الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحفصة الأرض (1).
وأمسك عمر رضي الله عنه ما جعله النبي صلى الله عليه وسلم لنوائبه وحوائجه من شطر خيبر ونصيبه من خمس خيبر، وجعل التصرف فيهما لولي الأمر (2) كذلك أجلى عمر رضي الله عنه يهود فدك بعد أن عوضهم عن أرضهم، وجعلها تحت تصرف ولي الأمر، وكانت في عهد النبوة قد حبست مواردها لأبناء السبيل (3).
وأما الفيء من أرض بني النضير، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعطي أهله نفقة سنتهم منها، والباقي ينفقه في صالح الدولة.
وقد أمضى أبو بكر رضي الله عنه هذه السياسة، ثم أمضاها عمر رضي الله عنه سنتين من خلافته، ثم دفعها للعباس ولعلي رضي الله عنهما بشرط إمضاء سياسة النبي صلى الله عليه وسلم فيها (4)، وهذا توكيل منه لهما على الأرض وليس تمليكاً.
المبحث الثالث: العطاء
والأثر حسن.
(1)
البخاري: الصحيح 2: 46، ومسلم: الصحيح بشرح النووي 10: 209، 212، وابن شبة: تأريخ المدينة 1: 178، 184، 186، والبلاذري: أنساب الأشراف 41، 42، وابن الجارود: المنتقى 166، والبيهقي: السنن الكبرى 6: 114 - 116، 340.
(2)
البخاري: الصحيح 2: 185، 186، ومسلم: الصحيح بشرح النووي 12: 76، 80،
(3)
صحيح سنن أبي داؤد للألباني 2: 574.
(4)
البخاري: الصحيح 2: 186 - 188، ومسلم: الصحيح 12: 71 - 76.
لم يكن للمسلمين بيت مال في عصر الرسالة و "كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أتاه الفيء قسمه في يومه، فأعطى الآهل حظين، وأعطى العزب حظاً"(1). وكان يعطي المال تأليفاً للقلوب حتى "إن الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يلبث الا يسيراً حتى يكون الإسلام أحبَّ إليه من الدنيا وما عليها"(2). ولم يفرض للجند عطاء معيناً، بل يقتسمون أربعة أخماس الغنيمة. ولكن الولاة على المدن والعمال على الصدقات كانت لهم رواتب محددة (3)، وهي تكفل لهم تنفيذ الأمر النبوي "من كان لنا عاملاً فليكتسب زوجة، فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادماً، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكناً" قال أبو بكر: أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اتخذ غير ذلك فهو غال أو سارق"(4).
وكان أبو بكر في أول خلافته ينهج منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في قسمة المال دون حفظه، ويذكر الواقدي أنه كان يحتفظ به بعد ذلك في بيته بالسنح دون حارس ثم نقله إلى جوار المسجد النبوي (5).
وقد حدَّد الصحابة مرتب أبي بكر رضي الله عنه بألفي درهم، فقال: "زيدوني فإن لي عيالاً، وقد شغلتموني عن التجارة، فزادوه خمسمائة.
وقد شك الراوي فذكر احتمال أن الراتب كان في الأصل ألفين وخمسمائة
(1) صحيح سنن أبي داؤد للألباني 2: 570.
(2)
مسلم: الصحيح (بشرح النووي) 15: 72.
(3)
صحيح سنن أبي داؤد للألباني 2: 568.
(4)
المصدر السابق.
(5)
ابن سعد: الطبقات 3: 212، 213.
درهم ثم صار ثلاثة آلاف بالزيادة (1). ويبدو أنه راتب سنوي، وأنه أخذ من الدولة خلال خلافته ستة آلاف درهم، فيكون راتبه الشهري في حدود (250) درهماً (2)، كما جعلوا له شاةً في كل يوم يطعمها لضيوفه، ويبقى رأسها وأكارعها لأهل بيته (3). كما جعلوا له شيئاً من السمن واللبن (4).
أما رواتب الولاة فلم تصرح الروايات بمقاديرها، ولكن يبدو أنها كانت لا تكفيهم حيث طلبوا زيادتها "أن زدنا في أرزاقنا وإلا فابعث إلى عملك من يكفيكه" فاستشار أبو بكر الصحابة فوافقوا على زيادتها (5).
