المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[واقف وقف وقفا على الجهات والوجوه والمصالح] - فتاوى السبكي - جـ ٢

[تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌[وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى الْجِهَاتِ وَالْوُجُوهِ وَالْمَصَالِحِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي نَقْضِ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَقْفٌ شَرَطَ وَاقِفُهُ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ نَسْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَرَعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ الْقَبُولُ]

- ‌[فَرْعٌ الْوَقْفُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ]

- ‌[فَرْعٌ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ]

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ قَالَ وَقَفْت دَارِي هَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَ مَوْتِي]

- ‌[فَرْعٌ التَّرْتِيبُ فِي الْمَصَارِفِ لَا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ]

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَكْلِ مِنْ الْأَوْقَافِ هَذَا الزَّمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ فَوَّضَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ إلَيْهِ فِي وَقْفٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ تَوْلِيَةُ التَّدْرِيسِ وَمَا أَشْبَهَهُ لِلنَّاظِرِ الْخَاصِّ أَوْ لِلْحَاكِمِ]

- ‌[فَصْل الْفَرْقِ بَيْنَ أَوْقَافِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ الَّتِي تَحْتَ نَظَرِ الْحُكْمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَوْقِفَ الرُّمَاةِ فِي وَقْفِ حَمَاةَ]

- ‌[بَابُ الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي عِتْق السَّائِبَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ الْوَلَاء لَا يُوَرَّثُ بِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِع وَالْخَامِس ابْن الْمُعْتِقِ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ فَإِن كَانَ للمعتق أب وإبن]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ خَلَّفَ الْعَتِيقُ بِنْتَ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَةَ الْمُعْتِقِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى إذَا هُوَ مَاتَ فَالدَّارُ الَّتِي يَسْكُنُهَا تُكْرَى بِسِتَّةَ عَشَرَ كُلِّ شَهْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى أَنْ تُكَمَّلَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ عِمَارَةُ مَسْجِدٍ وَصِهْرِيجٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى إلَى شَخْصٍ عَلَى أَوْلَادِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَوْصَتْ إلَى فُلَانٍ أَنْ يَحْتَاطَ عَلَى تَرِكَتِهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى بِمَالِهِ كُلِّهِ]

- ‌[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَالصَّدَقَاتِ]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَسْلَمَ الْحُرُّ عَلَى أَرْبَعِ إمَاءٍ وَأَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ وَتَخَلَّفَ ثِنْتَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّسَرِّي بِالْجَوَارِي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَالِد الطِّفْلَة لِوَالِدِ الطِّفْل زَوَّجْت ابْنَتِي مِنْ ابْنِك قَالَ قَبِلْت]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَزَالَ بَكَارَةَ زَوْجَتِهِ بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّدَاقِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ أَعْسَرَ بِبَعْضِ الصَّدَاقِ وَلَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقْوِيم الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَنْكُوحَة إنْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا وَفَسَخَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْمَسِيسِ]

- ‌[بَابُ الْقَسَمِ وَالنُّشُوزِ]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أُكْرِهْت عَلَى سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ فَطَلَّقَهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخُلْعُ إذَا جَرَى بِلَفْظِ الْخُلْعِ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاجْتِمَاع وَالِافْتِرَاق فِي مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَلِف بِالطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي ثَلَاثًا مَا بَقِيَ بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مَا بَقِيَّتِي تَكُونِي لِي بِامْرَأَةٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَتْ لَهُ تَزَوَّجْت عَلَى بِنْتِي فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَ بِنْتِك طَالِقٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُول بِهَا إنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ كَذَا وَلَمْ أَدْخُلْ بِهَا فَهِيَ طَالِقٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يُعْطِي فُلَانًا كُلَّ يَوْمِ نِصْفَ دِرْهَمٍ]

- ‌[الطَّلَاقُ الْمُنَجِّزِ]

- ‌[بَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌[بَابُ الرِّدَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ السَّاحِر وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ]

- ‌[بَابُ التَّعْزِيرِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ]

- ‌[تَرْمِيم الْكَنَائِسِ]

- ‌[بَابٌ فِي شُرُوط عُمَرَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرْمِيمِ وَالْإِعَادَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاصَلَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا]

- ‌[كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْكِتَابَة عَلَى الْمَكَاتِيبِ الَّتِي يَظْهَرُ بُطْلَانُهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَاكِمَ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمٌ لَا يَرَاهُ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى وَكِيلٌ عَنْ غَائِبٍ عَلَى حَاضِرٍ فَقَالَ أَبْرَأَنِي مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى قَيِّمُ صَبِيٍّ عَلَى حَاضِرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ لِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ ادَّعَاهُ وَلِيُّهُ عَلَى غَائِبٍ]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَقْد نِكَاحٍ يُخَالِفُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَيُوَافِقُ غَيْرَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَدَاوَة الَّتِي تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَقَرَّ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِشَخْصٍ أَلْف دِرْهَمٍ وَعَشَرَة دَرَاهِمَ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَى عَيْنًا فَادَّعَتْ زَوْجَةُ الْبَائِعِ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَى دَارًا وَصَدَّقَ الْبَائِعَ أَخُوهُ عَلَى صِحَّةِ مِلْكِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً بَائِنًا خُلْعًا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ إنَّهَا ثَالِثَةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شُرُوطُ الْحُكْمِ فِي الدَّعْوَى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَيْنٌ فِي يَدِ شَخْصٍ فَادَّعَاهَا آخِر وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَرْضٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَخَلَفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَبِنْتًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَيْتَامًا وَتَرَكَ مَوْجُودًا كَثِيرًا فَوْقَ حَاجَتِهِمْ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَرْضٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَقَرَّ أَنَّهُمَا اقْتَسَمَاهَا قِسْمَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَخَلَفَ ابْنًا وَابْنَتَيْنِ وَخَلَفَ لَهُمْ فَدَّانًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[مَسْأَلَة كَاتَبَ اثْنَانِ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ]

- ‌[مَسْأَلَة كَاتَبَ عَبْدًا وَمَاتَ عَنْ اثْنَيْنِ]

- ‌[بَابٌ جَامِعٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَدّ الْخَمْر بَعْد التَّوْبَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَرَيَانُ مَاءِ دَارٍ إلَى أُخْرَى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَتَعَلَّق بِالْوَقْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ عَيْنًا فِي يَدِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مِلْك اُحْتِيجَ إلَى بَيْعِهِ عَلَى يَتِيمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ فَطَالَبَ الْمُرْتَهِنُ بِبَيْعِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِإِقْرَارِهِ وَرَهَنَ بِهِ عِنْدَ صَاحِبَةِ الدَّيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ قَالَ الْقَاضِي يُفْتِي وَالْمُفْتِي يَهْذِي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَدِيث مَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ وَلَا أَظَلَّتْ الْخَضْرَاءُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَدِيث طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ حَدِيثِيَّةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ نَفْي الْحَصْرِ فِي آيَة وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ]

- ‌[مَسْأَلَة الْفُتُوَّة وشد الوسط مِنْ البدع]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخَيْل هَلْ كَانَتْ قَبْلَ آدَمَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسَبَ إلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ مَا لِي رَأْيٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَنْ عَبَدَ اللَّه تَعَالَى بِالْخَوْفِ فَهُوَ حَرُورِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الْجَنَّةِ أَفْضَلُ أُمّ الْعِبَادَة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ آخِرُ مِنْ يَدْخُل الْجَنَّة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَضْعُ الْقَدَمِ عَلَى بِسَاطٍ فِيهِ أَشْكَالُ حُرُوفٍ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُد وتفسيرها]

- ‌[فَصْلٌ تَكْفِير الصَّحَابَة]

- ‌[فَصْلٌ سَبُّ النَّبِيِّ]

- ‌[الدَّلَالَةُ عَلَى عُمُومِ الرِّسَالَةِ]

- ‌[مُسْلِم اسْتَأْجَرَ ذِمِّيًّا شَهْرًا فَهَلْ تُسْتَثْنَى السُّبُوتِ]

- ‌[هَلْ تَدْخُلُ الذِّمِّيَّةُ فِي حَدِيثِ لَا تَحُدُّ الْمَرْأَةُ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لُغَوِيَّة فِي يُهَرِيق الْمَاءَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَعِب الشَّافِعِيّ الشِّطْرَنْجَ مَعَ الْحَنَفِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَرْوَاحِ هَلْ تَفْنَى كَمَا تَفْنَى الْأَجْسَامُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَاضِي إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ هَلْ لِنُوَّابِهِ أَنْ يَعْقِدُوا النِّكَاح]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَحْوِيَّةٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ أَوْ لَا]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي الطَّلَاق]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاشْتِغَال بِالْمَنْطِقِ]

الفصل: ‌[واقف وقف وقفا على الجهات والوجوه والمصالح]

مُعْتَرِضَتَيْنِ فَلَا يَعُودُ الضَّمِيرُ عَلَيْهِمَا بَلْ عَلَى مَا قَبْلَهُمَا هَذَا يُحْتَمَلُ وَإِنْ كَانَ هُوَ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَلَا احْتِمَالَ لِهَذَا الْحُكْمِ غَيْرُهُ بَقِيَ الْكَلَامُ لَهُ أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ الضَّعِيفَ هَلْ يَمْنَعُ النَّقْضَ أَوْ لَا وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كَتَبَهُ عَلِيٌّ السُّبْكِيُّ فِي شَعْبَانَ الْمُكَرَّمَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِدِمَشْقَ وَفَرَغْت مِنْهُ بُكْرَةَ السَّبْتِ الْعِشْرِينَ مِنْهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

[وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى الْجِهَاتِ وَالْوُجُوهِ وَالْمَصَالِحِ]

(نُسْخَةُ فَتْوَى فِي دَارِ الْحَدِيثِ الظَّاهِرِيَّةِ بِدِمَشْقَ) مَا يَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ فِي وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى الْجِهَاتِ وَالْوُجُوهِ وَالْمَصَالِحِ الَّتِي يَأْتِي ذِكْرُهَا وَتَعْيِينُهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ فَيَبْدَأُ مَنْ إلَيْهِ النَّظَرُ بِعِمَارَةِ الْمَوْقُوفِ وَتَرْمِيمِهِ وَإِصْلَاحِهِ وَمَا فِيهِ بَقَاءُ أَصْلِهِ وَسَبَبُ النَّمَاءِ وَالْمَزِيدِ وَمَا فَضَلَ كَانَ جَارِيًا عَلَى الْوُجُوهِ وَالْمَصَارِفِ الْآتِي ذِكْرُهَا فَيُصْرَفُ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثُونَ فِي ثَمَنِ زَيْتٍ وَحُصْرٍ وَمَصَابِيحَ وَتَرْمِيمٍ وَيُصْرَفُ سِتُّونَ لِشَيْخِ الْحَدِيثِ وَعِشْرُونَ لِلْقَارِئِ وَمِائَةٌ لِلطَّلَبَةِ وَعِشْرُونَ لِلْخَازِنِ وَأَرْبَعُونَ لِلْقَيِّمِينَ وَمِائَةٌ وَخَمْسُونَ لِسِتَّةِ قُرَّاءٍ يَقْرَءُونَ بِالتُّرْبَةِ الْمُجَاوِرَةِ لَهَا، وَذَكَرَ مَصَارِفَ إلَى أَنْ قَالَ وَمَالُ هَذَا الْوَقْفِ الْمُعَيَّنِ فِي هَذَا الْكِتَابِ الْمُتَقَدِّرِ الصَّرْفِ فِي مَصَارِفِهِ الْمَذْكُورَةِ كَمَالِ أَوْقَافِ الْمَدْرَسَةِ وَالتُّرْبَةِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَقَدْ تَلَفَّظَ هَذَا الْوَكِيلُ الْوَاقِفُ الْمُسَمَّى بِوَقْفِ هَذَا الْمَوْقُوفِ الْمُعَيَّنِ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى الْجِهَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمَصَارِفِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى مَا فُصِّلَ فِيهِ وَمَتَى نَقَصَ ارْتِفَاعُ هَذَا الْمَوْقُوفِ الْمُعَيَّنِ عَنْ هَذِهِ الْمَصَارِفِ الْمُعَيَّنَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ بَدَأَ مِنْ ذَلِكَ بِتَقْدِيمِ مَا هُوَ مُقَرَّرٌ لِمَصَالِحِ الْقَاعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ الْجَامِكِيَّاتِ عَلَى مَا عُيِّنَ أَعْلَاهُ فَإِنْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ قُدِّمَ مَا هُوَ مُعَيَّنٌ لِمَصَالِحِ الْقَاعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى مَا فُصِّلَ فِيهِ وَمَا هُوَ مُعَيَّنٌ لِشَيْخِ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ وَقَارِئِهِ وَمُسْتَمِعِيهِ الْمُشَارِ إلَيْهِمْ أَعْلَاهُ وَالْقَيِّمِينَ الْمَذْكُورِينَ أَعْلَاهُ فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَاضِلٌ صُرِفَ فِي الْوُجُوهِ الْمُبَيَّنَةِ وَالْمَصَارِفِ الْمُعَيَّنَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فِيهِ يَجْرِي ذَلِكَ كَذَلِكَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَقَوْلُهُ فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَاضِلٌ صُرِفَ فِي الْوُجُوهِ الْمُعَيَّنَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فِيهِ يَجْرِي ذَلِكَ كَذَلِكَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

فَهَلْ إذَا فَضَلَ مِنْ رِيعِ الْمَوْقُوفِ شَيْءٌ بَعْدَ تَكْمِيلِ مَا عُيِّنَ أَعْلَاهُ مِنْ الْجَامِكِيَّاتِ وَالْجِرَايَاتِ يَكُونُ لِمَنْ عُيِّنَ أَعْلَاهُ مِنْ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ الْمَذْكُورَةِ أَعْلَاهُ أَمْ لِغَيْرِهِمْ مِنْ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ بِالْمَدْرَسَةِ الظَّاهِرِيَّةِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَفَقِّهَةِ وَالْمُدَرِّسِينَ وَالْمُعِيدِينَ وَغَيْرِهِمْ أَمْ لَا؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى.

(أَجَابَ) الشَّيْخُ الْإِمَامُ رضي الله عنه وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ: لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ مِنْ أَرْبَابِ

ص: 8

الْوَظَائِفِ بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَفَقِّهَةِ وَالْمُدَرِّسِينَ وَالْمُعِيدِينَ وَغَيْرِهِمْ شَيْءٌ مِنْهُ بَلْ هُوَ لِجِهَةِ وَقْفِ دَارِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورَةِ تَخْتَصُّ بِهِ عَنْ الْمَدْرَسَةِ لَيْسَ لِلْمَدْرَسَةِ وَلَا لِأَهْلِهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَالْفَاضِلُ عَنْ مَعَالِيمِ أَهْلِ دَارِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورَةِ الْآنَ بَعْدَ تَكْمِيلِهَا دَالٌّ بِحَسَبِ الْحَالِ الْآنَ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِمْ عَلَى نِسْبَةِ مَعَالِيمِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ يُحْفَظُ لَهُمْ وَلِمَنْ يَتَجَدَّدُ مَكَانَهُمْ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَأَمَّا صَرْفُهُ لِلْمَدْرَسَةِ أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِهَا فَمُمْتَنِعٌ قَطْعًا، وَقَوْلُ الْوَاقِفِ فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَاضِلٌ.

لَيْسَ هُوَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحَالَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْفَاضِلِ بَعْدَ النَّقْصِ وَنَحْنُ فِي الْفَاضِلِ بَعْدَ التَّكْمِيلِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، كَتَبَهُ عَلِيٌّ السُّبْكِيُّ الشَّافِعِيُّ.

(نُسْخَةُ فَتْوَى مِنْ حَلَبَ) مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ فِي قَرْيَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَيَّامَ حَيَاتِهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ بَعْدِهِ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَمَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَلَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ وَلَا عَقِبًا وَلَا نَسْلًا كَانَ نَصِيبُهُ عَائِدًا عَلَى إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ الْبَاقِينَ بَعْدَهُ وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ كَانَ نَصِيبُهُ عَائِدًا عَلَى إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ الْبَاقِينَ بَعْدَهُ مِنْ أَرْبَابِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ وَلَمْ يَخْلُفْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ وَلَا عَقِبًا وَلَا نَسْلًا كَانَ سَهْمُهُ عَائِدًا لِأَرْبَابِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ الْبَاقِينَ بَعْدَهُ، الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ كَذَلِكَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ وَلَيْسَ لِأَوْلَادِ الْبَنَاتِ الَّذِينَ لَا يَرْجِعُونَ بِأَنْسَابِ آبَائِهِمْ إلَى الشَّخْصِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوَّلًا شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الصَّدَقَةِ مَعَ مَنْ يَرْجِعُ بِنَسَبِهِ مِنْ أَبِيهِ إلَيْهِ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُهُ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِ وَعَقِبُهُ وَنَسْلُهُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ كَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ عَلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ اللَّوَاتِي يَرْجِعْنَ بِأَنْسَابِ آبَائِهِمْ إلَى الشَّخْصِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوَّلًا عَلَى السَّبِيلِ الْمَوْصُوفَةِ فَإِذَا انْقَرَضُوا أَجْمَعِينَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ ذَكَرٌ وَلَا أُنْثَى كَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ رَاجِعَةً إلَى زَيْدٍ إنْ كَانَ حَيًّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَيًّا فَإِلَى كُلِّ مَنْ يَعُودُ بِنَسَبِ أَبِيهِ عَلَى السَّبِيلِ الْمَوْصُوفَةِ فَإِنْ انْقَرَضُوا عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ ذَكَرٌ وَلَا أُنْثَى كَانَ ذَلِكَ رَاجِعًا إلَى كُلِّ مَنْ نَسَبُهُ إلَى زَيْدٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَيًّا كَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ رَاجِعَةً إلَى الْفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ ثَبَتَ لِلْأَوْلَادِ الْمَوْجُودِينَ مِنْ نَسْلِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوَّلًا: حَفْصَةُ بِنْتُ زَيْنَبَ بِنْتِ حَلِيمَةَ بِنْتِ ابْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَهَلْ تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ

ص: 9

الْوَقْفِ أَوْ لَا وَهَلْ يَسْتَحِقُّ مَنْ شَرَطَهُ لَهُ بَعْدَ عَدَمِ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَعَ وُجُودِ هَذِهِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ إذَا كَانَتْ مُسْتَحَقَّةً لِجَمِيعِ الْوَقْفِ فَأَقَرَّتْ بِمَا يُخَالِفُ شَرْطَ الْوَاقِفِ فَيُلْغَى شَرْطُ الْوَاقِفِ أَمْ يُتَّبَعُ شَرْطُ الْوَاقِفِ فَيُلْغَى الْإِقْرَارُ الْمُخَالِفُ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ أَفْتُونَا.

