المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مراقبة العمال والولاة: - عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين

[أكرم العمري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تحليل المصادر

- ‌1 - كتب التأريخ:

- ‌محمد بن اسحق:

- ‌خليفة بن خياط:

- ‌محمد بن سعد (ت 230ه

- ‌البلاذري:

- ‌ابن عبد الحكم:

- ‌الأزدي:

- ‌ابن شبَّة:

- ‌اليعقوبي:

- ‌ابن قتيبة الدينوري:

- ‌الطبري:

- ‌المسعودي:

- ‌ابن أعثم الكوفي:

- ‌ابن حبيش:

- ‌الكلاعي:

- ‌المحب الطبري (ت 694ه

- ‌محمد بن يحيى الأشعري المالكي- ابن بكر- (ت 741ه

- ‌ابن كثير (ت 774 ه

- ‌ الذهبي

- ‌2 - كتب الحديث:

- ‌3 - كتب علم الرجال:

- ‌المراجع الحديثة:

- ‌الباب الأول: السياسة(الخلافة والخلفاء)

- ‌الفصل الأول: الخلافة

- ‌المبحث الأول: نظام الخلافة

- ‌المبحث الثاني: خلافة أبي بكر الصديق (رضى الله عنه)

- ‌المبحث الثالث: خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌المبحث الرابع: خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌المبحث الخامس: خلافة على بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌المبحث السابع (*): أزمة الخلافة وانتقال مركز الخلافة إلى العراق

- ‌الفصل الثاني: الخلفاء

- ‌المبحث الأول: أبو بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌المبحث الثاني: عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌المبحث الثالث: عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌المبحث الرابع: على بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌المبحث الخامس: حجية عمل الخلفاء الراشدين

- ‌المبحث السادس: الشورى

- ‌الباب الثانيالإدارة. القضاء

- ‌الفصل الأول: الإدارة(الولاة. الموظفون)

- ‌المبحث الأول: الولاة على البلدان

- ‌الولاة في خلافة أبي بكر:

- ‌قائمة بأسماء ولاة أبي بكر على البلدان:

- ‌الولاة في خلافة عمر:

- ‌مراقبة العمال والولاة:

- ‌قائمة بأسماء ولاة عمر على الأقاليم:

- ‌الولاة في خلافة عثمان:

- ‌قائمة بأسماء الولاة في خلافة عثمان:

- ‌الولاة في خلافة علي:

- ‌قائمة بأسماء الولاة في خلافة على:

- ‌المبحث الثاني: الموظفون

- ‌الرقابة على الأسواق (نظام الحسبة):

- ‌تنظيم العرفاء والنقباء ومساعدته في إيصال العطاء لمستحقيه:

- ‌الموظفون في خلافة أبو بكر:

- ‌عمال الصدقات:

- ‌الموظفون في خلافة عمر:

- ‌الموظفون في خلافة عثمان:

- ‌الموظفون في خلافة على:

- ‌الفصل الثاني: القضاء

- ‌القضاء في عصر الخلافة الراشدة:

- ‌تطبيق الحدود الشرعية:

- ‌ندرة الخصومات بين الناس:

- ‌إخضاع الخلفاء أنفسهم لأحكام القضاء وإجراءاته:

- ‌الجرائم والعقوبات:

- ‌التعزير:

- ‌الجنايات:

- ‌القضاة في خلافة أبي بكر:

- ‌القضاة في خلافة عمر:

- ‌رواتب القضاة:

- ‌القضاة في خلافة عثمان:

- ‌القضاة في خلافة على:

- ‌الباب الثالث: الاقتصاد

- ‌الفصل الأول: الموارد المالية

- ‌المبحث الأول: الجزية

- ‌الجزية في خلافة أبي بكر رضي الله عنه:

- ‌الجزية في خلافة عمر رضي الله عنه:

- ‌الجزية في خلافة عثمان رضي الله عنه:

- ‌الجزية في خلافة علي رضي الله عنه:

- ‌المبحث الثاني: الخراج

- ‌المبحث الثالث: الغنائم

- ‌المبحث الرابع: الزكاة

- ‌المبحث الخامس: عشور التجارة

- ‌الفصل الثاني: النفقات العامة

- ‌المبحث الأول: مصارف الزكاة

- ‌المبحث الثاني: مصارف الغنائم والفيء

- ‌المبحث الثالث: العطاء

- ‌الأرزاق العينية:

- ‌نفقات طارئة:

- ‌المبحث الرابع: الإصلاحات

- ‌1 - الإقطاع:

- ‌2 - الحمى:

- ‌3 - الإنفاق على العمران:

- ‌عمران المساجد:

- ‌بناء الأمصار:

- ‌حفر الأنهار والخلجان وإقامة السدود والمنشآت الأخرى:

- ‌4 - مشروع تحرير الرقيق:

- ‌5 - النقود:

- ‌القروض الحسنة:

- ‌القوة الشرائية للنقود:

- ‌الرقابة المالية:

- ‌رقابة عمر لأهله:

- ‌الباب الرابع: الثقافة والتعليم

- ‌الفصل الأول: السمات والنظرية والتقاليد

- ‌تمهيد: التراث الثقافي قبل الإسلام

- ‌المبحث الأول: السمات العامة للتعليم

- ‌المبحث الثاني: نظرة الاسلام إلى العلم والتعليم

- ‌المبحث الثالث: آداب التعليم وتقاليده

- ‌الفصل الثاني: التطبيقات والمركز والموضوعات

- ‌المبحث الأول: النشاط التعليمي

- ‌تمهيد

- ‌أ - النشاط التعليمي بمكة قبل الهجرة

- ‌ب- النشاط التعليمي بالمدينة:

- ‌جـ - انتشار التعليم الاسلامي في البوادي والأمصار الجديدة:

- ‌المبحث الثاني: مراكز الحركة الفكرية

- ‌مواد الكتابة:

- ‌المبحث الثالث: موضوعات التعليم

- ‌أ- القرآن وعلومه:

- ‌ب- الحديث:

- ‌فمن مواقف كبار الصحابة الذين كرهوا كتابة الحديث ما يلي:

- ‌أما مواقف الصحابة التي تدل على إجارتهم الكتابة فهي:

- ‌جـ - الفقه:

- ‌د- اللغة العربية:

- ‌هـ - التاريخ:

- ‌و- علم الأنساب:

- ‌ز- الشعر:

- ‌حـ ـ القصص:

- ‌ط - الحكم والأمثال:

- ‌ي - الطب:

- ‌ك - علم النجوم (التنجيم):

- ‌ل- الثقافة واللغات الأجنبية:

- ‌الباب الخامسأحوال العالم.الدعوة الإسلامية ومنطلقاتها الفكرية.الفتوحات

- ‌الفصل الأولأحوال العالم.الدعوة الاسلامية ومنطلقاتها الفكرية

- ‌المبحث الأول: نظرة إلى أحوال العالم قبل الفتح الاسلامي

- ‌دولة الفرس

- ‌الحالة السياسية والاقتصادية:

- ‌الحالة الدينية والفكرية

- ‌الحالة الاجتماعية والأخلاقية

- ‌دولة الروم (الإمبراطورية البيزنطية) 312 - (1453) م

- ‌الحالة السياسية والاقتصادية:

- ‌الحالة الدينية والفكرية

- ‌الحالة الاجتماعية والأخلاقية:

- ‌تنبيه:

- ‌الهند والصين واليابان

- ‌المبحث الثاني: الدعوة الاسلامية ومنطلقاتها الفكرية

- ‌الفصل الثاني: الفتوحات

- ‌المبحث الأول: فتوح العراق والمشرق

- ‌في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه:

- ‌ملاحظات:

- ‌في خلافة عمر بن الخطاب (رضى الله عنه):

- ‌القادسية (15ه

- ‌المدائن:

- ‌جلولاء (16 ه

- ‌تكريت:

- ‌بناء الكوفة (17ه

- ‌بناء البصرة (16 هـ أو (17) ه

- ‌فتح الأهواز:

- ‌فتح رامهرمز:

- ‌فتح تستر

- ‌فتح السوس وجندي سابور:

- ‌نهاوند (21 ه

- ‌فتح أصبهان:

- ‌إعادة فتح همذان

- ‌فتح الري:

- ‌فتح إقليم فارس:

- ‌فتح كرمان ومكران:

- ‌فتح سجستان:

- ‌فتح خراسان:

- ‌في خلافة عثمان بن عفان (رضى الله عنه):

