المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌3 - كتب علم الرجال: - عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين

[أكرم العمري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تحليل المصادر

- ‌1 - كتب التأريخ:

- ‌محمد بن اسحق:

- ‌خليفة بن خياط:

- ‌محمد بن سعد (ت 230ه

- ‌البلاذري:

- ‌ابن عبد الحكم:

- ‌الأزدي:

- ‌ابن شبَّة:

- ‌اليعقوبي:

- ‌ابن قتيبة الدينوري:

- ‌الطبري:

- ‌المسعودي:

- ‌ابن أعثم الكوفي:

- ‌ابن حبيش:

- ‌الكلاعي:

- ‌المحب الطبري (ت 694ه

- ‌محمد بن يحيى الأشعري المالكي- ابن بكر- (ت 741ه

- ‌ابن كثير (ت 774 ه

- ‌ الذهبي

- ‌2 - كتب الحديث:

- ‌3 - كتب علم الرجال:

- ‌المراجع الحديثة:

- ‌الباب الأول: السياسة(الخلافة والخلفاء)

- ‌الفصل الأول: الخلافة

- ‌المبحث الأول: نظام الخلافة

- ‌المبحث الثاني: خلافة أبي بكر الصديق (رضى الله عنه)

- ‌المبحث الثالث: خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌المبحث الرابع: خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌المبحث الخامس: خلافة على بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌المبحث السابع (*): أزمة الخلافة وانتقال مركز الخلافة إلى العراق

- ‌الفصل الثاني: الخلفاء

- ‌المبحث الأول: أبو بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌المبحث الثاني: عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌المبحث الثالث: عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌المبحث الرابع: على بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌المبحث الخامس: حجية عمل الخلفاء الراشدين

- ‌المبحث السادس: الشورى

- ‌الباب الثانيالإدارة. القضاء

- ‌الفصل الأول: الإدارة(الولاة. الموظفون)

- ‌المبحث الأول: الولاة على البلدان

- ‌الولاة في خلافة أبي بكر:

- ‌قائمة بأسماء ولاة أبي بكر على البلدان:

- ‌الولاة في خلافة عمر:

- ‌مراقبة العمال والولاة:

- ‌قائمة بأسماء ولاة عمر على الأقاليم:

- ‌الولاة في خلافة عثمان:

- ‌قائمة بأسماء الولاة في خلافة عثمان:

- ‌الولاة في خلافة علي:

- ‌قائمة بأسماء الولاة في خلافة على:

- ‌المبحث الثاني: الموظفون

- ‌الرقابة على الأسواق (نظام الحسبة):

- ‌تنظيم العرفاء والنقباء ومساعدته في إيصال العطاء لمستحقيه:

- ‌الموظفون في خلافة أبو بكر:

- ‌عمال الصدقات:

- ‌الموظفون في خلافة عمر:

- ‌الموظفون في خلافة عثمان:

- ‌الموظفون في خلافة على:

- ‌الفصل الثاني: القضاء

- ‌القضاء في عصر الخلافة الراشدة:

- ‌تطبيق الحدود الشرعية:

- ‌ندرة الخصومات بين الناس:

- ‌إخضاع الخلفاء أنفسهم لأحكام القضاء وإجراءاته:

- ‌الجرائم والعقوبات:

- ‌التعزير:

- ‌الجنايات:

- ‌القضاة في خلافة أبي بكر:

- ‌القضاة في خلافة عمر:

- ‌رواتب القضاة:

- ‌القضاة في خلافة عثمان:

- ‌القضاة في خلافة على:

- ‌الباب الثالث: الاقتصاد

- ‌الفصل الأول: الموارد المالية

- ‌المبحث الأول: الجزية

- ‌الجزية في خلافة أبي بكر رضي الله عنه:

- ‌الجزية في خلافة عمر رضي الله عنه:

- ‌الجزية في خلافة عثمان رضي الله عنه:

- ‌الجزية في خلافة علي رضي الله عنه:

- ‌المبحث الثاني: الخراج

- ‌المبحث الثالث: الغنائم

- ‌المبحث الرابع: الزكاة

- ‌المبحث الخامس: عشور التجارة

- ‌الفصل الثاني: النفقات العامة

- ‌المبحث الأول: مصارف الزكاة

- ‌المبحث الثاني: مصارف الغنائم والفيء

- ‌المبحث الثالث: العطاء

- ‌الأرزاق العينية:

