الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بكر رضي الله عنه شكراً لله عند فتح اليمامة (1). ومجيء بني أسد وغطفان يسألون أبا بكر الصلح فخيرهم إما حرب مجلية وإما سلم مخزية مبيناً لهم أن ذلك يعني: "تدون قتلانا ولا ندي قتلاكم، وتشهدون على قتلاكم أنهم في النار، وتردون إلينا من أخذتم منا، ولا نرد إليكم ما أخذنا منكم، وننزع منكم الحلقة والكراع- أي السلاح والخيل- وتتركون تتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة رسول الله والمؤمنين رأيا يعذرونكم عليه. فقال عمر: أما ما قلت فكما قلت، لكن قتلانا قتلوا في الله، أجورهم على الله لا دية لهم"(2). وذكر ردة بني سليم، وجمع خالد بن الوليد لناس منهم في حظيرة حرقها عليهم بالنار واقتراح عمر عزله ورفض أبي بكر "والله لا أشيم سيفاً سلَّه الله على عدوه .. وأمره فمضى من وجهه ذلك إلى مسيلمة .. (3).
مراكز المرتدين
اليمن:
كانت اليمن تابعة اسميا للإمبراطورية الساسانية، وكان قد أصبح للساسانيين نفوذ في اليمن منذ أن استعان بهم سيف بن ذي يزن لطرد الأحباش، فلما توفي سيف أصبح قائد الحامية الفارسية أميرا على اليمن، وتزوج الفرس من أهل اليمن وسمي أولادهم بالأبناء. ولكن نفوذ الحاكم الفارسي كان محصوراً بصنعاء وما حولها. في حين يتقسم بقية البلاد الاذواء والأمراء المحليون ورؤساء العشائر وهم في نزاع مستمر وخاصة القبائل الكبيرة أزد شنوءة (بنو الحارث والنخع وبجيلة وخثعم وعك
(1) ابن أبي شيبة: المصنف 12: 547 - 552.
(2)
سعد بن منصور: السنن 2: 333 وبعضه في صحيح البخاري (فتح الباري 12: 206) وفيه إبراهيم بن بشار الرمادي حافظ له أوهام (التقريب 155).
(3)
ابن أبي شيبة: المصنف 12: 550.
والأشاعرة) وتسكن عند الساحل، ومذحج وهمدان وتسكن الهضبة في الداخل.
وكان خروج الأسود العنسي- على الصحيح- قبل حجة الوداع في العام العاشر (1)، وكانت أول ردة في الاسلام، ودامت أربعة أشهر. (2) وقد فصل سيف بن عمر أخبارها معتمدا على شهود عيان مثل فيروز الديلمي وجشيش الديلمي. وينتسب الأسود إلى عنس من مذحج التي تعد أكبر القبائل اليمانية، وكان من كهف خبان قرب نجران (3) وعرف بذي الخمار وبرحمن اليمن، وكان كاهناً، وادعى النبوة، وأيدته بعض قبائل مذحج، واحتل نجران ثم صنعاء حيث قتل واليها شهر بن باذام، وتظاهر زعماء الأبناء بالانضمام إليه. وقد اضطر معاذ بن جبل وأبو موسى الأشعري وأتباعهما إلى الانسحاب إلى حضرموت، كما أخرج أهل نجران عمرو بن حزم وخالد بن سعيد بن العاص حيث عادا إلى المدينة. وأخرج قيس بن المكشوح أحد قادة قبيلة مراد عامل المسلمين فروة بن مسيك، وانضم قيس بن المكشوح إلى الأسود العنسي، كما انضم إليه عمرو بن معد يكرب الزبيدي أحد زعماء مذحج. وانسحب من بقي على الاسلام من أهل اليمن مع الولاة المسلمين.
وتكمن قوة الأسود في ضخامة جسمه وقوته وشجاعته، واستخدم الكهانة والسحر، والخطابة البليغة "كان الأسود كاهناً شعباذا، وكان يريهم الأعاجيب، ويسبي قلوب من سمع منطقه (4) كما استخدم الأموال للتأثير على الناس. ومثل هذه الصفات تجعله مشهورا في قومه، ويبدو أن انتشار الاسلام كان يضعف مركزه لأن الاسلام يحرم الكهانة، ويمنع الناس من استشارة الكهان.
(1) البخاري: الصحيح، كتاب المغازي باب 70، ومسلم: الصحيح حديث رقم 2272.
(2)
الطبري: تأريخ 3: 239 - 240.
(3)
ابن حبيش: المغازي 40، والكلاعي: حروب الردة 213.
(4)
الطبري: تأريخ 3: 185.