- ‌في خلافة علي بن أبي طالب (رضى الله عنه):

- ‌المبحث الثاني: فتوح الشام ومصر والمغرب

- ‌فتوح الشام في خلافة الصديق رضي الله عنه:

- ‌الصدمات الأولى:

- ‌اليرموك (في الطبري سنة (13) ه

- ‌ في خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌عزل خالد:

- ‌فتح دمشق (في الطبري أوائل سنة (14) ه

- ‌حمص وحماة واللاذقية وقنسرين وحلب:

- ‌ أنطاكية

- ‌ بيت المقدس

- ‌فتح مصر:

- ‌العريش:

- ‌حصن بابليون:

- ‌في خلافة عثمان رضي الله عنه:

- ‌إعادة فتح الاسكندرية:

- ‌السودان:

- ‌أفريقية:

- ‌ذات الصواري:

- ‌الجيش ونظام القتال:

- ‌الباب السادس: الفتن الداخلية

- ‌الفصل الأول: الردة

- ‌تمهيد انتشار الاسلام خارج المدينة:

- ‌المبحث الأول حركات الردة

- ‌مراكز المرتدين

- ‌اليمن:

- ‌ردة اليمامة:

- ‌ردة طليحة الأسدي:

- ‌انتشار الردة:

- ‌المبحث الثاني القضاء على الردة

- ‌القضاء على ردة طليحة الأسدي:

- ‌القضاء على مالك بن نويرة:

- ‌القضاء على ردة مسيلمة الكذاب:

- ‌القضاء على ردة البحرين:

- ‌القضاء على ردة عمان ومهرة:

- ‌القضاء على ردة اليمن:

- ‌القضاء على ردة حضرموت:

- ‌الفصل الثاني: فتنة مقتل الخليفة عثمان رضى الله عنه

- ‌فتنه مقتل عثمان رضي الله عنه

- ‌خبر الراكب الذي تعرض للوفد المصري:

- ‌موقف الأنصار:

- ‌مواقف الصحابة في الفتنة

- ‌صفية أم المؤمنين:

- ‌الزبير بن العوام:

- ‌أبو ذر الغفاري:

- ‌أسامة بن زيد:

- ‌الحسن بن على بن أبي طالب:

- ‌عبد الرحمن بن عوف:

- ‌زيد بن ثابت:

- ‌عبد الله بن عمر:

- ‌تعليقات على مقتل الخليفة آراء الصحابة وتوقعاتهم لنتائج مقتل عثمان رضي الله عنه

- ‌على ابن أبي طالب:

- ‌سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل:

- ‌أبو موسي الأشعري:

- ‌سمرة بن جندب:

- ‌عائشة رضي الله عنها:

- ‌بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة:

- ‌الفصل الثالث: موقعة الجمل

- ‌موقعة الجمل:

- ‌الفصل الرابع: معركة صفين

- ‌معركة صفين:

- ‌الفصل الخامس: موقعة النهروان

- ‌موقعة النهروان:

- ‌المصادر والمراجع

- ‌المصادر

- ‌المراجع الحديثة

- ‌المؤلف

- ‌السيرة الذاتية:

- ‌مؤلفاته:

- ‌التحقيقات

- ‌البحوث:

الفصل: ‌مراقبة العمال والولاة:

في المشكلات المستعصية. ولا شك أن قيام الولاة بإمامة الناس في الصلاة، وخطبتهم فيهم بأنفسهم في صلاة الجمعة يعزز مكانتهم ويوحد القيادة الدينية والسياسية في أشخاصهم، كما أن توليهم بأنفسهم لجيوش الفتح تكسبهم احترام الناس وطاعتهم، وعندما يتولى الحكم خليفة جديد فإن الولاة يأخذون له البيعة من سكان الولايات. ومن مهامهم أخذ الزكاة من الأغنياء وإنفاقها على الفقراء، وتحقيق الأمن للرعية، وإقامة الحدود الشرعية، وكان الوالي تنيب من تقوم مقامه عند غيابه عن الولاية (1).

