المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة من عبد الله تعالى بالخوف فهو حروري] - فتاوى السبكي - جـ ٢

[تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌[وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى الْجِهَاتِ وَالْوُجُوهِ وَالْمَصَالِحِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي نَقْضِ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَقْفٌ شَرَطَ وَاقِفُهُ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ نَسْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَرَعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ الْقَبُولُ]

- ‌[فَرْعٌ الْوَقْفُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ]

- ‌[فَرْعٌ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ]

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ قَالَ وَقَفْت دَارِي هَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَ مَوْتِي]

- ‌[فَرْعٌ التَّرْتِيبُ فِي الْمَصَارِفِ لَا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ]

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَكْلِ مِنْ الْأَوْقَافِ هَذَا الزَّمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ فَوَّضَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ إلَيْهِ فِي وَقْفٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ تَوْلِيَةُ التَّدْرِيسِ وَمَا أَشْبَهَهُ لِلنَّاظِرِ الْخَاصِّ أَوْ لِلْحَاكِمِ]

- ‌[فَصْل الْفَرْقِ بَيْنَ أَوْقَافِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ الَّتِي تَحْتَ نَظَرِ الْحُكْمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَوْقِفَ الرُّمَاةِ فِي وَقْفِ حَمَاةَ]

- ‌[بَابُ الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي عِتْق السَّائِبَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ الْوَلَاء لَا يُوَرَّثُ بِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِع وَالْخَامِس ابْن الْمُعْتِقِ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ فَإِن كَانَ للمعتق أب وإبن]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ خَلَّفَ الْعَتِيقُ بِنْتَ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَةَ الْمُعْتِقِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى إذَا هُوَ مَاتَ فَالدَّارُ الَّتِي يَسْكُنُهَا تُكْرَى بِسِتَّةَ عَشَرَ كُلِّ شَهْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى أَنْ تُكَمَّلَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ عِمَارَةُ مَسْجِدٍ وَصِهْرِيجٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى إلَى شَخْصٍ عَلَى أَوْلَادِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَوْصَتْ إلَى فُلَانٍ أَنْ يَحْتَاطَ عَلَى تَرِكَتِهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى بِمَالِهِ كُلِّهِ]

- ‌[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَالصَّدَقَاتِ]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَسْلَمَ الْحُرُّ عَلَى أَرْبَعِ إمَاءٍ وَأَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ وَتَخَلَّفَ ثِنْتَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّسَرِّي بِالْجَوَارِي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَالِد الطِّفْلَة لِوَالِدِ الطِّفْل زَوَّجْت ابْنَتِي مِنْ ابْنِك قَالَ قَبِلْت]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَزَالَ بَكَارَةَ زَوْجَتِهِ بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّدَاقِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ أَعْسَرَ بِبَعْضِ الصَّدَاقِ وَلَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقْوِيم الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَنْكُوحَة إنْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا وَفَسَخَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْمَسِيسِ]

- ‌[بَابُ الْقَسَمِ وَالنُّشُوزِ]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أُكْرِهْت عَلَى سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ فَطَلَّقَهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخُلْعُ إذَا جَرَى بِلَفْظِ الْخُلْعِ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاجْتِمَاع وَالِافْتِرَاق فِي مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَلِف بِالطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي ثَلَاثًا مَا بَقِيَ بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مَا بَقِيَّتِي تَكُونِي لِي بِامْرَأَةٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَتْ لَهُ تَزَوَّجْت عَلَى بِنْتِي فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَ بِنْتِك طَالِقٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُول بِهَا إنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ كَذَا وَلَمْ أَدْخُلْ بِهَا فَهِيَ طَالِقٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يُعْطِي فُلَانًا كُلَّ يَوْمِ نِصْفَ دِرْهَمٍ]

- ‌[الطَّلَاقُ الْمُنَجِّزِ]

- ‌[بَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌[بَابُ الرِّدَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ السَّاحِر وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ]

- ‌[بَابُ التَّعْزِيرِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ]

- ‌[تَرْمِيم الْكَنَائِسِ]

- ‌[بَابٌ فِي شُرُوط عُمَرَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرْمِيمِ وَالْإِعَادَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاصَلَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا]

