الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَأْكِيدُ الْوَفَاءِ لَا حَقِيقَةُ الْوُجُوبِ وَلَكِنَّهُ اسْتَعَارَ اسْمَ الْوُجُوبِ وَالظُّلْمِ عَلَى التَّرْكِ وَيَجُوزُ بِإِطْلَاقِهِمَا عَلَيْهِ لِيَدُلَّ عَلَى قُوَّةِ التَّأْكِيدِ، قَالَ هَذَا بِالْوَعْدِ يَصِيرُ وَاجِبًا؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ إخْلَافٌ لِلْوَعْدِ وَهُوَ نَقْصٌ.
قُلْت: لَهُ النِّزَاعُ فِي الْوُجُوبِ الْعَقْلِيِّ فَبَعْدَ الْوَعْدِ نَحْنُ نَقُولُ: إنَّهُ وَاقِعٌ وَلَا بُدَّ وَأَمَّا قَبْلَ الْوَعْدِ فَلَا وَعْدَ فَلَا خُلْفَ فَلَا نَقْصَ؛ فَأُفْحِمَ وَسَكَتَ وَكَأَنَّنِي أَلْقَمْتُهُ حَجَرًا، وَقُلْت لَهُ: إنَّ هَذَا الِاحْتِجَاجَ الَّذِي قَالَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40] وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ مَعَ جَوَابٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الظُّلْمَ النَّقْصُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ؛ لِحَدِيثِ «نِسْمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يُعَلَّقُ» وَفِي حَدِيثِ «الشُّهَدَاءُ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ» يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ " فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ " مِثْلُ قَوْلِنَا جَاءَ جِبْرِيلُ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّ الْأَرْوَاحَ تَتَشَكَّلُ طُيُورًا وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالْحَوَاصِلِ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْغِذَاءِ إشَارَةً إلَى كَمَالِ تَنَعُّمِهَا الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ قَوْلُهُمْ حَمْلُ كَلَامِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ عَلَى الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْفَسَادِ كَلَامٌ مُجْمَلٌ يَحْتَاجُ بَيَانُهُ إلَى نَظَرٍ.
وَمِنْ جُمْلَةِ مَا عُرِضَ مِنْ الْمَبَاحِثِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ اللَّفْظُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ إنْشَاءً فَاسِدًا أَوْ إقْرَارًا هَلْ يُجْعَلُ إقْرَارًا لِظَاهِرِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْيَقِينُ؟ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ.
[مَسْأَلَةٌ حَدّ الْخَمْر بَعْد التَّوْبَةِ]
(مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ شَرِبَ الْخَمْرَ وَفَعَلَ الْمَعَاصِيَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَابَ التَّوْبَةَ النَّصُوحَ هَلْ يَبْقَى عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ حَدٌّ؟ .
(أَجَابَ) الَّذِي أَقُولُهُ لَا يَبْقَى عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ شَيْءٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَاخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِالتَّوْبَةِ إنَّمَا هُوَ فِي حُكْمِ الدُّنْيَا لِعَدَمِ اطِّلَاعِنَا عَلَى خُلُوصِ التَّوْبَةِ أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَاَللَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِالسَّرَائِرِ وَيُجَازِي عَلَيْهَا فَإِذَا اطَّلَعَ مِنْ عَبْدِهِ عَلَى خُلُوصِ تَوْبَتِهِ لَمْ يُطَالِبْهُ كَمَا أَخْبَرَ عَنْهُ نَبِيُّهُ صلى الله عليه وسلم «إنَّ التَّوْبَةَ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا» مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لِذَلِكَ انْتَهَى.
(مَسْأَلَةٌ) قِيلَ لَهَا الْكِتَابَةُ بِالذَّهَبِ عَلَى فِضَّةٍ مِنْ كَفِّ أَحْسَنَ مَنْ كَتَبَ قَوْله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى} [التوبة: 33] فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ وَسُورَةِ الصَّفِّ بَعْدَ قَوْلِهِ (يُرِيدُونَ - الْآيَةَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَمَامَ النُّورِ هُوَ إرْسَالُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَمُوَافِقٌ لِمَا فِي الْحَدِيثِ