الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمْ يُنْقَضْ وَهَذَا الْحُكْمُ لَمْ نَجِدْ فِي كَلَامِ الْحَنَابِلَةِ الَّذِينَ اسْتَنَدَ إلَيْهِمْ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا نَعَمْ عِنْدَنَا دَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي كَلَامِنَا؛ يَبْقَى نَظَرٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْحَاكِمَ الْحَنْبَلِيَّ إذَا لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى دَلِيلٍ وَلَكِنْ اسْتَنَدَ إلَى مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُهُ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيهِ هَلْ يَكُونُ مُدَافَعَةُ حُكْمِهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الدَّلِيلِ مَانِعًا مِنْ نَقْضِهِ أَمْ لَا؟ هَذَا يُحْتَمَلُ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَانِعًا فَإِنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْحُكْمِ الْإِسْنَادُ إلَى دَلِيلٍ صَحِيحٍ فَإِنْ وَجَدْنَا إسْجَالَ الْحَاكِمِ مُطْلَقًا غَيْرَ مُسْتَنَدٍ إلَى سَبَبٍ وَوَجَدْنَا دَلِيلًا صَحِيحًا لَمْ يَكُنْ لَنَا نَقْضُهُ بَلْ نُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ وَنَعْتَقِدُ أَنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى مَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ الدَّلِيلِ أَوْ إلَى دَلِيلٍ مِثْلِهِ، وَإِنْ بَيَّنَ الْمُسْتَنَدَ وَرَأَيْنَاهُ غَيْرَ صَالِحٍ وَلَا تَشْهَدُ قَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ بِصِحَّتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْقَضَ وَنَحْكُمَ حُكْمًا مُسْتَنِدًا إلَى دَلِيلٍ صَحِيحٍ، لَكِنْ أَرَى مِنْ بَابِ الْمَصْلَحَةِ أَنْ لَا يُنْقَضَ وَيُنَفَّذَ لِئَلَّا يَجْسُرَ النَّاسُ عَلَى نَقْضِ أَحْكَامِ الْحُكَّامِ وَيُجْعَلُ التَّنْفِيذُ كَأَنَّهُ حُكْمٌ مُبْتَدَأٌ مُسْتَقِلٌّ وَلَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ الْمُنَفِّذُ بِحُكْمٍ مُسْتَنَدٍ إلَى دَلِيلٍ مُوَافِقٍ الْأَوَّلَ وَبَقِيَ الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ كَانَ أَوْلَى وَأَجْمَعَ لِلْمَصَالِحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
[فَصْلٌ فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]
[فَرَعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ الْقَبُولُ]
(فَصْلٌ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ رحمه الله: هَذِهِ فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ:(الْأَوَّلُ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ الْقَبُولُ؟ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله فِي الْبُوَيْطِيِّ: الْحَبْسُ يَتِمُّ بِكَلَامِ الْمُحْبِسِ، وَلَا احْتِيَاجَ فِيهِ إلَى قَبْضٍ ثُمَّ قَالَ: وَأَصْلُ الْحَبْسِ أَنْ يَقُولَ: دَارِي هَذِهِ حَبْسٌ، أَوْ صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ، أَوْ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ، وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا حَتَّى يَصِفَ مِنْ حِلْيَتِهِمَا عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ قَوِيًّا بِأَعْيَانِهِمْ، أَوْ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ انْتَهَى.
وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْقَبُولَ، وَقَالَ الْإِمَامُ: الْعَطِيَّةُ الَّتِي تَتِمُّ بِكَلَامِ الْمُعْطِي دُونَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُعْطَى مَا كَانَ إذَا خَرَجَ بِهِ الْكَلَامُ مِنْ الْمُعْطَى لَهُ جَائِزًا عَلَى مَا أَعْطَى لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْطِي أَنْ يَمْلِكَ مَا خَرَجَ مِنْهُ، فِيهِ الْكَلَامُ بِوَجْهٍ أَبَدًا، وَهَذِهِ الْعَطِيَّةُ الصَّدَقَاتُ الْمَوْقُوفَاتُ الْمُحَرَّمَاتُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ وَقَوْمٍ مَوْصُوفِينَ، ثُمَّ قَالَ فِي الْأُمِّ بَعْدَ هَذَا بِأَسْطُرٍ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى الْعِتْقُ إذَا تَكَلَّمَ الرَّجُلُ بِعِتْقِ مَنْ يَجُوزُ لَهُ عِتْقُهُ تَمَّ الْعِتْقُ، وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى أَنْ يَقْبَلَهُ الْمُعْتِقُ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتَقِ مِلْكُهُ، وَلَا لِغَيْرِهِ مِلْكُ رِقٍّ يَكُونُ لَهُ فِيهِ بَيْعٌ، وَلَا هِبَةٌ، وَلَا مِيرَاثٌ بِحَالٍ، وَقَالَ أَيْضًا فِيمَنْ بَيَّنَ ذَلِكَ: وَلَوْ مَاتَ مَنْ جَعَلْت هَذِهِ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهَا وَقَدْ أَغَلَّتْ غَلَّةً أَخَذَ وَارِثُهُ حِصَّتَهُ مِنْ غَلَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ هُوَ مَالِكُهَا كَمَا يَكُونُ لَهُ غَلَّةُ أَرْضٍ لَوْ غَصَبَهَا، أَوْ وَدِيعَةٌ فِي يَدِ غَيْرِهِ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَتَتِمُّ الصَّدَقَاتُ الْمُحَرَّمَاتُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا مَالِكُهَا
عَلَى قَوْمٍ مَعْرُوفِينَ بِأَعْيَانِهِمْ، وَأَنْسَابِهِمْ، وَصِفَاتِهِمْ، وَيَجْتَمِعُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْمُتَصَدِّقُ بِهَا: تَصَدَّقْت بِدَارِي هَذِهِ عَلَى قَوْمٍ، أَوْ رَجُلٍ مَعْرُوفٍ بِعَيْنِهِ يَوْمَ تَصَدَّقَ، أَوْ صِفَتِهِ، أَوْ نَسَبِهِ حَتَّى يَكُونَ أَنَا أُخْرِجُهَا مِنْ مِلْكِهِ لِمَالِكِ مِلْكِهِ مَنْفَعَتُهَا يَوْمَ أَخْرَجَهَا، وَيَكُونَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: صَدَقَةٌ لَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ، أَوْ يَقُولَ: لَا تُورَثُ، أَوْ يَقُولُ: غَيْرُ مَوْرُوثَةٍ، أَوْ يَقُولَ: صَدَقَتِي مُحَرَّمَةٌ، أَوْ يَقُولَ: صَدَقَةٌ مُؤَبَّدَةٌ، فَإِذَا كَانَ وَاحِدٌ مِنْ هَذَا فَقَدْ حُرِّمَتْ الصَّدَقَةُ فَلَا تَعُودُ مِيرَاثًا أَبَدًا انْتَهَى. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقَبُولِ أَصْلًا.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لَمَّا ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُنْقَطَعِ الْأَوَّلِ قَالَ: وَهَكَذَا الْقَوْلَانِ إذَا وَقَفَ عَلَى مَنْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فَرَدَّ الْوَقْفَ مِثْلُ إنْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى وَلَدِي، ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِي، فَرَدَّ الْوَلَدُ الْمَوْقُوفَ، وَلَمْ يَقْبَلْهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ وَقْفًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ الْقَبُولَ وَلَكِنْ مِنْ شَرْطِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ قَبُولُهُ، فَإِذَا لَمْ يَصِرْ وَقْفًا عَلَيْهِ فَهَلْ يَبْطُلُ فِي الْكُلِّ، أَوْ لَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي تَوْجِيهِ الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَنْتَقِلُ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، أَوْ لَا يَعْنِي: بَلْ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ إذَا قُلْنَا: لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، فَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ بِتَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ فَانْتَقَلَ الْمِلْكُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَالْعِتْقِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ إلَيْهِ لَافْتَقَرَ إلَى قَبُولِهِ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ هَذَا لَفْظُ ابْنِ الصَّبَّاغِ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَيْضًا: إذَا رَدَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوَّلًا الْوَقْفَ، وَلَمْ يَقْبَلْهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي حَقِّهِ، فَإِنَّ الْوَقْفَ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْطِهِ الْقَبُولُ إلَّا أَنَّهُ يَبْطُلُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ بِرَدِّهِ، إذَا ثَبَتَ هَذَا فَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ هُنَا: الْوَقْفُ جَمِيعُهُ بَاطِلٌ، وَقَالَ فِي حَرْمَلَةَ قَوْلَيْنِ.
وَقَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ: الْوَقْفُ الْعَامُّ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَبُولُ، وَالْوَقْفُ الْخَاصُّ إذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدٍ، أَوْ قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ هَلْ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَبُولُ؟ إنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلَّهِ تَعَالَى لَمْ يُعْتَبَرْ كَالْعِتْقِ، وَالْأَوْقَافِ الْعَامَّةِ وَإِنْ قُلْنَا: مِلْكُ الْوَاقِفِ لَمْ يُعْتَبَرْ كَمَا لَا يُعْتَبَرْ الْعِلْمُ بِالْمُسْتَحَقِّ وَإِنْ قُلْنَا: مِلْكُ الْمَوْقُوفِ فَوَجْهَانِ، وَيَقْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَسْأَلَةُ الْوَصِيَّةِ لِمُعَيَّنٍ هَلْ يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى قَبُولِهِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ رحمه الله: يَتِمُّ الْحَبْسُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ أَمَّا الْقَبُولُ، فَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي لُزُومِ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي تَمْلِيكِ الْغَلَّةِ عِنْدَ حُصُولِهَا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ إزَالَةُ مِلْكٍ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ فَأَشْبَهَ الْعِتْقَ.
وَالْغَلَّةُ تَمْلِيكٌ مَا فُرُوعِي فِيهِ الْقَبُولُ كَالْوَصَايَا، وَلَيْسَ الْقَبُولُ هُنَا لَفْظًا مُعْتَبَرًا، بَلْ قَبُولَ رِضًا وَاخْتِيَارٍ، وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ الْغَلَّةَ إذَا أُعْطِيهَا، أَوْ يَظْهَرَ مِنْهُ قَبْلَ الْأَخْذِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَالِاخْتِيَارِ ثُمَّ الْغَلَّةُ هَاهُنَا تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِهِ سَوَاءٌ قَبْلَ أَنَّهُ مَلَكَ الْأَصْلَ أَوْ لَا يَمْلِكْهُ بِالِاخْتِيَارِ
الطَّارِئِ فَعُلِمَ حُدُوثُ الْغَلَّةِ عَلَى مِلْكِهِ، وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهَا إذَا كَانَتْ مِمَّا يُزَكَّى، وَإِذَا ظَهَرَ الْإِخْبَارُ مِنْهُ لَمْ يُعْتَبَرْ كُلَّ مَرَّةٍ مَا لَمْ يَرُدَّ، فَإِنْ رَدَّ وَلَمْ يَقْبَلْ نُظِرَ فِي شَرْطِ الْوَقْفِ، فَإِنْ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ رُدَّ سَهْمُهُ عَلَى مَنْ مَعَهُ فَعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ ذَكَرَ فِيهِ أَنْ يُرَدَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ رَدَّ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ أَغْفَلَ ذِكْرَ ذَلِكَ فِي شَرْطِهِ كَانَ فِيهِ وَجْهَانِ كَمَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا يُرَدُّ عَلَى مَنْ بَقِيَ حَقُّهُ.