وقد دفعت الدولة للناس مرتبات سنوية محددة سميت بالعطاء، وقد ساوى أبو بكر رضى الله عنه بين الناس في العطاء دون النظر إلى تفاضلهم في السابقة والجهاد معللاً ذلك بقوله:"إن هذا المعاش الأسوة فيه خير من الأثرة" فعمل بهذا ولاته. وقد شمل العطاء المتساوي الصغير والكبير والحر والمملوك والذكر والأنثى (6)
(1) ابن سعد: الطبقات 3: 185 وفيه انقطاع لأن ميمون الجزري لم يدرك خلافة أبي بكر (ابن حجر: تلخيص الحبير 4: 213)، وانظر: أحمد: فضائل الصحابة 1: 162 وفيه "ألفان وخمسمائة" فقط.
(2)
ابن سعد: الطبقات 3: 193، والبلاذري: الشيخان 56، وأبو عبيد: الأموال 281 من مرسل سعيد بن المسيب ومراسيله قوية.
(3)
ابن سعد: الطبقات 3: 185 من رواية ميمون الجزري ولم يدرك خلافة الصديق.
(4)
أبو عبيد: الأموال 280، وابن سعد: الطبقات 3: 193، والبلاذري: الشيخان 55 والأثر صحيح.
(5)
أحمد: فضائل الصحابة 1: 292 من مرسل نافع مولى ابن عمر.
(6)
أبو يوسف: الخراج 42 من مرسل عبد الله بن أبي نجيح وهو ثقة، وصحيح سنن أبي داؤد
وتحدد رواية ضعيفة مقدار العطاء في العام الأول من خلافة الصديق بعشرة دراهم وفي العام الثاني بعشرين درهماً (1). وكان العطاء مقتصراً على أهل المدن دون البادية (2).
وفي خلافة عمر رضي الله عنه تدفقت الأموال على الدولة، كما زادت نفقات الدولة زيادة عظيمة، فاحتاجت إلى تنظيم الواردات والمصروفات، والاحتفاظ بفائض المال لمدة طويلة، فاتخذ عمر رضي الله عنه بيت المال (3)، وممن تولى إدارته عبد الرحمن بن عبد القاري (تابعي له رؤية)(4)، وعبد الله بن الأرقم الزهري (صحابي)(5)، ومعيقيب بن أبي فاطمة (صحابي)(6).
وقد استحدثت بيوت الأموال في الأمصار أيضاً توضع فيها أموال المصر الخاصة فكان عبد الله بن مسعود يتولى بيت المال في الكوفة (7).
للألباني 2: 570.
(1)
- ابن سعد: الطبقات 3: 193 بإسناد فيه أسامة بن زيد بن أسلم "ضعيف".
(2)
- أبو عبيد: الأموال 240، 243.
(3)
- ابن شبة: تأريخ المدينة 3: 857 - 858 بسند مقطوع.
(4)
- البيهقي: السنن الكبرى 2: 143 بإسناد حسن.
(5)
- خليفة: التأريخ 156، وابن أبي شيبة: المصنف 6: 556 - 557، وأحمد: الزهد 143 - 144، وابن شبة: تأريخ المدينة 699، وابن حجر: المطالب العالية 3: 732 نقلاً عن مسند اسحق بن راهويه، والأثر إسناده حسن.
(6)
- ابن شبة: تأريخ المدينة 2: 702 والخبر صحيح، وابن حجر: التقريب 2: 268.
(7)
- عبد الرزاق: المصنف 6: 100 - 101 و 10: 333، وابن سعد: الطبقات 8: 6، وأحمد: المسند 1: 159 وفضائل الصحابة 2: 842، وابن زنجويه: الأموال 2: 499، والبيهقي: السنن الكبرى 6: 354 وهو يعتضد بطرقه إلى الحسن.
وكان عمر يعجل بقسمة الأموال التي ترد إلى بيت المال في أول خلافته (1)، ثم دون الديوان، وفرض الفرائض، ووضع العرفاء على القبائل (2).
ويؤرخ الطبري تدوين الديوان لأول مرة في السنة الخامسة عشرة من الهجرة (3) وأما البلاذري فيؤرخه في سنة عشرين. وتدل الروايات الصحيحة على أن تدوين الديوان كان عقب قدوم أخماس غنائم فتوح العراق يحملها أبو هريرة السدوسي (4) بعد ولاية أبي موسى الأشعري على البصرة، وقدرها ثمانون ألف درهم (5)، وكانت ولايته عليها منذ السنة السابعة عشرة للهجرة، كما أن غنائم المدائن وجلولاء- وقد فتحتا سنة ستة عشر- (6) وصلت في وقت مقارب للأخماس التي أرسلها أبو موسى الأشعري، وقدر خمس غنائم جلولاء ستة ملايين درهم (000، (000) ، 6 درهم) (7)، فلعل تدوين الديوان كان في حدود سنة (17) هـ.
