الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
كَتَبَهُ عَلِيٌّ السُّبْكِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ 749 انْتَهَى.
[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَخَلَفَ ابْنًا وَابْنَتَيْنِ وَخَلَفَ لَهُمْ فَدَّانًا]
(مَسْأَلَةٌ وَرَدَتْ مِنْ الْقَاضِي نَجْمِ الدِّينِ الشَّافِعِيِّ بِحَمَاةِ)
فِي رَجُلٍ مَاتَ وَخَلَفَ ابْنًا وَابْنَتَيْنِ وَخَلَفَ لَهُمْ فَدَّانًا مِنْ جَمِيعِ خَمْسَةِ أَفْدِنَةِ فِي جَمِيعِ الْقَرْيَةِ الْفُلَانِيَّةِ خَصَّ الِابْنَ مِمَّا خَلَفَهُ أَبُوهُ نِصْفُ فَدَّانٍ وَلِلْبِنْتَيْنِ نِصْفُ فَدَّانٍ فَوَقَّفَ الِابْنُ مِنْ الْقَرْيَةِ نِصْفَ فَدَّانٍ وَرُبُعَ فَدَّانٍ عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَبَعْدَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ مُتَّصِلًا بِوُجُوهِ الْبِرِّ وَثَبَتَتْ مِلْكِيَّةُ الْمَوْقُوفِ لِلْوَاقِفِ وَلَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْوَاقِفِ سِوَى نِصْفِ فَدَّانٍ الْمُخَلَّفِ عَنْ أَبِيهِ وَاسْتَغَلَّهُ كَذَلِكَ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ ثُمَّ تَوَلَّى عَلَى الْوَقْفِ مُسْتَحِقٌّ آخَرُ بَعْدَهُ، وَطَلَبَ أَنْ يَأْخُذَ رُبُعَ نِصْفِ فَدَّانٍ وَرُبُعَ فَدَّانٍ وَهِيَ الْحِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فَهَلْ يَكُونُ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ فَدَّانٍ الْمُخَلَّفِ عَنْ أَبِيهِ لَهُ مِنْ نَصِيبِ أَخَوَاتِهِ مَعَ عَدَمِ تَبْيِينِ شُهُودِ الْمِلْكِيَّةِ سَبَبَ انْتِقَالِ ذَلِكَ مِنْ أَخَوَاتِهِ إلَيْهِ أَمْ مِنْ سَائِرِ الْقَرْيَةِ أَمْ لَيْسَ لَهُ سِوَى مَا هُوَ مُخَلَّفٌ عَنْ ابْنِ الْوَاقِفِ لَهُ الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ إلَى أَنْ مَاتَ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى.
(الْجَوَابُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ أَمَّا الْفَدَّانُ الْمُخَلَّفُ عَنْ أَبِيهِ فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُ إلَّا النِّصْفُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِأُخْتَيْهِ وَيَحْتَاجُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لَهُ فِيهِ أَوْ فِي بَعْضِهِ إلَى بَيَانِ سَبَبِ الِانْتِقَالِ، وَالْبَيِّنَةُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ تُسْمَعُ إذَا كَانَ مَعَهَا يَدٌ وَلَمْ تُعَارِضْهَا بَيِّنَةٌ أُخْرَى أَوْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِتَقَدُّمِ مِلْكٍ لِغَيْرِ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ إنْسَانٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ فَقَالَ الْقَاضِي: قَدْ عَرَفْت هَذِهِ الدَّارَ مِلْكَ فُلَانٍ وَمَاتَ وَانْتَقَلَتْ إلَى فُلَانٍ وَارِثِهِ فَأَقِمْ بَيِّنَةً عَلَى مِلْكِهِ مِنْهُ قَبِلْت ذَلِكَ مِنْهُ وَتَنْدَفِعُ بَيِّنَتُهُ، وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ وَعِنْدِي أَنَّهُ مُطْلَقٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَضَى لَقَضَى بِخِلَافِ الْعِلْمِ فَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ إلَّا بِالشَّرْطِ الَّذِي قُلْنَاهُ، وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يُعْلَمْ مِلْكُهُ وَلَا مِلْكُ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ مِنْهُ أَوْ لَا تَكُونُ فِي يَدِ أَحَدٍ فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثِ الْبَيِّنَةُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ مَسْمُوعَةٌ مَعْمُولٌ بِهَا وَفِيمَا سِوَاهَا قَدْ تُسْمَعُ وَلَكِنْ لَا يَعْمَلُ بِهَا كَمَا إذَا اُنْتُزِعَتْ الْعَيْنُ مِنْ شَخْصٍ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمِلْكِهَا مُطْلَقَةً
سَمِعْت فِي الْأَصَحِّ وَلَكِنَّ فَائِدَةَ سَمَاعِهَا مُعَارَضَةُ الْبَيِّنَةِ الَّتِي اُنْتُزِعَتْ مِنْهُ بِهَا وَرُجُوعُهَا إلَى يَدِهِ كَمَا لَوْ أَقَامَهَا قَبْلَ الِانْتِزَاعِ فَلْيَتَنَبَّهْ لِهَذَا فَإِنَّهُ قَدْ يَغْلَطُ فِيهِ وَيَغْتَرُّ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ الدَّعْوَى مَسْمُوعَةٌ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ الِانْتِقَالِ إذَا كَانَ الِانْتِزَاعُ بِبَيِّنَةٍ لَا بِإِقْرَارٍ وَمُرَادُهُمْ مَا بَيَّنَّاهُ هُنَا.