(الْجَوَابُ) هَذَا لَفْظٌ إذَا أُخِذَ مَدْلُولُ لَفْظِهِ فَقَطْ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الِاسْتِفْتَاءُ فِيهِ انْقِطَاعٌ فِي وَسَطِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ مَا إذَا مَاتَ الْأَوْلَادُ وَخَلَّفُوا أَوْلَادًا وَلَا حُكْمَ مَا إذَا مَاتَ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ وَخَلَّفُوا أَوْلَادًا فَيَتَطَرَّقُ إلَيْهِ خِلَافٌ فِي أَنَّ أَوْلَادَهُمْ يَسْتَحِقُّونَ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ. وَالْأَوْلَى عِنْدِي فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ الْخَاصَّةِ الِاسْتِحْقَاقُ بِتَأْوِيلِ اللَّفْظِ الْمُتَقَدِّمِ كَيْ لَا يَنْقَطِعَ وَعَلَى هَذَا تَسْتَحِقُّ حَفْصَةُ الْمَذْكُورَةُ إذَا ثَبَتَ انْحِصَارُ النَّسْلِ فِيهَا وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا يَسْتَحِقُّ زَيْدٌ الْمَشْرُوطُ لَهُ بِعَدَمٍ وَلَا نَسْلُهُ شَيْئًا مَعَ وُجُودِهَا وَلَا اعْتِبَارَ بِالْإِقْرَارِ الْمُخَالِفِ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ بَلْ يَجِبُ اتِّبَاعُ شَرْطِ الْوَاقِفِ نَصًّا كَانَ أَوْ ظَاهِرًا ثُمَّ الْإِقْرَارُ وَإِنْ كَانَ لَا احْتِمَالَ لَهُ أَصْلًا مَعَ الشَّرْطِ وَجَبَ إلْغَاؤُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْعِ وَمِنْ شَرْطِ الْإِقْرَارِ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الشَّرْعُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ احْتِمَالٌ بِوَجْهٍ مَا وَأَخَذْنَا الْمُقِرَّ بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ حُكْمٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بَلْ يُحْمَلُ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ وَاَللَّهُ عز وجل أَعْلَمُ.

كَتَبَهُ عَلِيٌّ السُّبْكِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ انْتَهَى.

(مَسْأَلَةٌ) وَقَفَ عَلَى بَدْرِ الدِّينِ بْنِ عَسَاكِرَ بِإِقْرَارِهِ وَهُوَ فِي يَدِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ نَسْلِهِ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ نَسْلِهِمْ وَلَهُ نَسْلٌ فَنَصِيبُهُ لِنَسْلِهِ بِالتَّرْتِيبِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَلَا عَقِبَ لَهُ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمِنْ الْأَبِ ثُمَّ مَاتَ بَدْرُ الدِّينِ وَخَلَّفَ أَوْلَادَهُ الْأَرْبَعَةَ أَحْمَدَ وَإِبْرَاهِيمَ وَسِتَّ الْعَرَبِ وَزَيْنَبَ وَمَاتَتْ زَيْنَبُ وَلَا عَقِبَ لَهَا ثُمَّ مَاتَتْ دُنْيَا وَلَا عَقِبَ لَهَا ثُمَّ مَاتَتْ سِتُّ الْعَرَبِ وَخَلَّفَتْ بِنْتَيْنِ مِنْ زَوْجٍ زَيْنَبَ وَمَلَكَةَ وَبِنْتَيْنِ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ دُنْيَا وَاَلَّتِي ثُمَّ مَاتَتْ دُنْيَا وَلَا عَقِبَ لَهَا وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مَوْجُودٌ إلَّا أَحْمَدَ وَإِبْرَاهِيمَ وَاَلَّتِي وَزَيْنَبَ وَمَلَكَةَ وَمَاتَتْ زَيْنَبُ وَخَلَّفَتْ أَرْبَعَةَ أَوْلَادٍ وَمَاتَتْ مَلَكَةُ وَخَلَفَتْ بِنْتَيْنِ فَحَكَمَ حَاكِمٌ حَنْبَلِيٌّ بَعْدَ مَوْتِهِمَا بِانْتِقَالِ نَصِيبِ أَخَوَاتِهَا الثَّلَاثَةِ الْمَيِّتِينَ وَالْبَاقِيَةِ لِيَجْرِيَ عَلَى أَوْلَادِهِنَّ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ وَقَالَ مَعَ عِلْمِهِ بِالْخِلَافِ وَإِنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمِنْ الْأَبِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ ثُمَّ حَضَرَتْ الَّتِي وَأَوْلَادُ أَخَوَاتِهَا يَتَنَازَعُونَ وَحِصَّةُ دُنْيَا إلَى الْآنَ فِي يَدِ الَّتِي وَقَالَتْ إنَّهَا لَمْ تَحْضُرْ وَلَا وَكِيلُهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَتَّصِلْ كِتَابُ

ص: 10

الْإِقْرَارِ بِالْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ اتَّصَلَ بِهِ كِتَابٌ مُتَأَخِّرُ التَّارِيخِ ثَبَتَ فِيهِ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى قَاضٍ أَنَّ الْمَكَانَ وَقْفٌ عَلَى الْإِخْوَةِ الْأَرْبَعَةِ أَوْلَادِ بَدْرِ الدِّينِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ عَقِبٍ فَنَصِيبُهُ لِعَقِبِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَا عَقِبَ لَهُ فَلِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمِنْ الْأَبِ.

(الْجَوَابُ) مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ رضي الله عنهم فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى أَقْرَبِ أَقَارِبِهِ أَوْ أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ وَلَهُ أَخٌ شَقِيقٌ وَأَخٌ مِنْ أُمٍّ يُصْرَفُ لِلْأَخِ الشَّقِيقِ وَأَخٍ مِنْ أَبِيهِ يُقَدَّمُ الشَّقِيقُ عَلَى الَّذِي مِنْ أَبٍ بِاتِّفَاقِ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ النِّكَاحِ وَهُوَ بَعِيدٌ مَرْدُودٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالنِّكَاحِ وَلَا يَكَادُ هَذَا الْخِلَافُ يَثْبُتُ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ فِي الْأَخِ لِلْأَبِ وَأَمَّا الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ فَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ فِيهِ خِلَافًا وَإِنْ رَامَ أَحَدٌ إثْبَاتَ خِلَافٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ سَوَاءٌ فَالْأَخُ لِلْأَبِ يُسَاوِي الشَّقِيقَ عِنْدَ قَوْمٍ يَلْزَمُ مُسَاوَاةُ الْأَخِ لِأُمٍّ الشَّقِيقَ عِنْدَهُمْ فَيَحْتَاجُ الَّذِي يَرُومُ هَذَا بِالتَّرْكِيبِ إلَى إثْبَاتِ أَنَّ الْمُسَوِّيَ بَيْنَ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأَخِ لِلْأُمِّ يَقُولُ بِمُسَاوَاةِ الشَّقِيقِ لِلْأَخِ لِلْأَبِ وَيَقُولُ بِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي قَدْرِ الْمُسَاوَاةِ وَيَصْعُبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَلَى ضَعِيفٍ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْمَذَاهِبِ تَقْدِيمُ الشَّقِيقِ عَلَى الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ وَغَيْرِهِ لَيْسَ بِمَنْقُولٍ لَا قَوْلًا وَلَا وَجْهًا وَلَا رِوَايَةً وَلَا عَنْ عَالِمٍ مَعْرُوفٍ وَلَا فَقِيهٍ مُصَرَّحٍ بِهِ. فَإِنْ قُلْتَ قَدْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ إنَّ الْإِخْوَةَ كُلَّهُمْ سَوَاءٌ فِي الْقُرْبِ وَلَكِنَّ الشَّقِيقَ أَقْوَى.

قُلْتُ هَذَا خَلْطٌ فَإِنَّ أَقْرَبَ: أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ وَهِيَ تَقْتَضِي زِيَادَةً فِي الْقُرْبِ وَالشَّقِيقُ ذُو قَرَابَتَيْنِ فَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ ذِي قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ نَعَمْ الْأَخُ لِلْأَبِ أَقْوَى مِنْ الْأَخِ لِلْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ وَمُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْقَرَابَةِ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ فِي دُخُولِهِ فِي مُطْلَقِ اسْمِ الْقَرَابَةِ خِلَافٌ؛ وَيَنْبَغِي أَنْ يُضْبَطَ أَنَّ الْأَبْوَابَ كُلَّهَا لَيْسَتْ عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ بَلْ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ مُقَدَّمٌ فِي الْمِيرَاثِ قَطْعًا عَلَى الْأَخِ مِنْ الْأَبِ وَفِيهِمَا فِي النِّكَاحِ خِلَافٌ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ وَالْوَقْفُ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَنَا الْقَطْعُ بِتَقْدِيمِ الشَّقِيقِ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَقِيلَ قَوْلَانِ كَالنِّكَاحِ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مَرْدُودَةٌ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ خِلَافٌ فِي الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْوَقْفِ بَلْ قَطَعُوا بِالتَّقْدِيمِ، هَذَا كُلُّهُ فِي الْأَخِ الشَّقِيقِ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ أَمَّا مَعَ الْأَخِ لِلْأُمِّ فَلَمْ نَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ قَالُوا إنَّهُ أَقْرَبُ.

فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ أَقْرَبُ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي مُشَارَكَةَ الْأَخِ لِلْأُمِّ فِي الْقَرَابَةِ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهِ مِنْ الْقَرَابَةِ.

قُلْتُ لَا إشْكَالَ فِي حُصُولِ مَعْنَى الْقَرَابَةِ فِيهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّ اسْمَ الْقَرَابَةِ إذَا أُطْلِقَ هَلْ يَشْمَلُ

ص: 11

قَرَابَةَ الْأُمِّ فَمَنْ خَصَّهَا بِقَرَابَةِ الْأَبِ يَجْعَلُ هَذَا بِقَرِينَةِ الْإِطْلَاقِ وَلَا يُنْكِرُ مَعْنَى الْقَرَابَةِ فِيهَا، وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالنِّكَاحِ بِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِي الْوَقْفِ إلَى الْأَلْفَاظِ وَالْمَرْجِعَ فِي النِّكَاحِ إلَى الْمَعْنَى، وَالْعُصُوبَةُ مَعْنَى الْقَرَابَةِ فَإِنْ قُلْت هَبْ أَنَّ مَشْهُورَ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ اتَّفَقَتْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا مَا يُخَالِفُهُ أَمَا لِلْفَقِيهِ أَنْ يُخْرِجَ خِلَافًا مُسْتَنْبَطًا مِنْ مُسَاوَاةِ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأَخِ لِلْأُمِّ وَالْخِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّقِيقِ. قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُهُ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ يَمْنَعُ التَّخْرِيجَ وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ التَّخْرِيجِ يَكُونُ قَوْلًا ضَعِيفًا.

فَإِنْ قُلْت إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ لَمْ لَا يَنْفُذُ.

قُلْت قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «قَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارُ» فَمَتَى أَقْدَمَ الْقَاضِي عَلَى حُكْمٍ وَهُوَ لَا يَعْتَقِدُهُ كَانَ حَاكِمًا بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَقَاضِيًا بِشَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ فَلَا يَحِلُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَعْتَقِدَ أَنَّهُ الْحَقُّ. فَإِنْ قُلْت هَذَا فِي الْمُجْتَهِدِ أَمَّا الْمُقَلِّدُ فَمَتَى قَلَّدَ وَجْهًا جَازَ ضَعِيفًا كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ قَوِيًّا.

قُلْت ذَاكَ فِي التَّقْلِيدِ فِي الْعَمَلِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَمَّا فِي الْفَتْوَى وَالْحُكْمِ فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.

فَإِنْ قُلْت إذَا اسْتَوَى عِنْدَهُ الْقَوْلَانِ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُفْتِيَ أَوْ يَحْكُمَ بِأَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ كَمَا إذَا اسْتَوَتْ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ أَمَارَتَانِ يَتَخَيَّرُ عَلَى قَوْلٍ.

قُلْت الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ بِتَعَارُضِ الْأَمَارَتَيْنِ قَدْ يَحْصُلُ حُكْمُ التَّخْيِيرِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا أَقْوَالُ الْإِمَامِ كَالشَّافِعِيِّ مَثَلًا إذَا تَعَارَضَتْ وَلَمْ يَحْصُلْ بَيْنَهُمَا تَرْجِيحٌ وَلَا تَارِيخٌ يَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ مَذْهَبُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهَا لَا بِعَيْنِهِ حَتَّى يَتَخَيَّرَ فَلَيْسَ إلَّا التَّوَقُّفُ إلَى ظُهُورِ التَّرْجِيحِ.

فَإِنْ قُلْتَ لَوْ كَانَ الْحَاكِمُ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّرْجِيحِ.

قُلْتُ مَتَى كَانَ لَهُ أَهْلِيَّةٌ وَرَجَّحَ قَوْلًا مَنْقُولًا بِدَلِيلٍ جَيِّدٍ جَازَ وَنَفَذَ حُكْمُهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَذْهَبِهِ.

فَإِنْ قُلْتَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّرْجِيحِ.

قُلْتُ حِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ إلَّا اتِّبَاعُ الَّذِي عَرَفَ تَرْجِيحَهُ فِي الْمَذْهَبِ.

فَإِنْ قُلْتَ فَلَوْ حَكَمَ بِقَوْلٍ خَارِجٍ عَنْ مَذْهَبِهِ وَقَدْ ظَهَرَ لَهُ رُجْحَانُهُ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ.

قُلْت إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهِ فِي الْقَضَاءِ الْتِزَامُ مَذْهَبٍ جَازَ وَإِنْ شُرِطَ عَلَيْهِ إمَّا بِاللَّفْظِ وَإِمَّا بِالْعُرْفِ وَإِمَّا بِأَنْ يَقُولَ وَلَّيْتُك الْحُكْمَ عَلَى مَذْهَبِ فُلَانٍ كَمَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ التَّقَالِيدِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ الْحُكْمُ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ لَا تَشْمَلُهُ فَإِنْ صُحِّحَتْ اقْتَصَرَتْ عَلَى ذَلِكَ الْمَذْهَبِ وَإِنْ فَسَدَتْ امْتَنَعَ الْحُكْمُ مُطْلَقًا وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْحُكْمَ بِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ هَلْ تَفْسُدُ التَّوْلِيَةُ أَوْ تَصِحُّ وَيَفْسُدُ الشَّرْطُ أَوْ تَصِحُّ وَيَصِحُّ الشَّرْطُ، وَالْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ وَفَسَادِ الشَّرْطِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُجْتَهِدِ أَمَّا الْمُقَلِّدُ فَلَا وَالنَّاسُ الْيَوْمَ مُقَلِّدُونَ فَلَا يَأْتِي هَذَا الْقَوْلُ فِيهِمْ، وَاَلَّذِي أَقُولُهُ فِي

ص: 12

هَذِهِ الْأَعْصَارِ إنَّ الَّذِي تَوَلَّى الْقَضَاءَ عَلَى الْإِطْلَاقِ إذَا أَطْلَقَ السُّلْطَانُ تَوْلِيَتَهُ لِحُكْمٍ بِمَشْهُورِ مَذْهَبِهِ إنْ كَانَ مُقَلِّدًا وَبِمَا يَرَاهُ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا وَاَلَّذِي يَقُولُ لَهُ السُّلْطَانُ وَلَّيْتُك الْقَضَاءَ عَلَى مَذْهَبِ فُلَانٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ مَشْهُورَ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ إنْ كَانَ مُقَلِّدًا وَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا فِي مَذْهَبِهِ فَلَهُ الْحُكْمُ بِمَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ مِنْهُ بِدَلِيلٍ قَوِيٍّ وَلَيْسَ لَهُ مُجَاوَزَةُ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ مُقَلِّدًا كَانَ أَوْ مُجْتَهِدًا؛ لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ حَصَرَتْهُ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالشَّاذِّ الْبَعِيدِ جِدًّا فِي مَذْهَبِهِ وَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْخَارِجِ عَنْ الْمَذْهَبِ.

فَإِنْ قُلْت: لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِأَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ مُسَاوٍ لِلْأَخِ مِنْ الْأَبِ أَوْ لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ هَلْ يُنْقَضُ.

قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْقَضُ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْأَقْرَبِيَّةِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَخِ الشَّقِيقِ نَصٌّ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ خَالَفَ النَّصَّ وَإِذَا شَرَطَهَا الْوَاقِفُ وَحَكَمَ بِخِلَافِهِ فَيَكُونُ قَدْ خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ، وَالْفُقَهَاءُ يَقُولُونَ: شُرُوطُ الْوَاقِفِ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ، وَأَنَا أَقُولُ مِنْ طَرِيقِ الْأَدَبِ شُرُوطُ الْوَاقِفِ مِنْ نُصُوصِ الشَّارِعِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» وَإِذَا كَانَتْ مُخَالَفَةُ النَّصِّ تَقْتَضِي نَقْضَ الْحُكْمِ فَمُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ تَقْتَضِي نَقْضَ الْحُكْمِ.

فَإِنْ قُلْت: قَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ لَوْ وَقَفَ عَلَى قَرَابَتِهِ لَمْ يَدْخُلْ الْأَبُ وَالِابْنُ.

قُلْت؛ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ الْأَقَارِبِ فَلَا يَسْبِقُ الذِّهْنُ مِنْ اسْمِ الْقَرَابَةِ إلَيْهِمَا وَهَذَا مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ مِنْ دَلَالَةِ إطْلَاقِ الِاسْمِ لَا مِنْ انْتِفَاءِ مَعْنَى الْقَرَابَةِ.

