الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس في نجد والحجاز مجاعة دامت تسعة أشهر اسودت خلالها الأرض لانقطاع الأمطار، وقد توسع الواقدي (1) في وصف حالة المجاعة هذه مبيناً نزوح الأعراب إلى المدينة، وقد بلغ عدد الذين تمدهم الدولة بالطعام ستين ألفاً منهم من يتعشى على مائدة واحدة وقد بلغوا عشرة آلاف، ومنهم من يصله الطعام إلى داره، وقد طلب الخليفة من ولاته على الأمصار إرسال الطعام والثياب فوافوه بها، ثم أدى عمر والصحابة صلاة الاستسقاء فنزلت الأمطار وحيت الأرض ورجع أهل البوادي إلى ديارهم، وقد عقَّب عمر رضي الله عنه على هذه الأحداث الشاقة بقوله:"الحمد لله، فوالله لو أن الله لم يفرجها ما تركت أهل بيت من المسلمين لهم سعة إلا أدخلت معهم أعدادهم من الفقراء، فلم يكن اثنان يهلكان من الطعام على ما يقيم واحداً"(2).
نفقات طارئة:
فقد جعل عمر رضي الله عنه نفقة اللقيط من بيت مال المسلمين (3)، كما دفع دية رجل قتل في الكعبة من المال العام (4).
المبحث الرابع: الإصلاحات
1 - الإقطاع:
مضى أبو بكر رضي الله عنه في تطبيق السياسة النبوية في إقطاع الأراضي
(1) ابن سعد: الطبقات الكبرى 3: 310.
(2)
البخاري: الأدب المفرد 83، وابن شبة: تأريخ المدينة 2: 738 - 839 والأثر صحيح
(3)
عبد الرزاق: المصنف 7: 450، وابن أبي شيبة: المصنف 6: 295 والأثر صحيح.
(4)
عبد الرزاق: المصنف 10: 51 والأثر صحيح.
للناس طلباً لاستصلاحها، فقد أقطع الزبير بن العوام أرضاً مواتاً ما بين الجرف وقناة (1) وأقطع مجاعة بن مرارة الحنفي الخضرمة (قرية كانت باليمامة)(2)، وأراد إقطاع الزبرقان بن بدر، ثم عدل عن ذلك لاعتراض عمر رضي الله عنه، كما أراد إقطاع عيينة بن حصن الفزاري والأقرع بن حابس التميمي أرضاً سبخة (ليس فيها كلأ ولا منفعة) أرادا استصلاحها ثم عدل عن ذلك أخذاً برأي عمر رضي الله عنه في عدم الحاجة لتأليفهما على الإسلام "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتألفكما والإسلام يومئذ ذليل، وإن الله عز وجل قد أعز الإسلام، فاذهبا فاجهدا جهدكما"(3) ومن الواضح أن اعتراض عمر ليس على مبدأ الإقطاع لاستصلاح الأراضي بل على أشخاص بعينهم لا يرى تأليفهم على الإسلام.
وقد توسع عمر رضي الله عنه في إقطاع الأرض لغرض استصلاحها جرياً
(1) ابن سعد: الطبقات الكبرى 3: 104 والأثر صحيح. وابن أبي شيبة: المصنف 12: 354، والبلاذري: فتوح البلدان 31، والبيهقي: السنن الكبرى 6: 144.
(2)
البخاري: التأريخ الكبير 1: 376 والتأريخ الصغير 1: 119 وفي الإسناد هشام بن إسماعيل مجهول الحال، وابن حجر: الإصابة 3: 521 وفي الإسناد هلال بن سراج الحنفي مقبول، فالإسناد ضعيف لأن متابعة هشام لا تعضده.
(3)
ابن أبي شيبة: المصنف 12: 356، والبخاري: التأريخ الصغير 1: 81، ويعقوب بن سفيان: المعرفة والتأريخ 3: 373، والبيهقي: السنن الكبرى 7: 20. والأثر أسانيده مرسلة، فعبيدة السلماني لم يسمع من أبي بكر أو عمر رضي الله عنهما (الإصابة 1: 73) حيث ينقل رأي ابن المديني. وأبو عبيد: الأموال 290 من مرسل عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي بإسناد حسن. والمتقي الهندي: كنز العمال 1: 315 عن عبد الرزاق من مرسل طاووس، والمراسيل الثلاثة تعتضد لتقوية الخبر.
على السياسة النبوية، فقد أعلن:"يا أيها الناس من أحيا أرضاً ميتة فهي له"(1). وتعتضد آثار ضعيفة لتؤكد انتزاع عمر رضي الله عنه ملكية الأرض المقطعة إذا لم يتم استصلاحها (2)، وتحدد رواية ضعيفة لذلك ثلاث سنوات من تأريخ الإقطاع (3) وقد ثبت إقطاع عمر رضي الله عنه لخوات بن جبير أرضاً مواتاً (4)، وللزبير بن العوام أرض العقيق جميعها (5)، ولعلي بن أبي طالب أرض ينبع، فتدفق فيها الماء الغزير، فأوقفها علي رضي الله عنه صدقة على الفقراء (6). وتوجد آثار ضعيفة لإقطاعه عدداً من الصحابة الآخرين، ونظراً لما يترتب على الإقطاع من حقوق التملك فلا ينبغي إعطاءها أهمية (7)، بل إن عمر رضي الله عنه رفض إقرار إقطاع البحرين للعباس بن عبد المطلب مما أغضب الأخير إذ لم يكن عنده سوى
(1) مالك: الموطأ 2: 217، ويحيى بن آدم: الخراج 87، وابن زنجويه: الأموال 2: 651 والأثر صحيح.