وكانت العلاقة بين الخليفة في المدينة وولاة الأمصار تتم عن طريق الرسائل المتبادلة، كما يستدعي الخليفة بعض ولاته إلى المدينة أحياناً، وأحياناً كان يرسل ممثلاً عنه إلى الولاة للاطلاع على أحوال الولايات بصورة مباشرة، وكان محمد بن مسلمة الأنصاري يقوم بمهام التفتيش على الولاة في خلافة عمر (2). واهتم عمر بجمع الولاة بمكة في موسم الحج للتداول معهم في أحوال الأمة (3) بل قام عمر بتفقد أحوال الولاة والقادة في الشام عندما زار بيت المقدس لتسليم مفاتيحها وأصر على زيارتهم في بيوتهم ليعرف على أحوالهم وتعاملهم مع الدنيا والأموال ومدى تعلقهم بها، وقد عانق أبا عبيدة عامر بن الجراح عندما رأى زهده في الدنيا رياشاً وطعاماً وقال له:"ما من أحدٍ من أصحابي إلا وقد نال من الدنيا ونالت منه، غيرك"(4).

‌مراقبة العمال والولاة:

كان الولاة على الأمصار يخضعون لمحاسبة إذا زادت ثروتهم زيادة كبيرة خوفاً من استغلالهم لنفوذهم في تنمية الثروة حتى لو لم يقصدوا ذلك، بل حاباهم

(1) عبد العزيز إبراهيم العمري: الولاية على البلدان في عصر الخلفاء الراشدين 60.

(2)

البلاذري: فتوح البلدان 221، وابن عبد الحكم: فتوح مصر وأخبارها 146.

(3)

أبو يوسف: الخراج 116 وقارن بالطبري: تأريخ 4: 204.

(4)

الأزدي: فتوح الشام 255، 256.

ص: 124

الناس بسبب موقعهم في السلطة.

وقد سأل عمر رضي الله عنه أبا هريرة واليه على البحرين من أين اجتمعت له عشرة آلاف درهم؟ فأجاب أبو هريرة: خيلي تناسلت، وعطائي تلاحق، وسهامي تلاحقت. فأمر بها عمر فقبضت (1).

إن عمر يحسب حساباً للهدايا التي يحصل عليها الولاة من الناس، وكذلك محاباة الناس للولاة في المعاملات المالية من مضاربة ومؤاجرة ومساقاة ومزارعة وبيوع، ولهذا أخذ عمر رضي الله عنه نصف أموال عدد من الولاة من أصحاب الفضل والدين والأمانة لأجل هذه المحاباة دون أن يتهمهم بالخيانة (2).

وهكذا حاسب خالد بن الوليد- قائد جبهة الشام- على تصرفاته في المال العام "إني أعتذر إليكم من خالد بن الوليد، إنى أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين، فأعطاه ذا البأس، وذا الشرف، وذا اللسان، فنزعته، وأثبت أبا عبيدة .. "(3).

وهكذا أدت الرقابة المالية إلى عزل أعظم القادة العسكريين المسلمين، رغم

(1) أبو عبيد: الأموال 282 - 283، وابن سعد: الطبقات 4: 335، وابن زنجويه: الأموال 2: 605 - 606، والبلاذري: فتوح البلدان 93 - 94 والأثر صحيح.

وانظر روايات ضعيفة في محاسبة سعد بن أبي وقاص وأبي هريرة ابن سعد: الطبقات الكبرى 3: 307، وابن زنجويه: الأموال 2: 604 - 605). ومحاسبة عمرو بن العاص (البلاذري: فتوح البلدان 220 - 221 من كلام ابن المبارك (ت 181 هـ) بدون إسناد.

(2)

ابن تيمية: السياسة الشرعية 68 - 70 بتصرف.

(3)

أحمد: المسند 3: 476، والبخاري: التأريخ الكبير 8: 54، والتأريخ الصغير 1: 82، والطبراني: المعجم الكبير 22: 298 - 299، وأبو نعيم: معرفة الصحابة 2: 161 - 162 والأثر صحيح.

ص: 125

أنه اجتهد في التصرف المالي حسب ما يرى فيه المصلحة.

وثبت أن عمر رضي الله عنه عاقب الصحابي أنس بن مالك لأنه فرَّط في حفظ ستة ألاف درهم من الأموال العامة استودعها عند أنس، فضمنه إياها ويبدو من السياق أن عمر شعر بوجود إهمال في حفظها ولم يتهم أنساً (1).