فَإِنْ قُلْت: قَدْ قَالَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الشَّقِيقَ أَقْرَبُ مِنْ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ مُفَرَّعٌ عَلَى عَدَمِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ قَرِيبًا. قُلْت لَمْ يَقُلْ جَيِّدًا بَلْ هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى كُلِّ وَقْتٍ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي دُخُولِهِ فِي مُطْلَقِ اسْمِ الْقَرَابَةِ، وَاشْتِقَاقُ الْأَقْرَبِ مِنْ اسْمِ الْقَرَابَةِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرِيبٌ غَيْرُ الْأَخِ لِلْأُمِّ صُرِفَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْلَا أَنَّ مَعْنَى الْقَرَابَةِ مَوْجُودٌ فِيهِ لَمْ يُصْرَفْ إلَيْهِ وَهَذَا فِيمَا إذَا قَالَ أَقْرَبُ النَّاسِ أَمَّا إذَا قَالَ أَقْرَبُ قَرَابَتِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخٌ لِأُمٍّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ إلَيْهِ عَلَى قَوْلِنَا إنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْقَرَابَةِ بَلْ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ؛ لِأَنَّ أَقْرَبَ يَقْتَضِي أَنَّهُ شَارَكَ وَزَادَ وَهَذَا مَفْقُودٌ هُنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَخٌ شَقِيقٌ يَأْتِي هَذَا الْبَحْثُ وَمَحَلُّ هَذَا الْبَحْثِ إذَا قَالَ أَقْرَبُ أَقَارِبِي الْمَوْجُودِينَ أَمَّا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِالْمَوْجُودِينَ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَقَارِبَ هَذَا أَقْرَبُهُمْ وَإِنْ كَانُوا قَدْ انْقَرَضُوا فَإِنْ قُلْت لَوْ وَصَّى لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَقَارِبِهِ.

قُلْت قَالَ الْأَصْحَابُ يُصْرَفُ لِثَلَاثَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا جَمَاعَةٌ لَا أَنْ يُقَالَ إنَّ الِاثْنَيْنِ إنَّمَا جُعِلَا جَمَاعَةً فِي ثَوَابِ الصَّلَاةِ.

فَإِنْ قُلْت قَدْ سَوَّى الْفُقَهَاءُ بَيْنَ أَقَارِبِهِ وَقَرَابَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ أَقَارِبَ جَمْعُ أَقْرَبَ وَهِيَ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ فَتَخْتَصُّ

ص: 13

بِالْأَقْرَبِينَ مِنْ الْقَرَائِبِ.

قُلْت لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ جَمْعَ أَقْرَبَ بَلْ تَكُونُ جَمْعَ قَرِيبٍ.

فَإِنْ قُلْت قَدْ «قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي طَلْحَةَ فِي صَدَقَتِهِ أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ» فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ. قُلْت؛ لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ قَبِيلَتِهِ وَقَدْ جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ فَجَعَلَهَا فِي حَسَّانَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَلَمْ يَجْعَلْ لِي فِيهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ إلَيْهِ.

فَإِنْ قُلْت كَيْفَ اقْتَصَرَ عَلَى اثْنَيْنِ مَعَ صِيغَةِ الْجَمْعِ.

قُلْت لَمْ يَقْتَصِرْ فَقَدْ قَسَمَهَا فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَسٌ حَسَّانَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْهُ فَإِنَّ أَبَا طَلْحَةَ وَزَيْدَ بْنَ سَهْلِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ حَرَامٍ وَحَسَّانَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ وَحَرَامٌ هَذَا ابْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّار وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبِ بْن قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ.

فَأُبَيٌّ فِي رُتْبَةِ وَالِدِ أَبِي طَلْحَةَ وَحَسَّانُ فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْ حَسَّانَ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَبِي طَلْحَةَ وَلَكِنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُمَا إلَى جِذْمِ النَّسَبِ وَهُوَ مَالِكُ بْنُ النَّجَّارِ فَلِذَلِكَ أَعْطَاهُ وَلَمْ يُعْطِ أَنَسًا؛ لِأَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ ضَمْضَمِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنَمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ فَأَنَسٌ أَنْزَلُ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ وَحَسَّانَ بِثَلَاثِ دَرَجَاتٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَنِي عَمِّهِ.

فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ رَاعَى لَفْظَ الْأَقْرَبِينَ، وَلَمْ يُعَمِّمْ الْأَقْرَبِينَ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَجِدْ فِي رُتْبَةِ حَسَّانَ اثْنَيْنِ مُسَاوِيَيْنِ لَهُ إذَا قَرَّبَ فَأَدْخَلَ أُبَيَّ وَرَاعَى أَقْرَبِيَّتَهُ إلَى أَصْلِ نَسَبِهِ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْ مُرَادِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْأَقْرَبِينَ مِنْ قَرَابَتِهِ الَّذِينَ هُمْ قَبِيلَتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِنَا: أَقْرَبُ الْأَقَارِبِ وَأَقْرَبُ النَّاسِ وَتُعْطَى كُلُّ لَفَظَّةٍ حَقَّهَا، وَدَلَالَةُ الْجَمْعِ هَلْ تَقْتَضِي التَّعْمِيمَ عِنْدَ التَّعْرِيفِ وَالْإِضَافَةِ أَوْ لَا؟ وَمَنْ الَّذِي يَنْتَهِي إلَيْهِ مِنْ الْأَجْدَادِ فِي الْقَرَابَةِ حَتَّى تُبْنَى عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَحْكَامُ وَلَفْظُ الْقَرَابَةِ وَالْقَرَائِبِ مِثْلُ لَفْظِ ذَوِي الْقُرْبَى وَقَدْ قَصَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فَالشَّافِعِيَّةُ ضَبَطُوهُ بِأَقْرَبِ جَدٍّ يُعْرَفُ بِهِ، وَأَقْرَبُ جَدٍّ مِنْ أَجْدَادِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْوَصْفِ هُوَ هَاشِمٌ، وَأَلْحَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَنِي الْمُطَّلِبِ بِهِمْ وَأَحْمَدُ اعْتَبَرَ الْجَدَّ الرَّابِعَ؛ لِأَنَّ هَاشِمًا رَابِعٌ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْجَدَّ الثَّالِثَ.

فَإِنْ قُلْت لَوْ قَالَ قَائِلٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ الْأَخَ مِنْ الْأُمِّ يَتَنَاوَلُ الشَّقِيقَ فِيمَا أَوْصَى بِهِ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ هَلْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ يَجْرِي فِي هَذَا الْوَقْفِ غَيْرَ أَخَوَاتِهَا الثَّلَاثِ وَبَقِيَّةِ أَهْلِ الْوَقْفِ خَالَاتُهَا أَعْلَى مِنْهَا وَلَيْسَ لَهَا أَوْلَادُ عَمٍّ وَلَا عَمَّةٍ فَانْحَصَرَتْ الطَّبَقَةُ فِي ثَلَاثٍ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ وَالْأُخْتَيْنِ

ص: 14

لِلْأُمِّ وَقَدْ قَالَ الْوَاقِفُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ وَمِنْهُمْ تَقْتَضِي التَّبْعِيضَ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَعُمَّ الْجَمِيعَ وَيَصِيرُ هَذَا كَمَا لَوْ قَالَ أَعْطُوهُ هَذَا الْأَقْرَبَ إلَيَّ مِنْ إخْوَتِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ وَكَانَ لَهُ أَخٌ شَقِيقٌ وَأَخَوَانِ مِنْ أُمٍّ فَلَا يَقُولُ أَحَدٌ هُنَا إنَّ أَخَوَيْ الْأُمِّ يُعْطَيَانِ وَلَا يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ الْخِلَافُ قَطْعًا وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ التَّشْرِيكَ هُنَا مَقْطُوعٌ بِخَطَئِهِ.

فَإِنْ قُلْت فَقَدْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَشْتَرِكُ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمِنْ الْأَبِ فِيمَا وَقَفَ عِنْدَ تَقْدِيمِ الشَّقِيقِ. قُلْت يَشْتَرِكُ مَعَهُ الْأَخُ مِنْ الْأَبِ وَلَا يَلْزَمُ تَشْرِيكُ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ أَلْفَاظَ الْوَاقِفِينَ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِلْفَرْقِ فَإِنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ عَصَبَةٌ كَالشَّقِيقِ فَعَلَى الْوَاقِفِ يُرَاعَى جِهَةُ الْعُصُوبَةِ.

فَإِنْ قُلْت فَمَا مَعْنَى هَذَا التَّشْرِيكِ؟ قُلْت يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّسْوِيَةُ كَمَا سَوَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ مَوْضِعَ الشَّقِيقَةِ أُخْتٌ لِأَبٍ تَقَدَّمَتْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ أَنَّ الشَّقِيقَ مُقَدَّمٌ فَيَسْتَحِقُّ بِالْأَصَالَةِ، وَإِذَا وُجِدَ مَعَهُ أَخٌ لِأَبٍ شَارَكَهُ فِي نَصِيبِهِ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَكُونُ الَّذِي مِنْ الْأَبِ عَوْلُهُ عَلَى الشَّقِيقِ لَا يَكُونُ لَهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ هَذَا إذَا مَاتَ الَّذِي مِنْ الْأَبِ لَا نَقُولُ يَأْخُذُ نَصِيبَ وَلَدِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ، بَلْ نَقُولُ إنَّ هَذَا نَصِيبُ الشَّقِيقِ يُوَفَّرُ عَلَيْهِ كَالْوَقْفِ عَلَى اثْنَيْنِ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَيَخْتَصُّ بِهِ الثَّانِي وَإِذَا مَاتَ الشَّقِيقُ نَقُولُ يَنْتَقِلُ كُلُّ النَّصِيبِ إلَى الَّذِي مِنْ الْأَبِ وَاَلَّذِي مِنْ الْأُمِّ فِي النَّصِيبِ الْآخَرِ.

فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرْتُمْ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ انْحِصَارِ الدَّرَجَةِ وَاقْتِضَاءِ مِنْ التَّبْعِيضَ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ وَلَا يَلْزَمُ التَّقَيُّدُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّا إنَّمَا نَنْظُرُ إلَى مَدْلُولِ لَفْظِ الْوَاقِفِ وَالدَّرَجَةُ أَعَمُّ فَيَصِحُّ التَّبْعِيضُ فِيهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّرَجَةِ إلَّا وَاحِدٌ صُرِفَ إلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ التَّبْعِيضُ فِيهِ.