وَالثَّانِي عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، ثُمَّ الرَّدُّ إنْ كَانَ خَاصًّا، وَهُوَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَاحِدَةً، فَيَكُونُ عَلَى حَقِّهِ مِنْ الْأَصْلِ إنَّمَا يَحْدُثُ مِنْ بَعْدُ، فَإِذَا جَاءَتْ غَلَّةٌ أُخْرَى عُرِضَتْ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَبِلَهَا فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ رَدَّهَا رَجَعَتْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، فَلَوْ عَادَ بَعْدَ الرَّدِّ فَطَلَبَهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ إعْطَائِهَا مَنْ رَجَعَتْ عَلَيْهِ لَمْ تُسْتَرْجَعْ مِنْهُ، وَسَقَطَ حَقُّهُ مِنْ تِلْكَ الْغَلَّةِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ إعْطَائِهَا إيَّاهُ رُدَّتْ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الرَّدُّ الْعَامُّ، فَهُوَ أَنْ يَرُدَّ أَصْلَ الْوَقْفِ فَلَا يَقْبَلُهُ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ عِنْدَ رَدِّهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَلَوْ عَادَ بَعْدَ الرَّدِّ فَطَلَبَهُ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ عَوْدُهُ طَالِبًا لَهُ بَعْدَ حُكْمٍ لَهُ لِغَيْرِهِ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْهُ، وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ لِغَيْرِهِ رُدَّ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: الْقَبْضُ شَرْطٌ فِي لُزُومِ الْوَقْفِ، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي لُزُومِ الْهِبَةِ مُعَلِّقًا بِأَنَّ فِي الْهِبَةِ قَبُولًا يَعْنِي فِي لُزُومِهَا عَنْ الْقَبْضِ، وَلَيْسَ فِي الْوَقْفِ قَبُولٌ يَعْنِي فِي لُزُومِهِ عَنْ الْقَبْضِ وَأَجَابَ الْمَاوَرْدِيُّ:
بِأَنَّ الْقَبُولَ أَخَصُّ بِلُزُومِ الْعُقُودِ مِنْ الْقَبْضِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْقَبُولُ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ مُعْتَبَرًا فِي لُزُومِ الْوَقْفِ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ الْوَقْفُ مُعْتَبَرًا فِي لُزُومِهِ.
وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ: الْوَقْفُ صَحِيحٌ لَازِمٌ، وَلَا يَحْتَاجُ لُزُومُهُ إلَى الْقَبُولِ وَلَكِنْ لَا تُمْلَكُ غَلَّتُهُ إلَّا بِاخْتِيَارِهِ.
وَإِذَا اخْتَارَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ تَمَلُّكَ غَلَّتِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ، وَيَكْفِي الْأَخْذُ، فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ رُدَّ، فَإِنْ ذَكَرَ الْوَاقِفُ أَنَّهُ إذَا رَدَّ كَيْفَ يَعْمَلُ فِي نَصِيبِهِ يَعْمَلُ فِي غَلَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرَ ذَلِكَ رُدَّ إلَى مَا مَعَهُ فِي الْوَقْفِ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ يُرَدُّ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَوْ رَدَّ ثُمَّ رَجَعَ، فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِرَدِّهِ إلَى غَيْرِهِ كَانَ لَهُ، وَإِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِ لِغَيْرِهِ بَطَلَ حَقُّهُ.
وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: الْوَقْفُ جَائِزٌ يَلْزَمُ بِنَفْسِ الْقَبُولِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَبُولُ وَالْقَبْضُ ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ فِي الْمُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ ذَكَرَ مِنْ أَمْثِلَتِهِ أَنْ يَقِفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَرُدُّ زَيْدٌ ثُمَّ قَالَ: قَالَ الشَّيْخُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إذَا وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ فَرَدَّ لَا يَرْتَدُّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدِي خُصُوصًا عَلَى قَوْلِنَا: إنَّ الْمِلْكَ فِي الْوَقْفِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِوَرَقَةٍ: فَلَوْ قَالَ جَعَلْتُهُ لِلْمَسْجِدِ يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْقَيِّمِ وَقَبْضُهُ كَمَا لَوْ وَهَبَ لِصَبِيٍّ يُشْتَرَطُ قَبُولُ قَيِّمِهِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ يَلْزَمُ بِلَا قَبُولٍ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ إذَا وَقَفَ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ
يُشْتَرَطُ قَبُولُهُمْ وَيَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ قَبُولُهُمْ وَيَرْتَدَّ بِرَدِّهِمْ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عِتْقِ الْعَبْدِ وَالْعِتْقُ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْعَبْدِ، وَلَا قَبُولُهُ شَرْطٌ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدِي خُصُوصًا عَلَى قَوْلِنَا إنَّ الْمِلْكَ فِي رَقَبَةِ الْوَقْفِ يَئُولُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ يَمْنَعُ اشْتِرَاطَ الْقَبُولِ أَجَابَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ، وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّ بِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ وَأَنْتَ تَرَى الْبَغَوِيَّ حَكَى الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ صَاحِبَ التَّهْذِيبِ حَكَاهُ عَنْ شَيْخِهِ احْتِمَالًا.