- ‌[كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْكِتَابَة عَلَى الْمَكَاتِيبِ الَّتِي يَظْهَرُ بُطْلَانُهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَاكِمَ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمٌ لَا يَرَاهُ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى وَكِيلٌ عَنْ غَائِبٍ عَلَى حَاضِرٍ فَقَالَ أَبْرَأَنِي مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى قَيِّمُ صَبِيٍّ عَلَى حَاضِرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ لِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ ادَّعَاهُ وَلِيُّهُ عَلَى غَائِبٍ]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَقْد نِكَاحٍ يُخَالِفُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَيُوَافِقُ غَيْرَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَدَاوَة الَّتِي تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَقَرَّ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِشَخْصٍ أَلْف دِرْهَمٍ وَعَشَرَة دَرَاهِمَ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَى عَيْنًا فَادَّعَتْ زَوْجَةُ الْبَائِعِ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَى دَارًا وَصَدَّقَ الْبَائِعَ أَخُوهُ عَلَى صِحَّةِ مِلْكِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً بَائِنًا خُلْعًا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ إنَّهَا ثَالِثَةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شُرُوطُ الْحُكْمِ فِي الدَّعْوَى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَيْنٌ فِي يَدِ شَخْصٍ فَادَّعَاهَا آخِر وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَرْضٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَخَلَفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَبِنْتًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَيْتَامًا وَتَرَكَ مَوْجُودًا كَثِيرًا فَوْقَ حَاجَتِهِمْ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَرْضٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَقَرَّ أَنَّهُمَا اقْتَسَمَاهَا قِسْمَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَخَلَفَ ابْنًا وَابْنَتَيْنِ وَخَلَفَ لَهُمْ فَدَّانًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[مَسْأَلَة كَاتَبَ اثْنَانِ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ]

- ‌[مَسْأَلَة كَاتَبَ عَبْدًا وَمَاتَ عَنْ اثْنَيْنِ]

- ‌[بَابٌ جَامِعٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَدّ الْخَمْر بَعْد التَّوْبَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَرَيَانُ مَاءِ دَارٍ إلَى أُخْرَى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَتَعَلَّق بِالْوَقْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ عَيْنًا فِي يَدِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مِلْك اُحْتِيجَ إلَى بَيْعِهِ عَلَى يَتِيمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ فَطَالَبَ الْمُرْتَهِنُ بِبَيْعِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِإِقْرَارِهِ وَرَهَنَ بِهِ عِنْدَ صَاحِبَةِ الدَّيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ قَالَ الْقَاضِي يُفْتِي وَالْمُفْتِي يَهْذِي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَدِيث مَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ وَلَا أَظَلَّتْ الْخَضْرَاءُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَدِيث طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ حَدِيثِيَّةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ نَفْي الْحَصْرِ فِي آيَة وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ]

- ‌[مَسْأَلَة الْفُتُوَّة وشد الوسط مِنْ البدع]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخَيْل هَلْ كَانَتْ قَبْلَ آدَمَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسَبَ إلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ مَا لِي رَأْيٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَنْ عَبَدَ اللَّه تَعَالَى بِالْخَوْفِ فَهُوَ حَرُورِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الْجَنَّةِ أَفْضَلُ أُمّ الْعِبَادَة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ آخِرُ مِنْ يَدْخُل الْجَنَّة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَضْعُ الْقَدَمِ عَلَى بِسَاطٍ فِيهِ أَشْكَالُ حُرُوفٍ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُد وتفسيرها]

- ‌[فَصْلٌ تَكْفِير الصَّحَابَة]

- ‌[فَصْلٌ سَبُّ النَّبِيِّ]

- ‌[الدَّلَالَةُ عَلَى عُمُومِ الرِّسَالَةِ]

- ‌[مُسْلِم اسْتَأْجَرَ ذِمِّيًّا شَهْرًا فَهَلْ تُسْتَثْنَى السُّبُوتِ]

- ‌[هَلْ تَدْخُلُ الذِّمِّيَّةُ فِي حَدِيثِ لَا تَحُدُّ الْمَرْأَةُ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لُغَوِيَّة فِي يُهَرِيق الْمَاءَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَعِب الشَّافِعِيّ الشِّطْرَنْجَ مَعَ الْحَنَفِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَرْوَاحِ هَلْ تَفْنَى كَمَا تَفْنَى الْأَجْسَامُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَاضِي إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ هَلْ لِنُوَّابِهِ أَنْ يَعْقِدُوا النِّكَاح]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَحْوِيَّةٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ أَوْ لَا]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي الطَّلَاق]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاشْتِغَال بِالْمَنْطِقِ]

الفصل: ‌[مسألة من عبد الله تعالى بالخوف فهو حروري]

يَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ أَوْ لَا وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَهَذِهِ نُبْذَةٌ يَسِيرَةٌ كَتَبْتهَا عَلَى سَبِيلِ الْعَجَلَةِ وَإِنْ اخْتَرْتُمْ كَتَبْت فِيهَا كِتَابًا مُسْتَقِلًّا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[مَسْأَلَةٌ نَسَبَ إلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ مَا لِي رَأْيٌ]

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ رحمه الله: رَجُلٌ نَسَبَ إلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ: مَا لِي رَأْيٌ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ حَطَّ رُتْبَتِهِ عَمَّا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ذَا رَأْيٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ صَدَقَ فَهُوَ جَاهِلٌ بِقَاعِدَتَيْنِ مِنْ قَوَاعِدِ الْعِلْمِ:

(إحْدَاهُمَا) أَنَّ الْجُمْلَةَ الِاسْمِيَّةَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْحَالِ.

(وَالثَّانِيَةُ) أَنَّ الشَّيْءَ إذَا كَانَ يَصْدُقُ بِالْقُوَّةِ وَبِالْفِعْلِ فَهُوَ بِالْفِعْلِ حَقِيقَةٌ وَفِي الْقُوَّةِ مَجَازٌ.

إذَا عُرِفَ هَذَا فَحَقِيقَةُ قَوْلِهِ: مَا لِي رَأْيٌ نَفْيُ الرَّأْيِ بِالْفِعْلِ الْآنَ وَلَا عَيْبَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ ذَا رَأْيٍ فَمُؤَاخَذَتُهُ بِهَذَا جَهْلٌ أَوْ تَجَاهُلٌ، هَذَا إذَا أَخَذْنَا اللَّفْظَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَسَلَّمْنَا الْمُؤَاخَذَةَ بِمُقْتَضَاهُ تَعَنُّتًا وَتَجَاهُلًا وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهَذَا إنَّمَا يَقْصِدُ التَّوَاضُعَ وَحَطَّ رُتْبَتِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعَوَاقِبِ وَأَنَّهُ سَالِكٌ طَرِيقَةَ التَّفْوِيضِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. كُتِبَ بُكْرَةَ الْخَمِيسِ رَابِعَ عَشَرَ رَجَبٍ سَنَةَ 747. انْتَهَى.

[مَسْأَلَةٌ مَنْ عَبَدَ اللَّه تَعَالَى بِالْخَوْفِ فَهُوَ حَرُورِيٌّ]

مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ رضي الله عنهم فِيمَا قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ مِنْ كِتَابِ الْمُنَجِّيَّاتِ مِنْ إحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ نَقْلًا عَنْ مَكْحُولٍ الدِّمَشْقِيِّ رضي الله عنه مَنْ عَبَدَ اللَّه تَعَالَى بِالْخَوْفِ فَهُوَ حَرُورِيٌّ وَمَنْ عَبَدَ اللَّه تَعَالَى بِالرَّجَاءِ فَهُوَ مُرْجِئٌ وَمَنْ عَبَدَ اللَّه تَعَالَى بِالْمَحَبَّةِ فَهُوَ زِنْدِيقٌ مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ مُفَسَّرًا أَثَابَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ:

(الْجَوَابُ) مَكْحُولٌ رضي الله عنه تَابِعِيٌّ فَقِيهٌ عَالِمٌ جَمَعَ عِلْمَ مِصْرَ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَاسْتَوْطَنَ دِمَشْقَ فَلِذَلِكَ يُقَالُ لَهُ: فَقِيهُ الشَّامِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا أَنَّ مَنْ عَبَدَ اللَّه بِالْخَوْفِ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ فَالْخَوْفُ يَقْبِضُهُ وَالرَّجَاءُ يَبْسُطُهُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ الْأَوْلَى اسْتِوَاءُ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ أَوْ رُجْحَانُ أَحَدِهِمَا؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْأَوْلَى اسْتِوَاؤُهُمَا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْأَوْلَى فِي زَمَنِ الصِّحَّةِ غَلَبَةُ الْخَوْفِ لِيَحْجِزَهُ عَنْ الْمَعَاصِي وَفِي حَالَةِ الْمَرَضِ غَلَبَةُ الرَّجَاءِ حَذَرًا مِنْ الْقُنُوطِ وَلِيَمُوتَ وَهُوَ حَسَنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَهُمَا جَنَاحَانِ كَجَنَاحَيْ الطَّائِرِ فَكَمَا أَنَّ