وكان عمر يحاسب ولاته على ثروتهم، فإذا زادت زيادة كبيرة عما كانت عليه عند تعيينهم قاسمهم ثروتهم (2)، دون اتهامهم بالخيانة، بل لأنه يعتقد أن ولايتهم على الإقليم تيسر لهم تنمية أموالهم. وكان الولاة في خلافته يتحرجون من الولاية على الناس، وبعضهم طالب عمر بإعفائه من الولاية (3).

وكان لا يرى أن من حق الولاة أن يتنعموا من المال العام دون الرعية فقد غضب على والي أذربيجان عتبة بن فرقد لأنه أهدى إليه خبيصا (نوع من الحلوى) لم يكن الجند ينالونه، فكتب إليه عمر:"إنه ليس من كدِّك ولا من كدِّ أبيك ولا من كدِّ أمك، فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبع منه في رحلك، وإياكم والتنعم"(4).

كما كان يحقق في شكاوى الرعية ضدهم، ولما ضرب ابن لعمرو بن العاص أحد الأقباط وبلغ عمر شكواه، أراد أن يقتص للقبطي وخاطب عمراً بعبارته

(1) عبد الرزاق: المصنف 8: 182، وابن أبي شيبة: المصنف 4: 398، والبيهقي: السنن الكبرى 6: 289 - 290 والأثر صحيح.

(2)

البلاذري: فتوح البلدان 121.

ابن تيمية: السياسة الشرعة 46.

(3)

عبد العزيز إبراهيم العمري: الولاية على البلدان في عصر الخلفاء الراشدين 54.

(4)

مسلم: الصحيح 1642:3

البيهقي: السنن الكبرى 10: 128.

ص: 126

المشهورة: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"(1).

كما حقق في شكوى أحد الجند ضد الوالي عمرو بن العاص لأنه رماه بالنفاق، وأدان القضاء الوالي وأصدر أمراً بجلده حد القذف لولا أن الجندي عفا عنه (2).

كما غضب عمر على عمرو بن العاص لأنه أنفذ حد شرب الخمر على عبد الرحمن. بن عمر بن الخطاب في بيته (3)، والحق أن ينفذه علناً أمام الناس ليعتبروا، وتحقيقاً لمبدأ المساواة أمام الشريعة.

ومن الحوادث الشهيرة تحقيقه في اتهام المغيرة بن شعبة بالزنا خلال ولايته على البصرة حيث استدعاه إلى المدينة مع الشهود الأربعة وبعد التحقيق مع الشهود تراجع الشاهد الرابع، فجلد الثلاثة حد القذف ولكنه عزل المغيرة عن ولاية البصرة (4)، وولى مكانه أبا موسى الأشعري الذي قام بإدارة الولاية خير قيام، وعرف بقيادته العسكرية لجيوش البصرة في الحرب ضد الفرس، كما عرف بمهارته في قراءة القرآن وتعليمه لأهل البصرة، وبمراسلاته الكثيرة مع الخليفة عمر، لكن ذلك لم يمنعه من تقبل شكاوى الرعية ضده والعمل على إنصافهم (5). ولم يسلم من الشكوى سعد بن أبي وقاص والي الكوفة لعمر "أنه اتخذ قصراً، وجعل له باباً

(1) ابن أعثم الكوفي: الفتوح 2: 82، وابن الجوزي: مناقب عمر بن الخطاب 99.

(2)

عمر بن شبة: تأريخ المدينة 3: 808.

(3)

عمر بن شبة: تأريخ المدينة 3: 841.

(4)

عبد الرزاق: التفسير 2: 52 - 53، وعبد بن حميد: التفسير، وابن المنذر: التفسير (السيوطي: الدر المنثور 18: 131)، والبلاذري: فتوح البلدان 341، والطبري: تأريخ 4: 206 - 207، والذهبي: سير أعلام النبلاء 3: 27، وابن كثير: البداية والنهاية 7: 82.

(5)

ابن الجوزي: مناقب عمر 95، 131.

ص: 127

يحجبه عن الناس" فأرسل عمر محمد بن مسلمة الأنصاري وأمره أن يحرق الباب ففعل، وعاد برسالة من سعد توضح حقيقة الأمر فقبل عمر قول سعد وصدقه (1).