- ‌نفقات طارئة:

- ‌المبحث الرابع: الإصلاحات

- ‌1 - الإقطاع:

- ‌2 - الحمى:

- ‌3 - الإنفاق على العمران:

- ‌عمران المساجد:

- ‌بناء الأمصار:

- ‌حفر الأنهار والخلجان وإقامة السدود والمنشآت الأخرى:

- ‌4 - مشروع تحرير الرقيق:

- ‌5 - النقود:

- ‌القروض الحسنة:

- ‌القوة الشرائية للنقود:

- ‌الرقابة المالية:

- ‌رقابة عمر لأهله:

- ‌الباب الرابع: الثقافة والتعليم

- ‌الفصل الأول: السمات والنظرية والتقاليد

- ‌تمهيد: التراث الثقافي قبل الإسلام

- ‌المبحث الأول: السمات العامة للتعليم

- ‌المبحث الثاني: نظرة الاسلام إلى العلم والتعليم

- ‌المبحث الثالث: آداب التعليم وتقاليده

- ‌الفصل الثاني: التطبيقات والمركز والموضوعات

- ‌المبحث الأول: النشاط التعليمي

- ‌تمهيد

- ‌أ - النشاط التعليمي بمكة قبل الهجرة

- ‌ب- النشاط التعليمي بالمدينة:

- ‌جـ - انتشار التعليم الاسلامي في البوادي والأمصار الجديدة:

- ‌المبحث الثاني: مراكز الحركة الفكرية

- ‌مواد الكتابة:

- ‌المبحث الثالث: موضوعات التعليم

- ‌أ- القرآن وعلومه:

- ‌ب- الحديث:

- ‌فمن مواقف كبار الصحابة الذين كرهوا كتابة الحديث ما يلي:

- ‌أما مواقف الصحابة التي تدل على إجارتهم الكتابة فهي:

- ‌جـ - الفقه:

- ‌د- اللغة العربية:

- ‌هـ - التاريخ:

- ‌و- علم الأنساب:

- ‌ز- الشعر:

- ‌حـ ـ القصص:

- ‌ط - الحكم والأمثال:

- ‌ي - الطب:

- ‌ك - علم النجوم (التنجيم):

- ‌ل- الثقافة واللغات الأجنبية:

- ‌الباب الخامسأحوال العالم.الدعوة الإسلامية ومنطلقاتها الفكرية.الفتوحات

- ‌الفصل الأولأحوال العالم.الدعوة الاسلامية ومنطلقاتها الفكرية

- ‌المبحث الأول: نظرة إلى أحوال العالم قبل الفتح الاسلامي

- ‌دولة الفرس

- ‌الحالة السياسية والاقتصادية:

- ‌الحالة الدينية والفكرية

- ‌الحالة الاجتماعية والأخلاقية

- ‌دولة الروم (الإمبراطورية البيزنطية) 312 - (1453) م

- ‌الحالة السياسية والاقتصادية:

- ‌الحالة الدينية والفكرية

- ‌الحالة الاجتماعية والأخلاقية:

- ‌تنبيه:

- ‌الهند والصين واليابان

- ‌المبحث الثاني: الدعوة الاسلامية ومنطلقاتها الفكرية

- ‌الفصل الثاني: الفتوحات

- ‌المبحث الأول: فتوح العراق والمشرق

- ‌في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه:

- ‌ملاحظات:

- ‌في خلافة عمر بن الخطاب (رضى الله عنه):

- ‌القادسية (15ه

- ‌المدائن:

- ‌جلولاء (16 ه

- ‌تكريت:

- ‌بناء الكوفة (17ه

- ‌بناء البصرة (16 هـ أو (17) ه

- ‌فتح الأهواز:

- ‌فتح رامهرمز:

- ‌فتح تستر

- ‌فتح السوس وجندي سابور:

- ‌نهاوند (21 ه

- ‌فتح أصبهان:

- ‌إعادة فتح همذان

- ‌فتح الري:

- ‌فتح إقليم فارس:

- ‌فتح كرمان ومكران:

- ‌فتح سجستان:

- ‌فتح خراسان:

- ‌في خلافة عثمان بن عفان (رضى الله عنه):

- ‌في خلافة علي بن أبي طالب (رضى الله عنه):

- ‌المبحث الثاني: فتوح الشام ومصر والمغرب

- ‌فتوح الشام في خلافة الصديق رضي الله عنه:

- ‌الصدمات الأولى:

- ‌اليرموك (في الطبري سنة (13) ه

- ‌ في خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌عزل خالد:

- ‌فتح دمشق (في الطبري أوائل سنة (14) ه

- ‌حمص وحماة واللاذقية وقنسرين وحلب:

- ‌ أنطاكية

- ‌ بيت المقدس

- ‌فتح مصر:

- ‌العريش:

- ‌حصن بابليون:

- ‌في خلافة عثمان رضي الله عنه:

- ‌إعادة فتح الاسكندرية:

- ‌السودان:

- ‌أفريقية:

- ‌ذات الصواري:

- ‌الجيش ونظام القتال:

- ‌الباب السادس: الفتن الداخلية

- ‌الفصل الأول: الردة

- ‌تمهيد انتشار الاسلام خارج المدينة:

- ‌المبحث الأول حركات الردة

- ‌مراكز المرتدين

- ‌اليمن:

- ‌ردة اليمامة:

- ‌ردة طليحة الأسدي:

- ‌انتشار الردة:

- ‌المبحث الثاني القضاء على الردة

- ‌القضاء على ردة طليحة الأسدي:

- ‌القضاء على مالك بن نويرة:

- ‌القضاء على ردة مسيلمة الكذاب:

- ‌القضاء على ردة البحرين:

- ‌القضاء على ردة عمان ومهرة:

- ‌القضاء على ردة اليمن:

- ‌القضاء على ردة حضرموت:

- ‌الفصل الثاني: فتنة مقتل الخليفة عثمان رضى الله عنه

- ‌فتنه مقتل عثمان رضي الله عنه

- ‌خبر الراكب الذي تعرض للوفد المصري:

- ‌موقف الأنصار:

- ‌مواقف الصحابة في الفتنة

- ‌صفية أم المؤمنين:

- ‌الزبير بن العوام:

- ‌أبو ذر الغفاري:

- ‌أسامة بن زيد:

- ‌الحسن بن على بن أبي طالب:

- ‌عبد الرحمن بن عوف:

- ‌زيد بن ثابت:

- ‌عبد الله بن عمر:

- ‌تعليقات على مقتل الخليفة آراء الصحابة وتوقعاتهم لنتائج مقتل عثمان رضي الله عنه

- ‌على ابن أبي طالب:

- ‌سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل:

- ‌أبو موسي الأشعري:

- ‌سمرة بن جندب:

- ‌عائشة رضي الله عنها:

- ‌بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة:

- ‌الفصل الثالث: موقعة الجمل

- ‌موقعة الجمل:

- ‌الفصل الرابع: معركة صفين

- ‌معركة صفين:

- ‌الفصل الخامس: موقعة النهروان

- ‌موقعة النهروان:

- ‌المصادر والمراجع

- ‌المصادر

- ‌المراجع الحديثة

- ‌المؤلف

- ‌السيرة الذاتية:

- ‌مؤلفاته:

- ‌التحقيقات

- ‌البحوث:

الفصل: ‌3 - كتب علم الرجال:

والذهبي ناقد كبير، ولرأيه أهمية فائقة، فإنه- كما قيل- من أهل الاستقراء التام. وقد آثر الذهبي أن يسوق الأسانيد المعلقة، مكتفياً بأسانيد تتألف عن راوٍ واحد إلى خمسة من الرواة، وتبدأ عادة بمصنف أو عالم معروف مثل عروة والزهري والوليد بن مسلم الدمشقي وموسى بن عقبة ومحمد بن اسحق وهشام بن عروة بن الزبير ومحمد بن عمر الواقدي وخليفة بن خياط ومحمد بن جرير الطبري. ولم يقتصر في نقله عن كتب التأريخ والأخبار والسير، بل نقل عن الكتب الستة وغيرها من مدونات الحديث.