قُلْت إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الدَّرَجَةِ إلَّا وَاحِدٌ صُرِفَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ غَيْرُهُ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي الدَّرَجَةِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ وَهُمْ يَتَفَاوَتُونَ فَيَجِبُ رِعَايَةُ التَّبْعِيضِ.

فَإِنْ قُلْت لَيْسُوا مُتَفَاوِتِينَ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ هُمَا سَوَاءٌ إنْ كَانَ قَالَ بِذَلِكَ قَائِلٌ.

قُلْت لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ هُمَا سَوَاءٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الشَّقِيقَ زَائِدٌ فِي الْقُرْبِ قَطْعًا؛ وَغَايَةُ مَا يُتَخَيَّلُ أَنَّهُ يُجْعَلُ مِثْلَهُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ فَلَا يَلْزَمُ التَّعْمِيمُ.

فَإِنْ قُلْت: فَقَدْ قَالَ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ فِي إسْجَالِهِ إنَّهُ رَأَى قَوْلَ الْوَاقِفِ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمِنْ الْأَبِ صَرِيحًا فِيمَا سَأَلَهُ السَّائِلُ.

قُلْت الَّذِي سَأَلَهُ السَّائِلُ الْحُكْمُ لِلشَّقِيقَةِ وَاللَّتَيْنِ مِنْ أُمٍّ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ خَطَأٌ قَطْعًا، وَلَا يَقُولُ عَرَبِيٌّ وَلَا عَجَمِيٌّ

ص: 15

وَلَا مَنْ لَهُ تَصَوُّرٌ وَنُطْقٌ يَقِفُ عِنْدَمَا يَقُولُ إنَّ لَفْظَ الْأَبِ صَرِيحٌ فِي الْأُمِّ وَلَا ظَاهِرٌ. فَإِنْ قُلْت الْأُمُّ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ.

قُلْت هَذَا يُقَالُ عِنْدَ التَّغْلِيبِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ وَأَمَّا إطْلَاقُ الْأَبِ عَلَى الْأُمِّ فَهَلْ سُمِعَ قَطُّ فِي كَلَامٍ فَصِيحٍ مِنْ نَظْمٍ أَوْ نَثْرٍ، وَهَذَا أَقَلُّ مِنْ أَنْ يُجْعَلَ سُؤَالًا وَلَكِنَّهُ لَمَّا قِيلَ ذَكَرْته فَإِنِّي سَمِعْت مَنْ احْتَجَّ بِهَذَا لِهَذَا الْحَاكِمِ.

فَإِنْ قُلْت: قَدْ قَالَ الْحَاكِمُ مَعَ عِلْمِهِ بِالْخِلَافِ.

قُلْت فِيهِ: أَيْنَ هَذَا الْخِلَافُ وَعَجِيبٌ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ مَعَ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ صَرِيحُ الصَّرِيحِ، كَيْفَ يَخْتَلِفُ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مَعَ الْعِلْمِ بِالْخِلَافِ كُنَّا نَقُولُ إنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ الْأُخْتَيْنِ مِنْ أَبٍ وَكَانَ يَكُونُ عُذْرًا وَيَكُونُ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ مَا صَادَفَ مَحَلًّا وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِأُخْتَيْ الْأُمِّ أَلْبَتَّةَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لَوْمٌ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّهْوَ يَعْرِضُ لَكِنَّ قَوْلَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْخِلَافِ يَدْفَعُهُ؛ لِأَنَّ التَّشْرِيكَ بَيْنَ الشَّقِيقِ وَالْأَخِ مِنْ الْأَبِ مَعَ تَصْرِيحِ الْوَاقِفِ بِهِ لَا خِلَافَ فِيهِ.

فَإِنْ قُلْت قَدْ يَكُونُ لِلْحَاكِمِ مُسْتَنَدٌ آخَرُ قُلْت تَضَمَّنَ إسْجَالُهُ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ صَرِيحًا وَحَكَمَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ رَتَّبَ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ عَلَى مَا رَآهُ مِنْ الصَّرَاحَةِ وَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ مُسْتَنَدُهُ فِي الْحُكْمِ وَكُلُّ أَحَدٍ يَعْلَمُ يَقِينًا خَطَأَهُ فِي رُؤْيَةِ ذَلِكَ صَرِيحًا وَمَتَى كَانَ الْمُسْتَنَدُ خَطَأً كَانَ الْحُكْمُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ خَطَأً مِثْلَهُ فَيَكُونُ مَقْطُوعًا بِخَطَئِهِ وَكُلُّ مَقْطُوعٍ بِخَطَئِهِ يَجِبُ نَقْضُهُ.

فَإِنْ قُلْت فَالْحَاكِمُ مَتَى يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي مُسْتَنَدِهِ؟ قُلْت عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِمَا قَالَهُ فِي إسْجَالِهِ وَهَذَا حَقُّ آدَمِيٍّ وَلَيْسَ مِمَّا يَثْبُتُ حِسْبَةً فَلَيْسَ لَهُ الْآنَ إنْشَاءُ حُكْمٍ فِيهِ إلَّا بِدَعْوَى، وَالْإِخْبَارُ عَنْ الْقَاضِي بِأَنَّ لَهُ مُسْتَنَدًا آخَرَ يُخَالِفُ ظَاهِرَ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَقَوْلُ الْحَاكِمِ مَقْبُولٌ فِيمَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ.

فَإِنْ قُلْت فَقَدْ ذَكَرَ مُسْتَنَدَاتٍ لَا بَأْسَ أَنْ نَسْمَعَهَا وَنُجِيبَ عَنْهَا. قُلْت مَا ذَكَرَهَا وَأَنَا أَسْتَنْطِقُك بِهَا عَلَى سَبِيلِ الْأَسْئِلَةِ لِيَنْتَظِمَ الْكَلَامُ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ سُؤَالًا وَجَوَابًا.

فَإِنْ قُلْت أَنْتَ تُثْبِتُ كَلَامَك كُلَّهُ عَلَى شَرْطِ تَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ فِي جَمِيعِ الْبُطُونِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ إلَّا فِيمَنْ تُوُفِّيَ مِنْ الْإِخْوَةِ الْأَرْبَعَةِ، وَدُنْيَا الَّتِي الْكَلَامُ فِي نَصِيبِهَا لَيْسَتْ مِنْهُمْ بَلْ هِيَ بِنْتُ إحْدَاهُنَّ.

قُلْت قَدْ اتَّصَلَ فِي إثْبَاتِ كِتَابِ إقْرَارِ بَدْرِ الدِّينِ بِالْوَقْفِ وَأَنَّ الْمَوْقُوفَ كَانَ فِي يَدِهِ حَالَ الْإِقْرَارِ وَفِيهِ شَرْطُ تَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ فِي جَمِيعِ الْبُطُونِ وَإِنَّمَا الْكِتَابُ الَّذِي اتَّصَلَ بِهَذَا الْحَاكِمِ الْحَنْبَلِيِّ وَتَارِيخُهُ بَعْدَ كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَوَفَاةِ الْمُقِرِّ وَانْتِقَالِ الْوَقْفِ إلَى أَوْلَادِهِ الْأَرْبَعَةِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ وَمُسْتَنَدُهُ الِاسْتِفَاضَةُ بِأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ أَيْ انْتَهَتْ مَنَافِعُهُ إلَيْهِمْ وَإِنْ مَاتَ مِنْهُمْ، وَمُرَادُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا قَصَرُوا فِي الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالِاسْتِفَاضَةِ فَلَمْ يَضْبِطُوا لَفْظَ الْكِتَابِ وَالْكِتَابُ قَدْ ثَبَتَ فَالتَّمَسُّكُ بِهِ أَوْلَى وَلَا مُعَارَضَةَ بَلْ هُوَ

ص: 16

كَاشِفٌ وَمُبَيِّنٌ وَمُزِيلٌ هَذِهِ الشُّبْهَةَ.

فَإِنْ قُلْت هَذَا الْكِتَابُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْإِقْرَارِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْخَطِّ قُلْت وَدَعْ؛ لِأَنَّ الْمَكَانَ فِي أَيْدِيهِمْ وَلَمْ يَنْتَزِعْ بِالْخَطِّ شَيْئًا حَتَّى يَأْتِيَ فِيهِ خِلَافٌ فِي أَنَّ الْخَطَّ هَلْ تُرْفَعُ بِهِ الْيَدُ وَإِنَّمَا اسْتَفَدْنَا بِهِ مَعْرِفَةَ مَا لَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ وَتَصْرِيحًا بِمَا أَشْكَلَ عَلَى هَذَا الْحَاكِمِ فِيمَا هُوَ مُحْتَمَلٌ عِنْدَهُ.

فَإِنْ قُلْت: لَوْ لَمْ يَظْهَرْ هَذَا الْكِتَابُ هَلْ كَانَ لِمَا قَالَهُ مِنْ اخْتِصَاصِ الشَّرْطِ بِالْأَرْبَعَةِ وَجْهٌ؟ قُلْت لَهُ احْتِمَالٌ وَلَكِنَّهُ مُنْدَفِعٌ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ فِي نَفْسِهِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كِتَابَ الْوَقْفِ الْأَصْلِيَّ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهِ أَنَّهُمْ الطَّبَقَةُ الْأُولَى.

قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ، وَالشَّرْطُ مُعَرَّفٌ بِالْأَلْفِ وَاللَّامِ فَيَعُمُّ كُلَّ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْأَقْرَبُ فَبِهَذَا الطَّرِيقِ نَجْعَلُهُ فِي كُلِّ الْبُطُونِ مَعَ أَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ.

فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَتِهِ مَنْ يُسَاوِيهِ.

قُلْت لَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ عَطْفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى الَّتِي قَبْلَ هَذَا الشَّرْطِ وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ دُنْيَا مُنْقَطِعَ الْآخِرِ.

فَإِنْ قُلْت قَدْ قَالَ إنَّ قَوْلَهُ عَلَى الشَّرْطِ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ عَلَى قَوْلِهِ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْأَقْرَبَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ مَعَهُ يَسْتَوِي الْأَخُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمِنْ الْأَبِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالْإِخْوَةِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ كُلُّهُمْ مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ فَإِذَا سَوَّى فِيهِمْ بَيْنَ الشَّقِيقِ وَالْأَخِ مِنْ الْأَبِ اسْتَحَالَ أَنْ يُقَدِّمَ مِنْهُمْ الْأَقْرَبَ.

قُلْت هَذَا بَنَاهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ؛ وَنَحْنُ لَوْ سَلَّمْنَا لَهُ ذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْ الِاسْتِحَالَةُ لِأَنَّا كُنَّا نَحْمِلُ التَّشْرِيكَ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي الَّذِي شَرَحْنَاهُ فِيمَا سَبَقَ وَذَكَرْنَا تَفْرِيعَهُ مِنْ أَنَّ إخْوَةَ الْأَبِ يُشَارِكُونَ وَلَا يَتَأَصَّلُونَ كَالْأَشِقَّاءِ هَذَا لَوْ سُلِّمَ لَهُ اخْتِصَاصُهُ بِالْأَرْبَعَةِ وُكَلَاءَ.

فَإِنْ قُلْت: قَدْ يَتَمَسَّكُ بِمَكْتُوبٍ فِيهِ فَتْوَى النَّوَوِيِّ بِاشْتِرَاكِ أَوْلَادِ الْعَمِّ وَأَوْلَادِ الْعَمَّةِ فِيمَا شَرَطَ فِيهِ الْأَقْرَبَ وَصِحَّةِ الْحُكْمِ بِهِ.

قُلْت صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْعَمَّ وَالْعَمَّةَ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ. وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ بِتَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ.

فَإِنْ قُلْت: قَدْ أَطْلَقُوا تَشْرِيَك أَوْلَادِ الْعَمِّ وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُهُمْ شَقِيقًا وَبَعْضُهُمْ مِنْ أُمٍّ.

قُلْت سُبْحَانَ اللَّهِ أَنَتَمَسَّكُ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِتَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ يَقُولُونَ فِي تَصَانِيفِهِمْ إنَّ الشَّقِيقَ أَقْرَبُ فَكَيْفَ يُتَخَيَّلُ فِيهِمْ خِلَافُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مَقْصُودُ هَذَا الْحَاكِمِ فِي تَمَسُّكِهِ بِهَذَا إنْ كَانَ مَقْصُودُهُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الشَّقِيقِ وَالْأَخِ مِنْ الْأُمِّ فِي الْأَقْرَبِيَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْرُزَ بِهِ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّاسَ كُلَّهُمْ مِنْ مَذْهَبِهِ وَغَيْرِ مَذْهَبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَقْصُودَهُ فَمَا بَقِيَ إلَّا تَمَسُّكٌ بِمَا لَا يُقْبَلُ.

فَإِنْ قُلْت قَدْ قَالَ إنَّهُ وَجَدَ فِي هَذَا الْمَكْتُوبِ الَّذِي فِي ذَيْلِهِ خَطُّ النَّوَوِيِّ فَصْلًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّهَاتٍ شَتَّى.

ص: 17

قُلْت نُجَادِلُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنْ صَحَّ يَكُونُ النَّوَوِيُّ مَا وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ الْفَصْلِ وَلَا سَأَلَ عَنْهُ وَهَذَا أَيْضًا إنْ كَانَ الْقَصْدُ لِرِقَّةٍ (؟) فَلَا شَيْءَ وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ تَسْوِيَةَ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ بِالشَّقِيقِ وَالْخُرُوجَ عَنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ فَيَبْرُزُ بِهِ حَتَّى نَسْمَعَ جَوَابَهُ وَلَا يَتَسَتَّرُ.

فَإِنْ قُلْت قَدْ قِيلَ عَنْهُ إنَّهُ قَالَ كَيْفَ أَرْجِعُ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ وَقَدْ حَكَمْت فِي عِشْرِينَ قَضِيَّةً مِثْلَ هَذِهِ.

قُلْت إنْ صَحَّ عَنْهُ فَهَذَا مَرَضٌ مَا لَهُ دَوَاءٌ.

فَإِنْ قُلْت فَمَا تَقُولُ فِي حُكْمِهِ لِلْمَيِّتِينَ.

قُلْت الْحُكْمُ بِالِانْتِقَالِ لِلْمَيِّتِ قَدْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِتَوْفِيَةِ دُيُونِهِ وَوَصَايَاهُ وَانْتِقَالِ مَا يَفْضُلُ عَنْهُمَا لِوَارِثِهِ مِنْ الرُّبْعِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ فِي حَيَاتِهِ فَالْحُكْمُ بِذَلِكَ يَصِحُّ بِشَرْطِ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْوَارِثُ أَوْ وَكِيلُ أَحَدِهِمْ وَيَكُونُ الْحُكْمُ لَهُ لَا لِلْمَيِّتِ وَإِنَّمَا الْحُكْمُ بِالِانْتِقَالِ إلَى الْمَيِّتِ طَرِيقًا، وَأَمَّا الْحُكْمُ بِانْتِقَالِ الْوَقْفِ حَتَّى يَنْتَقِلَ بَعْدَهُ لِلطَّبَقَةِ الَّتِي بَعْدَهُ فَيَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ يَتَلَقَّوْنَ عَنْهُ أَوْ عَنْ الْوَاقِفِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ عَنْ الْوَقْفِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْحُكْمِ بِالِانْتِقَالِ إلَى الْمَيِّتِ، إذَا عَرَفْتَ هَذَا فَالْحُكْمُ هَذَا بِانْتِقَالِ نَصِيبِ دُنْيَا إلَى أَخَوَاتِهَا الثَّلَاثِ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ بِفَرْضِ دَيْنٍ وَلَا وَصِيَّةٍ وَلَا إرْثٍ بَلْ قَالَ لِيَجْرِيَ عَلَى أَوْلَادِهِنَّ عَلَى مُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ؛ ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمَحْكُومَ لَهُ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتَ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُدْعَى وَلَا يُسْتَرُ، وَقَدْ نَصَّتْ الْحَنَابِلَةُ الَّذِينَ هَذَا الْحَاكِمُ مُتَمَذْهِبٌ بِمَذْهَبِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْحُكْمِ مِنْ سُؤَالِ الْمَحْكُومِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَا يُسْتَوْفَى بِدُونِ إذْنِهِ وَالْمُتَكَلِّمُ هُنَا السَّائِلُ لَيْسَ وَكِيلًا عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنَّمَا لَعَلَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْأَوْلَادِ فَكَانَ يَنْبَغِي التَّصْرِيحُ بِالْحُكْمِ لَهُمْ فَالْأَحْيَاءُ لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْحُكْمِ لَهُمْ وَالْمَوْتَى لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ لَهُمْ فَكَيْفَ هَذَا الْحُكْمُ.

فَإِنْ قُلْت إنَّ الَّتِي تَدَّعِي أَنَّهَا لَمْ تَحْضُرْ عِنْدَ هَذَا الْحَاكِمِ وَلَا وَكِيلُهَا.

قُلْت هَذِهِ عِنْدَهُ آحَادٌ إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً أَوْ لَهَا وَكِيلٌ حَاضِرٌ فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ عَلَيْهَا إلَّا بِحُضُورِهَا أَوْ حُضُورِهِ وَالدَّعْوَى عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا صَاحِبَةُ الْيَدِ وَهِيَ الْخَصْمُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً وَلَا وَكِيلَ لَهَا فَعِنْدَنَا يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَاكِمُ اعْتَبَرَ ذَلِكَ وَاسْتَوْفَى شُرُوطَهُ صَحَّ الْحُكْمُ وَإِلَّا فَلَا، وَأَعْنِي بِصِحَّةِ الْحُكْمِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ صَحِيحًا وَنَحْنُ قَدْ بَيَّنَّا مَا فِيهِ.

فَإِنْ قُلْت فَقَدْ نَفَّذَهُ حَنَفِيٌّ بَعْدَهُ.

قُلْت تَنْفِيذُ الْبَاطِلِ لَا يَجْعَلُهُ حَقًّا وَالْحَنَفِيُّ لَا يَرَى الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ لَمْ تَحْضُرْ وَلَا وَكِيلُهَا عِنْدَهُ لَمْ يَصِحَّ التَّنْفِيذُ وَأَيْضًا فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيِّ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ إلَّا إذَا نَفَّذَهُ غَيْرُهُ.