(2)
ابن زنجويه: الأموال 2: 645.
(3)
يحيى بن آدم: الخراج 88، وعبد الرزاق: المصنف 9: 11، وابن زنجويه: الأموال 2: 644، والبيهقي: السنن 6: 148.
(4)
البلاذري: فتوح البلدان 26 والأثر حسن.
(5)
ابن أبي شيبة: المصنف 6: 472، وابن زنجويه: الأموال 2: 626، والبلاذري: فتوح البلدان 34 والأثر صحيح.
(6)
ابن أبي شيبة: المصنف 6: 472، وابن شبة: تأريخ المدينة 1: 220 - 221، والبلاذري: فتوح البلدان 27 - 28، والبيهقي: السنن 6: 144، 160 - 161 والأثر يرقى بطرقه إلى الحسن.
(7)
وهم: عثمان بن أبي العاص (ابن زنجويه: الأموال 2: 626).
شاهد واحد على أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه إياها (1).
ولما تولى عثمان رضي الله عنه الخلافة توسع في الإقطاع، وخاصة في المناطق المفتوحة، حيث ترك عدد من الملاكين أراضيهم فارين، فصارت صوافي تقوم الدولة باستثمارها، فأقطع عثمان رضي الله عنه منها خوفاً من بوارها (2)، ولكن الإمام أحمد يرى أنه أقطع من السواد أيضاً (3). ومما لاشك فيه أن الصوافي قد يقع كثير منها في أرض السواد. وعلى أية حال فإن الإقطاع من الصوافي رفع غلتها من تسعة آلاف درهم (9000 درهم) سنوياً في خلافة عمر رضي الله عنه إلى خمسين مليون درهم (000، (000) ، (50) درهم) في خلافة عثمان رضي الله عنه (4) مما يدل على نجاح سياسته في إدارة الصوافي.
وتذكر المصادر قائمة بأسماء الذين أقطعهم عثمان رضي الله عنه،
ومجاعة بن مرارة السلمي (ابن زنجويه: الأموال 2: 620 - 621، والبلاذري: فتوح البلدان 102).
وخوات بن جبير (ابن شبة: تأريخ المدينة 1: 151، والبلاذري: فتوح البلدان 26)
وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وخباب بن الأرت، وأسامة بن زيد، والزبير بن العوام (يحيي بن أدم: الخراج 76).
وعبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي (الطبري: تأريخ 2: 554 عن علي بن مجاهد متروك).
وتميم الداري وأنه منعه من التصرف بالبيع (أبو عبيد: الأموال 288).
(1)
- ابن سعد: الطبقات 4: 22 - 23 والأثر حسن.
(2)
- أبو عبيد: الأموال 261، والبلاذري: فتوح البلدان 273، وابن قدامة: الخراج وصناعة الكتابة 217، والماوردي: الأحكام السلطانية 193.
(3)
- ابن رجب: الاستخراج في أحكام الخراج 428 - 430.
(4)
- الماوردي: الأحكام السلطانية 193.
ومعظمهم ليسوا من قريش، ومعظم الروايات في إقطاع عثمان رضي الله عنه ضعيفة وهي بالجملة تثبت توسعه في الإقطاع.
ولعل من المفيد ذكر أسماء المقطعين وهم:
1 -
عبد الله بن مسعود الهذلي "أرض بين نهري بيل وبين في السواد".
2 -
عمار بن ياسر العنسي "أستينيا".
3 -
خباب بن الأرت التميمي "صعنبى- قرية بالسواد".
4 -
عدي بن حاتم الطائي "الروحاء- قرية من قرى بغداد على نهر عيسى".
5 -
سعد بن أبي وقاص الزهري القرشي "قرية هرمز ببرِّ فارس"(1).
6 -
الزبير بن العوام.
7 -
أسامة بن زيد الكلبي.
8 -
سعيد بن زيد العدوي القرشي.
9 -
جرير بن عبد الله البجلي "أرض على شاطئ الفرات".
10 -
ابن هبار.
11 -
طلحة بن عبيد الله التيمي القرشي "النشاستج- صنيعة بالكوفة".
12 -
وائل بن حجر الحضرمي "أرض توالي قرية زرارة، بالكوفة".
13 -
خالد بن عرفطة القضاعي "أرض عند حمام أعين بالكوفة".
14 -
الأشعث بن قيس الكندي "طيزناباذ- موضع بين الكوفة والقادسية".
15 -
أبو مربد الحنفي "أرض بالأهواز على نهر تيري".
16 -
نافع بن الحارث بن كلدة الثقفي "قطيعة بشط عثمان بالبصرة".
(1) محمد بن محمد علي العواجي: خلافة عثمان بن عفان 180 - 182، وكلها أخبار ضعيفة ومعظمها بدون أسانيد.