(1) عبد الرزاق: المصنف 11: 100، وأحمد: المسند 1: 16، 94، والبزار: المسند 4: 253،
(2)
- أحمد: فضائل الصحابة 1: 328، وابن أبي شيبة: المصنف 5: 343 و 6: 455 (ط. بيروت)، والبيهقي: السنن الكبرى 6: 360 و 8: 108 والأثر صحيح.
(3)
- الطبري: تأريخ 2: 402.
(4)
- أما المصادر التأريخية فتذكر أن قدوم أبي هريرة كان من البحرين، وكان والياً عليها سنة عشرين للهجرة (البلاذري: فتوح البلدان 439، وأبو يوسف: الخراج 105، والبيهقي: السنن 6: 350 وقد اضطربت في مقدار الخمس).
(5)
- يعقوب بن سفيان: المعرفة والتأريخ 1: 465 - 467، وابن أبي شيبة: المصنف 6: 457، والبيهقي: السنن 6: 364 والأثر صحيح.
(6)
- ابن سعد: الطبقات 3: 296، 297 عن الواقدي، والبلاذري: فتوح البلدان.
(7)
- ابن أبي شيبة: المصنف 12: 318 (ط. السلفية)، وأبو عبيد: الأموال 224.
وأراد عمر رضي الله عنه توزيع هذه الأموال فأشار عليه الصحابة رضوان الله عليهم: "لا تفعل يا أمير المؤمنين، إن الناس يدخلون في الإسلام ويكثر المال، ولكن أعطهم على كتاب"(1). ولابد أن كتابة قوائم بأسماء المقاتلة مع تحديد معدلات أعطياتهم وأرزاقهم استلزم وقتاً طويلاً ولم يتم إنجازه كاملاً إلا سنة عشرين بعد أن استقرت الأوضاع، واتضحت أبعاد الفتح، وأنشئت المعسكرات الجديدة كالكوفة والبصرة، وتحددت الأجناد (جند الشام، وجند حمص، وجند قنَّسرين) واتضحت موارد الدولة المالية، مما يمكن معه من إنجاز الإحصاء والتدقيق اللازمين للديوان (2).
وتشير روايات ضعيفة إلى أن فكرة الديوان عرضها بعض الصحابة بناء على ما رأوه في بلاد الفرس والشام (3)، أو أن فكرة الديوان عرضها الهرمزان- أسير تستر سنة (17) هـ- (4). ولكن مما لا شك فيه أن الدواوين الإدارية والمالية كانت معروفة في أجهزة الحكم للدولتين العظميين المتصارعتين في المشرق قبيل ظهور الإسلام (5).
(1) - يعقوب بن سفيان: المعرفة والتأريخ 1: 465 - 467، وابن أبي شيبة: المصنف 6: 457، والبيهقي: السنن 6: 364 والأثر صحيح.
(2)
- عبد العزيز بن عبد الله السلومي: ديوان الجند 101.
(3)
- ابن سعد: الطبقات 3: 300، وابن أبي شيبة: المصنف 6: 452، وابن زنجويه: الأموال 2: 54، والبيهقي: السنن 6: 349، والأثر فيه ضعف مداره على محمد بن عمرو بن علقمة الليثي صدوق له أوهام (ابن حجر: التقريب 2: 196).
(4)
- الجهشياري: الوزراء والكتاب 17، والصولي: أدب الكتاب 190، والماوردي: الأحكام السلطانية 199، والعسكري: الأوائل 134.
(5)
- الجهشياري: الوزراء والكتاب 2، 3، وابن خرداذبة: المسالك والممالك 111 - 112، والبلاذري: فتوح البلدان 560، والماوردي: الأحكام السلطانية 199، والمقريزي: الخطط 1: 148، والسلومي: ديوان الجند 91.
ولا شك أن تدوين الديوان هو بمثابة إحصاء لأعداد المقاتلين المسلمين، بل ولغيرهم أيضاً ممن استحقوا العطاء، وكان قد جرى أول إحصاء في الإسلام في عهد النبوة "اكتبوا لي من يلفظ بالإسلام من الناس" فكتب له ألفاً وخمسمائة رجل (1) ولم تشر المصادر إلى وقوع إحصاء آخر للسكان حتى تدوين الديوان.
