الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدم استجابة الصديق لطلب فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم أن ترث "ما أفاء الله على رسوله بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر"، واحتج أبو بكر بحديث "لا نورث ما تركنا صدقة". وقد غضبت فاطمة وقاطعته حتى توفيت، فبايع علي أبا بكر بعد وفاتها في المسجد بعد صلاة الظهر (1). فهذا أقوى ما ورد في بيعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما، ولكن صحت روايات أخرى تفيد بأنه بايع في اليوم الذي جرت فيه البيعة العامة، وأنه وضح سبب غضبه بقوله:"ما غضبنا إلا لأنَّا أخِّرنا عن المشاورة، وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه لصاحب الغار، وثاني اثنين، وإنا لنعلم بشرفه، وكبره، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة بالناس وهو حي"(2).
وجمع ابن كثير وابن حجر بين الأحاديث الصحيحة بأن علياً بايع أول الأمر مع الناس ثم بايعه بعد وفاة فاطمة تأكيداً للأولى وإزالة لما حدث من جفوة بسبب الاختلاف حول الميراث (3).
المبحث الثالث: خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
مرض أبو بكر رضي الله عنه، وأحس بدنو أجله، فاستشار الصحابة في أمر
(1) البخاري: الصحيح 5: 177، ومسلم: الصحيح 3: 1380.
(2)
موسى بن عقبة: المغازي (الذهبي: تأريخ الإسلام 3: 8، وابن كثير: البداية والنهاية 6: 341) بإسناد صحيح، وانظر حول بيعة علي راضياً كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد 2:563.
(3)
ابن كثير: البداية والنهاية 5: 281، 321 و 6: 341، وابن حجر: فتح الباري 7: 495.
الخلافة بعده: "إني قد نزل بي ما ترون ولا أظنني إلا لمأتي .. فأمَروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمرتم عليكم في حياة مني كان أجدر ألا تختلفوا بعدي" فتشاوروا بينهم ثم جاءوه طالبين منه أن يرشح لهم واحداً، فسألهم: فلعلكم تختلفون؟ قالوا: لا. قال: فعليكم عهد الله على الرضا؟ قالوا: نعم. قال: فأمهلوني أنظر لله ولدينه ولعباده. ثم أرسل إلى عثمان بن عفان فاستشاره، فأشار عليه بعمر بن الخطاب، فأمره أن يكتب له عهداً (1). وقد أجمعت الأمة على بيعته والرضا به (2).
وقد سمَّت روايات ضعيفة الصحابة الذين استشارهم وهم: عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعيد بن زيد، وأسيد بن الحضير، وغيرهم من المهاجرين والأنصار، وقد أدت مشاوراته إلى نصيحة الأمة باستخلاف عمر بن
(1) ابن الجوزي: مناقب عمر بن الخطاب 52 من مرسل الحسن البصري. وأما ما ذكره الطبري: تأريخ 3: 429 حول بيعة عمر ففي إسناده علوان بن داؤد منكر الحديث (الذهبي: ميزان الاعتدال 3: 108) وهو علوان بن صالح نفسه في رواية الطبري 3: 431.
(2)
تشير رواية إلى أن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال لأبي بكر رضي الله عنه: أستخلف على الناس عمر وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه، فكيف به إذا خلا بهم!! وأنت لاقٍ ربَّك فسائلك عن رعيتك
…
فقال أبو بكر: أبالله تخوفني! إذا لقيتُ الله ربي فساءلني قلت: استخلفتُ على أهلك خير أهلك (الطبري: تأريخ 3: 433 وفي إسناده علتان عنعنة ابن اسحق وهو مدلس ومحمد بن حُميد الرازي ضُعِّف). وقد وردت من طريق آخر دون النص على اسم طلحة بل تجعل بدله "الناس"(ابن أبي شيبة: المصنف 12: 35 - 36 حديث رقم 12062 من مرسل زبيد اليامي وهو علوي لم يدرك أبا بكر ولا أحداً من الصحابة المتقدمين، والرواية تتفق مع هواه (أبو نعيم: الإمامة 275).
وكذلك ورد خبر مرسل وآخر منقطع في قول الصديق للصحابة: "أترضون بمن أستخلف