ويبدو للوهلة الأولى أن الذهبي ينقل من المصنفات الأولية وجادة، ولكن المدقق يتوقع أن يكون الذهبي قد ملك حق رواية الكثير من تلك المصنفات بالسماع والإجازة.

‌3 - كتب علم الرجال:

إن كتب علم الرجال تقدم تراجم لرواة الحديث، ومنهم الصحابة رضوان الله عليهم الذين يمثلون جيل عصر السيرة والخلافة الراشدة، فهم الذين صنعوا البطولات التأريخية وحققوا الأمجاد التي تمثلت في وحدة الأمة وتربيتها وفق مفاهيم واضحة وتنظيمها سياسياً واجتماعياً واقتصادياً. ولا شك أن كتب معرفة الصحابة- أحد فروع علم الرجال- من أهم المصادر التي ترفدنا بمعلومات عن الصحابة. ويقف كتاب (فضائل الصحابة) لأحمد بن حنبل و (معرفة الصحابة) لأبي نعيم وكتاب (الإصابة في تمييز الصحابة) للحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة هذا النمط من المصنفات. فأما (فضائل الصحابة) لأحمد بن حنبل (ت 240 هـ) ففيه

ص: 34

تراجم حافلة للخلفاء الراشدين "فقد بلغ مجموع الروايات المتعلقة بأبي بكر الصديق رضي الله عنه نحو خمسمائة رواية، شملت معلومات متفرقة عنه من الجاهلية إلى الوفاة، وأكثر من نصفها حول فضائله ومناقبه"(1). ومعظم روايات الكتاب صحيحة وفق مقاييس المحدثين، وتقل نسبة الصحيح في زيادات عبد الله بن أحمد بن حنبل، ويغلب الضعف على زيادات القطيعي (2).

وأما (معرفة الصحابة) لأبى نعيم الأصبهاني (336 - 430 هـ) فهو من أهم كتب معرفة الصحابة، فقد "تهيأ لأبي نعيم من لقي الكبار ما لم يقع لحافظ"(3) وكان حافظاً ضابطاً عالي الأسانيد، عالماً بالحديث وطرقه، واسع الرواية، كثير المشايخ، كثير المصنفات (4)، أحصى له باحث معاصر 102 شيخ و 58 تلميذاً ومائة كتاب ورسالة (5).

ومن مزايا الكتاب أن أبا نعيم ساق الروايات بأسانيدها الكاملة، مما يهيئ للنقاد العارفين فرصة الحكم عليها سنداً ومتناً.

ومن مزاياه الحديثية أيضاً إكثاره ذكر الأحاديث وعللها، وقد انتقده ابن

(1) عبد العزيز سليمان المقبل: خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه دراسة نقدية للروايات باستثناء حروب الردة- ص 16 (رسالة ماجستير بإشراف أكرم العمري).

(2)

وصي الله محمد عباس: مقدمة فضائل الصحابة 1: 41.

(3)

الذهبي: تذكرة الحفاظ 3: 1093.

(4)

محمد راضي عثمان: مقدمته لمعرفة الصحابة لأبي نعيم 1: 17، وابن كثير: البداية والنهاية 12: 45.

(5)

محمد راضي عثمان: مقدمته لمعرفة الصحابة لأبي نعيم 1: 30 - 55 ولم يبين أهمية الكتاب وموارد أبي نعيم فيه.

ص: 35

كثير لهذا السبب ولأنه لا يطيل نسب الشخص وأخباره وأحواله (1). فابن كثير ينظر إليه من زاوية المؤرخ وليس المحدث، رغم أن أبا نعيم صرَّح بأنه اقتصر على حديث أو حديثين أو أكثر من جملة مرويات الصحابة ولم يسق كل ما عنده عنهم، وقد أخَّر تراجم من لم يقع له حديث عنده (2).

