الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتح مصر:
كانت دوافع فتح مصر عند المسلمين قوية، فهناك العقيدة التي يريدون التمكين لها في كل مكان، ومصر تتصل بفلسطين فمن الطبيعي بعد فتح فلسطين أن يتجه المسلمون إلى مصر، وقد شطر المسلمون الإمبراطورية البيزنطية إلى شطرين لا يصل بينهما سوى البحر وذلك باستيلائهم على الشام، وفي مصر وشمال أفريقية جيوش ومسالح رومية، ولبيزنطة أسطول قوي في البحر، ولن يأمن المسلمون في الشام ومصر تحت النفوذ الرومي، ومصر غنية، وهي مصدر لتموين القسطنطينية فإذا احتلها المسلمون ضعف نفوذ بيزنطية كثيراً وأمن المسلمون في الشام والحجاز حيث يسهل اتصال الروم بالحجاز عن طريق مصر.
العريش:
وقد استأذن عمرو بن العاص عمر بن الخطاب في فتح مصر، واتجه بجيشه إلى العريش واحتلها دون مقاومة، ثم سار إلى الفرما، وقاومه الروم شهراً أو شهرين ثم تمكن من احتلالها، واتجه إلى بلبيس (1). شمال شرق القاهرة فاحتلها واصطدم بعد ذلك بأرطبون وهزمه.
حصن بابليون:
وتقدم إلى حصن بابليون حيث تعتصم قوات الروم بقيادة نيودورس ورئاسة المقوقس الذي عينه الروم بطريركا على الإسكندرية ووالياً على مصر، وعسكر المسلمون في عين شمس (هيليوبوليس) وجاءهم مدد الخليفة بقيادة الزبير بن العوام والمقداد بن عمرو وعبادة بن الصامت، فتقدموا إلى حصن بابليون وحاصروه، وطال الحصار لمناعته، وكان الروم يخرجون منه فيقاتلون ويعودون ثم غلبهم المسلمون خارجه وفر
(1) شكري فيصل: حركة الفتح الاسلامي 118 - 120، وبتلر: فتح العرب لمصر 191
ثيودورس إلى الإسكندرية واحتمى المقوقس بالحصون، وبعد حصار سبعة أشهر فاوض المسلمين على الصلح على الجزية للقبط والخيار للروم، وخلال حصار بابليون تمكن عمرو بن العاص من الاستيلاء على الفيوم وجنوب الدلتا كما استولى على أم دنين إحدى مسالح الروم المهمة.
وبعد سقوط حصن بابليون فتح الطريق أمام المسلمين للاستيلاء على مصر السفلى حيث لم يلقوا مقاومة عنيفة، كما اتجهوا نحو الإسكندرية في الشمال، والإسكندرية حصينة كما أن موقعها البحري يمكن الروم من إيصال الأمداد إليها بحراً، وقد لقي الجيش الإسلامي في طريقه إليها مقاومة من الروم حتى وصل إليها، ودافع الروم عنها وضربوا المسلمين بالمجانيق، وطال حصارها، وكان الإمبراطور هرقل قد عزل المقوقس عن مصر ونفاه على اثر مصالحته المسلمين في بابليون، ومات هرقل فرجع المقوقس إلى ولايته على مصر فرأى الإسكندرية محاصرة، فصالح المسلمين عليها، على الجزية لمن شاء البقاء ولا يمنع من يريد الالتحاق بالروم. وهكذا سيطر المسلمون على الإسكندرية، وبدءوا بإنشاء الفسطاط وحفر قناة بين النيل والبحر الأحمر، ثم اتجه عمرو بن العاص نحو الغرب ففتح برقة صلحاً سنة (21) هـ وفتح طرابلس عنوة سنة (22) هـ.
ويمكن أن نلاحظ أن موقف الروم في مصر يتميز بالمقاومة العنيفة، لأن المسلمين يسلبونهم سلطانهم، ومنهم من سالم رغبة في الاستفادة من المسلمين كالمقوقس بعد أن نفض يده من بيزنطة.
أما القبط فقد ساعدوا المسلمين بإصلاح الطرق وإقامة الجسور وإمدادهم بالمؤونة، وكان اضطهاد البيزنطيين لهم دينياً وإجحافهم لهم بالضرائب، وصورة الحرية الدينية التي أتاحها المسلمون لنصارى الشام تجعلهم يرحبون بالمسلمين (1).
(1) الطبري: تأريخ 4: 104، وشكري فيصل: حركة الفتح الإسلامي 137 - 145.