ص: 555

الطَّائِرَ لَا يَطِيرُ إلَّا بِجَنَاحَيْهِ كَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ لَا يَسْتَقِيمُ أَمْرُهُ إلَّا بِالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، وَقَالَ مَنْ يَرَى اسْتِوَاءَهُمَا: لَوْ وُزِنَ خَوْفُ الْمُؤْمِنِ وَرَجَاؤُهُ، وَالْقَائِلُ بِفَضْلِ رُجْحَانِ أَحَدِهِمَا لَا يَعْنِي بِهِ غَلَبَتَهُ بِحَيْثُ يَنْغَمِرُ جَانِبُ الرَّجَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ لَا بُدَّ عِنْدَ الْجَمِيعِ مِنْ مُلَاحَظَتِهِمَا وَاعْتِبَارِهِمَا وَحُضُورِهِمَا فِي الْقَلْبِ فِي كُلِّ حَالٍ وَهُمَا حَالَانِ مِنْ أَحْوَالِ الْقَلْبِ نَاشِئَانِ عَنْ مَعْرِفَةِ اسْمَيْنِ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَتَيْنِ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى فَالْخَوْفُ يَنْشَأُ مِنْ صِفَةِ الْقَهْرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَالرَّجَاءُ يَنْشَأُ مِنْ صِفَةِ الرَّحْمَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَالْمَعَارِفُ فِي الْقُلُوبِ بِمَنْزِلَةِ الْمِيَاهِ وَمَوَادِّ الْأَرَاضِي لِلْأَشْجَارِ، وَالْأَحْوَالُ النَّاشِئَةُ عَنْهَا بِمَنْزِلَةِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ فِي الْأَغْصَانِ وَالْأَزْهَارِ، وَالْأَعْمَالُ الَّتِي فِي ظَاهِرِ الْبَدَنِ بِمَنْزِلَةِ الثِّمَارِ.

وَقَوْلُ الصُّوفِيَّةِ: فُلَانٌ صَاحِبُ حَالٍ يُشِيرُونَ بِهِ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأَحْوَالِ الْمُتَوَسِّطَةِ بَيْنَ الْمَعَارِفِ وَالْأَعْمَالِ فَعَلَى قَدْرِ الْمَعْرِفَةِ يَكُونُ الْحَالُ وَعَلَى قَدْرِ الْحَالِ يَكُونُ الْعَمَلُ وَصَلَاحُ الْقَلْبِ بِالْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ وَصَلَاحُ الْبَدَنِ بِالْأَعْمَالِ وَمَقَامُ كُلِّ رَجُلٍ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ وَحَالُهُ عَلَى قَدْرِ مَعْرِفَتِهِ، وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي ذَلِكَ تَفَاوُتًا كَثِيرًا وَلَا أَحَدَ أَجْمَعُ لَهَا مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ بَعْدَهُ عَلَى مَقَامَاتِهِمْ فَمِنْهُمْ الْمُكْثِرُ مِنْهَا وَمِنْهُمْ الْمُقِلُّ، وَالْخَوْفُ وَاجِبٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] وَقَالَ تَعَالَى {فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 44] وَالرَّجَاءُ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ ضِدُّ الْيَأْسِ وَالْيَأْسُ حَرَامٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87] وَقَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ} [الحجر: 56] وَلِأَنَّ فِي الرَّجَاءِ التَّصْدِيقَ بِوَعْدِ اللَّهِ فَقَدْ تَظَاهَرَتْ آيَاتُ الْوَعْدِ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ كَمَا تَظَاهَرَتْ آيَاتُ الْوَعِيدِ عَلَى الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ.

وَالتَّصْدِيقُ بِوَعْدِ اللَّهِ وَاجِبٌ فَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالْخَوْفِ وَحْدَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ رَجَاءٌ أَلْبَتَّةَ أَوْ كَانَ جَانِبُ الرَّجَاءِ عِنْدَهُ مَغْمُورًا لَا وَزْنَ لَهُ مَعَ الْخَوْفِ اقْتَضَى لَهُ ذَلِكَ الْحُكْمَ عَلَى الْعَاصِي بِالِانْسِلَاخِ مِنْ الرَّحْمَةِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الدِّينِ وَهَذَا رَأْيُ الْحَرُورِيَّةِ وَهُمْ أَوَّلُ طَوَائِفِ الْمُبْتَدِعَةِ فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ خَرَجُوا عَلَى خَيْرِ فِرْقَةٍ أَوْ حِينِ فُرْقَةٍ كَمَا أَخْبَرَ فِيهِمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمِنْهُمْ ذُو الثُّدَيَّةِ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقُتِلَ بِسُيُوفِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَكَانَ سَبَبُ خُرُوجِهِمْ أَنَّهُ لَمَّا اتَّفَقَ مِنْ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ مَا اُتُّفِقَ وَلَمْ يَكُنْ

ص: 556

ذَلِكَ يَقْتَضِي تَكْفِيرًا وَلَا تَفْسِيقًا وَإِنَّمَا هُوَ كَالِاخْتِلَافِ فِي سَائِرِ الْفُرُوعِ جَرَّ قِتَالًا لِأَمْرٍ أَرَادَهُ اللَّهُ - أَنْكَرَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ الْخَبِيثَةُ مَا اتَّفَقَ مِنْ التَّحْكِيمِ وَغَيْرِهِ وَكَفَّرَتْ الصَّحَابَةَ.