فَإِذَا عَلِمَ ذَلِكَ عَلِمَ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّ نَصِيبَ الْأُخْتَيْنِ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ مَقْرُونَةٍ بِبَيَانِ سَبَبِ الِانْتِقَالِ فَمَتَى لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ وَعُرِفَ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِي الْفَدَادِينِ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ تَعَذَّرَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ وَقْفِهِ فِي الرُّبُعِ الزَّائِدِ عَلَى نَصِيبِهِ وَلَمْ تُفِدْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى مِلْكِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَلَمْ يُفِدْ حُكْمُ الْقَاضِي بِهِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَلَمْ يُنَفَّذْ ذَلِكَ الْحُكْمُ، وَقَبُولُ الْبَيِّنَةِ الْمُطْلَقَةِ بِالْمِلْكِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَصْلًا لَا حُجَّةً شَرْعِيَّةً لَا مُعَارِضَ لَهَا وَلَيْسَ فِيهَا رَفْعُ يَدٍ وَلَا إبْطَالُ حَقٍّ لِمُعَيَّنِ، وَالْحُكْمُ إذَا ثَبَتَ لِمُعَيَّنِ لَمْ يَجُزْ رَفْعُهُ إلَّا بِمُسْتَنَدٍ بِخِلَافِ الْمَجْهُولِ وَقَبُولُهَا عَلَى ذِي الْيَدِ الَّذِي بِلَا بَيِّنَةٍ لَهُ وَلَا عِلْمِ حَاكِمٍ لِأَنَّ الْيَدَ وَإِنْ كَانَتْ حُجَّةً فَالْبَيِّنَةُ أَقْوَى مِنْهَا وَقَبُولُهَا بَعْدَ الِانْتِزَاعِ بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَضَدَةٌ بِالْيَدِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَتَقَدَّمَ عَلَى الْبَيِّنَةِ الْمُجَرَّدَةِ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيمِ الدَّاخِلِ، وَفِيمَا سِوَى الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لَا وَجْهَ لِقَبُولِهَا لِوُجُودِ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا وَهُوَ بَيَانُ السَّبَبِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى عَدَمِ بَيَانِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّا دَائِمًا نُقَدِّمُ الْأَرْجَحَ فَالْأَرْجَحَ وَأَمَّا إذَا اُنْتُزِعَتْ الْعَيْنُ بِإِقْرَارٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُنْتَزِعِ مِنْهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَّا بِبَيَانٍ بِسَبَبِ انْتِقَالٍ جَدِيدٍ لِئَلَّا يَكُونَ مُكَذِّبًا لِغَيْرِهِ؛ هَذَا كُلُّهُ فِي الرُّبُعِ الزَّائِدِ عَلَى نَصِيبِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَصِيبِ أُخْتَيْهِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْأَرْبَعَةِ الْفَدَادِينِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الْقَرْيَةِ فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً لِغَيْرِهِ أَوْ فِي أَيْدِيهِمْ فَالْحُكْمُ عَلَى مَا شَرَحْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرُّبُعُ الزَّائِدُ مِنْهُ فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ بِمِلْكِهِ مَسْمُوعَةً وَيَكُونُ قَدْ وَقَفَ نِصْفًا مِمَّا خَلَفَهُ أَبُوهُ وَرُبُعًا مِنْ غَيْرِهِ، هَذَا إنْ كَانَ الْأَمْرُ مُمْكِنًا وَالشَّهَادَةُ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ عَلَى مَا شَرَحْنَاهُ فِي نَصِيبِ أُخْتَيْهِ وَبِعَدَمِ الرُّبُعِ تُوقَفُ وَلَا يُسْمَعُ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْوَقْفِ دَعْوَاهُ فِيهِ وَلَا عِبْرَةَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ الَّذِي عُرِفَ اسْتِنَادُهُ إلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا النِّصْفُ الْمَعْرُوفُ مِلْكُهُ لَهُ مِنْ وَالِدِهِ فَوَقْفُهُ صَحِيحٌ إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَى صِحَّةَ الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ فَيَتَقَدَّرُ ذَلِكَ الْقَدْرُ خَاصَّةً.
وَقَدْ ذَكَرَ