الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: عمر بن الخطاب رضي الله عنه
عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح، من بني عدي بن كعب إحدى عشائر قريش. وأمه حنتمة بنت هاشم المخزومية (1) ولد بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة (2).
كان طويل القامة، ضخم الجسم، كثير شعر البدن، وقد انحسر شعره عن جانبي رأسه، أبيض البشرة، شديد الحمرة، يخضب شيبه بالحناء، له شارب كثيف، أعسر يسر- وهو الذي يعمل بيديه جميعاً- (3).
وكان قد بلغ الثلاثين من عمره وقت المبعث النبوي (4). فكان شديداً على
(1) ابن سعد: الطبقات الكبرى 4: 265، وأبو نعيم: معرفة الصحابة 1: 190 - 191 مع الحاشية رقم 3، وابن حجر: الإصابة 4: 588.
(2)
ابن حجر: الإصابة 4: 588، وانظر اذكره الواقدي من أن مولده- كما ذكر عمر عن نفسه- قبل الفجار الآخر بأربع سنين (ابن سعد: الطبقات 3: 296، وابن شبة: تاريخ المدينة 2: 661)
(3)
أحمد: فضائل الصحابة 1: 260 - 261 بأسانيد ترقى بمجموعها إلى الحسن، وابن سعد: الطبقات الكبرى 3: 324، والطبراني: المعجم الكبير 1: 19، ومسلم: الصحيح 4: 1821، والحاكم: المستدرك 3: 81 بإسناد حسن إلى زر بن حبيش، وابن حجر: الإصابة 4: 589، وأبو نعيم: معرفة الصحابة 1: 203، 206.
(4)
ابن حجر: الإصابة 4: 588.
المسلمين (1)، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالهداية فأسلم (2) في السنة السادسة من البعثة (3)، فاعتز به الإسلام. وجهر بإسلامه فتعرض له المشركون وقاتلهم وقاتلوه (4). وقد عرف في الجاهلية بالفصاحة والشجاعة، وعرف في الإسلام بالقوة والهيبة، والزهد والتقشف (5)، والعدل والرحمة، والعلم والفقه (6) وكان مسدد القول والفعل (7). وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة حديث وسبعة وثلاثين حديثاً (8). وقد وافقه القرآن في عدة آراء اقترحها على رسول الله صلى الله عليه وسلم منها اتخاذ مقام إبراهيم مصلى، وحجاب أمهات المؤمنين، ونصحه لأمهات المؤمنين قبل نزول آية التخيير (9)، وقد بشره رسول
(1) أحمد: فضائل الصحابة 1: 278، 279.
(2)
الترمذي: السنن 5: 617، وابن حبان: الإحسان 9: 17.
(3)
ابن حجر: فتح الباري 7: 216 - 217.
(4)
أحمد: فضائل الصحابة 1: 282.
(5)
أحمد: فضائل الصحابة 1: 330 الرواية رقم 471، وابن سعد: الطبقات 3: 327، 328، وأبو نعيم: معرفة الصحابة 1: 223.
(6)
البخاري: الصحيح (فتح الباري 12: 410)، وأحمد: فضائل الصحابة 1: 330 الرواية رقم 472 بإسناد صحيح و 1: 344 الرواية رقم 496 بإسناد صحيح و 1: 362 الرواية رقم 530 وأبو داؤد: السنن 3: 127، والهيثمي: مجمع الزوائد 9: 69، 77.
(7)
أحمد: فضائل الصحابة 1: 98، 248، 249 بأسانيد صحيحة وحسنة.
(8)
بقي بن مخلد ص 81.
(9)
البخاري: الصحيح (فتح الباري 1: 504 و 8: 168)، ومسلم: الصحيح 4: 1865. وآية
الله صلى الله عليه وسلم بالجنة (1)، وبشره بالشهادة (2) وبما سيكون على يده من خير، ووصفه بالعبقري "لم أر عبقرياً يفري فريه"(3). وبين أنه إن كان في الأمة محدث- بمعنى ملهم- فهو عمر (4). وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالاقتداء بأبي بكر وعمر (5).
وكان مقرباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشيره في المهمات، شهد معه المشاهد كلها، وقد صاهره بالزواج من ابنته حفصة أم المؤمنين، وكان أبو بكر يستشيره كثيراً، وهو الذي أشار عليه بجمع القرآن (6)، وقد عهد إليه بالخلافة بعد مشاورة كبار الصحابة ورضاهم (7). ولقب بأمير المؤمنين (8).