وَمِنْ اعْتِقَادِهِمْ التَّكْفِيرُ بِالذَّنْبِ، وَيُسَمَّوْنَ خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَيُسَمَّوْنَ حَرُورِيَّةَ لِنُزُولِهِمْ أَرْضًا يُقَالُ لَهَا: حَرُورَاءُ وَكَانُوا ثَمَانِيَةَ آلَافِ نَفْسٍ فَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ عَلِيٌّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَنَاظَرَهُمْ يَوْمًا كَامِلًا فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَبَقِيَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَمِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الَّذِي قَتَلَ عَلِيًّا رضي الله عنه، وَأَخْبَارُهُمْ طَوِيلَةٌ وَلَا خِلَافَ فِي فِسْقِهِمْ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كُفْرِهِمْ وَالْأَقْرَبُ كُفْرُهُمْ وَهُمْ مُتَنَطِّعُونَ فِي الدِّينِ غَالُونَ فِيهِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ مِنْ الدِّينِ وَاثْنَانِ هَالِكَانِ مُفَرِّطٌ وَمُفَرِّطٌ فَهَؤُلَاءِ هَلَكُوا بِالْإِفْرَاطِ كَمَا هَلَكَ غَيْرُهُمْ بِالتَّفْرِيطِ.

وَمَا حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُمْ جَرَّدُوا الْخَوْفَ وَاعْتَقَدُوا أَنَّ الْمَعْصِيَةَ تُرْدِي صَاحِبَهَا وَلَمْ يَرْجُوا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ عَفْوًا وَلَا مَغْفِرَةً وَلَا رَحْمَةً فَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ عَلَى مُجَرَّدِ الْخَوْفِ فَقَدْ تَشَبَّهَ بِهَؤُلَاءِ حَيْثُ لَا يَرْجُو رَحْمَةً وَمَغْفِرَةً لِلْعَاصِي الْمُذْنِبِ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ يَرْجُوهُمَا مَحْضَ الْخَوْفِ فَأَرَادَ مَكْحُولٌ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ تَجْرِيدَ الْخَوْفِ يُوجِدُ الِالْتِحَاقَ بِهَذِهِ الطَّائِفَةِ.

وَقَوْلُهُ وَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالرَّجَاءِ فَهُوَ مُرْجِئٌ يَعْنِي إذَا عَبَدَ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ وَلَمْ يَحْصُلْ عِنْدَهُ خَوْفٌ أَوْ حَصَلَ وَلَكِنَّهُ مَغْمُورٌ فِي جَنْبِ الرَّجَاءِ فَهَذَا لَا يَخَافُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ فَيُشْبِهُ الْمُرْجِئَةَ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّهُ لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ سَيِّئَةٌ كَمَا لَا يَنْفَعُ مَعَ الْكُفْرِ حَسَنَةٌ، فَقَاسُوا قِيَاسًا فَاسِدًا وَقَالُوا: كَمَا أَنَّ الْكَافِرَ إذَا فَعَلَ مَا شَاءَ مِنْ الْحَسَنَاتِ لَا يَنْفَعُهُ وَيَخْلُدُ فِي النَّارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23] كَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ إذَا ارْتَكَبَ أَنْوَاعَ الْمَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ كَبَائِرَهَا وَصَغَائِرَهَا لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ مَعَ الْإِيمَانِ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عِقَابٍ، وَرُبَّمَا تَمَسَّكُوا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا} [الإسراء: 59] وَمَا حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا تَجْرِيدُهُمْ الرَّجَاءَ لِلْمُؤْمِنِ وَأَنَّهُ بِإِيمَانِهِ قَدْ اسْتَحَقَّ ثَوَابَ اللَّهِ وَالْأَمْنَ مِنْ عَذَابِهِ فَلَا يَضُرُّهُ مَا صَنَعَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَهَذِهِ فِرْقَةٌ مِنْ فِرَقِ الْمُبْتَدِعَةِ حَدَثَتْ بَعْدَ الْفِرْقَةِ الْأُولَى.

وَالْمُرْجِئَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: هَذِهِ الطَّائِفَةُ وَطَائِفَةُ أُخْرَى لَهُمْ اعْتِقَادٌ آخَرُ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ فَالْمُرْجِئَةُ الَّذِينَ أَرَادَهُمْ مَكْحُولٌ

ص: 557

- رضي الله عنه هُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ مَعْصِيَةٌ وَالْحَامِلُ لَهُمْ بِمَحْضِ الرَّجَاءِ فَلِذَلِكَ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ شَابَهُ هَؤُلَاءِ.

وَهَذِهِ الْفِرْقَةُ أَيْضًا مُنَابِذَةٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ قَالَ تَعَالَى {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] وَقَالَ تَعَالَى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7]{وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8] وَقَالَ تَعَالَى {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 102] وَقَالَ تَعَالَى {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} [التوبة: 118]- الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} [الجن: 23] وَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68] وَقَالَ تَعَالَى فِي الْمُحَارَبِينَ {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33] وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] فَشَرَطَ الْمَشِيئَةَ وَالْآيَاتُ الصَّرِيحَةُ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي ثَوَابِ فَاعِلِ الْحَسَنَاتِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ فَتَبًّا لِهَاتَيْنِ الْفِرْقَتَيْنِ الْحَرُورِيَّةِ الْمُعْرِضِينَ عَنْ الرَّجَاءِ وَالْمُرْجِئَةِ الْمُعْرِضِينَ عَنْ الْخَوْفِ وَسَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَقُولُ: إنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَعْلَمَكُمْ بِاَللَّهِ وَأَشَدَّكُمْ لَهُ خَشْيَةً.

وَهَا هُنَا نُكْتَتَانِ يَنْبَغِي أَنْ يُتَفَطَّنَ لَهُمَا: (إحْدَاهُمَا) أَنَّ الَّذِي يَتَجَرَّدُ فِيهِ الرَّجَاءُ عَنْ الْخَوْفِ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا تَصِحُّ طَاعَاتُهُ وَمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ شَرْطٌ فِي ذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْعِبَادَةُ الْمَفْرُوضَةُ إلَّا بِهَا، وَالْفَرْضُ هُوَ الَّذِي يُذَمُّ تَارِكُهُ أَوْ الَّذِي يُعَاقَبُ تَارِكُهُ أَوْ الَّذِي يَخَافُ مِنْ الْعِقَابِ عَلَى تَرْكِهِ كَمَا قِيلَ فِي حُدُودِهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَإِذَا فُرِضَ انْتِفَاءُ الْخَوْفِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّرْكِ انْتَفَى اعْتِقَادُ الْوُجُوبِ وَالْفَرْضِيَّةُ عَلَى الْحَدِّ الثَّالِثِ وَكَذَا عَلَى الْحَدِّ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَقَدَ الْعِقَابَ خَافَ وَكَذَا عَلَى الْحَدِّ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الذَّمَّ يُخَافُ مِنْهُ كَمَا يُخَافُ مِنْ الْعِقَابِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ انْتِفَاءَ الْخَوْفِ لَا يَصِحُّ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْوَاجِبَةِ وَكَفَى بِهَذَا بَلِيَّةً.

(النُّكْتَةُ الثَّانِيَةُ) كَانَتْ فِي نَفْسِي وَهِيَ أَحْسَنُ مِنْ الْأُولَى فَلَمَّا اشْتَغَلْت بِكِتَابَةِ الْأُولَى نَسِيتُهَا فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِفَتْحٍ بِتَذَكُّرِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ تَذَكَّرْتُهَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَهِيَ قَوْلُ عُمَرَ نِعْمَ الْعَبْدُ صُهَيْبٌ

ص: 558

لَوْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ، قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ حَكَمَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ الْمَعْصِيَةِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْخَوْفِ وَهَذَا يُنَافِي مَا قُلْتُمْ مِنْ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْخَوْفُ كَانَ مُرْجِئًا.