وتجددت الشكوى بأنه "لا يحسن الصلاة!! " ولما تحرى عمر حقيقة مواقف سعد في ولايته بإرسال رجال إلى الكوفة وجد الناس يثنون عليه، إلا أن رجلاً عبسياً قال:"كان لا يقسم بالسوية ولا يعدل في القضية ولا يغزو بالسرية" ولم يقتنع عمر بهذه الشكاوى، لكنه أدرك أن ثمة شغب يحيط بواليه فعزله معلناً استمرار ثقته به:"إني لم أعزله لعجز ولا خيانة"(2). وهكذا خسره الكوفيون بسبب شغب بعضهم.

وكان اختيار الولاة يتم بعد مشاورة الخليفة لكبار الصحابة، وكذلك بعد رضى المرشح للولاية (3)، وكان عمر لا يولى أحداً من أقاربه في حين كان عثمان وعلي لا يرون بأساً بتولية الأقارب، وكثير ما كان عمر يختبر من يريد توليته، ويدرس شخصيته عن كثب، كما أنه كان لا يولي أهل البادية على أهل الحاضرة لاختلاف الطبائع والعادات والأعراف، وقد عين سلمان الفارسي واليا على المدائن ربما ليلفت الانتباه إلى مبدأ المساواة في الإسلام (4).

وكان الوالي يزود بكتاب من الخليفة يتضمن أمر التعيين له واليا على المنطقة وشروطه عليه ويشهد عليه رهطاً من المهاجرين والأنصار (5). وقد جرى نقل

(1) البلاذري: فتوح البلدان 276، والطبري: تأريخ 4: 121.

(2)

خليفة: التأريخ 149.

(3)

ابن سعد: الطبقات 4: 360، والمتقي الهندي: كنز العمال 5: 620، وابن كثير: البداية والنهاية 7: 35، 107.

(4)

عبد العزيز إبراهيم العمري: الولاية على البلدان في عصر الخلفاء الراشدين 143، وظافر القاسمي: نظام الحكم في الشريعة والتأريخ الإسلامي 473.

(5)

الطبري: تأريخ 4: 207.

ص: 128

بعض الولاة من ولاية إلى أخرى حسب ما تقتضيه مصلحة الدولة (1). كما جرى عزل بعض الولاة لأسباب متنوعة، فقد عزل عمر بن الخطاب العلاء بن الحضرمي لأنه عبر بجنده البحر من البحرين إلى فارس دون استئذان الخليفة مما أدى إلى وقوع أضرار بالجيش، وعزل عمر خالد بن الوليد عن الشام، لأنه خشى افتتان الناس به بتصورهم أنه سبب النصر لبراعته القيادية، بينما ينبغي أن يعزوا النصر إلى الله تعالى (حتى يعلم أن الله إنما ينصر دينه)(2).

ويستعين الوالي في بعض الولايات الكبيرة بولاة آخرين على المدن التابعة للولاية يتبعونه كما حدث في ولاية الشام حيث كانت ولايات حمص والجزيرة والأردن وفلسطين تتبع أبا عبيدة والي دمشق. وكان سلطان الولاة على المدن يزداد وينقص حيث قد تضم ولاية صغيرة إلى أخرى أو تفصل ولاية مستقلة من تبعيتها الإدارية.

وقد راعى عمر رضي الله عنه في اختيار الولاة عدة مبادئ منها:

عدم حرص المرشح على الإمارة، وهو اتباع للسنة النبوية (3)، وكان يقول:"لا يحب الإمارة أحد فيعدل"(4).

كما كان ينظر إلى تمتع المرشح بصفات تؤهله للولاية بأن يكون من أهل القوة والأمانة، والهيبة والتواضع، والرحمة بالناس، والحلم والرفق بالرعية (5)،

(1) عبد العزيز إبراهيم العمري: الولاية على البلدان في عصر الخلفاء الراشدين 55.

(2)

خليفة: التأريخ 122.

(3)

في الحديث "إنَّا لا نولي على هذا العمل من سأله"(البخاري: أحكام 7، ومسلم: إمارة 14).

(4)

عمر بن شبة: تأريخ المدينة 3: 856.

(5)

مصطفى محمد مسعد: التنظيم الإداري في الجزيرة العربية في عصر الخلفاء الراشدين 1: 269 (ضمن بحوث ندوة الجزيرة العربية في عصر الرسول والخلفاء الراشدين).

ص: 129