه:

- ‌الهند والصين واليابان

- ‌المبحث الثاني: الدعوة الاسلامية ومنطلقاتها الفكرية

- ‌الفصل الثاني: الفتوحات

- ‌المبحث الأول: فتوح العراق والمشرق

- ‌في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه:

- ‌ملاحظات:

- ‌في خلافة عمر بن الخطاب (رضى الله عنه):

- ‌القادسية (15ه

- ‌المدائن:

- ‌جلولاء (16 ه

- ‌تكريت:

- ‌بناء الكوفة (17ه

- ‌بناء البصرة (16 هـ أو (17) ه

- ‌فتح الأهواز:

- ‌فتح رامهرمز:

- ‌فتح تستر

- ‌فتح السوس وجندي سابور:

- ‌نهاوند (21 ه

- ‌فتح أصبهان:

- ‌إعادة فتح همذان

- ‌فتح الري:

- ‌فتح إقليم فارس:

- ‌فتح كرمان ومكران:

- ‌فتح سجستان:

- ‌فتح خراسان:

- ‌في خلافة عثمان بن عفان (رضى الله عنه):

- ‌في خلافة علي بن أبي طالب (رضى الله عنه):

- ‌المبحث الثاني: فتوح الشام ومصر والمغرب

- ‌فتوح الشام في خلافة الصديق رضي الله عنه:

- ‌الصدمات الأولى:

- ‌اليرموك (في الطبري سنة (13) ه

- ‌ في خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌عزل خالد:

- ‌فتح دمشق (في الطبري أوائل سنة (14) ه

- ‌حمص وحماة واللاذقية وقنسرين وحلب:

- ‌ أنطاكية

- ‌ بيت المقدس

- ‌فتح مصر:

- ‌العريش:

- ‌حصن بابليون:

- ‌في خلافة عثمان رضي الله عنه:

- ‌إعادة فتح الاسكندرية:

- ‌السودان:

- ‌أفريقية:

- ‌ذات الصواري:

- ‌الجيش ونظام القتال:

- ‌الباب السادس: الفتن الداخلية

- ‌الفصل الأول: الردة

- ‌تمهيد انتشار الاسلام خارج المدينة:

- ‌المبحث الأول حركات الردة

- ‌مراكز المرتدين

- ‌اليمن:

- ‌ردة اليمامة:

- ‌ردة طليحة الأسدي:

- ‌انتشار الردة:

- ‌المبحث الثاني القضاء على الردة

- ‌القضاء على ردة طليحة الأسدي:

- ‌القضاء على مالك بن نويرة:

- ‌القضاء على ردة مسيلمة الكذاب:

- ‌القضاء على ردة البحرين:

- ‌القضاء على ردة عمان ومهرة:

- ‌القضاء على ردة اليمن:

- ‌القضاء على ردة حضرموت:

- ‌الفصل الثاني: فتنة مقتل الخليفة عثمان رضى الله عنه

- ‌فتنه مقتل عثمان رضي الله عنه

- ‌خبر الراكب الذي تعرض للوفد المصري:

- ‌موقف الأنصار:

- ‌مواقف الصحابة في الفتنة

- ‌صفية أم المؤمنين:

- ‌الزبير بن العوام:

- ‌أبو ذر الغفاري:

- ‌أسامة بن زيد:

- ‌الحسن بن على بن أبي طالب:

- ‌عبد الرحمن بن عوف:

- ‌زيد بن ثابت:

- ‌عبد الله بن عمر:

- ‌تعليقات على مقتل الخليفة آراء الصحابة وتوقعاتهم لنتائج مقتل عثمان رضي الله عنه

- ‌على ابن أبي طالب:

- ‌سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل:

- ‌أبو موسي الأشعري:

- ‌سمرة بن جندب:

- ‌عائشة رضي الله عنها:

- ‌بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة:

- ‌الفصل الثالث: موقعة الجمل

- ‌موقعة الجمل:

- ‌الفصل الرابع: معركة صفين

- ‌معركة صفين:

- ‌الفصل الخامس: موقعة النهروان

- ‌موقعة النهروان:

- ‌المصادر والمراجع

- ‌المصادر

- ‌المراجع الحديثة

- ‌المؤلف

- ‌السيرة الذاتية:

- ‌مؤلفاته:

- ‌التحقيقات

- ‌البحوث:

الفصل: ‌بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة:

النفر الذين طعنوا على عثمان، فقالوا له قولاً لا يحسن مثله، وقرءوا قراءةً لا يحسن مثلها، وصلوا صلاة لا يصلى مثلها، فلما تدبرتُ الصنيع إذا هم والله ما يقاربون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أعجبك حسن قول امرئ فقل:(اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله) " (1).

وهكذا أوضحت أن المعارضين رغم عباداتهم التي دونها عيادة الصحابة مما يجعل الناس ينغشون بهم، ويتهاونون في التعامل معهم.

‌بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة:

أصاب المسلمون بلاء عظيم بسبب مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه، إذ كان المسلمون قد مرُّوا بانتقال السلطة سلماً بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاة الصديق رضي الله عنه، لكنهم الآن أمام تجربة جديدة تمثلت باستخدام العنف في تغيير السلطة ونجم عن ذلك مقتل الخليفة، وبقاء المنصب شاغراً، وسعى المعارضون إلى بيعة واحد من كبار الصحابة لملأ الفراغ في السلطة، فعرضوها على طلحة بن عبيد الله (2)، وعبد الله بن عمر حتى هددوه بالقتل (3)، لكن أحداً لم يكن ليقبل منهم السلطة في ظروف الفتنة، لأنهم لا يمثلون الأمة، بل يمثلها كبار الصحابة في المدينة، وهم الذين يقبل الناس في أنحاء الدولة اختيارهم، وقد أدرك

(1) - البخاري: خلق أفعال العباد 25 بإسناد صحيح، وعبد الرزاق: المصنف 11: 447.

(2)

أحمد: فضائل الصحابة 2: 573 - 574.

(3)

أحمد: فضائل الصحابة 2: 895 رقم 1702، وابن سعد: الطبقات 4: 151 بإسناد صحيح، والحسن البصري شهد أحداث الفتنة بالمدينة وعمره أربع عشرة سنة (ابن حجر: تهذيب التهذيب 2: 266 - 267).

ص: 439

المعارضون ذلك (1) بعد فشل محاولاتهم. واشتد ذهول الناس، وتعدَّى الذهول عامتهم إلى قادتهم، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه:"ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي، وجاءوني للبيعة فقلت: والله إني لأستحي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة)، وإني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل على الأرض لم يدفن بعد، فانصرفوا. فلما دُفِن رجع الناس فسألوني البيعة، فقلت: اللهم إني مشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزيمة فبايعتُ. فلقد قالوا: يا أمير المؤمنين. فكأنما صدع قلبي، وقلت: اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى"(2).

بهذه الروح المرهفة الحزينة المليئة بالصفاء والوفاء لمعاني الأخوة وذكريات الرفقة استقل علي بيعته بالخلافة، وقد استجاب لطلب الناس الملح لينهي مرحلة مضطربة بسبب الفراغ في السلطة، وقد اشترط أن لا تكون بيعه سراً "فأخرجُ إلى المسجد فمن شاء أن يبايعني بايعني" فخرج إلى المسجد وبايعه الناس (3).

وقد بيَّن كل من طلحة بن عبيد الله التيمي، والزبير بن العوام- وهما من العشرة المبشرة بالجنة- أنهما بايعا مكرهين تحت التهديد من قتلة عثمان (4)، ولم

(1) البخاري: الصحيح (فتح الباري 12: 144 - 145، وأحمد: المسند 1: 323، والبلاذري: أنساب الأشراف 2: 35 ب.

(2)

الحاكم: المستدرك 3: 95 وصححه على شرطهما ووافقه الذهبي. وله متابعة ضعيفة لدى الحاكم 3: 103 بسند فيه الكديمي وهو ضعيف.

(3)

أحمد: فضائل الصحابة 2: 573 بإسناد حسن، والحاكم: المستدرك 3: 95 بإسناد حسن، وأبو نعيم: الإمامة 329.

(4)

ابن أبي شيبة: المصنف 11: 107 و 15: 261 بإسناد صحيح، والبلاذري: أنساب الأشراف 2: 537 ب.

ص: 440

يكونا راضيين عن الطريقة التي تمت بها بعيداً عن أهل الشورى، وفي ظروف يسود فيها العنف والاختلاف.

وجنح عبد الله بن عمر (1) إلى اعتزال الأحداث، وكذلك أسامة بن زيد وقال لعلي:"لو كنت في شق الأسد لأحببتُ أن أكون معك فيه، ولكن هذا أمر لم أره"(2)، ومحمد بن مسلمة (3)، وسعد بن أبي وقاص (4)، وأهبان بن صيفي وقال لعلي:"إن خليلي وابن عمك صلى الله عليه وسلم أمرني إذا كان قتال بين المسلمين أن أتخذ سيفاً من خشب"(5)، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح (6) وآخرون (7) فلم يبايعوا لأحد بالخلافة. لكن جمهور الصحابة من المهاجرين والأنصار بايعوا علياً، وتبعهم الناس

وكانت بيعة علي بعد سبعة أيام من مقتل عثمان. وقد ثبَّت أبا موسى الأشعري على ولاية الكوفة فأخذ له البيعة من معظم أهلها (8).

(1) - ابن أبي شيبة: المصنف 11: 133 و 15: 81 بإسناد صحيح.

(2)

- البخاري: الصحيح (فتح الباري 13: 61)، وابن سعد: الطبقات 4: 71.

(3)

- أحمد: المسند 4: 225 من زوائد عبد الله و 3: 493، والبخاري: التأريخ الصغير 1: 105، وابن ماجة: السنن 2: 1310 رقم 3962 وتعتضد طرقه إلى الصحيح (الألباني: سلسلة الأحاديث الصحيحة 3: 369 رقم 1380).

(4)

- الحاكم: المستدرك 3: 115 بدون إسناد.

(5)

- أحمد: المسند 5: 69 و 6: 393، والطبراني: المعجم الكبير 1: 271 بإسناد حسن.

(6)

- البخاري: التأريخ الكبير 5: 29.

(7)

- عبد الرزاق: المصنف 11: 357، وأحمد: المسند (كما في الفتح الرباني للساعاتي 23: 139)، وابن عبد البر: الاستيعاب 1: 77، 116.

(8)

- البلاذري: أنساب الأشراف 2: 36 ب.

ص: 441

وعزل علي والي مكة خالد بن العاص المخزومي وعيَّن بدله أبا قتادة الأنصاري مدة شهرين ثم عزله وعيَّن قثم بن العباس (1)، ويبدو أن الرأي العام بمكة كان غاضباً لعثمان وتصاعد الغضب لكثرة النازحين من المدينة إلى مكة على أثر سيطرة الثوار على المدينة (2).

وأرسل عثمان بن حنيف الأنصاري إلى البصرة والياً عليها بدلاً من عبد الله بن عامر بن كريز واليها لعثمان وكان قد ترك البصرة متجهاً إلى مكة. وقد انقسمت البصرة على الوالي الجديد، فمنهم من بايع، ومنهم من اعتزل، ومنهم من رفض البيعة حتى يُقتل قتلة عثمان، وهؤلاء الأخيرون التفوا حول طلحة والزبير وعائشة حين قدم الثلاثة إلى البصرة (3).

وأما الشام فلم يِبايع واليها معاوية بن أبي سفيان مطالباً بالقصاص من القتلة، لكنه لم يمد المعارضين بالبصرة.

وأما مصر فكان واليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح قد تركها متجهاً إلى عسقلان، فاستولى عليها محمد بن أبي حذيفة مدة عام كامل وواجه معارضة عثمانية تطالب بالقصاص من قتلة عثمان، فلما قتل بعد العام ولَّى علي عليها قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري حيث تمكن من أخذ البيعة لعلي وهادن العثمانية (4).

وأرسل علي عبيد الله بن العباس والياً على اليمن فأخذ له البيعة من أكثر

(1) خليفة بن خياط: التأريخ 178، 201.

(2)

عبد الحميد علي ناصر: خلافة علي 115 - 117.

(3)

ابن سعد: الطبقات 6: 333.

(4)

عبد الرزاق: المصنف 2: 458 بسند صحيح إلى الزهري ثم هو من مراسيله، ويعقوب بن سفيان: المعرفة والتأريخ 1: 254، والبخاري: التأريخ الكبير 5: 29، والكندي: ولاه مصر 21.

ص: 442

أهلها، وبقيت جماعات تطالب بالقصاص من قتلة عثمان، وعقَّب الصحابي ثمامة بن عدي والي صنعاء لعثمان على الأحداث بقوله وهو يبكي بكاءً شديداً:"اليوم انتزعت خلافة النبوة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وصارت ملكاً وجبرية، من أخد شيئاً غلب عليه"(1).

وكانت أخطر قضية تواجه الخليفة الجديد هي مقاضاة قتلة عثمان وإنفاذ القصاص فيهم، وكان ابن عباس قد نبَّه علياً إلى خطورة الموقف قبل توليه الخلافة:"إن الناس سيلزموك دم عثمان"(2). فقد كانت المأساة الدامية تملأ النفوس بالحزن والندم على عدم بذل الوسع في الذود عن الخليفة وإن كان ذلك يعني عدم التقيد بأوامر عثمان بالكفِّ عن القتال.

وكان طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم قادة المطالبين بإنفاذ القصاص بقتلة عثمان مشترطين ذلك للدخول في طاعة علي الخليفة الجديد ..

وكان طلحة بن عبيد الله التيمي يحس بالتفريط وبالتهاون مع الثوار ومجاملتهم فيندم ويرغب في التكفير عن ذلك كله "كان في أمر عثمان مالا أرى كفارته إلا أن يُسفك دمي في طلب دمه"(3)"كنَّا قد داهنَّا في أمر عثمان فلا نجد بداً من المبالغة"(4) - يعني بالمداهنة: اللين مع الثوار. وبالمبالغة: التشدد في المطالبة بالقصاص-. ويبدو أن هذا الشعور كان يتملك الكثيرين بحيث شكلوا تياراً معارضاً

(1) عبد الرزاق: المصنف 11: 447، وابن سعد: الطبقات 3: 80 بسند صحيح، والبخاري: التأريخ الكبير 2: 176.

(2)

عبد الرزاق: المصنف 11: 448 بإسناد صحيح، والذهبي: تأريخ الإسلام (61 - 80 هـ) ص 59.

(3)

الحاكم: المستدرك 3: 371 - 372 وقال الذهبي: سنده جيد.

(4)

ابن أبي شيبة: المصنف 11: 142 بسند صحيح.

ص: 443

قوياً يعادل في كثرة أتباعه وقوة دوافعه وعزمه على تحقيق أهدافه التيار المؤيد لخلافة علي، وهذا ما تكشف عنه الملاحم العظيمة في الجمل وصفين.

وكان علي بين تيارين قويين، فالمشاركون والمحرضون على قتل عثمان منهم حكيم بن جبلة العبدي زعيم الثوار البصريين، ومنهم عبد الرحمن بن عديس البلوي وكنانة بن بشر من زعماء الثوار المصريين، ومنهم مالك الأشتر النخعي من زعماء الثوار الكوفيين، ومنهم محمد بن أبي حذيفة الذي غلب على مصر، ومحمد بن أبي بكر، وكلهم لهم اختلاط بجيشه وتأثير على قبائلهم، وبعضهم ترك المدينة إلى الأمصار عقب بيعة علي، فلم يكن قادراً على إنفاذ القصاص مع اختلاف الناس عليه (1).

وكان التيار الآخر ممثلاً بطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعائشة أم المؤمنين، وكانوا يضغطون بقوة لإنفاذ القصاص بقتلة عثمان، ويرون أن علياً قد تخلى عن القصاص (2). ولم يعذروه في سياسته التي تميل إلى إماتة الفتنة وتخطيها بعدم إيقاع القصاص حتى يستتب له الأمر ويدخل في بيعته الناس جميعاً، كما أنه صرح بأنه لا يعلم القتلة بأعيانهم "والله لوددتُ أن بني أمية رضوا لنفلناهم خمسين رجلاً من بني هاشم يحلفون: ما قتلنا عثمان، ولا نعلم له قاتلاً" (3). ولما مضت أربعة أشهر على بيعة علي دون أن ينفذ القصاص خرج طلحة والزبير إلى مكة (4) ومنها

(1) ابن تيمية: منهاج السنة 4: 407.

(2)

ابن أبي شيبة: المصنف 11: 118 بسند صحيح (ابن حجر: فتح الباري 13: 34، 57).

(3)

سعيد بن منصور: السنن 2: 335 - 336 رقم 2942 بإسناد صحيح.

(4)

الطبري: تأريخ 4: 439 بسند صحيح إلى الزهري ثم هو مرسل لأن الزهري (ت 114 هـ) لم يشهد الأحداث.

ص: 444

جمعوا مؤيديهم الذين بلغ عددهم سبعمائة رجل (1) وانطلقوا إلى البصرة مستهدفين القبض على القتلة من أهلها وإنفاذ القصاص فيها وقد بلغ عددهم عند وصولهم البصرة ثلاثة ألاف رجل، وذلك لالتحاق الناس بهم في الطريق إليها، وقد أنفق عبد الله بن عامر بن كريز ويعلى بن أمية أموالاً كثيرة في تجهيز هذا الجيش بمكة، حيث قدم يعلى بن أمية وحده أربعمائة بعير (2). وكان معظم أهل البصرة يؤيدون إيقاع القصاص بالقتلة، فكانوا مهيئين نفسياً للانضمام إلى طلحة والزبير وعائشة عند قدومهم إليهم.

وكان الحزن يخيم على قلوب قادة المعارضة، فرغم أن مطالبتهم بإنفاذ الحكم الشرعي يقوي موقفهم ويشعل حماسهم، إلا أن غموض المستقبل وما قد ينطوي عليه من ضياع الوحدة بين المسلمين وسفك دمائهم يبعث فيهم إحساساً أليماً وأحيانا تردداً واضحاً .. لكنهم مضوا إلى أقدارهم بنفوس مثقلة بالهموم.

قال علقمة بن وقاص- شاهد عيان ثقة ثبت-: "ورأيته- يريد طلحة بن عبيد الله- وأحب المجالس إليه أخلاها، وهو ضارب بلحيته على زوره، فقلت له: يا أبا محمد، إني أراك وأحب المجالس إليك أخلاها، وأنت ضارب بلحيتك على زورك إن تكره هذا اليوم فدعه، فليس يكرهك عليه أحد. قال: يا علقمة بن وقاص لا تلمني، كنا يداً واحدة على من سوانا، فأصبحنا اليوم جبلين يزحف أحدنا إلى صاحبه (3).