أما بقية المصنفات في علم الرجال، وخاصة كتب الجرح والتعديل فإنها تمدنا بمعلومات دقيقة عن أحوال الرواة الذين وصلت إلينا أخبار عصر الخلافة الراشدة عن طريقهم، فتميزهم بذكر أسمائهم ونسبهم ونسبتهم، وتكشف عن المتشابه من الأسماء، وتوضح مكانتهم في العلم وحالهم من التوثيق والتضعيف، وعلاقاتهم العلمية بشيوخهم وتلاميذهم مما يوضح الاتصال أو الانقطاع في أسانيد الروايات، وكل هذه المعلومات تخدم نقد أسانيد الروايات، كما أنها تبين اتجاهاتهم العقدية والسياسية مما يتيح الفرصة للناقد المعاصر ليعرف مدى تأثير اتجاهات الراوي على وجهة الرواية صياغة ومحتوى.

ومن هنا يتبين مدى فائدة هذه المكتبة الرجالية في نقد المادة التأريخية فضلاً عن إمدادنا بمعلومات تاريخية جديدة.

ويصعب الكلام عن هذه المؤلفات بالتفصيل لكثرتها، ولكن من المهم الالماح إلى كتاب (تقريب التهذيب) لابن حجر ففيه خلاصة الأحكام على الرواة، والى أصله (تهذيب التهذيب) لابن حجر ففيه تفاصيل كثيرة، والى أصله (تهذيب الكمال) للحافظ المزي حيث يمتاز بطول قوائم الشيوخ والتلاميذ وحسن ترتيبهم، وحرفية النقل عن المصادر الأولية.

وتقترب التراجم من الكمال أكثر عندما نضيف كتاب (إكمال تهذيب

(1) ابن الأثير: أسد الغابة 1: 5.

(2)

انظر: معرفة الصحابة لأبي نعيم، وأكرم العمري: بحوث في تاريخ السنة المشرفة 71 - 72.

ص: 36

الكمال للحافظ مغلطاي، فإنه يكمل الروايات التي أهملها المزي أو لم يقف عليها ومغلطاي واسع الاطلاع على المصادر الأولية ومما يكمل المعلومات عن الرواة، ومن أراد الوقوف على المصادر الأولية في علم الرجال، فربما وجد ضالته في الدراسات المعاصرة المتخصصة (1). ولابد لمن أراد أن يمارس نقد الروايات على طريقة المحدثين من دراسة كتب مصطلح الحديث وخاصة علم الجرح والتعديل وقواعد الجمع والترجيح عند العارض.

كتاب (ميزان الاعتدال) للحافظ الذهبي، و (لسان الميزان) للحافظ ابن حجر وهما كتابان متخصصان بالضعفاء من الرواة، ولكن لا ينبغي أن نحكم بالضعف على جميع أصحاب التراجم فيهما، لوجود رواة تكلم فيهم النقاد بالتضعيف فأوردهم الذهبي في الميزان ثم دافع عنهم وانتهى إلى توثيقهم.

وثمة رواة لا نجدهم في هذه المصنفات فلابد من التفتيش عنهم في كتب أخرى مثل (الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم، و (الثقات) لابن حبان، و (تعجيل المنفعة) لابن حجر. وثمة رواة في القرن الرابع الهجري نحتاج إلى مراجعة تراجمهم في (تاريخ بغداد) للخطيب.

وأما المتأخرون من رواة القرن الخامس والسادس فقد لا تشتد الحاجة إلى معرفة أحوالهم من الجرح والتعديل بالنسبة لمروياتهم عن عصر الخلافة الراشدة إذ غالباً ما يتحملون من مصنفات معروفة، وتحقيق الرواية يتم اعتباراً من مؤلف الكتاب إلى أعلى السند، إذا تم التحقق من صحة الأصول الخطية.

ومن أجمع كتب معرفة الصحابة التي ألفت في القرون التالية واشتهرت واعتمدها الناس كتاب (أسد الغابة في معرفة الصحابة) لابن الأثير الجزري

(1) راجع أكرم العمري: بحوث في تاريخ السنة المشرفة.

ص: 37

(ت 630 هـ)، وكتاب (الإصابة في معرفة الصحابة) لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ). فأما كتاب (أسد الغابة في معربة الصحابة) لابن الأثير الجزري فيقع في خمس مجلدات، وقد جمع فيه مؤلفه بين كتب معرفة الصحابة لابن منده وأبي نعيم الأصبهاني وأبي موسى محمد بن أبي بكر الأصفهاني وابن عبد البر، ويذكر عادة من خرج الترجمة من أصحاب الكتب الأربعة المذكورة برموز شرحها في مقدمة كتابه، وقد ذكر أنه اختار من كلام كل واحد منهم أجوده وما تدعو الحاجة إليه، ولم يقتصر على مادة هذه الكتب الأربعة، بل أضاف إليها مواداً من كتب أخرى عدد بعضها في مقدمة كتابه كما استدرك عليهم بعض الأغلاط. ومع ذلك فقد انتقد ابن حجر كتابه فقال:"إنه تبع من قبله فخلط من ليس صحابياً بهم وأغفل كثيراً من التنبيه على كثير من الأوهام الواقعة في كتبهم"(1). واهتم ابن الأثير بذكر الأنساب والأخبار وما يعرف بالصحابي أكثر من ذكر الأحاديث وعللها وطرقها لأنه يرى أن ذلك بكتب الحديث أشبه، وقد رتب التراجم على حروف المعجم بصورة دقيقة مما ييسر الكشف عن الأسماء، ويبدأ بذكر الأسماء ثم الكنى ثم النساء (2).

وأما كتاب (الإصابة في تمييز الصحابة) لابن حجر فهو من أجمع كتب معرفة الصحابة، استخلص مؤلفه مادته من كتب معرفة الصحابة التي ألفت قبله وعددها كبير جداً، كما أفاد من كتب الجرح والتعديل وتواريخ المدن المحلية وكتب ضبط الأسماء وكتب الحديث والتفسير والرقائق وأفاد من كتب الأنساب والأخبار واللغة والأدب. ومعظم اقتباساته عن هذه الكتب مباشرة مما يدل على اطلاعه عليها وإفادته منها.

ويقع الكتاب في أربع مجلدات، منها المجلدات الثلاثة الأولى في تراجم من

(1) ابن حجر: الإصابة 1: 4.

(2)

ابن الأثير: أسد الغابة 1: 604.

ص: 38

عرفوا بأسمائهم ويبلغ عدد التراجم 9477 ترجمة، أما المجلدة الرابعة فتناول فيها من عرفوا بكناهم وبلغ عددهم 1268 علماً، كما تناول فيه تراجم النساء وبلغ عددهن 1522 امرأة، بدأ بمن عرفن بالأسماء ثم بمن عرفن بالكنى. فيكون عدد تراجم الكتاب 12267 ترجمة، وليس كل من ذكرهم ممن ثبتت صحبتهم حيث بين في مقدمة كتابه أنه ذكر فيه أربعة أقسام، القسم الأول من وردت صحبته بطريق الرواية عنه أو عن غيره سواء كانت الطريق صحيحة أو حسنة أو ضعيفة أو وقع ذكره بما يدل على الصحبة بأي طريق كان. والقسم الثاني فيمن ذكر في الصحابة من الأطفال الذين ولدوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومات وهم دون سن التمييز

لغلبة الظن على أنه صلى الله عليه وسلم رآهم. والقسم الثالث فيمن ذكر في الكتب المتقدمة عليه من المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ولم يرد في خبر قط أنهم اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا رأوه سواء أسلموا في حياته أم لا، وهؤلاء ليسوا صحابة باتفاق. والقسم الرابع فيمن ذكر في الكتب المتقدمة أنه صحابي على سبيل الوهم والغلط وبيان ذلك. وقد رتب ابن حجر تراجمه على حروف المعجم مبتدئاً في كل حرف بالقسم الأول ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع.

ويذكر في الترجمة عادة من خرج حديث الصحابي (صاحب الترجمة) من أصحاب السنن وغيرهم من المصنفين في الحديث. ويهتم بالتعريف بنسب الصحابي ويذكر نموذجاً أو أكثر من حديثه، وربما ساق بعض أخبار الصحابي في الغزوات أو الحوادث المهمة ويسجل وقت وفاته إذا عرفت.

ولا شك أن ابن حجر بإفادته من ملاحظات واستدراكات سابقيه من المصنفين وبإضافاته المهمة وتنبيهاته الدقيقة ضمن كتابه فوائد جليلة لا تتوفر في كتب معرفة الصحابة الأخرى وإن كان لها فضل السبق والتمهيد له.

ص: 39