وَقَالَ: إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدِي وَابْنُ الرِّفْعَةِ مَعَهُ فَرْقُ الدَّلَالَةِ ظَنَّ أَنَّ الْقَائِلَ قَالَ الشَّيْخُ هُوَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فَلَعَلَّ الْقَائِلَ قَالَ الشَّيْخُ هُوَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ لَكِنِّي لَمْ أَرَ هَذَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، وَلَا فِي فَتَاوِيهِ، وَهُوَ شَيْخُ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ فَلَعَلَّ الْقَائِلَ: قَالَ الشَّيْخُ كَاتِبُ التَّهْذِيبِ، وَالْمُرَادُ بِالشَّيْخِ الْمُصَنِّفُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ، وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ فِي الْكُتُبِ مِثْلُ ذَلِكَ.
مَوْضِعٌ يَقُولُ الْمُصَنِّفُ قُلْت: يَقُولُ الْكَاتِبُ عَنْهُ: قَالَ الشَّيْخُ وَقَالَ مَظْهَرُ الدِّينِ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي الْكَافِي، وَهُوَ تِلْمِيذُ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ: الْقَبُولُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَسْجِدٍ، أَوْ رِبَاطٍ، أَوْ عَلَى جَمَاعَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَلَا يُرَدُّ.
وَقَالَ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْكَافِي: مَنْ وَقَفَ شَيْئًا لَزِمَهُ وَقْفُهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ، وَانْقَطَعَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ، وَلَا قَبْضٍ، وَلَا حُكْمِ حَاكِمٍ وَقَالَ شَيْخُهُ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ فِي الْمَقْصُودِ: وَلَا يَفْتَقِرُ لُزُومُ الْوَقْفِ إلَى الْقَبُولِ، وَلَا إلَى الْقَبْضِ.
وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي: لَا يَفْتَقِرُ إلَى قَبُولِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَوْصُوفِينَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا لَا كَالْعِتْقِ وَالثَّانِي يَفْتَقِرُ؛ لِأَنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَفْتَقِرُ إلَى كَلَامٍ، وَإِنْ قُلْنَا: يَفْتَقِرُ فَلَمْ يُقْبَلْ بَطَلَ، وَمَا حُكْمُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ إلَى مِلْكِ مَالِكِهِ.
وَالثَّانِي يَصِيرُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ كَمَا لَوْ قَالَ: وَقَفْت، وَلَمْ يُبَيِّنْ السَّبِيلَ، وَهَلْ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ؟ إنْ كَانَ عَلَى مَوْصُوفِينَ فَلَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ بُنِيَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي مِلْكِ الْوَقْفِ إنْ قُلْنَا: لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا كَالْعِتْقِ، وَإِنْ قُلْنَا: لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ افْتَقَرَ كَالْهِبَةِ، وَقَدْ أَغْرَبَ الْجُرْجَانِيُّ فِيمَا حَكَاهُ مِنْ افْتِقَارِ الْوَقْفِ إلَى الْقَبْضِ، وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا الْإِغْرَابِ أَبُو الْحَسَنِ الْجُورِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ فَقَالَ: مَا كَانَ عَلَى نَاسٍ مَوْصُوفِينَ فَجَائِزٌ تَامٌّ بِغَيْرِ قَبْضٍ قَوْلًا وَاحِدًا، وَمَا كَانَ مِنْهُ عَلَى أَعْيَانٍ فَعَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا يَتِمُّ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ كَالْعَبْدِ الْمُعْتَقِ وَالْهَدْيِ وَالضَّحَايَا يَصِحُّ بِنَفْسِ الْإِيجَابِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَتِمُّ الْحَبْسُ عَلَى أَعْيَانٍ إلَّا بِقَبْضٍ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُحَقَّقِ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ وَعَلَى
هَذَا الْقَوْلِ أَجَابَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَخْتَلِفَ مُدَّعِي الْوَقْفِ مَعَ شَاهِدِهِ وَعَلَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إذَا قَالَ حَبَسْت هَذِهِ الدَّارَ عَلَى فُلَانٍ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا فُلَانٌ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَيْضًا أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَيَبْطُلُ الْحَبْسُ كَسَائِرِ الصَّدَقَاتِ، وَالثَّانِي يَصِيرُ إلَى الْمَسَاكِينِ.
وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ: لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ إنْ كَانَ عَلَى مَوْصُوفِينَ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَيَفْتَقِرُ إنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِرَدِّهِ فَافْتَقَرَ إلَى قَبُولِهِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ، فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْمُعَيَّنُ رَجَعَ إلَى مَالِكِهِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَصُرِفَ فِي سُبُلِ الْخَيْرِ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى قَبْضٍ إنْ كَانَ عَلَى مَوْصُوفِينَ، وَكَذَا إنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَقُلْنَا: الْمِلْكُ لِلَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ قُلْنَا: لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ افْتَقَرَ إلَى الْقَبْضِ كَالْهِبَةِ.
وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمُقْنِعِ: مَنْ وَقَفَ أَرْضًا، أَوْ دَارًا، أَوْ حَيَوَانًا لَزِمَ ذَلِكَ بِنَفْسِ الْقَوْلِ لَا يُعْتَبَرُ فِي لُزُومِهِ الْقَبُولُ، وَلَا الْقَبْضُ، وَجَزَمَ الْفُورَانِيُّ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْهُ بِاشْتِرَاطِ الْقَبُولِ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَقَالَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ إنَّهُ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ عَلَيْهِ إنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهُ بِالْوَقْفِ عَلَى حَسْبِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي كُلِّ قَبُولٍ يَتَعَلَّقُ بِإِيجَابٍ.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ: إنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ فِي الْمُعَيَّنِ، وَفِي الْوَسِيطِ.
وَفِي الْوَجِيزِ حَكَى وَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَصْحِيحٍ مَعَ أَنَّ رَأْيَهُ فِي الْمُعَيَّنِ أَنَّ الْمِلْكَ لَهُ فَيَسْهُلُ اشْتِرَاطُ الْقَبُولِ مَعَ ذَلِكَ.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَآخَرُونَ اشْتِرَاطُ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ دُخُولُ عَيْنٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَعَلَى هَذَا، فَلْيَكُنْ مُتَّصِلًا بِالْإِيجَابِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ هَذَا فِي الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُمْ فِيمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ وَصَاحِبُ الْكِتَابِ يَعْنِي الْغَزَالِيَّ فَأَمَّا الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ وَالْوَجِيزِ فَصَحِيحٌ جَزَمَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ، وَأَمَّا الْإِمَامُ فَإِنَّهُ حَكَى الْخِلَافَ فِيهِ، وَكَذَا الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ وَقَالَ: إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَلَى الصَّحِيحِ ذَلِكَ أَنْ نَقُولَ: الْعِلَّةُ الَّتِي اسْتَنَدُوا إلَيْهَا مِنْ اسْتِبْعَادِ مِلْكِ عَيْنٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ بِغَيْرِ رِضَاهُ مَوْجُودٌ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي وَالتَّبَعِيَّةُ لَا تُزِيلُ هَذَا الِاسْتِبْعَادَ، وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ الْخِلَافَ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي عَنْ الْمُتَوَلِّي وَاسْتَحْسَنَهُ وَيَجِبُ فِي رَدِّ الْجَزْمِ بِعَدَمِهِ كَمَا ظَنَّهُ أَنَّهُ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ، وَزَادَ النَّوَوِيُّ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ الْإِمَامَ وَالْغَزَالِيَّ قَطَعَا بِهِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ خِلَافُ مَا ظَنَّهُ الرَّافِعِيُّ، وَمَا نَسَبَهُ النَّوَوِيُّ إلَيْهِمَا مِنْ الْقَطْعِ هَذَا حُكْمُ الْقَبُولِ، وَقَدْ تَتَبَّعْت كُتُبًا أُخْرَى كَثِيرَةً لَمْ أَرَ فِيهَا تَعَرُّضًا لِذَلِكَ لَكِنَّهُمْ يَذْكُرُونَ شُرُوطَ الْوَقْفِ، وَمَا بِهِ يَتِمُّ وَلَا يَذْكُرُونَ قَبُولًا، فَلَوْ كَانَ الْقَبُولُ شَرْطًا لَذَكَرُوهُ.
فَهَذَا الَّذِي يَنْبَغِي الْفَتْوَى بِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَبُولُ