الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النفر الذين طعنوا على عثمان، فقالوا له قولاً لا يحسن مثله، وقرءوا قراءةً لا يحسن مثلها، وصلوا صلاة لا يصلى مثلها، فلما تدبرتُ الصنيع إذا هم والله ما يقاربون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أعجبك حسن قول امرئ فقل:(اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله) " (1).
وهكذا أوضحت أن المعارضين رغم عباداتهم التي دونها عيادة الصحابة مما يجعل الناس ينغشون بهم، ويتهاونون في التعامل معهم.
بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة:
أصاب المسلمون بلاء عظيم بسبب مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه، إذ كان المسلمون قد مرُّوا بانتقال السلطة سلماً بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاة الصديق رضي الله عنه، لكنهم الآن أمام تجربة جديدة تمثلت باستخدام العنف في تغيير السلطة ونجم عن ذلك مقتل الخليفة، وبقاء المنصب شاغراً، وسعى المعارضون إلى بيعة واحد من كبار الصحابة لملأ الفراغ في السلطة، فعرضوها على طلحة بن عبيد الله (2)، وعبد الله بن عمر حتى هددوه بالقتل (3)، لكن أحداً لم يكن ليقبل منهم السلطة في ظروف الفتنة، لأنهم لا يمثلون الأمة، بل يمثلها كبار الصحابة في المدينة، وهم الذين يقبل الناس في أنحاء الدولة اختيارهم، وقد أدرك
(1) - البخاري: خلق أفعال العباد 25 بإسناد صحيح، وعبد الرزاق: المصنف 11: 447.
(2)
أحمد: فضائل الصحابة 2: 573 - 574.
(3)
أحمد: فضائل الصحابة 2: 895 رقم 1702، وابن سعد: الطبقات 4: 151 بإسناد صحيح، والحسن البصري شهد أحداث الفتنة بالمدينة وعمره أربع عشرة سنة (ابن حجر: تهذيب التهذيب 2: 266 - 267).
المعارضون ذلك (1) بعد فشل محاولاتهم. واشتد ذهول الناس، وتعدَّى الذهول عامتهم إلى قادتهم، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه:"ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي، وجاءوني للبيعة فقلت: والله إني لأستحي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة)، وإني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل على الأرض لم يدفن بعد، فانصرفوا. فلما دُفِن رجع الناس فسألوني البيعة، فقلت: اللهم إني مشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزيمة فبايعتُ. فلقد قالوا: يا أمير المؤمنين. فكأنما صدع قلبي، وقلت: اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى"(2).
بهذه الروح المرهفة الحزينة المليئة بالصفاء والوفاء لمعاني الأخوة وذكريات الرفقة استقل علي بيعته بالخلافة، وقد استجاب لطلب الناس الملح لينهي مرحلة مضطربة بسبب الفراغ في السلطة، وقد اشترط أن لا تكون بيعه سراً "فأخرجُ إلى المسجد فمن شاء أن يبايعني بايعني" فخرج إلى المسجد وبايعه الناس (3).
وقد بيَّن كل من طلحة بن عبيد الله التيمي، والزبير بن العوام- وهما من العشرة المبشرة بالجنة- أنهما بايعا مكرهين تحت التهديد من قتلة عثمان (4)، ولم
(1) البخاري: الصحيح (فتح الباري 12: 144 - 145، وأحمد: المسند 1: 323، والبلاذري: أنساب الأشراف 2: 35 ب.
(2)
الحاكم: المستدرك 3: 95 وصححه على شرطهما ووافقه الذهبي. وله متابعة ضعيفة لدى الحاكم 3: 103 بسند فيه الكديمي وهو ضعيف.
(3)
أحمد: فضائل الصحابة 2: 573 بإسناد حسن، والحاكم: المستدرك 3: 95 بإسناد حسن، وأبو نعيم: الإمامة 329.
(4)
ابن أبي شيبة: المصنف 11: 107 و 15: 261 بإسناد صحيح، والبلاذري: أنساب الأشراف 2: 537 ب.
يكونا راضيين عن الطريقة التي تمت بها بعيداً عن أهل الشورى، وفي ظروف يسود فيها العنف والاختلاف.
وجنح عبد الله بن عمر (1) إلى اعتزال الأحداث، وكذلك أسامة بن زيد وقال لعلي:"لو كنت في شق الأسد لأحببتُ أن أكون معك فيه، ولكن هذا أمر لم أره"(2)، ومحمد بن مسلمة (3)، وسعد بن أبي وقاص (4)، وأهبان بن صيفي وقال لعلي:"إن خليلي وابن عمك صلى الله عليه وسلم أمرني إذا كان قتال بين المسلمين أن أتخذ سيفاً من خشب"(5)، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح (6) وآخرون (7) فلم يبايعوا لأحد بالخلافة. لكن جمهور الصحابة من المهاجرين والأنصار بايعوا علياً، وتبعهم الناس
وكانت بيعة علي بعد سبعة أيام من مقتل عثمان. وقد ثبَّت أبا موسى الأشعري على ولاية الكوفة فأخذ له البيعة من معظم أهلها (8).
(1) - ابن أبي شيبة: المصنف 11: 133 و 15: 81 بإسناد صحيح.
(2)
- البخاري: الصحيح (فتح الباري 13: 61)، وابن سعد: الطبقات 4: 71.
(3)
- أحمد: المسند 4: 225 من زوائد عبد الله و 3: 493، والبخاري: التأريخ الصغير 1: 105، وابن ماجة: السنن 2: 1310 رقم 3962 وتعتضد طرقه إلى الصحيح (الألباني: سلسلة الأحاديث الصحيحة 3: 369 رقم 1380).
(4)
- الحاكم: المستدرك 3: 115 بدون إسناد.
(5)
- أحمد: المسند 5: 69 و 6: 393، والطبراني: المعجم الكبير 1: 271 بإسناد حسن.
(6)
- البخاري: التأريخ الكبير 5: 29.
(7)
- عبد الرزاق: المصنف 11: 357، وأحمد: المسند (كما في الفتح الرباني للساعاتي 23: 139)، وابن عبد البر: الاستيعاب 1: 77، 116.
(8)
- البلاذري: أنساب الأشراف 2: 36 ب.
وعزل علي والي مكة خالد بن العاص المخزومي وعيَّن بدله أبا قتادة الأنصاري مدة شهرين ثم عزله وعيَّن قثم بن العباس (1)، ويبدو أن الرأي العام بمكة كان غاضباً لعثمان وتصاعد الغضب لكثرة النازحين من المدينة إلى مكة على أثر سيطرة الثوار على المدينة (2).
وأرسل عثمان بن حنيف الأنصاري إلى البصرة والياً عليها بدلاً من عبد الله بن عامر بن كريز واليها لعثمان وكان قد ترك البصرة متجهاً إلى مكة. وقد انقسمت البصرة على الوالي الجديد، فمنهم من بايع، ومنهم من اعتزل، ومنهم من رفض البيعة حتى يُقتل قتلة عثمان، وهؤلاء الأخيرون التفوا حول طلحة والزبير وعائشة حين قدم الثلاثة إلى البصرة (3).
وأما الشام فلم يِبايع واليها معاوية بن أبي سفيان مطالباً بالقصاص من القتلة، لكنه لم يمد المعارضين بالبصرة.
وأما مصر فكان واليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح قد تركها متجهاً إلى عسقلان، فاستولى عليها محمد بن أبي حذيفة مدة عام كامل وواجه معارضة عثمانية تطالب بالقصاص من قتلة عثمان، فلما قتل بعد العام ولَّى علي عليها قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري حيث تمكن من أخذ البيعة لعلي وهادن العثمانية (4).
وأرسل علي عبيد الله بن العباس والياً على اليمن فأخذ له البيعة من أكثر
(1) خليفة بن خياط: التأريخ 178، 201.
(2)
عبد الحميد علي ناصر: خلافة علي 115 - 117.
(3)
ابن سعد: الطبقات 6: 333.
(4)
عبد الرزاق: المصنف 2: 458 بسند صحيح إلى الزهري ثم هو من مراسيله، ويعقوب بن سفيان: المعرفة والتأريخ 1: 254، والبخاري: التأريخ الكبير 5: 29، والكندي: ولاه مصر 21.
أهلها، وبقيت جماعات تطالب بالقصاص من قتلة عثمان، وعقَّب الصحابي ثمامة بن عدي والي صنعاء لعثمان على الأحداث بقوله وهو يبكي بكاءً شديداً:"اليوم انتزعت خلافة النبوة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وصارت ملكاً وجبرية، من أخد شيئاً غلب عليه"(1).
وكانت أخطر قضية تواجه الخليفة الجديد هي مقاضاة قتلة عثمان وإنفاذ القصاص فيهم، وكان ابن عباس قد نبَّه علياً إلى خطورة الموقف قبل توليه الخلافة:"إن الناس سيلزموك دم عثمان"(2). فقد كانت المأساة الدامية تملأ النفوس بالحزن والندم على عدم بذل الوسع في الذود عن الخليفة وإن كان ذلك يعني عدم التقيد بأوامر عثمان بالكفِّ عن القتال.
وكان طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم قادة المطالبين بإنفاذ القصاص بقتلة عثمان مشترطين ذلك للدخول في طاعة علي الخليفة الجديد ..