وَهَذَا الْحَنْبَلِيُّ حَكَمَ عَلَى غَائِبٍ وَمَا نَفَّذَهُ أَحَدٌ قَبْلَ الْحَنَفِيِّ فَلَمْ يَكُنْ لِلْحَنَفِيِّ تَنْفِيذُهُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا فَكَيْفَ وَهُوَ بَاطِلٌ وَقَدْ حَضَرَ عِنْدِي هَذَا الْحَاكِمُ وَقَالَ لِي إنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ

ص: 18

عِلْمٌ بِالْغَيْبِ وَلَا بِشَيْءٍ مِمَّا بَنَى عَلَيْهِ الَّذِي قَبْلَهُ الْحُكْمَ. فَإِنْ قُلْت قَدْ نَفَّذَ شَافِعِيٌّ حُكْمَ الْحَنَفِيِّ الْمَذْكُورَ.

قُلْت: تَنْفِيذُهُ لَا يُصَحِّحُهُ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى اعْتِقَادِ صِحَّتِهِ.

فَإِنْ قُلْت قَدْ قَالَ الْحَنَفِيُّ إنَّهُ إنَّمَا نَفَّذَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ.

قُلْت هَذَا عُذْرٌ لَهُ وَهُوَ مُبَيِّنٌ أَنَّهُ لَمْ يُنَفِّذْ الْحُكْمَ لِلْأُخْتَيْنِ مِنْ الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ نَفَّذَهُ لَمْ يَنْفُذْ.

فَإِنْ قُلْت أَلَيْسَ نَقْضُ الْقَضَاءِ صَعْبًا قُلْت أَصْعَبُ مِنْهُ تَبْقِيَتُهُ وَهُوَ بَاطِلٌ وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» وَإِذَا تَبَيَّنَ بِالدَّلِيلِ الصَّحِيحِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ فَهُوَ مِمَّا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَكُونُ مَرْدُودًا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

فَإِنْ قُلْت: قَدْ قَالُوا إنَّهُ لَا يُنْقَضُ قَضَاءُ الْقَاضِي إلَّا إذَا خَالَفَ النَّصَّ وَالْإِجْمَاعَ أَوْ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ.

قَالَ الْقَرَافِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ أَوْ الْقَوَاعِدَ الْكُلِّيَّةَ وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ أَوْ يَكُونُ حُكْمًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.

قُلْت هَذَا مُخَالِفٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَهُوَ حُكْمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا عَلِمْنَاهُ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا فَهُوَ كَالْمُخَالِفِ لِلْإِجْمَاعِ وَإِنْ ثَبَتَ فِيهِ خِلَافٌ فَيَكُونُ شَاذًّا وَالْخِلَافُ الشَّاذُّ لَا اعْتِبَارَ بِهِ كَمَا أَنَّ الِاحْتِمَالَ الْبَعِيدَ لَا يُخْرِجُ النَّصَّ عَنْ كَوْنِهِ نَصًّا وَلِهَذَا عَدَّ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ جُمْلَةً مِنْ التَّأْوِيلَاتِ الْبَاطِلَةِ وَهَكَذَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْخِلَافِ الشَّاذِّ إنَّهُ خِلَافٌ لَا اخْتِلَافٌ يَعْنُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ الِاخْتِلَافُ الْمَشْهُورُ الْقَرِيبُ الْمَأْخَذِ أَمَّا الْخِلَافُ الشَّاذُّ الْبَعِيدُ فَهُوَ خِلَافٌ لِأَهْلِ الْحَقِّ، وَهَكَذَا أَقُولُ إنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يَكُونَ خِلَافٌ يَتَفَاوَتُ أَوْ احْتِمَالَاتٌ مُتَفَاوِتَةٌ.

فَإِذَا حَكَمَ بِأَحَدِهَا لَا يَنْقُضُهَا مَنْ يَرَى غَيْرَهُ أَصْوَبَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ صَوَابًا كَمَا فِي الْمَذَاهِبِ الْمَشْهُورَةِ أَمَّا الْخِلَافُ الشَّاذُّ وَالِاحْتِمَالُ الْبَعِيدُ الَّذِي يُعْتَقَدُ خَطَؤُهُ فَقَدْ لَا يُنْقَضُ وَقَدْ اشْتَهَرَ وَرَدُّوا الْحَمَّالَاتِ إلَى الْبَيِّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اسْتَدْرَكَهُ فِي تَارِيخِهِ.

فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرْته فِي مَعْنَى التَّشْرِيكِ يَدِقُّ عَنْ أَكْثَرِ النَّاسِ فَكَيْفَ يُحْمَلُ كَلَامُ الْوَقْفِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ طَرِيقًا فِي بَعْضِ الْحُكْمِ.

قُلْت أَنَا إنَّمَا ذَكَرْته مُحَافَظَةً عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ حَتَّى لَا يُلْغَى وَالْمَعَانِي الْخَفِيَّةُ لِإِبْقَاءِ النُّصُوصِ وَعَدَمُ إلْغَائِهَا فَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِ الْعُلَمَاءِ وَنَحْنُ اسْتَخْرَجْنَا هَذَا دَفْعًا لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَحْكُمَ بِبُطْلَانِ هَذَا الشَّرْطِ مِنْ الْوَاقِفِ بِمَا يَتَخَيَّلُهُ وَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ يُبْطِلُ النُّصُوصَ بِالْقِيَاسِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ هَذَا إبْطَالٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ بِمَا تَوَهَّمَهُ فِي ذِهْنِهِ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَنَحْنُ قَدْ أَظْهَرْنَا فِيهِ فَائِدَةً فَكَانَ التَّوَهُّمُ فَاسِدًا. فَإِنْ قُلْت هَلْ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الِانْتِقَالُ مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ قُلْت لَا فَرْقَ. فَإِنْ قُلْت فَمَا تَصْنَعُ أَنْتَ؟

قُلْت أَسْتَخِيرُ اللَّهَ وَأَحْكُمُ لِلَّتِي بِنَصِيبِ أُخْتِهَا دُنْيَا جَمِيعِهِ كَامِلًا مُضَافًا إلَى نَصِيبِهَا مِنْ أُمِّهَا وَأُقِرُّ يَدَهَا عَلَيْهِ وَأَمْنَعُ

ص: 19

أَوَّلًا أُخْتَيْهَا مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُ وَأَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِمَنْعِهِمْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى يَقُولُ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58] وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] وَيَقُولُ {الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 112] وَيَقُولُ {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105] وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ» وَيَقُولُ «قَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ وَهُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ» وَيَقُولُ «وَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ» وَيَقُولُ «وَانْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» فَأَنَا أَتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْحُكْمِ لِهَذِهِ بِحَقِّهَا وَالْحُكْمِ عَلَى غَيْرِهَا بِمَنْعِهِ مِمَّا لَا يَسْتَحِقُّ؛ وَاَللَّهَ تَعَالَى أَرْجُو أَنْ يُوَفِّقَنِي لِلْحَقِّ وَلِلْخَلَاصِ وَيُثِيبَنِي عَلَيْهِ مِنْ سَعَةِ فَضْلِهِ بِمَنِّهِ وَكَرْمِهِ إنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

كَتَبَهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي بْنِ عَلِيِّ بْنِ تَمَّامٍ السُّبْكِيُّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلِوَالِدِيهِ فِي يَوْمَيْ الْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بَعْضُهُ بِالْعَادِلِيَّةِ بِدِمَشْقَ وَبَعْضُهُ بِمَنْزِلِنَا بِالدَّهْشَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَإِنْ قُلْت مَا فَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَالِدُ الشَّقِيقَةِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ لَا فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّرْجِيحِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي النِّكَاحِ عَلَى قَوْلِ إنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ لَا يَرْجَحُ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي النِّكَاحِ.

قُلْت هَذَا تَخَيُّلٌ بَاطِلٌ وَالنِّكَاحُ يَدُورُ عَلَى مَحْضِ الْعُصُوبَةِ وَالنَّسَبِ وَدَفْعِ الْعَارِ عَنْهُ وَلِأَجْلِهِ اُعْتُبِرَتْ الْوِلَايَةُ وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالْأَبِ لَا مَدْخَلَ لِلْأُمُومَةِ فِيهِ فَلِذَلِكَ سَوَّى فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بَيْنَ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَالْأَخِ مِنْ الْأَبِ؛ وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ فَالْمُعْتَبَرُ الْقُرْبُ مِنْ الْمُتَوَفَّى وَالْإِدْلَاءُ إلَيْهِ فَإِنْ اعْتَبَرْنَا اللَّفْظَ فَاللَّفْظُ لَا يَشْمَلُ وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الْقُرْبَ فَهُوَ نِسْبَةُ الْمِيرَاثِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى تَقْدِيمِ الشَّقِيقِ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ أَوْ لَا كَمَا لَوْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا أَوْ قَاتِلًا وَالْأُمُّ مُسْلِمَةً أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ وَالْأَخَوَانِ مُسْلِمَيْنِ وَمَاتَ أَخُوهُمَا الْمُسْلِمُ الَّذِي هُوَ شَقِيقُ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ مِيرَاثَهُ لِأَخِيهِ الشَّقِيقِ دُونَ أَخِيهِ مِنْ الْأَبِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى حَالِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ الَّذِي يُدْلِي بِهِمَا، وَهَلْ يَشُكُّ أَحَدٌ فِي أَنَّ الشَّقِيقَ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَلَوْ كَانَ كَوْنُ الْمُدْلِي بِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ شَرْطًا لَاشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ أَبَوَاهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ حَتَّى لَا يَصْرِفَ لِلْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ إذَا كَانَ أَبُوهَا لَيْسَ مِنْ أَهْلِ

ص: 20