وَالْجَوَابُ أَنَّا لَمْ نَقُلْ: إذَا انْتَفَى الْخَوْفُ يَكُونُ مُرْجِئًا مُطْلَقًا بَلْ قُلْنَا: إنَّ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ كَانَ مُرْجِئًا وَإِنَّ تَجْرِيدَ الرَّجَاءِ يُوجِبُ الْجُرْأَةَ وَالْإِقْدَامَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَانْتِفَاءُ الْخَوْفِ أَعَمُّ مِنْ تَجْرِيدِ الرَّجَاءِ فَإِنَّهُ يَبْقَى بَعْدَ انْتِفَاءِ الْخَوْفِ حَالَةٌ أُخْرَى وَهِيَ الْحَيَاءُ بِمَنْعٍ مِنْ الْمَعْصِيَةِ فَذَاكَ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ يَعْبُدُ بِالْحَيَاءِ لَا بِمُجَرَّدِ الرَّجَاءِ. فَإِنْ قُلْت: فَهَذَا الْأَثَرُ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ يَقْدَحُ فِيمَا قُلْتُمْ مِنْ فَسَادِ الْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْخَوْفِ.

قُلْت: الْجَوَابُ تَخْصِيصُ الْكَلَامِ بِالْخَوْفِ مِنْ الْعِقَابِ الْأُخْرَوِيِّ لِمَا قُلْنَاهُ: إنَّ الذَّمَّ يُخَافُ وَهُوَ لَازِمٌ لِلْوُجُوبِ اللَّازِمِ لِلْمَعْصِيَةِ بِتَقْدِيرِ التَّرْكِ وَعَدَمِ الْمَعْصِيَةِ بِتَقْدِيرِ الْفِعْلِ.

فَإِنْ قُلْت: مَا الْجَوَابُ عَنْ الْآيَةِ الَّتِي تَمَسَّكُوا بِهَا؟ . قُلْت: تَمَسُّكُهُمْ بِهَا مِنْ جَهْلِهِمْ بِمُرَادِهَا وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُ مَا يُرْسِلُ بِالْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا تَخْوِيفًا لِلنَّاسِ لِيُؤْمِنُوا وَإِذَا كَانَ هَذَا مَعْنَاهَا فَأَيُّ دَلِيلٍ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ. وَلَوْلَا خَشْيَةُ الْإِطَالَةِ لَزِدْنَا فِي تَقْرِيرِ فَسَادِ الطَّائِفَتَيْنِ الْحَرُورِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ خَذَلَهُمْ اللَّهُ.

وَقَوْلُ مَكْحُولٍ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالْمَحَبَّةِ فَهُوَ زِنْدِيقٌ فَمَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يَعْبُدْهُ خَوْفًا مِنْهُ وَلَا رَجَاءً وَلَا لِصِفَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْمَحَبَّةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَتَى فُرِضَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ انْتَفَى اعْتِقَادُ الْوُجُوبِ وَصَارَ كَمَنْ يَعْمَلُ لِمَنْ يُحِبُّهُ عَمَلًا لِأَجْلِ مَحَبَّتِهِ لَهُ لَا لِاسْتِحْقَاقِهِ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْعَمَلَ وَمَنْ اعْتَقَدَ هَذَا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ كَافِرٌ وَإِظْهَارُهُ لِلْإِيمَانِ بِلِسَانِهِ وَبِطَاعَاتِهِ الظَّاهِرَةِ فَقَطْ مِثْلُ إظْهَارِ الزِّنْدِيقِ الْإِسْلَامَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَإِسْرَارِهِ الْكُفْرَ فَلِهَذَا شَبَّهَهُ بِالزِّنْدِيقِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ اعْتِقَادَهُ كُفْرٌ وَعَمَلُهُ عَمَلُ الْإِسْلَامِ.

فَإِنْ قُلْت: فَقَدْ جَاءَ عَنْ أَكَابِرِ أَهْلِ الطَّرِيقِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ مَا عَبَدْنَاك خَوْفًا مِنْ نَارِك وَلَا طَمَعًا فِي جَنَّتِك وَهَذَا مِنْ ذَاكَ الْقَبِيلِ أَفَتَقُولُونَ: إنَّ هَذَا كُفْرٌ؟ . قُلْت: لَيْسَ هَذَا مِنْ ذَاكَ الْقَبِيلِ، وَالْقَدْرُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا يَصِيرُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِنًا بِدُونِهِ اعْتِقَادُ اسْتِحْقَاقِ اللَّهِ الْعِبَادَةَ عَلَى عِبَادِهِ سَوَاءً أَمْ عَذَّبَهُمْ فَهُوَ لِذَاتِهِ تَعَالَى مُسْتَحِقٌّ لِلْعِبَادَةِ بِأَمْرِهِ تَعَالَى ذَاتِهِ اسْتَحَقَّ أَنَّهُ مَهْمَا أَمَرَ بِهِ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ وَحَرُمَتْ مَعْصِيَتُهُ ثُمَّ إنَّهُ بِفَضْلِهِ تَعَالَى وَعَدَ الطَّائِعِينَ

ص: 559

وَتَوَعَّدَ الْعَاصِينَ.