وكان طلحة بن عبيد الله التيمي يحس بالتفريط وبالتهاون مع الثوار ومجاملتهم فيندم ويرغب في التكفير عن ذلك كله "كان في أمر عثمان مالا أرى كفارته إلا أن يُسفك دمي في طلب دمه"(3)"كنَّا قد داهنَّا في أمر عثمان فلا نجد بداً من المبالغة"(4) - يعني بالمداهنة: اللين مع الثوار. وبالمبالغة: التشدد في المطالبة بالقصاص-. ويبدو أن هذا الشعور كان يتملك الكثيرين بحيث شكلوا تياراً معارضاً
(1) عبد الرزاق: المصنف 11: 447، وابن سعد: الطبقات 3: 80 بسند صحيح، والبخاري: التأريخ الكبير 2: 176.
(2)
عبد الرزاق: المصنف 11: 448 بإسناد صحيح، والذهبي: تأريخ الإسلام (61 - 80 هـ) ص 59.
(3)
الحاكم: المستدرك 3: 371 - 372 وقال الذهبي: سنده جيد.
(4)
ابن أبي شيبة: المصنف 11: 142 بسند صحيح.
قوياً يعادل في كثرة أتباعه وقوة دوافعه وعزمه على تحقيق أهدافه التيار المؤيد لخلافة علي، وهذا ما تكشف عنه الملاحم العظيمة في الجمل وصفين.
وكان علي بين تيارين قويين، فالمشاركون والمحرضون على قتل عثمان منهم حكيم بن جبلة العبدي زعيم الثوار البصريين، ومنهم عبد الرحمن بن عديس البلوي وكنانة بن بشر من زعماء الثوار المصريين، ومنهم مالك الأشتر النخعي من زعماء الثوار الكوفيين، ومنهم محمد بن أبي حذيفة الذي غلب على مصر، ومحمد بن أبي بكر، وكلهم لهم اختلاط بجيشه وتأثير على قبائلهم، وبعضهم ترك المدينة إلى الأمصار عقب بيعة علي، فلم يكن قادراً على إنفاذ القصاص مع اختلاف الناس عليه (1).
وكان التيار الآخر ممثلاً بطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعائشة أم المؤمنين، وكانوا يضغطون بقوة لإنفاذ القصاص بقتلة عثمان، ويرون أن علياً قد تخلى عن القصاص (2). ولم يعذروه في سياسته التي تميل إلى إماتة الفتنة وتخطيها بعدم إيقاع القصاص حتى يستتب له الأمر ويدخل في بيعته الناس جميعاً، كما أنه صرح بأنه لا يعلم القتلة بأعيانهم "والله لوددتُ أن بني أمية رضوا لنفلناهم خمسين رجلاً من بني هاشم يحلفون: ما قتلنا عثمان، ولا نعلم له قاتلاً" (3). ولما مضت أربعة أشهر على بيعة علي دون أن ينفذ القصاص خرج طلحة والزبير إلى مكة (4) ومنها
(1) ابن تيمية: منهاج السنة 4: 407.
(2)
ابن أبي شيبة: المصنف 11: 118 بسند صحيح (ابن حجر: فتح الباري 13: 34، 57).
(3)
سعيد بن منصور: السنن 2: 335 - 336 رقم 2942 بإسناد صحيح.
(4)
الطبري: تأريخ 4: 439 بسند صحيح إلى الزهري ثم هو مرسل لأن الزهري (ت 114 هـ) لم يشهد الأحداث.
جمعوا مؤيديهم الذين بلغ عددهم سبعمائة رجل (1) وانطلقوا إلى البصرة مستهدفين القبض على القتلة من أهلها وإنفاذ القصاص فيها وقد بلغ عددهم عند وصولهم البصرة ثلاثة ألاف رجل، وذلك لالتحاق الناس بهم في الطريق إليها، وقد أنفق عبد الله بن عامر بن كريز ويعلى بن أمية أموالاً كثيرة في تجهيز هذا الجيش بمكة، حيث قدم يعلى بن أمية وحده أربعمائة بعير (2). وكان معظم أهل البصرة يؤيدون إيقاع القصاص بالقتلة، فكانوا مهيئين نفسياً للانضمام إلى طلحة والزبير وعائشة عند قدومهم إليهم.
وكان الحزن يخيم على قلوب قادة المعارضة، فرغم أن مطالبتهم بإنفاذ الحكم الشرعي يقوي موقفهم ويشعل حماسهم، إلا أن غموض المستقبل وما قد ينطوي عليه من ضياع الوحدة بين المسلمين وسفك دمائهم يبعث فيهم إحساساً أليماً وأحيانا تردداً واضحاً .. لكنهم مضوا إلى أقدارهم بنفوس مثقلة بالهموم.
