الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجزيرة فاجتمع عليه العرب والفرس والروم فقاتلهم وانتصر عليهم (1)، ثم رجع إلى الحيرة حيث جاءه أمر أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن يأخذ نصف الجيش ويتجه إلى الشام لمساعدة المسلمين هناك ضد الروم، وبقي المثنى بالنصف الآخر في العراق (2).
ملاحظات:
1 -
لم يشرك الصديق رضي الله عنه أحداً من المرتدين في الفتوح، بل جردهم من السلاح لأنه لم يأمنهم لحداثة عهدهم بالردة، وعقوبةً لهم بإظهار الاستغناء عنهم، ثم لأنه لم يشأ أن يكونوا طلائع الفتح الاسلامي فلا يعطون سكان المناطق المفتوحة المثل الصالح للجندي المسلم.
2 -
لم تستقر قدم الفاتحين في المناطق المفتوحة، بل كان السكان وخاصة نصارى العرب يثورون عليهم فقد أعيد فتح الحيرة ثلاث مرات. وهذا يفسر أسباب تغير شروط الصلح مرات عديدة في مناطق السواد.
3 -
دارت سائر المعارك في العراق العربي (3).
في خلافة عمر بن الخطاب (رضى الله عنه):
بعد مغادرة خالد بن الوليد العراق إلى الشام، اضطر المثنى إلى الانسحاب من المنطقة المفتوحة إلى الصحراء لعدم تمكنه من مواجهة الفرس بقواته القليلة، ولخشيته من ثورة سكان البلاد، فترك الحيرة إلى خفَّان في الصحراء.
ثم حدثت اضطرابات في البلاط الساساني وتعاقب تسعة أمراء في أربع
(1) نفسه 3: 383.
(2)
نفسه 415،408:3 - 417.
(3)
شكري فيصل: حركة الفتح الاسلامي 62، 69.
سنوات على العرش، وبدأ الاضطراب عندما قتل شيرويه أباه كسرى أبرويز، ثم قتل شيرويه، وتولى أمراء متعاقبون ثم تولى شهريران بن أردشير، ثم مات فتولت أخته دخت زنان بنت كسرى ثم خلعت وتولى سابور في شهريران ثم قتل وتولت آزر ميدخت بنت كسرى ثم خلعت وتولت بوران بنت كسرى وقد أطلقت يد رستم في شؤون الدولة والجيش (1).
وبدأ رستم تنظيم مقاومة ضد المسلمين، وقد استمد المثنى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأرسل عمر أبا عبيد بن مسعود الثقفي ومعه عشرة آلاف مقاتل، ولما وصل العراق كان رستم قد استثار الدهاقين في السواد فثاروا بالمسلمين كما أرسل ثلاثة جيوش أحدها بقيادة جابان والآخر بقيادة نرس والثالث بقيادة الجالينوس، وتمكن أبو عبيد من هزيمة الجيوش الثلاثة قرب الحيرة وكسكر والسقاطية على التوالي، وأعاد احتلال السواد وصالح الدهاقين (2).
وقد حفزت هزائم الفرس رستم فعبأ جيشاً كبيراً بقيادة بهمن جاذويه ذي الحاجب يساعده الجالينوس ومعهم الفيلة وراية كسرى "درفش كابيان"، والتقى الجيشان على الفرات بقس الناطف، وقد خيَّر الفرس أبا عبيد أن يعبر اليهم أو يعبروا اليه فاختار العبور كي "لا يكونوا أجرأ على الموت منا" لكنه فقد خصائص عديدة، فقد كان وراءه الصحراء وبعبوره أصبح النهر وراءه، وكان في صحراء فأصبح في أعشاب ومستنقعات، وفي بدء المعركة رجحت كفة المسلمين لكن الفيلة أرعبت خيلهم وخبطت أبا عبيد فقتلته، وانهزم المسلمون، وقام أحدهم بقطع الجسر ليمنع الهزيمة لكنه أخطأ وزاد خسائر المسلمين التي بلغت أربعة آلاف بين قتيل وغريق ثم أصلح الجسر وعبر المسلمون. لقد كانت الهزيمة قاسية حتى لحق
(1) الطبري: تأريخ 3: 413 - 414، 447.
(2)
الطبري: تأريخ 3: 450 - 453.