وَالْعَامِلُونَ عَلَى أَصْنَافٍ صِنْفٌ عَبَدُوهُ لِذَاتِهِ وَكَوْنِهِ مُسْتَحِقًّا لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ لَوْ لَمْ يَخْلُقْ جَنَّةً وَلَا نَارًا فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: مَا عَبَدْنَاك خَوْفًا مِنْ نَارِك وَلَا طَمَعًا فِي جَنَّتِك أَيْ بَلْ عَبَدْنَاك لِاسْتِحْقَاقِك ذَلِكَ وَمَعَ هَذَا فَهَذَا الْقَائِلُ يَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَيَسْتَعِيذُ بِهِ مِنْ النَّارِ وَيَظُنُّ بَعْضُ الْجَهَلَةِ خِلَافَ ذَلِكَ وَهُوَ جَهْلٌ فَمَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَالنَّجَاةَ مِنْ النَّارِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ فَإِنَّ مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ، وَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ الْقَائِلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إنَّهُ يَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَيَسْتَعِيذُ بِهِ مِنْ النَّارِ، وَقَالَ: مَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَك وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ» .

فَهَذَا سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فَمَنْ اعْتَقَدَ خِلَافَ ذَلِكَ فَهُوَ جَاهِلٌ خَتَّالٌ.

وَمِنْ آدَابِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهَا: الِاقْتِدَاءُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالِافْتِقَارُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِغَاثَةُ بِاَللَّهِ وَالصَّبْرُ عَلَى ذَلِكَ إلَى الْمَمَاتِ. كَذَا قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ وَهُوَ كَلَامٌ حَقٌّ. وَصِنْفٌ عَبَدُوهُ خَوْفًا مِنْ نَارِهِ وَطَمَعًا فِي جَنَّتِهِ، وَهَذَا جَائِزٌ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ هُوَ دُونَ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ وَكِلَا الصِّنْفَيْنِ يَعْتَقِدُونَ وُجُوبَ الطَّاعَةِ وَاسْتِحْقَاقَهَا خَاضِعُونَ تَحْتَ قَهْرِ الرُّبُوبِيَّةِ مُنْقَادُونَ تَحْتَ أَعْبَاءِ التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ مُسَخَّرُونَ تَحْتَ ذُلِّ الْعُبُودِيَّةِ لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتْ الْيَهُودُ {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18] بَلَى نَحْنُ عَبِيدُهُ نَوَاصِينَا بِيَدِهِ مَاضٍ فِينَا حُكْمُهُ عَدْلٌ فِينَا قَضَاؤُهُ وَمَعَ ذَلِكَ نُحِبُّهُ وَنَسْأَلُهُ أَنْ يُحِبَّنَا.

وَأَمَّا هَذَا الشَّخْصُ الَّذِي جَرَّدَ وَصْفَ الْمَحَبَّةِ وَعَبَدَ اللَّهَ بِهَا وَحْدَهَا فَقَدْ رَبَا بِجَهْلِهِ عَلَى هَذَا وَاعْتَقَدَ أَنَّ لَهُ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ رَفَعَتْهُ عَنْ حَضِيضِ الْعُبُودِيَّةِ وَضَآلَتِهَا وَحَقَارَةِ نَفْسِهِ الْخَسِيسَةِ وَذِلَّتِهَا إلَى أَوْجِ الْمَحَبَّةِ كَأَنَّهُ آمِنٌ عَلَى نَفْسِهِ وَآخِذٌ عَهْدًا مِنْ رَبِّهِ أَنَّهُ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ فَضْلًا عَنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ كَلًّا بَلْ هُوَ فِي أَسْفَلِ السَّافِلِينَ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْعَبْدِ سُلُوكُ الْأَدَبِ مَعَ اللَّهِ وَتَضَاؤُلُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاحْتِقَارُهُ نَفْسَهُ وَاسْتِصْغَارُهُ إيَّاهَا وَالْخَوْفُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَعَدَمُ الْأَمْنِ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَرَجَاءُ فَضْلِ اللَّهِ وَاسْتِعَانَتُهُ بِهِ وَاسْتِعَانَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَقُولُ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ فِي الْعِبَادَةِ: مَا عَبَدْنَاك حَقَّ عِبَادَتِك وَيَعْتَرِفُ بِالتَّقْصِيرِ

ص: 560