وقد أطهر عمر في خلافته حسن السياسة، والحزم والتدبير، والتنظيم للإدارة والمالية، ورسم خطط الفتح وسياسة المناطق المفتوحة، والسهر على مصالح الرعية، وإقامة العدل في البلاد، والتوسع في الشورى، "وكان القراء
التخيير هي الخامسة من سورة التحريم.
(1)
البخاري: الصحيح (فتح الباري 7: 22، 40).
(2)
مسلم: الصحيح 4: 188، وأحمد: فضائل الصحابة 1: 255 بسند صحيح.
(3)
أحمد: فضائل الصحابة 1: 255، 257، والبخاري: الصحيح 7: 19، 41، ومسلم: الصحيح 1862:4.
(4)
البخاري: الصحيح 7: 42.
(5)
أحمد: فضائل الصحابة 1: 332، وابن ماجة: السنن 1: 37 كلاهما بإسناد صحيح.
(6)
البخاري: الصحيح 8: 344، ومسلم: الصحيح 4: 1913.
(7)
ابن سعد: الطبقات 3: 191، والبلاذري: أنساب (الشيخان) 70 - 73.
(8)
ابن سعد: الطبقات 4: 281، والطبراني: المعجم الكبير 1: 18، وأبو نعيم: معرفة الصحابة 1: 227، والحاكم: المستدرك 3: 81.
أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولا كانوا أم شباناً" (1)، ومحاسبة الولاة (2) وفق مبدأ "من أين لك هذا"، ومنعهم من أذى الرعية، وفتح بابه أمام شكاوي الناس (3). وتدوين الدواوين (4)، وتعيين العرفاء على العشائر والقبائل (5). وابتدأ التأريخ الهجري، وكان لا يستحل الأخذ من بيت مال المسلمين إلا حلة للشتاء وأخرى للصيف وناقة لركوبه وقوته كقوت رجل متوسط الحال من المهاجرين (6)
وتدل خطبه ورسائله إلى الولاة والقادة على بلاغته العالية وبيانه الواضح مع الإيجاز المفيد والبعد عن الإطناب والإغراب والمبالغة، وتعبر بدقة عن شعوره العميق بالمسؤولية تجاه الدين والرعية، مع حسن التوكل على الله والثقة بالنفس (7). وقد غلبت الدولة الإسلامية في عهده الفرس والروم وحررت الهلال الخصيب ومصر، ومصرت الكوفة والبصرة والفسطاط، ومازالت في صعود وامتداد. حتى اغتاله أبو لؤلؤة المجوسي غلام المغيرة بن شعبة وهو يؤم المسلمين في صلاة الفجر ليلة الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة 23 للهجرة، بعد خلافة دامت عشر سنين وستة أشهر (8)، وكان عمره ثلاثاً وستين سنة (9).
(1) أحمد: فضائل الصحابة 1: 351 بإسناد صحيح.
(2)
أحمد: فضائل الصحابة 1: 293.
(3)
ابن سعد: الطبقات 4: 281.
(4)
أحمد: فضائل الصحابة 1: 328، وابن سعد: الطبقات 3: 300 بإسناد صحيح، ويعقوب بن سفيان: المعرفة والتأريخ 2: 58.
(5)
المصادر السابقة.
(6)
أحمد: فضائل الصحابة 1: 405، وابن سعد: الطبقات 3: 275 وإسنادهما صحيح.
(7)
محمد حميد الله: مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة 406 - 528.
(8)
مسلم: الصحيح 1 - 396 رقم 567، وابن سعد: الطبقات 3: 563، وأبو نعيم: معرفة الصحابة 1: 391.
(9)
أبو نعيم معرفة الصحابة 1: 591.
وأرجح أن سبب اغتياله يعود إلى الدافع الشخصي لدى قاتله المجوسي، وكان عجميا ماهرا بالصناعة وكان عمر قد نهى عن جلب الأعاجم البالغين من غير المسلمين إلى المدينة ولكن مصالح الناس أدت إلى جلبهم. (1)
(1) ابن سعد: الطبقات 3 - 349 بإسناد صحيح.