أما عن ترتيب الديوان، فقد بدأ بقرابة الرسول صلى الله عليه وسلم (2) الحسن والحسين (3)، ثم الأقرب فالأقرب، فقسم لزوجاته صلى الله عليه وسلم، ثم قدم المهاجرين الأولين فبدأ بأهل بدر منهم ثم أحد .. وعلل ذلك بقوله:"إني بادئ بأصحابي المهاجرين الأولين، فإنا أخرجنا من ديارنا ظلماً وعدواناً- ثم أشرفهم ففرض لأهل بدر وأحد- ثم قال: ومن أسرع في الهجرة أسرع به العطاء، ومن أبطأ في الهجرة أبطأ به العطاء، فلا يلومنَّ رجل إلا مناخ راحلته"(4). واذا اقتصرنا على ما صح من مقادير العطاء، فإن عطاء زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كان عشرة آلاف درهم (000، (10) درهم) كل سنة إلا جويرية وصفية وميمونة فقد فرض لهن أقل من ذلك ثم زاد عطاؤهن فصار اثني عشر ألف درهم (000، (12) درهم) إلا صفية وجويرية كان عطاؤهن ستة آلاف درهم (6000 درهم). وقد طالبت عائشة بالمساواة بين أمهات المؤمنين، فوافق عمر على مساواتهن (5).
(1) البخاري: الصحيح 4: 87.
(2)
يعقوب بن سفيان: المعرفة والتأريخ 1: 466 بإسناد صحيح رجاله ثقات.
(3)
عبد الرزاق: المصنف 11: 100 بإسناد صحيح رجاله ثقات.
(4)
ابن أبي شيبة: المصنف 6: 457، وأحمد: المسند 3: 475 بإسناد حسن، ويعقوب بن سفيان: المعرفة والتأريخ 1: 463 بإسناد صحيح.
(5)
عبد الرزاق: المصنف: 11: 100، وأحمد: المسند 3: 475، 476، ويعقوب بن سفيان:
وكان عطاء المهاجرين والأنصار أربعة آلاف درهم (4000 درهم) لكل واحد سنوياً (1)، سوى عبد الله بن عمر بن الخطاب فإنه فرض له ثلاثة آلاف وخمسمائة درهم (3500 درهم) معللاً ذلك "بأنه هاجر به أبوه أي ليس هو كمن هاجر بنفسه"(2)، وكان عبد الله صبياً حين الهجرة. ثم زاد المهاجرين ألفاً فصار عطاءهم خمسة آلاف درهم (5000 درهم) كل سنة (3). ويبدو أن هذا العطاء للبدريين فقط من المهاجرين والأنصار (4).
وأما من شهد صلح الحديبية فكان عطاءه ثلاثة آلاف درهم (3000 درهم) كل سنة (5).
وفرض لكل مولود مائة درهم (100 درهم)، وكان يفرض للفطيم ثم فرض للمولود حين ولادته خوفاً من تعجيل فطامه (6).
المعرفة والتأريخ 1: 463، 464، وابن زنجويه: الأموال 2: 536، والبيهقي: السنن الكبرى 6: 349.
(1)
البخاري: الصحيح 2: 335.
(2)
البخاري: الصحيح 2: 335.
(3)
عبد الرزاق: المصنف 11: 100 والأثر صحيح.
(4)
أحمد: المسند 3: 475 - 476، ويعقوب بن سفيان: المعرفة والتأريخ 1: 463، والبيهقي: السنن 6: 349 والأثر صحيح.
(5)
يعقوب بن سفيان: المعرفة والتأريخ 1: 463 - 464، والبيهقي: السنن الكبرى 6: 349 والأثر صحيح.
(6)
عبد الرزاق: المصنف 5: 311، وابن سعد: الطبقات 3: 301، وابن زنجويه: الأموال 2: 528 والأثر صحيح. وابن أبي شيبة: المصنف 6: 456، وابن زنجويه: الأموال 2: 527 والأثر صحيح لكنه خاص بعطاء زيد حفيد عمر، ولا يعقل أن يختصه دون أولاد المسلمين.
وأما الموالي، فقد فرض لأشرافهم كالهرمزان حينما أسلم ألفي درهم (2000 درهم)(1).
وإضافة إلى العطاء السنوي فإن عمر رضي الله عنه كان يوزع عطايا متفرقة، فقد أرسل إلى عائشة رضي الله عنها دراجاً (سفطاً لوضع الطيب والحلي) بعد أن استأذن الصحابة (2). وأعطى بعيراً محملاً بالطعام والنفقة والثياب لبنت خفاف بن ايماد الغفاري لمكانة أبيها وأخيها في الجهاد (3). وقسم مروطاً (أكسية تأتزر بها النساء من الصوف أو الحرير) بين نساء من نساء المدينة، وخصَّ أم سليط بمرط جيد "لأنها كانت تزفر لنا القرب يوم أحد"(4). وربما دفع أموالاً لبعض الصحابة لقسمتها على المحتاجين كما فعل مع عثمان وابن عباس (5).