قال علقمة بن وقاص- شاهد عيان ثقة ثبت-: "ورأيته- يريد طلحة بن عبيد الله- وأحب المجالس إليه أخلاها، وهو ضارب بلحيته على زوره، فقلت له: يا أبا محمد، إني أراك وأحب المجالس إليك أخلاها، وأنت ضارب بلحيتك على زورك إن تكره هذا اليوم فدعه، فليس يكرهك عليه أحد. قال: يا علقمة بن وقاص لا تلمني، كنا يداً واحدة على من سوانا، فأصبحنا اليوم جبلين يزحف أحدنا إلى صاحبه (3).
(1) حدد الزهري عدد الجيش قبل خروجه من مكة بسبعمائة رجل، وقبل دخوله البصرة بثلاثة آلاف رجل (عبد الرزاق: المصنف 5: 456، والطبري: تأريخ 4: 452 ص مرسل الزهري، والبلاذري: أنساب الأشراف 2: 38 ب من مرسل صالح بن كيسان) ويعتقد الخبران المرسلان.
(2)
عبد الرزاق: المصنف 5: 456 من مرسل الزهري.
(3)
الحاكم: المستدرك 3: 371 - 372 وقال الذهبي: سنده جيد. والطبري: تأريخ 4: 453، 476.
وماذا عن القائد الآخر الزبير بن العوام؟
قال مطرف بن عبد الله بن الشخير- شاهد عيان ثقة فاضل-: "قلنا للزبير: يا أبا عبد الله، ما جاء بكم؟ ضيعتم الخليفة حتى قُتل، ثم جئتم تطلبون بدمه!!. قال الزبير: إنا قرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان (واتقوا فتنة لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة) (1) لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت"(2).
وماذا عن عائشة رضي الله عنها؟
قال قيس بن أبي حازم البجلي- شاهد عيان ثقة-: "لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلاً نبحت الكلاب. قالت: أي ماء هذا؟ قالوا ماء الحوأب. قالت: ما أظنني إلا أني راجعة. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: (كيف بإحداكنَّ تنبح عليها كلاب الحوأب؟!). فقال لها الزبير: ترجعين!! عسى الله عز وجل أن يصلح بك بين الناس"(3).
(1) - الأنفال 25.
(2)
- أحمد: المسند 3: 9 (ط. أحمد شاكر) بإسناد حسن، وابن أبي خيثمة: التأريخ الكبير 50: 77 أبمثل إسناد أحمد، وانظر البزار: كشف الأستار 4: 91 رقم 3266 من طريق مطرف أيضاً، وابن أبي شيبة: المصنف 11: 115 عن الحسن البصري و 15: 277، والطبري: تأريخ 9: 218 ويعتضد الخبر إلى مرتبة الصحيح.
(3)
- أحمد: المسند 6: 52، 97 بإسناد صحيح، وقد جمعت بين المتنين والحاكم: المستدرك 3: 120 وقال الألباني: إسناده صحيح جداً، صححه خمسة من كبار أئمة الحديث هم: ابن حبان، والحاكم، والذهبي، وابن كثير، وابن حجر (سلسلة الأحاديث الصحيحة 1: 767 رقم 474).
وهذا النص يكشف عن أمور مهمة، منها ما هو من أعلام النبوة، حيِث أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر غيِبي فوقع كما أخبر، ومنها تردد عائشة رضي الله عنها في المضي إلى البصرة، ومنها أن المعارضين كانوا يرغبون في الإصلاح بين الناس مع تصميمهم على إنفاذ القصاص بقتلة عثمان. وقد دخلوا البصرة فانضم إليهم معظم سكانها، لكن البعض منهم اختاروا اعتزال الجميع، فقد حيرهم الأمر وهالهم الموقف، فلنستمع إلى أحدهم وهو الأحنف بن قيس التميمي من زعماء تميم وحكماء العرب- وقد طلب منه الزبير بن العوام الانضمام إليهم-:"فآتاني أفظع أمرٍ أتاني قط، فقلت: إن خذلاني هؤلاء، ومعهم أم المؤمنين، وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم لشديد، وإن قتالي رجلاً ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أمروني ببيعته لشديد"(1). وهكذا اعتزل مع ستة آلاف من قومه الذين أطاعوه وانخرط بقيتهم- وهم كثير- مع طلحة والزبير وعائشة (2) ..
(1) ابن أبي شيبة: المصنف 11: 118، والطبري: تأريخ 4: 497 - 499، وابن حجر: فتح الباري 13: 34 من طريق الطبري وقال: سند صحيح.
(2)
ابن سعد: الطبقات 3: 110 - 111.