الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القضاء في عصر الخلافة الراشدة:
لم يكن منصب القاضي متميزاً في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، بل كان يقوم به فقهاء الصحابة، وكان الخليفة يقضى بنفسه بين الناس في المدينة، وأحياناً كان يقوم بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأمر الخليفة أبي بكر، وكان الولاة هم المسئولين عن القضاء في الأمصار.
ومنذ خلافة عمر عين بعض الصحابة على القضاء في المدينة منهم زيد بن ثابت وأبو الدرداء (1)، كما عين عدداً من القضاة في الأمصار منهم عبد الله بن مسعود على قضاء الكوفة (2)، وشريح بن الحارث الكندي على قضاء الكوفة (3)، وعبيدة السلماني على قضاء الكوفة (4). وكان ألمعياً في اختياره لهما فقد خدما الناس مدة طويلة في مجال القضاء خلال عصر الراشدين والأمويين. كما عين عمر عبادة بن الصامت على قضاء حمص وقنسرين (5). وبهذا الإجراء فصل عمر السلطة القضائية عن سلطة الولاة، وبذلك يتعزز موقع القاضي حيث أنه يرتبط بالخليفة مباشرة (6).
ولكن استمر بعض الولاة يقومون بمهام القاضي في الولايات الداخلية المستقرة حيث يجد الولاة الوقت الكافي لذلك، خلافاً لولاة الأقاليم المحاذية
(1) عمر بن شيبة: تأريخ المدينة 2: 694، ووكيع: أخبار القضاة 1: 108.
(2)
البلاذري: فتوح البلدان 269.
(3)
وكيع: أخبار القضاة 2: 198 - 199.
(4)
الذهبي: سير أعلام النبلاء 4: 40، وابن العماد: شذرات الذهب 1: 78.
(5)
البلاذري: فتوح البلدان 146.
(6)
ظهرت نظرية استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية في الفكر الغربي في كتابات منتسكيو التي مهدت للثورة الفرنسية عام 1789 م.
للأعداء حيث ينشغل الوالي بالمهام العسكرية والإدارية (1). وكان عمر يوصي الولاة باختيار الصالحين للقضاء وبإعطائهم المرتبات التي تكفيهم (2).
وكان عثمان رضي الله عنه يعين القضاة على الأقاليم حيناً مثل تعيينه كعب بن سور على قضاء البصرة، ويترك القضاء للوالي حيناً آخر مثل طلبه من واليه على البصرة أن يقوم بالقضاء بين الناس إضافة إلى عمل الولاية، وذلك بعد عزله كعب بن سور. وكذلك كان يعلى بن أمية والياً وقاضياً على صنعاء (3).
ويلاحظ أن بعض الولاة كانوا يختارون قضاة بلدانهم بأنفسهم، ويكونون مسئولين أمامهم مما يشير إلى ازدياد نفوذ الولاة في خلافته.
أما علي رضي الله عنه فكان يتولى القضاء بنفسه في الكوفة، أما الأمصار فكان تعيين القضاة غالباً من قبل الولاة (4)، ولكن علياً عين بعض القضاة مباشرة (5).
وكانت مصادر الحكم في عصر الخلافة الراشدة هي القرآن والسنة والإجماع والاجتهاد والرأي.
وقد عرف من فقهاء الصحابة وأهل الفتوى المكثرين والمتوسطين في عصر الخلافة الراشدة أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود وعائشة
(1) عبد العزيز إبراهيم العمري: الولاية على البلدان 2: 92.
(2)
الذهبي: سير أعلام النبلاء 1: 454 - 455، وابن قدامة: المغني 9: 37، والسمناني: روضة القضاة وطريق النجاة 86.
(3)
خليفة: التأريخ 179.
(4)
عبد العزيز إبراهيم العمري: الولاية على البلدان 93 نقلاً عن عبد الله عثمان علي مقبل: قضاة أمير المؤمنين علي ص 290 (رسالة ماجستير من شعبة السياسة الشرعية بالمعهد العالي للقضاء).
(5)
خليفة بن خياط: التأريخ 200.