(1) حدد الزهري عدد الجيش قبل خروجه من مكة بسبعمائة رجل، وقبل دخوله البصرة بثلاثة آلاف رجل (عبد الرزاق: المصنف 5: 456، والطبري: تأريخ 4: 452 ص مرسل الزهري، والبلاذري: أنساب الأشراف 2: 38 ب من مرسل صالح بن كيسان) ويعتقد الخبران المرسلان.

(2)

عبد الرزاق: المصنف 5: 456 من مرسل الزهري.

(3)

الحاكم: المستدرك 3: 371 - 372 وقال الذهبي: سنده جيد. والطبري: تأريخ 4: 453، 476.

ص: 445

وماذا عن القائد الآخر الزبير بن العوام؟

قال مطرف بن عبد الله بن الشخير- شاهد عيان ثقة فاضل-: "قلنا للزبير: يا أبا عبد الله، ما جاء بكم؟ ضيعتم الخليفة حتى قُتل، ثم جئتم تطلبون بدمه!!. قال الزبير: إنا قرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان (واتقوا فتنة لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة) (1) لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت"(2).

وماذا عن عائشة رضي الله عنها؟

قال قيس بن أبي حازم البجلي- شاهد عيان ثقة-: "لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلاً نبحت الكلاب. قالت: أي ماء هذا؟ قالوا ماء الحوأب. قالت: ما أظنني إلا أني راجعة. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: (كيف بإحداكنَّ تنبح عليها كلاب الحوأب؟!). فقال لها الزبير: ترجعين!! عسى الله عز وجل أن يصلح بك بين الناس"(3).

(1) - الأنفال 25.

(2)

- أحمد: المسند 3: 9 (ط. أحمد شاكر) بإسناد حسن، وابن أبي خيثمة: التأريخ الكبير 50: 77 أبمثل إسناد أحمد، وانظر البزار: كشف الأستار 4: 91 رقم 3266 من طريق مطرف أيضاً، وابن أبي شيبة: المصنف 11: 115 عن الحسن البصري و 15: 277، والطبري: تأريخ 9: 218 ويعتضد الخبر إلى مرتبة الصحيح.

(3)

- أحمد: المسند 6: 52، 97 بإسناد صحيح، وقد جمعت بين المتنين والحاكم: المستدرك 3: 120 وقال الألباني: إسناده صحيح جداً، صححه خمسة من كبار أئمة الحديث هم: ابن حبان، والحاكم، والذهبي، وابن كثير، وابن حجر (سلسلة الأحاديث الصحيحة 1: 767 رقم 474).

ص: 446

وهذا النص يكشف عن أمور مهمة، منها ما هو من أعلام النبوة، حيِث أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر غيِبي فوقع كما أخبر، ومنها تردد عائشة رضي الله عنها في المضي إلى البصرة، ومنها أن المعارضين كانوا يرغبون في الإصلاح بين الناس مع تصميمهم على إنفاذ القصاص بقتلة عثمان. وقد دخلوا البصرة فانضم إليهم معظم سكانها، لكن البعض منهم اختاروا اعتزال الجميع، فقد حيرهم الأمر وهالهم الموقف، فلنستمع إلى أحدهم وهو الأحنف بن قيس التميمي من زعماء تميم وحكماء العرب- وقد طلب منه الزبير بن العوام الانضمام إليهم-:"فآتاني أفظع أمرٍ أتاني قط، فقلت: إن خذلاني هؤلاء، ومعهم أم المؤمنين، وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم لشديد، وإن قتالي رجلاً ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أمروني ببيعته لشديد"(1). وهكذا اعتزل مع ستة آلاف من قومه الذين أطاعوه وانخرط بقيتهم- وهم كثير- مع طلحة والزبير وعائشة (2) ..

(1) ابن أبي شيبة: المصنف 11: 118، والطبري: تأريخ 4: 497 - 499، وابن حجر: فتح الباري 13: 34 من طريق الطبري وقال: سند صحيح.

(2)

ابن سعد: الطبقات 3: 110 - 111.

ص: 447