وقد قسم المال مرة فسَّوى بين الناس، ولكن راعى أحوالهم الاجتماعية، فإن كان الرجل وحده أعطاه نصف دينار، وإن كانت معه امرأته أعطاه ديناراً (6).
ومن المهم أن نتبين وجهة نظر عمر رضي الله عنه في عدم المساواة بين المسلمين في العطاء، ودعمه الواضح لقرابة الرسول صلى الله عليه وسلم ولكبار
(1) - ابن أبي شيبة: المصنف 3: 7 و 6: 511، وابن زنجويه: الأموال 1: 305 - 306، والطبري: تأريخ 2: 481 والأثر صحيح.
(2)
- أحمد: فضائل الصحابة 2: 875، والحاكم: المستدرك 4: 8، وابن حجر: المطالب العالية 2: 189 نقلاً عن أبي يعلى الموصلي، والأثر حسن.
(3)
- البخاري: الصحيح 3: 43.
(4)
- البخاري: الصحيح 2: 150.
(5)
- ابن سعد: الطبقات 3: 288، والبزار: المسند 4: 255 - 256، ويعقوب بن سفيان: المعرفة والتأريخ 1: 521 - 522، والأثر صحيح.
(6)
- ابن أبي شيبة: المصنف 6: 493، وابن زنجويه: الأموال 2: 539 والأثر حسن.
الصحابة من المهاجرين والأنصار واعتباره للسابقة في الإسلام والبلاء في الجهاد .. فلا شك أن الفئة التي حازت الأموال الوفيرة في خلافته هي التي أقامت على أكتافها صرح الدولة الإسلامية، كما أنها أكثر فقهاً والتزاماً بالشرع ومقاصده، وأكثر ورعاً وصلاحاً في التعامل مع المال، وتذليله لتحقيق المقاصد الاجتماعية عن طريق الإنفاق. ودعم هذه الفئة اقتصادياً يقوي نفوذها في المجتمع، ويجعلها أقدر على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويحقق مقصد الحديث:"اليد العليا خير من اليد السفلى".
ويلاحظ أن عمر رضي الله عنه أراد العدول عن سياسة التفضيل في العطاء إلى المساواة، ولعل سياسة التفضيل حققت مقاصدها، كما أن وفرة الأموال تتيح له رفع العطاء الأقل إلى الأعلى .. وقد صرَّح بذلك في آخر خلافته قائلاً:"لئن بقيت إلى قابل، لألحقن آخر الناس بأولهم، ولأجعلنهم بياناً واحد"(1) - أي سواء-.
وأما عن نظرة عمر إلى الأموال العامة فقد عبَّر عنها بقوله: "إنَّ الله جعلني خازناً لهذا المال، وقاسماً له، ثم قال: بل الله يقسمه"(2).
(1) ابن أبي شيبة: المصنف 6: 454، وابن زنجويه: الأموال 2: 576 والأثر صحيح.
(2)
سعيد بن منصور: السنن 2: 124، 125، وأحمد: المسند 3: 475، 476، وابن أبي شيبة: المصنف 6: 457، وابن زنجويه: الأموال 2: 499، ويعقوب بن سفيان: المعرفة والتأريخ 1: 463 - 464، والحاكم: المستدرك 3: 272، والبيهقي: السنن الكبرى 6: 210، 349، والأثر صحيح.
وقد بكى عندما رأى عظمة الأموال التي جلبت إلى بيت المال من فتوح فارس، فلما ذكره عبد الرحمن بن عوف بأنه يوم شكر وسرور وفرح، قال عمر:"كلا إن هذا لم يعطه قوم إلا ألقي بينهم العداوة والبغضاء"(1).
ونظر إلى أموال فتح جلولاء فقرأ الآية: (زيِّن للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة)(2) وقال: اللهم لا نستطيع إلا أن نفرح بما زين لنا، اللهم فاجعلني أنفقه في حقه، وأعوذ بك من شره (3).
أما ورعه من المال العام فيظهر من قوله: "أنا أخبركم بما أستحل من مال الله، حلة الشتاء والقيظ، وما أحج عليه وما أعتمر من الظهر، وقوت أهلي كرجل
(1) ابن المبارك: الزهد 265، وعبد الرزاق: المصنف 11: 100، وأحمد: المسند 1: 16 والزهد 143، وبن زنجويه: الأموال 2: 500 - 501، والطبري: التأريخ 2: 471، والبيهقي: السنن الكبرى 6: 357 والأثر صحيح.
(2)
آل عمران 14.
(3)
ابن أبي شيبة: المصنف 6: 556 - 557، وأحمد: الزهد 143 - 144، وابن شبة: تأريخ المدينة 699 وهو أثر حسن.